آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: اليهود وانتزاع المسجد الأقصى 1928

  1. #1
    مترجم اللغة العثمانية / باحث ومفكر الصورة الرمزية منذر أبو هواش
    تاريخ التسجيل
    08/10/2006
    العمر
    73
    المشاركات
    3,361
    معدل تقييم المستوى
    21

    اليهود وانتزاع المسجد الأقصى 1928

    ((مجلة المنار ـ المجلد [‌29] الجزء [‌6] ص‌ 414 ‌ ربيع الآخر 1347 ـ أكتوبر 1928))

    اليهود وانتزاع المسجد الأقصى 1928

    فتح اليهود لباب الفتنة في القدس
    التمهيد لانتزاع المسجد الأقصى من المسلمين
    بالاستيلاء على جداره الغربي وما حوله

    تمهيد في السياسة البريطانية

    للدولة الإنكليزية مكايد وحِيَل في انتزاع الممالك من أهلها واستعبادهم وفي ضرب الشعوب بعضها ببعض ( كالسيل يقذف جلمودًا بجلمود ) في سبيل منافعها قد أتقنتها منذ شرعت في الاستعمار إلى هذه الحرب العامة الأخيرة التي استخدمت فيها لمصلحتها الشعوب الهمجية والمدنية والوسط بينهما حتى إنها جعلت الولايات المتحدة الأميركية آلة في يدها وجعلت رئيسها العظيم ويلسن كأنه والٍ من ولاتها أو راجًا من رجوات إمبراطوريتها الهندية ، وقد غرَّها النجاح في هذا الكيد حتى أقدمت في عقب هذه الحرب على أمر عظيم ما أظن أنها درسته من جميع وجوهه كعادتها .

    ذلك الأمر العظيم هو أنها وضعت نصب عينيها استعباد الأمة العربية وجعل جزيرتها المنيعة التاريخية ومعاهدها الدينية المقدسة تحت سلطانها ، وهذه المعاهد هي المساجد الثلاثة : المسجد الحرام بمكة المكرمة والمسجد النبوي المحمدي في المدينة المنورة والمسجد الأقصى في بيت المقدس .

    وقد أتاحت لها الحرب الاستيلاء العسكري والسياسي على الثالث ثم استخدمت لقتل الأمة العربية وإفنائها في هذا القطر ( فلسطين ) الشعب اليهودي جريًا على عادتها في قذف الشعوب بعضها ببعض ، وبدأت من التمهيد للاستيلاء على الحجاز باستخدام الشريف عبد الله ابن الشريف حسين منفي قبرص اليوم ، وملك العرب وخليفة المسلمين بوهمه بالأمس ، فكاد لأخيه الشريف علي الذي تَمَلَّك على الحجاز محصورًا في جدة عند خروج والده منه بأن أغراه بالذهب الإنكليزي وبنصر الإنكليز إياه على ابن السعود على أن يصدر إرادته السنية بجعل منطقة العقبة و معان أهم مواقع الحجاز البحرية الحربية تابعة لشرق الأردن التي جعلها هو داخلة في دائرة الإمبراطورية البريطانية باسم الانتداب ، ثم بعقده مع هذه الدولة معاهدة تجعل شرق الأردن وما ألحق به من الحجاز موقعًا حربيًّا للدولة الإنكليزية لها الحق في استخدام أهله وماله في الحرب : حرب من ! حرب الأمة العربية طبعًا إذ لا يوجد غيرها ، ولما قامت أهالي البلاد تنكر هذه المعاهدة قاومهم الأمير الشريف ابن الشريف ابن الشريف بالقوة والقهر بمساعدة رئيس حكومته حسن خالد بك نجل القطب الشهير الشيخ أبي الهدى أفندي ( الصيادي الرفاعي الحسيني بدعواه ) .

    ربما تكون الدولة الإنكليزية قد درست حال الأمة العربية درسًا اعتقدت به أن الاستيلاء عليها ممكن بضرب بعضها ببعض ، وذلك بجعل حاكمي العراق و شرق الأردن عدوين لابن السعود حاكم الحجاز و نجد فإن صح هذا - وقد يكون غير صحيح - فما أراها قد درست المسألة اليهودية الصهيونية من كل وجه فإن العرب إذا كانوا لا يزالون جاهلين متفرقين ، ولا يزال يوجد الخونة في أكبر بيوتاتهم ، فاليهود ليسوا كذلك بل هم أعظم كيدًا ومكرًا من الإنكليز ، وإن كانت قد استخدمتهم في الحرب المدنية الكبرى لاستمالة الولايات المتحدة إليها وفي بث روح التمرد في ألمانية للامتناع عن الحرب وطلب الصلح على قواعد ولسن .

    نعم إنها استخدمتهم واعدة إياهم بجعل فلسطين وطنًا قوميًّا لهم تمهيدًا لامتلاكها وتجديدًا لملك اليهود فيها تحت سيادتها ، وهي تعلم أن الغرض الأعظم من هذا الملك إعادة هيكل سليمان لهم لإقامة شعائر دينهم وقرابينهم فيه ، وتعلم أن مكان الهيكل في عرفهم هو المسجد الأقصى ، وتعلم مكانة المسجد الأقصى عند المسلمين عامة والعرب خاصة وعرب فلسطين بالأخص ، ولكن هل تعلم مع هذا أن عند المسلمين من دلائل النبوة وأخبار الرسول صلوات الله عليه وسلامه المتعلقة بهذه المسألة ما هو أصرح مما عند اليهود من مثل ذلك من أنبيائهم ؟ ما أظن اللورد بلفور الذي ابتكر عهد الوطن القومي ووعد به الصهيونيين يعلم ما عند المسلمين من الأحاديث النبوية في قتال اليهود ببيت المقدس ، وما أظن أنه يؤمن بصحة ما عند اليهود من ( النبوات ) في ذلك ، وما أظن أن وزير المستعمرات البريطانية وسائر أعضاء الوزارة بأعلم من اللورد بلفور في ذلك .

    فإن كان ظني في غير موضعه فالحكومات الإنكليزية من عهد ابتكار اللورد بلفور لعهده إلى الآن متعمدة حشر ما يمكن من اليهود في فلسطين ؛ لأجل إيقاد نار الفتنة بينهم وبين العرب بوازع الدين في الفريقين ومساعدة اليهود على العرب لأجل جعل هذه المنطقة من بلاد العرب يهودية بريطانية فاصلة بين عرب مصر وعرب سورية والعراق ، فإن لم يكن فأقل فائدتها من ذلك أن يكون كل من الفريقين المتكافئين فيها معتمدًا على سلطانهم وحاكمهم في حفظ نفسه من الآخر .

    اليهود الصهيونيون يسوقون سائر اليهود إلى امتلاك البلاد وانتزاع المسجد الأقصى من المسلمين بسائق العقيدة الدينية وقد كان من أنباء هذا الشهر أنهم فتحوا باب الفتنة قبل أن يكون لهم الغلب العددي والحكمي في البلاد .

    ***
    مسألة المبكى أو البراق
    وهو الجدار الغربي من الحرم الأقصى

    كان يقال : إن اليهود يعتقدون أن كسارة ألواح موسى عليه السلام مدفونة تحت الجدار الغربي من سور الحرم الشريف ببيت المقدس فهم يجتمعون هنالك يبكون ويحيون ذكر مجدهم الديني في هيكلهم ، والمسلمون يروون أن البراق الذي ركبه النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء قد ربط بهذا الجدار فله مزية عندهم على سائر جدران المسجد ويسمونه ( البراق ) ، وقد كان من تسامح المسلمين وتساهلهم أن سمحوا لليهود بما ذكر في أيام ضعف اليهود وسلطان المسلمين فطمع هؤلاء بعد الاحتلال البريطاني ومشروع الدولة في تنفيذ عهد بلفور لهم حتى حاولوا في هذا العام الاستيلاء على هذا الجدار وما حوله من بناء على أنه معبد لهم ، وصاروا يضعون هنالك الكراسي والمناضد والأضواء في وقت اجتماعهم حتى كان من عدوانهم في عيد الغفران لهم ما يأتي بيانه ، وهم يعلمون كما تعلم الحكومة البريطانية في لندن وفلسطين أن هذا من الأوقاف الإسلامية الثابتة بالتواتر ، وكان من قواعد ما يسمونه الانتداب في فلسطين أن المعاهد الدينية لجميع الملل تبقى على حالها لا يسمح لأحد بالاعتداء عليها ، ولكن عامة اليهود الصهيونيين يعتقدون أنهم ما جلبوا إلى فلسطين إلا لإقامة ملك سليمان فيها وجعلها وطنًا لهم دون غيرهم ، فاستعجلوا في هذا العام بالتمهيد لإعادة هيكل سليمان الذي حل محله مسجد الصخرة بامتلاك الجدار الغربي من الحرم وهو أقرب الجدران إلى جامع الصخرة .

    وإننا نبدأ في بيان عملهم في هذا الشهر وبعض ما أثاره في البلاد ببلاغ حكومة فلسطين الرسمي فيه وهذا نصه :

    بلاغ حكومة فلسطين

    في مساء 23 أيلول الجاري أي ليلة عيد الغفران ( يوم كيبور ) رفع متولي وقف أبي مدين الذي يقع ضمن دائرته الرصيف ومنطقة البراق ( المبكى ) شكوى إلى جناب حاكم مقاطعة القدس بأن حاجزًا قد أنشئ على الرصيف الملاصق للبراق ، وأدخل إليه أشياء أخرى تخالف العادة المتبعة كقناديل كاز وعدد من الحصر وهيكل أكبر من الحجم الاعتيادي ، فزار حاكم المقاطعة البراق في أثناء صلاة المساء ، وقرَّر عملا بالعادة التي أقرتها الحكومة وجوب رفع الحاجز قبل إجراء الصلاة في اليوم التالي ، وأعطى تعليمات بهذا المعنى إلى الشماس القائم بترتيبات الصلاة في البراق محتفظًا بقرراه في مسألة القناديل بإزالته صباح اليوم التالي باكرًا ، وقبل تأكيداته بتنفيذ تعليماته ، وبلغ في ذات الوقت ضابط البوليس البريطاني القائم بالوظيفة ضرورة رفع الحاجز من مكانه إذا لم يقم بتعهده .

    فزار ضابط البوليس صباح اليوم التالي البراق ، ورأى أن الحاجز لا يزال في مكانه فسأل القائمين بالصلاة أن يرفعوه من ذلك المكان غير أنهم أجابوه بأنهم لا يستطيعون ذلك نظرًا لقداسة ذلك اليوم فرفعه عندئذ رجال البوليس بنفسهم ، ولم يكن المصلون عمومًا قد اطلعوا على ما جرى سابقًا ، فعندما رأوا البوليس يرفعون الحاجز الذي استعمل لفصل النساء عن الرجال هاجوا وسعى بعضهم لمنع البوليس من رفعه بالقوة ، وأخيرًا رفع الحاجز .

    ويعتبر جلب الحاجز ونصبه على الرصيف تعديًا على الحالة الراهنة مما لا يمكن الحكومة السماح به ، غير أن الحكومة تأسف لما حصل من الخوف والانزعاج لجماعة كبيرة من المصلين في يوم مقدس كهذا لليهود ، وقد علمت الحكومة أن المراجع اليهودية قد جازت الشماس المسئول عن الحادث بما يستحق على عمله ، وقد شددت الحكومة عليهم في ضرورة مراجعة موظفي الحكومة المسئولين عن التدابير المسموح باتخاذها في أثناء الصلاة في البراق في أعياد اليهود الرسمية التي أبديت للمراجع اليهودية عند وقوع مثل هذه الحوادث في البراق في سنتي 1922 و1925 وهذه السنة أيضًا .

    ولم يكن هنالك وقتئذ ضابط بوليس يهودي ؛ لأن جميع البوليس اليهود كان قد أجيز لهم التغيب عن الخدمة يوم عيد الغفران ، وستمعن الحكومة النظر في ضرورة وجود ضابط بوليس يهودي في المستقبل بين الذي يرسلون إلى البراق للمحافظة في أعياد اليهود الخطيرة ، وفي الختام ترى الحكومة بأن رفع الحاجز كان ضروريًّا غير أنها تأسف لما وقع من جراء رفعه . انتهى .

    وقد جاء في جريدة الجامعة العربية الغرَّاء التي تصدر في القدس الشريف بعد نشر هذا البلاغ ما نصه :

    والقارئ لهذا البلاغ يشعر أن الحكومة قد وقفت موقف الضعف محاولة ستر اعتذارها لليهود بأنها تمسكت بوجهة نظرها في ما اتخذته من الإجراءات ضدهم في البراق ، وقد كنا نحب أن تظل الحكومة واقفة موقف الحزم ، سالكة السبيل الذي يقضي به الحق والعدل والتعامل القديم في مسألة البراق ، وأن لا يؤثر عليها هذه المناورات التي يقوم بها اليهود من أجل أمر لا حق لهم فيه على الإطلاق .

    وقد اتصل بنا من مصدر موثوق أن اليهود قد طلبوا من الحكومة الإذن للقيام بمظاهرة عامة واسعة النطاق يحضرها أفراد عديدون من اليهود من سائر جهات فلسطين ، وذلك في يوم الإثنين ( اليوم ) حيث تذهب جموعهم إلى البراق بالأناشيد بقصد التمويه والتأثير على الحكومة .

    ***
    هياج الرأي العام الإسلامي والدعوة إلى عقد اجتماع

    ولما اتصل بالمسلمين في القدس خبر عزم اليهود على القيام بهذه المظاهرة هاجوا هياجًا عظيمًا وفكروا في ضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لرد عادية اليهود فتأسست لجنة من أهل الحمية والغيرة طبعت منشورًا دعت فيه المسلمين إلى حضور اجتماع عام في المسجد الأقصى بعد صلاة العصر ( أمس ) ، وقد وصلتنا صورة من هذا المنشور فأثبتناها في ما يلي :

    نداء عام إلى إخواننا المسلمين كافة

    أيها المسلمون : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :

    تعلمون أنه قد حدث في هذه الأيام محاولة الاعتداء على مكان البراق المجاور للمسجد الأقصى الذي إليه كان إسراء النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم ، وقد ظهر من هذه المحاولة التي تكررت أمثالها من قبل على غير جدوى ، أن القوم الطامعين في الاعتداء على الجانب الغربي من سور المسجد الأقصى مصممون على الأخذ بكل وسيلة للطمع في حقكم وحق جميع المسلمين في هذا البيت العظيم من بيوت الله المقدسة .

    وإزاء هذه الحالة يتطلب الواجب الديني من كل مسلم أن ينظر بعين الجد واليقظة فيما يَدْهَم المسلمين من خطر عاجل ، ولذلك فقد [1] أوجبت خطورة الحالة على المسلمين أن يتشاوروا في هذه الحالة ابتغاء اتخاذ الحيطة لوقاية بيت الله من الاعتداء وتقرير ما ينبغي تقريره في هذا الشأن الخطير من اتخاذ الوسائل المشروعة القانونية لدى الحكومة والمراجع الإيجابية .

    وعليه فإننا ندعو كل مسلم في هذا البلد المقدس إلى حضور صلاة العصر في المسجد الأقصى في هذا اليوم ( الأحد ) الواقع في 16 ربيع الثاني سنة 1347 الموافق 30 أيلول سنة 1928 وإننا نتوسل إليكم المبادرة إلى حضور هذه الصلاة بوقتها ، آملين من غيرتكم تلبية النداء والسلام عليكم ورحمة الله ، اللجنة الداعية .

    القدس في 16 ربيع الثاني سنة 1347
    ***

    في المسجد الأقصى

    وعند صلاة العصر اجتمع ألوف من المسلمين في المسجد الأقصى فبعد الصلاة خطب كل من الشيخ عبد الغني أفندي كامله و عزت أفندي دروزة والشيخ حسن أفندي أبو السعود في الحاضرين وأوضحوا لهم مقاصد اليهود في محاولاتهم الموجهة إلى البراق الذي هو السور الغربي للحرم الشريف ، وبعد ذلك أعد الحاضرون مضبطة إلى فخامة المندوب السامي يحتجون فيها على أعمال اليهود العدائية ، وما أدت إليه من هيجان في الرأي العام كما أعدوا مضبطة أخرى طالبين فيها أن تسمح الحكومة بإقامة المظاهرات السلمية في القدس وسائر أنحاء فلسطين والاحتجاج إلى وزارة المستعمرات وملوك المسلمين وأمرائهم والشعوب والصحف الإسلامية وإلى عُصْبَة الأمم وقد انتخبوا لجنة تنفيذية لتنفيذ هذه المقررات سننشر أسماء أفرادها فيما بعد .

    ونظرًا لضيق الوقت ننشر نص المضبطتين في العدد القادم .

    وقد بلغ هياج الرأي العام بين المسلمين مبلغه في السخط على هذه الأعمال التي يقوم بها اليهود ، وهذه الدعاية التي يبثونها في فلسطين أو في الخارج ويعجبون من الوقاحة التي دعت اليهود لأن يفكروا في الاعتداء على حق مقدس للمسلمين لا يتصور أحد من المسلمين أن يفرط في ذرة منه ما دام فيه عرق ينبض وسيرسل المجلس الإسلامي الأعلى إثر ذلك تقريرًا شديد اللهجة إلى الحكومة موضحًا فيه خطورة الحالة ، مطالبًا منها تدارك الأمر بما يطمئن خواطر المسلمين ويهدئ من ثوران نفوسهم المهتاجة .

    هذا وإننا نوجه كلمتنا الأخيرة إلى الحكومة وإلى إدارة الأمن العام طالبين منها أن تضرب على أيدي اليهود الطامعين فيما ليس لهم حق فيه ، والعاملين على العبث بالأمن العام ، وموجهين نظرها إلى أن التساهل في مسألة حساسة خطيرة كهذه قد يؤدي إلى ما لا تُحْمَد عُقْبَاه ؛ لأن المسلمين في فلسطين لا يمكن أن يفرطوا قط في ذرة من حقوقهم في هذا المكان الذي يشكل الجدار الغربي للمسجد الأقصى الشريف أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ، ونخشى أن يتعدى الهياج القدس إلى سائر بلدان فلسطين ، ثم إلى العالم الإسلامي كافة إذا لم تتدارك الحكومة الأمر بالحزم والشدة اهـ .

    ( المنار )

    قد قام رئيس المجلس الإسلامي الفلسطيني صاحب السماحة السيد محمد أمين الحسيني مفتي القدس وأعضاؤه بما يجب عليهم من السعي لدرء هذه الفتنة من طريق الحكومة كما فعلوا الواجب من ناحية تنبيه المسلمين كما يجب عليهم في ذلك ، وحسبنا نشر هذا الكتاب مبينًا لتلك المساعي الرسمية في ذلك .

    ***
    كتاب المجلس الإسلامي الأعلى
    بشأن حوادث البراق إلى فخامة المندوب السامي

    فخامة المندوب السامي :

    ( عطفًا على جميع المخابرات التحريرية والمحادثات الشفهية التي جرت بين المجلس الإسلامي الأعلى وبين الحكومة المركزية بالقدس ، قديمًا وحديثًا ، بشأن البراق الشريف ، ( جدار الحرم الغربي ) نلفت نظر فخامتكم إلى ما يأتي :

    1 - أن هذه الناحية من الجدار المذكور ، هي مكان البراق الشريف نسبة لبراق النبي محمد صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، وأن المسلمين في جميع أقطار الأرض يحتفلون كل سنة بذكرى هذا الإسراء الذي جاء نصًّا في القرآن الكريم .

    2 - أن هذا الجدار هو جدار المسجد الأقصى ثالث الحرمين الشريفين ، الذي هو عند المسلمين عامة بمنزلة حرم مكة المشرفة وحرم المدينة المنورة .

    3 - أن كل جزء من الحرم الشريف وكل جدار يحيطه بما فيه هذا الجدار الترابي هو في عقيدة المسلمين جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى المبارك الذي أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى فضل زيارته والصلاة فيه ، وشد الرحال إليه ، من أدنى الجهات وأقصاها .

    من هذا كله يُعْلَم أن المسجد الأقصى وكل جزء من الحرم الشريف القدسي ، وخصوصًا هذه الناحية من الجدار الغربي التي هي مكان البراق الشريف ، له مكانة مقدسة عظمى عند المسلمين عامة في مشارق الأرض ومغاربها ، وأنهم يتعلقون بهذا المسجد المبارك المذكور في القرآن الكريم تعلقًا دينيًّا شديدًا مقرونًا بالإجلال والتعظيم .

    ونظرًا لهذه المكانة العظمى للمسجد الأقصى والحرم الشريف عند المسلمين فقد دأبوا منذ بضعة عشر قرنًا على المحافظة عليه بشتى الوسائل فأنشئوا حوله المدارس والزوايا وحبسوا الجهات المحيطة به أوقافًا - كما يشاهد الآن – وخصوصًا فيما يحيط بناحية البراق الشريف ، فهي وقف على زاوية القطب الشهير سيدنا أبي مدين الغوث ( قدَّس سره ) والمغاربة .

    بل بالنظر لأهمية هذا المكان أيضًا - لم ترض الحكومة العثمانية - رغم ما بذله اليهود وزعماؤها في جميع العالم من شتى الوسائل والتقرب والالتماس أن يتعدوا الزيارة المحضة التي تساهل بها سكان ذلك الحي حينئذ لجميع الطوائف ، كما يظهر من قراراتها العديدة ، وخصوصًا قرار مجلس الإدارة العثمانية الأخير في القدس الذي تعلمه الحكومة .

    ومن البديهي أنه لو كان بحسبان المسلمين أن اليهود سيطمعون هذا الطمع يومًا ما سمحوا لهم حتى بمجرد الزيارة .

    فعليه استرسال اليهود منذ الاحتلال إلى اليوم في محاولاتهم بمختلف الطرق والدعاية الخارجية والداخلية لإحداث حق لهم ، وبذلهم الجهود متطلعين إلى استملاك هذا المكان الشريف من أيدي المسلمين ، هو أمر بظاهره وباطنه تَحَدٍّ عنيف للمسلمين فيما هو أقدس أماكنهم الدينية .

    ومن الظاهر أنه إذا ظل اليهود في استرسالهم هذا ولم يجدوا من الحكومة حزمًا حاسمًا يلزمهم التقيد المطلق بالزيارة المحضة على نحو قرار مجلس الإدارة المذكور فلا بد بطبيعة الحال أن ذلك يؤدي إلى عواقب وخيمة ، وإن المجلس الإسلامي الأعلى المعبر عن رأيه ورأي المسلمين كافة في هذه القضية الخطيرة لا يرضى بصورة من الصور التساهل في تمكين اليهود أن يغيروا تلك الحالة أو يخرجوا عنها بأي شكل كان ، ويطلب من الحكومة بإلحاح وضع حد حاسم نهائي لمحاولاتهم وأطماعهم في هذا المكان الشريف ويلفت نظرها إلى أن استمرار هذا الأمر غيرَ محسوم ولا مقطوع به يوصل الحالة العامة عند المسلمين إلى طور لا تخفى عاقبته على حكمة الحكومة البريطانية كما بدا من حالتهم اليوم إثر الحوداث الأخيرة .

    ولما كان اليهود لا يزالون إلى هذا الساعة يضعون بعض أدوات من كراسي صغيرة ومائدة وخزانة ومصابيح ، فإن المجلس الإسلامي الأعلى يحتج باسم جميع المسلمين في العالم على هذا بكل قوة ، ويرجو من الحكومة أن تتفضل بالمبادرة إلى رفع هذه الأدوات جميعها من أماكنها رفعًا دائمًا ، مع إخطار اليهود بأن لا يعودوا إلى وضع أي شيء منها مرة أخرى .

    وهنا نقطة أخرى جزع المسلمون لها جزعًا شديدًا ، وهي إرسال ضابط يهودي إلى البراق إرضاء لليهود ، فإن في ذلك ما يزيد الأمر استفحالاً ، ويشجع اليهود فيزيدون في أطماعهم زيادة تجعلهم يسترسلون في الاعتداء شيئًا فشيئًا ، فضلاً عن أن هذا الأمر لا ينفي أن يكون الضابط اليهودي متعصبًا يتناول المغاربة المسلمين سكان المكان بألوان من التعدي وسط هذا الحي الإسلامي البحت أثناء دخولهم إلى منازلهم وخروجهم منها .

    ولذلك فإن المجلس الإسلامي يطلب بإلحاح أن تعيد الحكومة نظرها في المحاذير التي تنشأ عن وجود ضابط يهودي في محل إسلامي محض ، ليس لليهود فيه أقل حق ، ويخشى أن يتخذ اليهود من وراء ذلك أسبابًا لإثبات حق لهم ، بوجود ضابط يهودي ، وهو يطالب أن يكون الضابط مسلمًا ليأمن المسلمون على هذا المكان المقدس وليطمئن أهل الحي وسكانه من المغاربة المسلمين .

    وبالنهاية يرجو المجلس الإسلامي من الحكومة أن تتفضل باعتبار ما بسطه في هذا الكتاب بصدد مسألة البراق أنه من الأمور الخطيرة التي يرجو هو والمسلمون من الحكومة سرعة تلافيها بما يحفظ حقوق المسلمين غير منتقصة ويوقف اليهود وقفًا نهائيًّا عند الحالة المذكورة لهم .

    وتفضلوا بقبول فائق الاحترام .

    رئيس المجلس الإسلامي الأعلى
    محمد أمين الحسيني

    ( المنار )

    هذا وإن جريدة الجامعة العربية لا تزال تأتينا من القدس الشريف بأخبار هذه الفتنة وتهييج اليهود للمسلمين بعدوانهم وتظاهرهم واحتجاج هؤلاء من بلاد فلسطين وغيرها من سورية ومصر على اليهود من جانبهم بالدعاية وتماديهم في العدوان وغرورهم بلين الحكومة البريطانية لهم وتعيينها شرطيًّا ( بوليسا ) منهم للمحافظة على مكان الفتنة .

    وإننا ننصح للحكومة البريطانية بأن تقمع الفتنة وتسد بابها قبل تفاقمها ولعلمها بأن البخاري ومسلمًا وغيرهما قد رووا لنا أن نبينا صلوات الله وسلامه عليه قد قال : ( تقاتلكم اليهود فتسلطون عليهم حتى يقول الحجر : يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله ) ونخبرهم بأن علماء المسلمين فسروا مثل هذا الحديث بأنه إنما يقع مضمونه قبيل قيام الساعة عندما يظهر الدجال الذي يدعي أنه هو المسيح الذي ينتظره اليهود فيقومون معه ويقاتلون المسلمين ، ولأجل هذا لا يخطر في بال مسلم أن يعتدي على أحد من اليهود قبل ذلك الوقت فإذا أراد اليهود التعجل به فيجب أن تمنعهم الحكومة الإنكليزية ، ومن أنذر فقد أعذر ، وسنعود إلى الكلام في هذه المسألة إذا ظلت الفتنة قائمة إلى وقت تحرير الجزء السابع من المنار .
    ________________________
    (1) هذا التعبير من خطأ الجرائد الذي سرى إلى جميع طبقات الكاتبين بالعربية ، والصواب في مثله من الجمع بين لام التعليل وفاء السببية تقديم الفاء ؛ لأن ما بعدها لا يعمل فيما قبلها بأن يقال هنا فلذلك أوجبت الحالة أو أوجب خطر الحالة كذا إلخ .

    ((مجلة المنار ـ المجلد [‌29] الجزء [‌6] ص‌ 414 ‌ ربيع الآخر 1347 ـ أكتوبر 1928))

    ملحوظة هامة:

    هذا المقال الوثائقي التاريخي الهام منقول بتمامه بطريقة النسخ واللصق عن موسوعة مجلة المنار المصرية الاليكترونية، وأضعه هنا كوثيقة تاريخية من دون أي تصرف أو تحريف أو تزييف أو تغيير، وهو لا يعبر بالضرورة عن رأيي الشخصي.

    والله على ما أقول شهيد.

    منذر أبو هواش

    خبير اللغتين التركية و العثمانية
    Munzer Abu Hawash
    Turkish - Ottoman Translation
    Munzer Abu Havvaş
    Türkçe - Osmanlıca Tercüme
    munzer_hawash@yahoo.com

  2. #2
    أستاذ بارز الصورة الرمزية غالب ياسين
    تاريخ التسجيل
    17/11/2006
    المشاركات
    8,505
    معدل تقييم المستوى
    26

    افتراضي

    بعد وفاة السلطان الناصر صلاح الدين دب الخلاف بين قادته على تولي أمور السلطنة كما حصل بعد وفاة الملك العادل نور الدين، وكان لذلك الأمر أكبر الأثر على تردي الأوضاع عموماً، وخاصة فيما يتعلق بمدينة القدس، وذلك على يد (الملك الكامل محمد بن الملك العادل سيف الدين بن أبي بكر بن أيوب) الذي أعاد القدس إلى الصليبيين..!!!



    وكان ذلك حين احتل الصليبيون دمياط، فأخرجهم هذا الرجل منها، ولكنه عاد واستنجد بالملك فريدريك الثاني ملك الألمان على خصومه السياسيين (وهما شقيقاه)، وعرض عليهم احتلال عكا مقابل أن يسلمهم القدس الشريف، وتم ذلك بموجب معاهدة عرفت باسم (معاهدة يافا) يستلم الصليبيون بموجبها القدس ولا يعمرونها، على أن يبقى المسجد الأقصى بيد المسلمين، ولا يعمرها الصليبيون ولا يغيرون سورها، ومدة المعاهدة عشر سنوات..!! وهو ما كان، حيث دخل الصليبيون القدس مرة أخرى وتوج الملك فريدريك ملكاً على القدس...!!!! وراع هذا الفعل الشنيع المسلمين ووقع عليهم كالصاعقة، وكان ذلك عام 626 هـ، وبقي الأمر كذلك في خلافات ونزاعات مرة حتى ما بعد وفاة هذا الرجل، حيث قام الملك الناصر داود ابن الملك المعظم عيسى صاحب الأردن والكرك بطرد الصليبيين منها عام 637 هـ وذلك بعد انتهاء فترة معاهدة (يافا) ونقضهم لشروطها التي تنص على عدم تجديد وتحصين سور المدينة، فاستبشر المسلمون وهللوا لهذا العمل الجليل، ولكنه ما لبث أن تحالف مع عمه الملك (الصالح إسماعيل) ضد (الملك الصالح نجم الدين) واستنجدا بالصليبيين على الملك الصالح نجم الدين، وبموجب ذلك تم تسليم المدينة للصليبيين مرة أخرى عام 638هـ، مما أدى إلى ثورة عارمة في البلدان الإسلامية ضد هذا العمل الشنبع..!! وكان عاقبة هذا الرجل أن تشرد في آخر عمره ومات متشرداً وضائعاً.



    وبقي الأمر كذلك إلى عام 643هـ، حيث قام الملك الصالح نجم الدين أيوب بن الملك الكامل محمد بن أبي بكر الملك العادل ابن أيوب أبو الفتوح نجم الدين, الملقب بالملك الصالح نجم الدين أيوب، سلطان مصر، واستعان بأهل مصر وألف جيشاً من المماليك ومن أهالي المنطقة والشام وسار إلى الشام ففتح بيت المقدس في ذلك العام وطرد منها الصليبيين واسترد القدس نهائياً لحوزة المسلمين بعد أن كانت الخلافات قد ضيعتها مرة أخرى بعد فتح السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي رحمه الله تعالى. وبهذا بقيت القدس منذ ذلك التاريخ بيد المسلمين حتى ضاعت وسقطت تحت الاحتلال اليهودي الغاشم.



    وقد ذكر المؤرخون هذا الفتح الثاني وتناولوه بالكثير من التقدير والإعجاب حتى سماه المؤرخ مجير الدين الحنبلي الفتح (النجمي) نسبة للملك الصالح نجم الدين أيوب، بعد الفتح (الصلاحي) للسلطان صلاح الدين الأيوبي.



    والملك الصالح نجم الدين أيوب هو زوج الملكة المعروفة (شجرة الدر)، وقصة وفاته معروفة خلال وقعة (المنصورة) الشهيرة في مصر، والتي كانت من أقسى الهزائم التي حلت بالصليبيين في الشام. وبوفاة الملك الصالح نجم الدين أيوب تولى ابنه (تورانشاه) الحكم لفترة بسيطة، حيث قتل، وبوفاته عام 648هـ انتهى عصر الدولة الأيوبية، لتقوم من بعدها الدولة المملوكية التي حكمت في فترة تعد أكثر الفترات تميزاً في تاريخ القدس بعد الإسلام.



    ومن أهم الآثار الأيوبية في المسجد الأقصى المبارك والتي لا تزال باقية إلى أيامنا الحالية:



    1. القبة النحوية: التي أقامها الملك المعظم عيسى في ساحة قبة الصخرة المشرفة، وذلك لتكون مكاناً لتدريس علم النحو في اللغة العربية.



    2. الرواق العرضي في مقدمة الجامع القبلي، وهذا الرواق هو الذي ما زلنا نراه إلى أيامنا الحاضرة يزين مدخل الجامع القبلي، وقد بناه الملك المعظم عيسى رحمه الله.



    3. المطهرة، أي مكان الوضوء، وباب المطهرة يؤدي إليها، وهي خارج المسجد الأقصى المبارك، ولكنها أيضاً مفصولة عن مدينة القدس، فهي مرتبطة مباشرة بالمسجد الأقصى المبارك، بناها الملك المعظم عيسى.



    4. إغلاق بعض البوابات في أيام السلطان الناصر صلاح الدين، وهي باب الرحمة، والباب المفرد والمزدوج والثلاثي.



    5. تجديد قبة المعراج، التي تعد بشكلها الحالي أيوبية البناء، وهي قديمة، إلا أنها تم ترميمها وإعادة بنائها في الفترة الأيوبية بشكلها الحالي.



    - كما أن هناك الكثير من الآثار التي لا يتسع المقام لذكرها في المسجد الأقصى المبارك مثل بعض بوابات المسجد الأقصى المبارك وغيره من الآثار الجليلة.



    العصر المملوكي:



    يعد العصر المملوكي بحق العصر الذهبي لمدينة القدس الشريف، فقد ازدهرت المدينة المقدسة فيها ازدهاراً قل نظيره، وازداد سكانها، كما ازدهرت الحركة العلمية فيها ازدهاراً كبيراً، وانتشرت المدارس والقباب والمساطب التعليمية في كل مكان، وساد الرخاء في المدينة بشكل عام.



    المماليك قوم أحبوا القدس الشريف وأعطوها من وقتهم وجهدهم الكثير، والمدينة التي نراها في أيامنا الحالية معظمها تعود للعصور المملوكي. كما أن الفنون المملوكية في الزخرفة والبناء كانت من أجمل ما مر على المدينة المقدسة أيضاً.



    يمتد العصر المملوكي في القدس الشريف منذ عام 648 – 922هـ، أي حوالي 270 عاماً ازدهرت فيها الحركة الثقافية والعمرانية في المدينة المقدسة، ومن أفضل من تكلم وكتب عن هذه المرحلة مجير الدين الحنبلي رحمه الله، وذلك في كتابه المتميز: (الأنس الجليل في تاريخ القدس والخليل) وقد عاصر المؤلف الحكم المملوكي في أزهى أوقاته، ووصف القدس في ذلك الزمان بدقة، كما أنه وصف أحداث ذلك العصر سنة بسنة حتى سنة 900هـ أيام الملك الأشرف قايتباي.



    وإذا ذكرنا القدس والمماليك فإننا لابد أن نذكر أهم إنجازاتهم في القدس الشريف، فمن أفضل وأحسن إنجازاتهم في المسجد الأقصى المبارك:



    - ترميم السلطان محمد بن قلاوون الصالحي رحمه الله للجامع القبلي وقبة الصخرة المشرفة، حيث أضاف إليهما الكثير من الزخارف المملوكية الراقية، ومن أهم تلك الآثار والزخارف الزخارف الجميلة المضافة إلى قبة الصخرة من الداخل، مع الكتابة التأريخية للسلطان صلاح الدين والسلطان محمد بن قلاوون، وأيضاً الزخارف الجميلة داخل قبة الجامع القبلي لنفس السلطان محمد بن قلاوون.



    - إضافات السلطان الملك الأشرف قايتباي للمسجد الأقصى المبارك، ومن أهم آثاره في المسجد بناء المدرسة الأشرفية وسبيل قايتباي، وقد وصفت المدرسة الأشرفية بأوصاف عديدة، حتى عدها الكثير من المؤرخين الجوهرة الثالثة في المسجد الأقصى المبارك بعد قبة الصخرة المشرفة والجامع القبلي.



    - الأوقاف الكثيرة التي أوقفها سلاطين وحكام المماليك على المسجد الأقصى المبارك، ومنهم مثلاً الأشرف برسباي الذي أوقف قريتي: (العوجا) و(النويعمة) في غور الأردن قرب أريحا على قبة الصخرة المشرفة، وما تزال لوحة الوقف منحوتة قرب الباب الشرقي لقبة الصخرة المشرفة، كما اشتهر المماليك بكثرة مدافنهم في القدس، ومنها مثلاً قبر الست تركان خاتون، وبناء سرايا الست طنشق المظفرية، التي دفنت قربها، وهي الآن مدرسة تسمى (مدرسة دار الأيتام) في القدس الشريف.



    وننقل هنا ما ذكره الشيخ ناجح بكيرات في تصنيف أهم أعمال وترميمات المماليك في الأقصى المبارك، فيقول: (( فهذا الملك المنصور سيف الدين قلاوون يستبدل جزءاً من سقف المسجد ، ويجري ابنه الملك الناصر ، محمد بن قلاوون ترميمات واضحة في زخرفة القبّـة ويزين الجدران بالرخام ، وذلك في سنة 728 هـ ـ 1327 م ، وقد خلّو ذلك في نقش دائري موجود في ا لقبّـة من الدّاخل جاء فيه

    " بسم الله الرحمن الرحيم ، جدّدت هذه القّـة المباركة في أيّام مولانا السلطان الملك الناصر العادل المجاهد المرابط المثاغر المؤيّد المنصور ، قاهر الخوارج والمتمردين محي العدل في العالمين ، سلطان الإسلام والمسلمين ، ناصر الدنيا والدين ، محمد بن السلطان الشهيد الملك المنصور قلاوون الصالح تغمّده الله برحمته في شهور سنة ثمان وعشرين وسبعمائة"



    ثمّ يتسلّم الراية الملك الكامل سيف الدين شعبان، ثمّ الملك الناصر، ناصر الدين حسن، ثمّ الملك الأشرف سيف الدين إينال، وهذا السلطان هو الذي قام بوضع المصحف الشريف الضخم في المسجد الأقصى، وقام بترتيب القراءة، ورتّب لذلك قارئاً وأوقف عليه أوقافاً.



    وإنّنـا لنجد هؤلاء الأبطال قد رمّمـوا معظم نواحي المسجد فقد قاموا بإصلاح أقواس الرواق الشمالي وجدّدوا الشّرفات العلويّة وأصلحوا القبّـة من الدّاخل والخارج، وكسوا سطح المسجد والقبّـة بالرّصاص وفي نهاية عصرهم قام الأشرف قانصوة الغوري 906ـ 922 هـ (1501ـ 1516 م ) بأعمال إصلاحيّة كثيرة حيث أحكم تصفيح سطح المسجد وقبته بالرصاص و بيّض الجدران ،ودهنت الأبواب ،ورممت الأعمدة والواجهات ،واعتقد أنّ المسجد الحالي هو نفس المسجد الذي تركه لنا المماليك وخير شاهد على ذلك المؤرخ مجير الدين العليمي (1496م) فقد كان المسجد في زمانه يشبه إلى حد كبير المسجد الحالي)) انتهى كلام الأستاذ الشيخ ناجح بكيرات.



    وللمماليك أيضاً في الأقصى المبارك إلى الآن العديد من الآثار نذكر منها:



    1- باب القطانين (وهناك بعض الأبواب الأخرى، ولكن هذا الباب هو أجملها وأتقنها بناءً، بناه بشكله الحالي السلطان محمد بن قلاوون).

    2- سبيل قايتباي، وهو أجمل سبل المسجد الأقصى المبارك على الإطلاق، أمر ببنائه بشكله الحالي السلطان الملك الأشرف قايتباي، وتم تجديده في العصر العثماني ولكنه بقي بنفس شكله الأصلي إلى هذا اليوم.

    3- الرواق الغربي للمسجد الأقصى المبارك، بني بشكله الحالي على أيدي عدة ملوك من المماليك.

    4- المدارس التي انتشرت بغزارة في محيط المسجد والمدينة المقدسة وما تزال إلى اليوم.

    5- وهناك الكثير غيرها من الآثار التي لا يتسع المجال لذكرها.



    وهكذا فإننا نرى الحركة العمرانية توسعت بشكل كبير في أيام المماليك في القدس الشريف والمسجد الأقصى المبارك، وبقيت كذلك إلى فترة الضعف التي بدأت تعتري الدولة المملوكية بعد وفاة السلطان الملك الأشرف قايتباي، حتى عام 922هـ، عندما سلمت القدس قيادتها للسلطان سليم العثماني مع أخواتها من مدن الشام، وبالتالي بدأ عصر جديد في المدينة المقدسة هو العصر العثماني.



    العصر العثماني:



    بدأ العصر العثماني في القدس قبل أن تنقرض الدولة المملوكية، فالقدس كانت من المدن الأولى في الشام التي حكمها العثمانيون عند وصولهم إلى المنطقة.



    وتميز العصر العثماني باستمرار حركة البناء النشيطة في القدس الشريف، كما تميز بظهور أنواع من التطور الاجتماعي والفني العثماني وانتشارها بكثرة في المدينة، مثل الانتشار الكبير للتكايا في المدينة على سبيل المثال ومن أشهرها: تكية (خاصكي سلطان) التي أوقفتها (روكسيلانة) زوجة السلطان سليمان رحمه الله للفقراء، كما انتشر الطراز العثماني في البناء في القدس وخاصة في مجال بناء المساجد.



    ومن أشهر الأحداث والسلاطين في العصر العثماني:



    1- السـّلطان سـليمان القانوني ( 969 هـ / 1561 م ) الذي رمّم معظم المسجد وخاصّة الجهة الجنوبيّة منه، كما قام السلطان رحمه الله بتجديد بناء سور المدينة المقدسة وهو السور الذي ما زال ظاهراً إلى الآن، كما قام رحمه الله بإزالة الفسيفساء من الجدار الخارجي لقبة الصخرة المشرفة واستبدل بها البلاط القاشاني الأزرق الذي لازلنا نراه إلى اليوم.



    2- وبعد ذلك أكمل العمل السّلطان محمود الثّاني 1223هـ / 1817م والسّلطان عبد المجيد وعبد العزيز رحمهم الله.



    3- ثمّ جـاء في نهاية الدولة العثمانية الدّور الجليل المعروف للسّلطان عبد الحميد الثّاني 1293ـ 1876م والذي رفض (كما يعرف الجميع) تسليم المدينة والأرض المقدسة لليهود أو السماح لليهود بالاستيطان في فلسطين، كما أن من آثاره الجليلة في الأقصى المبارك ما عمله في قبة الصخرة المشرفة، حيث ذكر أنه كان أوّل مـن أعلن عن مسابقة خطيّة في الخط العربي فدعا الخطاطين للاشتراك في تقديم نماذج من خطوطهم ، واختار منهم اثنين هما: (محمد شفيق)، وهذا الخطّاط هو الذي كتب سورة (يس)، قلب القرآن الكريم، حول قبة الصخرة المشرفة بالخطّ الثلث، كما اختار (عبد الله الزهري) الذي قام بكتابة السورة نفسها في المسـجد الحرام والمسـجد النبوي.



    ومن أهم الآثار العثمانية في المسجد الأقصى المبارك:



    1- القباب العثمانية، ومنها قبة الخضر وقبة النبي والأرواح وغيرها.

    2- مئذنة باب الأسباط الأسطوانية المستديرة.

    3- الخلاوي العثمانية التي تنتشر في ساحة الصخرة المشرفة، والخلاوي جمع (خلوة) وهي أماكن كانت تبنى خصوصاً لبعض العلماء والزهاد لينقطعوا فيها ويختلوا بأنفسهم للعبادة والدراسة والتفكر.

    4- كما يوجد في المسجد العديد من الآثار العثمانية الأخرى التي لا يتسع المقام لها ضمن هذه الدورة المبسطة.



    وبقي الأمر في القدس الشريف كما هو حتى بداية الانحدار في الدولة العثمانية، الأمر الذي أثر سلباً بالطبع على الحركة العلمية في القدس الشريف كما أثر على باقي أنحاء الدولة.



    الاحتلال البريطاني ودور المجلس الإسلامي الأعلى:



    وهكذا شاء الله تعالى لهذه المدينة المقدسة أن تقع في الظلام مرة أخرى على يد البريطانيين، الذين دخلوا المدينة المقدسة محتلين عام 1917م، وذلك بقيادة الجنرال (ألنبي) الذي من العجيب ما ذكر عنه عند دخول المدينة المقدسة محتلاً غازياً، ومذكراً بالهدف الأساسي لحربه.. فقد قال مقولته الشهيرة: (الآن انتهت الحروب الصليبية).



    إلا أن نور الخير الباقي في هذه الأمة لا يزال يضيء ولو في أشد حلكات الظلام، ففي هذا العصر (عصر الاحتلال البريطاني) قام في القدس (المجلس الإسلامي الأعلى) بقيادة الحاج (أمين الحسيني) رحمه الله تعالى، ومن أروع أعمال المجلس الإسلامي الأعلى التي ذكرها الكثير من المؤرخون بماء من ذهب (وننقل هنا عن الأستاذ ناجح بكيرات في "دموع على أعمدة الأقصى"): ((أنّه (أي المجلس الإسلامي الأعلى) حينما رأى الخراب في المسجد بحيث أنّ الأعمدة انحرفت عن موقعها الأصلي ، حتّى أنّ القبّة التي هي أنفس شئ في المسجد لم يعد إصلاحها سهلاً ، وفوراً طلب من الأستاذ الشّهير المرحوم كمال الدّين بك أن يتولّى عمارة المسجد الأقصى، فلبّى الطّلب وقدم من الأستانة في عام 1923، وقام الأستاذ كمال بتأليف لجنة من المهندسين ووضعت التصميمات الدّقيقة لترميم الأقصى وتدعيم القبّة التي أصابها التلف بشكل واضح، وتجديد نوافذ الجبس الملوّنة، وقد جمع لهذا العمل 94952 جنيهاً 141ملّيماً من أنحاء العالم العربي والإسلامي، وقد نجح المجلس الإسلامي بتنفيذ مشروعه الضّخم، وبينما كان المجلس جادّاً في تنفيذ برنامجه بالعمارة والإصلاح والتجديد وإذ بالدّموع ثانية تصيب فلسطين والأقصى فكان زلزال عام 1927وذلك بعد إنجاز العمل بقليل، حيث قدّر الخبيرون وأهل الفنّ بأنّ الزلزال لو سبق عمارته لانهار جميعه وأصبح الأقصى أثراً بعد عين لا سمح الله، وما هي الاّ سنوات عجاف واضطراب وزلازل أخرى ضربت المنطقة فتصدّع المسجد وبدأ المجلس بأصلاحه سنة 1938 وانتهى سنة 1943م.



    وبعد هذه الفترة يقوم المجلس الإسلامي الأعلى بالقدس الشريف بتعميرات بدأت منذ عام 1938 وانتهت 1943م، وقد كتب عن هذه الفترة العديد من التّقارير والكتب، وكان من أشهر الذين أرّخوا لهذه الفترة الأسـتاذ عارف العارف حيث ذكر في كتابه قوله " وتلخصت أعمال الترميم بهذا الرّواق الشّرقي وإعادة بنائه من جديد")) انتهى كلام الأستاذ الشيخ ناجح.



    الحكم والترميم الأردني:



    وهنا بدأت بوادر احتلال جديد وغزو آخر من نوع مختلف..!! غزو كغزو الجراد الذي يدمر التاريخ والحضارة، هو غزو أخس خلق الله على الإطلاق، اليهود، الذين مهد لهم البريطانيون أفضل وأحسن تمهيد لاحتلال المدينة المقدسة، حتى سلموهم البلاد والعباد عام 1948م، وانتهى فيها الاحتلال إلى أسوار القدس الشريف، التي شاء الله أن يقيض لها رجالاً يذكرهم التاريخ بعزة وشموخ، ومنهم القائد (عبدالله التل) رحمه الله، الذي استسلمت على يديه الحامية اليهودية التي كانت في البلدة القديمة للقدس، والتي انهزمت شر هزيمة على يديه رحمه الله برغم قلة الموارد والإمكانيات، ووقع قائدها موشيه روزنك اتفاق استسلام مع القائد عبدالله التل كان هذا نصه:



    الفريق الأول: وكيل القائد عبد الله التل.

    الفريق الثاني: قائد الهاجناه في القدس القديمة موشيه روزنك.



    بناء على الطلب المقدم من يهود القدس القديمة للاستسلام قدم الفريق الأول الشروط فقبلها الفريق الثاني وهي:



    1- إلقاء السلاح وتسليمه للفريق الأول.

    2- أخذ جميع المحاربين من الرجال أسرى حرب.

    3- السماح للشيوخ من الرجال والنساء والأطفال ومن كانت جراحهم خطيرة، بالخروج إلى الأحياء اليهودية في القدس الجديدة بواسطة الصليب الأحمر.

    4- يتعهد الفريق الأول بحماية أرواح جميع اليهود المستسلمين.

    5- يحتل الجيش العربي الأحياء اليهودية في القدس القديمة.

    28/5/1948م

    الفريق الأول: عبد الله التل

    الفريق الثاني: موشيه روزنك



    وبذلك تم تسليم القسم الشرقي من القدس بعد سقوط القسم الغربي (عقب استشهاد القائد عبد القادر الحسيني رحمه الله) للجنود الأردنيين، وتم ضم المدينة المقدسة إلى شرق الأردن ليبدأ فيها الحكم الأردني الذي استمر منذ عام 1948م – 1967م، أي لمدة 19 سنة أوقف الله اليهود خلالها على أسوار المدينة المقدسة، وكان هناك عدة ترميمات هاشمية في المسجد الأقصى المبارك خلال تلك الفترة، وهو ما حمى المسجد الأقصى المبارك بعد ذلك – بحمد الله – من الكثير من الأخطار وبخاصة أخطار الحفريات من أن تهدده طوال الفترة الماضية والحمد لله رب العالمين.



    الاحتلال اليهودي الغاشم:



    في وقت اشتدت فيه الخطوب والمحن.. ضاعت من الأمة ذاكرتها في لحظة من الزمان.. فضاعت القدس.. وأذن الله بأن تبدأ الأمة امتحاناً شديداً لاسترداد البيت المقدس مرة أخرى كما كان الامتحان الأول أيام الصليبيين، ولكنه هذه المرة أشد وأقسى وأصعب، فالمرارة كبيرة والذل صعب، وإنا لله وإنا إليه راجعون.



    دخل اليهود المدينة المقدسة يوم 7/6/1967م، وكانوا بزعامة قائدهم موشيه دايان وزير الدفاع الإسرائيلي يومها، وأحد كبار قادته: إسحق رابين، وعندما دخل اليهود منطقة المسجد الأقصى المبارك كانوا يتصايحون: (جبل المعبد بأيدينا) ومما نقل عنهم في الإذاعة العبرية أن بعضهم قام ونفخ في المزمار اليهودي في المسجد الأقصى المبارك إيذاناً بـ(عودة) اليهود إلى القدس، وإيذاناً باحتلال المدينة المقدسة والبقعة الأغلى، بل إنهم قاموا برفع علمهم فوق قبة الصخرة المشرفة، وبقي الأقصى مغلقاً لهؤلاء أياماً، حتى قامت قوات الاحتلال اليهودي بتسليم المسجد إلى الأوقاف الإسلامية الأردنية مرة أخرى خوفاً من ردة الفعل الإسلامية، وعملاً بنصيحة الحاخام: ( زيرح فارحارتك ) وزير الأديان الإسرائيلي آنذاك لأسباب تتعلق بالعقيدة اليهودية.



    وخلال فترة الاحتلال اليهودي الغادر للمدينة المقدسة تعرض المسجد الأقصى المبارك لأبشع أشكال الإهانة والعذاب والاعتداءات، لعل أبشعها كانت المجازر الثلاثة التي ارتكبها اليهود على أرضه الطاهرة، ففي مجزرة الأقصى الأولى بتاريخ 8/10/1990م سقط 17 شهيداً في أروقة المسجد، وخلال المجزرة الثانية التي تسمى معركة النفق بتاريخ 24/9/1996م سقط في الأقصى المبارك 3 شهداء، وارتفع العدد خلال مجزرة الأقصى الثالثة بتاريخ 29/9/2000م ليسقط 5 شهداء على الأرض الطاهرة المقدسة.



    ولا تعد هذه المجازر هي الوحيدة في أرض الأقصى المبارك، فقد هاجم اليهود المسجد واعتدوا على المصلين أكثر من مرة مثل اعتداء (ألان جودمان) على قبة الصخرة المشرفة، والذي خلف شهيدين أحدهما من حراس المسجد الأقصى المبارك، وكان ذلك يوم 11/4/1982م، واكتشفت مئات المحاولات لتدمير المسجد وتدنيسه.



    ولعل أحد أهم الأحداث المؤلمة التي مرت على المسجد الأقصى المبارك جريمة الحريق المشؤوم يوم 21/8/1969م والتي ارتكبها اليهودي الأسترالي (دينيس مايكل روهان)، والتي أتت على رمز النصر والعزة الإسلامية، منبر نور الدين محمود زنكي رحمه الله تعالى.



    ولا يتوقف الأمر عند الحفريات التي تجريها سلطات الاحتلال الباغية في محيط وتحت أسوار المسجد الأقصى المبارك بالكامل، فالحفريات لا تقع (كما يتخيل البعض) تحت الجامع القبلي فقط، بل إنها تمتد في مكان تحت كال مساحة المسجد الأقصى المبارك وتحت كامل أسواره الجليلة في محاولة لمسح معالمه بالكامل عن وجه الأرض إن استطاعوا إلى ذلك سبيلاً.



    الترميمات في عصر الاحتلال اليهودي:



    استمرت الترميمات – رغم صعوبتها الشديدة – في المسجد الأقصى المبارك رغم الأحداث المتعاقبة والاعتداءات المتوالية من الظالمين على المنطقة المقدسة، وكانت هذه الترميمات والتصليحات والتطويرات تتم على يد أبناء مدينة القدس الشريف وبعض الجمعيات واللجان الخيرية تارة، وبيد بعض الحكومات العربية والإسلامية تارة أخرى.



    ومن أهم التطورات التي طرأت على المسجد الأقصى المبارك من حيث الترميم:



    - ترميم المسجد الأقصى المبارك من آثار الدمار وترميم الجامع القبلي من آثار الحريق الآثم عام 1969م، وكان ذلك على يد الأوقاف والحكومة الأردنية.



    - ترميم قبة الصخرة المشرفة وتغيير كسوتها المذهبة وفرشها بالسجاد الفاخر على يد الملك الراحل الحسين بن طلال ملك المملكة الأردنية الهاشمية، وتم ذلك عام 1995م.





    - ترميم المصلى المرواني وافتتاحه للصلاة رسمياً لأول مرة في التاريخ، وذلك على يد كل من مؤسسة الأقصى في مدينة أم الفحم (وتسمى أيضاً أم النور) في داخل الخط الأخضر، ولجنة التراث الإسلامي في القدس، ودائرة الأوقاف الإسلامية الأردنية في القدس الشريف، وتم ذلك عام 1996م، ثم تبرعت حكومة مصر بفرش المصلى المرواني.



    - ترميم وافتتاح الممر الأموي تحت الجامع القبلي، والذي يسمى (الأقصى القديم) عام 1999م على يد نفس الجهات التي ذكرناها سابقاً، وتم فرش هذا المكان على يد بعض المحسنين من تركيا.



    - فرش الجامع القبلي وإصلاح أرضيته بالتعاون بين نفس الجهات الثلاثة، وكان ذلك عام 2000م وتم على نفقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي أمير الشارقة.



    - افتتاح البوابات المروانية العملاقة التي كانت مطمورة تحت الأرض في المنطقة الجنوبية الشرقية من المسجد الأقصى المبارك، وعمل ساحة حديثة جميلة البناء سميت (الساحة الشرقية) وذلك على يد نفس الجهات، وتمت إضاءة المكان على نفقة دولة الإمارات العربية المتحدة ممثلة بهيئة الهلال الأحمر.



    وهكذا نرى أن أهم الترميمات والتصليحات في المسجد الأقصى المبارك لا تتم إلا بتضافر جهود المسلمين واجتماع كلمتهم، وفي ذلك عبرة وآية على الطريق.. لعل المؤمنين يجمعون كلمتهم ويقومون للمهمة العظمى والغاية الأسمى، تحرير البيت المقدس.



    إلى هنا نتوقف في دراسة تاريخ المدينة المقدسة، حيث يتوقف الأمر لدينا عند احتلال المدينة المقدسة على يد أخس خلق الله، بانتظار الجيل القادم بإذن الله تعالى لتحريرها من براثن الظالمين.



    ولعلك تجد في هذه الأسطر اختصاراً قد تظنه كبيراً، وإنما تركنا الكثير من الأحداث والخطوب، لأجل الاختصار في المادة المبسطة لهذه الدورة، ولكي لا نخرج عن المادة العلمية التاريخية الخاصة، ولعل الأمر يحتاج إلى مجلدات لشرح ما حدث في الأقصى منذ تلك اللحظة إلى الآن، ولذلك فإننا نترك لك المجال لتبحث وتنقب عن أحداث الأقصى المبارك، ولعل الله تعالى ييسر التوسع في هذا الأمر بإذنه تعالى في مجال آخر، ونتوقف هنا لننتقل إلى القسم الأخير من دورة علوم المسجد الأقصى المبارك، وهو (الأقصى عند غير المسلمين) في المادة القادمة بإذن الله سبحانه.

    http://www.samidoon.com/general/docu...a7_al-deen.htm

    «®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»"رَبَّنا آتِنا فى الدُّنيا حَسَنةً، وفى الآخرةِ حَسَنةً، وقِنا عَذابَ النَّارِ"«®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»

  3. #3
    مترجم اللغة العثمانية / باحث ومفكر الصورة الرمزية منذر أبو هواش
    تاريخ التسجيل
    08/10/2006
    العمر
    73
    المشاركات
    3,361
    معدل تقييم المستوى
    21


    أخي وأستاذي
    شكرا على هذه التغطية الواسعة
    نزولا وصعودا

    خبير اللغتين التركية و العثمانية
    Munzer Abu Hawash
    Turkish - Ottoman Translation
    Munzer Abu Havvaş
    Türkçe - Osmanlıca Tercüme
    munzer_hawash@yahoo.com

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •