لماذا يخسر العربُ الحروب ؟!
سؤال يجيبُ عنه الكاتب نورفل أتيكاين في مجلة ميدل إيست كوارترلي
وهو سؤال ينبغي أن نجيب عليه بصراحة ووضوح بدون أن نحاكم الكاتب بسبب عرقه وثقافته ودينه لنخرج بنتائج تستحق البحث والدراسة .
أثارني بحث الكاتب لا لأن كاتبه ليس عربيا ، ولكن لأن كاتبه خاض التجربة العربية ، فهو يكتب عن العرب كخبير بهم ، قضى سنوات طويلة في تأسيس وتدريب بعض الجيوش العربية ،وهو يحمل رتبة الكولونيل ( عقيد )، وقد درس مجموعة من المعارك والحروب العربية ، فهو يشير إلى حرب اليمن 1960 ودخول سوريا إلى لبنان عام 1970 ، ثم الحرب العراقية الإيرانية 1980 .
وأعترف بأنني ترجمتُ المقال ترجمة ليست حرفية ، وحاولتُ أن أُلخصه تلخيصا مضغوطا لهدف لفت النظر إلى المقال نفسه لمن يرغبون في متابعته ودراسته وتحليلة والاستفادة مما جاء فيه من استنتاجات
وهو يشير إلى فشل كل الجيوش العربية في وقف غزو العراق للكويت ، ومن ثَم فشل العرب في التصدي للجيش الإسرائيلي .
ونورفل أتيكاين يُرجعُ أسباب خسارة العرب في حروبهم إلى عوامل ثقافية واجتماعية وعقائدية وتكنيكية .
وهو يضع إصبعه على نظام التعليم في العالم العربي ويعتبره تعليما حشويا هدفه النهائي الحصول على [ مكانة اجتماعية] فقط !
كما أن هناك تقليدا في كثير من الجيوش العربية ، وهي أن الضباط يعاملون الجنود كخدمٍ وهو يحكي قصة طريفة :
" فقد رافق الكاتب وفدا من المختصين للتنقيب عن النفط في بلد عربي ، وهاجت عاصفة رملية فأمر الضابط المسؤول جنوده وجعلهم يصنعون دائرة حول الوفد الزائر لمنع الرمل .. وهو يستنتج بأن الجيش العربي لا يعدو عن كونه "جدارا لمنع العواصف الرملية عن رؤوس القادة " !
ويذكر بأن الضباط في الموقع العسكري المعزول في الصحراء يركبون سياراتهم الخصوصية ويغادرون ، ويمرون بالجنود الماشين في الصحراء دون أن يقفوا لهم ليركبوا . وهم لا يوفرون لهم وسيلة مواصلات !
وهو يشير إلى عيبٍ آخر يتمثل في الانفراد بالقرار ، فالقرارات يضعها المستوى الأعلى فقط ولا يُشرك فيها المستوى الأدنى .
وهو أيضا يذكر سببا آخر من أسباب خسارة العرب للحروب ، وهذا السبب جوهري يتمثل في أن " السياسة تكون أعلى رتبة من المهنية والتخصص "
وإذا فشل القادة الذين يتخذون القرارات الفردية في مهماتهم فإنهم دائما يلومون الآلات والمعدات الأمريكية والإنجليزية والفرنسية .
ونورفل أتيكاين يؤشر إلى سبب جوهري آخر مسؤول عن فشل العرب في حروبهم يعود إلى غياب التنسيق بين القطاعات العسكرية ، وهو يقول بأن التنسيق بين المشاة وسلاح الجو مثلا أمرا أساسيا لكسب المعارك ، وفي كثير من الجيوش العربية ، فإن صيغة الفردية تغلب على التنسيق الجماعي .
ويذكر الكاتب عاملا آخر أيضا ، وهو بروز العرقية والإثنية في الجيوش العربية ، وهذا بالتأكيد يؤثر سلبا على آداء الجنود الذين يتصرفون من منطلق العرقية والإثنية .
وهناك عاملٌ آخر يذكره الكاتب في بحثه الطويل وهو أن كل القوانين مُسخَّرةٌ لخدمة السلطة الحاكمة ، فالجيش العربي له رأسان : رأسٌ مخصصٌ للأعداء ، أما الرأس الثاني فهو موجَّهٌ للعاصمة خوفا من استيلاء المنافسين عليها . فحجم الجيش المخصص للقمع الداخلي يعادل حجم الجيش المخصص لمواجهة الأعداء في الخارج . ويؤكد الكاتب وجهة نظره تلك في مثال واحد وهو أن تدريب الجيوش العربية بالذخيرة الحية أمر عسير نظرا لخوف المسؤولين من الجيش ، لذلك فهذا التدريب يخضع لمجموعة كبيرة من الأوامر والقرارات !وما يزال العرب يخشون الجيش أكثر من أي شيء آخر !
ويضيف الكاتب عاملا آخر من عوامل خسارة العرب للحروب ، وهو أن العرب ما يزالون يعتبرون المعلومات عن الجيش أمرا خطيرا وسريا ! فظلت أوامر الدخول في الحرب أوامر سرية تفاجيء الجنود بادعاء أن هناك جواسيس يسربون المعلومات !
ويضيف الكاتب عاملا آخر إلى منظومة العوامل السابقة يتمثل في التقصير في حماية الجنود أثناء التدريب ، كما أن الضباط الكبار لا يولون أهمية لمشاكل الجنود الشخصية .
ويختم الكاتب بحثه بذكر سبب آخر وهو أن مسؤولي الجيوش العربية لا يشجعون الكغاءات الفردية
وأخيرا
فقد أغفلت في مقالي ذكر بعض الأمثلة والنماذج التي أوردها الكاتب من واقع الحروب العربية، حتى لا أُتَّهم بأنني أتبنى وجهة نظر الكاتب ، أو أنني ذكرتُ بلدا وأغفلتُ ذكر بلد آخر ، فبإمكان القاريء أن يعود للبحث المنشور في المجلة بلغته الأصلية.وما أورده الكاتب من أمثلة هي أمثلة حقيقية ودقيقة ينبغي أن تُؤخذ في الاعتبار عند الدراسة الواعية للجيوش العربية .
ترجمة توفيق ابو شومر