الاتكاء على تعب الأرواح
رحلة سريعة في فضاءات : بالأبيض والأسود تكون اللوحة دافئة
مجموعة قصصية للشاعر الدكتور/عزت سراج
بقلم الشاعرة / حنان عبد القادر
--------------------------
اختار الشاعر الدكتور/عزت سراج لمجموعته القصصية عنوان إحدى قصص المجموعة ، وهو عنوان يثير الفضول ، ويدفع على التأمل ؛ فلكل منا مدلوله الذي يتفق أو يختلف مع الكاتب فيه ، حول كيفية دفء الأبيض والأسود في اللوحة ، لكنه يأخذنا إلى أبواب قضية متشعبة الجوانب ، نلج فيها ببساطة وسلاسة الحدث عنده ، ويبرع الشاعر الدكتور/عزت سراج أيما براعة في جعل الحاضر يتماهى مع الماضي بحرفية شديدة ، وينقلنا من الماضي إلى الحاضر بمهارة لا يشعر معها القارئ بالقلق .
وهو في هذه القصة يعقد مقارنة غير مرئية بين الماضي في صورته القديمة " بالأبيض والأسود " المتمثل في التليفزيون كأهم وسيلة جذب إعلامية وتثقيفية ؛ تلتف حوله الأسر دون قلق أو تحسب لما سيعرضه في اللحظة المقبلة ، يتحلقون حوله في ألفة وحميمية يجمعهم دفء روحي من نوع خاص .
وبين الحاضر في صورته الحديثة " الملونة " التي باتت – مع بهاء ألوانها - تحمل صقيعا روحيا ، وقلقا ، وخيبات .
بين الماضي الذي تجردت فيه الصورة من ألوانها عدا أبيضها وأسودها فباتت تستنفر المخيلة لتعيد تلوينها كطفل فرح بألوانه ، يسكبها وفق هوى روحه على إطارات الصور ؛ فتملؤه بهجة
غامرة 000
تلك الصورة الآسرة ، تستحضر رموزا عظيمة ، وتربي ذائقة فنية عالية ، وتنمي فكرا واعيا ، منفتحا على الكون كله .
وبين الحاضر بزخم ألوانه المستفزة ، المحجمة للخيال ، المغيرة لمساره ، ومزاجه ، وذوقه العام الحاضر في تشوهاته ، وإسفافه ومجونه ، في تهميشه للعقل ، واستهانته بالروح ومطالبها 0
بالأمس .. شاشة واحدة يلتف حولها جمع غفير على اختلاف مشاربهم ، تجمعهم الألفة ، الدفء ، وحدة الهدف ، خصب الآمال ، غضارة الروح .
واليوم .. في كل بيت تلفاز .. بل في كل غرفة .. رغم تعدد الفضائيات لاشيء يجمعنا .. لاشيء يؤلفنا.. يدثرنا الخوف ، القلق ، السلبية .. يلفنا صقيع أرواحنا المجهدة .
وهكذا ... نجدنا في النهاية قد دخلنا مع الشاعر الدكتور/عزت سراج حالة من الوجد ، تَلَمَّسَ خلالها مواجعنا ، وحنينا يذوبنا لألفة كانت ، وحميمية تجاه الكون فقدت ، وجمال ، وتلقائية لم تعد تطوقنا ... فنقر مع بلال بطل قصته : أن الجدران القديمة كانت تمنحنا الدفء ، وأن الروح باتت تضيق ببرد الحاضر وبروده .. وأنه بالأبيض والأسود كانت اللوحة أكثر دفئا .
هكذا وبلا هوادة .. تحملنا تلك المجموعة بين ربوعها ، محلقين في أوجاع الروح ، وآلام العقل وآماله ، وانكسارات الذات وطموحها.
فهاهو إبراهيم .. بطل القصة الأولى الذي لن يأتي زمانه إلا بعد فوات الأوان ... شاب يتمثل فيه كل شباب اليوم بمعاناتهم ، لا تكفيه وظيفته التي أتاحتها له شهادته الجامعية عن عناء العمل في وظيفة أخرى أو عمل آخر يدر النذر من المال الذي يعينه على مواجهة احتياجات إخوته ، ولم يكن في سعته أن يعيش حياته ، أو أن يتزوج فتاته التي وعدها كثيرا ، ولم يستطع الوفاء .
وكما هو الشاب النموذج لهذا العصر ، كانت سعاد أيضا الفتاة النموذج ، تعاني ضياع الأمل ، والرغبة في مجهول لا يتحقق ، وانتظار فارس الأحلام الذي تحطم حصانه الخشبي ، وتحطمت معه روحه ، ومات طموحه على عتبة متطلبات عصر انقلبت فيه الموازين ، ورغم أنه دائما : "يحث الخطى متجاوزا ذاته المتعبة " .. إلا أنه يجد " أشجار التوت ... يصعدها من يشاء من أصحاب السيارات " .. وهو .. قد حرمت عليه ، إما لأنه " ليس شيخا في مسجد " وينبغي عليه ألا يشغل باله بما لا يعنيه " .. وإما لأنه مجرد " ماسح سيارات " فيحرم من كل ما يشتهيه .
وبات يُحَرِّمُ بدوره التوت على أخته ... " حبات التوت تزيد جوعك دائما 000 الحرة لا تأكل حبات التوت يا مريم 000
هل تفهمين ؟! "
لشجرة التوت وثمارها مدلول قوي عند الشاعر الدكتور/عزت سراج في هذه القصة ... حيث لا تؤتي أكلها إلا للأغنياء .. أصحاب السيارات .. والنفوذ ... والشح ... و........... و .............
ومحرمة على الكادحين البسطاء ..... الشرفاء .......
وهو ... من هؤلاء الرابحين قوت يومهم بالعناء ، المتمسكين بالمبادئ و .... وغير ذلك مما يراه البعض لا قيمة له هذه الأيام ....
هو ذلك المعلم طلابه : " درسنا اليوم عن أنظمة الحكم
الرشيدة ... "
المشكلة كبيرة ... وحلها ليس بهين ... لأن الحمير منتشرون من أول الصف إلى آخره ...
ولا حل لها إذن إلا إذا انقلبت الموازين ، وحدثت الثورة على المفروض .. وإلا .. فلن يأتي إبراهيم إلا بعد نفاد زمنه ... في غير وقت الحاجة إليه ... في الوقت المستحيل ....
وهذا ما يخبرنا به في نهاية قصته :
ـ لِمَاذَا لَمْ تَأْتِ الْبَارِحَةَ ؟
ـ إِنْ شَاءَ اللهُ 0
ـ مَتَى تَأْتِي ؟
ـ قَرِيبَاً 000 إِنْ شَاءَ اللهُ 0
عِنْدَمَا أَدْخُلُ الْفَصْلَ ، وَيُفِيقُ الْجَحْشُ الصَّغِيرُ فِي آَخِرِ الصُّفُوفِ ، وَتَثُورُ ذُكُورُ النَّحْلِ 000
ـ مَاذَا تَقُولُ ؟
- قَرِيبَاً أَجِئُ 000
عِنْدَمَا يَفْهَمُ الْحِمَارُ فِي أَوَّلِ الصَّفِّ ، وَلا تَحْتَاجُ الْمَلِكَةُ
تَلْقِيحَاً 000
وفي قصة : " فِي انْتِظَارِ عُرْوَةَ وَالشَّنْفَرَى بَيْنَ الأَطْلالِ الْقَدِيمَةِ"
نرى عدة أوجه للمعاناة ترسمها شخصيات القصة : عمر .. صبري .. العمال ... الطلاب الثائرون 0
ويظل صبري النموذج الصارخ الوحيد وهو بطل القصة .. يمثل بمعاناته معاناة جيل فهو :
ـ حَاصِلٌ عَلَى بَكَالُورِيُوسِ التِّجَارَةِ مِنْ جَامِعَةِ الْقَاهِرَةَ .. ولكنه يعمل كناسا في بلاد الغربة ، والذي دفعه لذلك البحث عن لقمة العيش :
" لُقْمَةُ الْعَيْشِ لا تَتْرُكُ لِمِثْلِي اخْتِيَارَاً 000 وَالْبَلَدُ فِي لَحْظَةِ الْمَخَاضِ ، وَعَلَيْنَا أَنْ نَتَحَمَّلَ آَلامَهَا "
وهو مثل كثيرين .. لم يستطع الزواج ممن أحب , وما زال يمني نفسه الأماني :
" مَا زَالَ الْعُمْرُ أَمَامِي طَوِيلاً ، وَالصَّبْرُ مِفْتَاحُ الْفَرَجِ ، وَالْقَنَاعَةُ كَنْزٌ لا يَفْنَى ، ثُمَّ إِنَّ الْبِنْتَ الَّتِي أَحْبَبْتُهَا وَأَحَبَّتْنِي تَزَوَّجَتْ هَذَا الرَّجُلَ الثَّرِيَّ الْبَدِينَ حِينَ أَسْقَطَتْهَا هَدَايَاهُ بَيْنَ رِجْلَيْهِ رَاضِيَةً ذَاتَ مَسَاءٍ 000 "
وتتأزم معاناته .. وتشتد حبكتها حول عنقه لكنه صبري .. الصابر مثل شبابنا جميعا على الوجع :
فِي كُلِّ صَبَاحٍ ، يَفْتَحُ الْقَاعَاتِ صَبْرِي مُبَكِّرَاً ، لِيَظَلَّ ـ بَعْدَ كَنْسِهَا ـ قَابِعَاً أَمَامَ الْبَابِ طَوَالَ النَّهَارِ فِي انْتِظَارِ مَنْ يَسْتَخْدِمُهُ لِقَاءَ بَعْضِ النُّقُودِ الزَّهِيدَةِ ، لِيُلْقِيَ بِنِصْفِهَا أَوْ يَزِيدُ فِي جَيْبِ الْكَفِيلِ السَّاخِطِ دَائِمَاً ، مُهَدِّدَاً بِإِبْلاغِ الشُّرْطَةِ ، وَتَرْحِيلِهِ وَرَاءَ الْحُدُودِ 000
وَفِي اللَّيْلِ يَحْشُرُ جُثَّتَهُ الْهَامِدَةَ بَيْنَ خَمْسَةِ مُتْعَبِينَ يُشَارِكُونَهُ الْحُجْرَةَ الْكَئِيبَةَ ، وَالْغِطَاءَ الْمُهَلْهَلَ الْوَحِيدَ 000 "
لكن في النهاية ... يسقط صبري .. فقط لأنه صبر حتى نفد الصبر فانفجر معبرا عن آهاته .. وكذا : " يَنْفَجِرُ الطُّلابُ وَالْعُمَّالُ سَاخِطِينَ ، يَحْمِلُونَهُ مُمَدَّدَاً فَوْقَ الأَكْتَافِ 000
يَتَرَقَّبُونَ الْقَافِلَةَ الْقَادِمَةَ الْمُحَمَّلَةَ بِأَرْغِفَةِ الْخُبْزِ وَالزَّيْتُونِ 000
يَبِيتُونَ فَوْقَ الأَوْجَاعِ عَلَى الأَرْصِفَةِ الْبَارِدَةِ ، فِي انْتِظَارِ مَجِيءِ عُرْوَةَ وَالشَّنْفَرَى "
ذلك الأمل الذي لا يجيء .
وفي القصة الرابعة : " الْحِمَارُ الأَعْمَى يَقُودُ الْعَرَبَةَ نَحْوَ الْهَاوِيَةِ "
نجد العم صابرا يصارع فقره آملا أن تعود الأيام كسابق عهدها ... فهو مازال يرى نفسه الطموحة قادرة على فعل المستحيل :
" كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ قَادِرٌ أَنْ يَعْبُرَ بِالْحِمَارِ وَالْعَرَبَةِ الْمُهَلْهَلَةِ الْقَدِيمَةِ كُلَّ الْحَوَاجِزِ ، كَمَا يَصْنَعُ الْفُرْسَانُ بِالأَحْصِنَةِ فِي سِبَاقَاتِ الْخُيُولِ 0 "
وهو رغم فقره لم يمد يده لأحد ولم يتخل عن مبادئه فهو: الصَّادِقُ الأَمِينُ الَّذِي لا يَعْرِفُ كَيْفَ يَكُونُ الْغَدْرُ 000
لكن معاناته لم تكن فقره فقط ... بل تتمثل المعاناة أيضا في اللامبالاة التي أصابت الناس ، فهو يتعرض مرارا لسرقة اللصوص ولا يجد من يهتم له غير الكلمات .. :
فِي الْمَسَاءِ يَدْخُلُ الرِّجَالُ بُيُوتَهُمْ ، وَيُغْلِقُونَ الأَبْوَابَ جَيِّدَاً ، لِيَظَلَّ الْعَمُّ صَابِرٌ وَحْدَهُ يَبْكِي مَعَ الصِّغَارِ تَلُفُّهُمْ أَحْزَانٌ
جَدِيدَةٌ 000

ينظرون إلى مصائب غيرهم ... معتقدين أنها لن تطاولهم ذات غفلة : يَظُنُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْحَارَةِ أَنَّ حَظِيرَةَ دَجَاجِهِ بَعِيدَةٌ عَنْ أَعْيُنِ الْحِدْآَنِ 000
حتى هذا الرجل الطيب .. لا يجيره الناس وقت الحاجة ... فسقط في الهاوية .
القصة تحمل في طياتها أبعادا نفسية .. واجتماعية .. وسياسية خطيرة ، برع الشاعر الدكتور/عزت سراج في إيجازها ، مع وضع بعض الرموز الواضحة التي لا تغلق على القارئ اللبيب .
وفي القصة الخامسة . " يَشِيطُ الْخُبْزُ حِينَ تَشْتَدُّ نِيرَانُ الْمَوْقِدِ " عرض مفجع لمعاناة الناس وصبرهم وتحملهم الذل والمهانة خوفا على رزق الصغار ، متناسين أن الرزاق هو الله ، وما زالوا يرون : الكبير كبيرا .
استخدم الشاعر الدكتور/عزت سراج هنا رموزا واضحة ؛ ليعبر عن فكرته ، ويجسد معاناة مجتمع رآه لن يثور على الظلم إلا لو حدثت كوارث لا يمكن الرد عليها إلا بالقوة .
أما في القصة السادسة " حِينَ خَضَعَ مُحَمَّدٌ وَزَارَ مُوسَى فِي بَيْتِهِ "
ربما جانب الشاعر الدكتور/عزت سراج حذقه في عرض رموزها واختيار عنوانها ، فالقصة معروضة للقارئ طواعية من عنوانها .... وإن كان كذلك ، فلا تشويق إذن للقارئ كي يقرأها ، أو يتابع أحداثها التي باتت مكشوفة أمامه دون عناء .
وفي القصة السابعة : " عِنْدَمَا تَرْقُصُ الرِّيَاحُ لاهِيَةً " يعود الرمز لدى الشاعر الدكتور/عزت سراج في هذه القصة أقوى وأعمق ، يصحبنا في رحلة بطله ومعاناته النفسية صحبة مشوقة .. نرى فيها نخوته ، وضعفه ، وانكساره ، ومبادرته التي يطحنها المجتمع الأبله القاسي في رحاه دون هوادة .. يعرض لنا وجه مجتمع من كثرة ما يرى لم يعد يحرك ساكنا عنده أي شيء ، والحال هو الحال دوما : الناس .. صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ "
والنخلة .. شاهد صامت على الأحداث اليومية لا يفارق صمته ، والرياح ... تَرْقُصُ فَوْقَ سَعَفِ النخلة لاهِيَةً فِي جُنُونٍ 0
وهو ... مذهولا مما يرى ... لم يجد مفرا من أن : " يَتَرَاجَعُ عَلِيٌّ نَحْوَ الْبَيْتِ كَقِزْمٍ يَقْرِضُ أَصَابِعَهُ النَّحِيفَةَ ، مُمْسِكَاً أَضْلاعَهُ فَوْقَ الْجُرُوحِ 000
يتركنا الشاعر الدكتور/عزت سراج نسير ، والأرصفة تمشي على رؤوسنا ، قد انقطع تيار الوعي فينا ، نترقب شاردين صهيل خيول لا تجيء .
في القصة الثامنة : " الأَفْيَالُ تَسْحَقُ أَسْرَابَ النَّمْلِ طَوَاعِيَةً " تتجلى براعة الشاعر الدكتور/عزت سراج في الاقتباس من القرآن الكريم ، والتي بدأت على استحياء في قصصه السابقة ، لكنها برزت في كامل زينتها هنا ، لتدلل على قدرة الشاعر الدكتور/عزت سراج في حسن توظيفها بما يخدم الأحداث ، ويكثفها ، ويبلورها في ذهن القارئ تاركا إياه بعد قراءتها في حالة ذهول وإعجاب بما قرأ .
القصة التاسعة : " حِينَ تُسْقِطُ أَوْرَاقَهَا الأَشْجَارُ" لقطة متكررة تعرضها تلك القصة ... لحظة عاشها كثيرون في بلادنا النامية ... في أزماننا النائمة عن الواجب والحق والدين ، لكن الشاعر الدكتور/عزت سراج يحاول أن يعرض لنا نهاية غير متكررة ، ومتوقعة في نفس الوقت ، تاركا لنا فسحة من التخيل .. ماذا لو فر المرضى بأنفسهم من عناء انتظار قد يثمر أو..... ؟! هل يا ترى يستطيعون الفرار من أقدارهم المحتومة ؟!
ويتابع الموقف في قصته الأخيرة " الشَّيْخُ الْمَبْرُوكُ يَمُوتُ غَرِيبَاً عَنْ قَرْيَتِهِ " , كأنه يتعمد استمرار الحدث بشكل أو بآخر ، محاولا أن يعيش القارئ في أجواء القبور ، والبخور ورائحة الموتى التي تنبعث غير بعيد من المسجد ، وذلك الرجل الذي مات وحيدا ، بعيدا عن قريته ، مثلنا جميعا نموت وحيدين ، وندفن غرباء ، إلا برحمة من السماء تتنزل على الملائكيين وحدهم ... هذه إذن رحلة الحياة الدنيا . فليتعظ الواعون .

وإن تتبعنا معظم المجموعة ، لاحظنا تأثر الشاعر الدكتور/عزت سراج ببيئته الزراعية التي نشأ فيها ، فللحقول مدلولها عنده ، وللقمح والخس والخيار مكان ، وللأشجار عنده دور لا يقل عن الأبطال الحقيقيين في قصصه .. فالنخلة تلعب دورها ، والجميزة ، وشجرة الصفصاف ، وشجرة السنط والكافور، والتين والموز والتوت ... كل لها دورها في مكانها .
وهو بشكل عام يعبر عن معاناة الأجيال ، والطبقات الكادحة ... إلا أنه يجعل هناك بارق أمل في التغير .. حين ينهي بعض قصصه التي تتأزم فيها المعاناة بالثورة على الوضع الجائر ، ودائما ما يتبع الثورة تغيير .
ونجده أيضا اختار أسماء أبطال يوحون بما يملكون من سمات مثل : صابر ، صبري ، عبد الصبور ، عزيز ، علي،عبد العزيز ..... الخ
ونجد أيضا للخيول والخلاص مدلولات قوية تكررت في أكثر من موضع داخل هذه المجموعة .
ناهيك عن سيطرة الأسلوب الشعري في المواقف التي فيها تلاحق للأحداث ، وسرعة في وقوعها ، هذا .. ولا يغيب عن القارئ ما يملكه الشاعر الدكتور/عزت سراج من مهارة في اختيار صوره الدالة على الحالة النفسية لأبطاله مبلورا في براعة جوانب من شخصياتهم تعين على الإحاطة بها .

الشاعر الدكتور/عزت سراج في مجمل مجموعته القصصية ، يعبر عن وعي ، وحس مرهف ، وإيمان بقضايا ومبادئ لا يؤمن بها إلا الصادقون مع أنفسهم .
في رحلتنا معه عبر هذه المجموعة ، نرى أنفسنا على حقيقتها من بعض نواحيها ، نلمس عن كثب مشكلاتنا ومعاناتنا وانكساراتنا في مجتمع لا يرحمنا ، وظروف تحيطنا كالجحيم لا فكاك منها إلا بثورة حقيقية على أنفسنا ... والله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا
ما بأنفسهم .

كل التوفيق للقاص الشاعر الدكتور/عزت سراج ... وفي انتظار جديد إبداعاته .


حنان عبد القادر
الكويت في :
7/2/2008 م .