بيت المقدس... ومخاطر التهويد
"منذ الاحتلال الصهيوني حتى نهاية القرن العشرين"

تأليف
الدكتور أحمد الريماوي
"عضو اتحاد المؤرخين العرب"


المحتويات

1- احتلال بيت المقدس وضمّها ولعبة القوانين الإسرائيلية.
* القرار السياسي والغطاء القانوني.
* قوانين دمج السكان.
2- تهويد المدينة المقدسة ديمغرافياً واقتصادياً.
3- إشكاليات المواطنة الدائمة لسكان بيت المقدس.
* هَدْم المنازل.
* إغلاق المؤسسات الفلسطينية.
* تهويد الاقتصاد.
* الضرائب.
* مخصّصات التأمين الوطني.
* الإغلاق.
4- تغيير مَعالم المدينة المقدّسة.
5- الاعتداءات الإسرائيلية على المقدّسات المسيحية في بيت المقدس.






احتلال بيت المقدس وضمّها ولعبة القوانين الإسرائيلية
في السابع من حزيران/يونيو 1967م، أتم الجيش الإسرائيلي احتلال القدس الشرقية، وبهدف السيطرة على أكبر مساحة من الأرض مع أقل عدد ممكن من السكان العرب وتهويد القدس لاحقاً، انتهجت الإدارة العسكرية سياسة مزجت بين الترغيب والترهيب لحمل السكان على ترك المدينة، الأمر الذي أدى إلى هجرة ونزوح آلاف من سكانها(1). ويقدّر بعض المصادر الفلسطينية عدد الذين تركوا المدينة في الأيام الأولى بعد احتلالها ب (20- 30) ألف نسمة، من مجموع (100) ألف(2). في حين يقدّر مصدر إسرائيلي عدد المغادرين خلال الأيام الأولى التي تلت الحرب بِ (600) نسمة يومياً(3)، من مجموع (60) ألف نسمة عدد سكان المدينة(4).

وباشرت السلطات الإسرائيلية سلسلة من الإجراءات العملية، هدفت إلى دمج شطري المدينة تمهيداً لضمّها، كان أبرزها إزالة بوابة مندلبوم التي كانت نقطة العبور بين القدس الغربية والقدس الشرقية، وعوائق مادية أخرى على امتداد خط الهدنة الذي اتفق عليه بين الأردن و"إسرائيل" في نيسان/إبريل 1949م(5). غير أن الخطوة الأكثر بروزاً التي اتخذتها السلطات الإسرائيلية بهذا الصّدد، كانت حلّ المجلس البلدي وأمانة القدس في 29 حزيران/يونيو 1967م(6).

واجتمعت الحكومة الإسرائيلية برئاسة ليفي إشكول بتاريخ 11 حزيران/يونيو 1967م، لتبحث في مستقبل القدس الشرقية، وأيّد معظم الوزراء ضمّها إلى "إسرائيل"، فأوكلت الحكومة إلى لجنة وزارية صوغ اقتراح لحلّ المشكلات القضائية والإدارية الناجمة عن قرار الضم، وبتاريخ 21 حزيران/يونيو 1967م قدّمت اللجنة إلى الحكومة ثلاثة مشاريع قوانين تم مناقشتها وإقرارها بتاريخ 25 حزيران/يونيو 1967م، ولكي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أسامة حلبي،"بلدية القدس العربية"، القدس، الجمعية الفلسطينية الأكاديمية للشؤون الدولية/ PASSIA، 1993م، ص25.
(2) سمير جريس، "القدس/ المخططات الصهيونية/ االاحتلال والتهويد" مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، 1981، ص57.
(3) Meron Benvenisti, Jerusalem,”The Torn City”, Jerusalem, Isratypeset Ltd., 1976, P. 100.
(4) Ibid., P. 89.
(5) أسامة حلبي، المرجع االسابق، ص25- 26.
(6) أسامة حلبي،"الوضع القانوني لمدينة القدس ومواطنيها العرب"، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، ط2، 1999م، ص6.
يكتسب قرار الضَّم السياسي غطاءه القانوني، قام البرلمان الإسرائيلي "الكنيست" بتاريخ 27 حزيران/يونيو بمناقشة مشاريع القوانين الثلاثة التي وضعتها الحكومة ورأت فيها "ثلاثة مداميك في بناء قانوني واحد"(1) وسنّ القوانين الآتية:-

أ- قانون بتعديل
قانون أنظمة السلطة والقضاء (رقم 11) لسنة 5727- 1967 (2)
يتكون هذا القانون من مادتين، نصّت الأولى منهما على إضافة المادة (11ب) إلى القانون الأصلي، وسريان قانون الدولة وقضائها وإدارتها على كل مساحة من أرض "إسرائيل" حدّدتها الحكومة في مرسوم. ونصّت المادة الثانية على أن موعد سريان القانون هو تاريخ إقراره في الكنيست. وعلى الرغم من أن القانون لا يذكر القدس ولا الضّم في نصّه، إلاّ أن ذلك من باب التمويه الذي لجأت إليه "إسرائيل" ليس إلاّ(3).

وبِسَنّ هذا القانون أصبح في إمكان الحكومة إصدار مرسوم بضم القدس الشرقية. وفعلاً قامت في اليوم التالي، 28 حزيران/يونيو 1967م، بإصدار مرسوم أنظمة السلطة والقضاء (رقم 1) لسنة 5727- 1967م(4). وكما في القانون، لم يرد ذِكر القدس الشرقية في نص المرسوم، لكن، وكما تبين لاحقاً، فإن المنطقة التي يشير إليها المرسوم المنطقة التي كانت واقعة ضمن حدود البلدية العربية فضلاً عن مناطق أخرى كثيرة. وقد شملت المنطقة التي جرى ضمّها بموجب المرسوم المذكور القرى والمحاور العربية التالية: صور باهر وأم طوبا والسواحرة الغربية والبلدة القديمة ووادي الجوز والشيخ جرّاح والمصرارة والعيسويّة وشُعفاط وبيت حنينا. وبلغت مساحة الأراضي التي ضُمّت إلى "إسرائيل"، ولاحقاً لنفوذ بلدية القدس، (72) ألف دونم تمتد من صور باهر في الجنوب إلى مطار قلنديا في الشمال(5).

ـــــــــــــــــــــــــ
(1) ديفري هكنيست ،"وقائع جلسات الكنيست"، المجلد 49، 27/6/1967، ص2420. أقوال وزير العدل آنذاك، يعقوب شمشون شبيرا.
(2) سيفر هحوكيم،"كتاب القوانين"، رقم 499، 20 سيفان 5727- 28/6/1967م، ص121 بالعربية، ص74 بالعبرية.
(3) أسامة حلبي،"الوضع القانوني لمدينة القدس ومواطنيها العرب"، المرجع السابق، ص8.
(4) كوبتس هتكنوت،"مجموعة الأنظمة"، رقم 2064، 28/6/1967م، (بالعبرية).
(5) عبد الرحمن أبوعرفة،"القدس: تشكيل جديد للمدينة"، القدس، جمعية الدراسات العربية، 1985م، ص62.

ب- قانون بتعديل قانون البلديات (رقم 6) لسنة 5727- 1967م(1)
يعتبر هذا القانون مكمّلاً للقانون السابق، ويتألف من مادتين أيضاً. نصّت المادة الأولى منه على إضافة المادة 8أ إلى القانون الأصلي، ومنح وزير الداخلية الإسرائيلي صلاحية إصدار إعلان يوسّع فيه منطقة اختصاص بلدية ما بواسطة ضم مساحات تحددت في مرسوم صادر بموجب المادة 11ب من قانون أنظمة السلطة والقضاء سابق الذِّكر. وأعفى القانون المعدَّل الوزير من واجب إجراء تحقيق قبل إصدار الإعلان، كما نصّت المادة الثامنة من القانون الأصلي، ومنحه صلاحية تعيين أعضاء إضافيين في المجلس البلدي من بين سكان المنطقة التي ضُمت إلى منطقة اختصاص البلدية(2).

أما المادة الثانية من القانون فنصّت على أن تاريخ بدء سريانه هو تاريخ إقراره في الكنيست، أي 28 حزيران/يونيو 1967م. وكما في قانون تعديل قانون أنظمة السلطة والقضاء، لم يُشر هذا القانون أيضاً إلى القدس. وفي اليوم التالي لسن القانون أصدر وزير الداخلية إعلاناً بموجب المادة 8أ من قانون البلديات. مشيراً بعكس المرسوم، إلى القدس:"إعلان القدس (توسيع نفوذ البلدية)، 5727- 1967م"(3). ومع صدور هذا الإعلان أصبحت المناطق التي ضُمت إلى "إسرائيل" بموجب مرسوم أنظمة السلطة والقضاء (أي القدس الشرقية الموسعة) واقعة ضمن منطقة نفوذ بلدية القدس الإسرائيلية.

ج- قانون المحافظة على الأماكن المقدسة
على الرغم من أن نصّ هذا القانون لا يتطرّق إلى موضوع المحافظة على الأماكن المقدسة في القدس بالذات، إلاّ أنّ سَنّهُ سَوِيّةً مع القانونين السابقين لم يكن محض مصادفة، وجاء ليكملهما بكل ما يتعلّق بالأماكن المقدسة الموجودة في المنطقة التي جرى ضمّها. وما يؤكد قولنا هذا، ما جاء على لسان وزير العدل آنذاك، شبيرا، عند تقديمه مشاريع القوانين الثلاثة لمناقشتها في الكنيست:"إن قانون مشروع المحافظة على الأماكن المقدسة- الذي سيقدمه للكنيست وزير الأديان- يأخذ حجمه الصحيح إذا أقرّ الكنيست مشروع قانون تعديل قانون أنظمة السلطة والقضاء"(4). وهذه إشارة واضحة
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سيفر هحوكيم،"كتاب القوانين"، المرجع السابق، ص74.
(2) أسامة حلبي،"الوضع القانوني لمدينة القدس ومواطنيها العرب"، المرجع السابق، ص10.
(3) مجموعة الأنظمة، رقم 2065، 28/6/1967م، ص2694- 2695، (بالعبرية)
(4) "وقائع جلسات الكنيست"، المجلد 49، 27/6/1967م، ص2420.

إلى أن الموضوع ليس الأماكن المقدسة داخل "إسرائيل"، وإنما وفي الأساس الأماكن المقدسة في القدس ومن بينها حائط المبكى (حائط البراق).

وبعد سَنّ القوانين الثلاثة المذكورة، قام تيدي كوليك، رئيس بلدية القدس الغربية آنذاك، في 29 حزيران/يونيو 1967م، بالاتصال بالحاكم العسكري للقدس وطلب منه حلّ المجلس البلدي العربي (أمانة القدس)(1)، كما منح وزير الداخلية صلاحية تعيين أعضاء جُدد في المجلس البلدي للقدس الغربية من بين سكان المنطقة التي تقرر ضمّها، ولكن، وعلى أي حال، رفض أعضاء مجلس أمانة القدس في كتاب وجّهوه إلى وزارة الداخلية، دعوتها إلى الاجتماع بهم والبحث في انضمام أوتعيين أعضاء عرب في بلدية القدس الغربية، واعتبروا ذلك بمثابة اعتراف رسمي بهم "بقبول مبدأ ضمّ القدس العربية إلى القطاع الذي تحتلّه "إسرائيل" من القدس"(2).

الاعتبارات التي أدّت إلى رسم الحدود بشكلها الحالي:-
بعد أن توصّلت الحكومة إلى حلّ قانوني لكيفيّة الضّم، تم تعيين لجنة برئاسة نائب وزير الداخلية وعضوية ممثلين عن دائرة التخطيط والجيش، لتعيين حدود المنطقة التي سيصار إلى ضمّها إلى "إسرائيل" وتوحيدها مع القدس الغربية. وقد انقسم أعضاء اللجنة بين مغالين في الموقف وبين "متهادنين"، وفي نهاية الأمر توصّلت اللجنة إلى حل ّ وسط، وقرّرت ضمّ المنطقة التي حددها لاحقاً مرسوم أنظمة السلطة والقضاء. وقد رُسمت حدود المنطقة التي تقرّر ضمّها بناءً على منظور أمني، رمى إلى ضمان السيطرة على رؤوس التلال، ومرور خط الحدود عبر أودية دفاعية. أما الاعتبار المهم الآخر الذي قاد إلى رسْم حدود المنطقة التي ضُمّت، فكان تقليص عدد السكان العرب فيها، والحفاظ على أغلبية يهودية في القدس بعد توحيدها(3). ولهذا السبب نجد أن ضواحي آهلة كالعيزريّة وأبو ديس قد استُثنيت وفُصلت عن القدس. وتقدّر مساحة المنطقة التي جرى ضمّها بِ (18) ألف هكتار (72كم2) منها (1500) هكتار (6كم2) كانت ضمن حدود أمانة القدس. وبعد الضم أصبحت حدود الدولة وحدود القدس البلدية
ـــــــــــــــــــــــــ
(1) Benvenisti, op. cit. p. 106.
(2) ورد النص الكامل للرسالة في: أسامة حلبي،"بلدية القدس العربية"، المرجع السابق، ص29.
(3) Ibid. p.116.

متماثلة، الأمر الذي أدى إلى حدوث تضارب بين الاعتبارات الأمنية والديمغرافية من جهة، وبين الاعتبارات التنظيمية والتخطيطية من جهة أخرى(1). ولكن الغلبة كانت للاعتبارين الأولين دائماً. ولأهمية العامل الديمغرافي في الصراع بشأن القدس، فقد كانت سياسة السلطة الإسرائيلية بُعيد الاحتلال وحتى اليوم، المحاولة المستمرّة للحفاظ على أغلبية يهودية في القدس بشقّيها.

بما أن القدس الشرقية هي أرض مُحتلة بموجب القانون الدولي، كان من المفروض أن تحكم العلاقة بين "إسرائيل" كقوّة محتلة (Occupying Power) وبين القدس وسكانهاالمحتلّين، قواعد وأحكام قانون الاحتلال الحربي الدولي، وبالذات القانون الإنساني (International Humanitarian law)، ومن أهم بنوده: معاهدة جنيف الرابعة لحماية المدنيين في زمن الحرب لسنة 1949م، وأنظمة لاهاي الملحقة بمعاهدة لاهاي لسنة 1907م. وفي هذا الشأن لا تباين بين مكانة القدس الشرقية ومكانة الضِّفة الغربية وقطاع غزة، فجميعها أصبحت، في إثْر حرب حزيران/يونيو 1967م، مناطق محتلة. وبما أن سكان القدس مدنيون (Civilians) يعيشون في منطقة محتلة، فإن الاحتلال لا يمكنه إيجاد علاقة ولاء وأمانة(Allegiance) بينهم وبين المحتل، ولا يمكن اعتبارهم مواطنين في الدولة المحتلة أو فرض ذلك عليهم(2). وكان على المحتل- "إسرائيل"- احترام حقوق سكان القدس وضمانها، وعدم الانتقاص منها وعدم فرض قيود عليهم إلاّ ضمن ما يسمح ويقر به القانون الدولي. ولكن "إسرائيل" تعاملت مع القدس الشرقية منذ احتلالها بطريقة متباينة عن الضفة الغربية وقطاع غزة، وسرعان ما قرّرت ضمّها إليها فعلياً، لتصبح جزءاً من عاصمتها "الكاملة الموحدة"، فأصبحت القوانين الإسرائيلية في المجالات المتعددة سارية المفعول على المدينة المحتلة وعلى سكانها.
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) Ibid. P116.
(2) ي. دينشتاين،"إبعاد رؤساء البلديات من يهودا"، في: "عيوني مشباط، المجلد الثامن، ص158- 171.
G. Shwarzenberger, The Law of Armed Conflict (London: 1968), P. 327.

تهويد المدينة المقدسة ديمغرافياً واقتصادياً

لجأت سلطات الاحتلال الإسرائيلية منذ احتلالها للشطر الشرقي من مدينة القدس إلى ترجمة مواقفها المعلنة حيال المدينة المقدسة إلى واقع ديمغرافي يقضي بتحقيق أغلبية يهودية بنسبة 73،5% وأقلية فلسطينية بنسبة 26،5%(1). وقد عبّرت "حكومة إسرائيل" عن مطمعها هذا في العديد من المواقف والتصريحات الرسمية، فقال بيريز"لا أريد أن أستيقظ يوماً لأكتشف أن القدس أصبحت موضوعاً لمعضلة ديمغرافية كتلك الموجودة في الخليل"(2).

في يوليو/تموز 1993م أعلنت مصادر إسرائيلية رسمية عن وجود أغلبية يهودية في الشطر الشرقي من مدينة القدس حيث بلغ عدد اليهود (168،000) يهودي مقابل (154،000) فلسطيني، وقد تزايد عدد اليهود في المدينة المقدسة بمقدار (30،000) نسمة مع حلول عام 1995م ليصل عددهم إلى نحو (200،000) يهودي(3). وإن كانت التقديرات السكانية لعام 1998م تشير إلى أن عدد السكان الفلسطينيين قد بلغ (200,000) نسمة وهو ما يمثل نحو 31،6% من مجموع السكان في القدس. وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذه الزيادة في نسبة السكان الفلسطينيين جاءت نتيجة لعجز قوات الاحتلال عن كبح معدل الزيادة الطبيعية لدى الشعب الفلسطيني والتي بلغت 3،5% مقابل 1،3% عند اليهود(4). لهذا عمدت قوات الاحتلال إلى تشجيع اليهود على الاستيطان في مدينة القدس ومحيطها، في الوقت الذي لم تترك فيه وسيلة لتفريغ المدينة من أهلها إلا واتبعتها. فقد انتهجت "إسرائيل" سياسة التهجير الجماعي، وكذلك اتبعت سياسة التّهجير غير المباشر عن طريق الإرهاب الجماعي لسكان المدينة المقدسة وحرمانهم من حقهم في الإقامة على أرضهم وفي مدينتهم، هذا علاوة على ما شنّته
ــــــــــــــــــــــــ
(1) Eitan Felnar, A policy of Discrimination. LandExpropriation, Planning and Building in East Jerusalem, B,Tselem, Jerusalem, May, 1995, p. 35.
(2) المؤتمر الإقليمي للسلام في الشرق الأوسط، مركز دراسات الشرق الأوسط، عَمان، 1991م، ص206- 207.
(3) Allison B. Jodgkins. The Judaization of Jerusalem: Israeli Policies, Since 1967, PASSIA, Jerusalem, 1996, p. 47.
(4) Statistical Year book of Jerusalem, 1998

سلطات الاحتلال من حملات ضارية لإغلاق المؤسسات المدنية الفلسطينية، كما قامت بتقويض اقتصاد المدينة وتضييق الخناق على سكانها وحملهم على تركها من جرّاء ما تفرضه عليهم من قيود وضرائب.

إن القانون الدولي إذ يعتبر قرار "إسرائيل" بسريان قضائها وإدارتها على القدس العربية منافياً لأحكام القانون الدولي- كما ذكرنا سابقا- لكن سلطات الاحتلال الإسرائيلية متحدّية كافة الأعراف والمواثيق الدولية، اعتبرت أن جميع القوانين الإسرائيلية سارية على الشطر الشرقي من مدينة القدس على سكانها، وعليه اعتُبر الفلسطينيون الذين يقطنون المدينة بمثابة أجانب يقيمون في إسرائيل بموجب قانون الدخول إلى إسرائيل لعام 1952م(1) وكأنهم غرباء قرّروا دخول المدينة، وكأنها ليست مدينتهم !! يقيمون فيها ويدخلوها ببطاقات إقامة دائمة، وِفقاً لقيود وشروط تحدِّدها أنظمة الدخول لـ"إسرائيل" للعام 1974م(2).

إشكالات المواطنة الدائمة لسكان بيت المقدس

عقب الضمّ الإسرائيلي للشطر الشرقي من مدينة القدس، أجرت الحكومة الإسرائيلية إحصاءً لعدد السكان، تمخّض عنه تسجيل (66،000) فلسطيني، (44،000) منهم يقطنون في القدس الشرقية، وما تبقى (22،000) نسمة كانوا يقطنون بقية المناطق التي ضمّتها "إسرائيل" بعد الحرب. وقد اعتبرت "إسرائيل" كل شخص من ضمن هذه الفئة (600،000) مواطناً دائماً وفقاً لقانون الدخول إلى "إسرائيل" الآنف الذِّكر(3). رغم تعرّض المقدسيين إلى مخاطر عديدة بشأن حرمانهم من حقّهِم في الإقامة في المدينة، حيث تفرض سلطات الاحتلال شروطاً تعسُّفية للاحتفاظ ببطاقات الإقامة، ويثير هذا الأمر إشكالات عديدة أهمها:
1- إلغاء الإقامة الدائمة وفقاً للأمر (11):
استندت الحكومة الإسرائيلية إلى الرقم (11) من أنظمة الدخول إلى "إسرائيل"، لحرمان العديد من الفلسطينيين المقيمين في القدس من العيش في مدينتهم، بحيث يفقد كل
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كتاب القوانين رقم (95) لعام 1952م، ص146، ص354.
(2) نشرة الأنظمة رقم 3201 بتاريخ 18/7/1974م، ص1517.
(3) ميخائيل- رومان،"نعيش معاً ولكن منفصلين: العرب واليهود في القدس المعاصرة"، برينستون، ممطبوعات جامعة برينستون، 1991م، ص19.

مواطن دائم وضعه القانوني كمقيم إذا توفّرت فيه الشروط الآتية:
1- بقي خارج "إسرائيل" لمدة تزيد عن سبع سنوات.
2- أصبح مواطناً دائماً في بلد آخر.
3- حصل على جنسية بلد آخر(1).

جدير بالذّكر، أن هذا الأمر، يطبّق أيضاً على سكان القدس الذين يقيمون خارج حدود البلدية، أي في أراضي الضفّة الغربية وقطاع غزة، على اعتبار أن هذه المناطق هي مناطق أجنبية(2). هذا في الوقت الذي يُسمح فيه لليهود ترك المدينة، والعودة إليها وقتما شاءوا ودون شروط، وهو الأمر الذي يُعدّ انتهاكاً صريحاً للمادة (13) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948م التي تنص على: "أن لكل فرد حرِّية التنقّل واختيار مكان الإقامة داخل حدود كل دولة، وأن يغادر أية بلاد بما في ذلك بلاده وحق العودة إليها في أي وقت"، وكذلك للمادة (12/4) من الاتفاقية الدولية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية التي تنصّ "على حظر حرمان أي شخص من حقّه في العودة إلى بلده".

2- قيود على سفر المواطنين المقدِسيين للخارج:-
تفرض سلطات الاحتلال العديد من القيود على سفر المواطنين المقدِسيين إلى الخارج حيث أنها تشترط الحصول على تصريح خروج للمسافرين عن طريق جسر الِّلنبي، كما تشترط الحصول على وثيقة سفر للمسافرين عن طريق مطار بن غوريون.
أ) تصاريح الخروج: خلقت تعليمات سلطات الاحتلال حول تصاريح الخروج، انطباعاً خاطئاَ عن إمكانية تجديد هذه التصاريح بعد انتهاء مدة صلاحيتها (ثلاث سنوات) لعامين إضافيين، شرط أن يقدّم طلب تجديد للتصريح المُزمع تجديده، مرفق معه طلب تمديد لسنة إضافية من العامين، وفي حال عدم تجديد التصريح، أو بقاء حامله خارج البلاد لمدة خمس سنوات، فإنه على الأغلب يتم منعه من الدخول مرة أخرى. هذا علماً بأن هناك المئات من حاملي التصاريح تتم إعادتهم عن جسر الِّلنبي، ويمنعون من السفر، على الرغم من أنهم لدى مراجعتهم لوزارة الداخلية، يتبين أن لا سبب يمنعهم من المغادرة. كذلك فإنه يتم رفض بعض الطلبات رفضاً قطعيّاً، ويتعرّض العديد من الطلبات المستعجلة وطلبات السفر للعلاج للمماطلة والتأخير. والواضح من هذه السياسة
ـــــــــــــــــــــــــــــ
(1) نشرة الأنظمة، المرجع السابق.
(2) قرارات محكمة العدل العليا، المجلد 24، ج2، ص418.

أنها ترمي إلى إجبار المواطنين على الإبعاد الطوعي ليبقوا خارج الحدود ليتحرَّروا من القيود العديدة التي تفرضها عليهم سلطات الاحتلال(1).
ب) وثائق السفر: تكون مدة وثيقة السفر التي تمنح للمواطن المقدسي عند مغادرته القدس عبر المطار عاماً واحداً، وبعد العام، فإن الإجراء الطبيعي هو أن يرفض تجديدها، وبالتالي يفقد حاملها حقّه في الإقامة الدائمة في القدس، ويعود إليها بتأشيرة دخول، بعد أن كان يحمل وثيقة سفر إسرائيلية. ويكون عليه أن يتقدّم بطلب مواطنة دائمة جديدة وفي حالة رفض هذا الطلب يكون المواطن عرضة للإبعاد(2).

3- مشاكل الأزواج والزوجات غير المقيمين:
كانت السياسة الإسرائيلية تقوم على أساس أن يقدم الأزواج المقيمين طلبات جمْع شمْل لأزواجهم غير المقيمين، سواء كانوا من حملة جوازات السفر الأجنبية أو كانوا من مواطني الضفة الغربية وقطاع غزة، بحيث يمكن للشريك غير المقيم أن يقدم طلب تأشيرة دخول لمدة ستّة أشهر حتى يتم الانتهاء من إجراءات جمْع الشّمْل. وبناءً على ذلك يمنح الشريك تصريح دخول على مدار الساعة، بالإضافة لتصريح عمل إن كان موظفاً في مدينة القدس، وإن لم يكن موظفاً فإنه يعطى تصريح دخول بدون تصريح عمل. لكن سلطات الاحتلال تراجعت عن جانب من سياستها الجديدة، وهو ذلك الجانب المتعلق بالأزواج والزوجات المقيمين بالضّفة الغربية وقطاع غزة، حيث لم يعد من حقهم سوى تقديم تصريح دخول إلى القدس لمدة ثلاثة أشهر، ويكون على الشريك إثبات أن مركز حياته ومكان إقامته الدائم هو القدس، وهو الأمر الذي يتعذر على العديد من السكان المقدسيين(3).

وتكشف السياسة الإسرائيلية فيما يتعلّق بطلبات جمْع الشّمْل للأزواج غير المقيمين عن قمّة التمييز والعنصرية بين جنس الفرد (ذكر- أنثى)، عندما ترفض طلبات
ـــــــــــــــــــــــ
(1) شذا جمال خطيب، "القدس العربية ثلاثون عاماً من التهويد والتحدي"، دار مجدلاوي للنشر، عمان، ط1، 2001م، ص80- 81.
(2) ناثان كريستال،"فلسطينيو القدس... ومخاطر الطرد الصامت"، مركز المعلومات البلدية، القدس، 1995م، ص19- 27.
(3) The Economist, 23/11/1996. p. 57.

المواطنات المقدسيات لجمْع شمْل أزواجهن غير المقيمين، على اعتبار أن المجتمع العربي تجري العادة فيه على انتقال الزوجة للعيش مع زوجها. وحتى عام 1994م، تم رفض جميع الطلبات التي قدمت من زوجات مقدسيات لجمْع شمْل أزواجهن المقيمين في الضفة الغربية أو في قطاع غزة(1).

4- جَمْع شَمْل الأقرباء:
تزعم وزارة الداخلية أن بإمكان الأقرباء غير الأطفال والأزواج الحصول على جمْع شمْل. لكن الواقع العملي يظهر لنا أنه لا توجد لهؤلاء الأقرباء أي فرصة للحصول على حق يمكنهم من العيش مع عائلاتهم في الشطر الشرقي من مدينة القدس، فيما عدا من هم من كبار السن (فوق الستين عاماً)، ولا يمثلون خطراً أمنياً ولا مصدر زيادة سكانية. وعادة ما يُطلب من العائلة وضْع مبلغ يزيد على (1000) دولار ضمان إضافي لمغادرة الزائر البلد قبل انتهاء صلاحية تصريحه(2).

تجدر الإشارة هنا، إلى أن وزارة الداخلية الإسرائيلية تستخدم معاييراً غير مكتوبة، وإجراءات غير واضحة، لإلغاء حقوق الإقامة الدائمة للمواطنين المقدسيين. هذا ولم تنجح أيّ من المحاولات التي بذلتها منظمات حقوق الإنسان والمحامين الذين يتولّون القضايا المرفوعة إلى وزارة الداخلية في تحديد تلك الإجراءات، أو المعايير المعمول بها لدى الوزارة.

إن سياسة الترحيل السِّرّي لمواطني القدس العربية المحتلة عام 1967م، هي إحدى السِّمات العامة المميزة لسياسة "إسرائيل"، الرامية لتفريغ المدينة من أهلها، لخلْق واقع على الأرض لا يمكن معه تحدّي سيادة "إسرائيل" على الشطر الشرقي من مدينة القدس. إلا أن السلطات الإسرائيلية غيّرت من سياستها هذه في عام 1996م، باتباع سياسة جديدة أكثر تمييزاً وعنصرية، تقضي بحرمان سكان المدينة المقيمين من الفلسطينيين من حقهم في الإقامة في مدينتهم، حتى وإن كانوا لم يبقوا خارجها فترة تزيد
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) Lea Tsemel and Ingrid Jardat, The Trap is Closing on Palestinian Jerusalemites, AIC Memorandum no 1/96, February 1996, p. 7.
(2) ناثال كريستال، المرجع السابق، ص33- 34.

على سبع سنوات، أو لم يحصلوا على إذن إقامة دائمة في بلد آخر هذا علماً بأنه لم يتم مطلقاً تنبيه سكان القدس العربية بحيثيات هذه السياسة، وأنهم بتركهم المدينة إنما يعرّضون وضعهم كمقيمين دائمين للخطر(1). وقد كانت النتيجة مباشرة لهذه السياسة الإسرائيلية التعسّفية فقدان الآلاف من أهل المدينة بطاقات هوياتهم. ويبين الجدول التالي عدد بطاقات الهوية المصادرة منذ عام 1967م وحتى شهر آب/أغسطس عام1997م.

جدول (1) بطاقات الهوية المصادرة ما بين عامي 1967- 1997م

السنة العدد السنة العدد السنة العدد
1967 105 1979 91 1991 20
1968 395 1980 158 1992 41
1969 178 1981 51 1993 32
1970 327 1982 74 1994 45
1971 126 1983 616 1995 96
1972 93 1984 161 1996 689
1973 77 1985 99 1997 1067
1974 45 1986 84
1975 54 1987 23
1976 42 1988 82
1977 35 1989 32
1978 36 1990 36
المصدر: Orient House, Press Office, “Updated Report On ID Card Withdrawals”, Jerusalem, August 1997. p.2

علاوة على ذلك، عمدت سلطات الاحتلال الإسرائيلي إلى إبعاد عدد وافر من رجال السياسة وممثلي قطاعات الشعب المختلفة عن بلادهم، بذريعة قيامهم بأعمال تخِلّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)http:www.btselem. org/urgent/ressum. Htm.

بأمن قوات الاحتلال، هادفةً إضعاف روح المقاومة عند المواطنين، وحَمْل عائلاتهم على الِّلحاق بهم، وبالتالي التخلّص من أعداد إضافية من السكان بطريق غير مباشر. وقد كان أمين القدس، ورئيس الهيئة الإسلامية العليا من ضمن هؤلاء المبعدين(1).

لا تكتفي إسرائيل بما تقوم به من إجراءات مجحفة لحرمان المواطنين المقدسيين من حقهم في الإقامة في مدينتهم، بل أنها تستمر بكل ما أوتيَت من قوة في ارتكاب جرائمها البشعة، وفيما يلي عرض مفصّل لأهم تلك الممارسات الإسرائيلية.

* هدْم المنازل:-
بدأت قوات الاحتلال عقب الاحتلال مباشرة بسِلْسلة من أعمال الهدْم والنَّسْف، لأملاك عربية لتسهيل عملية التهويد. وقامت بإخلاء العمارات المصادرة بالقوة من أهلها، فتمكّنت من إخلاء (1000) مواطن (129 عائلة) من مساكنهم وأماكن عملهم داخل الأسوار وخارجها(2). وفي يوم 11 يونيو/حزيران 1967م، أي بعد أربعة أيام من عملية الضَّم، كانت قوات الاحتلال قد هدمت حي المغاربة الذي كان يضم (135) منزلاً يسكنها (650) شخصاً ومسجدين ومصنع بلاستيك، وكان ضمنها أيضاً مسجد إسلامي والزاوية الفخرية التي كانت مقراً لمفتي الشافِعية. وقد قامت سلطات الاحتلال آنذاك بهذه المؤامرة مستهدفة بشكل أساسي، إخلاء الأحياء العربية داخل سور المدينة، وخاصة تلك المجاورة لمنطقة الحرم القدسي الشريف من الجهتين الغربية والشمالية، تمهيداً لهدمها بحجّة عدم لياقتها السكنية والصحية. هذا على الرغم من أنها كانت تتوفّر فيها الشروط الصحية(3). وكل عقار منها يعبّر عن جزء من التاريخ العربي والإسلامي للمدينة المقدسة، وبالتالي فإن إتلاف هذه الأبنية أو هدمها يعدّ جريمة كبرى.

ثابرت "إسرائيل" على سياستها التدميرية هذه على مدى ما يربو على ثلاثين عاماً من الاحتلال في سبيل تقليص مساحة الأراضي المخصّصة للبناء العربي،
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) روحي الخطيب،"تهويد القدس"، بحوث الندوة العالمية حول القدس وتراثها الثقافي"، المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، الرباط، 19-21/10/1993م، ص521-522.
(2) United Nations, Israeli Settlements in Gaza Strip aand West Bank (Including Jerusalem) Their nature and Purpose, New York, 1982, p. 29.
(3) روحي الخطيب، المرجع السابق، ص501- 502.

وللحيلولة دون تطوّر المناطق الفلسطينية، مقابل تشجيع البناء الاستيطاني اليهودي. ففي الوقت الذي تتهاون فيه السلطات الإسرائيلية في إصدار أوامر هدْم المنازل(1)، فإنها تضع قيوداً عديدة لمنح المواطن المقدسي الرُّخصة اللازمة لتمكينه من بناء السكن، حيث أنها تفرض رسوماً باهظةً لمنح الرخصة تبلغ حوالي عشرين ألف دولار. وكذلك فإنها تشترط الحصول على موافقة عدد كبير من الدوائر الحكومية، وإعداد مخططات تفصيلية مكلفة قبل منْح الرُّخصة. وقد بلغ معدّل هدْم المنازل سنوياً حوالي (50) منزلاً، في حين أن سلطات الاحتلال لم تقم بمنْح الفلسطينيين سوى (10) آلاف رخصة بناء منذ عام 1967م، مقابل (70،000) رخصة منحت للمستوطنين في الشطر الشرقي للمدينة(2). كذلك فإنه لم تتم أي مشاريع بناء فلسطينية في المدينة، إلاّ بمعدّلات متواضعة، بلغت 10% مقابل 90% لصالح المستوطنين اليهود(3).

أثارت عملية الهدم المستمرّة التي تنفّذها سلطات الاحتلال، العديد من المشكلات الاجتماعية، حيث نجم عنها بقاء (21) ألف أسرة بدون مأوى، يعيشون في الخيام والكهوف(4). وكذلك ارتفعت الكثافة في الوحدات السكنية، نتيجة لإقامة أكثر من عائلة في منزل واحد، حيث بلغ متوسط عدد الأفراد في الوحدة السكنية نحو (5،8) في حين أنه يبلغ نحو (3،5) في حالة الوحدات السكنية الخاصة باليهود(5). وقد أدت عمليات الهدْم هذه أيضاً إلى هجرة بعض الأسر إلى خارج حدود البلدية، حيث البناء الأرخص والأسهل. خاصة إذا علمنا أن إعادة بناء منزل في القدس تكبّد الفرد مبالغ طائلة حيث

ــــــــــــــــــــــــــ
(1) صحيفة القدس 31/6/1995م، ص19... حيث أشارت "عينات هوفمان" عضوة المجلس البلدي لمدينة القدس إلى أن قسم البناء في حاجة إلى تسع أو عشرة توقيعات قبل أن يوقّع على عملية الهدم. أما تيسون المسؤول عن قسم البناء في وزارة الداخلية، فيشير إلى أن كل ما يحتاجه أمر الهدم هو توقيعه، وتوقيع المهندس الرئيسي في الداخلية. هذا يعني أن أمر الهدم إن كان يستغرق 72 ساعة في البلدية فإنه يستغرق 24 ساعة في الداخلية.
(2) صحيفة الأيام الفلسطينية، 29/5/1999م.
(3) جامعة الدول العربية- مؤتمر المشرفين على شؤون الفلسطينيين في الدول المضيفة (يناير/كانون الثاني 2000م)، تقرير دائرة شؤون اللاجئين عن القدس ومحاولات نهويدها، ص3-4.
(4) Stephanie Tashkoff, Sattlement Tour with Middle East Council of Churches, July 27, 1996.
(5) Statistical Year book of Jerusalem, 1998.

يبلغ سعر بناء المتر المربع (جاهز) حوالي 450 دولار(1).

جدول رقم (2) المنازل التي هدمتها قوات الاحتلال منذ 1967 وحتى 1997م.

السنة المنازل المهدومة
1967- 1980 548
1980- 1993 5032
1993-1997 531
الإجمالي 6111

المصدر: Orient House, Department of International Relations “Updated Report on House demolition” August 1997.

* إغلاق المؤسسات الفلسطينية
لقد شكّلت المؤسسات الفلسطينية في مدينة القدس عنواناً للصمود في وجه ممارسات سلطات الاحتلال التهويدية، حيث لعبت تلك المؤسسات دوراً ريادياً في النضال من أجل عروبة القدس، فظلّت دوماً هدفاً لسياسة الاضطهاد الإسرائيلية، في محاولة منها للحَد من نشاطها وتحجيم فعاليتها وعزلها عن أبناء شعبها، عبر سياسة الإغلاق التي تفرضها سلطات الاحتلال الإسرائيلية على المدينة المقدسة، والتي تعوق بشكل مباشر أداء تلك المؤسسات الفلسطينية، وتحول دون قيامها بتقديم الخدمات المنوطة بها لصالح سكان المدينة المقدسيين. هذا علاوة على سياسة الإغلاق المباشر للمؤسسات، والتي أريد بها تمزيق هذه المؤسسات العربية القائمة في القدس وإلحاقها بدوائر إسرائيلية.

ففي 16مايو/أيار 1973م قامت سلطات الاحتلال بإغلاق دائرة الشؤون الاجتماعية العربية، ووزّعت اختصاصاتها على ثلاثة مكاتب: الأول إسرائيلي مقرّه القدس، أناطت به سلطات الاحتلال الإشراف على جميع الجمعيات الخيرية العربية
ــــــــــــــــــ
(1) وزارة الإعلام، "القدس الواقع والتحدي"، السلطة الوطنية الفلسطينية، 1995م، ص8.

القائمة في المدينة، والثاني مكتب فرعي برئاسة موظف عربي مقره رام الله، أنيط به الإشراف على الجمعيات الخيرية الواقعة في رام الله والبيرة وقضائهما، أما الثالث فهو مكتب فرعي آخر مقره مدينة بيت لحم، أناطت به سلطات الاحتلال الإشراف على الجمعيات الخيرية الواقعة في قضائي بيت لحم وأريحا. هذا علماً بأن هناك أكثر من ثلاثين مؤسسة فلسطينية في مدينة القدس تم إخضاعها هي وجميع معاهدها العلمية للقوانين الإسرائيلية، وعلى قائمتها مستشفى المقاصد الخيرية، وملجأ العجزة الأرثوذوكس، ومستشفى الهلال الأحمر، ودار الطفل العربي، وغيرها(1).

لم تنْج حتى المراكز الصحية وخدماتها الإنسانية الجليلة من مخططات التهويد، حيث قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلية بمصادرة بعضها، وإغلاق البعض الآخر. فقد عمدت إسرائيل في الأيام الأولى من الاحتلال إلى مصادرة بناء المستشفى العربي الجديد، الواقع في حي الشيخ جرّاح شمالي سور المدينة، وذلك قبل تجهيزه وافتتاحه، وحوّلته إلى مركز شرطة إسرائيلي. هذا وقامت أيضاً بإغلاق مكاتب مديرية الصِّحة العامة والمختبرات الصِّحية القائمة في حي باب الساهرة، في مطلع عام 1973م، ونقلت مكاتبها إلى رام الله. وبالتالي حرم سكان مدينة القدس، وسكان أربع وثلاثين قرية عربية حولها من الخدمات الصحية التي كانت تقدمها، فأجبر سكان القدس على مراجعة مكاتب الصّحة الإسرائيلية، كما أجبر سكان القرى منهم على مراجعة مكتب الصحة برام الله. هذا إضافة إلى قيام سلطات الاحتلال بإغلاق كل من مركز مكافحة السِّل عام 1979م، وبنك الدم عام 1985م، وكذا مستشفى الهوسبيس العربي في البلدة القديمة الذي أغلقته سلطات الاحتلال في عام 1980م، وحرمت من خدماته أهل البلدة القديمة والمحتاجين من أهلنا في القرى المحيطة بها(2).

صعّدت "حكومة إسرائيل" من حملتها المجحفة ضد المؤسسات الفلسطينية بعد اتفاق أوسلو في 4 مايو/أيار 1994م على كافة المستويات، من مستوى البلدية برئاسة أيهود أولمرت سابقاً، إلى مستوى السياسيين آنذاك مثل شارون ونتنياهو بذريعة أن هذه
ـــــــــــــــــــــ
(1) روحي الخطيب، "تهويد القدس"، المرجع السابق، ص542- 543.
(2) المرجع نفسه، ص542- 543.

المؤسسات تتخذ كمقر لمنظمة التحرير الفلسطينية، أو أنها تعَد بؤراً تحريضية ضد قوات الاحتلال. وقد جاءت مثل هذه الاعتداءات على المؤسسات الفلسطينية منافية للالتزامات التي قطعها شمعون بيريز في رسالته لهولست وزير خارجية النرويج السابق في عام 1994م بخصوص عدم التعرّض للمؤسسات الفلسطينية في المدينة المقدّسة(1).

بصفةٍ عامة، يمكننا القول أن سلطات الاحتلال قد طالت يدها جميع المؤسسات والنقابات والاتحادات على اختلاف أنواعها وتسمياتها، وهدفها من ذلك واضح... وهو تحقيق اندثار الشخصية المؤسساتية الفلسطينية ونشاطاتها ووجودها في المدينة المقدسة، وتعويد الشعب الفلسطيني على عدم التعامل مع مؤسساته، وإجباره على التعامل مع مؤسسات سلطات الاحتلال الإسرائيلي، وإضافة حلقة جديدة إلى مُسلسل تهويد المدينة المقدسة.

* تهويد الاقتصاد
وضعت سلطات الاحتلال نصب أعينها هدف تهويد اقتصاد المدينة المقدسة منذ اللحظة الأولى للاحتلال... فوقع اقتصاد المدينة أعقاب الضّم في أزمة طاحنة، حيث فاق عدد العاطلين عن العمل ثلث القوة العاملة، وأغلقت جميع فنادق المدينة التي تعدّ أحد مصادر الدخل الرئيسية. وقامت سلطات الاحتلال أيضاً بإغلاق البنوك العربية القائمة وهي العربي، والقاهرة، وعمّان، والعقاري الأردني، والأهلي، وانترا، وجمّدت أموالها، وأغلقت لفترةٍ معينة البنكين الأجنبيين العثماني والبريطاني، واستبدلت العِملة الأردنية بالعِملة الإسرائيلية(2)..

كذلك حظرت قوات الاحتلال دخول أي منتجات صناعية أو زراعية، أو أي سلع أخرى من القرى والمدن العربية المحيطة بالقدس إلى المدينة. هذا في الوقت الذي سمحت فيه لجميع أنواع البضائع والمنتجات الإسرائيلية بالدخول إلى أسواق المدينة المقدسة. علاوة على ذلك قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلية بفرض الضرائب الباهظة على السكان، إضافة للرسوم الجمركية التي أخذت تتقاضاها حتى عن تلك المنتجات
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) Sami F. Musallam, The Struggle for Jerusalem, PASSIA, May 1996, Jerusalem, P. 14- 15.
(2) شذا جمال خطيب، المرجع السابق، ص90.
والسِّلع التي استوفت الرسوم الجمركية الأردنية قبل الاحتلال. وتوقفت جميع التحويلات المالية من الأردن والدول العربية والأجنبية الأخرى التي كان يحولها العاملون. وواكب هذه الأزمة الخانقة ارتفاع حاد في الأسعار، نتيجة للتماس الذي حدث بين اقتصاد المدينة المقدسة والاقتصاد الإسرائيلي(1).

بقيت الفنادق في المدينة المقدسة مغلقة لفترة طويلة، نتيجة لاستمرار فرض سياسة منع التجوّل ولامتناع السّياح، وخصوصاً اليهود منهم، عن النزول فيها. هذا وقد حدث هبوط حاد في عدد نزلاء الفنادق العربية، حيث لم يزد عدد النزلاء عام 1968م حتى في فترة أعياد الميلاد ورأس السنة عن ثُلث الأسِرّة، نتيجة لقيام وزارة السياحة الإسرائيلية بفرض 50% زيادة في الأسعار، لتلافي منافسة الفنادق العربية، التي كانت أرفع مستوى وأقل سعراً. وبسبب العراقيل التي فرضتها قوات الاحتلال على السفر إلى الضفتين الشرقية والغربية أو إلى "إسرائيل" تعطّلت معظم سيارات الأجرة وعشرات الحافلات وسيارات الشحن(2).

كذلك عمدت قوات الاحتلال عقب ضمّها للمدينة مباشرة إلى إحلال بلدية القدس المحتلة عام 1948م، محل أمانة القدس العربية في شركة الكهرباء العربية، مساهمةً وتمثيلاً في مجلس إدارة الشركة، فقامت بتعيين عضوين في مجلس الإدارة نيابةً عن بلدية القدس العربية، بحجّة أنها الوريث الشرعي للبلدية العربية. وفي 15 أيلول/سبتمبر 1971م، قامت سلطات الاحتلال بنقل ملكية (6186) سهماً تملكها أمانة القدس العربية في شركة كهرباء محافظة القدس إلى بلدية القدس الإسرائيلية، بموجب اتفاق وقَّّعه عن بلدية القدس المحتلة الإسرائيلية رئيس بلديتها ومدير ماليتها، وعن حكومة الاحتلال كل من محاسبها العام ومساعده. وقد جاءت هذه الإجراءات باطلة قانونياً، بيد أن هيئة الأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولي لم يعترفا بضم الشطر الشرقي من مدينة القدس، حيث صدر قرارا الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (2253/67) المؤرخ 4 تموز/يونيو 1967م ورقم (2254/67) في ذات اليوم، وتضّمنا عدم الاعتراف بضمّ القدس، ولا
ـــــــــــــــــــــــــ
(1) شذا جمال الخطيب، المرجع نفسه، الصفحة نفسها.
(2) سمير جريس، المرجع السابق، ص156- 158.

بالإجراءات التي اتخذتها "إسرائيل" للتغيير من وضع المدينة، وطالبتها بإلغائها فوراً، وبالعدول فوراً عن اتخاذ أي إجراء من شأنه تغيير وضع القدس. كما أصدر مجلس الأمن الدولي قراراته 252/68 بتاريخ 21 مايو/أيار 1968م، و267/69 بتاريخ 3 تموز/يوليو 1969م، و 298/71 بتاريخ 25/أيلول/سبتمبر 1971م، والتي جاءت مؤيدة لعدم الاعتراف بعملية الضّم التي قامت بها "إسرائيل"، وبجميع الإجراءات الإدارية والتشريعية واعتبارها جميعاً لاغية وباطلة، وفي مقدمتها حل مجلس أمانة القدس، الذي لا زال في نظر القانون الدولي قائماً، ولا يحق لقوات الاحتلال التصرّف فيه(1).

لم تكتف سلطات الاحتلال بهذين الاعتداءين ضد الشركة وأمانة القدس، بل أتْبعتهما بعدد من الاعتداءات، ضمن مخطّط يستهدف تهويد هذا المرفق الاقتصادي العربي الكبير، الذي يؤمّن العمل لأربعمائة موظف وعامل، ويقدّم خدماته لأكثر من خمسين ألف مشترك، يتوزعون على (13) مدينة و (40) قرية و (5) مخيمات. وكذلك يستفيد من امتيازه نحو (300) ألف مواطن، ويساهم في رأس ماله نحو (2000) مواطن، كما يساهم في إدارته بلديات القدس، رام الله، البيرة، بيت لحم، بيت ساحور(2). ونلخّص أبرز الاعتداءات التي قامت بها سلطات الاحتلال على شركة الكهرباء العربية فيما يأتي:-

- إجبار الشركة العربية على تزويد الضواحي والمستعمرات التي أنشأتها قوات الاحتلال على الأراضي العربية المصادرة في القدس وما حولها بالكهرباء العربية، وتهدّدها إن امتنعت عن ذلك بتزويدها بالكهرباء مباشرة من الشركة الإسرائيلية.
- عدم تمكين الشركة لعدة سنوات من استيراد موتورات جديدة، الأمر الذي أضعف موتوراتها القديمة، وحال دون قيامها بتزويد السكان العرب والمستعمرات الإسرائيلية المستجدّة والمفروضة عليهم بالتيار الكهربائي اللازم.
- حَمْل الشركة على شراء ما ينقصها من تيار من الشركة الإسرائيلية، وإجبارها على تخفيض أسعار كهربائها لسكان المنطقة، اقتداءً بأسعار الشركة الإسرائيلية التي تقل
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) روحي الخطيب، تهويد القدس، المرجع السابق، ص531- 532.
(2) سمير جريس، المرجع السابق، ص158.

بأكثر من 50% عن أسعارها العادية، الأمر الذي تسبب في خسائر فادحة للشركة. هذا في الوقت الذي تقوم فيه سلطات الاحتلال بتعويض الشركة الإسرائيلية بالفروقات.
- تأخّر الضواحي والمستعمرات الإسرائيلية في سداد ما يستحق عليها من أثمان الكهرباء للشركة العربية في أوقاتها المحدّدة، الأمر الذي أسهم في نقص السيولة النقدية لدى الشركة.
- اتخذ وزير الطاقة الإسرائيلية قراراً بمصادرة الشركة اعتباراً من 1 يناير/كانون الثاني 1980م، لكن الشركة العربية تصدّت له قضائياً، وتمكنت من تجميد القرار. لكن وزير الطاقة الإسرائيلي عاود وأصدر تهديداته بإلغاء امتياز الشركة، إن لم تسدد الذِّمم المطلوبة منها خلال شهر نهايته مارس/آذار 1987م(1).
- إصدار حكم قضائي إسرائيلي بتاريخ 3 فبراير/شباط 1986م، يقضي بالحجز على أموال الشركة المنقولة وغير المنقولة، لقاء استيفاء الذِّمم المطلوبة منها للجهات الإسرائيلية، والتي زادت عن (3) مليون دولار أمريكي نتيجة لتراكم الخسارة السنوية البالغة (576) ألف دينار أردني، والناجمة عن السياسة الإسرائيلية التعسّفية ضد الشركة(2).

لم تسلم حتى محطات مياة عرب القدس من اعتداءات سلطات الاحتلال الإسرائيلي، فقامت بفك ونقل جميع موتورات المياه ومضخّاتها التابعة لأمانة القدس إلى محطاتها، وربطت عرب القدس بشبكة المياه الخاصة ببلدية القدس المحتلة عام 1948م. وقداعتبرت مثل هذه الاعتداءات منافية ومناهضة لقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن ذات الصِّلة والآنفة الذّكر، حيث أنها تكرّس عملية الضم، وتغيّر من الوضع القائم. هذا علاوة على أنها تعدّ سلباً لممتلكات سلطة محلية مدنية(3).

وقد شدّدت سلطات الاحتلال من قبضتها على الاقتصاد العربي بواسطة قانون التنظيمات الإدارية والقانونية لعام 1968م، الذي جاء ليسدّ ما فاته من ثغرات، وليضفي الصِّبغة القانونية على كل ما تقوم به "إسرائيل" من محاولات لتهويد القدس ديمغرافياً
ـــــــــــ
(1) اللجنة الأردنية الفلسطينية لدعم الصمود، مشروع دعم الطاقة الكهربائية في الوطن المحتل، عَمان، 1986م، ص160.
(2) روحي الخطيب، تهويد القدس، المرجع السابق، ص531- 532.
(3) المرجع نفسه، ص528- 529.

واقتصادياً، حيث فرض هذا القانون على عرب القدس ما يأتي:-
- على كل عربي سواء كان صاحب عمل أو مهنة وكان يمارس عمله بموجب رخصة أردنية، أن يحصل على رخصة جديدة إسرائيلية، خلال ستة أشهر انتهت في 22 فبراير/شباط 1969م، وتضم هذه الفئات نحو خمسة آلاف شخص من أصحاب العمل والمهن والحِرف.
- على كل شركة عربية قائمة في القدس ومسجّلة بموجب القوانين الأردنية، أن تعيد تسجيل نفسها لدى المحاكم الإسرائيلية، على أن يتم ذلك خلال مدة انتهت في 22 فبراير/شباط 1969م. وقد شملت هذه العملية حوالي (180) شركة يبلغ رأسمالها المدفوع نحو خمسة ملايين دينار وعدد مساهميها نحو أربعة آلاف، كما يبلغ عدد موظفيها أربعة آلاف آخرين.
- على كل جمعية تعاونية عربية قائمة في القدس ومسجّلة بموجب القوانين الأردنية أن تعيد تسجيل نفسها لدى السلطات الإسرائيلية، بموجب الأنظمة والقوانين الإسرائيلية خلال مدة انتهت في 22 فبراير/شباط 1969م. وبلغ عدد الجمعيات التي شملها هذا القانون 23 جمعية تضم تحت لوائها 1518 عضواً.
- على كل طبيب أو مهندس أو مدقّق عربي لا زال يمارس مهنته في القدس بموجب القوانين الأردنية، أن يتقدم بطلب إلى السلطات الإسرائيلية للحصول على رخصة تتيح له الاستمرار في مزاولة مهنته، بموجب الأنظمة الإسرائيلية، وذلك خلال مدة انتهت في 22 فبراير/شباط 1969م. وقد بلغ عدد هذه الفئات من أهل القدس العرب نحو (80) شخصاً.
- على كل محامٍ يزاول مهنة المحاماة في القدس بموجب القوانين الأردنية أن يقوم بتسجيل اسمه في نقابة المحامين الإسرائيلية، بموجب أمر من وزير العدل الإسرائيلي، وذلك خلال مدة انتهت في 22 فبراير/شباط 1969م، وكان عدد المحامين في القدس آنذاك نحو ثلاثين محاميا.
- على كل صاحب امتياز أو علامة تجارية أو اختراع كان مسجلاً لدى الحكومة الأردنية، ولا يزال يستعمل امتيازه أو اختراعه أو علامته التجارية داخل مدينة القدس، أن يقوم بإعادة تسجيل امتيازه أو علامته التجارية أو اختراعه لدى سلطات الاحتلال، بموجب القوانين والأنظمة الإسرائيلية، وذلك خلال مدة انتهت في 22 فبراير/شباط 1969م.
- إن أي فئة من الفئات السابقة لم تحصل على ترخيص جديد بموجب القوانين والأنظمة

الإسرائيلية تعتبر مخالفة للقوانين والأنظمة الإسرائيلية، ويتعرّض أصحابها للعقوبات والغرامات، أو إلى منعهم من ممارسة أعمالهم، وبالتالي تجميد مصالحهم وسبل كسبهم، الأمر الذي يجبرهم على النزوح من المدينة، أو إلى قبول تسجيل أنفسهم لدى السلطات الإسرائيلية بموجب القوانين الإسرائيلية(1).

وقد أدى رفض عرب القدس لهذا القانون، وامتناعهم عن التقدّم بطلبات للحصول على أي رخصة، أو لإعادة تسجيل أية شركة إلى اضطرار إسرائيلي لوضع عدد من الاستثناءات في بعض الحالات، فقد منح القانون تسهيلات خاصة للحِرفيين والمِهنيين، حيث سمحت سلطات الاحتلال لكل من يمارس أية مِهنة أو حِرفة أو عمل آخر، حسب التشريع الذي كان قائماً بالمنطقة قبل ضمّها، وكانت هذه الممارسات تفتقد إلى الرخصة حسب التشريع الإسرائيلي، أن يمارس عمله إلى أن يُبَتّ في طلبه في الحصول على رخصة (المادة 15). كذلك منح القانون تسهيلات مماثلة لكل من له حق مسجل في ملكية أي امتياز أو اختراع أو علامة تجارية. واشتمل القانون أيضاً على تعليمات أخرى بخصوص استمرار أعمال البناء والدعاوي التي أوقفت بسبب الحرب، وإعفاء من تقدم من سكان القدس العرب لشغل وظائف حكومية بشرط حيازة الجنسية الإسرائيلية (المادة 18- 20). لكن أوسع التسهيلات كانت تلك التي منحت للمحامين العرب الذين أضربوا بعد الاحتلال ورفضت أغلبيتهم الظهور أمام المحاكم الإسرائيلية، فقامت سلطات الاحتلال باحتواء هذا الإضراب، وسهّلت على من يرغب في الظهور أمام المحاكم الإسرائيلية، حيث اعتبر القانون الإسرائيلي هؤلاء المحامين محامين إسرائيليين، وتم تسجيلهم في نقابة المحامين الإسرائيلية رغماً عنهم (المادة 16)(2).

بعد أن تمّ صَهْر الاقتصاد العربي في بوتقة الاقتصاد الإسرائيلي، تآمرت السلطات الإسرائيلية على تصفيته نهائياً، وبشكل تدريجيي، عن طريق فرض الضرائب الباهظة والقيود الشديدة على الاستيراد والتصدير، لتضيف إلى الضغوط الاقتصادية والمالية التي يتعرض لها سكان المدينة المقدسة في سبيل تفريغها وتهويدها. وتتلخص الضرائب التي فرضتها سلطات الاحتلال على المواطنين العرب فيما يأتي:-
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) روحي الخطيب، "تهويد القدس"، المرجع السابق، ص508- 509.
(2) سمير جريس، المرجع السابق، ص162.

1- ضريبة الدّخْل: عمدت سلطات الاحتلال إلى فرض مبالغ اعتباطية على المواطنين المقدسيين، تُدفع على عشرة أقساط شهرية، على حساب ضريبة الدخل التي سيجري حسابها بعد سنوات بهدف فرض ضريبة نهائية عالية بعد تكريس احتلال المدينة، ومن ثم مطالبة السكان بالفروق، والتي تترتب عليهم خلال تلك السنوات، في سبيل تعجيزهم عن دفعها، ومن ثم تهجيرهم. وقد بلغت ضريبة الدخل المدفوعة من مواطني القدس العرب للسلطات الإسرائيلية نحو مليون دينار أردني خلال الفترة من 1 إبريل/نيسان 1973م وحتى 31 آذار/مارس 1974م. وكذلك ارتفعت جباية الضرائب في القدس الشرقية بنسبة 112% عام 1975م مقارنة بالعام السابق له. هذا وأصبح مواطنوا القدس الذين تركوها وأقاموا في الضفة الغربية يقومون بتعبئة نماذج ضريبة الدخل الخاصة بهم في مكاتب الضفة الغربية بدلاً من القدس. والهدف من ذلك هو تغيير مركز حياة المواطنين من القدس إلى الضفة الغربية. هذا علاوة على ضريبة القيمة المضافة التي فرضتها قوات الاحتلال الصهيوني على سكان القدس العرب بموجب قانون ضريبة القيمة المضافة لعام 1975(1).
2- ضريبة الدفاع: وتستوفي على ضريبة الدخل المستحق قيمة فاتورة استهلاك المياه، وقيمة فاتورة المكالمات الهاتفية، وعلى رسوم تراخيص السيارات بكل أنواعها.
3- ضريبة الترفيه: وتستوفى من أصحاب المطاعم، وعلى تراخيص السيارات، وعلى قيمة تذاكر دور اللهو.
4- ضريبة المساحة: وتفرض على مساحة المتاجر وغرف الفنادق.
5- ضريبة السكن: يدفعها المستأجر وتفرض على مساحة الغرف وعددها للمساكن المؤجرة.
6- ضريبة المطار: بقيمة (75) دينار يدفعها المسافر، وتنطبق هذه الضريبة على أهالي القدس في حالة سفرهم من مطار اللد أو خلافِه.
7- ضريبة مشتريات: وتفرض على وزن الذهب أو الفضة.
8- فرض ضريبة جديدة بنسبة (5%) من قيمة العقار يدفعها صاحب العقار.
9- فرض ضريبة جديدة بنسبة (20%) على قيمة الاستيراد، وتدفع كقرض للحكومة لمدة سنة بدون فائدة، وتدفع من قِبل المستورد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) محمد المشايخ،"السياسة الإسرائيلية تجاه المواطنين الفلسطينيين في القدس"، مجلة صامد الإقتصادي، العدد (85)، تموز- آب- أيلول 1991م، ص231- 232.

10- فرض قرض إجباري بنسبة 20% على جميع الرواتب والدخول، يسدَّد على عشرة سنوات بفائدة قدرها 2% لا ترتبط بتغيير الأسعار.
11- فرض قرض بما يعادل (800) دينار على كل من يشتري سيارة جديدة من الوكيل.

وعلى الرغم من احتجاج المواطنين على هذه السياسة التعسُّفية بشتّى الطرق والأساليب، فإن سلطات الاحتلال لم تَزْدَدْ إلاّ تعنُّتاً وتشدُّداً في معاقبة مخالفي قوانين ضريبة الدَّخل، فقامت برفع الغرامة على المخالفين من (2000) ليرة إلى (20000) ليرة إسرائيلية، والسّجن لمدة ستّة أشهر. بل أنها لجأت في كثير من الأحيان إلى جباية الضرائب بالتنسيق مع الشرطة وتحت حمايتها، الأمر الذي أفضى إلى استسلام التجار وعرض مفاتيح محلاتهم على موظفي الضرائب، لعجزهم عن سداد المبالغ المطلوبة(1).

كذلك زادت سلطات الاحتلال من نسبة الضرائب البلدية بشكل خيالي، فعلى سبيل المثال، رفعت ضريبة الأملاك (الأرنونا) بنسبة 5% عام 1975م و 80% عام 1976م. وفي عام 1972م سمحت سلطات الاحتلال بتحصيل زيادة من المستأجرين تبلغ 140% على المحال التجارية، ونحو 45% على دور السكن. وفي عام 1974م رفعت هذه الزيادة لتبلغ نحو 132 % على إيجار المحلات التجارية، و 39% على المساكن(2).

وتعَد هذه الضريبة أداة في يد قوات الاحتلال، لإجبار أهل المدينة المقدسيين على ترك مدينتهم والنزوح إلى مناطق أخرى، خارج حدودها، لا سيما وأن منهم الكثيرين غير قادرين على دفع هذه الضريبة. وحتى هؤلاء ذوي الدخول المرتفعة نسبياً، والذين سمحت لهم دخولهم بالبقاء في منازلهم ومحلاتهم، فإنهم يدفعون 26% من الموازنة المخصّصة للخدمات البلدية، بينما لا يحصلون سوى على 5% من تلك الخدمات(3). ويتأكد ذلك إذا علمنا أن بلدية القدس الغربية تقوم بالاستثمار في المناطق التي يقطنها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سمير جريس، المرجع السابق، ص165.
(2) المرجع نفسه، الصفحة نفسها.
(3) Milloon Kothari and Jan Abu Shakrah, Planned Dispossession Palestinians, East Jerusalem and the right to a place to live, COHRE, Occasional Paper, No.4, Geneva, September 1995.

اليهود بسبعة أضعاف ما تستثمره في المناطق التي يقطنها الفلسطينيون. فمثلاً نجد أن هناك (324) دونماً فقط في الشطر الشرقي من القدس مخصّصة للحدائق العامة، بينما يوجد (5540) دونماً في الشطر الغربي من المدينة مخصّصة للغرض نفسه. وكذلك فإن شبكات الصرف الصحي غير كافية وغير ملائمة، كما أن ما يربو على نصف شبكات المياه بحاجة إلى تغيير. وكذا فإن عمليات الإصلاح والصيانة لإضاءة الشوارع أصبحت ضرورة ملحّة(1).

* مخصّصات التأمين الوطني
تدفع مخصّصات التأمين الوطني من قِبل مؤسسة التأمين الوطني، من منطلق ضمان الرفاه الإجتماعي للسكان، بموجب قانون التأمين الوطني لعام 1968م(2). ويستحق دفع هذه المخصّصات لأي مواطن دائم استوفى شروط استحقاق المخصّصات وهما شرطان:-
الأول: أن يقوم المواطن قد قام بدفع رسوم التأمين بشكل متواصل إن لم يُعف منها، وهي تُقتطع من راتب الأجير شهرياً، بنسبة 16،2%، ويلزم بدفعها العامل المستقل بنسبة تتراوح بين 7،9% و 15،9%.

أما الشرط الثاني: فهو أن يكون المطالب بالمخصّصات مقيماً دائماً في "إسرائيل"، وبما أن سكان القدس العربية غدو مواطنين دائمين فيها، فإنهم يستحقون الحصول على تلك المخصّصات، إذا توفّرت فيهم الشروط المطلوبة تطبيقاً لقرار اللجنة الوزارية لشؤون القدس الصادر يوم 13 فبراير/شباط 1973م، والذي نصّ على:"أن كل من يحمل الهوية الإسرائيلية بناءً على كونه مقيماً في القدس، وظلّ يسدّد دفعاته للتأمين بشكل متواصل، فإنه يبقى متمتعاً بحقوق التأمين الوطني، حتى لو نقل مكان سكنه إلى خارج حدود بلدية القدس"(3).

لكن تآمر سلطات الاحتلال على سكان المدينة يتضح إذا ما علمنا أن قرار اللجنة
الوزارية لشؤون القدس كان هدفه إزالة المخاوف التي تُراود السكان العرب، من فقدانهم
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) PASSIA Diary: 2000, Jerusalem, P. 291.
(2) كتاب القوانين لعام 1968م، رقم 530، ص168.
(3) شذا جمال خطيب، المرجع السابق، ص99.
حقوقهم إذا ما انتقلوا للإقامة خارج حدود بلدية القدس، وتشجيع سكان المدينة الذين أخلتهم قوات الاحتلال على العيش خارج حدود البلدية، ضمن مشروع (ابنِ بيتك بنفسك) في العيزرية(1). تمهيداً لإلغاء حقهم في الإقامة في المدينة. هذا واستمرّت مؤسسة التأمين الوطني في دفع مخصّصات التأمين المختلفة لهؤلاء السكان الذين حُملوا على العيش خارجها حتى أواخر عام 1984م وأوائل عام 1985م. ومنذ ذلك الوقت أبدت السياسة وجهها الآخر، وغيّرت من نهجها إزاء هذه الفئة من السكان، وادعت أن قرار اللجنة الوزارية لعام 1973م شمل فقط العائلات التي بدأت باستحقاق مخصّصاتها قبل انتقالها إلى السكن خارج الحدود البلدية. فأوقفت مؤسسة التأمين الوطني دفع مخصّصات التأمين لسكان القدس العربية، الذين انتقلوا للعيش في مناطق مثل العيزرية والرام وضاحية البريد، بحجة أنهم يقيمون في "الخارج"، باستثناء حالات محدّدة ثبت فيها أن المؤسسة استمرّت في دفع تلك المخصّصات وهي تعلم بوجود العائلة خارج الحدود البلدية. لكن حتى هذا الاستثناء تم إلغاؤه، بحجة أن الدفع لمثل هذه العائلات ناجم عن خطأ، وليس عن سياسة متّبعة، وبالتالي فإنه غير مُلزم(2). وقد جاء قرار المؤسسة هذا دون التفات إلى أن انتقال العائلة قد تم بتشجيع من بلدية القدس، أو أي جهة حكومية أخرى تكفّلت لها باستمرارية حصولها على المخصّصات.

إن هذه السياسة التمييزية العنصرية لمؤسسة التأمين واضحة تماماً ومنحازة دائماً لصالح المواطنين الإسرائيليين، وعلى حساب أصحاب الأرض من الفلسطينيين، حيث أن الإسرائيليين لا يفقدون حقهم في الإقامة الدائمة، وكذلك في الحصول على مخصّصات التأمين المختلفة، رغم إقامتهم في المستوطنات القائمة في الضفة الغربية وقطاع غزة.

أما سكان القدس العرب الذين انتقلوا للإقامة في الضفة الغربية، فقد أصدرت "حكومة إسرائيل" بخصوصهم أنظمة خاصة يطلق عليهم اسم "أنظمة التأمين الوطني" لعام 1987م، وتنطبق على كل شخص يسكن الضفة الغربية وقطاع غزة وتتوفّر فيه الشروط
الآتية:-
1- ليس مواطناً إسرائيلياً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) عبد الرحمن أبو عرفة،"تشكيل جديد للمدينة، جمعية الدراسات العربية، القدس 1985م، ص77.
(2) أسامة حلبي، المرجع السابق، ص35- 36.
2- مسجّل في سِجل السكان بموجب قانون سِجل السكان لعام 1956م.
3- يحمل الهوية الإسرائيلية التي مُنحت له قبل بدء سريان الأنظمة (1/1/87).
4- مكان السكن المسجّل في بطاقة الهوية يقع في المنطقة المحدّدة في ذيل مرسوم أنظمة السلطة والقضاء- رقم (1) لعام 1987م.
5- أن يكون الشخص قد بلغ يوم انتقاله إلى الضفة الغربية أو قطاع غزة الثامنة عشرة من عمره (المادة1)(1).
جدير بالذِّكر، أن هذه الأنظمة لم تجيء لحل مشكلة السكان، الذين انتقلوا للعيش في القرى والضواحي التي تقع خارج الحدود والضواحي، التي تقع خارج الحدود البلدية، بل لخدمة السياسة الإسرائيلية، وسياسة مؤسسة التأمين الوطني، التي تعدّ هؤلاء السكان قد فقدوا حقهم في المخصّصات عدا تلك التي حصلوا عليها قبل انتقالهم، كما فقدوا حقهم في الإقامة في المدينة. هذا علماً بأن مؤسسة التأمين الوطني قد تشدّدت في دفْع المخصّصات لسكان القدس العربية منذ بدء الانتفاضة وخلالها، حيث قامت المؤسسة بقطع المخصّصات عن نحو 1500 شخص، أغلبهم يحصل على مخصّصات الشيخوخة والأرامل. وبدلاً من أن تقوم المؤسسة بدراسة ملفّ كل واحد منهم على حِدة، واتخاذ القرار الملائم بشأنه، فإنها قامت بوقف دفع المخصّصات عن الجميع. ولم تجدّد المؤسسة دفع تلك المخصّصات للسكان إلاّ بعد مرور أشهر طويلة، على الرغم من أنهم قدّموا لها الوثائق التي طلبتها لإثبات إقامتهم في المدينة، مثل عقود الإيجار ووصولات المياه والكهرباء وضريبة الأملاك(2).
* الإغلاق
قامت سلطات الاحتلال بفرض إغلاق عسكري حول القدس خلال حرب الخليج الثانية عام 1991م. واستمرّت في عرقلة حركة الفلسطينيين، وحرمانهم من دخول القدس. وقد تكرّس هذا الإغلاق كإغلاق دائم في آذار/مارس 1993. وقد أدى هذا
ــــــــــــــــــ
(1) أسامة حلبي، المرجع السابق، ص36- 37.
(2) المرجع نفسه، ص38.
الإغلاق إلى تدمير الحياة الفلسطينية، إذ أنه شمل قيوداً قاسية على حرية التنقّل، والوصول إلى الخدمات الصحية والتعليمية وأماكن العمل. كذلك فإنه ساهم في تمزيق الاقتصاد الفلسطيني في الضفة الغربية بما فيها القدس وقطاع غزة، فزادت البطالة بمعدل 45% (1) خاصة وإن حوالي 12% من القوى العاملة كانوا يعملون في "إسرائيل"(2). وتسبب الإغلاق أيضاً في الحَدّ من التجارة ما بين القدس وشمال الضّفة الغربية وجنوبها، الأمر الذي نجم عنه تدني قدرة 35% من الناتج المحلّي الإجمالي ما بين عامي 1992-1996م، لا سيما وأن 90% من قيمة الواردات و 70% من قيمة الصادررات من وإلى "إسرائيل". ومع نهاية عام 1996م أصبح هناك (40000) فلسطيني فقط يحملون تصاريح دخول سارية المفعول مقابل (120000)- (130000) كانوا يحملون هذه التصاريح قبل الإغلاق، ويتعرض الفلسطينيون الذين يدخلون المدينة بطريقة غير قانونية للسجن لمدة تصل إلى (8000) شيكل(3).
وفي ظل متابعتنا لمسلْسل الاعتداءات الإسرائيلية، والسياسات التعسفية التي اتّبعتها سلطات الاحتلال الإسرائيلية ضد سكان المدينة المقدسة، واقتصادها في سبيل تهويدها ديمغرافياً واقتصادياً... علينا أن نعي تماماً، أن هذه السياسات والممارسات ستستمر دائماً ودوما، بهدف تحقيق أغلبية يهودية في المدينة المقدسة، بل أن حِدّتها ستزداد كلما فاقت نسبة السكان الفلسطينيين النسبة التي حدّدتها الأهداف الصهيونية.
تغيير مَعالم المدينة المقدّسة(4)
لم تتوقّف "إسرائيل" منذ احتلال بقية أجزاء القدس عام 1967م عن القيام بأعمال الحفر والتنقيب في مختلف أرجاء المدينة، وتحت المسجد الأقصى وحوله على وجه الخصوص، وسنتناول هذا الموضوع بالتفصيل في الفصل التالي (الفصل الثالث من الباب الثالث). كما قامت سلطات الاحتلال الصهيوني بتغيير اللافتات وأسماء الشوارع والمعالم بما ينسجم مع أهدافها الاحتلالية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تقرير المنسق الخاص لهيئة الأمم المتحدة في الأراضي المحتلة/البنك الدولي- عن وقائع الإغلاق، 2 تشرين أول/أكتوبر 1997م.
(2) تقرير المنسق الخاص لهيئة الأمم المتحدة عن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في الضفة الغربية وقطاع غزة، تقرير ربع سنوي، (مكتب المنسق الخاص في المناطق المحتلة)، غزة، ربيع 1998م.
(3) ... Bulleten ، المرجع السابق، ص6.
(4) حسن علي مصطفى خاطر، موسوعة القدس والمسجد الأقصى، المجلد الأول، ص158- 162.


إن ما يجري حالياً داخل البلدة القديمة يشكل أخطر حلقة في المخطّط الاستيطاني الصهيوني في تهويد المدينة، وقد أشارت الصحافة الإسرائيلية إلى نماذج من هذه الخِطط بتاريخ 30 أكتوبر/تشرين الأول 1997م:(.. الخِطط تم إعدادها لمشروع البناء الأكبر في الحي اليهودي من البلدة القديمة وذلك من العام 1967م، والهدف الواضح والجلي هو زيادة عدد سكان الحي اليهودي بنسبة 25% والذي يبلغ عدد سكانه الآن أكثر من ثلاثة آلاف نسمة). وتشمل الخطة التي تم تنفيذ الجزء الأكبر منها، إقامة مزيد من الأبنية وترميم منطقة حائط المبكى- البراق- وتركيب كاميرات تصوير الكترونيّة في أحياء البلدة القديمة.
لقد تم رصد مبلغ (80) مليون شيكل لتنفيذ المرحلة الأولى وتغيير المعالم الأثرية لحائط المبكى- البراق- وتهيئته بصورة مغايرة لما هو قائم عليه الآن،بحيث يتّسع لأكثر من أربعين ألف زائر ومُصَلّ، كما تم رصد مبلغ (130) مليون دولار لبناء (3015) وحدة سكنية في عشرة أحياء فلسطينية تحيط بمدينة القدس، ومن المتوقّع استثمار (60) مليون دولار لتسهيل إقامة الأزواج الشابة- من اليهود- في القدس.
وسلطات الاحتلال الإسرائيلي تسعى لتكثيف تواجدها داخل البلدة القديمة، وخلْق تجمّع استيطاني يهودي يحيط بالمسجد الأقصى المبارك، وخلق تواصل واتصال ما بين هذا التجمّع الاستيطاني وبلدات الطور، وسلوان، ورأس العمود، ومنطقة الجامعة العِبرية، ومستشفى هداسا، وذلك من خلال ربط الحي اليهوديي وساحة المبكى وباب السِّلسِلة وعقبة الخالدية وطريق الواد وطريق الهوسبيس مع تلك المناطق.
ولم يعد خافياً على أحد أن وتيرة استيلاء اليهود المحتلّين على البيوت والمحال التجارية داخل البلدة القديمة، وخاصة في الحي الإسلامي تتزايد يوماً بعد يوم، وقد نجحت المجموعات الاستيطانية الصهيونية في زرع أكثر من (80) عائلة يهودية في بيوت عربية تم الاستيلاء عليها، إضافة إلى إقامة العديد من المؤسسات االاستيطانية والدينية اليهودية في قلب هذا الحي.
وقد أشار تقرير لجريدة الأيام الفلسطينية، نشر بتاريخ 30يناير/كانون ثاني 2001م، إلى أن المؤسسات الاستيطانية اليهودية بدأت تغيّر من أسلوب عملها، فبعد أن كانوا يستولون على المنازل في الطوابق العليا، فإنهم بدؤوا بزيادة نشاطهم للاستيلاء على المحلات التجارية في الشارع الرئيسي المؤدي إلى حائط البراق، تمهيداً لإقامة بؤرة استيطانية جديدة في البلدة القديمة، تشمل سوقاً تجارية ومساكن، كما كشفت مجلّة (كول هزمان) الإسرائيلية النقاب عن تفاصيل خطّة شركة (ترميم وتطوير الحي اليهودي)، والتي نشرتها جريدة الأيام بتاريخ 21إبريل/نيسان 2001م بموازنة تصل إلى أكثر من (364) مليون دولار تنفّذ على مدار ثلاث سنوات، وتستهدف تغيير الواقع الجغرافي في القدس الشرقية، وداخل البلدة القديمة، وتغيير معالم ساحة المبكى- البراق- لتبدو ذات طابع يهودي، كما تستهدف إنشاء تواصل بين الحي اليهودي وغربي المدينة، وما يدعى جبل الهيكل- المسجد الأقصى-، ونقطة الانطلاق في هذه الخطّة الهيكلية المقترحة، هي إنشاء فواصل تبدأ من إنشاء مشروع مانيلا ويمين موشى حتى جبل صهيون فالحي اليهودي ومنطقة حائط المبكى- البراق-، وذلك من خلال نفق سيكلف شقّه مائة مليون دولار ، ووفق هذه الخطة ستضاف للحي مساحة تبلغ (225) ألف متر مربع، يقام بينها مئات الوحدات السكنية التي ستزيد من عدد المستوطنين اليهود في المنطقة، كما ستسعى الخطة إلى إخلاء موقف السيارات الحالي في الحي اليهودي والبالغة مساحته سبعة دونمات، وإقامة موقف للسيارات تحت الأرض بكلفة تسعة ملايين دولار، إضافة إلى إقامة مركز سكني وتجاري وفندق ضخم.

كما تقترح الخِطّة إنشاء كنيس يهودي مركزي بتكلفة أربعة ملايين دولار. وقد ورد في جريدة القدس الفلسطينية بتاريخ 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2001م، أن مخططات إعمار الكنيس الضخم إلى إدارة بلدية القدس وإلى ما يسمى بلجنة الحفاظ على المدينة، اللتين تبنّتا فكرة إقامة الكنيس، وأن أولمورت رئيس البلدية اليهودي آنذاك، قد وجّه تعليماته إلى الشركة لإجراء الاتصالات اللازمة مع مهندس المدينة وأقسام البلدية المختلفة، كما أوصت الخطة بترميم المدرسة الدينية اليهودية (شجرة الحياة) المكوّنة من مبنى مؤلف من أربعة طوابق على مساحة ثلاثة آلاف متر مربع، وإقامة متنزّه فوق أسطح السوق في نقطة التقاء الأحياء الأربعة في البلدة القديمة، ومساحتها تمتد على خمسة دونمات، وستكون متنزها يستخدم أيضاً كطريق وصول بديلة بين الحي اليهودي ومنطقة كنيسة القيامة، بحيث يستطيع الحي اليهودي أن يستوعب السياح والحجاج الذين
يأتون لزيارة القدس القديمة والالتفاف على المدخل من خلال الحي المسيحي والإسلامي وتكلفة المشروع مليون وربع المليون دولار.

كما تقترح الخِطّة إعادة بناء كنيس آخر، وهو (تفئيرت يسرائيل)، وترميم (حديقة النهضة) وإنشاء متحف وملاعب وكرة قدم وكرة سلة للحي اليهودي، إضافة إلى إطلاق اسم (الحي اليهودي القديم) على موقع في باب الساهرة في الحي الإسلامي كانت جمعية (عطيرت كوهانيم) قد استولت عليه واستوطنته قبل ثلاث سنوات، وتقترح الخطة استيعاب ثلاثين عائلة يهودية إضافة إلى العائلات الموجودة حالياً، وصف أحد أعضاء بلدية القدس، وهو من حركة ميرتس اليسارية، هذا المشروع بالقول(إن هذا المشروع سيؤدي إلى حرب ليس بين اليهود والفلسطينيين فقط، وإنما بين اليهود أنفسهم أيضاً، حيث سيُحْكم سيطرة المجموعات الدينية على المدينة، إن هذا المشروع ليس بريئاً يهدف إلى ترميم عدة مبانٍ في الحي اليهودي، وإنما هو خطة استفزازية ترمي إلى توسيع الحي اليهودي على حساب الأحياء المجاورة وحفر أنفاق، لقد شاهدنا إلى أين قادنا نفق واحد كانوا قد حفروه في المنطقة- إشارة إلى نفق عام 1996م، وما أدى إليه من مواجهة بين العرب واليهود، انتهت بسقوط عدد كبير من الطرفين-).

وما زالت ثلاث جمعيات استيطانية متطرّفة تطالب الحكومة الإسرائيلية بتحويل المدرسة العمرية الموجودة في البلدة القديمة إلى كنيس يهودي، ومعلوم أن هذه المدرسة الإسلامية التاريخية تقع في الزاوية الشمالية الغربية من المسجد الأقصى المبارك، وتعد جزءاً من الرواق الشمالي للمسجد.

الاعتداءات الإسرائيلية على المقدّسات المسيحية في بيت المقدس (1)

لقد ارتكب الاحتلال الصهيوني عشرات الاعتداءات على المقدسات المسيحية في القدس، يمكن إجمالها في السطور الآتية:-
بتاريخ 31 مايو/أيار 1948م أصدرت هيئة الاتحاد المسيحي في القدس بياناً مهماً حول اعتداء اليهود على المقدسات المسيحية وتدنيسها، ومما جاء في هذا البيان:(وبسبب هذا الوضع الرهيب فإننا بصفتنا ممثلي الطوائف المسيحية نعتبر أن من
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) حسن علي مصطفى خاطر، المصدر السابق، ص163ـ 171.

واجبنا الديني أن نرفع صوتنا بالاحتجاج على انتهاك حرمة كنائسنا وأديرتنا ومؤسساتنا، ونقدّم لكم بطيِّه قائمة ببعض الأضرار التي تكبدتها مؤسساتنا، والخسائر التي لحقت بالمشرفين عليها، وباللاجئين اللائذين بها:
1- دير القديس جورج التابع للأرثوذكس الذي تم احتلاله في 14أيار/مايو 1948م.
2- مأوى (نوتردام دي فرانس)التابع للآباء المريميين، وتم احتلاله في 15أيار/مايو 1948م. وأقاموا فيه التحصينات واستخدموه كقاعدة رئيسية لمواجهة المدينة المقدسة.
3- دير الأخوات المصلحات الذي احتله اليهود في 15مايو/أيار 1948م، واستخدموه مثلما استخدموا مأوى نوتردام دي فرانس.
4- المستشفى الفرنسي الذي احتله اليهود في 15مايو/أيار 1948م. غير مبالين بوجود أخوات القديس يوسف ونزلائه من المرضى.
5- المستشفى الإيطالي، الذي احتلوه في 15مايو/أيار 1948م.
6- مقر القاصد الرسولي الذي كان يحميه علم الكرسي الرسولي المقدس، الذي تم احتلاله في 18مايو/أيار1948م.
7- دير الآباء البندكتيين الألمان الذي احتله اليهود في 18مايو/أيار1948م، وحوّلوه إلى موقع استراتيجي قوي، وقاعدة رئيسية لعملياتهم الحربية ضد المدينة المقدسة.
8- المدرسة الإنجليزية على جبل صهيون، ودير القديس يوحنا التابع للروم الأرثوذكس.

وقد أورد البيان قائمة بأسماء الكنائس والأديرة التي أصيبت وتضرّرت من قِبل اليهود في عام 1948م، وقد اشتملت القائمة على ما يأتي:-
أ- مأوى (نوتردام دي فرانس)، الذي دُمِّر قسم كبير منه نتيجة للاحتلال الصهيوني.
ب- دير الأخوات المصلحات الذي أضرمت فيه النار ودُمِّر بأكمله تقريباً.
ت- برج وكنيسة دير الآباء البندكتيين.
ث- معهد القديسة حنّة، أصيب بقنبلتي مورتر في 17- 19مايو/أيار1948م.
ج- كنيسة القديس قسطنطين وهيلانة، المجاورة لكنيسة القيامة، أصيبت بقنبلة ألحقت شظاياها أضراراً بقبّة كنيسة القيامة.
ح- بطريركية الأرمن الأرثوذكس أصيبت بحوالي مائة قنبلة مورتر، وقد ألحقت القنابل أضراراً كبيرة بدير القديس يعقوب وبدير الملاك الرئيسي وبكنيستيهما وبمدرستيهما.
خ- مدخل كنيسة مرقص للسريان الأرثوذكس أصيب في 17مايو/أيار1948م بقنبلة
مورتر قتلت الراهب "بيتر سيماي" سكرتير المطران وجرحت شخصين.
د- دير القديس جورج للروم الأرثوذكس المجاور لكتدرائية الروم الكاثوليك، أصيب في 18مايو/أيار1948م بقنبلة مورتر.
ذ- دير القديس يوحنا للروم الأرثوذكس المجاور للمبنى المستطيل (الباسيليكا) في كنيسة القيامة، الذي أصابت قنبلة سطحه في 13مايو/أيار 1948م، كما أصيب دير القديس إبراهيم القريب منه، ودير القديس سبيريدون.
ر- دير الملاك الرئيسي التابع للبطريركية القبطية، الواقع فوق مغارة الصليب الأقدس، الذي يشكل جزءاً من المبنى المستطيل (الباسيليكا) لكنيسة القيامة.
ز- بطريركية الروم الأرثوذكس، أصيبت بقنابل المورتر.
س- دير الفرنسيسكان الكبير (المخلص الأقدس) قرب كنيسة القيامة، أصيب بقنابل المورتر.
ش- البطريركية اللاتينية أصيبت بتاريخ 23و28مايو/أيار1948م بقنابل مورتر ألحقت أضراراً كبيرة بقصر البطريركية وخاصة الكاتدرائية.
ص- بطريركية الروم الكاثوليك أصيبت بقنابل المورتر بتاريخ 16و29مايو/أيار1948.

وقد أورد التقرير أسماء عدد من الآباء الرهبان الذين قتلوا على يد اليهود في هذه المرحلة، وقد ذُيّل البيان بتوقيع ممثلي الطوائف المسيحية في القدس.

وقد استمرت الاعتداءات الإسرائيلية على المقدسات المسيحية في القدس بعد عام 1948م، وهي مستمرة إلى يومنا هذا، في صوَر وأشكال مختلفة، ونذكر على سبيل المثال نماذج من هذه الاعتداءات التي تمّت على المقدسات المسيحية بعد احتلال القسم الشرقي من مدينة القدس عام 1967م، وقد لخّص بعضاً من هذه الاعتداءات تقرير قدمة روحي الخطيب أمين القدس المُبعد في حزيران/يونيو1971م، ومما جاء فيه:
1- الاعتداء على القبر المقدس وكنيسة القيامة في القدس بتاريخ 24فبراير/شباط1971م.
2- اغتصاب أملاك بطريركية الروم الأرثوذكس، وقد أكّدت هذه المصادرة والاحتجاج عليها، جريدة يدعوت أحرنوت الإسرائيلية بتاريخ 16مارس/آذار1971م.
3- الاعتداء على بطريركية الأرمن بمصادرة عمارة فندق فاست التابعة لها.
4- إخلاء دير النوتردام: بتاريخ 14 مايو/أيار 1970م احتالت سلطات الاحتلال الصهيوني على المشرفين على عمارة دير نوتردام الكاثوليكي في القدس، وأجرت عملية بيع مزوّرة في نيويورك، استهدفت نقل ملكية هذا الدير إلى الجامعة العِبرية في القدس.
5- استملاك مدرسة شنِلّر الألمانية (مدرسة لوثرية مهنية)، مع كنيسة وأبنية سكن.
6- الضغط على أملاك الكنيسة الروسية (المسكوبية)، وهي تضم عدداً من العمارات الضخمة، منها المستشفى الحكومي وعمارة المحاكم، والبوليس والسجن المركزي في زمن الانتداب البريطاني، وتشكّل في مجموعها جزءاً مهماً في القدس، ويعتبر نقل ملكيتها إلى سلطات "إسرائيل"، تغييراً خطيراً للوضع الديني والسياسي في المدينة المقدسة.

والانتهاكات الإسرائيلية للمقدسات المسيحية ما زالت مستمرة، وقد كان آخرها وأكبرها ما عُرف بأزمة كنيسة المَهْد في بيت لحم جنوب القدس، حيث قامت سلطات الاحتلال بمحاصرة الكنيسة وقصفها بالقنابل، وقتلت عشرة من المسلمين في داخلها، وأحرقت غرفتين من غرفها، واستمرت الكنيسة التي تعتبر من أكثر الأماكن المسيحية في العالم تقديساً، تحت الحصار والقَصْف مدة أربعين يوماً، وانتهت مِحنة هذه الكنيسة التي عاشتها على مرآى ومسمع العالم أجمع بإبعاد ثلاثة عشر من المحاصرين فيها، بعضهم إلى قطاع غزة والبعض الآخر إلى بعض دول الاتحاد الأوروبي في أواخر النصف الأول من شهر مايو/أيار2002م.

*** *** ***



مراجع ومصادر البحث

المراجع والمصادر العربية
(1) أسامة حلبي،"بلدية القدس العربية"، القدس، الجمعية الفلسطينية الأكاديمية للشؤون الدولية/ PASSIA، 1993م.
(2) أسامة حلبي،"الوضع القانوني لمدينة القدس ومواطنيها العرب"، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، ط2، 1999م.
(3) حسن علي مصطفى خاطر،"موسوعة القدس والمسجد الأقصى"، المجلد الأول.
(4) سمير جريس، "القدس /المخططات الصهيونية/ الاحتلال والتهويد"، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، 1981م.
(5) شذا جمال خطيب، "القدس العربية ثلاثون عاماً من التهويد والتحدي"، دار مجدلاوي للنشر، عمان، ط1، 2001م.
(6) روحي الخطيب،"تهويد القدس"، بحوث الندوة العالمية حول القدس وتراثها الثقافي"، المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، الرباط، 19-21/10/1993م.
(7) عبد الرحمن أبو عرفة،"تشكيل جديد للمدينة، جمعية الدراسات العربية، القدس 1985م.
(8) محمد المشايخ،"السياسة الإسرائيلية تجاه المواطنين الفلسطينيين في القدس"، مجلة صامد الإقتصادي، العدد (85)، تموز- آب- أيلول 1991م.
(10) وزارة الإعلام، "القدس الواقع والتحدي"، السلطة الوطنية الفلسطينية، 1995م.

تراجم عن العبرية

(1) ناثان كريستال،"فلسطينيو القدس... ومخاطر الطرد الصامت"، مركز المعلومات البلدية، القدس، 1995م.
(2) ميخائيل- رومان،"نعيش معاً ولكن منفصلين: العرب واليهود في القدس المعاصرة"، برينستون، ممطبوعات جامعة برينستون، 1991م.
(3) ديفري هكنيست ،"وقائع جلسات الكنيست"، المجلد 49، 27/6/1967.
أقوال وزير العدل آنذاك، يعقوب شمشون شبيرا.
(4) سيفر هحوكيم،"كتاب القوانين"، رقم 499، 20 سيفان 5727- 28/6/1967م.
(5) كوبتس هتكنوت،"مجموعة الأنظمة"، رقم 2064، 28/6/1967م.
(6) ي. دينشتاين،"إبعاد رؤساء البلديات من يهودا"، في: "عيوني مشباط، المجلد الثامن.
(7) كتاب القوانين رقم (95) لعام 1952م.
(8) نشرة الأنظمة رقم 3201 بتاريخ 18/7/1974م.
(9) مجموعة الأنظمة، رقم 2065، 28/6/1967م.
(10) "وقائع جلسات الكنيست"، المجلد 49، 27/6/1967م.
(2) كتاب القوانين لعام 1968م، رقم 530.

***
مراجع أجنبية
(1) Meron Benvenisti, Jerusalem,”The Torn City”, Jerusalem, Isratypeset Ltd., 1976.
(2)G.Shwarzenberger, The Law of Armed Conflict (London: 1968)
(3) Eitan Felnar, A policy of Discrimination. LandExpropriation, Planning and Building in East Jerusalem, B,Tselem, Jerusalem, May, 1995.
(4) Allison B. Jodgkins. The Judaization of Jerusalem: Israeli Policies, Since 1967, PASSIA, Jerusalem, 1996.
(5) Statistical Year book of Jerusalem, 1998
The Economist, 23/11/1996.
(6) Lea Tsemel and Ingrid Jardat, The Trap is Closing on Palestinian Jerusalemites, AIC Memorandum no 1/96, February 1996.
(7)http:www.btselem. org/urgent/ressum. Htm.
(8) United Nations, Israeli Settlements in Gaza Strip aand West Bank (Including Jerusalem) Their nature and Purpose, New York, 1982.
(9) Stephanie Tashkoff, Sattlement Tour with Middle East Council of Churches, July 27, 1996.
(10) Statistical Year book of Jerusalem, 1998.
(11) Sami F. Musallam, The Struggle for Jerusalem, PASSIA, May 1996, Jerusalem, P. 14- 15.
(12)Milloon Kothari and Jan Abu Shakrah, Planned Dispossession Palestinians, East Jerusalem and the right to a place to live, COHRE, Occasional Paper, No.4, Geneva, September 1995.
(13) PASSIA Diary: 2000, Jerusalem.
***

صحف عربية

(1) صحيفة القدس 31/6/1995م.
(2) صحيفة الأيام الفلسطينية، 29/5/1999م.
***
تقارير، قرارات، مشاريع، مؤتمرات
(1) تقرير المنسق الخاص لهيئة الأمم المتحدة في الأراضي المحتلة/البنك الدولي- عن وقائع الإغلاق، 2 تشرين أول/أكتوبر 1997م.
(2) تقرير المنسق الخاص لهيئة الأمم المتحدة عن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في الضفة الغربية وقطاع غزة، تقرير ربع سنوي، (مكتب المنسق الخاص في المناطق المحتلة)، غزة، ربيع 1998م.
(3) جامعة الدول العربية- مؤتمر المشرفين على شؤون الفلسطينيين في الدول المضيفة (يناير/كانون الثاني 2000م)، تقرير دائرة شؤون اللاجئين عن القدس ومحاولات تهويدها.
(4) قرارات محكمة العدل العليا، المجلد 24، ج2.
(5) اللجنة الأردنية الفلسطينية لدعم الصمود، مشروع دعم الطاقة الكهربائية في الوطن المحتل، عَمان، 1986م.
(6) المؤتمر الإقليمي للسلام في الشرق الأوسط، مركز دراسات الشرق الأوسط، عَمان، 1991م.

***