أمريكا واحتكار صناعة التطبيع

تتحدث وزيرة الخارجية الأمريكية عن التطبيع بين العرب والدولة الاسرئيليه؛ والتطبيع معناه الترويض والمهادنة والقبول بالواقع0
بينما مبادرة السلام العربية في القمة العربية في بيروت 2002 تطالب بقيام دولة فلسطينية على الأرض المحتلة عام 1967 عندها يتبلور ( إنشاء علاقات طبيعية مع إسرائيل في إطار السلام الشامل ) وهذه المبادرة انطلقت بعد قيام علاقات طبيعية بين مصر وإسرائيل وكذلك السلطة الفلسطينية والأردن واسرائيل0
يقول كاتب فلسطيني يقيم في الضفة الغربية ( قدمت أنظمت عربية عدة دعمها المعنوي والاستخباراتي لإسرائيل أثناء الحرب على المقاومة اللبنانية، وقدمت دعما أكثر وضوحا وتشعبا أثناء الحرب على غزة، لكن الحصاد لم يكن سوى الخيبة ) ولم يتحدث عن الصراع العميل الذي خلق مثل هذه الحالة0
ووزيرة الخارجية الأمريكية في تفسيرها للتطبيع لم تناقش القضايا العالقة بين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة وإسرائيل 0 انما خرجت بعد لقاء تشاوري مع وزير خارجية إسرائيل تمكن فيه من فرض وجهت نظره لتقوم بنقلها متجاوزة سياسة أمريكا الجديدة0
وهذا يذكرنا بوزيرة الخارجية الأمريكية السابقة التي عصفت بالدور الأمريكي في المنطقة بعد اقتناعها بوجهة نظر وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة وحرج الاثنتان بالهجوم على غزه إسرائيليا بمباركة الصمت الأمريكي0
إذا نحن في ذات الدائرة فالمنظمات اليهودية ومكاتبها في أمريكا وأوربا تملك القرار وتشكل الحكومة الاسرائيلية للبقاء في الصورة بعد تراجع أثرها بسبب الكوارث الاقتصادية وتشكل علم جديد0
إسرائيل تريد التطبيع الاجتماعي والاقتصادي وفق الفكر العربي من خلال خطاب أمريكي سياسي لم يعد له اثر، وقد شعر العرب والعالم ان أمريكا الفك المفترس يحاول ان يتأقلم مع الحركة الناعمة التي تجتاح العالم في مواجهة الفوضى البناءة التي انطلقت من سراديب وزارة الدفاع الأمريكية0
شعور إسرائيل بعدم الأمن مصدره القضية الفلسطينية فعرب فلسطين في الداخل، وعرب فلسطين في الشتات رغم تأثرهم بالصراع الحربي والسياسي توجهاتهم مختلفة وقياداتهم متنافرة إلى حد التناحر0 مما مكن إسرائيل من استغلال هذه الخلافات لفرض شروطها التي حتى إذا تحققت لن تنفذ الجانب الذي يخصها0
هنا نجد التطبيع الذي تسعى له وزيرة الخارجية الأمريكية الجديدة، هو عودة إلى مطلب تجاوزته وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة بمطلبها علاقات دبلوماسية تفرضها السياسة الاسرائيليه فكان فشل خطابها وفشل زياراتها المتكررة حتى انتهاء ولايتها0
عرابة السياسة الأمريكية الجديدة لم تستفد من تجربتها كسيده للبيت الأبيض فبدت كما قال الناطق الرسمي لكوريا الشمالية أنها طالبة فشلت في أثناء صديقها عن هجرها فتحولت إلى عجوز تعشق التسوق0
انها السياسة الأمريكية التي لم نستوعبها، ولكن تمكنا من عزلها اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا مع تعدد اللقاء وتعدد الزيارات وتعدد المحاضر: وضحينا بالقضية الفلسطينية عربيا بدعمنا الجبهات والفصائل والأحزاب الفلسطينية التي لم تصل إلى قرار بعد رفض قرار التقسيم الصادر عام 1947 وفشلهم في تشكيل حكومتهم بعد انسحاب بريطانيا عام 1948 وعمالة دول المواجهة التي استسلمت بعد اجتياح باقي ارض فلسطين عام 1967 ومعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل عام 1979 واتفاقية عام 1993 لتصبح أراضي قطاع غزة والضفة الغربية تحت سلطة الحكم الذاتي الفلسطيني0
التطبيع الذي تتحدث عنه وزيرة الخارجية الأمريكية قائم وهو رمي في المجهول لتعكير ركود المياه في الشرق الأوسط لمواجهة القوة النووية الإيرانية والقوة النووية الكورية بعد ان تم السيطرة على القوة النووية الباكستانية وجرى تحييد القوة النووية الهندية0
المهم اليوم إخراج فلسطيني المخيمات في لبنان إلى الحياة وتشجيعهم على النزوح إلى بلدان مستضيفة عربية وغير عربية تستفيد من قدراتهم المشلولة وتدمجهم كمواطنين في سياقها الاجتماعي وأغلبية سكان هذه المخيمات من مواليدها؛ وعندها ستكون الدولة الفلسطينية وهنا سوف تتوقف الخارجية الأمريكية عن الترويج للتطبيع0