بسم الله الرحمن الرحيم...
سلام الله على الأخ الأستاذ الفاضل محمد محمد حسن كامل...
ماذا أقول؟
أقول أدعو الله أن يهدينا جميعا لما اختلف فيه من الحق إنه الهادي إلى الطيب من القول و إلى الصراط المستقيم...
{مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ }القلم2ما أنت -أيها الرسول- بسبب نعمة الله عليك بالنبوة والرسالة بضعيف العقل، ولا سفيه الرأي،[التفسير الميسر].
كذلك هناك مثلث قائم في هذه الآية يتكون :
1-النعمة في ذاتها... و هي:{الإيمان}و {الإسلام} و {الإحسان}و {القرآن الكريم}و {النور}و إن تعدوا نعمة الله لا تحصوها...
2-مصدر النعمة و هو الحق جل و علا واهب النعم ذو الفضل العظيم و الكبير...
3-وإشكالية العقلانية و الجنون في ما تدعو إليه أيها النبي الأمي عليه الصلاة و أزكى التسليم و على آله و صحبه أجمعين...و آثارها من التصديق و الكذب...
و ما دمنا في عالم ضم الكتاب المنظور و الكتاب المسطور فلا بأس باستعمال لغة و أشكال العلم من الرياضيات و الهندسة و كل ما يفيد في تقريب المفاهيم إلى العقول التي تبحث عن الحق و الحقيقة...
و العدد كأساس لشرح بعض المعادلات التي تعتبر بمثابة سنن في الكون وضعها الله جل و علا لتدبير شؤون الكون و الحياة و الإنسان...فلا بأس أن نتدبر كم من مرة تكررت كلمة "نعمة" في القرآن الكريم الذي هو كلام الله العليم العظيم...و كلمة مجنون... و ما هو بمجنون بل هو بالمؤمنين رؤوف رحيم...
فلقد وردت كلمة نعمة في 26 آية تبتدئ بسورة البقرة...
{سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللّهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُ فَإِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }البقرة211
سل -أيها الرسول- بني إسرائيل المعاندين لك: كم أعطيناهم من آيات واضحات في كتبهم تهديهم إلى الحق, فكفروا بها كلها, وأعرضوا عنها, وحَرَّفوها عن مواضعها. ومن يبدل نعمة الله -وهي دينه- ويكفر بها من بعد معرفتها, وقيام الحجة عليه بها, فإن الله تعالى شديد العقاب له.[التفسير الميسر].
و تنتهي بسورة الضحى...
{وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ }الضحى11وأما بنعمة ربك التي أسبغها عليك فتحدث بها.[التفسير الميسر].
أما كلمة مجنون فقد وردت 11 مرة في كتاب الله الكريم...
تبتدئ بسورة الحجر...
{وَقَالُواْ يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ }الحجر6
وقال المكذبون لمحمد صلى الله عليه وسلم استهزاءً: يا أيها الذي نُزِّل عليه القرآن إنك لذاهب العقل.[التفسير الميسر].
و تنتهي بسورة التكوير...
{وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ }التكوير22
وما محمد الذي تعرفونه بمجنون.[التفسير الميسر].
و ما يطرحه كل جديد و كل تجديد و كل إصلاح و كل تقويم من قبول البعض و تصديقه و رفض البعض و تكذيبه بل وصفه بصفة تنتفي معها الخاصية التي تميز الإنسان كإنسان من بين الخلق و هي صفة العقل و خصائصه من التمييز و المنطق و الصدق و الحق و العدل و الخير...
و لكن يكبر السؤال و يعظم إذا تساءلت عن الجهة التي تدعو بني آدم إلى التجديد...؟
فلو أتى عالما بنظرية جديدة تصحح ما سبقها من نظريات و تدعي حقائق جديدة...فهناك من سيصدق و هناك من سوف لا يكثر لذلك و هناك من سيكذب...و هذا الأخير أي الذي كذب سيبحث عن تعليل و تبرير لموقفه...
و من هنا كانت الصفة التي تنفي عن الإنسان أعظم صفة و أبلغ قول هي صفة الجنون...لأنها تجعل من الكائن خارج دائرة العقل الذي يتصف به كل إنسان...
و حتى يثبت الله جل و علا نبيه عليه أفضل الصلاة و أزكى التسليم و من آمنوا معه خاطبه بقوله "{مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ }القلم2.
و أن من سيقرؤون القرآن الكريم سيجدون فيه من النعم و من الحقائق و من الآيات ما يجعلهم يصدقون به و بما ورد فيه من أوامر و نواهي... إذا كانوا أصلا يبحثون عن الهداية و عن الحق و الحقيقة...
أقول قولي و أستغفر الله العظيم إن أخطأت أو نسيت لي و للمؤمنين و المؤمنات يوم يقوم الحساب...
دمت بكل خير و للحديث بقية إن شاء الله جل و علا...
المفضلات