الرياضة في اليابان
بقلم الاستاذ : نعمان عبد الغني
namanea@yahoo.fr
تعتبر اليابان من أشهر البلدان في شرق أسيا في فنون القتال حيث كانت مباريات السومو بأصولها ترجع إلى طقوس الشنتو في اختبار القوة في فترات اليابان قبل التاريخ, والجودو أيضا هي إحدى فنون القتال والتي تعتمد على الحركات السريعة والقرارت الذكية ومن الرياضات اليابانية القتالية الكيندو والكاراتيه والكيودو و فن النينجوتسو أو البوجينكان ومن الرياضات الحديثة البيسبول وكرة القدم والجري والكثير.
يمارس اليابانيون أنواعاً كثيرةً من الرياضة. تتمتع الفنون الدفاعية منها مثل "الجودو" و"الكندو" بشعبية كبيرة ، ولا تقل ّعنها شهرة أنواع الرياضة الوافدة من الخارج، كالبيسبول وكرة [فقط الأعضاء المسجلين والمفعلين يمكنهم رؤية الوصلات] القدم. ويتوجه كثير من اليابانيين إلى البحر صيفا لممارسة رياضتي ركوب الأمواج والغطس، أما في الشتاء فيقبلون على رياضات التزلج و "السنو بوردينغ" (ركوب الثلج).
تحظى رياضة البيسبول بالجمهور الأكبر و تتمتع بالشعبية الأكثر بين اليابانيين. ويوجد في اليابان اثني عشر فريقاً محترفاً، منهم ستة في اتحاد كرة البيسبول المركزي وستة في اتحاد كرة البيسبول الباسفيكي. ويلعب كل فريق حوالي مائة وأربعين مباراة خلال الموسم الواحد، وفى نهايتها يتبارى الفائزون من الاتحادين في دوري اليابان. وبدأت أعداد من اللاعبين اليابانيين في الهجرة مؤخراً إلى الولايات المتحدة، للاشتراك في "الميجور ليغ" (دوري مجموعة الفرق المحترفة لكرة البيسبول). وأهم اثنان من هؤلاء اللاعبين هما سوزوكي إيتشيرو، وماتسوي هيديكي.
وتحظى البيسبول بشعبية كبيرة بين الهواة أيضاً، و يشارك الكثير من طلاب المدارس في بطولات الاتحادات المحلية الصغيرة لغير المحترفين أو نوادي البيسبول المدرسية. كما تتنافس المدارس الثانوية من خلال تصفيات حاسمة على مستوى المحافظات من أجل الفوز في بطولة اليابان للبيسبول و التي تقام مرتين في العام.
تأسس اتحاد اليابان لكرة القدم للمحترفين والذي يعرف باسم "جيه ليغ" في عام 1993، ومنذ ذلك الحين ابتدأ عدد المشجعين اليابانيين لكرة القدم في الازدياد تدريجياً.غي عام 2002، استضافت اليابان ـ بالمشاركة مع جمهورية كوريا - مسابقة كأس العالم لكرة القدم التي ينظمها الاتحاد الدولي لكرة القدم، الأمر الذي ساهم في زيادة شعبية اللعبة بصورة هائلة. وانضّم عدد من اللاعبين اليابانيين من أمثال ناكاتا هيديتوشي إلى أهم أندية الدوري الأوروبي.
أطفال يمارسون الجودو، التي أصبحت رياضة أولمبية منذ دورة طوكيو للألعاب لعام 1964(Kôdôkan)
تمارس أنواع كثيرة من الرياضة في اليابان. ومن أنواع الرياضة الشعبية رياضة الجودو ورياضة الكيندو كأنواع رياضية يابانية هدفها الدفاع عن النفس، كما تحظى بنفس الشعبية أنواع من الرياضة الوافدة من بلاد ما وراء البحار، كالبيسبول (كرة القاعدة) وكرة القدم. ويتوجه كثير من اليابانيين إلى البحر صيفا لممارسة رياضتي ركوب الأمواج والغطس، أما في الشتاء فإن اللعبتين التي يحرص اليابانيون علي ممارستهما كلعبتين شعبيتين هما التزلج علي الماء والتزلج علي الأمواج.
أهم الرياضات
تحظى رياضة البيسبول (كرة القاعدة) بصفتها أكثر الرياضات شعبية في اليابان، بمشاهدة عدة كبير من المتفرجين. فهناك اثنا عشر فريقاً محترفاً، ستة فرق في اتحاد كرة القدم المركزي وستة في اتحاد كرة قدم الباسفيك – ويلعب كل فريق حوالي مائة وأربعين مرة خلال الموسم، وفى نهايتها يتبارى الفائزون من الاتحادين في سلسلة من المباريات اليابانية. وبدأ تتوافد أعداد أكثر وأكثر من اللاعبين اليابانيين في السنوات الأخيرة علي الولايات المتحدة، للاشتراك في أهم اتحاد كرة البيسبول واهم اثنين من تلك الاتحادات اتحاد سوزوكي واتحاد مايستو هيديكي.
وتحظى ممارسة اللعبة كهواية لشعبيتها هي الأخرى، حيث يلعب كثير من طلاب المدارس تلك اللعبة من خلال الاتحادات المحلية الصغيرة أو نوادي البيسبول المدرسية.
وتقام بطولتان للعبة البيسبول علي المستوى القومي للمدارس الثانوية مرتين في العام، إذ يتبارى طلاب المدارس التي حصلت علي أعلى نقاط في جولات عنيفة، ليمثلوا مدارسهم.
منذ أن تأسست بطولـة دوري اليابان لكرة القدم للمحترفين، والتي تعرف باسم "دوري اليابان"، في عام 1993، وعدد المشجعين اليابانيين لكرة القدم يزداد يوماً بعد يوم في اليابان. وقد قامت اليابان بمشاركة جمهورية كوريا في استضافة مسابقة كأس العالم لكرة القدم التي ينظمها الاتحاد الدولي لكرة القدم، الأمر الذي ساهم في زيادة شعبية كرة القدم بصورة هائلة. والآن يمارس اللاعبون اليابانيون من أمثال ناكاتا هيديتوشى اللعب في أهم بطولات الدوري الأوروبي.
فنون الدفاع عن النفس
يزداد الإقبال على ممارسة الأنواع التقليدية لفنون الدفاع عن النفس مثل الجودو، والكيندو، والكاراتيه، والأيكيدو، في اليابان العصرية وذلك بفضل إخلاص الممارسين لها.
يكمن سر التغلب على الخصم في رياضة الجودو، التي تعني ترجمتها الحرفية "الطريقة اللطيفة"، في استغلال نقاط القوة لديه. وتتمتع رياضة الجودو الآن بشعبية كبيرة بمختلف أنحاء العالم، ومنذ إدراجها ضمن قائمة الألعاب الرياضية بدورة الألعاب الاوليمبية المقامة في عام 1964 أصبحت رياضة الجودو واحدة من الرياضات الرسمية الراسخة. وعلى هدي رياضة الجودو فقد نجحت أيضا رياضة الكيندو (المبارزة اليابانية) في اجتذاب مشجعين لها في مختلف أنحاء العالم في السنوات الأخيرة. يقوم ممارسو رياضة " الكندو " بارتداء طاقم ملابس واقية يشبه الدرع، وكذلك باستخدام سيوف من الخيزران عند الهجوم على الخصم أو الدفاع عن النفس. وقد انتقلت رياضة " الكاراتيه " إلى اليابان من دولة الصين عن طريق مملكة "رايكيو" (في الوقت الحاضر " أوكيناوا "). لا يرتدى ممارسو رياضة الكاراتيه أية ملابس واقية من أي نوع، ويقاتلون باستخدام أيديهم وأرجلهم فقط.
سومو
يرجع تاريخ ممارسة رياضة السومو، الرياضة القومية في اليابان، إلى فترة تمتد لأكثر من 1000 عام، وحيث أن ممارسة تلك الرياضة كانت تقام كطريقة للتعبير عن الشكر للحصاد وكذلك في مراسم دينية أخرى، فإن رياضة السومو ما زالت تتألف من عدة طقوس. يقوم الريكيشى (مصارعو رياضة السومو)، الذين يتم تصفيف شعور رؤوسهم علي طريقة المحاربين القدامى، بارتداء حزام خاص من الحرير فقط، وبالقتال باستخدام أيديهم فقط. وتتراوح أوزان ممارسي هذه الرياضة بين 100 و200 كيلوجرام (من 220 إلى 440 رطلاً). يتقاتل ممارسو هذه الرياضة في حلبة (دوهيو) يصل عرضها إلي 4.5 متر
(14.8 قدم) إلى أن يترك أحد المصارعين الحلبة أو يلامس أي جزء من أجزاء جسده، بخلاف باطن قدميه، أرضية الحلبة. على الرغم من بساطة قواعد تلك الرياضة، فإن تقنياتها ليست كذلك، فهناك أكثر من 80 طريقة لتحقيق الفوز. تقام بطولات السومو للمحترفين ست مرات على مدار العام وتستمر كل بطولة لمدة 15 يوماً. استطاعت رياضة السومو أن تجذب الانتباه إليها خارج اليابان من خلال القيام بجولات عرض على العديد من الأقطار والنجاح الذي لاقاه المصارعون من مختلف أنحاء العالم.
رياضة الجودو
أن الترجمة الأدبية لكلمة " جودو " Judo باللغة الإنجليزية هي " الفن الرفيع " لكن هذه الترجمة تكون خادعة لأنها تناشد الصورة الهزلية للرياضة .
وقد أشار ديس مارود Des Marwood إلى أن الجودو Judo عبارة عن كلمة تتكون من مقطعين هما :
• (جو – Ju ) وتعني الرفيع أو الرقيق وهي بالإنجليزية “ gentle “ .
• (دو – D0) وتعني الفن وهي بالإنجليزية (art)
لكن في الواقع أن الفن عبارة عن تحليل للمهارات من خلال دفاع الخصم في مساحة مغلقة ، وكلمة “Ju “ ترمز لمبدأ عدم الرد بعنف على العنف ويكون النقيض لكلمة “ Ju “ واصلها “Kendo” وترمز إلى القوة ضد القوة .
وقد عرف كوزمي رياضة الجودو بأنها نوع من حيل الجوجيتسو في الدفاع عن النفس فهي شكل من أشكال المصارعة وأسلوب للقتال بدون سلاح لذا فهي مهمة لكل رجل يمشي في الشارع .
وقد أشار التاريخ الرسمي لليابان في عام 720 بعد الميلاد إلى إقامة دورة رياضة اسمها (ليكار – كورايا) أي بمعنى صراع القوة والتي أقيمت فيها مباريات لرياضة المصارعة اليابانية القديمة والتي تسمى (السومو ) في الوقت الحالي ، وكان يتم فيها الهجوم والدفاع ضد الخصم باستخدام السلاح أو بدونه ، وقد تم ممارسة تلك اللعبة العنيفة تحت مسميات مختلفة مثل:-
تايجوتسو – واجوتسو – كيمبو ………… الخ

ويقال أن رياضة الجودو ليست يابانية ولكن لها جذورها التاريخية القديمة فقد كان هناك رجل أسمه (اكياما أوشيتو ) من مقاطعة نجازاكي في اليابان يدرس في الصين ، وهناك أعجب بمصارعة أهل الصين ، وكان ذلك في القرن السابع قبل الميلاد ، ثم قام بنقلها إلى موطنه ، لكن الصين نقلتها عن مصر القديمة ، حيث كان الفراعنة القدماء يمارسون هذا النوع من المصارعة منذ ثلاث آلاف عام قبل الميلاد ، ثم نقلت عن طريق الهكسوس إلى جنوب شرق أسيا بعد انتهاء غاراتهم وانهزامهم من الفراعنة القدماء في مصر ، حيث توجد العديد من الرسوم التي تشبه الكثير من حركات الجودو الآن وأيضاً ربط الحزام على البطن ، على جدران معابد بني حسن ، والعديد من المقابر الفرعونية القديمة .
والجودو أحدى الألعاب اليابانية النموذجية ذات الصفة أو الخاصية الدولية ، وهي تسهم بكونها مشكلة الثقافة بذاتها في إحداث الصداقة والسلام بين دول وشعوب العالم بشكل هائل هذه الأيام ، وذلك بما تقدمه للشعوب من مجال يمكنهم أن يحققوا فيه التبادل المثمر فيما بينهم ، ومن ثم نجد أن لعبة الجودو تقدم المساعدة والعون لتعزيز السعادة والرخاء والرفاهية لجميع البشر ، وتلك هي رسالة الجودو ، وليس هناك من هدف أسمى من هذا الهدف .
ومنذ عقود عديدة خلت كانت لعبة الجودو تعتبر رياضة لا يتميز فيها إلا اليابانيون فقط ، غير أنه بتحقق الصفة الدولية لتلك الرياضة تحسن أداء لاعبي الجودو من شتى دول العالم تحسناً معتبراً ، وأظهروا مهارة وقوة عند مقارنتهم مع اللاعبين غير اليابانيين من التفوق على لاعبي الجودو اليابانيين حتى أصبحوا أبطالاً أوليمبيين أو عالميين وتبين انجازاتهم بوضوح تام أن لعبة الجودو لم تعد حكرا على اليابان ولكنها قد أصبحت ملكاً للعالم بأكمله ، وهذا يساعد في أثارة مزيد من الانتشار ، والتطور للعبة الجودو .
ويرجع ظهور رياضة الجودو بشكلها الحالي إلى " جيجور كانو " الذي ولد عام 1860 م ، وتعلم الأدب والفلسفة في جامعة طوكيو عام 1881م ، ويعتبر من الأعضاء المؤسسين للألعاب الأوليمبية عام 1896 م ، وقد تولى "كانو" وزارة التعليم في بلادة ، فجعل الجودو ضمن المواد التعليمية في المدارس في ذلك الوقت ، ثم توفي عام 1938م – أثناء رحلة عودته في البحر بسبب مرض فاجئه ، وذلك بعد اجتماع للإتحاد الدولي الأوليمبي في القاهرة ، وكان "كانو " قبل وفاته قد قام بمجهودات عظيمة في شتى أنحاء العالم من اجل نشر رياضة الجودو وزيادة الممارسين لها على مختلف المستويات .
وقد قام " جيجور كانو " في عام 1882 بإنشاء أكاديمية عالمية لتعليم فنون الجودو المختلفة في طوكيو ، وأسمها " الكودوكان " ومعناها : الصالة التي يتم فيها التعليم والتدريب على القواعد .
ويشير توني ، جيوفري إلى أنه في العصور القديمة في اليابان ومن عدة قرون مضت كانت السلطة والقوة تتركز في يد الحكومة الإقطاعية القوية على حساب الحكومة المركزية الضعيفة ، فكان لكل حاكم إقليم آنذاك مجموعة من المحاربين والمقاتلين"الساموراي " والذي يعتمد عليهم في حماية الإقليم من الاعتداءات والمشاكل الخارجية ، فكانت تلك الطبقة من الشعب تتدرب بقوة واجتهاد على القتال باستخدام الأيدي ، وأيضاً باستخدام السلاح وتقوم بالتدريب المنتظم على مهارات ركوب الخيل ، والسباحة .. الخ والتي تساعدهم أثناء المعارك والحروب .
وكانت هناك مدارس متخصصة لتعليم تلك الفنون والحركات القتالية المختلفة لطبقة الساموراي حتى يكون هناك من يستطيع ردع الشعب أثناء اندلاع الثورات الشعبية وإثارة الشغب .
وكان حتى منتصف القرن التاسع عشر لا يستطيع أي فرد من عامة الشعب التدريب على تلك الفنون القتالية فهي كانت حكرا فقط على المقاتلين الساموراي إلى أن جاءت حكومة جديدة عام 1873 م لتنهي هذا النظام وإعفاء طبقة الساموراي من أعمالهم وإحالتهم للتقاعد ، مما كان هذا هو السبب الرئيسي في انقسام الشعب إلى مجموعتين أثناء الاضطرابات والثورات منهم مجموعة تقوم بقمع أعمال الشغب وهي تمثل " البوليس " والمجموعة الأخرى تحاول أن تقود إلى وظيفتها السابقة في طبقة الساموري ، وهي مجموعة "البوليس " وعندما كان "جيجور كانو " في الثامنة عشر من عمره أي في عام 1878 قام بجمع جميع الحركات التي كان يتدرب عليها طبقة الساموراي ، وهي تلك الحركات التي كانت تسمى بالـ الجوجيتسو ، وذلك في بلدة شينوريو وتحت إشراف رجلان هما "فيوكيودا ، أيزو " وكان لهما مكانه عالية في الجامعة الحربية والتي انتهي تكوينها عام 1895 في مقاطعة " كيوتو " اليابانية ، فقام " كانوا بترتيب تلك الحركات واستبعاد الخطير والقاتل منها ثم قام بتحليلها والتوصل إلى النقاط الرئيسية في كيفية تعليم تلك الحركات لعامة الشعب في مدرسة خاصة وكانت تلك هي مدرسة الكودوكان ، والتي ذكرنا سالفا أنه قام بإنشائها عام 1882م في طوكيو باليابان.
وتعتبر "الكودوكان " هي المكان الذي يتوافد إلى الناس من كل أنحاء العالم للتعليم والتدريب ، ومعرفة كل جديد عن رياضة الجودو ، ذلك لوجود الخبرات رفيعة المستوى من معلمين ومدربين يستطيعون ترسيخ تلك الخبرات وصقلها لدى الوافدين إلى الكودوكان .
وكانت رياضة الجودو قد دخلت مصر لأول مرة عام 1934 عن طريق الخبراء اليابانيين لتدريب قوات الجيش والبوليس في ذلك الوقت على المهارات القتالية الموجودة في هذه الرياضة في هذه الرياضة ، وفي عام 1952 م تم تكوين الاتحاد الدول للجودو (I J F) والذي يشترك فيه حتى الآن أكثر من مائة دولة ، وتم قبول لعبة الجودو كلعبة أوليمبية في عام 1964 في الدورة الأوليمبية بطوكيو ، وقد أنشىء الاتحاد المصري للجودو عام 1963.
الألعاب الاوليمبية
يزداد الإقبال أيضاً على ممارسة رياضات الهواة في دولة اليابان التي تحرص دائماً على إرسال فريق على مستوى عالي من التدريب إلي الألعاب الاوليمبية. وقد اشترك حوالي 268 لاعباً يابانياً في دورة الألعاب الاوليمبية التي أقيمت بمدينة سيدني في عام 2000، بينما اشترك 109 لاعبين في دورة الألعاب الاوليمبية الشتوية التي أقيمت بمدينة سولت ليك في عام 2002. وقد شهدت اليابان إقامة الألعاب الاوليمبية ثلاث مرات حتى الآن: ففي عام 1964م، استضافت العاصمة طوكيو دورة الألعاب الصيفية كأول مرة تقام فيها دورة ألعاب أوليمبية بقارة آسيا، بينما تمت استضافة دورة الألعاب الشتوية في مدينة سابورو في عام 1972م ثم في مدينة ناجانو عام 1998م.
الرياضات المحببة لدى الأطفال
يقوم الأطفال اليابانيون بممارسة العديد من مختلف الرياضات من خلال الأندية الرياضية بالمدارس أو الكائنة بالقرب من مساكنهم. تعد كل من كرة القدم والبيسبول من أكثر الرياضات المحببة لدى الفتيان، بينما تقبل الفتيات على ممارسة رياضتي البولينج والبادمنتون (الريشة الطائرة). وممارسة السباحة محببة لدى كل من الفتيان والفتيات
الخنفساء تاريخ ممتد من الفراعنة إلى المصارعة اليابانية
بدأت رياضة من نوع غريب تنتعش في اليابان مؤخراً، وهي (مصارعة الخنافس) التي أصبحت الشغل الشاغل لمئات الآلاف من اليابانيين المولعين بالغرائب والعجائب رغم أنهم من أكثر شعوب العالم واقعية، ولكن ولعهم بكل ما هو جديد أدى إلى ازدهار تجارة الخنافس في البلاد، ويصل سعر الخنفساء الواحدة في بعض الأحيان إلى 2800 دولار، فقط!
ويستخدم اليابانيون في مصارعة الخنافس نوعاً معيناً منها يصل طوله إلى سبعة سنتيمترات، وعندما يبدأ النزال يندفع اثنان من هذه الخنافس ذات الفك الحاد تجاه بعضهما البعض، فوق (حلبة) هي عبارة عن جذع شجرة ضخم، في حين يراقب الجمهور المعركة بحماس منقطع النظير، ويدخل الخنفسان المتصارعان في معركة من عدة جولات، حتى يتمكن أحدهما من إلقاء صاحبه بعد صراع عنيف من فوق جذع الشجرة، ومن المعروف أن الخنافس ذات الأرجل المتعددة شديدة المراس في تشبثها بالأرض، ومن هنا فإن الشاطر هو من يزحزح خصمه عن أرض المعركة ليحتلها بمفرده.
ويقول أحد هواة جمع الخنافس اليابانيين إن هذه الحشرات أدخلت السعادة حسب قوله إلى قلوب مئات الآلاف من البشر في اليابان، وبدأت المتاجر في طوكيو تبيع خنافس حقيقية بجميع الأشكال والأحجام، وهو الأمر الذي دفع الدولة لتخفيف القيود عن استيرادها في مطلع فبراير الماضي، وتم وضع قائمة جديدة تتضمن 44 نوعاً جديداً من الخنافس، فضلاً عن الأنواع الأربعة المسموح بها فعلاً.
ولحسن حظ اليابانيين فإن الخنافس من أكثر المخلوقات تنوعاً وعدداً، إذ يوجد منها على سطح الأرض وتحته نحو 300 ألف نوع، وبذلك تكون هذه الحشرات هي المخلوق الوحيد الذي يحظى بهذا العدد الهائل من الأنواع، خاصة إذا علمنا أن مجموع أنواع الثدييات في عالمنا لا يتجاوز 4500 نوع فحسب.
وأشهر أنواع الخنافس عند العرب هي الرقطاء المعروفة حالياً باسم (خنفساء الدومينو) وهي تعيش في صحراء الجزيرة العربية منذ القدم، وشكلها أسود لامع به بقع بيضاء منتظمة ولديها إحدى عشرة عقلة بمثابة قرون استشعار، وكان العرب القدامى يتشاءمون من هذه الخنفساء ويعتبرونها نذير سوء، كما أن جريها السريع في الرمال جعلها كمن يجري لتحذير الناس من اقتراب الشر.
ويبدو أن سمعة الخنفسة الرقطاء ليست بهذا السوء لدى العرب وحدهم، بل إن البريطانيين كانوا ينظرون إليها على أنها (ابنة الشر)، وفي التراث الشعبي الإنجليزي حكايات خرافية تلعب الخنفساء فيها دوراً شريراً أو تكون طالع شؤم، ومن الطريف هنا أن العالم التجريبي البريطاني الشهير تشارلز دارون صاحب نظرية (النشوء والارتقاء) الذي كان واحداً من أكثر العقليات الأوروبية تعصباً للمنطق العلمي يشارك في هذه الخرافة بقوله (كلما سمعت أن طفلاً اصطاد خنفساء شعرت بدنو الحرب).
ومن جانبها تؤكد الباحثة الكويتية د. وسمية الحوطي كما جاء في موقع صحيفة «الجزيرة» أن الخنافس حشرات مظلومة تعرضت للافتراء على مر التاريخ رغم أنها حشرات نافعة للإنسان، ففي أوروبا القديمة كان الناس يعتقدون أنها جالبة للشقاء، وكان الايرلنديون يزعمون أن هناك نوعاً من الخنافس تستطيع قتل الشخص بمجرد النظر إليه.
وفي المعتقد الإنساني العام وبالذات لدى الشعوب التي تشتغل بزراعة الأرض، أن من الأفضل ترك الخنفساء في حال سبيلها، ولهذا كان لزاماً على الفلاح الذي يشاهد خنفسة مقلوبة على ظهرها تصارع للعودة إلى الوضع الطبيعي أن يقوم فوراً بقلبها على أرجلها لتأخذ الشر معها وتذهب.
ذات القذائف الحارقة
ويشير الدكتور فرانك كريك الباحث بقسم الحشرات في (متحف التاريخ الطبيعي) في لندن إلى أنه يوجد في إفريقيا الاستوائية نوع من الخنافس يطلق على أعدائه شيئاً يشبه القذائف الحارقة على شكل سائل ملتهب.
وقد قام د. كريك بتجربة عملية عندما وضع خنفساء من هذا النوع الغريب في إناء زجاجي، وراح يمد يده نحوها بحرص شديد، وفي كل مرة يلاحظ أن هناك سائلاً حارقاً أصاب يده في لمح البصر، وحينما استعان د. كريل بمصور محترف تبين له أن هذه الخنفساء تطلق قذائفها في سرعة خاطفة، وأن عملية التأهب والإطلاق تستغرق جزءاً من الثانية وبمنتهى الدقة في التصويب.
ولوحظ بتشريح هذه الخنفساء الإفريقية أن لديها على كل جانب في جسمها غرفة متناهية الصغر تحتوى على مادة (البتروكينون) التي تتفاعل مع الأكسجين وترتفع درجة حرارتها لدى خروجها من جسم الخنفساء، التي تستعمل هذه الطريقة في إبعاد المتطفلين والأعداء فضلاً عن اصطياد النمل.
في صحبة القمر
ويبدو أن إفريقيا هي موطن أكثر الخنافس غرابة وتفرداً، ففيها تعيش خنفساء فريدة من نوعها تستخدم القمر (كبوصلة) في تحركاتها ليلاً، وكان من المعتقد على نطاق واسع أن الطيور وحدها هي التي تستعمل الشمس والقمر والنجوم كمؤشر في السماء، ولكن الباحثين اكتشفوا أن تلك الخنفساء الإفريقية تتمتع بمهارة تفوق الطيور في هذا المجال، وبشكل أكثر تعقيداً منها.
وتؤكد الخبيرة السويدية (ماري داك) أن الخنفساء الإفريقية تستخدم النموذج الذي يتكون عندما يضرب ضوء القمر الجزئيات الصغيرة في الجو، وهو المعروف علمياً باسم (استقطاب الضوء) تستعين الخنفساء بهذا الاستقطاب القمري في سعيها أثناء الليل، وهي تمشى في خط مستقيم غالباً لكنها تصاب بما يشبه العمى المؤقت عندما تحجب السحب نور القمر، وهنا تتحرك الخنفساء بلا هدى وحركة عشوائية كأنها تدور حول نفسها بلا هدف حتى يظهر القمر من جديد.
وثمة اعتقاد خاطئ بأن هناك أنواعاً مضيئة من الخنافس منها (الجعران) المعروف أيضاً باسم (أبو جعل)، ولكن الحقيقة أن هذه الخنافس لا تصدر ضوءاً من تلقاء نفسها بالمرة، بل هي تتمتع بوجود مستقبلات خاصة بالغة الحساسية في عيونها، تعمل على تتبع مصدر الضوء مهما كان خافتاً، ومن هنا يبدو النور المنعكس في عيون الخنفساء كما لو كان صادراً عنها.
خديعة فرعونية
وربما بسبب من هذا الاعتقاد القديم ولأسباب أخرى أصبح (أبو جعل) حشرة مقدسة لدى قدماء المصريين، وتقول د. الحوطي إن الأساطير الفرعونية نموذج للمكانة التي حظيت بها الخنافس عامة في فكر الإنسان منذ القدم، وحتى أصبحت في عصرنا الراهن بطلاً (للمصارعة) على يد اليابانيين.
والواقع أن الفراعنة هم أول من أعطى لخنفساء (أبو جعل) المضيئة كل هذا الاهتمام، لاعتقادهم أن طريقة حياتها الصارمة تمثل نسخة لدورة الحياة الأبدية، وإن تكن هذه النسخة مستمدة من عالم الحشرات، فمن المعروف أن أنثى (الجعران) تقوم بجلب كرة كبيرة من الروث إلى نفق تحفره بعمق قدمين في الأرض، تكون قد وضعت فيه بيضها من قبل، وتدحرج الأنثى كرة الروث حتى تسد فوهة الحفرة على نفسها مع البيض.
وبعد عام كامل من ذلك تخرج من النفق عشرات الخنافس الصغيرة التي تسعى في الأرض، وتقوم بتجديد دورة الحياة بعد مواتها، وقد كان الفراعنة البسطاء يعتقدون أن الخنفساء الأم (تدفن) نفسها في النفق وتموت ليخرج الصغار، بينما الحقيقة أنها تقضى إجازة سعيدة مع الذكر، ويقومان معاً بتنظيف الروث من الفطريات حتى لا يتعفن حفاظاً على غذاء الصغار القادمين.
ومهما يكن من أمر فقد نالت الخنافس من التكريم على يد الفراعنة ما لم تعرفه على أيدي شعوب العالم قاطبة، فقد صنع المصريون القدماء خنافس من الذهب الخالص والأحجار الكريمة، واستعملت الخنفساء كشكل في الكتابة (الهيروغليفية) وكان معناها (يصير) من الصيرورة، أي أنها أصبحت رمزاً أبجدياً وفكرياً للتحول، مثلما تحولت سيرة (أبو جعل) من العدم إلى الوجود، ومن الموت إلى الحياة..