آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: سعيد النورسي .. اسيراً في روسيا / حازم ناظم فاضل

  1. #1
    كاتب ومترجم الصورة الرمزية حازم ناظم فاضل
    تاريخ التسجيل
    03/06/2007
    العمر
    64
    المشاركات
    152
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي سعيد النورسي .. اسيراً في روسيا / حازم ناظم فاضل

    يروي بديع الزمان سعيد النورسي ذكريات اسره في روسيا ، في كتابه ( الشيوخ ) ، فيقول :

    كنت اسيراً اثناء الـحرب العالـمية الاولى في مدينة قصية، في شمال شرقي روسيا تدعى ((قوصترما)). كان هناك جامع صغير للتتار على حافة نهر ((فولغا)) الـمشهور.. كنت ضجراً من بين زملائي الضباط الاسرى، فآثرت العزلة، الاّ أنه لـم يكن يسمح لي بالتجوال في الـخارج دون اذن ورخصة، ثم سـمح لي بأن أظل في ذلك الـجامع بضمانة اهل حيّ التتار وكفالتهم، فكنت انام فيه وحيداً، وقد اقترب الربيع، وكانت الليالي طويلة جداً في تلك البقعة النائية..

    كان الارق يصيبني كثيراً في تلك الليالي الـحالكة السواد، الـمتسربلة باحزان الغربة القاتـمة، حيث لا يُسمع الاّ الـخرير الـحزين لنهر ((فولغا))، والاصوات الرقيقة لقطرات الامطار، ولوعة الفراق في صفير الرياح.. كل ذلك ايقظني – مؤقتاً – من نوم الغفلة العميق..

    ورغم انني لـم اكن اعدّ نفسي شيخاً بعدُ، ولكن من يرى الـحرب شيخ، حيث ايامها يشيب من هولـها الولدان، وكأن سراً من اسرار الآية الكريـمة: ( يَوماً يَجعلُ الوِلدانَ شيباً ) (الـمزمل:17) قد سرى فيها. ومع انني كنت قريباً من الاربعين الاّ انني وجدتُ نفسي كأنني في الثمانين من عمري..

    في تلك الليالي الـمظلمة الطويلة الـحزينة، وفي ذلك الـجو الغامر بأسى الغربة، ومن واقعي الـمؤلـم الاليم، جثم على صدري يأس ثقيل نـحو حياتي وموطني، فكلما التفتُّ الى عجزي وانفرادي انقطع رجائي واملي. ولكن جائني الـمدد من القرآن الكريم..

    فردد لساني: ( حسبنا الله ونعم الوكيل ) (آل عمران:173)

    وقال قلبي باكياً:

    انا غريب.. انا وحيد.. انا ضعيف.. انا عاجز.. انشد الامان.. اطلب العفو.. اخطب العون.. في بابك يا إلـهي.

    اما روحي التي تذكرت احبابي القدامى في بلدي، وتـخيلت موتي في هذه الغربة، فقد تـمثلت بأبيات نيازي الـمصري، وهي التي تبحث عن صديق:

    مررت بأحزان الدنيا، واطلقت جناحي للحرمان

    طائراً في شوق، صائحاً في كل لـحظة:

    صديق!.. صديق..!

    على أي حال.. فقد اصبح ((عجزي)) و ((ضعفي)) في تلك الليالي الـمحزنة الطويلة والـحالكة بالفرقة والرقة والغربة وسيلتين للتقرب الى عتبة الرحـمة الإلـهية، وشفيعين لدى الـحضرة الإلـهية، حتى انني لا ازال مندهشاً كيف استطعت الفرار بعد ايام قليلة. واقطع بصورة غير متوقعة مسافة لا يـمكن قطعها مشياً على الاقدام الاّ في عام كامل، ولـم اكن ملمـّاً باللغة الروسية. فلقد تـخلصت من الاسر بصورة عجيبة مـحيـّرة، بفضل العناية الإلـهية التي ادركتني بناء على عجزي وضعفي، ووصلت استانبول ماراً بـ((وارشو)) و ((فينا)). وهكذا نـجوت من ذلك الاسر بسهولة تدعو الى الدهشة، حيث اكملت سياحة الفرار الطويل بسهولة ويسر كبيرين، بـحيث لـم يكن لينجزها اشجع الاشخاص وأذكاهم وامكرهم ومـمن يلمـّون باللغة الروسية.

    ولكن حالتي في تلك الليلة التي قضيتها في الـجامع على ضفاف ((فولغا)) قد ألـهمتني هذا القرار:

    ((سأقضي بقية عمري في الكهوف والـمغارات معتزلاً الناس.. كفاني تدخلاً في امورهم. ولـما كانت نهاية الـمطاف دخول القبر منفرداً وحيداً، فعليّ ان اختار الانفراد والعزلة من الآن، لأعوّد نفسي عليها!.)).

    نعم، هكذا قررت.. ولكن – وياللأسف – فان احبابي الكثيرين الـمخلصين في استانبول، والـحياة الاجتماعية البهيجة البرّاقة فيها، ولاسيما ما لا طائل فيه من اقبال الناس والشهرة والصيت.. كل ذلك أنساني قراري ذلك لفترة قصيرة. فكأن ليلة الغربة تلك هي السواد الـمنوّر البصير لعين حياتي، وكأن النهار البهيج لـحياة استانبول هي البياض غير البصير لعين حياتي. فلـم تتمكن تلك العين من رؤية البعيد، بل غطت ثانية في نوم عميق، حتى فتحها الشيخ الكيلاني بكتابه ((فتوح الغيب)) بعد سنتين.

    وهكذا ايها الشيوخ، ويا ايتها العجائز!..

    اعلموا ان ما في الشيخوخة من العجز والضعف ليسا الاّ وسيلتين لدرّ الرحـمة الإلـهية وجلب العناية الربانية.. فانني شاهد على هذه الـحقيقة في كثير من حوادث حياتي، وان تـجلي الرحمة على سطح الارض يظهرها كذلك بشكل واضح ابلج؛ لان اعجز الـحيوانات واضعفها هي صغارها، والـحال ان ألطف حالات الرحمـة وألذها واجملها تتجلى في تلك الصغار، فعجزُ الفرخ الساكن في عشـّه على شجرة باسقة، يستخدم والدته – بتجلي الرحـمة – كأنها جندية تنتظر الاوامر. فتحوم حول الزروع الـخضر لتجلب الرزق الوفير لفرخها الصغير، ولكن ما ان ينسى الفرخ الصغير عجزه – بنموّ جناحيه وتكامله – حتى تقول له والدته: عليك ان تبحث عن رزقك بنفسك. فلا تعود تستجيب لندائه بعد ذلك.

    فكما يـجري سرّ الرحـمة هذا على هذه الصورة بـحق الصغار، يـجري كذلك من زاوية الضعف والعجز، بـحق الشيوخ الذين اصبحوا في حكم الصغار.

    ولقد اعطتني تـجاربي الـخاصة القناعة التامة ان رزق الصغار مثلما يأتي بناء على عجزهم، وترسله الرحـمـة الإلـهية لـهم بشكل خارق، فتفجـّر ينابيع الاثداء وتسيلـّها لـهم سيلاً، فان رزق الشيوخ الـمؤمنين الذين اكتسبوا العصمة يُرسل اليهم من قبل الرحـمة على صورة بركة، وأن عمود البركة لأي بيت وسندها انـما هو اولئك الشيوخ الذين يأهلونه، وان الذي يـحفظ ذلك البيت من البلايا والـمصائب انـما هم اولئك الشيوخ الركع الذين يعمرونه. يثبت هذه الـحقيقة اثباتاً كاملاً جزء من حديث شريف: لولا الشيوخ الركع لصبّ عليكم البلاء صبـّاً.

    وهكذا فما دام الضعف والعجز اللذان في الشيخوخة يصبحان مـحورين لـجلب الرحـمة الإلـهية الواسعة، وان القرآن الكريم يدعو الاولاد الى الاحترام والرأفة بالوالدين في خـمس مراتب، وبأسلوب غاية في الاعجاز، في قوله تعالى:

    ( إمـّا يَبلـُغَنّ عِنْدَكَ الكِبَرَ أحدُهُما أو كلاهما فلا تَقُل لـهما أفّ ولاتَنهَرهُما وقُل لُهما قولاً كريـماً ` واخفِضْ لُهما جَناحَ الذُلّ من الرحـمة وقُل ربّ ارحَمهُما كما ربـَّياني صغيرا) (الاسراء:23-24).

    وما دام الإسلام يأمر بتوقير الشيوخ والرحـمة بهم، والفطرة الانسانية تقضي الاحترام والرحـمة تـجاه الشيوخ.. فلا بد لنا – نـحن الشيوخ – ألا! نستبدل شيخوختنا هذه بـمائة عهد من عهود الصبا؛ ذلك لان لنا فيها اذواقاً معنوية دائمة جديرة، بدلاً من الذوق الـمادي الناشيء من نزوة الشباب، حيث نأخذ اذواقاً روحية نابعة من الرحـمة الصادرة من العناية الإلـهية ومن الاحترام النابع من فطرة الانسانية.

    نعم، انى اُطمئنكم بأنه لو اُعطيتُ عشر سنوات من عهد شباب ((سعيد القديـم)) فلن استبدلـها بسنة واحدة من شيب ((سعيد الـجديد)). فانا راضٍ عن شيخوختي، فارضوا عنها انتهم كذلك..

    ويقول بعد رجوعه من الاسر الى استانبول :

    بعدما رجعت من الأسر، سيطرت الغفلة عليّ مرة اخرى طوال سنتين من حياتي في استانبول، حيث الأجواء السياسية وتياراتها صرفت نظري عن التأمل في نفسي، وحدثت تشتتاً في ذهني وفكري.

    فحينما كنت جالساً ذات يوم في مقبرة ابي ايوب الانصاري رضي الله عنه وعلى مرتفع مطلّ على وادٍ سحيق، مستغرقاً في تأمل الافاق الـمحيطة باستانبول، اذا بي أرى كأن دنياي التخاصة اوشكت على الوفاة، حتى شعرت – خيالاً – كأن الروح تنسل منها انسلالاً من بعض نواحيّ. فقلت: تُرى هل الكتابات الـموجودة على شواهد هذه القبور هي التي دعتني الى هذا الـخيال؟

    أشحتُ نظري عن الـخارج وانعمت النظر في الـمقبرة دون الآفاق البعيدة فألقى في روعي:

    ((ان هذه الـمقبرة الـمحيطة بك تضم مائة استانبول! حيث ان استانبول قد أفرغت فيها مائة مرة، فلن تُستثنى انت وحدك من حكم الـحاكم القدير الذي افرغ جـميع اهالي استانبول هنا، فانت راحل مثلهم لا مـحالة..!)).

    غادرت الـمقبرة وانا احـمل هذا الـخيال الـمخيف، ودخلت الغرفة الصغيرة في مـحفل جامع ابي ايوب الانصاري رضي الله عنه والتي كنت ادخلها مراراً في السابق فاستغرقت في التفكير في نفسي: إنـما انا ضيف! وضيف من ثلاثة اوجه؛ اذ كما انني ضيف في هذه الغرفة الصغيرة، فانا ضيفٌ كذلك في استانبول، بل انا ضيف في الدنيا وراحل عنها كذلك، وعلى الـمسافر ان يفكر في سبيله ودربه.

    نعم، كما انني سوف اخرج من هذه الغرفة واغادرها، فسوف اترك استانبول ذات يوم واغادرها، وسوف اخرج من الدنيا كذلك.

    وهكذا جثمت على قلبي وفكري وانا في هذه الـحالة، حالة أليمة مـحزنة مكدّرة. فلا غرو انني لا أترك احباباً قليلين وحدهم، بل سأفارق ايضاً آلاف الاحبة في استانبول، بل سأغادر استانبول الـحبيبة نفسها وسأفترق عن مئات آلالاف من الاحبة كما افترق عن الدنيا الـجميلة التي ابتلينا بها.

    ذهبتُ الى الـمكان الـمرتفع نفسه في الـمقبرة مرة اخرى، فبدا لي اهالي استانبول، جنائز يـمشون قائمين مثلما يظهر الذين ماتوا شخوصاً متحركة في الافلام السينمائية، فقد كنت اتردد اليها احياناً للعبرة! فقال لي خيالي: مادام قسم من الراقدين في هذه الـمقبرة يـمكن ان يظهروا متحركين كالشخوص السينمائية، ففكـّر في هؤلاء الناس كذلك انهم سيدخلون هذه الـمقبرة حتماً، واعتبرهم داخلين فيها من الآن.

    وبينما كنت اتقلب في تلك الـحالة الـمحزنة الـمؤلـمة اذا بنور من القرآن الـحكيم وبارشاد من الشيخ الكيلاني (قدس سرّه) يقلب تلك الـحالة الـمحزنة ويـحولـها الى حالة مفرحة مبهجة، ذات نشوة ولذة، حيث ذكـّرني النور القادم من القرآن الكريـم ونبهني الى ما يأتي:

    كان لك صديق أو صديقين من الضباط الاسرى عند اسرك في ((قوسترما)) في شمال شرقي روسيا، وكنتَ تعلم حتماً أنهما سيرجعان الى استانبول. ولو خَيـّرك احدهما قائلاً: أتذهب الى استانبول أم تريد ان تبقى هنا؟. فلا جرم انك كنت تـختار الذهاب الى استانبول لو كان لك مسكة من عقل، بفرح وسرور حيث ان تسعمائة وتسعة وتسعين من الف حبيب وحبيب لك هـم الآن في استانبول، وليس لك هنا الاّ واحد او اثنان، وهم بدورهم سيرحلون الى هناك. فالذهاب الى استانبول بالنسبة لك اذن ليس بفراق حزين، ولا بافتراق أليم.. وها أنتذا قد أتيت اليها، ألـم تصبح راضياً شاكراً؟ فلقد نـجوتَ من بلد الاعداء، من لياليها الطوال السوداء، ومن شتائها القارس العاصف، وقدمت استانبول الزاهية الـجميلة، كأنها جنة الدنيا!. وهكذا الامر حيث ان تسعاً وتسعين من مائة شخص مـمن تـحبهم منذ صغرك حتى الآن، قد ارتـحلوا الى الـمقبرة. تلك تبدو لك موحشة مدهشة، ولـم يظل منهم في هذه الدنيا الاّ واحد او اثنان، وهم في طريقهم اليها كذلك. فوفاتك في الدنيا اذن ليست بفراق، ولا بافتراق، وانـما هي وصال ولقاء مع اولئك الاحبة الاعزاء.

    نعم ان اولئك – أي الارواح الباقية – قد تركوا مأواهم وعشهم الـمندرس تـحت الارض، فيسرح قسم منهم بين النجوم، وقسم آخر بين طبقات عالـم البرزخ.

    وهكذا ذكـّرني ذلك النور القرآني.. ولقد أثبت هذه الـحقيقة اثباتاً قاطعاً كلٌ من القرآن الكريـم، والإيـمان، بـحيث مَن لـم يفقد قلبه وروحه، او لـم تغرقه الضلالة لابد ان يصدق بها كأنه يراها؛ ذلك لأن الذي زيـّن هذه الدنيا بأنواع ألطافه التي لاتـحد وبأشكال آلائه التي لاتُعد مُظهراً بها ربوبيته الكريـمة الرؤوف، حفيظاً حتى على الاشياء الصغيرة الـجزئية جداً – كالبذور مثلاً – ذلك الصانع الكريـم الرحيم، لابد – بل بالبداهة – لايُفني هذا الانسان الذي هو اكمل مـخلوقاته واكرمها واجمعها واهمـّها واحبها اليه، ولا يـمحوه بالفناء والاعدام النهائي، بلا رحـمة وبلا عاقبة – كما يبدو ظاهراً – ولا يضيـّعه ابداً.. بل يضع الـخالق الرحيم ذلك الـمخلوق الـمحبوب تـحت التراب الذي هو باب الرحـمة موقتاً، كي يعطي ثـماره في حياة اخرى، كما يبذر الفلاح البذور على الارض .

    وبعد ان تلقيت هذا التنبيه القرآني، باتت تلك الـمقبرة عندي مؤنسة اكثر من استانبول نفسها، واصبحت الخلوة والعزلة عندي اكثر لطافة من الـمعاشرة والـمؤانسة، مـما حدا بي ان اجد مكاناً للعزلة في ((صاري ير)) على البسفور. واصبح الشيخ الكيلاني رضي الله عنه استاذاً لي وطبيباً ومرشداً بكتابه ((فتوح الغيب))، وصار الامام الرباني رضي الله عنه كذلك بـمثابة استاذ أنيس ورؤوف شفيق بكاتبه ((مكتوبات)) فاصبحت راضياً كلياً ومـمتنـّاً من دخولي الـمشيب، ومن عزوفي عن مظاهر الـحضارة البراقة ومتعها الزائفة،ومن إنسلالي من الـحياة الاجتماعية وانسحابي منها، فشكرت الله على ذلك كثيراً.

    فيا من يدلف الى الـمشيب مثلي.. ويا من يتذكر الـموت بنذير الشيب.. ! ان علينا ان نرضى بالشيخوخة وبالـموت وبالـمرض، ونراها لطيفة بنور الإيـمان الذي أتى به القرآن الكريـم، بل علينا ان نـحبها – من جهة – فما دمنا نـملك إيـماناً وهو النعمة الكبرى، فالشيخوخة اذن طيبة والـمرض طيب، والـموت طيب ايضاً.. وليس هناك شيء قبيح محض في حقيقة الامر الاّ الاثم والسفه والبدع والضلالة.

    ويسرد النورسي ذكرياته :

    عندما رجعت من الاسر، كنت أسكن مع ابن اخي ((عبدالرحـمن)) في قصر على قمة ((جاملجة)) في استانبول. ويـمكن ان تعتبر هذه الـحياة التي كنت احياها حياة مثالية من الناحية الدنيوية بالنسبة لأمثالنا؛ ذلك لانني قد نـجوت من الاسر، وكانت وسائل النشر مفتوحة امامي في ((دار الـحكمة الإسلامية)) وبـما يناسب مهنتي العلمية، وان الشهرة والصيت والاقبال عليّ تـحفّ بي بدرجة لا استحقها، وانا ساكن في اجـمل بقعة من استانبول ((جاملجة))، وكل شيء بالنسبة لي على مايرام، حيث أن ابن اخي عبدالرحـمن – رحـمه الله – معي، وهو في منتهى الذكاء والفطنة، فهو تلميذ ومضحّ وخادم وكاتب معاً، حتى أعدّه ابناً معنوياً لي.

    وبينما كنت احس بأني اسعد انسان في العالـم، نظرت الى الـمرآة، ورأيت شعيرات بيضاء في رأسي وفي لـحيتي، واذا بتلك الصحوة الروحية التي احسست بها في الاسر في جامع ((قوصترما)) تبدأ بالظهور. فأخذتُ أنعم النظر وافكر مدققاً في تلك الـحالات التي كنت ارتبط بها قلبياً، وكنت اظنها انها هي مدار السعادة الدنيوية. فما من حالة او سبب دققت النظر فيه، الا رأيت أنه سبب تافه وخادع، لا يستحق التعلق به، ولا الارتباط معه. فضلاً عن ذلك وجدت في تلك الاثناء عدم الوفاء وفقدان الصداقة من صديق حـميم، يُعدّ من أوفى الاصدقاء لي، وبشكل غير متوقع وبصورة لاتـخطر على بال.. كل ذلك أدى الى النفرة والامتعاض من الـحياة الدنيا، فقلت لقلبي:

    - ياتُرى هل انا منخذع كلياً؛ فأرى الكثيرين ينظرون الى حياتنا التي يُرثى لـها من زاوية الـحقيقة نظر الغبطة؟ فهل جُنَّ جنون جـميع هؤلاء الناس؟ أم انا في طريقي الى الـجنون، لرؤيتي هؤلاء الـمفتونين بالدنيا مـجانين بلهاء؟! وعلى كل حال.. فالصحوة الشديدة التي صحوتها برؤية الشيب جعلتني ارى اولاً: فناء ما ارتبط به من الاشياء الـمعرّضة للفناء والزوال!!

    ثم التفتّ الى نفسي، فوجدتها في منتهى العجز!.. عندها صرختْ روحي وهي التي تنشد البقاء دون الفناء وتشبثت بالاشياء الفانية متوهمة فيها البقاء، صرخت من اعماقها: ((مادمتُ فانية جسماً فأي فائدة ارجوها من هذه الفانيات؟ وما دمتُ عاجزة فماذا انتظر من العاجزين؟.. فليس لدائي دواء الاّ عند الباقي السرمدي، عند القدير الازلي)) فبدأت أبـحث وأستقصي.. راجعت اول ماراجعت، تلك العلوم التي اكتسبتها سابقاً، أبـحث فيها السلوة والرجاء. ولكن كنت – وياللاسف- الى ذلك الوقت مغترفاً من العلوم الإسلامية مع العلوم الفلسفية ظناً مني – ظناً خطأ جداً – أن تلك العلوم الفلسفية هي مصدر الرقي والتكامل ومـحور الثقافة وتنوّر الفكر، بينما تلك الـمسائل الفلسفية هي التي لوثت روحي كثيراً، بل اصبحت عائقة امام سـموي الـمعنوي.

    نعم، بينما كنت في هذه الـحالة، اذا بـحكمة القرآن الـمقدسة تسعفني، رحـمةً من العلي القدير، وفضلاً وكرماً من عنده سبـحانه، فغسلتْ أدران تلك الـمسائل الفلسفية وطهرت روحي منها – كما هو مبين في كثير من الرسائل – اذ كان الظلام الروحي الـمنبثق من العلوم الفلسفية، يغرق روحي ويطمسها في الكائنات، فاينما كنت اتوجه بنظري في تلك الـمسائل فلا أرى نوراً ولا اجد قبساً، ولـم أتـمكن من التنفس والانشراح، حتى جاء نور التوحيد الساطع النابع من القرآن الكريـم الذي يلقن ((لا اله الا هو)) فـمزق ذلك الظلام وبدده. فانشرح صدري وتنفس بكل راحة واطمئنان.. ولكن النفس والشيطان، شنـّا هجوماً عنيفاً على العقل والقلب وذلك يـما أخذاه من تعليمات وتلقياه من دروس من اهل الضلالة والفلسفة. فبدأت الـمناظرة النفسية في هذا الـهجوم حتى اختتمت – ولله الـحمد والـمنـّة – بانتصار القلب وفوزه.

    ولـما كان قسم من تلك الـمناظرات قد ورد في اغلب الرسائل، فنـحن نكتفي به، الا أننا نبين هنا برهاناً واحداً فقط من بين آلاف البراهين، لنبين انتصار القلب وفوزه على النفس والشيطان، وليقوم ذلك البرهان بتطهير ارواح اولئك الشيوخ الذين لوثوا أرواحهم، واسقموا قلوبهم، واطغوا انفسهم، حتى تـجاوزت حدودها، تارة بالضلالة، وتارة بـما لايعنيهم من أمور تتستر تـحت ستار العلوم الاجنبية والفنون الـحضارية ولينجوا – باذن الله – في حق التوحيد، من شرور النفس والشيطان. والـمناظرة هي كالآتي:

    قالت نفسي مستفسرة باسم العلوم الفلسفية الـمادية: ان الاشياء الـموجودة في الكون، بطبيعتها تتدخل في الـموجودات فكل شيء متوجه الى سبب وصادر منه، فالثـمرة تؤخذ من الشـجرة، والـحبوب تطلب من التراب، فماذا يعني التضرع الى الله وطلب اصغر شيء واكثره جزئية منه سبحانه؟!

    انكشف حالا سر التوحيد بنور القرآن الكريـم بالصورة الآتية:

    أجاب قلبي لنفسي الـمتفلسفة: ان اصغر شيء واكثره جزئية انـما هو كأكبر شيء واعظمه، فهو يصدر من قدرة خالق الكائنات مباشرة، ويأتي من خزينته سبحانه.. فليس هناك صورة اخرى قط، وما الاسباب الاّ ستائر؛ ذلك لان اصغر الـمخلوقات وأتفهها – حسب ظننا – قد يكون أعظم من اكبر الـمخلوقات واضخمها، من حيث الـخلقة والصنعة والاتقان، فالذباب مثلاً، ان لـم يكن أدق وارقى من حيث الصنعة من الدجاج فليس هو بقاصر عنها، لـهذا لا يـمكن التمييز بين الصغير والكبير من حيث الـخلقة والصنعة فإما أن يُنسب خلق الـجميع – صغيرهُ وكبيرهُ – الى الاسباب الـمادية وإما أن يُسند الـخلق جـميعاً الى الواحد الاحد. ومثلما أن الشق الاول مـحال في مـحال، فان الشق الثاني واجب الاعتقاد به وضروري. لانه:

    ما دام علم الله سبحانه وتعالى يـحيط بكل شيء، والذي هو ثابت وجوده بشكل قاطع بانتظام جـميع الـموجودات والـحِكَم التي فيها.. وما دام كل شيء يتعيـّن مقداره في علمه سبحانه.. وما دامت الـمصنوعات والـمخلوقات وهي في منتهى الروعة والاتقان تأتي بـمنتهى السهولة الى الوجود من العدم كل حين كما هو مشاهد.. ومادام ذلك القدير العليم يـملك قدرة مطلقة يـمكنه أن يوجد كل شيء بامر ((كن فيكون)) وفي لـمح البصر.. كما بيـّنا ذلك في كثير من الرسائل بدلائل قاطعة ولاسيما في الـمكتوب العشرين وختام اللمعة الثالثة والعشرين. فلابد أن السهولة الـمطلقة الـمشاهدة، والـخارقة للعادة، ماهي الاّ من تلك الاحاطة العلمية ومن عظمة تلك القدرة الـمطلقة.

    مثلاً: كما انه اذا أمررت مادة كيمياوية معينة على كتاب كـُتب بـحبر كيمياوي لايُرى، فان ذلك الكتاب الضخم يظهر عياناً حتى يستقرىء كل ناظر اليه، كذلك يتعين مقدار كل شيء وصورته الـخاصة به في العلم الـمحيط للقدير الازلي، فيمرر القدير الـمطلق قوته – التي هي تـجلٍ من قدرته – بكل سهولة ويسر، كإمرار تلك الـمادة في الـمثال، على تلك الـماهية العلمية، يـمرره بأمر ((كن فيكون))، وبقدرته الـمطلقة تلك، وبارادته النافذة.. فيعطي سبحانه ذلك الشيء وجوداً خارجياً، مـُظهراً اياه امام الاشهاد، مـما يـجعلهم يقرأون ما فيه من نقوش حكمته..

    ولكن ان لـم يُسند خلق جـميع الاشياء دفعة واحدة الى العليم الـمطلق والى القدير الازلي، فان خلق اصغر شيء عندئذ – كالذباب مثلاً – يستلزم جـمع جـميع ما له علاقة بالذباب من اكثر انواع العالـم، جـمعه بـميزان خاص ودقيق جداً، أي جـمع كل ذلك في جسم الذباب، بل ينبغي ان تكون كل ذرة عاملة في جسم الذباب عالـمة تـمام العلم بسرّ خلق الذباب وحكمة وجوده، بل ينبغي أن تكون متقنة لروعة الصنعة التي فيها بدقائقها وتفاصيلها كافة.

    ولـما كانت الاسباب الـمادية او الطبيعية لا يـمكنها ان تـخلق شيئاً من العدم مطلقاً كما هو بديهي ومتفق عليه عند ارباب العقول؛ لذا فان تلك الاسباب حتى لو تـمكنت من الايـجاد فانها لاتتمكن ذلك الاّ بالـجمع، فما دامت ستقوم بالـجمع، وأن الكائن الـحي – اياً كان – ينطوي على اغلب نـماذج ما في العالـم من عناصر وانواع، وكأنه خلاصة الكائنات او بذرتها، فلابد اذن من جـمع ذرات البذرة من شـجرة كاملة، وجـمع عناصر الكائن الـحي وذراته من ارجاء العالـم اجـمع، وذلك بعد تصفيتها وتنظيمها وتقديرها بدقة واتقان حسب موازين خاصة ووفق مصاف حساسة ودقيقة جداً.. ولكون الاسباب الـمادية الطبيعية جاهلة وجامدة، فلا علم لـها مطلقاً كي تقدّر خطة، وتنظم منهاجاً، وتنسق فهرساً، وكي تتعامل مع الذرات وفق قوالب معنوية، مصهرة اياها في تلك القوالب لتمنعها من التفرق والتشتت واختلال النظام. بينما يـمكن أن يكون شكل كل شيء وهيئته ضمن أنـماط لاتـحد.. لذا فان اعطاء شكل معين واحد من بين تلك الاشكال غير الـمحدودة، وتنظيم ذلك الشيء بـمقدار معين ضمن تلك الـمقادير غير الـمعدودة، دون أن تتبعثر ذرات العناصر الـجارية كالسيل وبانتظام كامل. ثم بناؤها وعمارتها بعضها فوق بعض بلا قوالب خاصة وبلا تعيين الـمقادير، ثم اعطاء الكائن الـحي وجوداً منتظماً منسقاً.. كل هذا امر واضح أنه خارج عن حدود الامكان، بل خارج عن حدود العقل والاحتمال! فالذي لـم يفقد بصيرته يرى ذلك بـجلاء! نعم، وتوضيحاً لـهذه الـحقيقة فقد جاء في القرآن الكريـم :( انّ الذين تَدعونَ من دون الله لن يَخلقوا ذُباباً ولو اجتمعوا له..)(الحج:73). أي اذا اجتمعت الاسباب الـمادية كافة لا يـمكنها أن تـجمع وتنسق جسم ذبابة واحدة وأجهزتها وفق موازين دقيقة خاصة حتى لو أوتيت تلك الاسبابا ارادةًَ واختياراً، بل حتى لو تـمكنت من تكوين جسم ذباب وجـمعه فانها لاتستطيع ابقاءه وادامته على مقداره الـمعين له، بل حتى لو تـمكنت من ابقائه بالـمقدار الـمعين فلن تستطيع ن تـحرك بانتظام تلك الذرات التي تتجدد دوماً وترد الى ذلك الوجود لتسعى فيه؛ لذا فـمن البداهة أن الاسباب لن تكون مالكة لـهذه الاشياء ولن تكون صاحبتها مطلقاً. انـما صاحبها الـحقيقي هو غير الاسباب.. نعم، ان لـها مالكاً وصاحباً حقيقياً بـحيث أن إحياء ما على الارض من كائنات سهل عليه ويسير، كإحياء ذبابة واحدة. وايـجاد الربيع عنده سهل وهين كسهولة أيـجاد زهرة واحدة.. كما تبينه الآية الكريـمة:

    ( ما خلقُكُم ولا بَعثُكم الاّ كنَفسٍ واحدة ) (لقمان:28) ذلك لأنه غير مـحتاج الى الـجمع، حيث أنه مالك لأمر: ((كن فيكون)).. ولانه يـخلق من العدم في كل ربيع أحوال موجودات الربيع وصفاتها واشكالـها، مـما سوى عناصرها.. ولان خطة كل شيء ونـموذجه وفهرسه ومـخططه متعين في علمه سبحانه.. ولان جـميع الذرات لاتتحرك الاّ ضمن دائرة علمه وقدرته؛ لذا فانه يـخلق كل شيء ويوجده ايتجاداً بلمح البصر وفي منتهى اليسر، ولن يـحيد شيء عمـّا أنيط به في حركته ولو بـمقدار ذرة. فتعدو الكواكب السيارة جيشاً منظماً طائعاً له، وتصبح الذرات جنوداً مطيعين لأمره، وحيث ان الـجميع يسيرون على وفق تلك القدرة الازلية ويتحركون وفق دساتير ذلك العلم الازلي لذا فأن هذه الآثار تأتي الى الوجود حسب تلك القدرة، فلا تصغُر تلك الآثار بنظر الاستصغار، ولا تكون مهملة بعدم الاهتمام بها؛ اذ الذبابة الـمنتسبة الى تلك القدرة تهلك نـمروداً، والنملة تدمر قصر فرعون، وبذرة الصنوبر الـمتناهية في الصغر تـحمل على اكتافها ثقل شجرة الصنوبر الضخمة كالـجبل. فكما اننا اثبتنا هذه التحقيقة في رسائل كثيرة فاننا نقول هنا كذلك: ان الـجندي الـمنتسب الى السلطان بالـجندية يـمكنه أن يقوم بأعمال تفوق طاقته ألف مرة، كأن يأسر مثلاً قائداً عظيماً للعدو بانتسابه، كذلك فان كل شيء بانتسابه الى تلك القدرة الازلية يكون مصدراً لـمعجزات الصنعة والاتقان بـما تفوق تلك الاسباب الطبيعية بـمائة ألف مرة.


    الـخلاصة:

    ان الصنعة الـمتقنة البديعة لكل شيء، والسهولة الـمطلقة في ايـجاده، تظهران معاً من آثار القدير الازلي ذي العلم الـمحيط، والاّ فهو مـحال في مائة مـحال، بأن ذلك الشيء وروده الى الوجود، بل يكون – عندئذٍ – خارجاً عن دائرة الامكان وداخلاً في دائرة الامتناع، بل خارجاً من صورة الـممكن الى صورة الـممتنع وماهية الـممتنع، بل لا يـمكن ان يرد – عندئذ – شيء مهما كان الى الوجود مطلقاً.

    وهكذا فان هذا البرهان وهو في منتهى القوة والدقة، ومنتهى العمق والوضوح قد أسكت نفسي التي اصبحت تلميذة مؤقتة للشيطان، ووكيله لاهل الضلالة والفلسفة، حتى آمنت – ولله الـحمد – إيـماناً راسخاً، وقالت:

    نعم انه ينبغي أن يكون لي ربٌ خالق يعلم ويسمع أدق خواطر قلبي وأخفى رجائي ودعائي. ويكون ذا قدرة مطلقة فيسعف أخفى حاجات روحي ويستبدل كذلك بهذه الدنيا الضخمة دنيا اخرى غيرها ليسعدني سعادة ابدية فيقيم الآخرة بعدما يرفع هذه الدنيا، وكما أنه يـخلق الذباب فانه يوجد السـموات أيـجاداً ايضاً. وكما أنه رصـّع وجه السـماء بعين الشمس جعل من الذرة ترصيعاً في بؤبؤ عيني. والاّ فان الذي لا يستطيع أن يـخلق ذباباً لا يـمكنه أن يتدخل في خواطر قلبي، ولن يسمع تضرع روحي. وان الذي لايستطيع أن يـخلق السموات لايـمكنه ان يهبني السعادة الابدية؛ لذا فان ربي انـما هو الذي يسمع – بل يصلح – خواطر قلبي، فمثلـما أنه يـملأ جو السماء بالغيوم ويفرغها منه خلال ساعة فانه سيبدل الآخرة بهذه الدنيا ويعمـّر الـجنة ويفتح أبوابها لي قائلاً: هيا أدخل!!

    فيا اخوتي الشيوخ، ويامن صرفتم جزءاً من عمركم بسوء حظ النفس وشقائها – مثل نفسي – في مغالطات العلوم الاجنبية والفلسفة الـمظلمة.. اعلموا أن الذي يردده القرآن دوماً من ((لا اله الاّ هو)) ذلك الامر القدسي، ركن إيـماني لا يتزلزل ولا يتصدع ولا يتغير أبداً!! فما اقواه وما اصوبه! حيث يبدد جـميع الظلمات ويضمد الـجراحات الـمعنوية.

    هذا وان درج هذه الـحادثة الـمطولة ضمن ابواب الرجاء والامل لشيخوختي، لـم يكن باختياري، بل لـم أكن أرغب درجها هنا، تـحاشياً من الـملل، الاّ انني استطيع ان اقول قد كُتـّبتها وأملِيَنْ عليّ.. وعلى كل.. لنرجع الى الـموضوع الذي نـحن بصدده:

    نعم، هكذا جاءني النفور من تلك الـحياة الدنيوية البهيجة في استانبول التي ظاهرها اللذة، من ذلك التأمل والنظر في شعيرات بيضاء لرأسي ولـحيتي، ومن عدم الوفاء الذي بدر من الصديق الوفي الـمخلص.. حتى بدأت النفس بالبحث والتحري عن اذواق معنوية بدلا عما افتتنت به من اذواق، فطلبت نوراً وسلواناً في هذه الشيخوخة التي تبدو ثقيلة ومزعجة ومقيتة في نظر الغافلين. فللـّه الـحمد والـمنـّة وألف شكر وشكر له سبحانه أن وفقني لوجدان تلك الاذواق الإيـمانية الـحقيقية الدائمة في ((لا اله الاّ هو)) وفي نور التوحيد بدلا من تلك الاذواق الدنيوية التي لا حقيقة لـها ولا لذة فيها، بل لا خير في عقباها. وله الـحمد أن وفقني كذلك لأجد الشيخوخة خفيفة الظل أتنعم بدفئها ونورها بـخلاف ما يراه أهل الغفلة من ثقل وبرودة.

    نعم يا اخوتي! فما دمتم تـملكون الإيـمان، وما دامت لديكم الصلوات والدعاء اللذان ينوران الإيـمان، بل ينميانه ويصقلانه.. فانكم تستطيعون اذن أن تنظروا الى شيخوختكم من أنها شباب دائم، بـما تكسبون بها شباباً خالداً، حيث ان الشيخوخة الباردة حقاً، والثقيلة جداً، والقبيحة، بل الـمظلمة والـمؤلـمة تـماماً ليس الاّ شيخوخة اهل الضلالة، بل ربـما عهد شبابهم كذلك.. فليبكوا.. ولينتحبوا.. وليقولوا: واأسفاه.. واحسرتاه!!

    أما انتم ايها الشيوخ الـمؤمنون الـموقرون فعليكم أن تشكروا ربكم بكل فرح وسرور قائلين: ((الـحمد لله على كل حال!)).

    [gdwl]
    إن كان الإتفاق في الحق إختلافاً في الأحق، يكون الحق أحياناً أحق من الأحق، والحسن أحسن من الأحسن.
    ويحق لكل امرئٍ أن يقول في مذهبه: «هو حق، هو حسن»، ولكن لا يحق له القول: «هو الحق هو الحسن .
    [align=center]بديع الزمان سعيد النورسي[/align][/gdwl]

  2. #2
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    17/11/2010
    المشاركات
    12
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي رد: سعيد النورسي .. اسيراً في روسيا / حازم ناظم فاضل

    محطات إيمانية بديعة في التركيز على أستاذية القرآن .

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حازم ناظم فاضل مشاهدة المشاركة
    ...
    في تلك الليالي الـمظلمة الطويلة الـحزينة، وفي ذلك الـجو الغامر بأسى الغربة، ومن واقعي الـمؤلـم الاليم، جثم على صدري يأس ثقيل نـحو حياتي وموطني، فكلما التفتُّ الى عجزي وانفرادي انقطع رجائي واملي. ولكن جائني الـمدد من القرآن الكريم..
    .
    شكرا جزيلا أ. ناظم آبيه نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •