اعزائي القراء الكرام
وردتني رسالة الكترونية من الاستاذ الدكتور مجيد القيسي ، تعقيبا على ما اطلع عليه في المحور العاشر من المحاور المقامية في مرحلتها الثانية 2009 .. ولاهمية ما ورد فيها من ذكرياته الخاصة مع المرحوم عبد الرحمن العزاوي ، وما ورد فيها ايضاً من تأكيد على ما ذهبتُ اليه عند كتابتي عن المطرب المقامي الكبير المرحوم العزاوي من تحليل لمقاماته وشخصيته .. اود ان تطلعوا على هذا التعقيب الذي كتبه الدكتور مجيد القيسي المفعم بلغة ادبية جميلة متماسكة ، مع رسالتي التي كتبتها اليه مباشرة .. آملا مشاركتكم بآرائكم القيمة ..
ودمتم لاخيكم
حسين الاعظمي

********

الفنان القدير الأستاذ حسين الأعظمي المحترم
تحية مباركة
كم كان سروري عظيما حين تسلمت منكم دراساتكم العلمية /
الفنية التي تناولتم فيها ، وبجدارة ، قراء المقام العراقي ؛ اولئك
الذين لولا جهودكم الكبيرة ، لنسيهم الناس في غمرة الكوارث
والمآسي التي اجتاحت بلدنا الحبيب ، فاجهزت على تراثه وفنه
وتأريخه ، او كادت.
لقد افدت كثيرا من المعلومات الموثقة التي قدمتموها ، كما
استمتعت باسلوبكم التحليلي المتقن الجميل ، عند ايراد سيرة
القارئ الشخصية والغوص في اعماقه. او عند شرح اسلوبه
المقامي ، بوضعه في ميزان المقارنة والآخرين. ولا شك بان هذا
المدخل العلمي في البحث والتقصي قد جعلكم في مركز الصدارة
بين الباحثين الذين كتبوا في شأن المقام العراقي والذي تفرد به
العراقيون من بين الفنانين العرب دون سواهم.
ان ماقدمتموه للقارئ العراقي والعربي هو ، بحق ، موسوعة
مقامية فريدة سوف تخلد اسمكم الكريم على مدى التأريخ.
انني لأرجو ، بهذه المناسبة ، ان يتناول العمل في المستقبل جميع
قراء المقام عبر تأريخ بغداد الحديث ، ومن عين المنظور العلمي
التحليلي ، سيما وان اغلبهم قد ترك لنا تسجيلات محفوظة على
اسطوانات أواشرطة. وقد اذكر بالتخصيص اولئك الذين لم يكتسبوا
شهرة او ينالهم حظ ، لتمسكهم بالأصول وبالقديم. أذكر على سبيل
التمثيل لا الحصر: عبد الهادي البياتي (الزنو) ومجيد رشيد واحمد
موسى. وحبذا لو غطت دراساتكم الموسيقيين ( ألآلتية) الذين يشكلون
المحور ألثاني لفن المقام ، وكذلك المغنين والمطربين الرواد الذين
أخذوا اصول الحانهم من المقام ، اذكر منهم صالح الكويتي وعباس
جميل ورضا علي ويحي حمدي وداود العاني ، وسليمة مراد وزكية
جورج وصديقة الملاية وزهور حسين ومائدة نزهت.
كما اتطلع ، إن توفرت ألإمكانيات التقنية في المستقبل ، ان تتضمن
الهوامش والمراجع ملفات صوتية تسجل على قرص (سي دي) يلحق
بالكتاب ، مثلما نرى هنا في الغرب. وكخطوة اولى يمكن ان تضاف
روابط (لنكس) صوتية الى مجموعة المراجع. كل ذلك من أجل تقريب
الأبحاث من القارئ ، خصوصا وهي في ألأساس ابحاث صوتية .
وقد يكون كل ذلك في نطاق الممكن إن وفقكم الله الى إنشاء موقع
خاص بكم يرعى شأن المقام العراقي وكل ما يتصل به من التراث
البغدادي العريق.
وقبل ان اختتم كلمتي بودي ان اشدد على قلمكم البارع الذي
رسم تخطيطا نفسانيا تحليليا في غاية الدقة للمرحوم عبد الرحمن
العزاوي الذي امضيت واياه ايام الطفولة والصبا حيث كنا جاري
العمر. كما لمتنا (ساحة السباع) فتحملت ، على مضض ، (مياناتنا)
و(صيحاتنا) العبثية ليلا !.
لقد كان رحومي يريد كل شئ .... لكنه لم يحصل على أي شئ !،
رغم خزين الطموح والرغبات التي كانت لديه. فمن اندفاعاته في
التقليد والمجاراة ان رآني مرة اصنع ( كريما للشعر) وابت عزة
نفسه ان يسالني عن طريقة صنعه فراح وخلط (دهن الحر) بالشمع
ولونه ... ثم دلك به شعره .... وعليكم ان تتخيلوا المشهد ، حيث
كنا في عز الصيف..!؟.
ختاما ، ارجو لكم دوام النجاح والتقدم والتألق في هذا الميدان الجليل.
فقد كنتم وسوف تظلون من حفاظه وسدنته.
وفقكم الله ورعاكم.
مجيـــد القيسي

********

سيدي الكريم
الاستاذ الدكتور
مجيد القيسي
رعاك الله ومتعك بالصحة والعافية

بادئ ذي بدء ، اود ان اهنئك والعائلة الكريمة بحلول شهر رمضان المبارك وكل عام وانت والعائلة الكريمة بكل خير ..
الاستاذ الفاضل
هالني ما قراته في رسالتك الكريمة او تعقيبك االادبي حول المحور الذي ورد فيه حديثا عن المرحوم عبد الرحمن لعزاوي .. فقد كانت تربطني بالمرحوم العزاوي علاقة طيبة ، فضلا عن انه كان جارا عزيزا لي في سنواته الاخيرة رحمه الله ..
على كل حال ، فانا اشكرك كثيرا على تجشمك عناء الكتابة بهذه الحبكة والتماسك في الاسلوب الادبي ومضامينها الخلقية والادبية المفعمة باحترام الجميع ، الاحياء منهم والاموات .. كما اشكرك على اختياراتك للكلمات الرقيقة الموصوفة بمشاعرك النبيلة ولطف العبارات الجميلة .. وانها والله لشهادة كبيرة من قبلكم اعتز بها ايما اعتزاز ..
سيدي الكريم
منذ ان نشرت كتابي الاول في بيروت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في آذار 2001 .. وحتى هذا اليوم خاصة ونحن نعيش اقسى ظروف الحياة ، اصبحت غايتي الاسمى ، كتابة الموسوعة الكبيرة في كل ما يخص شأن المقام العراقي .. وهكذا صدرت كتبي الاخرى لنفس المؤسسة تباعا .. فكان كتاب – المقام العراقي باصوات النساء – اي عن التجربة النسوية في غناء المقام العراقي خلال القرن العشرين .. ثم كتاب الطريقة القندرجية .. وتبعه كتاب مناظر هو – الطريقة القبانجية لنفس المؤسسة ايضا .. وكتاب – الاربعة الكبار في المقام العراقي – في الجزائر .. وكتاب – الجزائر عروس المغرب العربي – وذلك عام 2007 .. ثم كتاب – المقام العراقي ومبدعوه في القرن العشرين - في عمان ، فضلا عن وجود كتب اخرى مخطوطة بعضها جاهز للطبع واخرى تحت الكتابة .. منها مثلا كتاب يكاد ان يكون مجلدا اسميته – المقام العراقي في مئة عام – او على ثلاثة اجزاء .. وكتاب – ربع قرن مع منير بشير – وكتاب – طرق مستقلة في المقام العراقي – وكتاب – المقام العراقي بين طريقتين – وغيرها .. وانت يا سيدي ، سيد العارفين بصعوبة امتلاك المعلومات والبحث عنها خاصة فيما يخص مقترحك القيِّم حول الكتابة عن المغنين الاخرين بل وحتى الموسيقيين وغيرهم .. على كل حال ، ابتهل الى العلي القدير ان يمنحني الحياة لاكمال مشروعي التوثيقي الموسوعي خدمة لتراثنا الخالد .. انه سميع مجيب ..
من ناحية اخرى ، فانني امتلك الكثير من تسجيلات المغنين المقاميين وانا مؤيدا لمقترحك فيما يخص رفقة الصوت مع الكتابة وانه شيئ مهم للغاية والموضوع يبقى على موافقة مؤسسات دور النشر اينما وجدت .. وساحاول عند وجودي في لندن في الشهر الاول من عامنا القادم 2010 لاقامة بعض الحفلات هناك ان شاء الله ، ان ابحث عن مؤسسة للنشر يمكن ان تنفذ مثل هذا المشروع ..
الاستاذ د. مجيد القيسي
لقد كانت كلمتك المكثفة والبليغة في صديقنا المرحوم عبد الرحمن العزاوي (لقد كان رحومي يريد كل شيئ ... ولكنه لم يحصل على اي شيئ ..!) قد اصابت كبد الحقيقة .. بل اختصرت كل المحور الذي كتب عن المرحوم العزاوي ..
ختاما سيدي الكريم ، ادعو لك بالخير والسؤدد والصحة الدائمة باذنه تعالى ، ومعذرة لاطالة حديثي هذا وكل عام وانتم بخير

ودمت لاخيك
حسين الاعظمي
عمان 27/8/2009