آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: أجراس خطر وعواصف أيقظت مواهب الأدباء

  1. #1
    نائب المدير العام الصورة الرمزية محمود عباس مسعود
    تاريخ التسجيل
    09/11/2009
    المشاركات
    4,764
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي أجراس خطر وعواصف أيقظت مواهب الأدباء


    النقد والنقاد في الأدب الحديث


    من دأب العواصف أن يسوقها الإعصار في الفضاء، فإذا هبّت جرفت ما حولها، وأطاحت بالخفيف وبالثقيل.

    لو سألنا الصحراء ما ذكرياتها عن العواصف التي تثور فيها، وعن ريح السموم حين تسفي الرمال وتغطي الجو بالضباب، لهالنا ما تقصّه علينا لو ملكت جواباً.

    ولو ملكت أمواج البحر حواراً بينها عن طغيان العواصف فوقها حتى تجعلها شامخة كالجبال، لاهتاجت في أعماق البحر سفن لا يُحصى لها عد، بعضها ذاب حتى حديده وبعض منها ما يزال سكنى السمك.

    عواصف يثيرها الفكر الإنساني
    وكان من بلاء الفكر الإنساني أن يخلق العواصف ويصطنعها لمصلحته، فيقلـّد بها الطبيعة ويحاكي ثورتها. فكأي من عاصفة ثارت في آفاق العلم أو الفن لم يكن لها من العنف والبلاء ما يكون لبنات الطبيعة، ولعل الأمر على النقيض، فإن ما تجيء به عواصف الفكر من ومضات العبقرية والإبداع في حياة الأدب والحضارة ما يشفع لها في ثورتها الجامحة.

    وعواصف في الأدب الغربي والعربي
    لقد ابتلى أدب الغرب بمختلف الأعاصير والتيارات التي غيرت معالمه وقيمه، وعدّدت أشكاله وألوانه في القديم والحديث، ولولاها لما وصل هذا الأدب إلى القمم في بدائعه الفنية ومباهجه الجمالية والوجدانية.

    ولولا عواصف الشعراء والنقاد في أدب العرب، في قديمه البعيد وجديده المعاصر، لما كان لنا هذا الميراث الضخم من ذخائر الفكر والمعرفة والبيان، على أن لهذه الغمرات الشداد وتياراتها العارمة ضحايا وجنداً مجهولين، لكن التاريخ لم يفوّت ذكرى المغمورين، فقد امتلأت صفحاته بصور العواصف التي أزاحت الرمال المتراكمة عنهم.

    النقاد أيقظوا مواهب الأدباء
    وشهد الأدب الحديث في النصف الأول من القرن العشرين معارك طاغية عصف فيها إعصار بأقلام الذين اقتحموها أبطالاً، بعد أن تهيئوا لها بتفكير ثائر ومداد استمدوه من أعماق النفس والواقع، فأزجوا فيه نقداً عنيفاً لآثار المعاصرين.

    أما شعر شوقي وحافظ ومطران وأمثالهم من الكتاب والأدباء فقد وقف في تيار العواصف النقدية التي لم تستطع على عنفوانها أن تطيح بما نفع الناس وأمتع نفوسهم وأشواقهم من ذلك الشعر والنثر. وأما الزبد منها فقد ذهب جفاء وهباء، فكانت ضجات النقاد المجددين أشبه بأجراس الخطر التي أيقظت مواهب الأدباء وحفزتهم لاستكمال ثقافتهم وإتقان إنتاجهم والتسامي بتعبيره ومحتواه إلى الموضوعات التي تمس شعور الشعب وتصور نضاله ولهفته على حياة حرة لائقة.

    هذه اليقظة الفكرية والإجتماعية في دنيا العرب الحديثة كانت ضرورة حتمية أشبه بقوة حبيسة تريد أن تنفجر أو تزحزح الأثقال عنها والرواسب التقليدية، فانبثقت بضجات النقاد الثائرين الذين تركوا في حياة الأدب المعاصر دويّاً بعيدا ما يزال صداه يسكن في سمع الأدباء على توالي الأيام.

    الثالوث المجدد: العقاد وشكري والمازني
    وهل في أدباء الطليعة من لم يشارك بقلمه في تلك الضجات، أو لم يقف على أنباء المعركة الأدبية الكبرى التي هبت عواصفها بأقلام الثالوث المجدد: العقاد وشكري والمازني، وما خلقت رسالتها ووجْهتها من التفكير الحديث في ثقافة الجيل الصاعد، وكيف وجّهت بثورتها على السطحي المزخرف والتقليدي المحصور من القديم، فكرة الإنبعاث والتطور وفتح نوافذ على ثقافة الشرق والغرب؟

    ونقاد فلسفة ومنطق
    على أن ثمة معارك أخرى وضجات كان مدارها الفكر والفلسفة والمنطق واليقين، ومن أبطالها اسماعيل مظهر وأنداده من أحرار النقاد والمفكرين الثائرين.

    أما كتاب في الشعر الجاهلي، الذي ألفه الدكتور طه حسين، فقد أثار ما أثار من عراك ونقاش في البيئات المحافظة والأوساط المتحررة، حتى كان أمر هذا الكتاب شاغل السياسة شهوراً، وشاغل الفكر العربي سنين طوالاً.. فكم صنفت كتب من أجله وأعدت بحوث حوله.. وقد اقترنت أسماء ضخام بهذه الضجة العاصفة، كان أبرزها وأكثرها عنفاً في جدله ونقده أسم الأديب المتبحر مصطفى صادق الرافعي.

    زكريا مبارك ناقداً
    وقد عاش الأديب الدائب زكي مبارك في تيار من العواصف النقدية التي كان ينفخ فيها وحده، ويثيرها في وجوه الكبار الذين خالفهم في الإتجاه والتأليف.

    وأحمد أمين منقوداً
    ولم يكن أحمد أمين رائد المنهج العلمي في دراسة الأدب المعاصر بمعزل ومنأى عن هذه الحركات التي شغلت الأدباء والقراء بما كان فيها من حدة الجدل وعنف الدعوة، بل كانت أشبه بالنار التي تضيء لتحرق.

    وهيكل ثار على القديم
    وقد تصدى لمعارك النقد وضجات النقاد أديب الثورة على القديم المكرور، الدكتور محمد حسين هيكل.

    ولم تكن هذه المعارك النقدية في نطاق محدد أو آفاق لم تتجاوزها، بل تردد صداها في الصحافة والجامعة، وفي مختلف الندوات الفكرية والثقافية حتى كانت حديث النقاد والأدباء في العالم العربي الذي كانت تتجاوب فيه صيحات التطور في الحياة القومية والعلمية.

    وكتاب الغربال لميخائيل نعيمة
    ولعل كتاب (الغربال) لميخائيل نعيمة من أسبق الشرارات التي ومضت في معاني النقد والتجديد في البنيان الأدبي المعاصر، فكان انطلاقاً متسامياً نحو الآفاق الإنسانية، ونظرات متجافية عن الموازين النقدية القديمة.

    وعاصفة كرم ملحم كرم
    وكانت (عاصفة) القصصي الكبير كرم ملحم كرم تهب في وجوه المنتحلين لأدب الغرب بقناع شرقي خالب، وتشق برياحها معالم الدرب الجديد في النقد والقصة.

    وقد تهكمت الصحف العربية في ذلك الحين على ضجات الأدب التي اندس فيها التضليل أو شاع بين أصدائها وتردادها نغم الفينيقية والعنصرية. على أن الطبيعة الشرقية أبت إلا أن تظهر في خلال الحركات النقدية خصومة عنيفة وتجافيا عن اللباقة والحقيقة أحياناً. فكان النقاد الكبار ينفضون غبار صدورهم على أقلامهم الحداد، فابتلى النقد الأدبي منذ بدأ عهده الخصب المتحرر بهذه الوصمة التي بقيت عالقة بسيرته حتى اليوم. لكن الباحث في أسباب تلك الضجات وملابساتها يجد أسنة الأقلام التي تمرّست به شبيهة بالمحاريث التي تقلب الأرض للفلاحة وتعرّضها للشمس والهواء، لتمرع منابتها وتجود بالموفور من خيراتها.

    وصحف وكتب في النقد المنهجي
    كذلك كان شأن النقد الأدبي الحديث في هبة انبعاثه وعلى تفاوت أطواره فظهرت باسمه صحف ومجلات، وألفت كتب مستحدثة في موضوعه ومعالجته، كما نقلت إلى العربية كثير من المؤلفات الغربية في مذاهب النقد وألوانه وفنونه.

    عبد الرحمن شكري: نقدوه فغضب واعتزل
    وإذا كانت تلك الضجات قامت حول موازين التقويم والترجيح والكشف عن خفايا الزيف والانتحال فقد وقعت معاييرها ومطارقها على رؤوس جبارة كشوقي وشكري والرافعي وأبي شادي وأندادهم. فبعض النقاد لم يجدوا بعد هدأة الضجات إلا أن يطوفوا بالنقد على رفاقهم ليتساقوا من الكأس التي أداروها على غيرهم، فكان عبد الرحمن شكري في عواصف النقد العاتية هو الضجة الأولى، فانسحب منها غضبان أسفا، منطوياً على نفسه زمناً، حتى جاء عهد الثورة وأراد أن ينصف هذا الرائد المبكر ويكرمه، لكن الموت كان أسبق إليه من التكريم والإنصاف.

    المازني يصطنع التهكم خشية وتقيّة

    كان الناقد المجدد ابراهيم عبد القادر المازني يصطنع التهكم والهزل في أدبه ونقده، ولم يكن ذلك منه إلا تقية للجد الذي لا يقوى على حمل تبعاته وتكاليفه إلى أمثال العقاد وطه حسين.

    العقاد رسخ كالجبل في معارك النقاد

    أما العقاد فقد بقي راسخاً كالجبل في معارك النقد وضجات النقاد، وكأنه ديدبان الأدب في طريقه الوعر الطويل، حيث ينبغي أن يطوف خفير الليل على الحصون والقلاع. على أن العقاد (كان) يرصد الحركات الأدبية من بعيد حيناً، ثم يعاوده العهد بالنقد بين الحين والحين، فيعود إلى المعارك الأدبية إذا دعاه داعيها وهو أقوى مراساً وتمحيصاً.

    وشاركت الأديبة العربية في النقد سائر الأدباء

    ومن الجدير بالذكر أن الأديبة العربية الحديثة، ذات الثقافة الفكرية والموهبة المتفتحة الخصبة شاركت وتشارك في حركات النقد والنقاد المرموقين، وربما كانت أكثر جدوى منهم وأبعد عن الجدل والضجيج، وإنها لتشارك في دأب وروية أدباء مطبوعين، جمعوا بين الثقافتين والموهبتين، ولمعت أسماؤهم في موضوعات دلت على عمق تبحرهم وأصالة فنهم وقدرتهم على خوض المعارك النقدية المجدية.

    والسلام عليكم

    مجلة العربي – العدد الثالث والثلاثون


    إعداد: محمود عباس مسعود










  2. #2
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    21/12/2009
    المشاركات
    65
    معدل تقييم المستوى
    15

    افتراضي رد: أجراس خطر وعواصف أيقظت مواهب الأدباء

    تحية لك استاذنا الكبير محمود عباس مسعود
    هذه نظرة بانورامية للحركة الادبية والنقدية في القرن العشرين على الرغم من اختصارهاالشديد واختزالها للاسماءالكبيرة المؤثرة في القرن المنصرم ولكن لا يلام صاحب المقال طالما الموضوع عام
    كل الشكر لك صديقي الغالي يا من تتحفنا بجهذ منقطع النظير بمواد تعب عليها اصحابها يوما ما وغلفها النسيان
    مودتي


  3. #3
    نائب المدير العام الصورة الرمزية محمود عباس مسعود
    تاريخ التسجيل
    09/11/2009
    المشاركات
    4,764
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي رد: أجراس خطر وعواصف أيقظت مواهب الأدباء

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اسامة دياب مشاهدة المشاركة
    تحية لك استاذنا الكبير محمود عباس مسعود
    هذه نظرة بانورامية للحركة الادبية والنقدية في القرن العشرين على الرغم من اختصارهاالشديد واختزالها للاسماءالكبيرة المؤثرة في القرن المنصرم ولكن لا يلام صاحب المقال طالما الموضوع عام
    كل الشكر لك صديقي الغالي يا من تتحفنا بجهذ منقطع النظير بمواد تعب عليها اصحابها يوما ما وغلفها النسيان
    مودتي
    أهلا بالصديق العزيز أسامة ومرحبا
    هي بالفعل جولة مكثفة على محاور وأقطاب الأدب في تلك الفترة الذهبية التي
    أنتجت أخصب العقول وأروع المؤلفات التي ما زالت تحتل رفوف الأدب لأنها من الطراز الأول.
    من حق هؤلاء الكبار علينا أن نبقى على تواصل مع أفكارهم الحية،
    لأن الفكر لا يموت وهو ما يخلد صاحبه.
    تحياتي القلبية أخي أسامة
    وعليك السلام


+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •