بسم الله الرحمن الرحيم
مأزق المشروع التنموي في العالم الثالث
إن تصدير تكنولوجيا التنمية من العالم الذي يمتلكها إلي العالم الذي لا يمتلكها والذي يمتلك وسطا اجتماعيا وثقافيا قد فشلت أو بمعني اخف قد أخفقت وذلك في معظم التجارب في العقد الأخير .
وان مراكز التكنولوجيا وهي واشنطن وباريس ولندن تنتج ثقافة حضارية هجينة وليدة كل التمازج الثقافي لمكوناتها البشرية .
والمطلوب استنبات العناصر التنموية الخاصة بكل تربة ثقافية وحضارية علي حده .
ولذلك فان علم النفس التربوي مثلا أو علم التحليل النفسي المطلوب تطبيقه عندنا أنتجه علماء ليسوا من نفس البيئة لابد وانه إلي الفشل يسير .
فاختلاف قواعد التفكير وأنماط الحياة سيؤدي إلي اختلاف الرؤى واختلاف التقدير للأشياء .
فعلي سبيل المثال وفي أمريكا نفسها كان هناك اختبار لقياس الذكاء عند الأطفال وكان من ضمن الاختبار صورا يتم التعرف عليها واحدي هذه الصور كانت لغرفة المائدة حيث يأكل الجميع وكان علي المائدة شموع لتعطي الجو المطلوب من الرومانسية ، وعندما سئل الطفل الأول وهو من وسط غني قال أنها غرفة المائدة وسئل طفل ثان من وسط فقير كانت إجابته أن الكهرباء مقطوعة لان والده لم يستطع دفع أقساط الكهرباء فحكم للأول بالذكاء والثاني بالغباء .
هذه المفارقات في بلد واحد فكيف إذا انتقلت إلي بلد ثان لا يأكل مطلقا علي الطاولة .
وانطلاقا من هذه التجربة قام احد الباحثين الأمريكيين بمحاولة وضع مقاييس مختلفة لقياس التنمية ، بحيث أن هذه التعددية في المقاييس كثيرا ما تؤدي إلي نتائج تثير الدهشة ، فكان منه ان حاول وضع مقياس للكرامة علي سبيل المثال فكانت النتيجة أن بلدانا متقدمة في التقنية التنموية تنال حدا ادني من النقاط يجعلها غير متقدمة بهذا المعني .
كما ان استخدام الكومبيوتر لتوسيع مجال البحث وتدعيمه بخلفية متينة من الإحصاء لن تؤدي إلي نتائج جيدة لان قياسات التقييم الروحي والغير مادي ، لا يمكن قياسها بواسطة الحاسب الآلي .
وكذلك هو التحليل النفسي والتربوي يأتي إلينا مع المتعلمين في الخارج حاملين ثقافات غريبة عن البلد الذي يعيشون فيه ويحاولون تطبيقها بدعوي أنها عصرية.
وهذا يعني أن الأبجدية الخصوصية للوسط التنموي الذي يتعامل معه أو يحاول اكتشافها تختلف اختلافا جذريا عن الوسط المصدر للتقنية التنموية .
إذن نظرية التبادل الثقافي أو التأثير الثقافي الذي تمارسه حضارة قوية علي حضارة اضعف او ما يسمي بالمثاقفة حسب المصطلح الانثروبولوجي لابد وأن يلد ثقافة هجينة لا تنتمي إلي أي منهما وأن هذه المقاييس لا يمكن أن تكون مركزية هي المركزية الأوروبية فتحكم علي التنميات المختلفة بقياس تنموي واحد .
وبذلك نستطيع القول أن هناك مقاييس تنموية مختلفة متعددة نحكم بها علي التجارب التنموية .
من هذا المنطلق أستطيع أن أحكم علي أن بعض التجارب التنموية في الغرب أنها متخلفة ، فالإسلام حكم علي دولتي فارس والروم بأنهما في جاهلية ولم يلتفت إلي كونهما أصحاب حضارة .
وعليه إني أدعو أصحاب الاختصاص لوضع أسس لعلم نفس إسلامي وتربية إسلامية .
لا نريد أن نتلقى علوما هي أبعد ما يكون عن واقعنا العربي الإسلامي ، نحكم بقاعدة تناقض الإسلام وتعاليمه حتى لا يحدث هذا الافتراق بين الفكر والواقع بين ما نحمل من أفكار إسلامية تضادها أفكار غير إسلامية نتعلمها وندعو إلي تطبيقها .
أريد أن أورد مثالا علي هذا التناقض في التربية الحديثة لا يجوز ضرب الطفل مهما كانت الأسباب وفي الحديث الشريف يقول صلي الله عليه وسلم عن الصلاة ( علموهم الصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر ) صدق رسول الله
د . محمد خطاب