يتناول مقال الأستاذ الدكتور دنحا كوركيس عددا من الأمور المهمة، منها:
(1) التأريخ للمصطلحين اللذين يدور حولهما، فنقرأ أن "البرغماتية"، وردت في مقدمة ابن خلدون، وأن "البراغماتية"، أو "برجماتيك"، أو "براغماطيقا"،أو "الذرائعيات"، أو "النفعية"، أو "الغائية"، هي كلمة يونانية الأصل، وتعني "العمل" أو "الفعل". كما نقرأ أن الموسوعة البريطانية تنسب أول استعمال لها إلى المؤرخ الإغريقي بوليبوس (المتوفى سنة 118 ق.م.).
(2) ومن هذه الأمور أيضا أن الكاتب يركز ما يريد أن يوصله إلى قارئه في ستة محاور، تتداخل أحيانا، وصولا إلى فهم أفضل للذرائعية كفلسفة، والتجريبية كوليد شرعي في المنهج العلمي، والفائداتية كثمرة من ثمارهما، و"التداولية"، كرافد أساسي لها.
(3) كما يوضح الكاتب أن "الفائداتية"، تتجاوز حدود "التداولية" من منظور لغوي بحت، وإن كانت الأدبيات تعطي حصة الأسد للتداول اللغوي. بيد أن هذا العلم معني أيضا بتواصل الإنسان مع الموسيقى والرسم...إلخ. وكان من المشوق أن يشير الكاتب إلى أن هذا العلم يتناول حتى ظاهرة "التطنيش"، أي إهمال الآخر.
(4) كما أشار المقال إلى التصور الخاص بأن "الفائداتية" فرع من فروع العلوم اللغوية linguistic sciences ، وأنه ربما كانت "التداولية" صالحة في هذا السياق، إن شئنا ترجمتها عن: Pragmalinguistics أو Linguistic pragmatics.
(5) كما يناقش المقال هل "الفائداتية"، أو حتى "التداولية" تمثل مستوى في التحليل اللغوي النظري، أو التطبيقي، كالمستوى الدلالي أو النحوي، مثلا، فينفي الكاتب ذلك، ويضيف أن الباحثين في الفائداتية منقسمون على أنفسهم، فهنالك من يتعامل مع "التداولية" ضمن "علم الدلالة"، وكأنها فرع من فروع اللغويات. وهنالك من يعتبرها امتدادا للدلالة ويخرجها من قائمة مستويات التحليل اللغوي الوصفي، ويوجهها نحو "الغاية تبرر الوسيلة". وهنالك من يستقل بها عن هذا أو ذاك من الناحية اللغوية الصرفة، وكأنها بديل لكل النظريات اللغوية.
بقي أن أقول إن المقال ربما تناول البراغماتية بتفصيل أكبر من الفائداتية، التي ربما يشعر القارئ بالرغبة في معرفة المزيد عنها، بعد أن نجح المقال في إثارة اهتمامه بها.
كما أشيد بقول الكاتب إنه يرحب بما يرده من نقد أو انتقاد، وذلك على الرغم مما أعلنه من التمسك بترجمة المصطلح الأول إلى "الذرائعية"، كفلسفة، والثاني إلى "الفائداتية". وربما كان من المناسب هنا الإشارة إلى الاستطلاع الخاص بمصطلح pragmatics على منتدى "المصطلح بصفته علما" والمناقشات التي دارت حوله.
بقيت الإشارة إلى بعض الهنات:
ومنها عشرات الاستخدامات غير السليمة للهمزات، وجودا وعدما، وفتحا وكسرا.
ومنها: "ويستفاد لاحقا من (بيرس) في بلورة أفكاره المستقلة"، وأحسب أن صحتها "يستفيد" أو "يفيد".
ومن بينها: "الذرائعية لن تمت"، وصحتها "لن تموت".
ومنها: "يمكن لنا أن نوصف الذرائعية ..."، وربما كان الأوفق أن نقول: "نصف".
والتحية والتقدير للأستاذ الدكتور دنحا كوركيس على هذا المقال القيم.
المفضلات