المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمر أبودقة
الفاضلة المحترمة آمنة آورباي
جذبني الموضوع جداً والآن أستمع لهذه الالحان الشجية المعاني بحب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .
لك تحيتي ,. ولا أخفيك عندي تساؤل أجده مشروع .
في توقيعك سيدتي كلمة للزعيم مصطفى كمال أتاتوك وهي رائعة المعنى وراقية جداً , ولكن ماأعرفه عن الرجل بكل صراحة " عدوالمسلمين والعرب الأول والأخطر في العصر الحديث " ولم أكن لأثير هذا التساؤل لولا أن موضوعك إسلامي صرف .
فأنت كما أظن مسلمة ولك الحق بالحرية فيما ترين .
ويمكنك عدم الرد ,.... بهذا الخصوص وبكل أخوة واللبيب من الإشارة يفهم .
سيدي الفاضل عمر أبو دقّة ,
لقد أسعدني مرورك و سؤالك عن أتاتورك الذي مافتئت تُروّج في حقه و على طوال عقود من الزمن, المعلومات الواهية و المغالطات , ونحن في الحقيقة نحتاج إلى كتب لرفع الغطاء عن شخصيته و أفكاره الأساسية التّي لا علاقة لها بالإلحاد و لا بالعداء للإسلام و لا للعرب.
ولقد أعربت مرّة هنا في واطا في الرّابط التالي http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=65581
عن رأيي في أتاتورك الذي نعته أحد الإخوان بـ"الذئب", فقلت أنني أعتبره شخصيا "رحمة بعثها اللّه للشعب التركي", لما حققه ذلك الشعب تحت قيادته من انتصارات على الأعداء الغاشمين الذين تحاملوا على الأراضي العثمانية ينهبونها من كلّ جانب, و من انجازات سياسية تحلم شعوب المنطقة إلى حدّ الآن بتحقّيقها في أوطانهم, و من مكانة عالية تشرّفهم على النطاق الإقليمي و العالمي. و المقولة التّي اخترتها إمضاء لي هي تترجم فعلا عن شخصية أتاتورك المسلمة, والمخلصة إخلاصا مثاليا لوطنها و شعبها.
و لكنّ يجب أنّ نعترف أنّه تمّ توظيف شخصية أتاتورك من قبل بعض الأحزاب السياسية في تركيا و كذلك القيادة العسكرية فيها, بهدف تهميش التيّارات الإسلامية. فعملوا على تقديم أتاتورك وكأنّه معادي للإسلام بصفة عامة و للعرب الممثلين الرسميين لذلك الإسلام ( من وجهة نظرهم) بصفة خاصة, وأنّ الشرط إتباع أفكار أتاتورك هو الابتعاد عن الدين بكلّ مظاهره. وهذا غير صحيح بشهادة أقرب الناس لأتاتورك, فقد أخبر فوزي تشكماك القيادي العسكري مثلا عن النّائب الذي وشى بالضابط الذي كان يصلّي وهو من ضمن الهيأة المرافقة لأتاتورك في سفره على متن قطار, فكان ردّ فعل أتاتورك أنّه أنزل النائب في أوّل محطة بلغوها, و حال دون إعادة ترشيحه في الانتخابات التي تلت.
وأظنّ أنّ خطر أتاتورك كان يكمن في إيمانه بحقّ كلّ أمّة في تحقيق مصيرها دون وصاية ولا تبعية, فهو لإمبريالي بامتياز, فكان بذلك يهدّد مصالح الدول الاستعمارية في المنطقة و يحول دون سيطرتها على شعوبها و خيراتها, فروّجت ضدّه كلّ الإدعاءات و الافتراءات التّي جعلت المسلمين ينفرونه و يتجنّبون أفكاره و توّجهاته, دون محاولة فهمها أو التعمّق فيها.
فلو كان أتاتورك يكره العرب لما سمح لسكاّن مناطق تركيا الجنوبية منهم بالاندماج مع تركيا بعد أن عبّروا عن رغبتهم في ذلك, و لما كان أول من اعترف بالمملكة العربية السعودية و أوّل من أرسل رسالة التهنئة بذلك, و لما رحّب بالأمير فيصل ( قبل أن يصبح ملكا) عند زيارته لتركيا سنة 1932 و خصصّ له استقبالا ملكيا لم يسبق له مثيل, متجاوزا بذلك كلّ قوانين البروتوكول السارية في جمهورية تركيا الحديثة.
لقد رفض أتاتورك كلّ مظاهر الانحطاط و التخلّف التّي سادت في الشعوب الإسلامية وحارب كلّ من كان يستغلّ عطف المسلمين الديني للسيطرة على الشعب و تحقيق مصالحه الخاصة, و عمل من أجل بناء تركيا الحديثة التّي إذا تركها على الحال التّي كانت عليه لكانت الآن لا تختلف كثيرا عن بقية بلدان المنطقة من استبداد في الحكم, و استفحال للجهل و الفقر بين أفراد شعبها.
و الكلام عن أتاتورك يطول وهو حقيقة شخصية فذّة ظلمها العالم العربي الذي يجب أن يمنح لها فرصة التعرّف عليها دون أفكار مسبقة.
بارك اللّه فيك سيدي الفاضل و دام مرورك.
المفضلات