من روائع الشعر العالمي
ديوان العشق والإدراك
للشاعر معين حاطوم

بقلم الناقد : بيان غضبان


[RIGHT]يتميز شعره ببساطة أخاذة لأنها مستمدة من بساطة الريف الذي نشأ وعاش فيه ولو لا الأسماء الدالة على موطنه أو قريته , لما رأينا فيه سوى إنسان ينتمي إلى كل أرض , ويتحدث بكل لسان , فهو في أشعاره , يصف حقوله وجباله , ويتأمل في روائع الكون من حوله شمسه ,قمره ليله, ويناجي بالحب , الكائنات جميعاً من زرع وأزهار , وفراش وسحالي وغزلان , يؤنس الجماد فيستأنس ثم يثور على انحطاط القيم والأخلاق ويروي قصة الكادحين وكفاحهم مع الأرض , وقصة من حاد عن السبيل السوي منهم ونحن في كل سطر من سطور شعره نشم رائحة الأرض والزرع, كذلك نجد في الشخصيات التي يعرضها في الكتاب نماذج تزخر بالحياة حتى بعد أن تكون من المفروض قد انتهت , وتتجمع فيها خصائص النفس البشرية من خير وشر ,ووفاء وغدر,وقوة وضعف. ويمكن القول أن شعره يجمل مشاغل الفلاح التي تشغل باله , وكأنما هو يلخصها في أمرين جليلين :المولد والممات , مولد الأنعام ومولد الزرع , ثم موت كل من هؤلاء .
ونحن نلمس من شعر "معين حاطوم" أنه يرى دائما أن الأرض هي مرتع الحياة ومثوى الموت معاً , يتأرجح بين الخير والشر, بين اليأس وبين الأمل , بين السخط مبين الرضى , وهذه المشاعر كلها تنبثق من طبيعة الحياة في الريف , فالرجال والنساء يكدحون معاً ,والنساء تلد الأطفال فيشبون ويكبرون ويصبحون بدورهم رجالاً ونساء.ويموت الآباء ,وتموت الأمهات , ويبدأ أطفال الأمس ورجال اليوم يكدحون ويشقون على ظهر هذه الأرض التي يتعهدونها بالحرث والزرع , حتى يحين الأجل فيرقدون إلى جوار الآباء والأجداد . وفي كل هذا يمر من يعيشون بأحداث من ثووا تحت التراب , مصبحين وحين يمسون , فيتذكرون أيامهم , وشقائهم وكدحهم, وقد يقف بعضهم إلى جوار قبورهم فيناجيهم ويتحدث إليهم , ويقارن بين الماضي والحاضر تارة متهماً وتارة متمرداً والقبور هاهنا هي قبور القيم والاخلاق والجمال هذه المقارنه تسير في جميع قصائده "محطاته" وأن لم يعلنها صراحة . وأنا لنلمس في هذا كله أن فكرة النهاية, القيامه , الجحيم كلها ترمز في اللاوعي إلى الموت, وهذه الفكرة تقلق الشاعر أيما قلق , وتلح على مشاعره ووجدانه , فنراه يطيل التفكير في البداية والنهاية الغيب , الشوق , الوحدة , التأمل والتساؤلات ,فالناس يولدون ,ثم يبلغون أشدهم ,ومنهم من يتوفى فيثوى الجمال أو الماضي الجميل تحت التراب حتى يصير تراباً ومنهم من يرد إلى أرذل العمر فيرقد طفلاً لا حول ولا قوة, ويتحول الشباب إلى شيخوخة , والقوى إلى وهن , والجمال إلى قبح, حتى تأتي النهاية المحتومة للكائنات جميعاً...
اذاً فالشاعر لا يفتأ يشير على النهاية باسمها , وتارة يسميها القيامة, ركود , جمود , ضياع,ولا يفتأ يشير الريح والروح ,والنفس والعقل والتراب الذي يحفر فيه عن ماذا؟(سنقوم بالشرح الوافي عن هذا لاحقاً),هذا التراب الذي ينتقل اليه الإنسان ثم لا يلبث أن يصبح جزءاً منه, ولذلك نجد أن الشاعر حتى في لحظات سخطه أو حين يخيل الينا أن أحداً يؤذيه أو يسيء إليه ,لا يهجوه , ولا يذكره بأن الدهر قلب على الرغم من أنك قد تستشعر ذلك بين وخلف السطور هذا المعنى , ولا يقول أن الحياة يوم لك ويوم عليك , وأنه أن كان اليوم صاحب سطوة , ويتحدث من موقف قوة, فأنه غداً سيصبح مهيض الجناح ذليلاً.
أن الشاعر لا يذكره بأي من هذا , وإنما يذكره بشيء واحد هو هذا الزمن المتقلب الغادر وكأن الشاعر يهمس بأذننا : هذا هو العقاب الذي ينزل بالإنسان الاإنسان بألاوعي فينقله من ظهر الأرض إلى بطنها , إلى "الليل" حيث يسود الظلام , وأهله وعشيرته وأحباؤه يتخبطون , يسيرون فوق الأرض يمرحون ويتضاحكون ويتسامرون, لا يخففون الوطء وهم يعلمون أن أديم الأرض ما هو إلا من وجودهم , ولكنهم نسوا ذلك أو كادوا, والشاعر يصرخ ولكن بهمس ويتأمل ويقارن بين الماضي والحاضر يرمز تارة أخرى يضع أصبعه على الجرح الدامي , ذلك الجرح الذي لا يراه أحداً , جرح الوحدة , الضياع والشاعر يقف يشاهد ما يدور حوله كمشاهد لعمليه تمرير سينمائيه, لا يتدخل في العبه إلا أنه يعود ليدخل في سرداب نفسه ليخرج كل ما ادخره , ويقذف بحممها خارجاً , ثم تهدأ العاصفة ويعود إلى نرفانته من جديد.
الشاعر معين حاطوم بديوانه "العشق الإدراك" فاق لو قارناه في التعبير وجزالة الألفاظ وعمق المعنى والتلميحات الديوان الرابع "عند الحدود الأخيرة" الذي صدر عام 1950 للشاعر اليوناني ميناس ذيماكس وقد اجمع النقاد على أن ميناس ذيماكس من أفضل الشعراء اليونانيين المعاصرين , ومن أكثرهم جرأه. ولكني وجدت في كتاب "العشق والإدراك " جرأة تفوق جرأة ميناس في كثير من كتبه ابتداء من ديوان "الدرب المظلم"
اثينا 1956) ثم "الرحله"و"المغامرة" (اثينا 1966 ) فمعين يكتب قصائده,وهو ينظر –كما فعل كازندزاكي الكريتي الأكبر – إلى هوة العدم مفتح العينين. ولكن معين لا يستطيع أن يقنع نفسه بأن هذه الهوة هي خاتمه المطاف, ولهذا يضع الماضي مثالاً ونموذجاً للحاضر (ديترمينيزم), ويسعى بديوان "العشق والإدراك" , الشعري إلى العثور على دنيا جديدة خالصه من أدران الدنيا القديمه الحافله بالهلع والمخضبه بدم الفقدان والحرمان وتسودها الانفراديه الذاتية وأن لم يقلها الشاعر صراحة أقول أن معين ينتمي إلى فئة من الشعراء ما بعد الحرب العالمية, امثال سولومس وكافافيس وباباذيامانديس لاباثيوتيس وأورانيس واغراس وبانايوتو بولوس واليكسيو وميخائيل ستاسينو بولوس. وجميعهم تأثروا من الفلسفة اليونانية كذلك شاعرنا معين حاطوم في ديوانه "العشق والإدراك" . وقد اثبت معين في ديوانه هذا وغزارة عطائه شموخ قامته في دنيا الشعر, وقدرته على أن يرقى بفن بلادةشعبه إلى المستوى العالمي. ليس عطاء معين حاطوم الشعري سوى بحث الذات عن جوهر الوجود والحقيقة.
ويشبه هذا البحث رحلة مغامرات عبر طبيعة ضارة موحشة رحلة تخالها تبدأ بالضياء والحب والفرحة والمتع اليومية العابرة, ثم تمضى قدماً إلى ظلام عزلة تفوق الاحتمال , وتجعل طعم الحياة مثل العلقم.
يقول ص 4
لأنَّ الشّمْسَ مَا كَانتْ
وَمَا رأتها أحداق الليْل الرانية
تَسْتَحِم عَاريَة
في ترَعٍ السّجيّة.
مغْتَسِلةَ بِوَهَج القْلب الوامِضِ
إذن فَالشَمسَ عند اَلشاعر لم تعد مصدر الضياء وذلك "لأن الشمس ما كانت "لكن الضياء كان موجوداً أين؟
"بِوَهَجِ القلْبِ الوامِضِ"
الشمس لم تعد جماداً, فهي تغتسل وترقص على إيقاع القلب النابض .عملية تأسيس للشمس حتى من الناحية العقلية فهي تفهم معنى الإيقاع ثم بعد ذلك تطل الروح برهة إلى عالم الشمس تستنشق نسمة مديدة كي تواصل من جديد غوصها , بحثها عن الجوهر والحقيقة.
كان اهتمام معين شديداً بالطبيعة . فأغلب قصائده تدور في أطار من طبيعة تضمر الضعن والشر وأن أكتست بمظهر السكون والدعة . ويلتقي الشاعر معين في وصف الطبيعة مع شاعر اليونان الكبير جورج سيفيرس التي تنطبع قصائده على خلفية من طبيعة اليونان الجبلية البحرية , على أن سيفيرس يعمد إلى وصف الطبيعة لذاتها أكثر مما يفعل معين. ولهذا فأن طبيعة سيفيرس أكثر بعثاً على الاضطراب والبلبلة في قلب القارىء من الطبيعة عند معين.
ولعل ذلك مرده أيضاً إلى أن المنظر الطبيعي في قصائد معين يتسم بشحنة خياليه أكبر ويكاد يكون من صنع أفكارة أكثر من طبيعة واقعيه.
وأن كان المنظر الخيالي أيضاً ليس منقطع الصلة بالواقع فما من عقبة تمنع من أن يتلاقى المنظر الخيالي بمثيل له على نحو أو أخر في الواقع . ولنأخذ مثلاً على ذلك وصف الطبيعة في قصيدة "ظلمة ميتة النبض" دمج فيها مذهبين مختلفين الواقعية والسرياليه , دمجاً لا يستطيع الفَصل بينهما . يقول في هذه القصيدة (ص-5)
لأن الشمسَ ما كانتْ.
ولأنني اغنية
تأرز الكرمل خاصرتها الراقصة ,
رفرفت:
فراش رَبيْع
يرتحق من اثداء الزهور
جمالاً ونشوةً
وتهت وحيداً في أدغال العْمرِ
اتأبط حكمتي
مرسِّناً رقابَ الأحلامِ بحبل الرجاء ِ
أجرها خلفي عنوة
كبعير يتمنع سيراً
في زمن انقرضت به الأحلام .
لو قارنا شعر معين في هذه القصيدة, وقصيدة مشابها للشاعر جيسي ستيوارت يصف طبيعة كنتاكي , لظهر الأخر قزماً أمام شاعرنا معين حاطوم وذلك كما ذكرنا لدمجه الواقعية بالسرياليه دمجاً لا يمكن الفصل بينهما ولا يجرؤ احد قول العكس .
انظر لهذه الممازجة بين التيارين والبلاغة التي لم يسبقه اليها احد :
رفرفتٌ
فراش رَبيْع
يرتحق من اًثداء الزهور
جمالاً ونشوةً.
لم يقل رضعت بل "ارتحق" رحيق الزهور جاعلاً اكمام الزهور اثداء "أن من البيان لسحراً".
نرى المنظر الطبيعي في القصيدة ليس منظراً واقعيا ًتماماً .المنظر الطبيعي رؤية داخلية, أستخدم الشاعر فيها مفردات العالم الخارجي , ولكنه استحدث مصطلحات في غير مواضعها الموضوعيةِ جاعلاً من الصورة والاستعارات التي ادخلها صورة لم تخلف فصورة تلك تذكرنا مناظرة الطبيعية بمناظر المصور السريالي التعبيري ماكس ارنست على الأخص الا أن معين لا يصور بالخطوط والالوان بل بالكلمات فتنطبع هذه الكلمات في العقل صوراً ملونه ليست من هذا الكون ولا يستطيع ماكس ارنست الوصول اليها فهو يصور سريالي أما معين فقد دمج السريالي التعبيري بالواقعي, فصبغ شعره بالألوان الزاهية تارة أخرى , فإذا كان الشاعر اليوناني ذيماكس قد انحسر عنه القناع وتحدد , فالطبيعة عند الشاعر معين حاطوم موحيه, لقد عرف معين شعر التوت لكنه لم يتوقف عنده , بل عنى أن يتعداه وأن يتعدى سيفيريس.
ويبدأ معين رحلته الشعرية بالتغنى بفرحة الحب . وتتصف قصائد ديوانه بجو من المتعة الجياشه, يجعلها تتميز عن قصائد الحب العادية. فعند معين الروح مرتبطة بالجسد.
وكل نبضة من نبضات الجسد تعبر عن ارتعاشة من ارتعاشات الروح ,فلا تدري أذا كان يصف عذاب الجسد ام عذاب الروح.لقد تعدى الواقع الجسدي . وفي غمرة وصفه لتهويمات الحب يذوب القلب ويطير خفيفاً مثل ريشة في مهب الريح. معين حاطوم أول شاعر اقولها ولا حرج واتحدى بها نقاد العالم أقول أول شاعر يحول الأجساد في شعره إلى كينونات اثيريه تنفذ منها الضياء . اجل هذا ما تلتقطه عين الباحث الناقد المنقب تحت ركامات القصائد الغزليه. لقد انعتق من الشعر الغزلي المجرد إلى الغزلي الرمز ,الغزلي الجسدي الروحي , إلى الغزل الطاهر الملائكي حيث كان له جناحان ويحلق في فضاءه الأخضر , يحلق في ربيعه , في أمله,في ماضيه. ص17 وقصيدة: "غفوةً على أهداب النغمِ الرَّاعد "
يقول الشاعر:
في الأمس
كان جناحاي
كلما رَفّا
في فضائيَّ الأخْضَر
يشدو الهواء متعةً
(الهواء تحت خبطات جناحيه لا يصفر بل يشدو بمتعة لقد ترك الرقم الموسيقي لخفقات جناحيه أما الهواء فأصبح مطيع لا مطاع
, من اللحظة الأولى أدركت قصد الشاعر وما يرمي إليه , هو يمتطي الهواء , في أجواء قاسيه هو فارس الحرية, جسدياً وروحاً.
فتشت إذا كان هناك شاعر وصل إلى هذه المرحلة التعبيرية فلم أجد ولقد قرأت كثيراً لمجرد المقارنة.فالشعر عند معين تعدى الأجساد العارية, مثلما يتجعد سطح البحر ويرتجف من جراء نسمة هواء .
فليس الحب عند معين مجرد تلاقي أجساد , بل هو حديث روح تبغي الانسجام .هذه الهمسة , هذه الهبة , هذا السر , لم يمنح إلا لقلة . ولهذا فأن الكثيرين لا يدركون السحر الخفي لذلك العالم الذي لا يفتح أبوابه إلا للذين من صنعوه.
يقول في نفس القصيدة :
يشدو الهواء متعة
من عناق ريشهما الريان
لخوافق النسيم المبترد
بدفء القلب
وأمل الحلم المتسلق
روابي الغد الضاحك
غفوت على أهداب النغم الراعد راقصاً
وسبحت...
أنظر العجب في هذه الأبيات المتناقضة والتي لا يمكن أن تلتقي إلا بحكمة وقدرة بمثابة (يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم) وهنا جاء بما يشبه , فالنسيم يتبرد بدفء القلب. ثم جعل الأرواح سواد الليل, ويحتاج الشاعر إلى عاطفة كبيرة, إلى معنى مستحوذ, كي ينتشل من ظلام ليله يقول:
وَسَبَحت
على انسيابه متماوجاً
كأذيال ملاءة شفاقة (بداية ضياع البراءة)
تتطاير عن ساقيِّ عذراء فتيَّة(تضيع البراءة)
من نسيم الكرمل الولهانِ
بشفق يرتشف منه الأفق (ماذا يرتشف؟)
خمرة الليل (الليل الذي يختمر بأنفاس عطرية وبخمر الغير في آن واحد,والمعنى هنا واسع جداً لا يستطيع الغوص فيه القراء , لذلك امتنع للتصدي لهذا المعنى لأن أحد لن يفهمني إلا إنني أشير إلى الاتجاه الصوفي الذي برز هنا وهو أن:
"صار المنظور هو الناظر , والمكشوف هو الكاشف وبطلت الواسعة بين الطالب والمطلوب فالخمر يسكر الليل والليل يسكرني فأنا سكران والليل سكران والخمر أصبح واسعة لدمج الاثنين حتى ذاب الخمر في كلينا وانعدمت الرؤية.
وخمرة الليل تأتي لا بمفهومها المسكر والمنكر بل بمفهومها الوجدي والذوبان فيه فيا للعجب بما اتا به الشاعر...
وهكذا تتغير أجواء شعر معين ويتحول إلى صرخة يأس .
صرخة الإنسان الذي تبعد الشقة بينه وبين بدايته الأولى.
ولكن إحساسه الحاد بالعزلة , وبأنه مهدد بالضياع , إلا يقوده ذلك إلى البحث عن الله؟ أجل (ولتنعم بِرَخاءِ الصحوَةِ ص35).
نرى بذلك الشاعر الذي أصبح متعطشاً لا إلى نبع الحب , كما في مرحلة معين الأولى , بل إلى الخلود , إلى الديمومة في حيز الزمن.
وقد صار هذا العطش لهفة حقيقية .أن الشاعر الذي استوقفه شعراء في محطات حياته أمثال سان جون بيرس بعد أن مر بأدجار الان بو , وبودلير ومالارميه,وتعرض لسارتر والمفهوم المطلق لارسطوون أن يشعر بهذا التأثر وانتهى بلوتريامون, وكذلك عرف شعر اليوت لكنه لم يتوقف عنده بل عن أن يتعداهم جميعاً , مبتكراً ومستحدثاً
مصطلحات تجعل جميع هؤلاء يلهشون خلفه, ولا يستطيعون الوصول إليه , أقول أن الشاعر الان قد أصابه سهم ألتفوق إلى "المطلق".
أصبح الوجود جرحاً عميقاً , وما من حب قادر أن يشفى بل ولا يريد معين لهذا الحب أن يشفى. ولكن إلى أين يمضي معين شعر معين بعد قصائد الحب الأولى؟إلى التعبير عن المعاناة الضارية والمفزعة في قلب الإنسان . وهكذا نكون قد ابتعدنا كثيراً عن أجواء الباكرة. لم يعد البال خلياً , والفكر أصبح بمفهوم الوجود منشغلاً . ذهبت راحة البال وولت . أعلنت الرحلة بعيداً وخاضى المركب بحاراً مدلهمة. "تعدى الواقع الجسدي"
وفي أعماق معين كما يبدو من شعرة , احساسان حادان ومتناقضان كما اسلفنا في بداية الحديث باسهاب , والذي أريد أظهارة أكثر هو أن في اعماقه ايمان "بوجود أول" قديم ولكن هناك أيضاً حاجة ملحة إلى عدم الأذعان لذلك الوجود الأول , فيبدو معين كأنه هارب من تلك الحقيقة الأولى , فالت منها دوماً.
ومن هذه الزاوية , فأن شعره يعبر عن معاناة شرسة وممضة يجسمها خيال فعال . والمحور الذي تدور حوله هذه الماناة هو "الموت الجسدي","الموت البيولوجي", ونظرة معين إلى البداية الأولى يملؤها خوف , خوف من العقاب , ولنقرأ معاً بعض قصائد معين, يقول في قصيدته "كأنها ظل لقلبي !"(ص 43)
أَيها المتسلِّق
جدائل الجمالِ المائِجَةَ
المتراقصةَ
على هَمَسات القدر الخفيَّة (يعود الاندماج بين الجمال الجسدي والغيب, يعود للوجود الأول القديم للقدرة الخفية.)
مرتقياً إلى ينابيع الخير(القديم الأزلي)
لتَغْتَسِلَ من ادران الحياة البائسة (إشارة إلى أن الجسد المحدث يموت وتبقى الروح الصافية النقية , فإذا كانت في العالم المادي المحدث تتعذب لعذاب الجسد ففي عودتها إلى القديم الأول يتعذب الجسد لعذابها فهناك عالم الروح وهنا عالم الجسد وحتى لا يكون هناك عذاب للجسد بعذاب الروح"لتغتسل من ادران الحياة البائسة"
وما ادران الحياة البائسة الاَ العلائق التي هي عوائق لوصول الحقائق في هذه الجملة لخّص معين الصوفية بمذاهبها وكتبها بجملة بمثابة القرآن هو الفاتحة والفاتحة تكمن في بسم الله الرحمن الرحيم . ويستمر:
"أيها المتدرِّج على مسالك الغيب "(للمؤمنين رتب عند الله) تروي الحدس وتقيت اليقين (وانتظروا حتى يأتيكم اليقين) هَلمَّ إلى صفائي الأزلي (أن يستوى الظاهر والباطن وتصفى القلوب بمثابة هل جزاء الاحسان الا الاحسان أو قل أن شئت الشريعة فالإيمان فالأحسان , أو قل أن شئت أسلم واستسلم ,أو قل أن شئت فنيت ذاتي بذاته , أو قل أن شئت وللمحسنين الحسنى وزيادة بمعنى الجنة والزيادة رؤية الباري عز وجل , حيث يرفع سخطة عن المؤمنين فلا يغضب عليهم أبداً فصفا لهم صفاء أزلي)
"هَلمَّ إلى صَفائي الأزلي "(فماذا يحدث للمؤمن؟)
تَروق مَبَاهجك (وفيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت , وقولهم فيها سلام , فلا تعب ولا شقاء , جزاء لما كنتم تعلمون)
وَتهيم سَجَّيتك في خفاء النور (نور الأيمان )أو (نور العقل)فأنا شعاع الجمال(الباري عز وجل)
وليدة الهناء منبع المتع والحبور (معل علة العلل الله عز وجل) فأخرج إليَ.. أخرج (قل أمنت واستقم, واخرج من ظلمة الحياة إلى نور اليقين ولا تشرك بي أحداً)
وَتوَحّدْ بهمسيَّ المسحورِ (أن تشهد أن لا اله الا الله , نداء الله لعبدة يريد به ثوابه)
فأنا أنْتَ (وخلقنا الإنسان في احسن تقويم ,جاء به من العدم ولم يكن شيئا ًواستدرجه في الدنيا من رحمة إلى رحمة فلم يكن الإنسان ليستطيع تدبير نفسه لولا رحمه الله ومن جعله في رحمته فكأنه جعله يدور في دائرة رحمته , بمثابة "فأنا أنت " , لا تدبير لك إلا تدبيري , يعيدنا إلى ما ذكره أحد اساطين الصوفية أبن عطاء الله السكندري رحمه الله في كتابه "التنوير في اسقاط التدبير"
وأنا مالست فيك (اتجهلني وأنا من خلقتك؟)
فأدنٌ مني (خذ الكتاب بقوة) وافتح لي قلبك بمعنى لا يجتمع سلطان الهوى وحب الدنيا وحب الآخرة افرغ قلبك فأدخله).
يعيدنا لكتاب الطواسين للحلاج , أنا أنت وأنت أنا وأنا لست أنت وأنت لست أنا ونحن الاثنان واحد فأدنوا أدنو وأنا الله وأنت عبدي أنا القوي وأنت الضعيف أعترف بضعفك ألبسك من قوتي قوة تخشاه السلاطين وكن فقيراَ إلي ومتواضعاً أهبك من عزتي وهيبتي اعكس تصب . يبدو هنا شبح أو طيف , يمسك بيد الشاعر , سنلتقي بهذا الطيف كثيراً في قصائده , وسنجده يتخذ مواقف عديدة . وهو مرتبط بفكرة تعدي الواقع الجسدي المقضى عليه بالفناء . لكن الفناء أو القبر عند معين أول منازل الآخرة فأن تخطى الإنسان هذا المنزل وَصَلَ إلى "صفاء الله الأزلي".
ولكن هل هذا التعدي مضاده تجاهل الموت ؟ كلا , فقد تلاقى الموت بالحياة في زمن من الأزمان . وكانا معاً كينوية واحدة, وذلك قبل أن ينفصلا ويضحى كل منهما غريباً عن الأخر. ويرى معين أن البشر يموتون دون أن ينجحوا في ضم شمل هذين الغريبين اللذين كانا وحدة فيما مضى أنا هو أنت...
قلة حصيفة هي التي تشعر في أعماقها بتلك الأزدواجيه الأصولية. ومعين من هذه القلة التي استشعرت حتمية المزاوجة بين النقيضين كما اسلفنا , فهوة تارة يضيع في مادة الجسد , وتارة أخرى يسمو عليها , فيلتقي بالشبح الفريد الذي تومىء إليه قصيدة "رخاء الصحوة وزاد الرؤيا "(ص35-36-37).
يقول معين:
تَتَسابق الكلمات (عملية تأسيس أثيراً)
تطأ بعْضَها البعض (عملية تأنيس جمادياً لها أرجل)
تندفع بقوَّة (إدخال فيها الأحاسيس)
نحو زاد الرؤيا (جمعت الجسد والروح فالكلمات أواني
وزاد الرؤيا معاني)
وأكواب الحَدَس
علها تربح كسرةً
من خبزها
المعسَّل بحلا القول (رؤية يحزقيل, (ويجدها أحلى من العسل) لا يأتيكم ما في الغيب (ما في السماء ,والقصد لا تصلكم رحمة الله) إلا إذا صَحوتم (القصد ها هنا بالصحوة الأخيرة كما عند الصوفية) من غفوة العقل (الرتبة الأولى للروح "الهيولي"قبل وصولها درجة العقل القلب وما فوق , فوصولها القلب تسمى روحاً ثم فوراً ثم سراً من أسرار الله) ويستمر الشاعر:
وَتدلي عيناك دولواً..
إلى قيعان النفس المتْرَعة (إشارة إلى النفس الأمارة بالسوء)
تملأه بما تحلب فيها
من رَحيق النزوة (سلطان الهوى , الجاه, الرياسة,
المال والشيطان)
الشهوة والحب
لتمزج به كؤوسَ العشق
خمرة
اختمرت بلهفة الهَوَى
ودفء الحنان
فتطل على ظلمَتي القاتمة (ظلمة النفس)
رحمة الشمس (اليقين والإيمان)
تقبل عيني الغائرتين, في مَسَاه (تفتح عيني القلب للحقيقة..) حتى ترتقي النفس من درجة الإمارة بالسؤ إلى رتبة النفس المطمئنة حتى ينعتق الإنسان من عبودية الجسد لحرية الروح والتي هي من أمر ربي.
في هذه القصيدة نجد أنفسنا إزاء كاهن أو عراف قديم موغل في القدم جعل من نفسه رسولاً ومرشداً ومعلماً , كما وتمهد لنا هذه القصيدة الدخول إلى عالم الخير العالم المفقود بسبب نزواتنا.
هناك عالمان, عالم ملموس , عالم المادة, وعالم غير ملموس, ومتجرد من المادة لا نراه بعيوننا الجسدية, لكنه مرئي لبصائرنا الداخلية.
وعلى معين أن يقودنا من العالم الظاهري إلى عالم خفي, ليس سوى أرض مفقودة بالنسبة لحواسنا المادية, وبالنسبة لكل أولئك الذين فقدوا البصيرة الداخلية.
هذا الأساس المزدوج المتلائم أو المتناقض متداخل جداً كما أسلفنا فتارة أثيرنا وتارة يشغل حيز الوجود ماديا ملموساً , تماماً كما تزدوج أو تتزاوج الروح بالجسد.
هذا الأساس المزدوج يتخلل جميع قصائده والشاعر لا يكشفه فقط بل يعلنه , وهذه مهمة الشعر الأولى.
وفي قصيدة "دحض الشر"يقول:
"ما كان شراع وما كانت ريح" (فترة العدم , ليس هناك من يحرك أو من يتحرك لو بشكل غريزي)
" كان البحر قبل أن يصير "(أجل جاء ذكره في الخبر قبل أن يخلق بخمسين ألف سنة, كل يوم فيها ألف عام مما تعدون . ثم قال الرحمان " ولقد جعلنا من الماء كل شيء حياً..)
"كان جنينا في رحم ألبدعه العاقلة".
قال الزمن للتاريخ:
في هذه المحنة
في هذا اللا شكل الذي نحن فيه
الواحد منا قوت الأخر
خير الواحد شر الأخر
في هذه المحنة التي لا يوجد فيها شراع عقل أو ريح حكمة أو قل إذا شئت لم يكن مسبب ولا سبب في الحركات الكونية ويسود الكون الفوضى إلى حين أمر الله"كن فكان" وأصبح كل شيء منظم ومستقيم.
الورد قلب الشوك
نبض السلم حَرْب
أصل الشيء ضده (أشارة إلى حرب الخير بالشر والعقل بالنفس)
لا الخير خير
والشر شر
قال الزمن للتاريخ قالت الروح للجسد
أصل الخير دحض الشر
الشاعر لم يقل ,أن قالت الروح للجسد, أن الخير دَحض الشر بل , "أصل الخير دَحض الشر".
يا له من إيمان راسخ, لقد عاد بنا الشاعر إلى بدء الخلق , فإذا دحض الخير الشر كان بمثابة(وأدخلناهم في رَحْمَتِنَا إنَّهم من الصَالحينَ)
قال تعالى: (فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقينَ والشهداء والصالحين), ولازدواجية بدأت منذ القدم لذلك استعمل الشاعر:
"قال الزمن للتاريخ "فالزمن أطول من التاريخ". قلنا أن الله سبق العدم وله فضل قدم ثم خلق الزمان والمكان إذا فالزمن أول محدث خلقه القديم عزَّ وجل فهو الأول والأخر والظاهر والباطن وهو السميع العليم.
والمعنى الصرفي للفظ زمن , يأتي بمعنى القضاء والقدر ويأتي بمفهوم الدهر.
قال تعالى لا تسبوا الدهر فأنا الدهر , ومن سب الدهر يؤذيني ووجبت له النار. قال تعالى لا تسبوا الدهر فأنا الدهر , ومن سب الدهر يؤذيني ووجبت له النار .
والشاعر عندنا يقول:
"أصل الشيء ضده"
أجل فما كنا لندرك الجمال لولا الجلال, ولا نعرف الليل لولا الصباح ولا الصالح لولا وجود الطالح,وهذه الحرب بين الخير والشر قائمة منذ أن خلق الله خلقه , فكان آدم الصفا , الذي خلقه الله بيديه, ونفخ فيه من روحه , وأسجد له ملائكته , قائلاً لهم (إني جاعل في الأرض وريثاً)
وريثاً لمن ؟ وريث لله عز وجل .
وكان كله خير فجاء الضد إبليس بشرة فغواه ومنذ ذلك الحين نجد أن الشر والخير في عراك مستمر ومستديم. فنلاحظ هذا العالم المغلق , المحصور بين الخير وبين الشر , الرطب ( وجعلنا من الماء كل شيء حي), المعتم قبل أن يسطع نور الشمس بإرادة الله وأمره.
هذه الأبيات تتضمن صورة واقعية مرسومة بدقه , (رياليزم) لمن يؤمن و(سورياليزم) لمن لا يؤمن ولكن معين جمع الازدواجية ليخرج بها إلى الوجودية (اكزستنسياليزم) أنه لأمر عجيب ومقدرة بلاغيه تفوق الخيال.
هذه الأبيات ليست خاتمه المطاف , لأن الواقع ليس واقعياً فحسب , بل هو أيضاً مستودع للأحلام , هو صفحة مرآة تعبر أديمها أطياف الأحلام التي ولت والتي تعود.
أن أطيافاً كثيرة أثيريه هلامية تجوس هذا العالم الملموس, الذي يمكن أن نصفه من هذه الزاوه "بالواقع السحري" . أو " باسريالي الواقعي " وهذه مصطلح جديد خلقه هذا الشاعر العبقري معين حاطوم لا يصل ولا يستطيع حتى فهمه أساطين الشعر والأدب في العالم .
لقد انتوت قصائد معين أذن أن تقودنا عبر هذا الواقع الذي انطمس جانبه الروحي في نظر الأغلبية التعسة لتربينا ما تسميه " أطياف الأحلام)
تسري في حياتنا المادية (مترياليزم ), تطبع عليه أثار أقدامها , لكنها تمضي متعدية إياه على الدوام أيضاً لعالم " ميتافيزكي" مفقود, فهذه الأحلام مملكتها ليست هذا العالم , بل مملكتها أرض مفقودة وعلينا أن نبحث عنها في أعماقنا , إذا استطعنا.
عطش الظلال إلى النور
ومن قصائد معين حاطوم , يرتفع صوت الإنسان المتأمل أبداً , إنسان موغل في القدم, عاين تحلل المادة واندثارها حيناً بعد حين, كما عاين عودتها إلى أشكال لا بقاء لها , أما ذلك الإنسان الحكيم فقد ظل لا يطوله موت أو فناء , رأى عالم الظواهر تمسه ملايين المرات رجسة كيف يرتقون إلى السماء , ويتجاوزون وجودهم المادي المهدد بالاندثار بسبب الموت الفسيولوجي.
لقد عرف معين حاطوم وأسميه كاهن الشعر أحزان البشر,فجاء إليهم برسالة, جاء يدلهم على "الأرض المفقودة , مبشراً حيناً ومنذراً أحياناً,
ولنسمعه يقول مؤدباً واجبه نحو البشر :
الروح تسكن الأرض
قالت...
لا موت ....لا انتهاء لأحد !(القبر أول منازل الآخرة)
إنه ترحال بين الأبد والابد (إشارة لاعتقاد التقمص)
نصفك هنا يتعذب (في حياة الدنيا يتعذب الجسد وتتبعه الروح بخلاف الآخرة تتعذب الروح ويتبعها الجسد)
ونصفك هناك يتجدد (وأعلم أن النصر مع الصبر والفرج مع الكرب , وأن مع العسر يسر فإن تعذبت في الدنيا وصبرت فنصفك (روحك) هناك يتجدد. نرى من ذلك أن القمة ليست نهاية الطريق الصاعد , بل هي مجرد خطوة, كما عادت تبين في المنظر الرطب الكابي فرجة الضوء, فهناك اللهب الأحمر للحرائق على قمم الجبال , وهناك أيضاً الثلوج البيضاء , هناك الخير وهناك الشر , هناك الإلهام , وهناك وسوسة الشيطان هناك الجنة وهناك جهنم, هناك العقل وهناك النفس والشاعر يعمل جاهداً ليرشد ويهدي إلى الخير , إلى الله إلى الجنة.
في البداية لا يتكلم الشاعر كانسان له ماض ذاتي وتجارب يوميه , ولكنه يتكلم بصوت وافد من بعيد , بصوت شخصية من أعماق الزمن , وتعرف العالمين معاً , العالم السرمدي والعالم الفاني , الأزلية واللحظة العابرة.
لهذا فان النسمات التي تهب من القصائد الأولى تتصف بالتعدي والميتافزيقيه , لأن محورها خارج الإنسان في الوطن المفقود, في الجنة الضائعة التي انفصلت عنه. ولكن هذه " الأرض المفقودة" إلا توجد داخل الإنسان أيضاً؟.
عندما تترك قصائد معين "مملكة الطبيعة" التي تستخلص منها تأملات وإيماءات عن وجود عالم آخر , فإنها تمضي إلى "الإنسان ذاتهً" وتشير إلى دروب الذاكرة التي تقود إلى فقط الحدود, حيث يتلامس العالمان, ويصبح خمود الجسد قاعدة انطلاق جديدة في حيز غير مادي.
أن "الذكرى" تقود من اللحضة الحاضرة إلى لحضات سابقه..
وهذا الرجوع إلى الوراء يبعث الحياة في الماضي , ويجعل الماضي هدفاً أو مستقبلاً أفضل (ديترمنيزم) لا يتكفلة الشاعر بل يعيش في وجدانه,
حتى تلتقي بسنوات الطفولة , وهناك في عالم الطفولة ,توجد أشياء من قبيل "أطياف الأحلام , فعند معين حتى الحلم له أمل .كما أشرنا لها في القصائد الأولى.
في هذه القصائد الثانية تظهر ألنزعه الصوفية, يختفي الإنسان الأزلي , ويبقى الإنسان الذي يعود بخطاه نحو الوراء المستقبل (ديترمنيزم) , وينزل درج الذكريات الذي يقود إلى سنوات الصبا, حيث لا يكون المرء قد انفصل تماماً عن الأرض الأخرى, ولكنه يستشعرها كأطياف أحلام . وربما إذا استطاع الإنسان أن يدفع بذاكرته إلى مل وراء سنوات الطفولة الباكرة,
فأنه يجد يسبح في بحار ما بعد ذكريات الذات.أو بعبارة أخرى يجد نفسه قد وضع قدمه على عتبات "الأرض المفقودة" التي يجتهد الشاعر معين حاطوم لتعريفها للقارىء.
تَهبط إليَّ النشوة
تتدلى إلى قعر قعرنا (حتى غدا قاب قوسين أو أدنى)

ويبقى السؤال الأخير من هو معين حاطوم, أقول أنه لا يوجد شاعر كهذا فوجهه منسوج من شتى الوجود, فهو كاهن الشعر والصوفي وشاعر الغزل الذي تعدى العري , وهو شاعر الروح والجسد والازدواجية وهو منكر ونكير وهو اخطر شاعر قرأت له وهو من لا أعرفه من قراتي هذا الديوان الخطير