أناشيد كارمينا بورانا

Carmina Burana
د. شاكر مطلق

مدخل :

المرجع الألماني الذي يحمل الرقم 40 – في كتابي الموسوم بـ " الأدب الجرماني : من البدايات حتى اليوم "- يضم مجموعة من الأناشيد البورانية باللغتين اللاتينية والألمانية , الصادر عن دار نشر " ريكْلام – Reclam " , الشهيرة بمنشوراتها التاريخية والأدبية التي يعتمدها الباحثون وطلاب العلم لدقتها في تقديم الأبحاث وتوثيقها , و التي تصدرها الدار منذ زمن طويل بقطع صغير وبلون غلاف أصفر ,يحتوي على مقدمة هامة موجزة, كمدخل إلى الموضوع , سأقوم فيما يلي بعرض موجز لأهم النقاط التي وردت فيها :
زمن كتابة الشعر باللغة اللاتينية بدء في التلاشي منذ مطلع القرن الحادي عشر وامتد حتى القرن الثالث عشر . خلال هذه الفترة تم وضع مجموعة فريدة من أناشيد الشعر الغنائي , التي لا تزال موجودة حتى اليوم .
هذه المجموعة ضمت إلى جانب قصائد وأناشيد تلك الفترة الزمنية , نصوصاً تعود إلى زمن أقدم .
لقد أطلق على هذه المجموعة اسم " codx latinus monacensis " ( clm ) , وهي محفوظة في مكتبة دولة بافاريا في مونيخ تحت رقم 4660 .
لقد أُحضرت المجموعة إلى هناك من الدير المسمى
" دير بورن البنيديكتي " – حيث اكتشفت المجموعة فيه – فهي إذن مجموعة بورانا – Codex Buranus " وتضم الأناشيد ( Carmina ) , المنسوبة إلى ذلك الدير ,
والمعروفة عالمياً تحت اسم : " Burana Carmina " أي أناشيد دير بورن .
لقد وُضعتْ مجموعةُ هذه الأناشيد في الحدود الجنوبية للمناطق الناطقة باللغة الألمانية , و تحت تأثيرات إيطالية مجاورة .
يظن بأنها وضِعت في مقر أسقف " سيكاو – Seckau" الواقع في منطقة " شْتَيَرْ مارك " .
الباحث "جورج سْتير - G.Steer" , واستناداً إلى البحث في الأشكال اللغوية للنصوص الألمانية , يقترح أن يكون مكان نشوئها في موقع ( دير ) " نويْشْتيفتْ " الواقع على مقربة من مدينة " بريكْسِنْ – Brixen " , بدلاً من دير بورن .
هذه المجموعة تضمّ أنموذجاً فريداً في التصنيف , حيث تم ترتيب الموضوعات في مجموعات , تتشكل من قصائد إيقاعية ( موزونة ) ، يعبِّر عن محتواها أحياناً عنوانٌ , وتختتم ببيت شعري موزون يتضمن قولاً أو حكمة ... الخ .
هذه القصائد الإيقاعية كانت في جلّها معدّة للغناء وثمة نصوص كانت ترافقها شارات موسيقية -"( نوتات ) مرقَّمة , غير قابلة الآن للتطبيق , وإن تمكن بعض الباحثين من استعادة وترميم بعض ألحان الأناشيد استناداً إلى نوتات شبيهة موازية من ذلك العصر كما فعل الباحث " ميخائل كورث – M.Korth " .
هناك قصائد كتبت جماعياً بحس شعري – موسيقي رفيع نستطيع من خلالها أن نميز صنفين منها :
- الأناشيد الوافدة من الخارج وبخاصة من فرنسا , ومن بينها نصوص شهيرة هامة .
- النصوص المنتَجة محلياً والتي كانت تعتمد على أنموذجات شعرية هامة في زمنها وكانت في غالبيتها تنويعات أو ما يشبه ما نسميه بـ ( المعارضات الشعرية ) إلى جانب ( التَّناص ) في الشكل واللحن , غير أنها كانت , في معظمها , تمتاز بإضافة " مقطع – Strophe " لا تيني – تحدثنا عنه أعلاه – يُنشد بألحان ألمانية .
إن زمن نشوء هذه المجموعة يترافق مع بدء التّدوين اليدوي للغة, واستناداً إليه استطاع الباحثون أن يؤرخوا بدقة لبعض النصوص مثل تلك التي تحمل في المجموعة الأرقام " CB 168 " وكذلك " 211 a " الذين يؤرَّخان بفترة تقع حوالي 1220 , بينما تعود المجموعة بكاملها , استناداً إلى الخط وزخرفاته , إلى الفترة الواقعة ما بين 1225 – 30 .
لن أتطرق بالتفصيل إلى البناء اللغوي والوزني والإيقاعي لأشكال هذه الأناشيد المختلفة , لأنني تطرقت أعلاه في كتابي إلى ذلك عند البحث في نشيد الشعراء الجوالين المسمى بـ " المينه " ,ويكفي أن أشير إلى الدور الهام الذي أسهم فيه الألمان في هذا المجال بإضافتهم لـ " المقطع الإضافي" المميِّز للأناشيد الألمانية ، وذلك لكي يعطي هذا المقطع الإضافي الإيقاع واللحن إلى النص اللاتيني , وكانت هذه الازدواجية اللغوية في الإنشاد مميِّزة له أيضاً .
حظيت هذه الأناشيد من ضمن الإنتاج الشعري الضخم ,الذي أنتِج خلال ألف عام باللاتينية في العصر الوسيط , باهتمام بالغ وبانتشار هائل بين الناس لاحقاً , وليعود الفضل في هذا إلى الموسيقار الألماني " كارل أورف – Carl Orff "الذي لحّن هذه الأناشيد ببراعة وأمتع بها ملايين المستمعين في العالم , ومن بينهم شعوب بعيدة جداً عن التراث الأدبي اللاتيني , ومنها الشعب العربي أيضاً .
=========

ترجمةٌ لبعض الأناشيد من "كارمينا بورانا "
- المرجع ( 40 )
( رقم النشيد 191 على صفحة 229 الأصل ) :
- 1 -
بغضبٍ شديدٍ يَشتعلُ داخلي
سوف أتحدَّثُ , بحرارةٍ , إلى قلبي
إنَّني مَصوغٌ من مادّةِ العنصرِ الطّريّ
أُشبهُ ورقةً تلهو بها الرّيحُ .
- 2 -
بينما طبيعةُ الرَّجلِ الحكيمِ
( تدفعُهُ ) لأنْ يؤسسَ على قاعدةٍ صخريّةٍ
أُشبهُ أنا الأحمقُ النَّهرَ
الذي لا تظلُّ ( مياههُ ) تحتَ نفسِ السّماءِ .

- 3 -
أنزَلقُ , دونَ هدفٍ , كزورقٍ دونَ رُبَّانٍ
مثلَ الطيورِ
التي تدعُ الرِّيحَ تدفعُها
على الطرقاتِ الهوائيةِ
لا قيدَ , لا مفتاحَ , قادرٌ على إيقافي
أبحثُ عنْ أمثالي
وأجدُ نفسي بينَ الأشرارِ .

- 4 -
يبدو لي أنَّ وقارَ القلبِ الجليلِ أمرٌ صعبٌ
اللهوُ أحبُّ إليَّ من العسلِ حلوِ المذاقِ
ما تأمرُ بهِ " فينوس " هو خدمةٌ مريحةٌ
" فينوس " التي لا تسكنُ القلوبَ الوَضيعةَ أبداً .

- 5 -
أمشي في الدّربِ العريضِ مِشْيةَ الشبابِ
أتورّطُ في الذّنوبِ
دونَ التفكيرِ بالفضائـلِ
نَهِمٌ نحو اللّذةِ ( أنا )
أكثرَ من ( نهمي )نحو الخلاص
أنا ميْتٌ في الروحِ , وأعتني بجلدي .
- 6 -
أيها الأسقفُ ,الأكثرُ حكمةً
أرجوكَ التّسامحَ ( معي )
( أريدُ أن ) أموتَ موتاً جيداً
يقتُلني الموتُ العذبُ
قلبي يُسيءُ إلى جمالِ الفتياتِ
(و) اللواتي لا أستطيعُ أنْ أعاشرَهنَّ جسديّاً
أعاشرُهنَّ بقلبي .

- 7 -
إنّهُ لأمرٌ عسيرُ التغلبَ على الطبيعةِ ( الشَّهوةِ )
وأنْ تظلَّ نقيَّ المشاعرِ , عندما ترى الفتياتِ
فنحنُ الشبابُ
لا نستطيع التقيُّدَ بالتعليماتِ الصارمةِ
ونتركَ الأجسامَ اللينةَ دونَ اكتراثٍ .

- 8 -
مَنْ لا يحترقُ وهو يقفُ في النّارِ ؟
منْ يستطيعُ أنْ يبقى طاهراً
وهو يعيشُ في ( مدينةِ ) " بافيا - Pavia " ؟
حيثُ " فينوس " تصطادُ الفتيانِ بحركةِ إصبعها
بعيونِها تُغريهمْ لدخولِ الأُنشوطةِ
وبوجهها تجعلُهمْ الطّريدةَ.

- 9 -
لو أحضرتَ الحصانَ اليومَ إلى ( مدينة) " بافيا "
فلن يكون (هناك ) في الغدِ حصانٌ
كلُّ الدروبِ تقودُ إلى مخدعِ فينوسَ
تحتَ كلِّ ( هذه ) الأبراجِ
لا برجَ هناكَ للفضيلةِ .

- 10 -
ثانياً يرفعُ المرءُ المرآةَ أمامي
ولكنْ
إنْ أطلقَني اللهوُ مع الجسدِ العاري
أتبخّرُ - ( برغمِ ) بردٍ -في الخارجِ فقط -
من جمرِ العقلِ
عندها أصوغُ أفضلَ الأناشيدِ والقصائدِ .

- 11 -
في الفصلِ الثالثِ أتذكّرُ الحانةَ :
لمْ أرفُضْها في أيّ زمنٍ
ولنْ أرفضَها مستقبلاً
حتى أرى الملائكةَ قادمينَ
يُغنّونَ للموتى ( نشيدَ الموتِ ) :
" رِكْيوييمْ إتيرنامْ - Requiem aeternamm "
" استرحْ بسلامٍ " .

- 12 -
شِعاري هو الموتُ في الحانةِ
حتى يكونَ النّبيذُ قريباً جداً
منْ فمِ منْ يموتُ
بفرحٍ أكبرَ تغنّي جَوقةٌُ الملائكةِ :
اِرحمنا يا ربُّ , نحنُ الشاربون ( الخمرةَ ) .

- 13 -
من قدَحِ ( النبيذِ ) سيشتَعلُ نورُ العقلِ
القلبُ , مشْبعاً بالرحيقِ يطيرُ نحوَ الأعلى
مذاقُ النّبيذِ , بالنسبةِ لي ,أعذبُ في الحانةِ
من نبيذِ الأُسقُفِ , المخلوطِ بالماءِ .

- 14 -
الماكنُ المكتَظةُ بالناسِ
يتجنبُها الشعراءُ
يفَضّلونَ الإقامةَ
في الانعزالِ وفي الخفاءِ .
يُتعبونَ أنفسَهم
يعذّبونَ ذواتَهمْ
يسهرونَ ويعملونَ كثيراً
وفي النهايةِ
فهمْ لا يستطيعونَ تقديمَ
عملٍ نبيلٍ ( مميَّزٍ ) .

- 15 -
إنَّهمْ يصومونَ
ويعذّبونَ أنفسَهم , جماعةُ الشعراءِ
يتجنّبونَ مهاتراتِ الشعبِ
وفوضى الأسواقِ
يموتونَ عناءً تحتَ نيرِ العملِ .

- 16 -
الطبيعةُ تهَبُ كلَّ شخصٍ
هِبةً خاصةً ( بهِ ) :
هبتي أنا أنّني لا أستطيعُ أبداً
أنْ أكتبَ وأنا صاحٍ
( حيثُ ) يستطيعُ فتىً واحداً
أن يتفوَقَ عليَّ ( بكتابةِ الشعرِ ) وأنا صاحٍ
أكرَهُ الظَّمأََ والجوعَ كما
أكرَهُ الموتَ .


- 17 -
الطبيعةُ تهَبُ كلَّ شخصٍ
هِبةً خاصةً ( بهِ ) :
هِبتي أنْ أشرَبَ - عندما أكتبُ الشعرَ -
نبيذاً جيداً
وأصفَى ما تحتويهِ براميلُ صاحبِ الحانةِ ;
هذا النبيذُ يعطي للكلماتِ
امتلاءً كاملاً .

- 18 -
أبياتُ شِعري هي
من نوعِ النبيذِ الذي أشرَبهُ
لا أستطيعُ فِعلَ شيءٍ
إلا عندما أكونُ قدْ أكلتُ
لا قيمةَ أبداً لما اكتبُهُ في الصَّحوِ
بعدَ الشرابِ
أستطيعُ أن اتفوَّقَ
على " أوفيدْ - Ovid " (* ) في الشِّعرِ .
---------
(* )- عاش من (43 ق .م حتى 18 م ) .
- 19 -
لنْ أُمنَحَ عقلَ الشِّعرِ أبداً
إنْ لمْ يكنْ بطني مشبَعاً
( عندَ شبعي ) يأتيني " فوبوس - Phoebus " (* )
مُعلناً أشياءَ عجيبةً .
---------
(* ) - هو في الميثولوجيا الإغريقية "أبولّو " - إله النور والفنون - الشِعر والموسيقى ، وهذا هو اسمه في الميثولوجيا الرّومانية .

- 20 -
اُنظرْ
أنا متَّهمٌ- إذنْ - بخيانةِ مساوئي الذاتيةِ
التي يتهمني بها خدمُكَ .
لكنْ لا أحدَ منهمْ يتَّهِمُ نفسَهُ
برغمِ أنهم أيضاً يَلهونَ
ويريدونَ التمتّعَ بالحياةِ .

- 21 -
فليكنْ إذن الآنَ
بحضورِ سيدي الروحيِّ
- ( و) استناداً إلى معاييرِ النّاموسِ الإلهيِّ -
الذي يرمِني بالحجَرِ
ولا يصونُ الشِّاعرَ
الذي لا يعرفُ قلبُهُ أيَّةَ خطيئةٍ .

- 22 -
لقدْ نطَقتُ ضدَّ نفسي
كلما أعرفهُ عنها
وتقيّأتُ السُّمَّ
الذي حمَلتُهُ في ذاتي طويلاً
لقد ملَلتُ حياتيَ القديمةَ
يُغريني تبدُّلٌ جديدٌ
يقولُ لي ;
الإنسانُ يرى الوَجهَ
ولكنَّ القلبَ لا يفتَحُ نفسَهُ
إلا لله .
-23 -
لقد أصبحتُ أحبُّ الفضائلَ , وأكرَهُ المعاصيَ
بقلبٍ جديدٍ , سوفَ يولدُ عقليَ من جديدٍ
وكمثْلِ طفلٍ رضيعٍ
سأتغذى بالحليبِ من جديدٍ
حتى لا يظَلَّ قلبي أسيرَ الغرورِ .

- 24 -
ايُّها المصطفى ( الأسقُفُ - Koelns) ( * )
لا تعاقِب النّادمينَ
واسكبْ رحمَتكَ على من يرجو المَغفرةَ
ضعْ عِقاباً لهُ
ذلكَ الذي يعترفُ بذنبِهِ;
( و) سوفَ أتَقبَّلُ بالرّضى
كلَّ ما تأمرُ بهِ .
---------
( * ) : Koelnsتعني الأسقف - الإله ، وتتضمن اسم مدينة "كولن - Köln" الألمانية , ذات الكاتدرائية الشهيرة القديمة , ولم أجد شرحاً آخر لمخاطبة الشاعر الأسقفَ بهذا اللقب .

- 25 -
(حتى ) الأسدُ , ملكُ الحيواناتِ
يحمي رعيّتَهُ
ولا يفكِّرُ بِصبُّ غضَبَهُ على رعيَتهِ
فعندما ينتفي الرِّفقُ
سيكونُ ( الأمرُ ) مرَّاً تماماً.
=========
تُرجمت هذه الأشعار عن مجموعة " أرشيبوئيتِكا - Archipoetica ".

النص التالي هو لشاعر" المينه " الشهير فالتَر فون دير فوغِل فايْدِه – Walter von der Vogelweide "
حوالي ( 1168 – 1228 ) .
ورد النص على الصفحة 257 من الأصل ويحمل الرقم 211 / a :

الآن أبدأُ العيشَ بكرامةٍ
منذُ أنْ رأتْ عينيَ الخاطئةُ
البلدَ الجميلَ
والأرض أيضاً
التي تعطي للمرءِ الشَّرفَ .
الآنَ تحققَ ما كنتُ أصلّي لأجلهِ دوماً
لقد وصلتُ المكانَ
الذي سارَ فيهِ الإلهُ كإنسانٍ . ( * )
--------
( * ) يشير الشاعر هنا إلى رؤيته أرض فلسطين , إبان مشاركته في غزوات الفرنجة على بلادنا .




النشيد رقم 111
ترجم للمقطع الثاني من النشيد المكون من أربعة مقاطع - رقم الصفحة الأصل 169 .

لماذا أشكو بُعدي عنها
( تلك ) التي أكون , أنا الرجلَ
( القنَّ - Lehns ) , الخاضعَ لها
الذي تَعرضُ عنهُ
( والتي ) يثيرُ اسمها ( لديَّ ) الرّهبةَ
حتى أنّني لا يجوزُ لي
أنْ أُنعشَ نفسي
بأنْ أخاطبها باسمها ؟
لذلك - وهذا سبب عذابي -
تنظرُ إليَّ غالباً بنظراتٍ
لا ينظرها أحدٌ سواها .
=========

الترجمات التالية هي من الأناشيد المسمّاة
بـ" فينيليودوس– Wini Leodos " :
" أناشيد الشّراب "













- 1 -
قصيدة مينة - الشاعر :
ماربودْ فون رينيس - Marbod v. Rennes
هي نصائح شاعرٍ معلِّم إلى تلميذه , كما يُفهم من النص , وردت على الصفحة 257 وتحمل الرقم 214 .

إذا انتبهتَ إلى تعليماتي
فعليكَ أن تدعَ التصرفاتِ الصبيانية
عندما أكونُ في الريفِ أيامَ الحصادِ.

سوفَ أضعُ لكَ الحدودَ
التي يتطلبها عمرُكَ .
فإنْ تجاوزتَها فقدْ فعلتَ سيئاً
لمنْ أنذركَ ( : )
احتقرْ السريرَ في الصباحِ الباكرِ
وانهضْ منهُ
هَبِ الوقتَ للقراءةِ
حتى الساعةِ الرابعةِ على الأقلْ
في الخامسةِ كلْ واشربْ النبيذَ
ولكنْ باعتدالٍ
نمْ بعدَ الطعامِ قليلاً
أو الْهُ قليلاً
بعدَ نومكَ تعوّد التأملَ
لا تغتمَّ إنْ أودعتَ ما فكرتَ به
لوحَ الكتابةِ
( ولكنْ ) ما أودعتُهُ الشمعَ
آمَلُ أنْ أراهُ يوماً
اِبعثْ إليَّ بعضاً منهُ
ستتوصّلُ إلى أنْ أصدِّقََ
الجانبَ الآخرَ ( منكَ ).
بعدَ ذلكَ عدْ إلى القراءةِ
بعدَ القراءةِ عدْ إلى الطعامِ
بعد أنْ تكونَ قدْ تمتعتَ بالطعامِ
عليكَ بالراحةِ عندما تنذركَ الساعةُ .
إنْ تبقّى بعضُ الوقتِ لديكَ
فمنَ الجيدِ أنْ تلهو بعدَ العشاءِ
فليكنْ تقسيمُ وقتكَ كاملَ النهارِ
ضمنَ هذهِ الحدودِ .
=========

- 2 -
1 - كثيراً ما أشكو تَعسي وفقري
في نشيدِ ( أشكو حظَّ ) الرجالِ المتعلمينَ :
الغُشماءُ لا يفهمونَ هذا
لا يفهمون معاناةَ الشاعرِ
ولا يعطونَهُ شيئاً
وهذا معروفٌ تماماً .

2- أنا شاعرٌ أفقرُ منْ كلِّ الشعراءِ
لا أملكُ ,حرفيّاً , أيَّ شيءٍ
إلا ما ترونَهُ عليَّ
لهذا أنوحُ غالباً
فيما أنتم تضحكونَ
ولكن لا تحسبونَ أنَّ فقريَ
ناجمٌ عن ذنْبٍ مني .

3- لا يحقُّ لي أنْ أحفرَ ( أعملَ يدوياً )
فأنا طالِبٌ
يعودُ أصْلي إلى فرسانٍ
مجرَّبينَ في القتالِ
ولكن لأن تعَب ومعاناةِ الفرسانِ
أفزعتني فضّلتُ أن أتبعَ
( الشاعرَ ) " فيرجيل " (1 )
بدلاً من ( المحارِب ) " بارِس " . ( 2 )

4 - الشحاذةُ عارٌ , لا أريده .
اللصوصُ يملكون الكثير
ولكن ليس دون خداعٍ مزعجٍ
فماذا عليَّ إذنْ أن أفعلَ
إنْ لم أفلحَ الحقلَ
ولا أكونُ شحاذاً
ولا أرغبُ أن أكونَ لصاً ؟
--------------------------------
( 1 ) - فيرجيل :شاعر شهير ذو أصلٍ إغريقي ولد بتاريخ 15 / 10 / 70 وتوفي بتاريخ 21 /9 / 19 ق . م . وهو من أهم شعراء روما الأييقوريين .
( 2 ) - بارِس : يُسمى ألكسندروس أيضاً وهو الابن بريَموس ملك طروادة الأسطوري الذي قتلَ في حروب طروادة البطل آخيل وقُتل بسهم مسموم من قبل فيلو كتيتس .
- عن مجموعة " أرشيبوئيتِكا - Archipoetica ".

النص التالي هو من أناشيد الحب الصفحة 93 ويحمل الرقم 62 ,ويتكون من ثمانيةِ مقاطع , اخترتُ منها للترجمة المقاطع 5 - 8 .

5 - بعدَ إنجازِ عملِ فينوس الممتعِ
تصبحُ مادةُ الدِّماغِ متعبةً
لهذا تَجعلُ المشاعرُ الجديدةُ الرائعةُ
العينينِ , السابحتينِ في مركبِ الجفونِ , داكنةً
أهلاً بالمعبرِ الرائعِ بينَ الحبِّ والنَّومِ
ولكنْ أروعَ منهُ العودةُ إلى الحبِّ ( ثانيةً ) .

6 - من المعدةِ السعيدةِ الممتلئةِ
ينسابُ تيارٌ من الضَّبابِ
يخدِّرُ حجراتِ الدِّماغِ الثلاثِ ( * )
ويجعلُ العينينِ ضبابيتينِ
تدعوانِ إلى النَّومِ
ويملأ الجفنينِ بنسيمٍ ضبابيٍّ
حتى يمنعَ النظراتِ من أنْ تجولْ .
هكذا تكبِّلُ قوى الحياةِ العينينِ
اللتينِ يعرفُ المرءُ عنهما خدمتهما ( له ) .

7 - تحتَ الأوراقِ العذبةِ للشجرةِ
- عندما يغني طائرُ الليلِ شاكياً -
عذبٌ أنْ تستلقي ( هناكَ )
وأعذبُ منهُ أنْ تداعبَ برقةٍ في العشبِ
الفتاةَ الجميلةَ
عندما يفوحُ العبيرُ
من مختلفِ الأعشابِ الشافيةِ
عندما الوردةُ تصبحُ فراشاً
عندها يصبحُ تناولُ الطعامِ
- بعدَ إتمامِ عملِ فينوس المرهقِ -
عذباً
عندما يُقطَّرُ ( منْ يدها ) في( فم ) المتعبِ .

8 - آهٍ
كمْ مرةٍ يتأرجحُ مزاجُ العاشقينَ
إلى هنا وهناكَ
كالسفينةِ دونَ مرتكَزٍ على البحر
عندما لا يكونُ لها مرساةٌ
وعندما تصبحُ خدمةُ فينوس متأرجحةً
- مليئةً بالمجهولِ -
بين الخوفِ والأملِ .
----------------------------
(*) المثير جداً , بالنسبةِ إلي , في هذا الشطر , إشارةُ الشاعر الجوال - الذي ربما كانَ طبيباً - إلى حجراتِ الدماغِ الثلاثة ( !!! ) , وهي حقيقةٌ علميةٌ , لم تكن يومها , على حدِّ علمي , معروفةً في أواخرِ العصرِ الوسيط , بسبب منعِ التشريح للجسد البشري , الذي أصبح ممكناً بعدها بقرون عديدة .
المترجم د . شاكر مطلق
( طبيب العين )


من أناشيد الحب
ص 123 النص رقم 75 يتكون من أربعة مقاطع:

- 1 -
فلنهجر الدراسةَ ( الجامعية )
فمن العذبِ أن لا نكون عاقلين
لنتمتع بالأفراحِ العذبةِ
لشبابٍ خالٍ من الهمومِ
فهناكَ وقتٌ , في العمر المتقدّمِ ,
للاهتمام بالأمورِ الجدّيةِ.
.......................................
.......................................
الجوقة :
سريعاً يعبرُ العمرُ
أضعناهُ بالدراسةِ
الشبابُ غيرُ المكترثِ
ينصحنا بأنْ نكونَ مرحين .

- 2 -
ربيعُ عمرنا يمرُّ سريعاً
شتاؤنا يقتربُ سريعاً
الحياةُ يصيبها الضررُ
الهمومُ تفترسُ اللحمَ
الدَّمُ يتيبَّسُ , والصدرُ يغدو ضعيفاً
الأفراحُ تتراجعُ
وتقدُّمُ العمرِ يفزعنا
بعشيرةِ أمراضهِ .

الجوقة :
سريعاً يعبرُ العمرُ ...

- 3 -
فلنقلِّد الآلهةَ
إنها كلمةٌ موقّرةٌ
تدفعُ الشبابَ المرحَ
إلى نصبِ الشّباكِ
مثلَ آمور - Amor ( إلهُ الحبِّ ) .
سوف نخدمُ رغباتِنا
على طريقةِ الآلهةِ.
فلنذهب , لنهبط إلى الأماكنِ
حيث ترقص الفتياتُ الشاباتُ .
الجوقة :
سريعاً يعبرُ العمرُ ...

- 4 -
هناكَ يكونُ ويصبحُ سهلاً علينا
رؤيةَ الكثيرِ
هناكَ تلمعُ , في المفاصلِ المتحركةِ ,
اللذةُ الفرحةُ
عندما تتحركُ الفتياتُ بملامحَ
مليئةً بالشهوةِ
أقفُ وأنظرُ ( إليهنَّ )
وخلالَ مشاهدتي يخطفنَ مني
حتى ذاتي .
الجوقة :
سريعاً يَعبرُ العمرُ ...
=========

ملاحظة:
لقد اطلعتُ على ترجمة بعض النصوص من هذه الأناشيد ، المتعلقة بـ " فرتونا - Fortuna " – ربة الحظّ - في كتاب " الزمن ونسيج النّغم " من تأليف " ثرت عكاشة " ومن إصدارات دار المعارف – مصر ، لا توجد عليه سنة الإصدار ، وعندي بعض الملاحظات السريعة على الترجمة ، التي لا أدري عن أية لغة أُخِذتْ :
النصوص المترجَمة المتعلّقة بـ " فرتونا – Fortuna " – ربة الحظّ – تتحدث عن النص بحرية مفرطة ، فيما يتعلق بمحتوى النص ودلالاته ، وفي فهم العديد من الصياغات المعقدة الواردة في النص الأصل ، بدءاً من العنوان الذي منها ، من " فرتونا – Fortuna " – ربة الحظّ ، ( فورتونا مَليكة الدّنيا ) ؟ ، ليستمرّ ، بلغة إنشائيّة جميلة ، لا وجود لها في الأصل .
لا أريد ، من خلال هذه الإشارة العابرة ، أن أبخس وأقلل من قيمة أحدٍ ولا مما بذلوه ، في زمنهم ، من جهد وفضل على إطلاعنا ، بقدر ما استطاعوا أو ما توفر لهم من إمكانات ومراجع ، على آداب الشعوب الأخرى ، وإنما أريد أن أنبّه الدارسَ والباحث إلي ضرورة الحذر واعتماد أكثر من ترجمة للمقارنة ، إن وجدت وأمكن لهم ذلك .
المترجم
د. شاكر مطلق


حمص –سورية 10 - 2009
E-Mail:mutlak@scs-net.org