دردشات مع الذات الوطنية والقومية :
الخطـر الكامـن . . .
الخطر المكشوف . . .
باقر الصراف ـ كاتب عراقي مقيم في هولندا
9 / 11 / 2009
الحلقة الرابعة والأخيرة
ـ 4 ـ
الإستراتيجية السياسية الإيرانية كانت ، ولا تزال ، تثير التنوع المخاتل في التفسير السياسي ، بسبب نابع من نجاح الدبلوماسية الإيرانية في تمرير مواقفها بثلاثة وجوه سياسية من أجل تضييع الفرصة على الآخرين لمعرفة الموقف السياسي الحقيقي لـ((إيران الإسلامية)) . . . من ناحية ، وقراءة البعض لصفحة التطورات السياسية الإيرانية على ضوء الخطاب السياسي الإيراني المعلن : أي الجانب الأيديولوجي الدعائي ، وليس وضع معيار الحقائق السياسية كما هي على شاشة كشف التوجهات الحقيقية لفاعليها وهو ما يفترض أنْ يفعله كل متابع حصيف ومدرك يبحث عن الحقيقة ، من الناحية الثانية ، ومن أجل إزالة الغبش التضليلي عن المزاعم الفكرية والسياسية نرى ضرورة الرجوع لـ((البرنامج السياسي)) الإيراني الواقعي والفعلي والمُمارس على الأرض ، كي يمكننا قراءة المواقف السياسية الحقيقية للنظام الإيراني الذي تقوده في اللحظة التاريخية الراهنة سلطة الملالي .
قبل البدء بمناقشة هذا ((الاِفتراض المسبق)) علينا الإقرار بوحدانية القرار السياسي المركزي في السلطة الإيرانية ((القائدة للدولة)) وسنتخذ المؤشرات التاريخية التالية :
1 ـ إنَّ مفهوم ((القيادة المنزهة عن الأخطاء)) هو مفهوم تاريخي فارسي قديم ، مرتبط بثقافة فارسية موغلة في القدم ، أي قبل بزوغ فجر الرسالة العربية الإسلامية المباركة ، التمركز المطلق والأوحد والمتفرد في السلطة التشريعية والتنفيذية مظهرها الأيديولوجي الأكبر في الحكم ، التي تجتمع في شخص الملك الكسروي الذي لا يرد له قرار : مهما كان مستواه وأبعاده ، ولا يناقش في مبررات صدوره تجاه الآخرين مهما كانت تفصيلاته ، أيْ أنَّ كلام ((الملك الكسروي)) يعبر عن إرادته الشخصية الكلية ، وهي عبارة عن الحكم المطلق الصادر عن الذات ((الإلهية / النارية)) ، هيئته ((المعصومة)) كاملة وشاملة وتامة باللغة الدينية المتداولة في هذه الأيام ، كان الدعم الديني الزرادشتي لهذا المسوغ العصموي جاهزاً في ((النص المقدس)) والتأييد من قبل مفسري هذا النص الديني متوفر على الدوام .
كان ((القضاء الفارسي)) الذي يتحكم بأعمار الأحياء توجد حصراً ، في يد الذات الملكية / الإمبراطورية الكسروية ، ومن حقه فقط إصدار حكم الموت بحق المذنبين أو غير المذنبين ، والعفو عن العباد / المواطنين المساكين الساكنين في مملكته سواء اِرتكبوا ذنباً بحق الشأن الإمبراطوري : أي ((الوضع العام)) ، أو لم يقدموا على إيراد أي خدش بحق ((الوضع العام)) ، وكان بمجرد صدور الإشارة للجلاد / السياف بتنفيذ أوامره المطلقة لكي يجعل رأس المواطن الفارسي / العبد / المتهم متدحرجاً أمام الملك أو حبيساً في أحد سجون المغلقة ، كما يورد ذلك المؤرخ الكبير الدكتور عبد العزيز الدوري في دراسة علمية وتاريخية له صدرت في العام 1951 يبحث فيه عن النظم الإسلامية ، وهناك بعض التفصيلات عن ذلك الوضع متوفرة في الصفحتين 17 ـ 18 .
2 ـ الشاه محمد رضا بهلوي الذي مضى إلى حتفه في القاهرة مريضاً بالسرطان ومبعداً عن مركز السيادة في ((إمبراطورية أريامهر)) بالعاصمة الإيرانية : طهران ، كان وضعه المركزي في النظام السياسي السابق لا يختلف عن ((وضع القيادة المنزهة عن الأخطاء)) السـالفة في العصور السحيقة في القدم . . . أي قبل ظهور الدعوة الإسلامية المجيدة ، التي كانت سائدة في العهد الفارسي الكسروي القديم ، فكل القرارات كانت تصدر عنه هي ((خالية من الأخطاء وصافية تستلزم الطاعة)) وينفذها جهاز إداري تنامي فعله القائم على السمع والطاعة من دون أي اِعتراض مهما كان نوعه أو حجمه ، وكان جهاز الرقابة الصارم الذي أشرفت على صنعه السي آي أي : أي منظمة ((السافاك)) الأمنية المجرمة له بالمرصاد وإعمال اللازم : التعذيب والسجن والرمي في المجهول . وتتوقف كل الأمور الخاصة والعامة عند مشيئته الفردية الخاصة لاسيما على الصعيد الداخلي : كان كلامه قرار ، إشارته حكم ، اِقتراحه الحصيف نافذ ، سياسته الداخلية العامة لا ترد ، تحالفاته السياسية والعسكرية والأمنية مع ((السيد الأمريكي)) أبدية حتى لو كانت على حساب إيران ، الأريامهر هو الكل المتمم للجزء الفارسي والجزء هو الضرورة التي تضفي على الكل لونها ((البهي)) ، الرؤية العنصرية الفارسية هي المقدسة الذي لا يأتيها الباطل من أي جهة كانت عالية أو سافلة .
3 ـ سلطة ((الولي الفقيه)) في النظام السياسي للملالي الذي يسطر على الحكم الراهن في جمهورية إيران ((الإسلامية)) هي الأخرى شاملة طاغية كلية الحق ، مزجت مرة أخرى بين السياسة العنصرية المبنية على الرؤية الفارسية ، من ناحية ، والروح المذهبية الطائفية المبنية على تماس متماهٍ مع الرؤية الصفوية ، من ناحية أخرى ، سلطة الولي الفقيه السياسية غدت شمولية وكلية ومطلقة وفق أي مقياس ، والبلهاء من الأتباع المتراصفين حول لتلك الرؤية الطائفية يصفقون أينما كانوا سواء في الداخل ، وأينما أصبحوا أو كانوا في الخارج ، كانت الرؤية السياسية العنصرية والطائفية التخطيطية ترسخ المعاني التي تنطوي عليه خصائص ((اللاخطأ)) و((المعصوم)) : أي أنه ظل الله في الأرض ، يقرر ما يرتئي وصدر القرار الذي يرتئي ، يعمل ما يشاء وبما شاء وحول أي شيء يشاء ، الله الواحد الأحد الفرد الصمد في السماء ، و((الولي الفقيه)) الحاكم على البشر العائشين في ظل ((الدولة الثيوقراطية الإيرانية)) يتفرد بالحكم فوق الأرض ، كأنما يتقاسـم ((الله الذي يقول للأشـياء : كن فيكون)) ، من جهة ، و((الذات العلية)) للولي الفقيه القرار السياسي ضد الأفراد ، من جهة أخرى ، قسمة عادلة تماماً من وجهة نظر الولي الفقيه ومَن يدور في فلكه ويخدم في بطانته ((المنزهة)) .
كأنَّ الله الواحد السرمدي والعادل في السماء العلوية ، أوكل ((مهامه الكلية)) لنائب الإمام الخامنئي في طهران وهو الذي يتربع على عرش المرجعية الرسمية المنفردة ، و((الولي الفقيه)) هو نائب الإمام الثاني عشر المعصوم في الفقه الإمامي ، وكفى بتلك الوصفة الإيمانية الحادة دواء شافياً وترياقاً كاملاً ، يلجم كل تساؤل أو اِعتراض مهما كان صغيراً أو تافهاً ، إعلان قرار الحرب على الآخرين مثل إيقافه يتم ((بتجرع السم)) رغم الزعم بتحقيقه النصر العسكري على ((الخصم)) ، واليافطة العريضة التي تعنون جريان الدم المسفوح من قبل البعض ، هو تقديمه على مذبح الأهداف السياسية لـ((تصدير الثورة)) إلى المواقع الأخرى سواء أكانت نحو المواقع الجغرافية القريبة : كالعراق وبعض بلدان الخليج العربي أو البعيدة كالجزيرة العربية واليمن ومصر والمغرب والجزائر .
والآخرون المعترضون على تلك السلطة المطلقة للولي الفقيه في الداخل الإيراني ، مهما كانت عناوينهم درجاتهم ((العلمية)) واِنتماءاتهم الفكرية أو الأيديولوجية : سواء أكانوا ينتمون للقومية غير الفارسية ، أو القومية الفارسية المتحكمة بالأوضاع السياسية والأمنية والاِقتصادية ، كما اِتضح ذلك في أعقاب ما يسمى بالاِنتخابات الإيرانية قبل فترة وجيزة ، هم عملاء الإمبريالية الأمريكية والبريطانية ، لهم ((التهمة الفارسية الصفةيى الجاهزة العمالة للغرب الأمريكي البريطاني وللرؤية الصهيونية ، أما المساعدات العسكرية الأمريكية والصهيونية لإيران في الصفقة المسماة بـ((إيران غيث)) ـ على سبيل المثال وليس للحصر ـ فأمرها نافلاً ولا تدعو للتفكير من قبل الأتباع في طول البلاد الإيرانية وعرض الأراضي الإسلامية العالمية ، طالما تقول الدعاية السياسية والمذهبية الإيرانية ما ترتئي وتفكر ، خصوصاً إذا كانت تلك الدعاية مقرونة بتقديم كمشات الذهب والأوراق النقدية الخضراء .
يحدد تعريف ((الولي الفقيه)) ـ وذلك بالاِستناد إلى السيد بأنه يشتمل على التالي : ((هو نائب، ووكيل المهدي المنتظر، وكيل النبي، الحاكم بالعدل، الناطق بالقسط، وهو إمام معصوم، و أمير للمؤمنين، وولي أمر المسلمين، الجامع للشرائط، يسوس أمر الأمة دينياً، وسياسياً، فهو حاكم سياسي، وحجة وحيدة للإسلام لا ترقى إلى مستواها أية حجة، وهو يُكتشف، ولا يُختار، وهو يأمر، ولا يؤمر، وعن الإمام الصادق قوله (من كان من الفقهاء صائنا لنفسه، حافظا لدينه، مخالفا لهواه، مطيعا لأمر مولاه، فللعوام أن يقلدوه) فيما يذهب محمد باقر الصدر إلى أبعد من ذلك ((النبي والإمام معينان من الله تعييناً شخصياً، أما المرجع فهو معين تعييناً نوعياً . . . ومن هنا كانت المرجعية كخط، قراراً إليهاً، والمرجعية كتجسيد، فهي فرد معين قراراً من الأمة، وارتباط الفرد بالنبي ارتباطاً دينياً، والرجوع إليه في أخذ أحكام الله تعالى عن طريقه يجعل منه مسلماً بالنبي، وارتباطه بالإمام على هذا النحو يجعل منه مؤمناً بالإمام، وارتباطه بالمرجع على النحو المذكور يجعل منه مقلداً للمرجع)) كما جاء في كتابه ((خلافة الإنسان وشهادة الأنبياء)) . نقلاً عن دراسة معنونة ولاية الفقيه بين النظرية والتطبيق ، بقلم السيد فهد الآغا المصري ، المنشورة في جريدة القدس العربي يوم 1 / 8 / 2009 .
إذاً ، البرنامج السياسي للدولة الإيرانية التي تقودها سلطة الملالي هو المعيار في القياس والموازنة التي تتيح لنا معرفة خلفيات وتوجهات هذا النظام العنصري الطائفي البغيض ، والتوسع الإقليمي هو الفيصل المشترك بين السلطات الفارسية الثلاث في الماضي والحاضر ، ذلك هو ثابت في الرؤية الإيرانية ، وخصوصاً يمكننا تلمس وقائع الفترات القريبة بشكل ملموس على مستوى النظام البهلوي الآريامهر + ونظام سلطة ولاية الفقيه . التوسع القومي الفارسي العنصري بالنسبة للنظام البهلوي ، والتوسع الفارسي العنصري المدموغ بالماركة الطائفية الصفوية عبر طريق تصدير مفهوم ((الثورة الإسلامية)) ، هما وجه العُملة الفارسية المشتركة للطرفين ، إذ أن هذه السلطة لم تراجع ما حققته إيران الشاه تجاه الوطن العربي في أي مرحلة مضت ، لا ضد القضية الوطنية الأحوازية التي تبلغ مساحتها حوالي فيما يبلغ عدد سكانها العرب الملايين التي تصل إلى قرابة العشرة ، ولا ضد مسألة شط العرب الذي تم الاِستيلاء على نصفه بعد ((التدخل)) الإسرائيلي الإيراني في شمال العراق ، إثر جريمة العام 1975 ، وكذلك على الأراضي العراقية المحتلة ، ولا ضد الجزر العربية الثلاث التابعة لدولة الإمارات العربية .
كلها أعمال توسعية وعنصرية أنجزت في العهد الراستيخي الإيراني السابق الذي كان يقوده حُكم الشاه محمد رضا بهلوي ، الذي ((ثارت)) عليه سلطة الملالي القائمة راهناً عليه بحجة عمالته للإمبريالية الأمريكية ، وهي حجة صحيحة بشرت به كل قوى المعارضة ضد حكم الشاه التي اِتسعت صفوف قواها إلى مختلف أغلب طبقات الشعب واِنتمت إلى مختلف المدارس الفكرية ، ولكن حكم الشاه التي كانت أفعاله المنبوذة والمدانة أتت بأفعال على المستوى الداخل : تطبيق البرنامج السـياسـي المرتبط بالرؤية الأمريكية / الصهيونية عبر ما سـميَّ آنذاك بـ((الثورة البيضاء)) ، والقمع والمطاردة والإعدام والتمييز لمن يختلف بالعمل معها بأي شكلٍ كان . . . إلخ ، من ناحية ، وفي الخارج الإيراني كان أبرز سمات موقفه السياسي تحوله إلى هراوة أمن الخليج وشرطي الحماية للمصالح الغربية في إطار الإستراتيجية العالمية للصراع التناحري التي كانت سائدة بين المنظومتين الرأسمالية الأمريكية ، و((الاِشتراكية)) بقيادة الاِتحاد السوفييتي ، من الناحية الثانية .
واليوم ، فإنَّ ما يجري في اليمن من تمرد وحرب شاملة على الدولة العربية الموحدة ، يعد النموذج الذي يشير إلى القاعدة السياسية والبرنامجية للتوجهات العنصرية لحكم الملالي ، فإيران الدولة تزودهم بمختلف أنواع الأسلحة لمواجهة الجيش اليمني ، وخصوصاً الأسلحة المضادة للطائرات ، والزمرة الحوثية المارقة عن الشرعية والدين تنجح في إسقاط الطائرات المتطورة التي تمتلكها دولة اليمن الموحدة ، في حين أنَّ سلطة الملالي لم تقدم أي دعم لحزب الله في لبنان الذي يتصدى للعدو الإسرائيلي على هذا المستوى ، في حين يعلم كلُّ مَنْ له إلمام بطبيعة الصراع الإستراتيجي في المنطقة العربية بأنَّ كيان الاِغتصاب الصهيوني يمتلك كل أنواع الأسلحة المتطورة وأنَّ العصب الرئيسي لقوة السلاح هذا هو الذي يتجلى بسلاح الجو الصهيوني .
فهل أنَّ اِنعدام الوعي بهذه المعادلة الإستراتيجية في عملية الصراع كان العنصر الأساس في عدم تزويد حزب الله بهذه الأسلحة المتطورة القادرة على مواجهة سلاح الجو الإسرائيلي الذي هو السيد المنفرد في سماء المنطقة العربية يقصف ما يشاء ويخترق ما يحلوا له الاِختراق ؟ ، أم الحسابات السياسية لسلطة الأمن الإيراني هي التي تجعل سقف الأزمة العامة الناجمة عن أبعاد هذا الصراع الإستراتيجي في المنطقة العربية بغية توظيف ((الجميع العربي الإقليمي)) في معركة التكتيكات التفاوضية مع واشنطن من أجل كسب المساومات على حساب الوطن العربي .
لنقرأ الصوت اليمني الذي يبدو حرصه على الوطن والمجتمع والدولة كبيراً وحاسماً التالي :
((قيام الثورة الإسلامية في 1979م لم يغير من الصورة شيئا، باستثناء استبدال إستراتيجية الشرطي الإقليمي بإستراتيجية تصدير الثورة، ما أدى إلى طرد السفير الإيراني من صنعاء في كانون الأول (ديسمبر) 1981 لقيامه بممارسات معادية، وبالتالي إعلان صنعاء وقوفها إلى جانب العراق في حربها مع إيران، لتشهد العلاقات بعد قيام الوحدة تحسناً ملحوظاً قبل أن تعود إلى دائرة التوتر، إثر ظهور حركة التمرد "الحوثية" بصعدة في العام 2004، بالتوازي مع موقف اليمن الرافض للحرب الأمريكية على العراق، والذي أثار استياء العديد من القوى الشيعية العراقية ما دفعها إلى دعم ومساندة "الحوثي" . . ما يهمنا من العرض السابق أن لإيران بغض النظر عن هوية وشكل النظام الحاكم، سياسات إقليمية ثابتة، محركاتها المصالح القومية والأوهام التاريخية، الدافعة بها على الدوام إلى توسيع النفوذ في الجوار الجغرافي والهيمنة، وعوامل تغذيتها الأهداف والمصالح الأيديولوجية، المتمثلة في استغلال الحركات الإسلامية والتي كانت ولا زالت تشكل عائقاً كبيراً أمام وجود علاقات إيرانية عربية سلسة. الورقة "الحوثية" باليمن تظل نموذجاً فاقعاً للدور الإيراني، سواء في مراحل التكوين أو التثوير أو التحفيز والدعم بأشكاله، في خطوة مكشوفة لتسييس وترويض زيدية اليمن، واستغلالهم ضد مؤسسات الدولة، ليسهل على إيران التغلغل وتمرير مشروعها التوسعي في المنطقة، على حساب اليمن وأمنه واستقراره. لكن ما لا يعرفه الكثير عن الحميمية المفاجئة تجاه زيدية اليمن، هو أن دافعه عائدٌ إلى العداء التاريخي بين الإثنى عشرية والزيدية والاختلافات الفاقعة في الكثير من القضايا الدينية الأصولية والفقهية ، والتي دفعت بالكثير من علماء الزيدية إلى نسف وتعرية الكثير من المعتقدات الخرافية للجعفرية، بصورة جعلت من صهر جليد التباينات المذهبية بينهما أمراً مستحيلاً، ولذا تم التوجه إلى استغلال السذاجة الحوثية، أملاً في تحويل مستحيل الأمس إلى ممكن اليوم. يأتي هذا في سياق مساعي إيران لتوحيد شيعة العالم تحت قيادتها بطوائفهم المختلفة حسب نص المادة 15 من دستورها، والذي بدأته عملياً في العراق، بالتوازي مع غياب أي مشروع عربي مناهض للأسف الشديد، وهذه النقطة تحديداً إحدى مقومات دعائم المشروع التوسعي الإيراني)) ، نقلاً عن دراسة السيد زيد خلف المحبشي المعنونة :اليمن وإيران ، المنشورة في صحيفة ((القدس العربي)) يوم 31 ـ 31 / 10 / 2009 ، وقام موقع التحالف الوطني العراقي www.iraqipa.net بنشره يوم 1 / 11 / 2009 .
وليس أدل على ذلك ما شهدته التطورات خلال الأسابيع الفائتة عندما تمكنت السلطات العسكرية اليمنية من اِحتجاز سفينة إيرانية بالجرم المشهود الذي تمثل بوجود : ((خبراء عسكريون إيرانيون بالقرب من ميناء ميدي القريب من صعدة)) وهم في طريقهم إلى أحد الموانيء البحرية والأراضي المحيطة به التي يمتلكها ((العديد من أثرياء جماعة الحوثي ومن تجار الأسلحة والمهربين الذين اشتروا أراضي شاسعة بالقرب من ميناء ميدي البحري للتمويه على عمليات التهريب التي يقومون بها وبالتالي استخدموا تلك الأراضي غطاء لعملياتهم المشبوهة)) ، وذكرت مصادر مطلعة أن المعلومات المتوافرة تشير إلى اعتقال خمسة إيرانيين وهندي كانوا على متن السفينة ونقلوا على الفور إلى صنعاء حيث بدأت أجهزة الأمن التحقيق معهم)) ، وكانت تلك ((السفينة في طريقها إلى تفريغ حمولتها من الأسلحة بالقرب من منطقة حرض لإيصالها إلى المتمردين الحوثيين)) ، وأشارت ذات المصادر ((إلى أنه كان على متن السفينة خبراء سلاح ومدربون جاؤوا إلى اليمن للانضمام إلى المتمردين الحوثيين, والحلول مكان خبراء ومدربين إيرانيين أصيبوا أو قتلوا خلال المعارك مع القوات اليمنية)) ولكن البحرية اليمنية ((نجحت في مراقبة السفينة وكشف حقيقتها والتأكد من أنها كانت "سفينة تهريب" يتم تهريب أسلحة ومخدرات عليها)) . كما جاء في وكالات الأنباء المتابعة للشأن اليمني .
أيها الأخوة اليمنيون والعرب : اِنتبهوا إلى الواقع الماثل أمامكم ، واِقرؤوا الوقائع الجارية فيه بعيون صاحية وأذهان متوقدة ، وضعوها على شاشة الإخلاص لروحية الأمة العربية وتراثها العربي الإسلامي ، فستكتشفون من دون عناء كيف يتجلى الخطر الكامن على الأمة . . . وكيف يتجسد الخطر المكشوف أمام الأمة ، أما الموقف السياسي المطلوب التعبير عنها من قبلنا : فهو متعلق بالضمير السياسي لكل مواطن قطري ولكل مناضل قومي عربي ولكل مجاهد حقيقي وفعلي لعربي مسلم يؤمن بتاريخ هذه الأمة وعدالة مطالبها السياسية والحياتية والإنسانية .
اِنتهت الدراسة
المفضلات