المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سامي خمو
الأستاذ الفاضل محمد محمد حسن كامل،
إنها الآية 30 من سورة الأنبياء:
أولم ير الذين كفروا أن
السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما
وجعلنا من الماء كل شيء حي
أفلا يؤمنون( الأنبياء:30)
مع خالص المودة،
سامي خمو
الاستاذ المفضال الكريم / سامي خمو
اشكرك سيدي الكريم علي دعوتنا لرحلة مجانية في عظمة بدء الخلق مع تلك الاية الكريمة التي تشير الي فتق السماء بالمطر وفتق الارض بالنبات والعامل المشترك بينهما الماء
يقول صاحب الظلال
((أو لم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما . وجعلنا من الماء كل شيء حي ; أفلا يؤمنون ؟ وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم , وجعلنا فيها فجاجا سبلا لعلهم يهتدون ; وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون . وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر . كل في فلك يسبحون . .))
إنها جولة في الكون المعروض للأنظار , والقلوب غافلة عن آياته الكبار , وفيها ما يحير اللب حين يتأمله بالبصيرة المفتوحة والقلب الواعي والحس اليقظ .
وتقريره أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقتا , مسألة جديرة بالتأمل , كلما تقدمت النظريات الفلكية في محاولة تفسير الظواهر الكونية , فحامت حول هذه الحقيقة التي أوردها القرآن الكريم منذ أكثر من ثلاث مائة وألف عام .
فالنظرية القائمة اليوم هي أن المجموعات النجمية - كالمجموعة الشمسية المؤلفة من الشمس وتوابعها ومنها الأرض والقمر . . كانت سديما . ثم انفصلت وأخذت أشكالها الكروية وأن الأرض كانت قطعة من الشمس ثم انفصلت عنها وبردت . .
ولكن هذه ليست سوى نظرية فلكية . تقوم اليوم وقد تنقض غدا . وتقوم نظرية أخرى تصلح لتفسير الظواهر الكونية بفرض آخر يتحول إلى نظرية . .
ونحن - أصحاب هذه العقيدة - لا نحاول أن نحمل النص القرآني المستيقن على نظرية غير مستيقنة , تقبل اليوم وترفض غدا . لذلك لا نحاول في هذه الظلال أن نوفق بين النصوص القرآنية والنظريات التي تسمى علمية . وهي شيء آخر غير الحقائق العلمية الثابتة القابلة للتجربة كتمدد المعادن بالحرارة وتحول الماء بخارا وتجمده بالبرودة . . إلى آخر هذا النوع من الحقائق العلمية . وهي شيء آخر غير النظريات العلمية - كما بينا من قبل في الظلال - .
إن القرآن ليس كتاب نظريات علمية ولم يجيء ليكون علما تجريبيا كذلك . إنما هو منهج للحياة كلها . منهج لتقويم العقل ليعمل وينطلق في حدوده . ولتقويم المجتمع ليسمح للعقل بالعمل والانطلاق . دون أن يدخل في جزئيات وتفصيليات علمية بحتة . فهذا متروك للعقل بعد تقويمه وإطلاق سراحه .
وقد يشير القرآن أحيانا إلى حقائق كونية كهذه الحقيقة التي يقررها هنا: (أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما)ونحن نستيقن هذه الحقيقة لمجرد ورودها في القرآن . وإن كنا لا نعرف منه كيف كان فتق السماوات والأرض . أو فتق السماوات عن الأرض . ونتقبل النظريات الفلكية التي لا تخالف هذه الحقيقة المجملة التي قررها القرآن . ولكننا لا نجري بالنص القرآني وراء أية نظرية فلكية , ولا نطلب تصديقا للقرآن في نظريات البشر . وهو حقيقة مستيقنة ! وقصارى ما يقال:إن النظرية الفلكية القائمة اليوم لا تعارض المفهوم الإجمالي لهذا النص القرآني السابق عليها بأجيال !
فأما شطر الآية الثاني: (وجعلنا من الماء كل شيء حي)فيقرر كذلك حقيقة خطيرة . يعد العلماء كشفها وتقريرها أمرا عظيما . ويمجدون "دارون" لاهتدائه إليها ! وتقريره أن الماء هو مهد الحياة الأول .
وهي حقيقة تثير الانتباه حقا . وإن كان ورودها في القرآن الكريم لا يثير العجب في نفوسنا , ولا يزيدنا يقينا بصدق هذا القرآن . فنحن نستمد الاعتقاد بصدقه المطلق في كل ما يقرره من إيماننا بأنه من عند الله . لا من موافقة النظريات أو الكشوف العلمية له . وأقصى ما يقال هنا كذلك:إن نظرية النشوء والارتقاء لدارون وجماعته لا تعارض مفهوم النص القرآني في هذه النقطة بالذات .
ومنذ أكثر من ثلاثة عشر قرنا كان القرآن الكريم يوجه أنظار الكفار إلى عجائب صنع الله في الكون , ويستنكر ألا يؤمنوا بها وهم يرونها مبثوثة في الوجود: أفلا يؤمنون ؟ وكل ما حولهم في الكون يقود إلى الإيمان بالخالق المدبر الحكيم ؟
لقد تحدثت الاية بفيض زخم من العلم والابداع والحكمة عن حقيقة نشأة الكون والماء سر الحياة
ولكن الآية المطلوبة في كل فروع العلم موهوبة...!!!
اشكرك علي دعوتك الكريمة في تلك الرحلة
ويبقي السؤال مطروحاً
فيها كل أسرار الكون بدقة
ومن كل علم الله يوافيها
تحياتي وفائق إحترامي
محمد محمد حسن كامل
المفضلات