يأتي الفهوم اللغوي للبعث بمعنى الإرسال..وقد كان أكبر همِّ المصلحين الرّوّاد ـ في العصر الحديث قبل المعاصر ـ هو الوقوف على أكبر عائق مركزي يشلّ الذّات الباحثة عن نفسها ..
ولمّا أدركوا يقينا أن أزمة التّخلّف ،والتّقهقر ،والرّكود أرست دعائمها عيوب ثقافية تسرّبت إلى الأمّة ،وترسّخت في الذّات المسلمة ،عبر قرون من الزمن،انتهت إلى تغييب الضمير،واهتزاز الوازع الدّيني والخلقي..
فلأجل النّهوض بكلّ التّبعات والتّكاليف المنوطة بالأمّة ،تبنّت الأجهزة الثّقافية شعارا فلسفيا اختصر في مصطلح "البــعث"..
والغاية منه إرسال ، وإحياء الثّقافة الإسلامية الأصيلة وبعثها في النّفوس ..والحجّة أن المنهج الإسلامي هو أوّل منهج حداثي متجدِّد ذو عطاء مستمرّإلى يوم الدّين ،يُكيِّف كلّ جديد ،ويُخضعه لتوجّهه..وهو سبب فتح باب الاجتهاد للعلماء قصد تعليل كلّ القضايا الطّارئة والمستحدثة..أي أن الإسلام يساير كلّ العصور ،ويضبط كلّ جديد ،بما يملكه من أدوات وأسس حقيقية صادقة متينة تمكِّنه من التّفوّق الدّائم ،وحسن القيادة ،والريّادة..
ولمّا كانت العملية تراهن على تنظيم يكيِّف هذه الفلسفة ،فقد قامت جماعات ،وجرائد ،وأحزاب ..
و"حزب البعث" بمصطلحه هذا يكون قد وضع نفسه في صميم هذه الفلسفة ،فلسفة إحياء أصول الأمة وفق ضوابطها الشّرعية ..إذْ ليس له شيء يحييه خارج أصول الأمة ،وانبعاث ثقافتها ..
وأمام الضغوطات التي واجهت سير السياسة الشرعية ـ في عصرنا الحديث ـ ،بدأت حركات الإصلاح تتشتت ،وتتفرّع وتتفجّر ،وتنحرف،فأنتجت "الحركة الوطنية "و"الحركة القومية "و"النظام الاشتراكي "ثم "العلمانية "ثم "الليبيرالية"..وكلها مصطلحات لحالة واحدة هي العجز عن استئناف السير الثقافي الأصيل للأمة ..
لقد حصرت هذه الأفكار المسلم في الطقوس التّعبدية ،واستبدلت أصوله الإسلامية في الحياة المدنية بإيديولوجيات وضعية ليعيش بشخصية مزدوجة ..حياة عامة مدنية يقودها نظام غريب عن أصوله..حياة خاصة حرّ في استثمارها ..
إنّ هذه الشعارات "القومية ،الوطنية،الاشتراكية ،العلمانية..."غيّبت الإسلام من الحياة الاجتماعية ..
وأمام واجب المطالبة بالرجوع إلى الأصول الإسلامية حدثت تعارضات بين بعض السّلطات وشعوبها..
واضطهد المسلم بسبب إسلامه في أرض المسلمين ،ومن مسلمين..
تُرى ما موقف "البعث" من هذا ؟؟
ما هي المبادئ التي قام عليها "حزب البعث" السوري والعراقي؟؟
ما مدى تطابق شعاراته مع إنجازاته ،وأفعاله؟؟
المفضلات