في احدى السنوات رفعت والدتي يرحمها الله ويرحم موتاكم الى طبيب اجنبي وشرحت له ما تشكو منه باللغة الأنكليزية, ..ثم راحت تؤشر له بيدها ووجها عما تعاني منه وطلب مني السكوت ليتفهم ألمها لأنها تشرحه بمشـاعرها !
ولذا اؤكد هنا ان الشعـر ليس لغة , فهو مشاعر انسان يصوغها وفق مقدرته باللغة التي يستطيع التعبير بها,..ولاتهم فصاحة ذلك الأنسان قدر ما يؤثر في احاسيس الآخر ومثله مثل موسيقى الفنانين, قد يتأثر بها البعض ولا يتأثر بها آخرون بغض النظر,.. ان كانت عربية او هندية او روسـية ,..فقد كنت اطرب لموسيقى باليه بحيرة البجع الروسية حتى تمكنت من ترديد بعضاً من مقاطعها! أعود الى الشعر ومازلت عند رأي , وانني اثمن الشاعر اذا تمكن من توضيف مشاعره باللغة المتمكن منها !
فهذا شاعر عراقي يقول : هات أبـره هات الخيط بويه أرد أكلفك
و أمـسـرد الدلال..... بويه على ولفه!
اراد هذا الأنسان ان يبين معاناته من تمزق قلبه على حبيبته ويطلب منا مجازاً ان نجلب له ادوات الخياطة لخياطة ذلك الشرخ المؤلم!
ولا ادري ان صيغ المعنى بشعر سـيبويه او شكسبير فهل تبقى اللوحة ذاتها؟
ما من عراقي في الستينات لا يحفظ اغنية الدكتور فاضل عواد عندما غنى في صباه في الكويت اغنية : لا خبر لاجفية لا حامض حلو لا شربت
كالوا صوانيكم ,......أشـموع انترسـن
***
ودينه لهلج الكمر ويه الشمس خطابه
وصغنالج انجوم الثرية,.... يا حبابة
فتجيب المعشوقة بلسان شاعرآخر ( مع اعتذاري للشاعرين لنسيان اسمهما):
متعـجب أمودي الشمس.... ويه الكمر خطابه
واليعشـك بأطراف الجفن يطرز جفافي أحبابه!
فهل ستبقى صورة هذه اللوحة بنفس البهاء اذا ما كتبت بالفصحى؟
ليكتب كل من اختزن في صدره اية مشاعر وان لا يكتمها في صدره فهي حارقة كأشعة ليزر تحرق ولا تحترق !
المفضلات