صورة من صور
الاحتلال

استلمتُ ادارة معهد الدراسات الموسيقية ببغداد ، في ظروف قاهرة وعصيبة .. بعد ان تم نقلي من ادارة بيوت المقام العراقي بالحاح شديد من قبل اخي وصديقي القديم بيرج كيراكوسيان ، الذي اصبح مديرا عاما لدائرة الفنون الموسيقية حديثا .. والفترة الزمنية التي اتحدث عنها الآن كانت ما بعد عام 2000 حتى عام 2005 .. فعندما حل الاحتلال البغيض لبدلنا العراق .. كنت مديرا لبيوت المقام العراقي منذ سنوات قليلة .. وعندما استلم السيد بيرج كيراكوسيان ادارة دائرة الفنون الموسيقية عام 2003 رأى ان موقعي في بيوت المقام العراقي يمكن ان يشغله فنان آخر غيري .. في حين ان ادارة المعهد تحتاجني بالحاح شديد في ظل هذه الظروف للمساهمة في نهضته من جديد بعد ان كان قد تعرض للنهب والسلب والتدمير عشية الاحتلال ، من قبل فئة ضالة من المتخلفين الذين حطموا البلد ودمروه شر تدمير .. بحيث استلمت ادارة المعهد وهو خال من كل اثاثه وابوابه وشبابيكه ومقاعد طلبته وغير ذلك من محتوياته الاخرى ..!! سوى اشياء بسيطة جدا لاتستحق الذكر .. منها مثلا ، عدد قليل من الطاولات والكراسي شبه التالفة ..!
على كل حال ، شمَّرتُ عن ساعديَّ وجمعتُ اخوتي وزملائي الموظفين والمدرسين والطلبة ، وشحذت الهمم رغم كل الظروف غير المعقولة في سلبيتها ، للنهضة من جديد ، وبدأنا العمل بهمَّة عالية ، تدعمنا قدر المستطاع بصورة مباشرة دائرة الفنون الموسيقية ووزارة الثقافة .. وقد كان لحداثة فوزي بجائزة الماستر بيس a Masterpiece العالمية من منظمة اليونسكو .. بالغ التأثير على مسيرة عملي خلال ادارتي للمعهد التي استمرت اكثر من سنتين بقليل .. في العمل على نهضة المعهد واعادته الى الحياة العملية من جديد نسبيا .. حيث قمتُ بتذكير وزير الثقافة السيد مفيد الجزائري ، والمدير العام لدائرتنا السيد بيرج كيراكوسيان ، بان مضمون البحث الفائز بجائزة الماستر بيس الذي فزتُ به بالجائزة العالمية ، وبه اعلنت الامم المتحدة فوز العراق بهذه الجائزة في باريس يوم 7 تشرين الثاني November عام 2003 .. يتضمن تثبيت للكثير من المواقع الاثارية والبنايات التراثية التي تأثرت بظروف الحروب التي مر بها العراق ، فضلا عن الحصار الظالم الذي استمر ثلاثة عشر عاما تقريبا .. ابان غزو العراق للكويت عام 1990 .. وانطلاقا من كون البحث فائزا بالجائزة الاولى .. فانه يترتب على المنظمات الانسانية اينما وجدت ، انقاذ هذه الاثار والبنايات التراثية من التدمير والخراب ، باعتبارها ممتلكات انسانية .. ولعل منظمة اليونسكو اقرب كل المنظمات الانسانية لهذه المسؤولية .. وهكذا بادرت وزارة الثقافة العراقية بالاتصال بمنظمة اليونسكو وفاتحتها بتفصيلات الامر ، حتى رصدت المنظمة مبلغ من المال قدره 250000 $ مئتان وخمسون الف دولار امريكي ، تم بها اعادة ترميم وصيانة المعهد من جديد خلال فترة ادارتي للمعهد ..



صورة لشهادة الجائزة الممنوحة من اليونسكو لـ حسين الاعظمي






























حسين الاعظمي بتحدث في قصر المؤتمرات عن فوزه بجائزة الماستر بيس
في الاحتفال الذي اقامته وزارة التربية بهذه المناسبة في 31/3/2004

لعل الصورتان ادناه تبين صورة من صور ما خلـَّفه لنا الاحتلال البغيض من تأخر وتدمير وخراب .. اذ يظهر فيها الفنان الكبير الاستاذ فؤاد السادن مدرس آلة الكمان في المعهد وهو يلقي محاضرته العملية لاحد الطلبة ، وقد وضع ورقة النوتة فوق عدد كثير من الكراسي لتكون في مستوى نظر الطالب ، لأن المعهد لم يكن يمتلك حتى (ستاند Stand) واحد للنوتة ليضع ورقة النوتة عليه ..!! ولشعور الاساتذة والطلبة بالمعاناة لمثل هذه الظواهر والصور المحزنة .. قمتُ بتصوير الكثير من الظواهر المشابهة ، ومنها هذه الظاهرة التي توضحها هاتان الصورتان وهي حالة من الحالات المشابهة التي تعيشها كل دوائر العراق حتى يوم الناس هذا ..! ولعل السؤال الذي يطرح .. هو لماذا تركت المعهد وقدمت استقالتي بعد اكثر من سنتين لادارتي له ..؟ والسبب استلامي اكثر من تهديد شخصي ينذرني فيه كاتبوه بضرورة استقالتي وتركي للمعهد ، وإلا تكون النتائج وخيمة ..!!؟ كذلك كانت رؤيتي المستقبلية القادمة للتغيرات الادارية في الوزارة والدائرة ، هي الاخرى ستكون غير ملائمة للعمل بالنسبة لي .. يقابل ذلك استعداد المعهد الوطني في عمـَّان التابع الى مؤسسة الملك حسين لضمي الى هيئته التدريسية .. وهو المكان الذي وجدت فيه الامان والراحة التامة .. والحمد لله على كل شيئ ..







صورتان / الاستاذ فؤاد السادن مع احد
طلبته خلال محاضرته العملية ..





صورتان / الاستاذ فؤاد السادن مع احد
طلبته خلال محاضرته العملية ..











حسين اسماعيل الاعظمي
مدير معهد الدراسات الموسيقية
في بغداد
2003 - 2005