آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 19 من 19

الموضوع: من ألف رسالة الغفران.. لأبي العلاء المعري؟؟

  1. #1
    شاعر وناقد / أستاذ بارز الصورة الرمزية صلاح داود
    تاريخ التسجيل
    17/02/2009
    المشاركات
    409
    معدل تقييم المستوى
    16

    افتراضي من ألف رسالة الغفران.. لأبي العلاء المعري؟؟

    أقدم هذه الدراسة الصادرة منذ أشهر ضمن كتاب :
    في جدلية الفكر والأدب.
    للأستاذ صلاح داود .. تعميما للفائدة ..


    من ألف رسالة الغفران..
    لأبي العلاء المعري؟

    **
    سؤال قد يبدو من النوع السريالي.ولكننا نطمح هذا البحث إلى إثبات بعض الحقائق التي تظل مغلقة أمام قارئ رسالة الغفران خاصة أنها ما تزال تعتبر فريدة نوعها في ما تطرقت إليه من قضايا بأسلوب غير مسبوق ولا تابع له في التعامل الساخر مع محتوى هو غاية في الجدية بل في القداسة: المغفرة الإلهية.
    فكيف تجرأ أبو العلاء على المجازفة بنفسه ليزج بها في غمار محرم من المحرمات الكبرى وهو الدين ؟ بل إنه جمع إليه بقية المحرمات المعروفة : السياسة والجنس؟ وهل اختار فعلا أن يفتح هذا الباب تلقائيا؟ فقد يكون من السهل فتحه ولكن الخطر كل الخطر في انه إذا فتح يصعب غلقه. فنحن ملزمون تبعا لذلك بالبحث الصارم عن الدواعي الحقيقية لتأليف هذه الرسالة.
    فما هي أسباب تأليف رسالة الغفران؟
    قد يكون الجواب السهل الواضح السريع هو أنها رد على رسالة (علي بن منصور) المعرف بابن القارح .إلا أن هذا الرأي قد يواجهه {أي مضاد يصعب عليه الاقتناع بهذا الجواب.فما من كتاب بحجم رسالة الغفران وقيمتها يمكن تأليفها لمجرد رد على رسالة. فلا شك أن هناك أسبابا بعيدة في الواقع الاجتماعي العام قد دفعت المعري إلى اقتحام مغامرة صاخبة في ضجة القضايا المضمنة في الرسالة.
    ولكن رأبا مضادا قد يصرخ بدوره رافضا الاقتناع بهذا الجواب. فإذا كان للواقع أثر في تأليف الرسالة، فهل كان المعري وحده هو الذي يعيش ذلك الواقع؟
    فلماذا لم يهتم غير أبي العلاء بهذه القضايا؟
    ألم يقضِّ الأصفهاني مثلا أكثر من خمسين عاما في تأليف "الأغاني" غير عابئ بهموم الواقع وسلبياته؟
    إذن؟
    إن واجبنا العلمي يقتضي منا التأني والتباطؤ في استتباع جملة من العوامل من هنا وهناك عسى أن نجد في الرسالة وخارجها مما هو متعلق بها، ما قد يميط اللثام عن بعض هذه الحيرة المضنية.
    ولننظر أولا إلى رسالة ابن القارح لنرى هل هي حقا دافع قوي ليرد عليها أبو العلاء.
    لكن أي ابن قارح يعنينا؟ فهناك ابن القارح كما هو في التاريخ موضوعيا وهناك ابن القارح كما أراد يظهر ذاتيا في صورة باهرة تلونها الأصباغ الناصعة البهاء.
    وإن الفصل بين الوجهين غلط علمي لا شك فيه فلا بد من تفحصهما معا في آن واحد.
    ابن القارح الوجه الأول:
    يمكن التوقف عند نواح أساسية ثلاث كفيلة بفهم شخصية الرجل.
    ـ من الناحية الأدبية: هو علي بن منصور، شاعر مداح متكسب ظل مدة طويلة محسوبا على آل المغربي من الشيعة يمدحهم وينعم في وافر نعيمهم.
    ـ من الناحية الأخلاقية: كان رجلا مقبلا على الخمرة ومجالس القصف واللهو والمجون والخلاعة وهو من أكبر عشاق الجنس الآخر.
    وهو إلى ذلك ناكر للجميل مع أقرب الناس إليه وأكثرهم فضلا عليه حين نكبهم الدهر ودارت عليهم عجلته فهجاهم هجاء مكشوفا فعرف عنه بأنه من ذوي اللسانين لا ذمة له ولا عهد.
    ـ ومن الناحية الدينية: هو متلهٍّ عن الآخرة بمتع الدنيا ينهل من لذائذها وآخر اهتماماته الفضيلة.
    كل هذه الصفات تقوم شاهدا جليا على أ،ها نقيض صفات المعري الذي طلق الدنيا وانعزل عن الناس وزهد في الملذات وحرّم على نفسه الشهوات وصام الدهر ولم يفطر إلا في العيدين ورفض جراية قدمها له صديقه داعي الدعاة الفاطمي،وأبو العلاء هو الذي وقف موقفا صارما ضد الخمرة لكونها العدو اللدود لعقل الذي طالما مجده المعري إلى حد النبوة:
    " أيها الغر إذا خصصت بعقل فاتبعنْه فكل عقل نبي"
    كما أن مفهوم المعري للأدب والشعر بالذات، قائم على أنه معنى من معاني الالتزام
    والمسؤولية والدفاع عن قضايا الإنسان (الحرية والحق والصدق والعدل..) واللزوميات على سبيل المثال شاهد صارخ على ذلك.
    والمعري من أعداء المرأة والجنس ومواقفه مبثوثة هنا وهناك في قصائده.
    باختصار فإن "عصارة" ابن القارح لا تتمازج ومزاج المعري كيفما قلّبناها وقلّبناه. والصلة بينهما صلة خطين متوازيين يستحيل تقاطعهما.
    إن ابن القارح في الواقع لم يكن ليثير قضية خاصة لدى أبي العلاء فهو واحد من عديد الذين اعتزلهم وليس هو في حد ذاته بدعة.
    لكن القضية نشأت حين خلق علي بن منصور نفسُه مصادمة مع الوجه الثاني فيه.
    ابن القارح الوجه الثاني:
    فقد نصّب نفسه في رسالته إلى المعري
    ـ أدبيا: مدافعا عن الشعر غيورا على النحو واللغة يصحح الأخطاء ولا يعبأ بمعاداة أدعياء العلم والأدب له ( رسالة الغفران تحقيق بنت الشاطئ ص27)
    ـ أخلاقيا صاحب أمانة متحرقا على ضياع رسالة أبي الفرج الزهرجي التي حمّله إياها ليوصلها إلى المعري فسرقت منه في الطريق.
    وهو ممن يكره ذا اللسانين ويلعنه ويلعن معه "كل شقّار (أي كذاب) وكل قتّات (أي نمام).
    ـ دينيا: غيورا على الدين وعدوا لدودا للملاحدة والزنادقة زمنهم ابن الراوندي والمتنبي، معلنا في الآن نفسه توبته ومعرضا عن الدنيا ( نفس المصدر ص51)
    بل بدا قمة في النبل إذ أنه فسر تنكره لأصدقائه ذوي الفضل عيه من آل المغربي ،لا لدناءة في طبعه بل لغيرته على الكعبة الشريفة .فقد أخذ أبو القاسم المغربي "محاريب الكعبة ـ الذهب والفضة ـ وضربها دنانير ودراهم وسماها الكعبية ...وكم دم سفك وحريم انتهك وحرة أرمل وصبيّ أيتم؟"..(رسالة الغفران تحقيق بنت الشاطئ ص62) وهذا كله تاريخيا خطأ ومحض افتراء.
    فابن القارح بدا هنا وجها جميلا تعلوه كثير من الأصباغ الناصعة وتلوح منه كثير من العطور الشذية:متأدب ديان شديد التخلق.وإذا تذكرنا معا أن المعري قد اعتُبِر أحد أهم زنادقة الإسلام الثلاثة( ابن الراوندي وأبي حيان التوحيدي وأبي العلاء) فإننا نرى مقاربة ضمنية ولكنها مكشوفة قصدها ابن القارح بين المعري وابن الراوندي الذي عدّه في رسالته إلى أبي العلاء ضمن الزنادقة الذين تهجم عليهم علنا.إنه يسبه في الخفاء بل في العلن.وإذا اعتبرنا كذلك أن المعري عاشق حتى النخاع للمتنبي أستاذه الروحي وبسبب حبه المفرط له جرّ من رجله في مجلس الشريف المرتضى، ندرك بوضوح أن تهجم ابن القارح على أبي الطيب الأستاذ يشمل آليا تلميذه أبا العلاء. فإذا كان المتنبي ملحدا زنديقا فكيف بختلف عنه تلميذه الذي يتعشّق أفكاره؟
    فهل فهم المعري الهمز؟
    ليس في الأمر ذكاء كبير، فابن القارح قد عمل على كشف أوراقه فصرح بأنه أعلن توبته، وأنه في انتظار أن يشرفه المعري بالرد على رسالته حتى يسيّرها بحلب مسقط رأسه وغيرها(نفس المصدر ص68) وحتى يجد من الناس معاملة حسنة ما دام شيخ المعرة ذاته قد صار من أصدقائه.
    في هذا السياق تفوح رائحة النفاق ساطعة في الأفق فهل من وسيط في الإسلام بين العبد وخالقه؟ فماذا يريد الرجل من المعري إذا كان فعلا قد أخلص النية لله تعالى وتاب توبته النصوح؟ولماذا الوساطة؟
    وإذا كان يريد العودة إلى مسقط رأسه حلب فها سيحسن صورته ما سيكتبه عنه المعري عنه إليه؟
    وكيف يستطيع أبو العلاء أن يُجَمّله وهو في ذهنه أصلا مشوه الملامح؟ ألم يقل عنه شيخ المعرة حين ذُكر ابن القارح في حضرته:"أعرفه خبرا هو الذي هجا أبا القاسم بن علي بن الحسين المغربي." (رسالة الغفران (رسالة ابن القارح) ص55)
    فهل تستطيع أصباغ التجميل التي دهن بها ابن القارح سلوكه السابق أن تغير من تشوهاته في ذهن المعري؟
    لحظة المخاض العسيرة:
    إذن.".يتم اللقاح" في ذهن أبي العلاء بين:
    صورة علي بن منصور كما هو
    + وصورته كما أرادها أنتكون على أحسن وجه وأبهاه
    = فـيتم "الحمْل" ويشتد " المخاض" في " رحم" عقلٍ متأزم، فكان لا بد من انتظار لحظة "الولادة" التي هي آتية لا محالة.
    وها نحن فنستعد لتسميتها: إنها "رسالة الغفران".
    أن ابن القارح يريد أن يضمن لنفسه حسن القبول وتلميع الصورة. فليكن له الجواز الذي به يعبر من الجِلْدة القبيحة على البشرة البهية النقية ، ولتكن ساعة "إنجاب" رسالة الغفران الساعة الحاسمة للحساب .
    ابن القارح الوجه الثالث:
    وفي رسالة الغفران سنجد علي بن منصور رقم 3 وهو المزيج من الوجه الأول الموضوعي والوجه الثاني الذاتي بواسطة "كيمياء" علائية ستتجلى أسلوبا ومحتوى وأبعادا.
    وفي هذا ما يفسر أن لرسالة الغفران وجها وقفًـا، أو ظاهرا وباطنا، أو نصا منطوقا ونصا مسكوتا عنه..ولا مجال لفهم الأبعاد إلا بالمزاوجة بين الطرفين وإلا ظلت القراءة النقدية مغرقة في السطحية تلامس النص ولا تغوص أو قد تخطئ المرام تماما وفي ذلك خيانة كبيرة لفكر أبي العلاء ومواقفه من عصره ومراميه من تأليف الكتاب ، ولربما يضاعف هذا الأمر من اتهام المعري بأبشع تهم الكفر والزندقة .
    فظاهر الكلام لا يزيد أحيانا على الطابع الخرافي السردي الساذج ولكن استبطان المرامي هو الذي يعطي الرسالة وزنها الفكري الفلسفي الأدبي بسخريتها التي هي فن وفلسفة وخيالها الذي هو وهم وحقيقة ولغتها التي هي ترسّل وتصنّع، وأماكنها التي هي جنة وجهنم، وأشخاصها الذين هم من كل زمان ومكان ومن كل الأجناس والأديان، إنسا وجانا وحيوانا وحتى جمادا ونباتا (كالسفرجل المتضمن جواري حسانا)، جاهليين وإسلاميين...
    فما دخْل كل هذا في الموضوع؟ وكيف "حمَل"المعري بهذا"الجنين" الغريب؟
    وما صلته رسالة ابن القارح؟ وهل هذه وحدها قادرة على أن تفعل كل هذا الفعل؟
    أليس في طبع المعري الذي هو خليط من الثورة والألم بما هما قوة وضعف معا، ما ساهم في"العبث" بحرمة كثير من المقدسات التي اهتزت في عصر المؤلف؟
    وهذا سر العنوان (رسالة الغفران). فهل هي صك جزاء يقدمه أبو العلاء لابن القارح لينال المغفرة مثلما اشتهى بعد أن تظاهر بالتوبة؟ أم هي "كِذبة" يتلاعب بموجبها المعري بصاحبة تلاعب الأسد بفريسته؟
    قد يكون هذا كله أول مدخل ندعو القارئ إلى التفكير فيه منذ بداية اطلاعه على أول سطر من سطورها.
    فهل الجنة العلائية هي فعلا الجنة السماوية؟
    فالرسالة جواز يعبر به ابن القارح من عالم الأرض إلى عالم السماء. ولكن كيف تم العبور وهل صعّد الكاتب صاحبه فعلا إلى العالم العلوي حيث الجنة فعَلاَ به علوّا أم إنه بالعكس أنزل الجنة إليه على الأرض فحط من قدره بطريقة أو بأخرى؟
    إن استنطاق منطق الرسالة الذي يسبق الحديث عن الجنة مباشرة قد يكون كفيلا بتوضيح الكثير مما قد يبدو ضريا من الألغاز.فحديث المعري عن الرسالة كان مفصلا ومبوبا .والرسالة التي بعث بها ابن القارح في نظر المعري سطور منجية من اللهب وكل سطر مجموعة كلمات طيبة كالشجر الطيب الثابت الأصل والفارع إلى السماء وكل كلمة مجموعة حروف أشباح نور : إنه القاموس القدسي يسيطر على صفات هذه الرسالة حتى تخالها كتابا مقدسا في منزلة القرآن الكريم .
    ـ فالرسالة تنجي من اللهب، ولا لهب فيها
    ـ وفيها أشباح نور نورانية وهي صفات ملائكية
    ـ وتحتوي شجرا طيبا متصاعدا إلى السماء، وتلك هي الجنة.
    فالرسالة والجنة شيء واحد. وابن القارح هو المؤلف الأصلي وما المعري إلا القارئ لها بعين الناقد بإسقاطاته الذاتية.
    وإذا كانت رسالة ابن القارح بالأساس كلاما لا فعلا ، فالجنة ليست سوى كلام بعيد عن العمل .
    والرسالة مليئة نفاقا وادعاء وتخابثا . من هنا يصبح كل ما قيل عن نورها ظلاما وما اعتبر سطورا تنجي من اللهب إنما هو جحيم في جحيم.
    وكل ما وصف بالشجر الطيب ما هو إلا الخبث والفساد .
    إنه القياس الخاطئ السفسطائي. وهي الجنة بالمقلوب، أرضية من أوهام رجل يتصنع الفضيلة ويختلق العفة والشرف ويدعي التوبة ومعاداة الزنادقة .
    فنحن لم نصعد إلى الجنة لأنها أصلا لا يمكن أن توجد، بل نحن باقون نطوف بين الحروف والسطور والكلمات "القارحية".
    إنه الذمّ في قالب مدح .فالظاهر تمجيد وإعجاب والباطن تشنيع واستهجان .
    والجليّ جمال وطهر ، والخفيّ قبح وقذارة.
    وليس أدل على هذه الثنائية الصارخة من النظر إلى أول صفة نسبها أبو العلاء إلى رسالة ابن القارح :"بحرها بالحِكم مسجور".
    فاسم المفعول مشتق من فعل (سجر) بمعنى (ملأ ـ أو: أفرغ) فهو من الكلمات الأضداد.
    فالمعري وهو العقل الرهيب والقدرة الفائقة على حفظ غريب اللغة وتأليف أشعار على لسان الجن في "الغفران" وهو الذي يحفظ للكلب وحده أكثر من سبعين اسما ، هل عجز عن أن يجد كلمة ذات مدلول واضح يفيد المدح ، إذا كان فعلا يريد أن يمدح ابن القارح؟
    إلا أن المعاملة بالمثل يتعاطاه المعري بكثير من الذكاء والدهاء مع هذا الرجل الذي أظهر خلاف ما فعل و"كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون".فليحاربه بنفس سلاحه وليتصنع أنه لم يفهم حتى يستأنس به ابن القارح ليصل باللعبة الهازئة إلى أقصى أبعادها مسخا وتجريحا.
    فكل ما ادعاه ابن القارح كذب ولا واسطة في الإسلام، فلتكن الجنة في الغفران هي الأخرى بالقول البعيد عن الفعل.
    أفلا يكون ابن القارح قد اخترق حدود ذاته وشخصه ليصبح نموذجا لعصر ورمزا لمرحلة تاريخية تأذى منها المعري إلى حد أنه اختار الرحيل إلى عالم الاغتراب والعزلة .
    إلا أن سؤالا رهيبا يفرض نفسه: إذا كان أبو العلاء قد اختار العزلة والانفراد فهل هو فعلا قد انعزل؟ أليست هموم العالم البشري سياسة واقتصادا وأخلاقا ودينا هي التي آلمته وشغلته فما استطاع أن ينعزل وإن توهم العكس؟
    فهل هو منعزل عن الناس رغما عنه أم بإرادته، أم هو منشغل بالناس رغما عنه أم بإرادته؟
    وإذا كان المعري قد تحرر من العبودية للآخر، ألم تظل حريته مقيدة بالحلم للآخر والألم بسبب الآخر ومن أجله؟ فهل هي الحرية أم القيود في الفكر العلائي؟
    شبكة من التداخل الغريب في الشخصية العلائية : أبو العلاء هارب من أبي العلاء إلى أبي العلاء . فأين المفر؟ وأين اللقاء؟.
    ولكن.. مرة أخرى يزعجنا أمر لا يمكن التغاضي عـنه: لقد أراد المعري أن يخوض حربا شعواء. ضد النفاق والألاعيب عشقا للفضيلة وغيرة على الدين وإيمانا بفكر الإصلاح والإلتزام، لكنه لم يثِرْ سخطا ولا أثار حفيظة إلا من أهل الدين ومنظري الأخلاق . أليس هذا عجيبا؟
    ألم تكن نوايا المعري الفاضلة وولعُه الرهيب بالقيم السامية هي التي ألبت الرأي العام والخاص عليه وخلقت منه رجلا مزعجا بل زنديقا؟
    أفلم يكن أبو العلاء واعيا بذلك؟
    لعلنا لا نتردد في أن نزعم بصوت صارخ بأن المعري لا يزعجه على الإطلاق أن يكون زنديقا إذا كان مفهوم الزندقة هو الحب والخير والسخط الصريح على القهر والفساد.بل الإزعاج كل الإزعاج أن يلبس لبوسَ التقوى جسمٌ مخادع:
    " فانفرد ما استطعت فالقائل الصا ** دق يضحي ثقْلا على الجلساء"
    أو:
    "كذبٌ يقال على المنابر دائما ** أفلا يميد لما يقال المنبر؟ " (اللزوميات)
    إن رسالة الأديب جسيمة وسكوته ما هو إلا خيانة للواجب المقدس.ألم يقتل من قبله ابن المقفع ؟ بل ألم يقطّع إربا إربا وتلقى قطعه في التنور ، لينعم الخليفة المنصور برائحة الشواء ..وما كان ابن المقفع إلا متلذذا مع شاوي لحمه فداء للحقيقة وللأدب الكبير والصغير معا؟
    فليس الأدب مطية للمدح والتكسب الدنيوي ..ولعل خير من جارى المعري في موقفه المناهض للكذب هو إبليس نفسه في رسالة الغفران إذ يقول لابن القارح :" من الرجل ؟ فيقول :أنا فلان بن فلان من أهل حلب ، كانت صناعتي الأدب أتقرب به إلى الملوك .فيقول : بئس الصناعة ، إنها تهَب غفة من العيش ..فهنيئا لك إذ نجوت." [يعني من النار]( رسالة الغفران : تحقيق بنت الشاطئ ط6.دار المعارف ص 309)
    فالكلمة الحرة عبر التاريخ ظلت غيرَ مرحّب بها من الناس خاصة وعامة.ألم يُتهم بالكفر من قال إن الأرض تدور؟ فهل كان هو المخطئ ، وهو وحيد ، أم الذين قتلوه ، وهم الأغلبية؟
    إنه مفترق الطرق يوقفنا فيه أبو العلاء في رسالة الغفران فيصبح قدرنا أن نفكر بمعزل عن التفكير في إرضاء الآخر ، مع التخلص من الرقابة بجميع أنواعها واختراق المحرمات الثلاثة: الدين والسياسة والجنس.وهي جميعها في الرسالة قد خلخل مفاهيمها أبو العلاء بجرأة فريدة قاسية، وفضْح بشع عنيف، فعرّى بذلك كل مستور من خبيث السرائر وشنيع السلوك ورديء التفكير، وتلك رسالة الأديب الذي آمن أن الأدب لا يكون إلا بالمغامرة والحرية والمسؤولية، بحثا عن التفرد والإضافة والتجاوز حتى لا يفسد الذوق أو تتبلد الإرادة ويُشلَّ العقل وينهار الوجود.، ولو كانت الضرية أن " يُـزنْـدقُـوه".

    يا ليت يا عَاري تُصيب مرامي=وتقول للأعمـام والأخْـوال:
    إن الذي للعُرْب قطَّع مجدهـم=والله لم يَقْطع ..سوى أوصالي

  2. #2
    عـضــو الصورة الرمزية د.صلاح رزق
    تاريخ التسجيل
    06/11/2009
    المشاركات
    12
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي رد: من ألف رسالة الغفران.. لأبي العلاء المعري؟؟

    شكرا لك على كل ما فجرت من مثيرات التفكير والمراجعة، فالسؤال هو الباب الأرحب للمعرفة وإعمال العقل شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


  3. #3
    شاعر وناقد / أستاذ بارز الصورة الرمزية صلاح داود
    تاريخ التسجيل
    17/02/2009
    المشاركات
    409
    معدل تقييم المستوى
    16

    افتراضي رد: من ألف رسالة الغفران.. لأبي العلاء المعري؟؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د.صلاح رزق مشاهدة المشاركة
    شكرا لك على كل ما فجرت من مثيرات التفكير والمراجعة، فالسؤال هو الباب الأرحب للمعرفة وإعمال العقل شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    شرفتني د صلاح رزق بهذا التدخل..
    نعم أخي ليس النقد إلا حافزا نحو التقابس والتثاقف
    بحثا عما به يكون الأدب أكثر اتصالا بالنزعات الفكرية المختلفة..
    بمتقارباتها أو متباعداتها ..فالاختلاف ثراء وكسب..
    دمت بكل ألق المبدع
    صلاح داود

    يا ليت يا عَاري تُصيب مرامي=وتقول للأعمـام والأخْـوال:
    إن الذي للعُرْب قطَّع مجدهـم=والله لم يَقْطع ..سوى أوصالي

  4. #4
    أستاذ بارز الصورة الرمزية د. محمد بشير علية
    تاريخ التسجيل
    20/12/2007
    المشاركات
    11
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي رد: من ألف رسالة الغفران.. لأبي العلاء المعري؟؟

    الأخ صلاح داود
    شكرا لك على هذا العرض المفيد والشيق والواضح لكتاب عده البعض معقدا ومليئا بالرموز غير المفهومة. ها وقد أجليتها بشجاعة وحنكة ولغة أدبية سلسة أصبغ عليها تمكنك من القواعد العربية حلة جميلة لا نكاد نعثر عليها الا فيما ندر . فلله درك.
    أود في هذه العجالة أن الفت انتباهك الى ان أبا العلاء أنشأ ،ب" برسالته"، ومن غير أن يقصد مدرسة خارج محيطها العربي والإسلامي أي في اوربا وبالتحديد في مدينة" فلورنس" (Firenze ) التي شهدت ولادة المعري الأوروبي ومدينة رافينا ( Ravenna ) التي توفي فيها . ولعلك أدركت ان المقصود هو "دانتي"
    ( Dante Alighieri) و " الكوميديا الألهية" (La Divina Commedia). و لا يخامرني أي شك في أن الشاعر والفيلسوف الإيطالي قد اطلع على هذا الصرح الذي خلده أبو العلاء قبله بأكثر من قرنين ونصف القرن وأعاد صياغة وإخراج "رسالة الغفران" في شكل أوروبي وألبسها ثوبا جديدا منسجما مع روح عصره التراجيدي الساخر.
    مع كل الود والتقدير
    د. محمد بشير علية


  5. #5
    مدير عـام الصورة الرمزية مصطفى الزايد
    تاريخ التسجيل
    21/08/2008
    المشاركات
    1,382
    معدل تقييم المستوى
    10

    افتراضي رد: من ألف رسالة الغفران.. لأبي العلاء المعري؟؟

    الأستاذ صلاح داود
    العنوان استثارنا ، لكنني بعد قراءة المقال اطمأننت على ثقة المصادر التي نهلت منها معلوماتي. هي إذا للمعري ، لكنها للمعري صاحب الوجه الآخر. وعلى كل حال فنحن نعلم أننا حين نتعامل مع نص لأديب متمكن فإن علينا أن نقرأ السطور ، ونقرا الكلام الذي بين السطور. فكيف بالمعري وهو من هو في الأدب والشعر وفنون القول؟!
    وأنا أقف معك تجاه استخدامه كلمة (مسجور) فما قالها المعري عبثا.

    ولكن استوقفني في نهاية المقال قولك:
    ألم يقتل من قبله ابن المقفع ؟ بل ألم يقطّع إربا إربا وتلقى قطعه في التنور ، لينعم الخليفة المنصور برائحة الشواء ..
    وهنا استغربت ان يقال مثل هذا التعليق تجاه شخصية تاريخية لها ما لها وعليها ما عليها !
    أحقا ألقي ابن المقفع في التنور ليتنعم الخليفة المنصور برائحة الشواء؟
    وحتى لو كانت هذه اللام (لـ يستمتع) هي لام الصيرورة ، فإن الواقع غير ذلك.


    فابن المقفع قتل في البصرة بأمر من المنصور ، وكان المنصور في بغداد. وقد أمر عامله على البصرة سفيان بن معاوية بن يزيد بن المهلب بن أبي صفرة بقتله.

    وأما قتله فكان بتهمة الزندقة ، ومن مؤشرات زندقته قوله: وجدت الأديان والملل كثيرة من اقوام ورثوها عن آبائهم وآخرين مكرهين عليها وآخرون يبتغون بها الدنيا و منزلتها ، فرأيت ان اواظب علماء كل ملة لعلي اعرف بذلك الحق من الباطل ففعلت ذلك وسالت ونظرت فلم اجد من أولئك احدا إلا يزيد في مدح دينه وذم دين من خالفه ولم اجد عند أحد منهم عدلا وصدقا يعرفها ذو العقل ويرضى بها"

    وفي كتاب (الإسلام يتحدى لوحيد الدين خان) استشهد المؤلف بمحاولة تقليد ابن المقفع للقرآن ، وذكر أن القصة أوردها المستشرق (ولاستن) في كتابه وعلق عليها قائلا:
    (. . . إن اعتداد محمد بالإعجاز الأدبي للقرآن لم يكن علي غير أساس، بل يؤيده حادث وقع بعد قرن من قيام دعوة الإسلام .
    والحادث كما جاء عن لسان المستشرق هو أن جماعة من الملاحدة والزنادقة أزعجهم تأثير القرآن الكبير في عامة الناس فقرروا مواجهة تحدي القرآن، واتصلوا لإتمام خطتهم بعبد الله بن المقفع(727م)، وكان أديبا كبيرا وكاتبا ذكيا. يعتد بكفائته فقبل الدعوة للقيام بهذه المهمة. . وأخبرهم أن هذا العمل سوف يستغرق سنة كاملة واشترط عليهم أن يتكفلوا بكل ما يحتاج إليه خلال هذه المدة. .
    ولما مضي علي الاتفاق نصف عام عادوا إليه، وبهم تطلع إلي معرفة ما حققه أديبهم لمواجهة تحدي رسول الإسلام ؛ وحين دخلوا غرفة الأديب الفارسي الأصل، وجدوه جالسا والقلم في يده وهو مستغرق في تفكير عميق، وأوراق الكتابة متناثرة أمامه علي الأرض، بينما امتلأت غرفته بأوراق كثيرة كتبها ثم مزقها.
    لقد حاول هذا الكاتب العبقري أن يبذل كل مجهود عساه أن يبلغ هدفه، وهو الرد علي تحدي القرآن المجيد... ولكنه أصيب بإخفاق شديد في محاولته هذه، حتي اعترف أمام أصحابه، والخجل والضيق يملكان عليه نفسه أنه، علي الرغم من مضي ستة أشهر حاول خلالها أن يجيب علي التحدي، فإنه لم يفلح في أن يأتي بآية واحدة من طراز القرآن ! وعندئذ تخلي ابن المقفع عن مهمته مغلوبا مستخذيا.


    وقد ذكر ابن كثير : "أن المهدي قال : ما وجدت كتاب زندقة الا واصله من ابن المقفع ومطيع بن اياس ويحيى بن زياد.

    والمعري رغم وجود من شككوا بقضية إلحاده في فترة ما من حياته ، ومنهم الأستاذ محمود شاكر رحمه الله الذي ذهب إلى بطلان هذه التهمة في حق المعري. إلا أنني أستوقفك كناقد أمام أبياته:


    يا من يرى مد البعوض جناحها=في ظلمة الليل البهيم الأليل
    ويرى مناط عروقها في نحرها=والمخ في تلك العظام النحل
    امنن علي بتوبة تمحو بها=ما كان مني في الزمان الأول
    واختياره لأسلوب المناجاة فيها ، وألفاظه ، مما يدل على أنه مر بفترة ألحد فيها.

    أنـا الـحــرّ الــــذي أفـنـى تـلادي
    وقـوفي حـيـث يـرتـقـب الـرجـال

  6. #6
    أستاذ بارز الصورة الرمزية نصر بدوان
    تاريخ التسجيل
    26/10/2006
    المشاركات
    483
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي رد: من ألف رسالة الغفران.. لأبي العلاء المعري؟؟



    وما النار إلا من مستصغر الشرر

    هكذا كانت رسالة ابن القارح هي الشرارة التي فجرت هذا التنور, وعجلت بهذا المخاض ليلد لنا ما بشغلنا ويشغل الناس حولنا, في مشارق الأرض ومغاربها. رسالة ولدت رواية, هذه الرواية أو الرسالة الشاملة التي ولدها أبو العلاء من رحم رسالة ابن القارح. تذكرنا بمقدمة ابن خلدون التي وضعها لكتابه فضغط على الكتاب وأصبحت بحق من أسس علم الإجتماع.

    وكما قال أخي مصطفى الزايد أن العنوان ( عنوان البحث) مشكل بشكل ما, حتى ليظن المرء أن هناك شك في تأليف أبي العلاء للرسالة ,وأن هناك شك في أن أحدا كتبها غيره. وأحسب لو كان العنوان " الدوافع الحقيقية لتأليف رسالة الغفران"
    أو ما شابه ذلك لكان ذلك أجمل.

    على أي حال فالدراسة نبهت إلأى منحى جديدا للغوص فيه حول هذه الرسالة الخالدة. وأحسب أن مداخلات الأعضاء ستثري الموضوع.


    وفي الختام لا بد من توجيه الشكر للكاتب الأستاذ صلاح داود .

    تحياتي

    [poem=font="Simplified Arabic,6,deeppink,normal,normal" bkcolor="transparent" bkimage="../backgrounds/4.gif" border="groove,4,teal" type=3 line=0 align=center use=ex num="0,black"]
    وجعلت لي قلبا قد من رحمة =ومن قد من رحمة كيف يقسو؟[/poem]

  7. #7
    شاعر وناقد / أستاذ بارز الصورة الرمزية صلاح داود
    تاريخ التسجيل
    17/02/2009
    المشاركات
    409
    معدل تقييم المستوى
    16

    افتراضي رد: من ألف رسالة الغفران.. لأبي العلاء المعري؟؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مصطفى الزايد مشاهدة المشاركة
    الأستاذ صلاح داود
    العنوان استثارنا ، لكنني بعد قراءة المقال اطمأننت على ثقة المصادر التي نهلت منها معلوماتي. هي إذا للمعري ، لكنها للمعري صاحب الوجه الآخر. وعلى كل حال فنحن نعلم أننا حين نتعامل مع نص لأديب متمكن فإن علينا أن نقرأ السطور ، ونقرا الكلام الذي بين السطور. فكيف بالمعري وهو من هو في الأدب والشعر وفنون القول؟!
    وأنا أقف معك تجاه استخدامه كلمة (مسجور) فما قالها المعري عبثا.
    ولكن استوقفني في نهاية المقال قولك:
    ألم يقتل من قبله ابن المقفع ؟ بل ألم يقطّع إربا إربا وتلقى قطعه في التنور ، لينعم الخليفة المنصور برائحة الشواء ..
    وهنا استغربت ان يقال مثل هذا التعليق تجاه شخصية تاريخية لها ما لها وعليها ما عليها !
    أحقا ألقي ابن المقفع في التنور ليتنعم الخليفة المنصور برائحة الشواء؟
    وحتى لو كانت هذه اللام (لـ يستمتع) هي لام الصيرورة ، فإن الواقع غير ذلك.

    فابن المقفع قتل في البصرة بأمر من المنصور ، وكان المنصور في بغداد. وقد أمر عامله على البصرة سفيان بن معاوية بن يزيد بن المهلب بن أبي صفرة بقتله.
    وأما قتله فكان بتهمة الزندقة ، ومن مؤشرات زندقته قوله: وجدت الأديان والملل كثيرة من اقوام ورثوها عن آبائهم وآخرين مكرهين عليها وآخرون يبتغون بها الدنيا و منزلتها ، فرأيت ان اواظب علماء كل ملة لعلي اعرف بذلك الحق من الباطل ففعلت ذلك وسالت ونظرت فلم اجد من أولئك احدا إلا يزيد في مدح دينه وذم دين من خالفه ولم اجد عند أحد منهم عدلا وصدقا يعرفها ذو العقل ويرضى بها"
    وفي كتاب (الإسلام يتحدى لوحيد الدين خان) استشهد المؤلف بمحاولة تقليد ابن المقفع للقرآن ، وذكر أن القصة أوردها المستشرق (ولاستن) في كتابه وعلق عليها قائلا:
    (. . . إن اعتداد محمد بالإعجاز الأدبي للقرآن لم يكن علي غير أساس، بل يؤيده حادث وقع بعد قرن من قيام دعوة الإسلام .
    والحادث كما جاء عن لسان المستشرق هو أن جماعة من الملاحدة والزنادقة أزعجهم تأثير القرآن الكبير في عامة الناس فقرروا مواجهة تحدي القرآن، واتصلوا لإتمام خطتهم بعبد الله بن المقفع(727م)، وكان أديبا كبيرا وكاتبا ذكيا. يعتد بكفائته فقبل الدعوة للقيام بهذه المهمة. . وأخبرهم أن هذا العمل سوف يستغرق سنة كاملة واشترط عليهم أن يتكفلوا بكل ما يحتاج إليه خلال هذه المدة. .
    ولما مضي علي الاتفاق نصف عام عادوا إليه، وبهم تطلع إلي معرفة ما حققه أديبهم لمواجهة تحدي رسول الإسلام ؛ وحين دخلوا غرفة الأديب الفارسي الأصل، وجدوه جالسا والقلم في يده وهو مستغرق في تفكير عميق، وأوراق الكتابة متناثرة أمامه علي الأرض، بينما امتلأت غرفته بأوراق كثيرة كتبها ثم مزقها.
    لقد حاول هذا الكاتب العبقري أن يبذل كل مجهود عساه أن يبلغ هدفه، وهو الرد علي تحدي القرآن المجيد... ولكنه أصيب بإخفاق شديد في محاولته هذه، حتي اعترف أمام أصحابه، والخجل والضيق يملكان عليه نفسه أنه، علي الرغم من مضي ستة أشهر حاول خلالها أن يجيب علي التحدي، فإنه لم يفلح في أن يأتي بآية واحدة من طراز القرآن ! وعندئذ تخلي ابن المقفع عن مهمته مغلوبا مستخذيا.

    وقد ذكر ابن كثير : "أن المهدي قال : ما وجدت كتاب زندقة الا واصله من ابن المقفع ومطيع بن اياس ويحيى بن زياد.
    والمعري رغم وجود من شككوا بقضية إلحاده في فترة ما من حياته ، ومنهم الأستاذ محمود شاكر رحمه الله الذي ذهب إلى بطلان هذه التهمة في حق المعري. إلا أنني أستوقفك كناقد أمام أبياته:

    يا من يرى مد البعوض جناحها=في ظلمة الليل البهيم الأليل
    ويرى مناط عروقها في نحرها=والمخ في تلك العظام النحل
    امنن علي بتوبة تمحو بها=ما كان مني في الزمان الأول
    واختياره لأسلوب المناجاة فيها ، وألفاظه ، مما يدل على أنه مر بفترة ألحد فيها.
    أخي الكريم مصطفى..
    إن لما تفضلت بذكره من الإضافة ما هو المنية المنشودة..
    وفي ما يتعلق بقصة قتل ابن المقفع فقد أوردتَ من المعطيات التاريخية
    ما لا خلاف عليه إلا أنني أريد توضيح مسألة بسيطة في هذا الشأن ..
    فما عنيتُـه بتلذذ الخليفة المنصور بشم رائحة الشواء ينبغي فهمه على المجاز
    المرسل لا الحقيقة الفعلية..
    فقتل ابن المقفع هو بأمر من الخليفة لا شك في ذلك .وقد تضاربت الأقوال
    في الكيفية التي تم بها التنفيذ..
    فمنهم من قال إنه رمي في جب ودفن حيا ..ومنهم من ادعى أنه قطع إربا إربا
    ورمي بها في التنور..إلخ.
    ومهما يكن فالمفهوم أنه مات ميتة سياسية لا يعلم حقيقتها إلا الله ..
    وقتل مفكر بسبب أفكاره هو قمة الظلم والظلام ونكبة النكبات..
    وهذا مايفعله الكثير من السياسيين اليوم مع معارضيهم .
    ومن هذا المنطلق كنت أشير إلى تلذذ المنصور برائحة الشواء فهو
    الذي أراد والذين نفذوا هم أعوانه طبعا..
    كأن نقول: بنى عقبة بن نافع القيروان ونحن نعني البنائين .
    أو شرب الولد فنجان شاي وهو أمر مستحيل لأن الذي شُرِب
    هو الشاي فقط وليس مع الفنجان..
    وفي الختام عذرا عن التأخر في الرد لوفاة أحد أقاربي منذ بضعة أيام .
    ودي وتقديري
    صلاح داود

    يا ليت يا عَاري تُصيب مرامي=وتقول للأعمـام والأخْـوال:
    إن الذي للعُرْب قطَّع مجدهـم=والله لم يَقْطع ..سوى أوصالي

  8. #8
    عـضــو الصورة الرمزية د.محمد فتحي الحريري
    تاريخ التسجيل
    25/06/2009
    المشاركات
    4,840
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي رد: من ألف رسالة الغفران.. لأبي العلاء المعري؟؟

    الاستاذ الفاضل والباحث الكريم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    انا ممن قرأ رسالة الغفران والكوميديا الالهية لدانتي ولاحظ المقاربة بينهما ، وفيما ذكر الاخوة المتداخلون غـُنيَـة عن الاعادة والمكرور من الاقوال ،،،
    لكن استوقفتني قضية القتل السياسي وتصفية الخصوم ، وهو ما أحب الحديث فيه باختصار لو سمحتم :
    أر جو التفريق بين الاغتيال السياسي والتصفيات التي تحصل اليوم ، ويفعلها القادة وبين القتل تعزيـــرا ، الخليفة له سلطة تخوّلـه أن يُـعـاقب ويطبق الحدود ، بل هي من صلب واجباته ، وقليل من الخلفاء حسب علمي المتواضع من قتل أو اغتال أو صـفّـى خصومه السياسيين جسديا بتهم موهومة ، بل كان يقيم الحجة ويعرض الامر على الفقهاء ويُسـتتاب المتهم فان أُقيمَـت عليه الحجج عُـزِّر ، وكما لا يخفى على أي حقوقي او قانوني أو باحث في الشريعـة فان التعزير قد يصل الى الاعدام ،،
    ابن المقفع لم يُـصَـف سياسيا ولم يقتل الا بأوضح الحجج ، وهذا شبه اجماع عند علماء الشريعة ، الا بعض الآراء الشاذة لبعضِ مَـنْ في نفوسهم شيء ما هم ببالغيه الا بكَـيْـل التهم للاسلام دين الحنيفية السمحة !
    كما أرجو التفريق بين خلفائنا الذين كانوا على مستوى من الفقه والاجتهاد والفهم للدين وتطبيق أحكامه ، وهم الذين تولـّوا الحكم بعد المرور بحلق العلم والمساجد ولهم مجالس شورى من العلماء المجتهدين ، وبين مَنْ جاؤوا الحكم بالانقلابات العسكرية والطرق البهلوانية وأكثرهم أشباه أمييّن بالدين وأحكامه !!
    ولا نتوقف عند بعض القضايا الفردية التي لا تـُعـَمـم !!!
    على كل حال لا أحب أن أحرف دفـَّـة الموضوع عن أعمى المعـرة والذي تضاربت فيه الآراء ، ودراستكم من النوع المحتمل ، ومن المحتمل الرأي الآخــر ، وأحيي هنا مداخلة الاستاذ مصطفى الطيبة والله الموفق ،،،،،،،
    شكري وتقديري وتحيتي لشخصكم الكريم ...

    التعديل الأخير تم بواسطة د.محمد فتحي الحريري ; 02/02/2010 الساعة 11:07 PM سبب آخر: تنقيط

  9. #9
    شاعر وناقد / أستاذ بارز الصورة الرمزية صلاح داود
    تاريخ التسجيل
    17/02/2009
    المشاركات
    409
    معدل تقييم المستوى
    16

    افتراضي رد: من ألف رسالة الغفران.. لأبي العلاء المعري؟؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د.محمد فتحي الحريري مشاهدة المشاركة
    الاستاذ الفاضل والباحث الكريم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    انا ممن قرأ رسالة الغفران والكوميديا الالهية لدانتي ولاحظ المقاربة بينهما ، وفيما ذكر الاخوة المتداخلون غـُنيَـة عن الاعادة والمكرور من الاقوال ،،،
    لكن استوقفتني قضية القتل السياسي وتصفية الخصوم ، وهو ما أحب الحديث فيه باختصار لو سمحتم :
    أر جو التفريق بين الاغتيال السياسي والتصفيات التي تحصل اليوم ، ويفعلها القادة وبين القتل تعزيـــرا ، الخليفة له سلطة تخوّلـه أن يُـعـاقب ويطبق الحدود ، بل هي من صلب واجباته ، وقليل من الخلفاء حسب علمي المتواضع من قتل أو اغتال أو صـفّـى خصومه السياسيين جسديا بتهم موهومة ، بل كان يقيم الحجة ويعرض الامر على الفقهاء ويُسـتتاب المتهم فان أُقيمَـت عليه الحجج عُـزِّر ، وكما لا يخفى على أي حقوقي او قانوني أو باحث في الشريعـة فان التعزير قد يصل الى الاعدام ،،
    ابن المقفع لم يُـصَـف سياسيا ولم يقتل الا بأوضح الحجج ، وهذا شبه اجماع عند علماء الشريعة ، الا بعض الآراء الشاذة لبعضِ مَـنْ في نفوسهم شيء ما هم ببالغيه الا بكَـيْـل التهم للاسلام دين الحنيفية السمحة !
    كما أرجو التفريق بين خلفائنا الذين كانوا على مستوى من الفقه والاجتهاد والفهم للدين وتطبيق أحكامه ، وهم الذين تولـّوا الحكم بعد المرور بحلق العلم والمساجد ولهم مجالس شورى من العلماء المجتهدين ، وبين مَنْ جاؤوا الحكم بالانقلابات العسكرية والطرق البهلوانية وأكثرهم أشباه أمييّن بالدين وأحكامه !!
    ولا نتوقف عند بعض القضايا الفردية التي لا تـُعـَمـم !!!
    على كل حال لا أحب أن أحرف دفـَّـة الموضوع عن أعمى المعـرة والذي تضاربت فيه الآراء ، ودراستكم من النوع المحتمل ، ومن المحتمل الرأي الآخــر ، وأحيي هنا مداخلة الاستاذ مصطفى الطيبة والله الموفق ،،،،،،،
    شكري وتقديري وتحيتي لشخصكم الكريم ...
    أخي الكبير قدرا وإبداعا محمد فتحي الحريري..
    أنا في أتم ارتياح أن توفرت لنا مرة أخرى فرص تبادل الأفكار لمزيد الاستفادة من بعضنا بعضا..
    وليس الوقوف على مسألة قتل ابن المقفع بانزياح عن الموضوع الرئيس ما دامت القضية تتعلق باختراق المقدس أو التطاول على القضايا المحرمة ..
    فمهما يكن ذنب ابن المقفع الديني فلا شك أن الخلاف السياسي بينه وبين الخليفة المنصور قد لعب الدور الأكبر في التعجيل بقتله..
    مثل ذلك مثل الخليفة المهدي مع بشار الشاعر ..
    فقد قتل بتهمة الزندقة الشهيرة وكونه كان يؤذن سكران في غير وقت الصلاة..
    وربط المسألة بهجاء بشار ليعقوب بن داوود وزير المهدي يفسر لا شك قصة القتل ..
    فمتى أصلا لم يكن بشار سكران ؟ ومتى لم يكن مقربا من االأمويين والعباسيين على السواء؟
    ومتى كان مستقيم الديانة؟
    فهل غيرة الخليفة على الدين تسمح له بتقريب" فاسق زنديق " كبشار لولا بحث الخلفاء
    عن مدحية تروج لسياساتهم ؟
    أعرف أنني بها الكلام سأزعج الكثير من الذين لا يريدون فتح مثل هذه المواضيع
    وأن يظلوا ينظرون إلى تاريخنا نظرة تجميلية وأن يشذبوا من تاريخنا مالا يروق..
    ان العالم الحق لا يبحث عن غير الحقيقة شأنه شأن الطبيب الباحث
    عن التشخيص الحق بلا مغالطة..
    أنا ما زلت أعتقد أن قتل إنسان لكونه قال رأيا لا يوافق السياسة أو الديانة،
    أمر مرفوض .. فأين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟
    ولربما ما تركه ابن المقفع أو أبو العلاء لا يتناغم مع الدين..
    فكم من فكرة لا تعجب اليوم كثيرا من المتشددين الدينيين.. ولو أبحنا لهم
    منطق القتل لكان الكثير منا على قائمة الانتظار في مسلخ الذبائح..
    المطلوب أن نرد على الفكرة بالفكرة وأن نبكت الخصوم والأعداء بالرأي
    المضاد وليس أن نقتل ..
    ألا يقتل اليوم المتشددون الشيعة السنة لأنهم ليسوا ديانين في نظرهم والعكس صحيح؟
    ألم يكفر الأزهر نجيب محفوظ بسبب رواية أولاد حارتنا ..ومات الرجل وهو يحلم
    بأن يرى كتابه مطبوعا في مصر دون جدوى؟
    وهو نفس الأزهر الذي لم يحرك ساكنا عندما اعتدي في الدنمارك
    على حرمة الرسول الكريم؟
    لا للقتل وألف نعم لإثراء الفكر بالفكر ..
    لا لتقييد المثقف مهما كان القيد ..ونعم لتسفيه كل من يتطاول على حرمة أمة
    ولكن بالفكر المضاد وليس بالقتل..
    وقبل الختام لو عدنا إلى ديوان أبي نواس وما هو مثبت فيه من الكفر الأزرق لتساءلنا :
    لم لم يقتله الخليفة الرشيد وهو أشهر خليفة غيور عرفت البلاد العربية الإسلامية
    الازدهار والفتوحات على يديه؟؟بل لم جعله من أخص خاصته المقربين إليه؟.
    ببساطة لأن الدولة الإسلامية آنذاك كانت قوية جدا ولا تخاف من أمثال
    شاعر يهيم في كل واد..
    ختاما أرجو ألا يفسد الخلاف بيننا للود قضية..
    حبي وتقديري
    صلاح داود

    يا ليت يا عَاري تُصيب مرامي=وتقول للأعمـام والأخْـوال:
    إن الذي للعُرْب قطَّع مجدهـم=والله لم يَقْطع ..سوى أوصالي

  10. #10
    عـضــو الصورة الرمزية د.محمد فتحي الحريري
    تاريخ التسجيل
    25/06/2009
    المشاركات
    4,840
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي رد: من ألف رسالة الغفران.. لأبي العلاء المعري؟؟

    أخي الباحث الكريم الدكتور الاستاذ صلاح
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    اخي نحن متفقون على كل ما أوردته من تنظير ، لكنا مختلفون على الامثلة ، وكل منا يراها من زاوية خاصة به ، والاختلاف أراه لا يفسد ود الحوار ،
    ودليلي على الاختلاف بالرؤية انكم أوردتم طرفا من سيرة هارون الرشيد ، وهو لم يــــرَ أبا نواس اطلاقا على التحقيق ، وكل ما أورده صاحب الاغاني اختلاق وسُـمَّـاهى !!!!
    المهم انا أحترم الرأي المخالف قبل الرأي الموافق ، مع ضرورة التحرّي والتنقيب بالاسلوب الحديثي والخلدوني( منطق أهل الحديث ومنطق التأريخ ) ، فبالله عليكم هل بشار بن برد أو غيره كانوا يمثلون خطرا على خليفة؟؟؟
    أبدا هو خليع ماجن ولا يمثل أية جماعة وما له أتباع أصلا الا منْ يجالسه من السكيرين المعربدين ،أُقيمت عليه الحجة وأُعـدم بأمر الخليفة بصفته رئيس مجلس القضاء ، المهم ان الحوار هو المبدأ وهو واجب التقديم والاحترام والسيادة ، وعلينا التطبيق بدون انتقائية ، وفي كل سياسة هناك شواذ بدءا من البرامكة الى حسن البَنـَّـــا وزاهي أزرق وغيرهم ،،، كما يجب ان نفرّق بين الحوار الفكري والدعوة ومنهج الالحاد والافساد في الارض ،
    لا يجوز أن نطبّـع مع قطاع الطريق والمعتدين وناشري الفكر المنحرف ، علما ان الاسلام فتح قنوات الحوار على مصراعيها ، فهل رعاها الطرف الآخر حق رعايتها ؟؟؟؟
    أخي هناك حملا ت ممنهجة على الطرح الاسلامي ومشروع الدولة الاسلامية تحت شعارات جاء بها الاسلام نفسه وتطبق على مبدأ حصان طروادة لنسف الاسلام بالاسلام ، وبأيدي أبنائه !
    حين يحاسب نظام اسلامي فردا عابثا مفسدا تثور الدنيا والمنظمات الحقوقية ، وحين يُســاء للاسلام يقولون ديموقراطية وحرية تعبير ووو .......الخ
    وسيأتي يوم يقولون لمَ لَمْ نحاور أبا لهب وأبا جهل ووو...
    سيدي نحن مع المنطق ومع الحوار ومع الديموقراطية وكل القيم الانسانية الحقوقية والاخلاقية ، واذا ما انتُـهِـكَـت الحدود يجب اللجوء الى الاحكام وتطبيقها حتى لو كان الحكم بالاعدام .... ولسنا مع تستر الحكام الفاسدين وراء الاحكام لتبرير فسادهم وشعوذتهم وساديّـتهم ضد الشعوب المستضعفة ،،،
    أخي الفاضل أراني أطلت عليكم وأودعكم الآن شاكرا بود وتقدير ...

    التعديل الأخير تم بواسطة د.محمد فتحي الحريري ; 07/02/2010 الساعة 03:05 PM سبب آخر: حروف

  11. #11
    عـضــو الصورة الرمزية عمر أبودقة
    تاريخ التسجيل
    24/01/2009
    العمر
    66
    المشاركات
    499
    معدل تقييم المستوى
    16

    افتراضي رد: من ألف رسالة الغفران.. لأبي العلاء المعري؟؟

    تحية حارة للأساتذة جميعاً
    ولست بباحث أو ناقد أدبي , وأحبب أن أعرض رأي فيماأعرفه عن هذا الرجل
    ابو العلاء المعري
    شخصية مرضية لم تتحمل عاهة العمى , فقد حرم على نفسه اللحوم والأسماك واللبن والزواج
    فقد قال :
    غدوت مريض العقل والدين ....... فالقني لتسمع أنباء الأمور الصحائح
    فلا تأكلن مااخرج الماء ظالماً ..........ولا تبغ قوتاً من غريض الذبائح

    هنا حرم السمك واللحم .
    وأبيض أمات أرادت صريحه ........... لأطفالها دون الغواني الصرائح
    هنا حرم الحليب .
    فلا تفجعن الطير وهي غوافل ................بما وضعت فالظلم شر القبائح
    وهنا حرم البيض

    ودع ضرب النحل الذي بكرت له ...........كواسب من أزهار نبت فوائح
    هنا حرم العسل .

    هذا جناه أبي عليـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــي وما جنيت على أحد

    هنا حرم الزواج على نفسه .
    وشعره انطبق عليه الحديث الشريف القائل
    يصبح مؤمناً , ويمسي كافراً .
    وفي رسالة الغفران له يتهكم على الجنة والنار وعلى الحوريات وعلى العقيدة الإسلامية كلها .
    وفيها رد على أسئلة أحد علماء عصره ابن القارح الذي سأله في أمور تتعلق بالدين والطب والفلك والتاريخ .
    وهنا يمثل قمة الكفر .
    وكانه يصعب عليه أن يراه تلاميذه وهو يأكل , فكان يدخل في سرداب بعيد عن تلاميذه ليتناول وجبة طعامه وهو لاتتعدى العدس والتين والدبس .

    التعديل الأخير تم بواسطة عمر أبودقة ; 07/02/2010 الساعة 04:13 PM سبب آخر: تنسيق

  12. #12
    عـضــو الصورة الرمزية د.محمد فتحي الحريري
    تاريخ التسجيل
    25/06/2009
    المشاركات
    4,840
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي رد: من ألف رسالة الغفران.. لأبي العلاء المعري؟؟

    اشكر الاخ عمر على تعقيبه الكريم ، وما يستوقف هنا ان الاخ عمر هو من مواطني ابي العلاء المعري
    ابن مدينته
    والشكر موصول لصاحب الصفحة الاستا1 صلاح والله الموفق ....


  13. #13
    شاعر وناقد / أستاذ بارز الصورة الرمزية صلاح داود
    تاريخ التسجيل
    17/02/2009
    المشاركات
    409
    معدل تقييم المستوى
    16

    افتراضي رد: من ألف رسالة الغفران.. لأبي العلاء المعري؟؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمر أبودقة مشاهدة المشاركة
    تحية حارة للأساتذة جميعاً
    ولست بباحث أو ناقد أدبي , وأحبب أن أعرض رأي فيماأعرفه عن هذا الرجل
    ابو العلاء المعري
    شخصية مرضية لم تتحمل عاهة العمى , فقد حرم على نفسه اللحوم والأسماك واللبن والزواج
    فقد قال :
    غدوت مريض العقل والدين ....... فالقني لتسمع أنباء الأمور الصحائح
    فلا تأكلن مااخرج الماء ظالماً ..........ولا تبغ قوتاً من غريض الذبائح

    هنا حرم السمك واللحم .
    وأبيض أمات أرادت صريحه ........... لأطفالها دون الغواني الصرائح
    هنا حرم الحليب .
    فلا تفجعن الطير وهي غوافل ................بما وضعت فالظلم شر القبائح
    وهنا حرم البيض

    ودع ضرب النحل الذي بكرت له ...........كواسب من أزهار نبت فوائح
    هنا حرم العسل .

    هذا جناه أبي عليـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــي وما جنيت على أحد

    هنا حرم الزواج على نفسه .
    وشعره انطبق عليه الحديث الشريف القائل
    يصبح مؤمناً , ويمسي كافراً .
    وفي رسالة الغفران له يتهكم على الجنة والنار وعلى الحوريات وعلى العقيدة الإسلامية كلها .
    وفيها رد على أسئلة أحد علماء عصره ابن القارح الذي سأله في أمور تتعلق بالدين والطب والفلك والتاريخ .
    وهنا يمثل قمة الكفر .
    وكانه يصعب عليه أن يراه تلاميذه وهو يأكل , فكان يدخل في سرداب بعيد عن تلاميذه ليتناول وجبة طعامه وهو لاتتعدى العدس والتين والدبس .
    أخي الكريم عمر..
    لا خلاف على ما ذكرت ونحن حين نقرأ لأديب ما فليس يعني أننا سننقاد
    بالضرورة إلى أفكاره.
    وإن هي إلا مثاقفة تقدح نيرانا وأنوارا فتدفئ حينا وقد تحرق حينا آخر..
    وفي كل الأحوال حريق مع معرفة خير من برد مع جهل ..
    مع العلم أن أبا العلاء ليس وحده الذي شذ عن مسار الحياة العادية
    سلوكا وفكرا ولكنه ليس كله شر. فقد دافع عن الإسلام في رسالة
    الغفران وهذا الرأي قد لا يوافقني عليه بعض القراء أو أغلبهم وقد يضحكهم.
    ولكن المؤكد أن طريقتة الساخرة بابن القارح ورموزه هي المشكل الذي
    شوش على مقاصده الإصلاحية .فأن نقرأ الرسالة على ظاهرها
    فهذا ما يجعلنا نضل السبيل.. أما الغوص إلى النص المسكوت عنه
    فذاك ما يقودنا إلى أبعاد عقل أبي العلاء..
    ودي وتقديري لك ولأستاذنا
    الجليل محمد فتحي الحريري
    صلاح داود

    يا ليت يا عَاري تُصيب مرامي=وتقول للأعمـام والأخْـوال:
    إن الذي للعُرْب قطَّع مجدهـم=والله لم يَقْطع ..سوى أوصالي

  14. #14
    شاعر وناقد / أستاذ بارز الصورة الرمزية صلاح داود
    تاريخ التسجيل
    17/02/2009
    المشاركات
    409
    معدل تقييم المستوى
    16

    افتراضي رد: من ألف رسالة الغفران.. لأبي العلاء المعري؟؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د.محمد فتحي الحريري مشاهدة المشاركة
    أخي الباحث الكريم الدكتور الاستاذ صلاح
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    اخي نحن متفقون على كل ما أوردته من تنظير ، لكنا مختلفون على الامثلة ، وكل منا يراها من زاوية خاصة به ، والاختلاف أراه لا يفسد ود الحوار ،
    ودليلي على الاختلاف بالرؤية انكم أوردتم طرفا من سيرة هارون الرشيد ، وهو لم يــــرَ أبا نواس اطلاقا على التحقيق ، وكل ما أورده صاحب الاغاني اختلاق وسُـمَّـاهى !!!!
    المهم انا أحترم الرأي المخالف قبل الرأي الموافق ، مع ضرورة التحرّي والتنقيب بالاسلوب الحديثي والخلدوني( منطق أهل الحديث ومنطق التأريخ ) ، فبالله عليكم هل بشار بن برد أو غيره كانوا يمثلون خطرا على خليفة؟؟؟
    أبدا هو خليع ماجن ولا يمثل أية جماعة وما له أتباع أصلا الا منْ يجالسه من السكيرين المعربدين ،أُقيمت عليه الحجة وأُعـدم بأمر الخليفة بصفته رئيس مجلس القضاء ، المهم ان الحوار هو المبدأ وهو واجب التقديم والاحترام والسيادة ، وعلينا التطبيق بدون انتقائية ، وفي كل سياسة هناك شواذ بدءا من البرامكة الى حسن البَنـَّـــا وزاهي أزرق وغيرهم ،،، كما يجب ان نفرّق بين الحوار الفكري والدعوة ومنهج الالحاد والافساد في الارض ،
    لا يجوز أن نطبّـع مع قطاع الطريق والمعتدين وناشري الفكر المنحرف ، علما ان الاسلام فتح قنوات الحوار على مصراعيها ، فهل رعاها الطرف الآخر حق رعايتها ؟؟؟؟
    أخي هناك حملا ت ممنهجة على الطرح الاسلامي ومشروع الدولة الاسلامية تحت شعارات جاء بها الاسلام نفسه وتطبق على مبدأ حصان طروادة لنسف الاسلام بالاسلام ، وبأيدي أبنائه !
    حين يحاسب نظام اسلامي فردا عابثا مفسدا تثور الدنيا والمنظمات الحقوقية ، وحين يُســاء للاسلام يقولون ديموقراطية وحرية تعبير ووو .......الخ
    وسيأتي يوم يقولون لمَ لَمْ نحاور أبا لهب وأبا جهل ووو...
    سيدي نحن مع المنطق ومع الحوار ومع الديموقراطية وكل القيم الانسانية الحقوقية والاخلاقية ، واذا ما انتُـهِـكَـت الحدود يجب اللجوء الى الاحكام وتطبيقها حتى لو كان الحكم بالاعدام .... ولسنا مع تستر الحكام الفاسدين وراء الاحكام لتبرير فسادهم وشعوذتهم وساديّـتهم ضد الشعوب المستضعفة ،،،
    أخي الفاضل أراني أطلت عليكم وأودعكم الآن شاكرا بود وتقدير ...
    أستاذنا الجليل محمد فتحي
    رأيك لا يمل من سماعه على الإطلاق ..
    ويسعدني حقا أن أعرف مواقفك ومواقف كل الإخوة النقاد ..
    والخلاف هو إضافة وتقاطع وإلا فلا فائدة من المساجلات
    والمناقشات ..
    دمت صديقا أجله وأكبر فيه سعة علمه
    صلاح داود

    يا ليت يا عَاري تُصيب مرامي=وتقول للأعمـام والأخْـوال:
    إن الذي للعُرْب قطَّع مجدهـم=والله لم يَقْطع ..سوى أوصالي

  15. #15
    شاعر وناقد / أستاذ بارز الصورة الرمزية صلاح داود
    تاريخ التسجيل
    17/02/2009
    المشاركات
    409
    معدل تقييم المستوى
    16

    افتراضي رد: من ألف رسالة الغفران.. لأبي العلاء المعري؟؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نصر بدوان مشاهدة المشاركة

    وما النار إلا من مستصغر الشرر
    هكذا كانت رسالة ابن القارح هي الشرارة التي فجرت هذا التنور, وعجلت بهذا المخاض ليلد لنا ما بشغلنا ويشغل الناس حولنا, في مشارق الأرض ومغاربها. رسالة ولدت رواية, هذه الرواية أو الرسالة الشاملة التي ولدها أبو العلاء من رحم رسالة ابن القارح. تذكرنا بمقدمة ابن خلدون التي وضعها لكتابه فضغط على الكتاب وأصبحت بحق من أسس علم الإجتماع.
    وكما قال أخي مصطفى الزايد أن العنوان ( عنوان البحث) مشكل بشكل ما, حتى ليظن المرء أن هناك شك في تأليف أبي العلاء للرسالة ,وأن هناك شك في أن أحدا كتبها غيره. وأحسب لو كان العنوان " الدوافع الحقيقية لتأليف رسالة الغفران"
    أو ما شابه ذلك لكان ذلك أجمل.
    على أي حال فالدراسة نبهت إلأى منحى جديدا للغوص فيه حول هذه الرسالة الخالدة. وأحسب أن مداخلات الأعضاء ستثري الموضوع.
    وفي الختام لا بد من توجيه الشكر للكاتب الأستاذ صلاح داود .
    تحياتي
    أخي الغالي نصر ..
    أرحب بك صديقا حبيبا ..
    وأود توضيح مسألة بسيطة حول العنوان .
    فما أردت قصده ليس المؤثرات التي دعت إلى تأليف الغفران ولكن
    المقصود هو البحث عن أكثر من ابي علاء واحد ..فليس
    بمعقول أن تكون رسالة ابن القارح هي التي أوقدت كل ذلك
    اللهب ضد كل شيء :الدين والسياسة والجنس ..وواحد فقط
    من تلك القضايا كفيل بجلب سخط الساخطين على المعري..
    فمؤلف الرسالة لا خلاف على كونه شخصا اسمه أبو العلاء
    ولكني أبحث عن كل أبي علاء فينا انطلاقا من بحثنا عن ابن قارح
    قد يكون مختبئا عالقا في أفكارنا ..معششا في غرائزنا.. وربما هو
    نفاقنا الحاضر وبيعنا الراهن لديننا وعرضنا وكرامتنا وبلادنا ..
    وانصرافنا إلى ما لذ وطاب من كوكا وفنتا وبريك وحلويات ..
    ألسنا نحن من ألفنا رسالة الغفران ولا ندري ؟
    الرسالة رمزية وعنواني أجريته على المجاز لا الحقيقة ..
    شكري الخالص على سعة البال
    صلاح داود

    يا ليت يا عَاري تُصيب مرامي=وتقول للأعمـام والأخْـوال:
    إن الذي للعُرْب قطَّع مجدهـم=والله لم يَقْطع ..سوى أوصالي

  16. #16
    أستاذ بارز الصورة الرمزية مالكة عسال
    تاريخ التسجيل
    06/02/2007
    العمر
    69
    المشاركات
    1,296
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي رد: من ألف رسالة الغفران.. لأبي العلاء المعري؟؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صلاح داود مشاهدة المشاركة
    أقدم هذه الدراسة الصادرة منذ أشهر ضمن كتاب :
    في جدلية الفكر والأدب.
    للأستاذ صلاح داود .. تعميما للفائدة ..


    من ألف رسالة الغفران..
    لأبي العلاء المعري؟

    **
    سؤال قد يبدو من النوع السريالي.ولكننا نطمح هذا البحث إلى إثبات بعض الحقائق التي تظل مغلقة أمام قارئ رسالة الغفران خاصة أنها ما تزال تعتبر فريدة نوعها في ما تطرقت إليه من قضايا بأسلوب غير مسبوق ولا تابع له في التعامل الساخر مع محتوى هو غاية في الجدية بل في القداسة: المغفرة الإلهية.
    فكيف تجرأ أبو العلاء على المجازفة بنفسه ليزج بها في غمار محرم من المحرمات الكبرى وهو الدين ؟ بل إنه جمع إليه بقية المحرمات المعروفة : السياسة والجنس؟ وهل اختار فعلا أن يفتح هذا الباب تلقائيا؟ فقد يكون من السهل فتحه ولكن الخطر كل الخطر في انه إذا فتح يصعب غلقه. فنحن ملزمون تبعا لذلك بالبحث الصارم عن الدواعي الحقيقية لتأليف هذه الرسالة.
    فما هي أسباب تأليف رسالة الغفران؟
    قد يكون الجواب السهل الواضح السريع هو أنها رد على رسالة (علي بن منصور) المعرف بابن القارح .إلا أن هذا الرأي قد يواجهه {أي مضاد يصعب عليه الاقتناع بهذا الجواب.فما من كتاب بحجم رسالة الغفران وقيمتها يمكن تأليفها لمجرد رد على رسالة. فلا شك أن هناك أسبابا بعيدة في الواقع الاجتماعي العام قد دفعت المعري إلى اقتحام مغامرة صاخبة في ضجة القضايا المضمنة في الرسالة.
    ولكن رأبا مضادا قد يصرخ بدوره رافضا الاقتناع بهذا الجواب. فإذا كان للواقع أثر في تأليف الرسالة، فهل كان المعري وحده هو الذي يعيش ذلك الواقع؟
    فلماذا لم يهتم غير أبي العلاء بهذه القضايا؟
    ألم يقضِّ الأصفهاني مثلا أكثر من خمسين عاما في تأليف "الأغاني" غير عابئ بهموم الواقع وسلبياته؟
    إذن؟
    إن واجبنا العلمي يقتضي منا التأني والتباطؤ في استتباع جملة من العوامل من هنا وهناك عسى أن نجد في الرسالة وخارجها مما هو متعلق بها، ما قد يميط اللثام عن بعض هذه الحيرة المضنية.
    ولننظر أولا إلى رسالة ابن القارح لنرى هل هي حقا دافع قوي ليرد عليها أبو العلاء.
    لكن أي ابن قارح يعنينا؟ فهناك ابن القارح كما هو في التاريخ موضوعيا وهناك ابن القارح كما أراد يظهر ذاتيا في صورة باهرة تلونها الأصباغ الناصعة البهاء.
    وإن الفصل بين الوجهين غلط علمي لا شك فيه فلا بد من تفحصهما معا في آن واحد.
    ابن القارح الوجه الأول:
    يمكن التوقف عند نواح أساسية ثلاث كفيلة بفهم شخصية الرجل.
    ـ من الناحية الأدبية: هو علي بن منصور، شاعر مداح متكسب ظل مدة طويلة محسوبا على آل المغربي من الشيعة يمدحهم وينعم في وافر نعيمهم.
    ـ من الناحية الأخلاقية: كان رجلا مقبلا على الخمرة ومجالس القصف واللهو والمجون والخلاعة وهو من أكبر عشاق الجنس الآخر.
    وهو إلى ذلك ناكر للجميل مع أقرب الناس إليه وأكثرهم فضلا عليه حين نكبهم الدهر ودارت عليهم عجلته فهجاهم هجاء مكشوفا فعرف عنه بأنه من ذوي اللسانين لا ذمة له ولا عهد.
    ـ ومن الناحية الدينية: هو متلهٍّ عن الآخرة بمتع الدنيا ينهل من لذائذها وآخر اهتماماته الفضيلة.
    كل هذه الصفات تقوم شاهدا جليا على أ،ها نقيض صفات المعري الذي طلق الدنيا وانعزل عن الناس وزهد في الملذات وحرّم على نفسه الشهوات وصام الدهر ولم يفطر إلا في العيدين ورفض جراية قدمها له صديقه داعي الدعاة الفاطمي،وأبو العلاء هو الذي وقف موقفا صارما ضد الخمرة لكونها العدو اللدود لعقل الذي طالما مجده المعري إلى حد النبوة:
    " أيها الغر إذا خصصت بعقل فاتبعنْه فكل عقل نبي"
    كما أن مفهوم المعري للأدب والشعر بالذات، قائم على أنه معنى من معاني الالتزام
    والمسؤولية والدفاع عن قضايا الإنسان (الحرية والحق والصدق والعدل..) واللزوميات على سبيل المثال شاهد صارخ على ذلك.
    والمعري من أعداء المرأة والجنس ومواقفه مبثوثة هنا وهناك في قصائده.
    باختصار فإن "عصارة" ابن القارح لا تتمازج ومزاج المعري كيفما قلّبناها وقلّبناه. والصلة بينهما صلة خطين متوازيين يستحيل تقاطعهما.
    إن ابن القارح في الواقع لم يكن ليثير قضية خاصة لدى أبي العلاء فهو واحد من عديد الذين اعتزلهم وليس هو في حد ذاته بدعة.
    لكن القضية نشأت حين خلق علي بن منصور نفسُه مصادمة مع الوجه الثاني فيه.
    ابن القارح الوجه الثاني:
    فقد نصّب نفسه في رسالته إلى المعري
    ـ أدبيا: مدافعا عن الشعر غيورا على النحو واللغة يصحح الأخطاء ولا يعبأ بمعاداة أدعياء العلم والأدب له ( رسالة الغفران تحقيق بنت الشاطئ ص27)
    ـ أخلاقيا صاحب أمانة متحرقا على ضياع رسالة أبي الفرج الزهرجي التي حمّله إياها ليوصلها إلى المعري فسرقت منه في الطريق.
    وهو ممن يكره ذا اللسانين ويلعنه ويلعن معه "كل شقّار (أي كذاب) وكل قتّات (أي نمام).
    ـ دينيا: غيورا على الدين وعدوا لدودا للملاحدة والزنادقة زمنهم ابن الراوندي والمتنبي، معلنا في الآن نفسه توبته ومعرضا عن الدنيا ( نفس المصدر ص51)
    بل بدا قمة في النبل إذ أنه فسر تنكره لأصدقائه ذوي الفضل عيه من آل المغربي ،لا لدناءة في طبعه بل لغيرته على الكعبة الشريفة .فقد أخذ أبو القاسم المغربي "محاريب الكعبة ـ الذهب والفضة ـ وضربها دنانير ودراهم وسماها الكعبية ...وكم دم سفك وحريم انتهك وحرة أرمل وصبيّ أيتم؟"..(رسالة الغفران تحقيق بنت الشاطئ ص62) وهذا كله تاريخيا خطأ ومحض افتراء.
    فابن القارح بدا هنا وجها جميلا تعلوه كثير من الأصباغ الناصعة وتلوح منه كثير من العطور الشذية:متأدب ديان شديد التخلق.وإذا تذكرنا معا أن المعري قد اعتُبِر أحد أهم زنادقة الإسلام الثلاثة( ابن الراوندي وأبي حيان التوحيدي وأبي العلاء) فإننا نرى مقاربة ضمنية ولكنها مكشوفة قصدها ابن القارح بين المعري وابن الراوندي الذي عدّه في رسالته إلى أبي العلاء ضمن الزنادقة الذين تهجم عليهم علنا.إنه يسبه في الخفاء بل في العلن.وإذا اعتبرنا كذلك أن المعري عاشق حتى النخاع للمتنبي أستاذه الروحي وبسبب حبه المفرط له جرّ من رجله في مجلس الشريف المرتضى، ندرك بوضوح أن تهجم ابن القارح على أبي الطيب الأستاذ يشمل آليا تلميذه أبا العلاء. فإذا كان المتنبي ملحدا زنديقا فكيف بختلف عنه تلميذه الذي يتعشّق أفكاره؟
    فهل فهم المعري الهمز؟
    ليس في الأمر ذكاء كبير، فابن القارح قد عمل على كشف أوراقه فصرح بأنه أعلن توبته، وأنه في انتظار أن يشرفه المعري بالرد على رسالته حتى يسيّرها بحلب مسقط رأسه وغيرها(نفس المصدر ص68) وحتى يجد من الناس معاملة حسنة ما دام شيخ المعرة ذاته قد صار من أصدقائه.
    في هذا السياق تفوح رائحة النفاق ساطعة في الأفق فهل من وسيط في الإسلام بين العبد وخالقه؟ فماذا يريد الرجل من المعري إذا كان فعلا قد أخلص النية لله تعالى وتاب توبته النصوح؟ولماذا الوساطة؟
    وإذا كان يريد العودة إلى مسقط رأسه حلب فها سيحسن صورته ما سيكتبه عنه المعري عنه إليه؟
    وكيف يستطيع أبو العلاء أن يُجَمّله وهو في ذهنه أصلا مشوه الملامح؟ ألم يقل عنه شيخ المعرة حين ذُكر ابن القارح في حضرته:"أعرفه خبرا هو الذي هجا أبا القاسم بن علي بن الحسين المغربي." (رسالة الغفران (رسالة ابن القارح) ص55)
    فهل تستطيع أصباغ التجميل التي دهن بها ابن القارح سلوكه السابق أن تغير من تشوهاته في ذهن المعري؟
    لحظة المخاض العسيرة:
    إذن.".يتم اللقاح" في ذهن أبي العلاء بين:
    صورة علي بن منصور كما هو
    + وصورته كما أرادها أنتكون على أحسن وجه وأبهاه
    = فـيتم "الحمْل" ويشتد " المخاض" في " رحم" عقلٍ متأزم، فكان لا بد من انتظار لحظة "الولادة" التي هي آتية لا محالة.
    وها نحن فنستعد لتسميتها: إنها "رسالة الغفران".
    أن ابن القارح يريد أن يضمن لنفسه حسن القبول وتلميع الصورة. فليكن له الجواز الذي به يعبر من الجِلْدة القبيحة على البشرة البهية النقية ، ولتكن ساعة "إنجاب" رسالة الغفران الساعة الحاسمة للحساب .
    ابن القارح الوجه الثالث:
    وفي رسالة الغفران سنجد علي بن منصور رقم 3 وهو المزيج من الوجه الأول الموضوعي والوجه الثاني الذاتي بواسطة "كيمياء" علائية ستتجلى أسلوبا ومحتوى وأبعادا.
    وفي هذا ما يفسر أن لرسالة الغفران وجها وقفًـا، أو ظاهرا وباطنا، أو نصا منطوقا ونصا مسكوتا عنه..ولا مجال لفهم الأبعاد إلا بالمزاوجة بين الطرفين وإلا ظلت القراءة النقدية مغرقة في السطحية تلامس النص ولا تغوص أو قد تخطئ المرام تماما وفي ذلك خيانة كبيرة لفكر أبي العلاء ومواقفه من عصره ومراميه من تأليف الكتاب ، ولربما يضاعف هذا الأمر من اتهام المعري بأبشع تهم الكفر والزندقة .
    فظاهر الكلام لا يزيد أحيانا على الطابع الخرافي السردي الساذج ولكن استبطان المرامي هو الذي يعطي الرسالة وزنها الفكري الفلسفي الأدبي بسخريتها التي هي فن وفلسفة وخيالها الذي هو وهم وحقيقة ولغتها التي هي ترسّل وتصنّع، وأماكنها التي هي جنة وجهنم، وأشخاصها الذين هم من كل زمان ومكان ومن كل الأجناس والأديان، إنسا وجانا وحيوانا وحتى جمادا ونباتا (كالسفرجل المتضمن جواري حسانا)، جاهليين وإسلاميين...
    فما دخْل كل هذا في الموضوع؟ وكيف "حمَل"المعري بهذا"الجنين" الغريب؟
    وما صلته رسالة ابن القارح؟ وهل هذه وحدها قادرة على أن تفعل كل هذا الفعل؟
    أليس في طبع المعري الذي هو خليط من الثورة والألم بما هما قوة وضعف معا، ما ساهم في"العبث" بحرمة كثير من المقدسات التي اهتزت في عصر المؤلف؟
    وهذا سر العنوان (رسالة الغفران). فهل هي صك جزاء يقدمه أبو العلاء لابن القارح لينال المغفرة مثلما اشتهى بعد أن تظاهر بالتوبة؟ أم هي "كِذبة" يتلاعب بموجبها المعري بصاحبة تلاعب الأسد بفريسته؟
    قد يكون هذا كله أول مدخل ندعو القارئ إلى التفكير فيه منذ بداية اطلاعه على أول سطر من سطورها.
    فهل الجنة العلائية هي فعلا الجنة السماوية؟
    فالرسالة جواز يعبر به ابن القارح من عالم الأرض إلى عالم السماء. ولكن كيف تم العبور وهل صعّد الكاتب صاحبه فعلا إلى العالم العلوي حيث الجنة فعَلاَ به علوّا أم إنه بالعكس أنزل الجنة إليه على الأرض فحط من قدره بطريقة أو بأخرى؟
    إن استنطاق منطق الرسالة الذي يسبق الحديث عن الجنة مباشرة قد يكون كفيلا بتوضيح الكثير مما قد يبدو ضريا من الألغاز.فحديث المعري عن الرسالة كان مفصلا ومبوبا .والرسالة التي بعث بها ابن القارح في نظر المعري سطور منجية من اللهب وكل سطر مجموعة كلمات طيبة كالشجر الطيب الثابت الأصل والفارع إلى السماء وكل كلمة مجموعة حروف أشباح نور : إنه القاموس القدسي يسيطر على صفات هذه الرسالة حتى تخالها كتابا مقدسا في منزلة القرآن الكريم .
    ـ فالرسالة تنجي من اللهب، ولا لهب فيها
    ـ وفيها أشباح نور نورانية وهي صفات ملائكية
    ـ وتحتوي شجرا طيبا متصاعدا إلى السماء، وتلك هي الجنة.
    فالرسالة والجنة شيء واحد. وابن القارح هو المؤلف الأصلي وما المعري إلا القارئ لها بعين الناقد بإسقاطاته الذاتية.
    وإذا كانت رسالة ابن القارح بالأساس كلاما لا فعلا ، فالجنة ليست سوى كلام بعيد عن العمل .
    والرسالة مليئة نفاقا وادعاء وتخابثا . من هنا يصبح كل ما قيل عن نورها ظلاما وما اعتبر سطورا تنجي من اللهب إنما هو جحيم في جحيم.
    وكل ما وصف بالشجر الطيب ما هو إلا الخبث والفساد .
    إنه القياس الخاطئ السفسطائي. وهي الجنة بالمقلوب، أرضية من أوهام رجل يتصنع الفضيلة ويختلق العفة والشرف ويدعي التوبة ومعاداة الزنادقة .
    فنحن لم نصعد إلى الجنة لأنها أصلا لا يمكن أن توجد، بل نحن باقون نطوف بين الحروف والسطور والكلمات "القارحية".
    إنه الذمّ في قالب مدح .فالظاهر تمجيد وإعجاب والباطن تشنيع واستهجان .
    والجليّ جمال وطهر ، والخفيّ قبح وقذارة.
    وليس أدل على هذه الثنائية الصارخة من النظر إلى أول صفة نسبها أبو العلاء إلى رسالة ابن القارح :"بحرها بالحِكم مسجور".
    فاسم المفعول مشتق من فعل (سجر) بمعنى (ملأ ـ أو: أفرغ) فهو من الكلمات الأضداد.
    فالمعري وهو العقل الرهيب والقدرة الفائقة على حفظ غريب اللغة وتأليف أشعار على لسان الجن في "الغفران" وهو الذي يحفظ للكلب وحده أكثر من سبعين اسما ، هل عجز عن أن يجد كلمة ذات مدلول واضح يفيد المدح ، إذا كان فعلا يريد أن يمدح ابن القارح؟
    إلا أن المعاملة بالمثل يتعاطاه المعري بكثير من الذكاء والدهاء مع هذا الرجل الذي أظهر خلاف ما فعل و"كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون".فليحاربه بنفس سلاحه وليتصنع أنه لم يفهم حتى يستأنس به ابن القارح ليصل باللعبة الهازئة إلى أقصى أبعادها مسخا وتجريحا.
    فكل ما ادعاه ابن القارح كذب ولا واسطة في الإسلام، فلتكن الجنة في الغفران هي الأخرى بالقول البعيد عن الفعل.
    أفلا يكون ابن القارح قد اخترق حدود ذاته وشخصه ليصبح نموذجا لعصر ورمزا لمرحلة تاريخية تأذى منها المعري إلى حد أنه اختار الرحيل إلى عالم الاغتراب والعزلة .
    إلا أن سؤالا رهيبا يفرض نفسه: إذا كان أبو العلاء قد اختار العزلة والانفراد فهل هو فعلا قد انعزل؟ أليست هموم العالم البشري سياسة واقتصادا وأخلاقا ودينا هي التي آلمته وشغلته فما استطاع أن ينعزل وإن توهم العكس؟
    فهل هو منعزل عن الناس رغما عنه أم بإرادته، أم هو منشغل بالناس رغما عنه أم بإرادته؟
    وإذا كان المعري قد تحرر من العبودية للآخر، ألم تظل حريته مقيدة بالحلم للآخر والألم بسبب الآخر ومن أجله؟ فهل هي الحرية أم القيود في الفكر العلائي؟
    شبكة من التداخل الغريب في الشخصية العلائية : أبو العلاء هارب من أبي العلاء إلى أبي العلاء . فأين المفر؟ وأين اللقاء؟.
    ولكن.. مرة أخرى يزعجنا أمر لا يمكن التغاضي عـنه: لقد أراد المعري أن يخوض حربا شعواء. ضد النفاق والألاعيب عشقا للفضيلة وغيرة على الدين وإيمانا بفكر الإصلاح والإلتزام، لكنه لم يثِرْ سخطا ولا أثار حفيظة إلا من أهل الدين ومنظري الأخلاق . أليس هذا عجيبا؟
    ألم تكن نوايا المعري الفاضلة وولعُه الرهيب بالقيم السامية هي التي ألبت الرأي العام والخاص عليه وخلقت منه رجلا مزعجا بل زنديقا؟
    أفلم يكن أبو العلاء واعيا بذلك؟
    لعلنا لا نتردد في أن نزعم بصوت صارخ بأن المعري لا يزعجه على الإطلاق أن يكون زنديقا إذا كان مفهوم الزندقة هو الحب والخير والسخط الصريح على القهر والفساد.بل الإزعاج كل الإزعاج أن يلبس لبوسَ التقوى جسمٌ مخادع:
    " فانفرد ما استطعت فالقائل الصا ** دق يضحي ثقْلا على الجلساء"
    أو:
    "كذبٌ يقال على المنابر دائما ** أفلا يميد لما يقال المنبر؟ " (اللزوميات)
    إن رسالة الأديب جسيمة وسكوته ما هو إلا خيانة للواجب المقدس.ألم يقتل من قبله ابن المقفع ؟ بل ألم يقطّع إربا إربا وتلقى قطعه في التنور ، لينعم الخليفة المنصور برائحة الشواء ..وما كان ابن المقفع إلا متلذذا مع شاوي لحمه فداء للحقيقة وللأدب الكبير والصغير معا؟
    فليس الأدب مطية للمدح والتكسب الدنيوي ..ولعل خير من جارى المعري في موقفه المناهض للكذب هو إبليس نفسه في رسالة الغفران إذ يقول لابن القارح :" من الرجل ؟ فيقول :أنا فلان بن فلان من أهل حلب ، كانت صناعتي الأدب أتقرب به إلى الملوك .فيقول : بئس الصناعة ، إنها تهَب غفة من العيش ..فهنيئا لك إذ نجوت." [يعني من النار]( رسالة الغفران : تحقيق بنت الشاطئ ط6.دار المعارف ص 309)
    فالكلمة الحرة عبر التاريخ ظلت غيرَ مرحّب بها من الناس خاصة وعامة.ألم يُتهم بالكفر من قال إن الأرض تدور؟ فهل كان هو المخطئ ، وهو وحيد ، أم الذين قتلوه ، وهم الأغلبية؟
    إنه مفترق الطرق يوقفنا فيه أبو العلاء في رسالة الغفران فيصبح قدرنا أن نفكر بمعزل عن التفكير في إرضاء الآخر ، مع التخلص من الرقابة بجميع أنواعها واختراق المحرمات الثلاثة: الدين والسياسة والجنس.وهي جميعها في الرسالة قد خلخل مفاهيمها أبو العلاء بجرأة فريدة قاسية، وفضْح بشع عنيف، فعرّى بذلك كل مستور من خبيث السرائر وشنيع السلوك ورديء التفكير، وتلك رسالة الأديب الذي آمن أن الأدب لا يكون إلا بالمغامرة والحرية والمسؤولية، بحثا عن التفرد والإضافة والتجاوز حتى لا يفسد الذوق أو تتبلد الإرادة ويُشلَّ العقل وينهار الوجود.، ولو كانت الضرية أن " يُـزنْـدقُـوه".

    دراسة شاملة جمعت بين الفني واللغوي والتيمي
    استوفى فيها مبدعنا صلاح داوود كل الشروط ..
    تحليل شيق ،يبعث على الارتياح وإشباع النهم ..
    تقديري الوفي

    كل المنابر الثقافية ملك لي
    ولاشأن لي بتنازع أصحابها

  17. #17
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    15/02/2010
    المشاركات
    8
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي رد: من ألف رسالة الغفران.. لأبي العلاء المعري؟؟

    مدخل إلى قسم الرحلة من رسالة الغفران فيه من الموضوعيّة ما فيه من العمق ،وصل النّص ،القصّ العلائيّ، بسياقه ،وردّ المقال إلى المقام:الرّدّ على رسالة ابن القارح ثمّ وسّع الرّؤية فإذا "عين" المعرّي على الواقع،وإذا القصّ أوالانزياح هجوم على العصر في مختلف أبعده.لكن(ماخلا لنا خطاب من لكن هذه):
    ألا يتجاوز إنشاء الرّحلة هذين السّببين لينفذ إلى "عين" أعمقَ:إلى عقل لا يرى "إماما"إلاّهُ، عقل إذا انقاد إلى منطقه صرخ:
    "أفيقوا أفيقوا يا غُواة فإنّما ................".أفلا تكون هذه الصّرخة -عندكم-أخي وأستاذي صلاح حجّة عليكم، تعصف بان القارح ،وقد تلهّى به في محنته،وتجرف الواقع لتطال مجالا أبعدَ ،مجالا "يكذّب الظنّ "مؤمنا أن لا إمام سوى العقل.
    مع فائق التّقدير .تلميذكم القديم القديم: توفيق حمدي. بوسالم.


  18. #18
    شاعر وناقد / أستاذ بارز الصورة الرمزية صلاح داود
    تاريخ التسجيل
    17/02/2009
    المشاركات
    409
    معدل تقييم المستوى
    16

    افتراضي رد: من ألف رسالة الغفران.. لأبي العلاء المعري؟؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مالكة عسال مشاهدة المشاركة

    دراسة شاملة جمعت بين الفني واللغوي والتيمي
    استوفى فيها مبدعنا صلاح داوود كل الشروط ..
    تحليل شيق ،يبعث على الارتياح وإشباع النهم ..
    تقديري الوفي

    العزيزة مالكة..
    يظل الأدب مبحثا لا يتوقف له نبض..ونحن دائما
    نروم الاختراق والإضافة ..فعسى أن يكون في
    هذا المقال شيء من القبس المضيء..
    ودي واحترامي
    صلاح داود

    يا ليت يا عَاري تُصيب مرامي=وتقول للأعمـام والأخْـوال:
    إن الذي للعُرْب قطَّع مجدهـم=والله لم يَقْطع ..سوى أوصالي

  19. #19
    شاعر وناقد / أستاذ بارز الصورة الرمزية صلاح داود
    تاريخ التسجيل
    17/02/2009
    المشاركات
    409
    معدل تقييم المستوى
    16

    افتراضي رد: من ألف رسالة الغفران.. لأبي العلاء المعري؟؟

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة توفيق حمدي مشاهدة المشاركة
    مدخل إلى قسم الرحلة من رسالة الغفران فيه من الموضوعيّة ما فيه من العمق ،وصل النّص ،القصّ العلائيّ، بسياقه ،وردّ المقال إلى المقام:الرّدّ على رسالة ابن القارح ثمّ وسّع الرّؤية فإذا "عين" المعرّي على الواقع،وإذا القصّ أوالانزياح هجوم على العصر في مختلف أبعده.لكن(ماخلا لنا خطاب من لكن هذه):
    ألا يتجاوز إنشاء الرّحلة هذين السّببين لينفذ إلى "عين" أعمقَ:إلى عقل لا يرى "إماما"إلاّهُ، عقل إذا انقاد إلى منطقه صرخ:
    "أفيقوا أفيقوا يا غُواة فإنّما ................".أفلا تكون هذه الصّرخة -عندكم-أخي وأستاذي صلاح حجّة عليكم، تعصف بان القارح ،وقد تلهّى به في محنته،وتجرف الواقع لتطال مجالا أبعدَ ،مجالا "يكذّب الظنّ "مؤمنا أن لا إمام سوى العقل.
    مع فائق التّقدير .تلميذكم القديم القديم: توفيق حمدي. بوسالم.
    أهلا بالكريم الغالي توفيق ..
    أرجعتني إلى أيام وأيام خلفها سنون وسنون..
    ولم يستطع أن يربط الخط المنقطع بيننا غير الكلمة النابضة في
    ربوع الفكر والإبداع ..
    ولعل المعري أكبر من أن نقر في شأنه موقفا أو نقر رأيا فصلا..
    وما لمحتَ إليه من إنكاره للديانات وتشبثه المستميت بالعقل
    هو من العوامل الأساسية في تأليف الرسالة وأغلب ما كتب ..
    ولست أزعم أني رمت يوما الإحاطة بالمسألة العلائية وإنما
    هي محطة في الطريق استوقفتني في رحلتي إلى فيلسوف
    المعرة..وقد تكون المحطة الموالية فيها ما قد ينير بعض
    ما غاب من الزوايا ها هنا ..
    شرفتني أيها الكريم الزميل العزيز توفيق..
    صلاح داود

    يا ليت يا عَاري تُصيب مرامي=وتقول للأعمـام والأخْـوال:
    إن الذي للعُرْب قطَّع مجدهـم=والله لم يَقْطع ..سوى أوصالي

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •