معركة شيكان/المعجزة الحربية السودانية

تمثل معركة شيكان يوم النصر الكبير على جيش الجنرال وليام هكس باشا.
وتكاد تكون معجزة حربية ومعنوية في تاريخ السودان، لقد أورد المحقق زلفو أن اللورد مورس قال معلقاً عنها في مجلس العموم البريطاني:
«لعل التاريخ لم يشهد منذ أن لاقي جيش فرعون نحبه في البحر الاحمر، كارثة مثل تلك التي حلت بجيش هكس في صحاري كردفان. حيث افنى عن آخره. وقضي عليه قضاء مبرماً».
واقعة شيكان معركة خالدة في تاريخ السودان.. سيروي التاريخ في كل حقبة اعجازها. ويقول الفاتح النور: «معركة شيكان معركة خاضها كل ابناء السودان من كل القبائل فكانت وحدة وطنية سودانية مجسمة، فأستطاعت شأن كل وحدة وطنية - ان تهزم التفوق في العدد والعتاد. وان تفل بالسيوف المدافع.
بدأت شيكان بعد سقوط مدينة الأبيض في ايدي الإمام المهدي عليه سلام الله. وفي 8 سبتمبر 1883م وجهت الحكومة البريطانية «الحكم الثنائي» هكس باشا بتجهيز تجريدة للقضاء على المهدي. ووصل هكس الى اراضي كردفان في اكتوبر، وكان الامام المهدي قد ارسل ثلاثة من قواده بقواتهم لاستطلاع تحركات جيش هكس. وتمكن قواد الإمام المهدي من زرع الرعب في قلوب جنود وضباط جيش هكس. وحرموهم من مصادر المياه.
لقد اختار الامام المهدي مكان وزمان المعركة. وكان ذلك يوم الاثنين الخامس من نوفمبر 1883م في شيكان، والتي اشتق اسمها من الوادي الشائك، الملئ بأشجار الشوك. وكان الإمام القائد المجاهد العابد يقضي يومه في تدريب قواته ويقضي ليله متهجداً.
وفي مكان الواقعة شهد للإمام بأنه كان يصلي ركعة الوتر بالقرآن كله، اي من العشاء الى الفجر واقفاً. وهي الحادثة التي يقول فيها الشريف نور الدائم عن الإمام المهدي:
كم صام وكم قام
وكم ختم القرآن
في ركعة الوتر
ويورد الفاتح ما قاله ونجت باشا وهو عدو عن معركة شيكان:
«كان كل شئ معداً من جانب الأنصار. وكان المهدي في الانتظار، وجاء جيش هكس الذي كان من الممكن رؤية مقدمته من بعيد... وجمع المهدي قواده الأمراء. وبعد صلاة أداها - صلاة الجهاد- اصدر اليهم تعليماته النهائية، ثم امتطى فرسه واستل سيفه وهتف ثلاث مرات الله اكبر.. الله اكبر.. الله اكبر.. النصر لنا.. ثم بدأ الهجوم الذي اسفر عن إبادة كاملة لجيش هكس ماعدا مائتين أو ثلاثمائة كانوا يختفون تحت جثث الموتى».
وكان إثر هذا الانتصار، ان اصيب الحكم الأجنبي في السودان بصدمة افقدته رشده، فبادر بإجلاء قواته عن فشودة والكوة والدويم ثم من دارفور وبحر الغزال وأم درمان. وبعد مضي عام واحد على موقعة شيكان سقطت العاصمة الخرطوم في يدي الإمام محمد احمد المهدي، واصبح بذلك- ولأول مرة- السودان مستقلاً.



منقول