الأنسان ليس هو الكائن الوحيد الذي يعاني في هذه الأيام.
أدهشني هذا الأكتشاف حينما أسترقت السمع خلسة إلى حوار بين شيطانين.
أبو اللهب:
أه يا أبى الحطب..العيشة في هذه الأيام صارت صعبة وضنكة,العمل قل والرزق قل وأنقطع الخير وذهبت البركة.
أبو الحطب:
لا تشكي حتى لا أبكي.
صار لي أسبوعين لم أعثر فيهما على زبون,وأختك كبريته على وشك الولادة وليس في جيبي ثمن دهون.
أبو اللهب:
لم نعد نجد العظمة اليابسة وغيرنا متخوم من أكل الكباب والكبب,ياترى ما هي القصة!؟.أمعقول ونحن الشياطين لم نعرف السبب.
أبو الحطب:
هه..كفاك قولت شياطين.سمعتنا صارت مبهدلة.
كشفوا سرنا أهل الطين.. ولاقوها شغلة سهلة.
أبو اللهب:
أي نعم ..إنهم أولاد أدم.تعلموا كارنا فخربوا ديارنا.
أبو الحطب:
كنت أقبض من صاحب (الكباريه)عن كل زبون أجلبه دينار,لكنه أستغنى عن خدماتي لأن الكباريه يصبح كامل العدد من أول النهار.
أبو اللهب:
وأنا أيضاً لم يعد لي خبزاً على طرقات الكنائس والجوامع,فهي مقفرة مهجورة لا تجد فيها الدومري.
وإن صادف أن مر فيها أحد,فهو من الذين لا يثنيهم عن عزمهم ولا ألف شيطان عبقري.
أبو الحطب:
مرة صغرت عقلي وذهبت إلى مسؤول حتى أوسوس له بما تجود به القريحة.
لكنه لم يستقبلني ونقعني ساعتين عند سكرتيرته القبيحة.
وفي هذه الساعتين يا صاحبي رأيت العجب,ما تشيب له الرؤوس وما يحل الركب!!.
وأكتشفت بأني لا أفقه شيئاً في أمور الشر,وأسرعت هارباً خوفاً من أن يمسني الضر.
أبو اللهب:
وأنا مرة ذهبت إلى أمرأة لأقنعها بأن تقصير الثياب هو من الأناقة والذوق.
لكنها أغوتني ولعبت في عقلي وقطعت ذنبي ولبسته في عنقها طوق.
أبو الحطب:
كله كوم وذهابي للقصاب كوم.
من غبائي وسوست له أن يغش في اللحمة,فأمسكني وذبحني وسلخ جلدي وعلقني إلى جانب قطع اللحمة.
أبو اللهب:
والله لو لم نكن بسبعين روح..لنقرضنا من زمان.
أبو الحطب:
يا أخي الوسوسة أصبحت موضة قديمة,وأساليبنا صار يلزمها مزبلة.
أهل الطين أخترعوا الغواية الألكترونية,وضحكوا علينا وجعلونا مهزلة.
أبو اللهب:
يا ليت الأمر يا صاحبي توقف عند هذا الحد,فقد زالت سيطرتنا وضاعت هيبتنا ولم يعد يخافنا أحد.
أبو الحطب:
قولك أهل الطين غلبونا!؟.
أبو اللهب:
والله لا أدري..ما قولك انت .
أبو الحطب:
صه..هل تسمع صوت؟.
أبو اللهب:
هذا صوت أدمي
أبو الحطب:
أسرع.أسرع يا أبو اللهب واهرب قبل أن يمسنا هذا الأدمي بشر مستطير.
فتصبح أخرتنا بدلاًمن وادي سقر في وادي الزمهرير.