وُلدت ملكة فرنسا البارعة الجمال ماري أنطوانيت سنة 1755 واقترن قدَرَها التراجيدي بتاريخ الثورة الفرنسية.
كانت ماري الإبنة الصغرى لفرنسيس الأول إمبراطور النمسا وزوجته الشهيرة الملكة ماريا تاريزا.
منذ نعومة أظفارها أرادتها والدتها أن تكون ملكة فرنسا وما أن بلغت السادسة عشرة من عمرها حتى تم تزويجها من أحد نبلاء فرنسا الذي أصبح فيما بعد الملك الشهير لويس السادس عشر. لكن أجواء البلاط الملكي أرهقتها وكثيرا ما تمنت هجران القصر طمعاً بالراحة والهدوء والنأي بنفسها عن الشكليات والتعقيدات.
كانت تحبذ الحرية الشخصية وتفضلها على آداب البلاط الذي كثيراً ما تبرّمت بعاداته وتقاليده. كما أن جمالها الأخاذ أوغر عليها الصدور، وتدخلها في الأمور السياسية بات يـُنظر إليه من قِبل رعاياها على أنه خطر داهم ينبغي وضع حد له بطريقة أو بأخرى.
كانت ماري أنطوانيت حساسة تغلب عليها العاطفة، متهورة ومصممة على التمتع إلى أقصى حد بحياتها الفتية بالرغم من حياة البلاط الموبوءة بالدسائس والخداع والمجد الزائف الذي كانت تنظر إليه باستصغار واحتقار.
عندما تزوجت لويس السادس عشر أهداها قصراً صغيراً (بتيت تريانون) في فرساي، فأحبت ذلك القصر السويسري الطابع المحاط بالحدائق الغنـّاء وكانت تلجأ إليه من عناء البلاط لا سيما كلما كان وزراؤها يحبطون مساعيها ويقفون عثرة في وجه مخططاتها.
راح رعاياها يتذمرون منها ويضيقون ذرعاً بأسلوبها المبذر ومباهجها الباهظة التكاليف على ميزانية المملكة فأطلقوا عليها لقب (مدام العجز المالي).
نتيجة لذلك، وفي عام 1789 قام جمهور غاضب معظمه من النساء بمهاجمة قصر فرساي بفعل التحريض والإشاعات المتلاحقة عن تلك الملكة المستهترة التي كانت تعيش في برج عاجي بعيداً عن رعاياها ومشاكلهم وهمومهم. لكن ماري احتفظت برباطة جأشها فواجهت المحتجين وتمكنت من تهدئة غضبهم.
في حزيران 1791 غادرت الأسرة الملكية فرساي وكانت الثورة الفرنسية قد بلغت ذروتها آنذاك. أرادت ماري الهروب من القصر الملكي الذي أصبح سجناً لها ولعائلتها لكن الحظ لم يسعف الأسرة فألقي القبض على أفرادها وأعيدوا إلى باريس.
بعد ذلك بقليل هاجمت الجموع الغاضبة القصر وحوكم لويس السادس عشر محاكمة خاطفة فنفذ فيه حكم الإعدام. أما الأمير الصغير فقد تم انتزاعه من بين ذراعي أمه التي اقتيدت إلى السجن كما لو كانت واحداً من عامة الشعب، وقد عانت ما عانت من المهانة والقسوة الوحشية على أيدي جلاوزة السجن.
مع كل ذلك تحلت بالصبر والهدوء والوقار أيام محنتها المريرة والعسيرة. وفي السادس عشر من تشرين أول 1793 أعدمت بالمقصلة في باريس.
ومسلة الأقصر في place de la Concorde قائمة الآن في نفس الموضع حيث دفع لويس السادس عشر وزوجته ماري أنطوانيت رأسيهما ثمناً لتبذيرهما أموال الشعب ومقدراته.
المصدر: موسوعات
الترجمة: محمود مسعود
المفضلات