الباحث عن الحنان ج 21
لم يسأل أحد مجدي عن رأيه ،حتى سالم لم يستشر مجدي من قبل .وضاع كل شيء وسط التبريكات والتهاني لسالم .ونسى الجميع أمر مجدي ،بل لم يتذكروه أصلا ؛أما هو فقد بقى جالساً مكانه ،يكتم غضبه الذي بدا واضحا على تصرفاته وفي عينيه .لم يلحظه أحد ، سوى سالم الذي استرق نظرة خاطفة لصديقه ،كأنه يريد أن يرى ردة فعله ؛وظهرت على شفتيه ابتسامة باهتة .
في منزل مجدي دار نقاش حاد بين الصديقين بدأه مجدي :
- ما هذه الطريقة في التعامل ؟ لماذا كل هذه الطرق المتلوية ؛أولاً تكذب عليهم وتخبرهم أنك مدرس ،ثم هذا المبلغ الذي وافقت عليه ،ثم حكاية الشقة ،من قال لك أنني سمسار شقق ؟ .
قال سالم :
- ردي علي أسئلتك لن يكون بمثل عصبيتك ،فأوله وثانيها أمر لا يهمك ،فكوني مدرس من عدمه لن يغير من الموضوع شيئاً ،إنه فقط لرفع قدري أمامهم ،وأنا أعتبر هذا من الأشياء المهمة في بداية الحياة أما عن المبلغ الذي تقول ،أنسيت أنني في بلادي لا أستطيع بهذا المبلغ أن أشتري ذهباً للعروس ،إن الآسيوية التي هربت كلفني سفرها أكثر من هذه الألف .أكمل جميلك معي وأبحث لي عن شقة ،ومن الأفضل أن تكون هنا في هذه العمارة ،لقد علمت أن الشقة المجاورة فارغة .
لقد كانت ردوده ببرود وسرعة لم تتح الفرصة لمجدي أن يعترض ، وأكمل سالم كلامه وهو يهم بمغادرة الغرفة :
- ثم أرجو أن تنتبه لأمر هام ، هذه البنت ستصبح زوجتي ،أي زوجة صاحبك ،فخفف من نظراتك إليها في المستقبل .
وخـرج سالم من الغرفة تاركاً مجدي في ذهول من هذه القنبلة الأخيرة ،ماذا يقصد بها ؟ هل هو يعنيها حقاً ؟ أم خرجت منه هكذا ؟.
دخل سالم غرفته وجلس في ظلمتها يفكر مع نفسه … ترى ماذا يدور في رأس مجدي ؟لماذا هو ينظر هكذا إلى ماجدة ؟ … هل ينوي خطف هذه البنت منه ؟ … هل هي الغيرة من نجاح سالم في هذا الموضوع كما كان يتفوق عليهم في السابق ؟ … لقد رأى إمارات الهزيمة والانفعال واضحة عليه في آخر زيارة لهم لمنزل العروس ، فهل ينوي ممارسة هوايته في تحطيم سالم ؟ إن مجدي كشخصية مفضل عليه لو تقدم لماجدة ،فهو أفضل منه مستقبلاً ،والأهم أفضل منه شكلاً .وأدار سالم في عقله كلمات بأنه من المستحيل أن يسمح لمجدي هذه الفرصة …
- يجب أن أفوت عليه هذه الفرصة … يجب أن أفوز .
وغرق في ظلام ونام وسيجارته في يده مشتعلة .
**
المفضلات