Warning: preg_replace(): The /e modifier is deprecated, use preg_replace_callback instead in ..../includes/class_bbcode.php on line 2958
انعدام الحوار بين الزوجين

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

النتائج 1 إلى 12 من 12

الموضوع: انعدام الحوار بين الزوجين

مشاهدة المواضيع

  1. #1
    مترجم / أستاذ بارز الصورة الرمزية معتصم الحارث الضوّي
    تاريخ التسجيل
    29/09/2006
    المشاركات
    6,947
    معدل تقييم المستوى
    24

    افتراضي انعدام الحوار بين الزوجين

    انعدام الحوار بين الزوجين

    يعد انعدام الحوار بين الأزواج من الظواهر الاجتماعية الشائعة في مجتمعاتنا العربية ، و لربما اقتصر الحوار المتبادل في أغلب الأسر العربية على مناقشة مسائل تتصل بهموم الحياة اليومية، من تربية الأولاد و مصروفات البيت و دفع الفواتير و أداء الواجبات المنزلية و أخبار العائلة بمعناها الأشمل .. و لكن عندما ننتقل إلى الجانب التفاعلي بين الزوجين ، فإننا نكتشف للأسف أن العلاقة التي كانت معبقة برومانسية وردية أيام الخطبة و في مطلع الحياة الزوجية قد تدهورت إلى شكل من أشكال المعايشة الرمادية التي تلقي بظلالها القاتمة على العلاقة الزوجية من جميع نواحيها .. لقد تحول الحب أو الإعجاب السابقين إلى تعود على رؤية كل من الزوجين للآخر .. و أصبح الاهتمام بالمظهر الذي كان مصدراً لنيل عبارات الإعجاب و التقدير و الانبهار من الطرف الآخر لا مبالاة في أغلب الأحيان .. بل قد يتفاقم إلى سخرية يشوبها الحنق للاهتمام الذي يبديه الآخر بمظهره و أناقته .. ألا تستحين يا امرأة .. أولادك في المدارس و تتزينين كمراهقة تعيش في عالم الأحلام !
    رغم أن ظروف الواقع المعايش تصبغ بهمومها و مشاغلها المتعددة طابع العلاقة بين الزوجين بمساحة متزايدة من الجو الرمادي الكئيب ، فإن هناك عوامل أخرى تعمل في نفس الاتجاه نحو انعدام الحوار البناء الودي الحميم بين الزوجين .. و الضحية في أغلب الأحيان هما طرفا العلاقة .. و في الحالات المستعصية الأولاد أيضاً .
    ربما يكون لموت الحب المتبادل الدور الأعظم في تدهور مستوى الحوار بين الطرفين إلى تبادل للمعلومات الضرورية حول مستلزمات البيت و الأسرة الحياتية و الاقتصادية .. و محاولات للوصول إلى الاتفاق بخصوص ماذا نفعل بالابن الذي يهمل دراسته .. أو البنت التي تمر بمرحلة مراهقة صعبة .. أو الأخ الذي يعاني من مشاكل مادية .. إلخ . و تتصاعد نقاط الخلاف و أحاسيس التباعد و الغربة و تتوسع الهوة تباعاً للاختلاف في وجهات النظر حول المسائل .. و لذا بإمكاننا التعميم بأن ممارسة الحياة الزوجية اليومية تؤدي إلى الملل الزوجي و تزيد من شقة الخلاف بين الزوجين و تفاقم اللا مبالاة و عدم الاكتراث إلى مشاعر أكثر خطورة ترتبط بالكره و البغضاء .. و ربما ارتكاب الخيانة الزوجية .. أو في أسوأ السيناريوهات الطلاق .. أو القتل !
    و لكن ما هو الحل ؟ يكمن الحل برأيي في ضرورة إحداث ثورة عاطفية و إشعال نيران المشاعر وقّادة من جديد ، و لا يتأتى ذلك الإ برفع علامة " قف " كبيرة و الابتعاد لفترة عن ذلك الجو المحبط و يقترح العديد من علماء النفس التجريبيين في هذا المجال سفر الزوجين في رحلة قصيرة تعبأ بطاريات العاطفة التي فرغت ، و ينعم فيها الطرفان بالابتعاد المؤقت عن كل منغصات و مشاكل الحياة اليومية .
    ثمّة ظاهرة أخرى مستشرية في عالمنا العربي و تفضي إلى نفس النتيجة و هي ظاهرة العنف الجسدي ، لقد أشبع علماء النفس و الاجتماع و الدين هذا الموضوع بحثاً و تنظيراً .. و لكن دون جدوى .. إن لهذه الظاهرة التي تزداد بوتيرة مطّردة حتى في أوساط الشريحة العمرية المتعلمة أسباب رئيسة هي غياب أو ضعف الوازع الديني و الأخلاقي و سوء التربية .. إلخ و يمكن إجمالها في عدم توافر القدر الكافي أو الحد الأدنى في بعض الحالات من الاحترام المتبادل بين الطرفين .. و يتمثل ذلك القصور التربوي في أبشع صوره عندما لا يلقي أحد الطرفين أو كلاهما بالاً إلى أن التراشق اللفظي و الحرب الكلامية التي يخوضان أوارها تدور رحاها أمام أعين ذريتهم التي تقابل ذلك الوضع المشمئز بالرفض و الاستنكار .. و في بعض الأحيان بالصمت المطبق ، و لذا يجب توخي الحذر بشدة من هذه الممارسة البالغة السوء لما يترتب عليه من أمراض نفسية و اجتماعية بالنسبة للأولاد و خاصة في سن المراهقة الحساسة .
    من الأسباب الهامة لمشكلة انعدام الحوار بين الأزواج في هذا العصر الذي يتميز بإيقاعه المفرط في السرعة انتشار القلق و التوتر وسط الأزواج و خاصة بين العاملين منهم ، حيث يلاقي أولئك الأمّرين من تحمل ضغوط و صعوبات و مسئوليات العمل بالإضافة إلى ما يعانونه من مشكلات في المنزل تكون في أغلبها مبنية على أساس اقتصادي .
    يلعب اختلاف الطبقات الاجتماعية و مستوى التعليم و التحضر كذلك دوراً بالغاً في جعل تبادل الحوار الهادئ البناء هدفاً صعب المنال ، فعلى سبيل المثال ليس ما يدعو للعجب في أن الزوجين المنتمين إلى طبقات اجتماعية مختلفة يكون من العسير عليهما إيجاد أرضية ثقافية مشتركة تتقاطع فيها اهتماماتهما و هواياتهما .. إلخ .
    إن ممارسة العادات السيئة من شرب الخمر و التدخين و ارتياد المقاهي بصورة مكثفة من ناحية الرجال .. و جلسات النميمة و التسوق و التباهي من ناحية النساء تقود إلى المشاحنات و بشكل متوقع كلما مورست هذه الأمور . و تكون النتيجة الحتمية هي نشوء نوع من الاضطراب و الفراغ العاطفي الذي يزداد مع التمادي في تلك الأمور .
    من الظواهر البالغة السوء في مجتمعاتنا العربية اللجوء إلى السحرة و العرافين و المنجمين و غيرهم من الدجالين الذين يستعينون بقوى غير مرئية لتحقيق مطالب الناس الدنيئة و يدفعون مقابلها أثمان باهظة ، و على الرغم أن ذيوع هذه الظاهرة الظلامية قد أخذ في التناقص خلال الخمسين عاماً الماضية ، لكن المؤسف هو سعي بعض ممن نعدهم عادة من المتعلمين و المثقفين إلى ممارسيها من شياطين الجن و الأنس .
    إن أحد النتائج الفادحة لظاهرة الانفتاح على الجوانب اللا أخلاقية من الحضارة الغربية هو ظهور آفات اجتماعية بشعة مثل تشبه الرجال بالنساء أو النساء بالرجال و هو ما نسميه " بالجنس الثالث " ، و من المؤسف أن هذه الظاهرة التي توجد نصوص صريحة لتحريمها في ديننا الحنيف و تتعارض في نفس الوقت مع تراثنا العريق من العادات و التقاليد و الأعراف قد وجدت طريقها إلى الانتشار خاصة في أوساط الشباب من الطبقات الراقية . تنتشر هذه الظاهرة في الدول العربية غير الخليجية بصور متفاوتة ، بيد أنها أخذت في الظهور في مجتمعاتنا الخليجية التي تتميز بطابعها المحافظ .
    من الأسباب التي تؤدي كذلك إلى انعدام الحوار بين الأزواج أسباب تتصل بنفسية الفرد من حيث عدم قدرته على المواجهة أو الخجل أو اتسامه بروح الخضوع أو شعوره بالاضطهاد و ضعف الحيلة أو على العكس من ذلك روح الكبرياء و التعالي و التعامل بفوقية مع الطرف الآخر الذي يكون في الغالب هي المرأة بحكم تكوينها و موقعها المزعزع أصلاً في فسيفساء السلم الاجتماعي .
    إن مشكلة انعدام الحوار بين الأزواج ذات الأوجه و الصور المتعددة قابلة للعلاج ، و يستدعي ذلك من الطرفين الرغبة الصادقة المخلصة في إيجاد حل جذري . و يمكن في هذا المجال اللجوء إلى التدريب على لغة التفاهم و الحوار الراقية ، و استخدام الإشارات و التعبيرات المناسبة للوجه ، و غيرها من الأساليب التي تدعم و تزيد من الثقة و الطمأنينة بين الزوجين و يشمل ذلك السعي لممارسة النشاطات المشتركة و الجلسات الترفيهية ، و أحد أهم القنوات لممارسة الحوار الودي بين الزوجي هو في رأيي افتراض حسن النية دائماً ، و التصرف و الحكم على ممارسات و أفعال و أقوال الطرف الآخر من هذا المنطلق ، و من الأهمية بمكان أن يتعلم الفرد كيف ينصت للطرف الآخر و يدعه يفضي عن مكنونات نفسه دون سخرية أو إبداء آراء سلبية و أن يتفاعل و يتجاوب معه بطريقة إيجابية و مريحة .
    لقد حاولتُ في هذه السطور طرح وجهة نظر شخصية في هذا الموضوع الشائك ، و لا أدعي لنفسي حق إبداء النصائح و الوعظ و الإرشاد فالبيوت أسرار و أهل مكة أدرى بشعابها و لذلك فإن كل أسرة تعتبر عالماً قائماً بذاته و يتوجب عليها إذاً السعي الحثيث لمعرفة وسائل و تقنيات و أساليب التعامل التي تيسر من عملية خلق و تفعيل الحوار فيما بينهما وصولاً للهدف الأسمى و هو تحقيق السعادة الزوجية .

    التعديل الأخير تم بواسطة معتصم الحارث الضوّي ; 24/10/2008 الساعة 05:19 PM سبب آخر: تصحيح الرقن
    منتديات الوحدة العربية
    http://arab-unity.net/forums/
    مدونتي الشخصية
    http://moutassimelharith.blogspot.com/

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •