فى الثالث من شهر أكتوبر عام 1969م وضعت لجنة الاستخبارات البريطانية المشتركة تصوراً عن الميزان العسكرى لدول الشرق الأوسط حتى نهاية عام 1973م ، ورفع موجز التصور فى وثيقة إلى رئاسة الحكومة والوزارات الرئيسية البريطانية ، وضمت الوثيقة 8 بنود رئيسية تحدث البند الأول عن .. أن العرب سيبقون فى الأعوام المقبلة متفوقين على إسرائيل فى القدرات البشرية " مجموع الجنود " ، وفى المعدات الحربية ، وأن الاتحاد السوفيتى سيواصل تزويد العرب بالأسلحة خصوصاً مصر وسوريا والعراق ، كما ستواصل موسكو تدريب الضباط والأطقم الفنية للدبابات والطائرات فى هذه البلدان ، وحتى فى الجزائر مما يساعد على زيادة قدرات العرب العسكرية والحربية ، ومع زيادة القدرات العسكرية العربية ستبقى إسرائيل أقوى فى المجال الاستخبارى ، وفى جانب القدرات الجوية .
كما ذكرت الوثيقة .. إنه برغم التفوق العددى العربى فى الرجال والمعدات سيبقى الجيش الإسرائيلى أفضل من ناحية التدريب والقدرات والمعنويات خصوصاً مع استمرار تدفق المعدات العسكرية المتقدمة ، والقيادة السياسية المستقرة ، وستبقى إسرائيل معتمدة على الدول الغربية فى التزود بالأسلحة الثقيلة خصوصاً الطائرات والدبابات والصواريخ الأرضية والمدفعية ، ورغم الحظر الفرنسى تواصل إسرائيل الحصول على قطع غيار طائراتها المقاتلة فرنسية الصنع ، كما أن صناعتها الحربية تزودها بالكثير من المعدات اللازمة .. كما أن مساحة الأراضى العربية التى احتلتها إسرائيل عام 1967م أعطت لإسرائيل ميزات حربية أفضل وأبعدت عنها الضربات المباشرة مما أعطاها وضعاً تكتيكياً أفضل للاستعداد لأى هجوم عربى .
وتوقع البند الثانى من الوثيقة .. أن إسرائيل لا تستطيع كسب أى حرب جديدة فى وقت قياسى كما جرى فى حرب 1967م رغم أن قدراتها الحالية أفضل مما كانت عليه فى مايو عام 1967م .
وشدد البند الثالث على .. أن باستطاعة إسرائيل الانسحاب من مناطق عربية شاسعة احتلتها عام 1967م دون أن تتأثر قدراتها فى الدفاع عن أمنها لكنها لن تلجأ إلى خيار الانسحاب من أراضى عربية إلا بعد الحصول على تنازلات سياسية عربية خصوصاً من الدول المجاورة الكبيرة مباشرة .
ورصدت الوثيقة أن إسرائيل قد تفضل حرب جديدة فى وقت قريب قبل أن يتمكن العرب من إعادة بناء قواتهم العسكرية .
وفى البند الرابع من الوثيقة البريطانية حديث عن أن الفدائيين ينالون دعماً نسبياً كما تساعدهم الدول العربية فى حرب بالوكالة .
وفى البند الخامس من الوثيقة حديث عن .. أن العرب لا يندفعون إلى الحرب إلا بعد دراسة متأنية ، وقد يجد بعض الزعماء العرب نفسه مندفعاً إلى معركة دون حساب معتقداً أن العزلة الإسرائيلية فى العالم تعطيه القدرة على التحرك بحرية .
كما توقعت الوثيقة أن الحرب المقبلة ستشهد هجوماً أولياً من الجانب العربى بهدف تحطيم القدرات العسكرية الإسرائيلية .
وفى البند السادس من الوثيقة ورد .. أن الحرب قد لا تنشب طالما بقيت الولايات المتحدة الأمريكية وروسياً منقسمين بالجهود السياسية لإقرار حل سلمى للصراع .. لكن أى فشل للجهود السياسية قد يؤدى إلى الحرب .
____
من كتاب قال التاريخ
للكاتب إبراهيم خليل إبراهيم