الرشوة و زجاجة الكونياك

[اليان الاسكندر]

صنعت سلالم من جماجم هشة..لو تكسرت نعوضها بجماجم اطفال
صارت موضع تاريخ بمتاحف اوروبية و عربية
استدرجها الانسان ليدرس نسب امة ابتلاها الزمن او دفنها بركان خامد تحت رماد الحياة
عندما يدق جرس كنيسة اليوم..ليجتمع كل التلاميد في فناء المدرسة على خط مستقيم
و ينشد عهد استقلال او شهداء باتت تحت الغبار ..و نحيي ذكراها مرة كل سنة
طبعا هذا التزام قانوني باسم الانسانية..فهم ضحوا بانفسهم لاجلنا و لا نبخل عليهم بيوم نغني في فضاء الذكرى اساميهم
و يامر المدير بالانصراف فور الانتهاء على الفصول...ليستقل مكتبه.. على كرسي فاخر يتكئ.
يمسك سيجارته الكولومبية بيد اليمنى و تلفون باليد اليسرى...يقهقه مستغلا فاتورة الكنيسة..ليحكي عن سهرته ليلة البارحة
فقد دعى الدكتورة فلانة لبيته تحيي معه ذكرى عيد ميلاده...علما انه يقيم حفلة عيد ميلاده كل شهر.
ليجيبه المتحدث على الخط الثاني...لو لوم يكن لديك مانع عرفني عليها لتحيي ذكرى وفاة زوجتي هذاالاسبوع
و ترفع القهقهات مرة اخرى...
فيجيب المدير حاضر ولو اني غاضب منك نوعا ما ....لانك لم تمضي على تصريح القبول بقرض لاقيم المصنع بمسقط راسي هناك..
فيجيب المتحث: لا لا و كيف هذا في خلال اسبوع يكون على مكتبك..فقط لم يحن وقت اجتماعي بمجلس الادارة.
طبعا اكيد فكيف لا و هو مدير البنك..
يقول المدير: شكرا لك جزيلا..انا ممتن ..نسيت ان ادعوك هذه الليلة للعشاء في شيراتن لاني لم اقابلك منذ مدة و اشتقت اليك
المتحدث: اكيد سنلتقي هناك و فرصة اعزم بيار صديقنا ..سكرتير القنصل السويسري...
طبعا فهو يساعدهم على غسل الاموال ببنوك سويسرا
يرد المدير بكل سعادة و ثقة.....لكم يشرفني ذلك..لسوف اجعله يغتسل الليلة بكونياك فرنسي لسنة1957
وانتم تدركون ثمن هذه الزجاجة اكيد يفوق€37.000
حسنا صديقي ساراك الليلة..مع السلامة.
بعد قفل خط تلفون يدق الباب
المدير: ادخل
البواب : صباح الخير سيدي
المدير: ماذا تريد
البواب: سيدي انا اسف و لا اريد ان اشغلك لكن..
يصرخ المدير: خلصني ماذا تريد؟؟
البواب و العرق يصب من فوق جبينه ..خوفا :
سيدي من بعد اذنك ماذا فعلت بخصوص سلفتي التي قدمتها هي تعادل 1000جنيه
حق المستشفى لزوجتي المريضة
المدير: و هل هذا وقته ..ثم انت طلبت سلفة الشهر السابق حق مدرسة ابنك
طلبك مرفوض..ولو حاولت مجرد ان تدق بابي مرة اخرى لاجل هذه الامور سوف اطردك....
بكل ارتباك و خوف يرد البواب بصوت منخفض:اسف سيدي اسف جدااا لن اعيد الطلب بتاتا
......

[د.محمد فتحي الحريري]

ما اجمل هذه القصة
امتزج الشرف مع قلة الشرف
الفقر مع الرشوة مع الخمرة مع الرذيلـــــــــــــــــــــــة وأخواتها من عالم يسمّيـه بعضهم ( علية القوم )
وما هم بعـلـيـة !!
ان هم الا سفلة الامم !!
اليان اسكندر
الكاتبة الاديبة المقتدرة
تملكين ناصية الكلمة وتوظفينها بمهارة ودقة في مكانها الصحيح ، واذا بها كالانزيم حين ينشط التفاعلات الكيماوية ، بكفاءة نوعية ودون ان يصلح انزيم الا لتنشيط تفاعل خاص به
هي كتابتك لا يصلح لادارة حرفها الا انت !
هنيئا لكم وتحايا مضمخة بالغالية .