العروبة والاسلام وجهان لعملة واحدة


بقلم سيد أمين
رغم الضربات السافرة التي تعرضت لها الأمة العربية ولا زالت تتعرض لها علي يد قوي الامبريالية في الخارج وأزلامها في الداخل منذ عدة قرون مضت مرورا باتفاقات سايكس بيكو والحربين العالميتين وخلالهما وعد بلفور المشئوم الذي تسبب في ظهور الكيان الصهيوني الاستيطاني الإجرامي عام 1948 علي أنقاض اجزاء من الدولة السورية الكبري انتهاء بغزو العراق ومحاولة إبادة شعبه من خلال حربين أمميتين ظالمتين شنت ضده عبر 13 عاما من الحصار والتجويع انتهت..
بسقوطه عام 2003 ومصرع أكثر من المليوني شهيد'راجع http://www.countercurrents.org/polya210309.htm' من خيرة أبناء الأمة العربية ممن تربوا تربية قومية صحيحة وواعدة وكذلك محاولة تفتيت السودان والعبث باستقراره ووحدته وهو ما يحدث الآن في اليمن والصومال ولبنان ومحاصرة ليبيا إلا انه رغم كل ذلك تزايدت الحاجة الشعبية لهذه الوحدة القومية ومقاومة كل الأفكار التي تروج لتحويلها إلي فكرة شعوبية ضيقة مدفوعة بقيم انتهازية نخبوية علي حساب رغبة الجماهير العربية وحاجتها الماسة للوحدة والقوة.

ولعل السبب وراء صمود القومية العربية إزاء الصعوبات التي واجهتها أن تلك القومية تتوافر فيها مقومات ما كانت لأي قومية غيرها تملك هذا التعداد السكاني فضلا علي انتشارها علي رقعة جغرافية تمتد من المحيط الاطلسي حتي الخليج العربي والتي تمثلت في وحدة اللغة والدم والجنس والثقافة والجغرافية والمصير الواحد والإرث السياسي والتاريخي بل والديني مما جعلها مثار حسد من قبل أمم لم تتوافر فيها مثل تلك الخصائص بذات الصورة من النضارة والخصوبة

ولقد لمس الشعب العربي ما حباه له الخالق من روابط في أزمنة تقوم فيها قوميات أخري تفتقد لمعظم تلك الخصائص الواجب توافرها في القومية الناضجة باصطناع وتأصيل روابط بين أفرادها في محاولة لخلق مبررات الوحدة بين دولهم ولذلك ثمن الشعب العربي هبة الله له وراح يناضل من أجلها لا سيما بعدما شاهد القارة الأوربية التي تعرقل بشكل مستمر مشروعه القومي تسعي لاستنساخ قومية لها عبر إنشاء الاتحاد الأوربي وغيرها رغم تنوعها جنسيا ولغويا ودينيا وتاريخيا

ان الامبريالية العالمية في ثوبها الجديد وعبر مسلكها الثقافي الذي يحمل رداءات العولمة والتحرر والديمقراطية وهو بعيد كل البعد عن أي مثالية أو حسن نية يسعي وبشكل دءوب لفصل القومية العربية عن محيطها ومرجعها الثقافي المتمثل في الإسلام محاولة للوقيعة بين المتلازمتين وإظهارهما بمظهر المتناقضتين المتصادمتين رغم ان الإسلام يعد المرجعية الأولي للثقافة العربية بل انه يشكل فيها ذروة السنام فضلا عن ان هذا الدين الذي استطاع ان يسود العالم في فترة وجيزة يعد استفتاء بشكل قاطع علي عالمية الثقافة العربية وعلي ان العروبة والإسلام وجهان لعمله واحدة

فقد أبقي الإسلام علي معظم العادات والأعراف العربية القديمة كالكرم والشهامة والجود والإخلاص والوفاء والصدق والعدل والصبر والوفاء وإغاثة الملهوف ونجدة المستغيث ورفض الظلم والاعتزاز بالأهل وردهم في حال التجاوز واحترام الكبير وتوقيره والرحمة بالصغير واحترام الجار وصيانة حقوقه بينما قام بتهذيب ومحو العادات السيئة منها مما يعني اعترافا ربانيا بأفضلية الثقافة العربية علي ما عداها من ثقافات أخري ولذلك اختارها لتحمل هذه الرسالة العظيمة.

ولبيان فضل العرب نشير الي ما تواترت الأحاديث النبوية الشريفة به فقد أمر صلوات الله عليه 'أحبوا العرب لثلاث لأنني عربي والقرآن عربي وكلام أهل الجنة عربي ' وكذلك' تعلموا العربية وعلموها الناس فإنها لسان الله الناطق' وامتداح النبي لأصله الشريف حين قال' أنا النبي لا كذب انا ابن عبد المطلب' وكذلك حينما عاد ليضرب لنا المثل عن قيمة التسامح العربي حينما قال 'لا فرق بين عربي واعجمي الا بالتقوي'.

ان الإسلام بوصفه دينا عالميا لا يتصادم مطلقا مع وحدة القومية العربية وذلك لأن القومية العربية تعد هي اللبنة الأولي لهذا الدين العظيم وفي سيادته وانتشاره وفاء بها وامتداح لها وكذلك فان القومية العربية لا يمكنها ان تعيق المشروع الإسلامي العالمي ما لم تكن تدعمه متي تيسرت له ظروف الوحدة الإسلامية الجامعة واظنها لا يمكن ان تتحقق دون تحقق الوحدة العربية اولا لينطلق منها الاسلام كما انطلق في المرة الاولي
albaas10@gmail.com