اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د.شادية شقروش مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
يقول الخليل ابن احمدالفراهيدي:
لو كنت تعلم ما أقول عذرتني* * او كنت تعلم ما تقول عذلتك
لكن جهلت مقالتي فعذلتني * * فعلمت انك جاهل فعذرتك
الدين شىء والأذب شىء آخر،الدين مرتبط بالحقائق اليقينية والأدب مرتبط بالخيال والكذب :فشتّان بين الثرى والثريا
نحن في زمن لا يسيّج فيه النقد ولا الأدب ولا يؤطر بإطار الدين
انا تكلمت كلاما على كلام والتصوف في حد ذاته انحراف عن جادة الحق ،
سيدي الفاضل اعتقد أن النقد موجه لذوي الاختصاص،وما قلته يفهمه أهله ،وإذا اردت أن تفك شفرة مقالتي عليك بدراسة علم السيمياء ،على فكرة هذا العلم من ابتداع المتصوّفة،ولكن مع الأسف سبقنا الغرب لوضع مبادىء واسس لهذا العلم ،كي يتمكنوا من اكتشاف كل مستغلق
تحياتي ،وقل ربي زدني علما
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
د. شادية شقروش
إن مقام كلام الفراهيدي رحمه الله لولده يختلف عن مقام تمثلك هنا. ولعلك تعلمين أن لكل مقام مقالا.

أما قولك (الدين شيء والأدب شيء آخر) فقد أجابك عليه الأستاذ الفاضل ناعوس زاده الله علما ويقينا وقربا منه حيث قال:
ليس هناك مقاطعة بين الدين و الأدب ،بل حياتنا كلها دين حتى الهواء الذي نتنفسه دين ، ويعجبنا كثيرا التحليل النقدي المتمرس الآخذ من كل ألوان الثقافات ولكن لي هويتي ولي عقيدتي ، لا تسمح لي بأن أقفز فوقها بأي حال من الأحوال.


وأما قولك (والأدب مرتبط بالخيال والكذب) حيث اعتمدت فيه على قول العرب (أحسن الشعر أكذبه) فيبدو أنك فهمت الكلام على أنه الكذب الأخلاقي ، بينما كان المقصود هو الكذب الفني أي المجاز ؛ كقول الشاعر:
وإذا المنية أنشبت أظفارها ... ألفيت كل تميمة لا تنفع
فجعل المنية في صورة وحش له مخالب ينشبها في الضحية. فهذا كذب ، لكنه لا يعد كذبا أخلاقيا .
والمجاز لم ينفرد به الشعر ، بل إنه موجود في القرآن كقوله تعالى: (وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً) فمن الواضح أنه لم يقصد عمى البصر ، وإنما قصد الضلال. ولا يمكن أن نأخذ الآية على ظاهر اللفظ مطلقا.
وكذلك هو موجود في كلام النبي عليه الصلاة والسلام: (إياكم وخضراء الدمن) .


حقا لقد راعني قولك!
آلأدب رسول الفكر ، وسجل التاريخ ، وحامل المشاعر، وشاهد اللغة ، ونتاج العقل الإنساني ، والفن الإبداعي مرتبط بالكذب؟!!
لا أعرف ماذا أقول لك ، ولكن لو اعتبرنا كلامك صحيحا (الأدب مرتبط بالكذب) لوجب على كل من لديه أخلاق أن يلقي بقلمه جانبا ، ويترك الأدب للكذابين والدجالين.


وأدهى منه قولك: (اعتقد أن النقد موجه لذوي الاختصاص،وما قلته يفهمه أهله).
إذا كان النقد يكتب لذوي التخصص فما الذي سيستفيده المثقف العادي من النقد؟
هو موجه للنقاد حصرا ، فكيف يمكن للطبيب والمهندس والرياضي أن يفهموه إذا كانوا محبين للأدب؟


وقولك: (والتصوف في حد ذاته انحراف عن جادة الحق) كلام خطير جعلني أعيد حساباتي في معارفك وعلمك الغزير!
فماذا تعرفين عن التصوف؟ هل تعرفين غير ما ومن تكلم عنهم النقاد والدارسون الغربيون؟
مصيبة الدارسين عندنا أنهم أخذوا ثقافة أمتنا من أعدائها الذين قامو بتأطير الفكر الصوفي من خلال شخصيات منتقاة بعناية. فتكلموا عن الحلاج وعن محيي الدين بن عربي وأمثالهما.
لماذا لم يتكلموا عن رابعة العدوية ، وعن الجنيد البغدادي ، وعن الكيلاني ، والرفاعي ، والعز بن عبد السلام ، والخواص ، والسري السقطي وأمثال هؤلاء من أعلام التصوف؟


التصوف يدعو إلى التمسك بجادة الحق ، ويلفظ من انحرف عنها. الجنيد كان من الذين حكموا على الحلاج بالقتل.
التصوف التزام بظاهر الشرع واتباع لسنة خير الخلق صلى الله عليه وسلم. اعتمد منهج أهله على الزهد والحب الإلهي لا طمعا في جنة ولا خوفا من نار ، وإنما لأنه رب يستحق العبادة.
التصوف الحقيقي خضوع كامل لله وسعي حثيث لمرتبة العبدية ، وليس فيه اتحاد أو حلول . وقد أعلن أهل التصوف براءتهم ممن قال بذلك.


أختي الفاضلة.. لقد قبلت نصيحتك وقلت (رب زدني علما) رغم أنني كنت أقولها في كل صلاة ، وأنبه أولادي للدعاء بها. لكن يبدو أن توجهي لم يكن صادقا فلم أنل ثمرتها. وبعد توجيهك الفاضل رددت الآية مرارا بتوجه ويقين.

وبالمقابل أقدم لك نصيحة أرجو أن تقبليها ، اقرئي قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ () وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ (سورة الأنعام - الآيات 112- 113) اقرئيها وتعمقي فيها ، حلليها وادرسي دلالاتها ، وستستفيدين كثيرا بإذن الله.

أما التصوف الحقيقي فلو أنك قرأت كتاب (حقائق عن التصوف) للشيخ عبد القادر عيسى رحمه الله شيخ الطريقة الشاذلية فستجدين أنك لم تقرئي قبله عن التصوف ، ولم تعرفي عنه شيئا. وأنا مستعد لإعطائك هذا الكتاب إن أبديت استعدادك لقراءته.

وعلمك الغزير لا يمنعك من الاستزادة ؛ فكما تعلمين العلم بحر ، ومن ظن أنه جمع العلم فإنه لم يعرف العلم. وقديما قال الشاعر:
فـقـل لـمـن يـدّعي في الـعـلـم فـلـسـفـة ... عـرفـت شـيـئـا وغـابـت عـنـك أشـيـاء