http://www.nowlebanon.com/Arabic/New...aspx?ID=147215
14شباط حافز 14آذار المستمر
غادا فؤاد السمّان، الخميس 18 شباط 2010
في ظلّ التحديات التي تحيط بالمنطقة، وفي ظلّ التجاذبات اللبنانية الداخلية التي تحمل طابع التصعيد المبطّن تارة والتهدئة المفخخة أخرى من فريق يمتلك السلاح إلى فريق يمتلك المشروع لجعل لبنان ضمن دائرة ضوء المحافل الدولية بلداً حرّا مستقلّا ذات سيادة بالطرق الدبلوماسية تفاديا لمزيد من القهر والخراب والفجائع والدم، وفي ظلّ التحدّيات الإسرائيلية المتمادية على أكثر من صعيد بطرح نواياها العدائية المتجدّدة على لبنان، والتي تمتد هذه المرّة ليطال التهديد فيها سوريا أيضاً، والتي بدورها تردّ التهديد بالوعيد، ناهيك عن تمحور إيران في لبّ التقاطعات التصعيديّة على أكثر من جبهة، ليصير التواتر في الخطاب أشبه بدوامة تؤثر سلباً بالتأكيد على ذهنيّة المواطن، وتسلبه حقّ الاستمتاع بالأمن والاستقرار، وفي خضم كل ما يعتري لبنان وما حوله، جاءت ذكرى 14 شباط تاريخ استشهاد الرئيس رفيق الحريري بزخمٍ لافت، وعزيمة باهظة، وإصرارٍ فادحٍ، وتحدٍّ شديدٍ، وتجديد للعهد، وتأكيد للثوابت الراسخة في شريعة ثورة الأرز التي لا تحتاج إلى استرضاء أحد، أو استجداء الآراء حولها والإشادة بإيجابيّتها واستمراريّتها وحضورها المتواصل.
جنباً إلى جنب أدلى برأيه كلّ ممثّل عن فريق 14 آذار، بوضوح وشفافية وعلنيّة وصراحة، والقاسم المشترك الذي أجمعت عليه جميع الكلمات التي أعِدّت خصيصاً للمناسبة، أنّ سوريا الجارة الشقيقة التي لا غنى عن فتح القنوات بينها وبين لبنان بعلاقات يريدها الجميع مميّزة لا مهدّدة لحرية لبنان واستقلاله، وهكذا صارت مناسبة 14 شباط تكريساً للوفاء وتمريراً للرسائل ذات الفحوى الجديّة في الرغبة الحقيقيّة لتعزيز السُبل المُتاحة بين البلدين من اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية كذلك، وهذا إن دلّ على شيء فإنّه يدّل على اتّساع صدر الرئيس الشاب سعد الحريري وارتقائه عن الماضي وتساميه على الجراح، تسانده في ذلك مناقبيّته العالية في تخطّي المفاهيم الثأريّة الحاقدة، ولعلّ النظرة المستقبليّة التي ورثها الرئيس الشاب عن أبيه رفيق الحريري أعزّ الله مثواه، كانت كفيلة لتجاوز الوحل الذي أراد القتلة أن يتمرّغ فيه لبنان ويتخبّط أسير الحقد والسواد واللعنة لأزمنة من المراوحة لتجديد الدمار وقلب صفحة النهوض التي شاءها الراحل الشهيد رفيق الحريري، إلا أنّ العناية الإلهية التي حَبَتْ لبنان عناوين لا تحصى من الجمال والتمايز، هي نفسها التي أعطت الحكمة والحنكة السياسيّة للرئيس الشاب سعد الحريري، التي حَفِظَتْ له التطلّع إلى الأمام وحفظته من الخوض في السفاسف، والمراوحة في مستنقع الانتقام، والتقهقر إلى النوايا السوداء المتربّصة به في أكثر من اتّجاه، لكنّ الصبر من شيم الأتقياء، وهكذا سلّم سعد الحريري أمره على بلواه في والده الذي ابتلع عند ضريحه البارحة غصّة الفراق ودمعة الاشتياق وقرأ الفاتحة التي يتمسّك بحبالها الواصلة إلى الذات الإلهية، التي سخّرت المحكمة الدوليّة على أمل الوصول إلى الحقيقة مهما طال الزمن وتراكم الانتظار، ولأني مواطنة "سوريّة " أقامت منذ القرن الماضي وما تزال في لبنان الوطن المُستعار، وأعطت ولا تزال جُلّى ما لديها من حبر وحرف ونبض وأعصاب للبنان البلد الذي تعشق، سأرفع اعتباراً من الأمس وإلى ما شاء الله والمحكمة الدولية، لافتة مكتوب عليها "لأني سوريّة أطالب بالحقيقة"، ليس لأني أحبّ رفيق الحريري وحسب، وليس لأن حَسْرة السيدة بهية الحريري التي لا تنتهي تستوطن قفصي الصدري، بل لأني سئمتُ التعايش مع الظنون وتوظيفها في أكثر من احتمال أرهقني وأرّقني وأوجعني وما يزال، وحدها الحقيقة ستساهم في انقشاع الغيم الذي يخيّم بشراسة بين بلدين شقيقين في معظم التفاصيل، وبين مواطنين كثُر على غراري يضنيهم الارتياح إلى القتلة أينما كانوا، وكائناً من كانوا.
المفضلات