بساطير عرفات.. عبد ربه نموذجاً

عادل ابوهاشم

بعد استقرار الرئيس ياسر عرفات في الأراضي الفلسطينية عام 1994 م ــ حسب اتفاق أوسلو ــ سأله أحد زواره : لماذاجلبت معك هذا الكم من الوجوه العفنة التي لفظها الشعب .؟!

فأجابه عرفات : إنني داخل إلى مستنقعات و مجارٍ وهي تحتاج إلى بساطير لأستطيع المرور خلالها ، و هؤلاء هم البساطير التي سأدخل بها هذه المجاري القذرة و المستنقعات.!!

واغتيل عرفات وذهب إلى جوار ربه ، وبقيت بساطيرة تعيث فساداً في الأرض و الشعب الفلسطيني . !

في هذا المقال توصيف بسيط لأحد بساطير عرفات و هو المدعو ياسر عبد ربه.

هناك فرق شاسع بين أن تعارض وأن تخون..!!

أن تعارض نظامـًا وأن تخون وطنـًا يشبه الفرق بين السماء والأرض.!

وللأسف فإن الجهل أدى بهؤلاء المعارضين الخونة أن يصبحوا خونة معارضين.!

والمسيرة الفلسطينية مليئة بالخونة المعارضين الذين اصطفوا مع العدو الصهيوني، بل فاقوا الإسرائيليين في هجومهم على حركة المقاومة الإسلامية "حماس" منذ أن لفظهم الشعب الفلسطيني في يناير من العام 2006 م ، وازدادوا خيانه وخسة ونذالة و حقارة ، واكثر التصاقا بالعدو بعد حملة التطهير ضد التيار الانقلابي الخياني الدموي في حركة فتح بقطاع غزة في يونيو 2007 م .!

لم يعرف التاريخ الفلسطيني المعاصر شخصـًا أكثر انتهازية من المدعو ياسر عبد ربه..!!

ولم يعرف الشعب الفلسطيني شخصـًا أساء لقضيته ومقدساته وثوابته وشهدائه و جرحاه و أسراه - مع سبق الإصرار والترصد- كما أساء هذا العبد ربه..!!

ولم تعرف القضية الفلسطينية شخصـًا تاجر بدماء شهدائها وجرحاها وعذابات أسراها ومعتقليها وآلام لاجئيها ومشرديها كما تاجر بها عبد ربه..!!

ولا يشعر الفلسطيني في كل مكان بكم هائل من الخجل و التقزز والقرف الا عندما يشاهد هذا المأفون..!!

ولم "تحرث" حركة فتح على شخص كما حرثت على هذا الشخص الذي يطلق عليه البعض "ثور الله في برسيم فتح"..!!

فهذا "العبد عبده " يذكرنا بالوزير العلقمي الذي سلم بغداد للتتار المغول والجماعات الباطنية وفرق الحشاشين ،ووجهه وحديثه التعيس يذكرنا بروابط القرى العميلة..!!

فالممارسات والمواقف والتصريحات المشبوهة لهذا الرجل تثير العديد من علامات الاستفهام حول دوره في تشويه مسيرة الشعب الفلسطيني، وكيف أصبح هذا "الرفيق" رمزًا من رموز التواطؤ مع العدو الإسرائيلي، وأحد أزلام التنازلات للدولة العبرية ممن نصبوا أنفسهم- زورًا وبهتانـًا- بالتحدث باسم الشعب الفلسطيني، وأحد "فئران السفينة" التي تجمعت لإغراق السفينة الفلسطينية من الداخل..!!

لقد أصر هذا العبد ربه مع مجموعته من "عوانس فتح" إصرارًا عجيبـًا على أن خيارهم الاستراتيجي هو خيار السلام، ليظهروا للعالم بأنهم دواجن سلام أمام ذئاب إسرائيلية اغتصبت الإنسان والأرض وانتهكت الأعراض ودنست المقدسات الفلسطينية.!

فمنذ أن كان عبد ربه قياديـًا في الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين استخدمه ياسر عرفات لطرح برنامج السلطة الوطنية والنقاط العشرة عام 1974م، وهو العام الذي عرف بعام التنازلات الفلسطينية، إذ أقر عمليـًا التـنازل عن 78% من فلسطين لليهود.!

وقد تجلت انتهازية هذا الرجل بعد انشقاقه عن الجبهة الديموقراطية وتأسيسه حزب " فدا " كأول حزب علني فلسطيني في ظل الاحتلال الإسرائيلي- الذي لا يتجاوز عدد عناصره أصابع اليد الواحدة- ليضمن لنفسه منصبـًا وزاريـًا في جميع الحكومات المتعاقبة في السلطة.!

ووجد له ياسر عرفات مسوِّغاً للبقاء في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بصفته زعيم حزب “فدا”، ولكن بعد طرد “عبد ربه” من “فدا”، بقي مستمرا في عضوية هذه اللجنة، دون أيِّ مسوغ، ومن منصبه هذا يعطي نفسه الحق في الإدلاء بدلوه فيما يجري على الساحة الفلسطينية، رغم فقدانه لأية صفة تمثيلية .!

و تقرب عبد ربه من عرفات الذي يعتقد أنه استخدمه كبالون اختبار في مبادرات معينة، مثل ما عرف بـ وثيقة جنيف”، التي طرحها في نهاية عام 2003 م، وكشف فيها عن جوانب أخرى من نهجه السياسي، وأعلن فيه بوضوح تفريطه بحق العودة.

و"وثيقة جنيف" صاغها يوسي بيلين ووقع عليها عبد ربه حيث تم التنازل فيها عن حق العودة للاجئين مقابل نصف مليون دولار وضعت في حسابه الشخصي ، فضلا عن تنازلات أخرى كثيرة فيما يتعلق بالقدس وغير ذلك..!!

ورغم الموقف الشعبي الغاضب من عبد ربه، إلا أن عرفات بقي متمسكا به، وبعد اغتيال عرفات، وجد عبد ربه، مكانا له في كتلة “الطريق الثالث”، ولكن هذه الكتلة لم تجرؤ على ترشيحه ضمن قائمتها في الانتخابات التشريعية الأخيرة التي فازت بها حركة " حماس " ، خشية منها بأن يضرَّ ترشيحه مكانتها الضعيفة أصلا وسط الجماهير.

وعمل عبد ربه لصالح هذه الكتلة في الظل، وجنّد بعض رفاقه القدامى في “فدا” للعمل لصالح الكتلة، التي تميزت بصرفها المالي الكبير خلال الحملة الانتخابية.

( نجح عن كتلة الطريق الثالث سلام فياض و حنان عشراوي .!!! )

ورغم نتيجة الانتخابات التشريعية التي أظهرت فوزا ساحقا لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” ونهجها، إلا أن عبد ربه لم يتوار عن الأنظار أو يستقيل، وإنما استمر في إطلاق مواقف معادية ليس فقط ضد “حماس”، ولكن أيضاً ضد الإرادة الشعبية الفلسطينية.

انضم عبد ربه بعد ذلك إلى فئة صغيرة في حركة فتح من المنتفعين، والانتهازيين، والمتسلقين، والوصوليين، الذين فضلوا المتاجرة بدماء شعبهم وقضيته الوطنية إلى الهجوم على الحركة وتشويه تاريخها الجهادي.

وبعد تطهير قطاع غزة من التيار الخياني في حركة فتح ،اصيب عبد ربه وبعض اصدقائه من " بساطير عرفات " و من احفاد روابط القرى، وعمارة العار الشهيرة برام الله،والطحالب التي هربت من غزة حتى قبل حملة التطهير والاختباء في المنطقة الخضراء في رام الله بلوثة من الجنون افقدتهم عقولهم ، وجعلتهم بكل نذالة وخسة يطالبون صديقهم القديم الجديد ايهودا باراك باحتلال قطاع غزة والقضاء على المقاومة فيه.!

إنهم جمع غريب وخليط عجيب، التقوا في خط واحد دون اجتماع منسق ومهيأ له، ومشوا في تظاهرة ليس لها قائد علني ولا برنامج سياسي، لا يجمع بينهم إلا شعار الإدارة الأمريكية والعدو الإسرائيلي بوجوب إفشال حركة حماس في قيادة الشعب الفلسطيني.!

وبعد فشل العدوان الصهيوني الأخير على قطاع غزة ، والصمود الأسطوري لفصائل المقاومة الإسلامية والوطنية والشعب الفلسطيني بكل شرائحه لهذا العدوان ، مما جعل العدو يوقف إطلاق النار من طرف واحد ، كشفت مصادر فلسطينية عن أن ياسر عبد ربه انتقد وقف الاحتلال عدوانه على غزة "دون أن يحقق أهدافه"، واعتبر ذلك "خطأً كبيراً"!.

وقال عبد ربه "إن وقف الحرب بهذه الطريقة هو خطأ كبير، والحقيقة أن بقاء "حماس" في السلطة حتى الآن هو أمر سيء لنا جميعاً".

ويطرح التساؤل التالي نفسه:

لمصلحة مَنْ هذه الهجمة الشرسة من عبد ربه وبعض المتنفذين في المنطقة الخضراء برام الله، والأصوات المشبوهة الصادرة من بعض النخب السياسية والثقافية الفلسطينية والعربية ضد حركة حماس..؟!

ولمصلحة مَنْ سعي بعض مسؤولي السلطة الفلسطينية القابعين في المقاطعة برام الله بتحريض العالم على شعبهم تارة بسحب تقرير غولدستون ، و تارة أخرى بالتواطؤ مع العدو الأسرائيلي وبعض الأنظمة العربية على حصار قطاع غزة.؟!

لقد وصلت الوقاحة ببعضهم طوال الايام الماضية الى اتهام حركة حماس وفصائل المقاومة المجاهدة باتهامات لم تصدر عن أعتى عتاة الليكوديين في إسرائيل، ولا عن رمز من رموز المحافظين الجدد في أمريكا الذين يملأهم الحقد على الفلسطينيين.!

قد يقول قائل بأن حالة من الغباء المركب قد أصابت "عبد ربه" والزمرة الفاسدة في حركة فتح بعد التفاف الشعب حول حركة حماس رغم الحصار و التجويع الذي وصل إلى حد الموت ، وأن هذا الغباء وصل إلى حد الخيانة الوطنية في التناغم مع العدو الإسرائيلي والإدارة الأمريكية في الهجوم والتحريض على الشعب الفلسطيني.

ولكن قديمـًا قالت العرب "حينما يتعلق الأمر بمصير الأوطان.. فإن الغباء والخيانة يتساويان".

إن الهجمة الشرسة على الشعب الفلسطيني و حركة حماس هذه الأيام تعيد إلى الأذهان المحاولات العديدة التي مارستها بعض القوى في السابق لتصوير المقاومة والحركة على غير حقيقتهما، وهي نفس النغمة التي رددتها "جوقة" من بعض النخب السياسية والثقافية الفلسطينية والعربية الذين عميت قلوبهم وفسدت ضمائرهم في تشويه صمود المقاومة و الشعب، والتسابق على تشويه وتسفيه تاريخ جهاد ونضال الشعب الفلسطيني، والمطالبة بتجريد الفلسطينيين من السلاح الوحيد الذي تبقى لهم، وغضوا الطرف عن حرب الإبادة والتطهير العرقي والفصل العنصري وكل الجرائم اليومية البشعة التي يرتكبها العدو الإسرائيلي ضد أبناء شعبهم!

إنهم نفس الجوقة الذين هبطوا علينا فجأة من السماء في براشوت أمريكي يحمل العلم الإسرائيلي بعد خطاب الرئيس الأمريكي جورج بوش في 24/6/2002م والذي طرح فيه خريطة الطريق، وطالب فيه باستبدال الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ، فجاءت هذه الزمرة وخاصة من أولئك الذين ساهموا معه في عملية التفاوض (العلني منها والسري في مراحل التفاوض وأشكاله المختلفة) من أجل عزله سياسيـًا، وبالتالي إسقاطه من قيادة الشعب الفلسطيني.!

إنهم نفس الزمرة الذين أطلقوا على أنفسهم "المعارضون الجدد"..!!

فقد عاش هؤلاء بفضل عرفات، وضربوا بسيفه، واستفادوا منه إن لم نقل إنهم استغلوا انتماءهم إليه، وأطاعوا أوامره في تحقيق أهدافهم المعيشية، وكانوا أصحاب حظوة عنده، وعندما جاءت أوامر الإدارة الأمريكية بوجوب استبدال القيادة الفلسطينية، أصبح عرفات هو المستبد والمتسلط الذي يأخذ القرار لوحده.! وبالتالي يجب قتله بدس السم له.! وكان لهم ما ارادوا ..!!

إنه مرض أكبر من مؤامرة..!!

إنها عقدة نقص أكبر منها مسايرة لمناخ يرى العلاقة مع العدو طبيعية والعلاقة مع الأخ مسألة فيها نظر..!!

لقد علمنا التاريخ أنه لا يتآمر.. ولكنه يسجل المؤامرات..!!