التربية البدنية عند الأغريق
بقلم الاستاذ : نعمان عبد الغني
namanea@yahoo.fr

التربية البدنية وتشمل مختلف الأنشطة بما في ذلك الألعاب الفردية والجماعية. في الصورة أعلاه يمارس طلبة المدارس الثانوية لعبة تخطي الحواجز.
وتركز مقررات التربية البدنية في المدرسة الابتدائية على تطوير وفهم حركات الجسم الأساسية. وتشمل أيضًا ألعابًا أولية، تركز على المشاركة والتعاون، بدلاً من المنافسة. كما تشمل في الغرب أنشطة الرقص والتمرينات التي تُمارس بمصاحبة الموسيقى، وربما تُدرس في الصفوف المتقدمة من المرحلة الابتدائية، رياضة المنافسة البسيطة الألعاب والتمرينات. ويضع مدرسو التربية البدنية الأسس للتمرينات التي تؤدي إلى اللياقة البدنية والصحة. تستمر وتتوسع هذه الأنشطة في برامج المدرسة الثانوية، لتكون الأسس التي تقوم عليها الأنشطة الترويحية والرياضية المستمرة، كالرماية بالسهام، وألعاب القوى، وتنس الريشة ¸البادمنتون•، والكريكيت، وركوب الدراجات والجولف، وكرة الرجبي، وكرة القدم، والسباحة، وكرة المضرب (التنس). وتتيح كليات التربية والجامعات الفرص للتعليم المستمر في التربية البدنية.
يرجع عدد من الخبراء بداية التربية البدنية إلى عصر الإغريق الذين نظموا برامج التربية الرياضية في القرن الثامن قبل الميلاد. وساهم أبناء الإغريق في مؤسسات رياضية تُدعى المجمعات الرياضية
(القاعات الرياضية) وذلك بأنشطة مختلفة، منها رمي القرص ورمي الرمح والقفز والجري والمصارعة، كما أنهم تلقوا فيها الدروس في الرياضيات والفلسفة والبلاغة والبيان.
وبالرغم من أن التربية البدنية كانت جزءًا من التعليم العام للمواطنين الرومان، فإن قيمتها الأساسية كانت في تدريبات الجيوش.
وفي العصور الوسطى في أوروبا من القرن الخامس إلى القرن السادس عشر الميلاديين، كانت الرياضة والأنشطة البدنية الأخرى ضروبًا من الزلل المؤدي إلى الذنوب. وخلال عصر النهضة الذي استمر من القرن الرابع عشر إلى السابع عشر الميلاديين، أدى الاهتمام بإحياء الثقافة اليونانية والرومانية إلى عودة الاهتمام بالمنافسة في ألعاب اللياقة والأنشطة المتصلة بتمرينات بناء الأجسام.
وبدأ إدخال برامج التربية البدنية في المدارس في القرن التاسع عشر الميلادي في ألمانيا، والسويد، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية. وتركز برامج الألمان والسويديين على ألعاب تقوية الأجسام وترويض العضلات (الجمباز) والتمارين العادية. وركزت البرامج البريطانية على رياضة الفرق. أما في العالم العربي والإسلامي فقد استفادت برامج التربية البدنية من التطورات الغربية وأصبحت جزءًا من المناهج الدراسية، لكنها ظلت دائمًا تعتمد في هذا على التراث الإسلامي الذي حث على تعليم الأبناء السباحة والرماية وركوب الخيل، كما ورد في الأثر النبوي الشريف.
كانت التربية البدنية عند الاغريق جزءا حيويا من نظام التربية الاغريقية التي تهدف الى تنمية قوى الفرد من النواحي كافة لكي يصبح الفرد مواطنا مستعدا لخدمة امته . من هنا كانت التربية البدنية الاغريقية عاملا مهما في لياقه الشعب وحيويته, وقد اتخذها الاغريق وسيلة لاكتساب الصحة والقوة البدنية وتنمية الثقة بالنفس . ان اكثر المهتمين في دراسة التربية البدنية عند الاغريق يؤكدون على ان (جميع المهرجانات الرياضية اليونانية عي عبارة عن احتفالات جنائزية تقام في ذكرى الابطال ) وهذا يعني ان الاغريق كانو يسخرون الرياضة لاظهار مفهوم الهيبه , كما عكسته حروبهم مع غيرهم . ومفهوم الهيبة يتم ايضا في عصرنا الحاضر من خلال المشاركة في الالعاب الاولمبية والعروض العسكرية . فقد كان الغرض الاساسي للتربية البدنية هو العمل على تكوين جيش قوي قدير . فحياة الفرد في اسبارطة كانت للمجتمع وكان الفرد تابعا للدولة وخاضعا لها ومطالبا بالدفاع عنها ضد كل اعدائها . كما كانت النساء ايضا مطالبات بأن يكن في لياقة بدنية مناسبة فكان المعتقد بان الام التي تمتلك صحة جيدة تلد اطفالا اصحاء اقوياء مما يعمل بدوره على تقويه الدولة . وكانت العادة في اسبارطة تحتم ترك الاطفال حديثي الولادة اذا كان بهم نقص او كانوا ضعفاء , على جبل ( تايجيتينيوس ) ليموتوا فالاطفال الاقوياء ذوو الحيوية العالية فقط هم الذين كانت اسبارطة الحربية ترحب بهم , وقيل ان الامهات كن يغسلن اطفالهن بالنبيذ ليختبرن اجسامهم ولاعدادهم للتجارب والمحن المرتقبة وكان الطفل لا يسمح له بالبقاء في المنزل الا في السنوات الست الاولى من حياتة فقط , ثم يطالب بعيد ذلك بالانتقال الى الثكنات العامة والدخول في نظام التدريب العام الاجباري , وهذا النظام كان يضمن لاسبارطه جيشا قويا لا يمكن ان يفوقه جيش اخر اما في اثينا فكان الوضع مختلفا تماما , ففيها كانت الحياة الديمقراطية مزدهرة وظهرت اثار ذلك الازدهار على اغراض التربية البدنية , فأهل اثينا كلهم مارسوا النشاط البدني لتنمية وتقوية اجسامهم لما في ذلك من قيم جمالية ولكي يتمتعوا بحياة اكثر رفاها . وكانت التربية المثالية الاثينية هي الحصول على توازن مناسب في النواحي المعنوية والعقلية والجمالية .لفد كانت ( اولمبيا ) كعبه الاغريق وارضهم المقدسة وكانت مسرح الالعاب الاولمبية فضلا عما كان لها من اهمية سياسية وقد اصبحت مع الايام مركزا لحلف ديني مقدس يضم شعوب غرب شبه جزيرة المورة . وهكذا اصبحت اولمبيا مقرا مقدسا وحرما لجامعة الشعوب الاغريقية وفي صعيدها التقت اراؤهم وعبثت قواهم الروحية التي اصبحت دعائم للحضارة اليونانية ومنذ قبل ميلاد المسيح بنحو عشرة قرون بدأت تدب في اوصال بلاد الاغريق عوامل التجمع والقومية وكانت على رأس هذه العوامل : الاعياد الدينية والرياضية . كانت الالعاب الاولمبية اول الامر مقصورة على الاغريق الخلص , ثم بدات تفتح ابوابها لسائر الشعوب ولا سيما الرومان الذين لمع ابطالهم في تلك المباريات زمنا طويلا . وبعد ان سلخت الالعاب الاولمبية من عمر الزمن الفين ومائتي متصلة رأي الامبراطور ( ثيودوسيدس ) عام 94 م ان يلغيها لما كان يصحبها من طقوس وشعائر لا يقرها الدين المسيحي . وعلى الرغم من ولع الاغريق الشديد بحب الرياضة فانهم لم يكونوا عمالقه في الاجسام كما يظن , ولم تكن القوة الجسمانية المجردة او الضخامة لتستهويهم بالنسبة للجسم البشري اا من ناحية الفن اذ لم يكن لهم طول الجسم ولا العضلات نامية بل قاموا بالتركيز على الموازنة في ممارسة النشاط اكثر من الاهتمام بالتكوين العضلي الضخم فقاموا غيرهم من الشعوب التي عاشت في ايامهم من حيث تقديرهم لجمال الجسم وتقديس تلك الهبة . فلقد قال افلاطون الفيلسوف الاغريقي واحد ابطال الالعاب الاولمبية القديمة ( الرياضه توصل المرء الى دور الكمال الادبي ) وكذلك اوصى افلاطون بوضع الرجل الصالح في مكانه الصحيح فلا يتولى الحكم الحمقى من غير ذوي الاستعداد للحياة العقلية والبدنية
من هذا يتضح لنا ان افلاطون اعطى اهتماما كبيرا لقائد الدوله الذي يجب ان يمتاز بلياقة بدنية ممتازة كي يتمكنوا من ادارة البلاد بحيوية ونشاط . كما قال بان الدول قد سارت قبل كل شيء في العناية بالطفولة لان مستقبل الامة يقوم على اكتاف الطفل القوي الذي ينشأ نشأة صحيحة من كل وجة