الدكتور عبد الغني حمدو:
فلو اعتمدنا سياسة الترميم فالنتيجة أن الموتى لايبعث فيهم الروح مرة أخرى في الدنيا فهم موتى ورثوا وورثوا الموت .
وإن قلنا بإسقاط الأنظمة الديكتاتورية , على مبدأ الثورة فقد جربت البلاد العربية ذلك الأسلوب منذ زمن ليكون نتيجته الأنظمة الحاليه التي نحن بصددها .
ويكمن الحل فينا نحن ! ويقع العبئ اولا على واتا . وذلك عن طريق التوعية وكسر حاجز الخوف والتنبلة من النفوس فلو وصلنا لهذه الدرجة فإن هذه الأنظمة تسقط تباعا , لأن مرتعها قد جفت مياهه وبات أجردا .


أخي الدكتور حمدو أتفق معك تماما في أن الموتى لا أمل في إيقاظهم، كذلك فإن ثورة العنف ومنهج الانقلابات لا ينتج إلا عنفا وتسلطا واستبدادا...
نحن إذا نتحدث عن ثورة ثقافية، وهذا لا يعني أن تكون عشوائية وبدون تخطيط دقيق وأهداف واضحة، ووسائل فعالة، وإيمان عميق من قبل قادتها وجنودها بعدالتها واستعداد لبذل التضحيات من أجلها.. بل ربما تحتاج الثورة الثقافية التنويرية قدرا أكبر من الثبات والتضحيات والصبر والعمل الدؤوب مع الرؤية الاستراتيجية الحكيمة...

وأود هنا أن أتوقف لأتأمل في فكرتك بأن "التوعية وكسر حاجز الخوف والتنبلة من النفوس" ستجعل "الأنظمة تسقط تباعا"، فهل هذا على مبدأ: إذا الشعب يوما أراد الحياة...
لا أخفيك سرا إذا قلت لك بأني استغرقت عدة سنوات، وما زلت، وأنا أتأمل بهذا الشعار!
فمنذ عشرات السنين ونحن نردده!!!
بل إن جميع الأنظمة الثورية الاستبدادية التي جسمت على صدورنا رددت هذا الشعار على آذاننا حتى فقد محتواه
أخشى أن الأزمة التي يعاني منها المجتمع العربي أكثر تعقيدا مما نتصوره، ولم يعد من الناجع ترداد الشعارات التي تلهب المشاعر للحظات ثم سرعان ما تخمد.
نحتاج إلى المزيد من الغوص في أعماق العقل العربي وتفكيره وتكوينه النفسي وواقعه الحياتي وظروفه المختلفة.. نحتاج إلى أن نتحاور معه ونستمع إلى صوت الشارع لا أن نجعل من أنفسنا أوصياء عليه، ونحاول أن نلهب مشاعره تارة، وأن نحطم معنوياته تارة أخرى، وأن ندغدغ أحلامه وعواطفه أحيانا كثيرة.
صدقني أخي الدكتور حمدو لا تأملنا بالخطابات والرسائل التي يتلقاها المواطن العربي ممن يخاطبونه كأوصياء عليه، وما أكثرهم، لعذرناه على التيه والحيرة وربما الضياع الذي يعانيه..
نحن بحاجة إلى المزيد من الحوار الجاد والتأمل العميق لنفهم أنفسنا ونعرف ماذا نريد بوضوح