وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
مرحباً بك استاذي د. مسلم المياح
وأنا أكثر سعادة بجميل ردك وجمال روجك، وبهاء طلتك المشرقة
وسنكون جميعنا في غاية السعادة لو استطعنا أن نعرف أيهما أسبق في الوجود الدجاجة أم البيضة...؟
ولكن بالفعل لا أحد يعرف حتى الآن أيهما أسبق هل الدجاجة أم البيضة!!!
ولا أعتقد أنه سيكون من المجدي أن نبحث عن حل لهذه المسألة العويصة... لأنها مجرد دعابة فحسب!
إليك أخي د. مسلم بعض أبحاث العلماء المسلمين في علوم الفيزياء، وفيما يلي ستجد وصفاً دقيقاً لقوانين الحركة، تماماً كما سردها لنا اسحاق نيوتن
لقد كان أحد أهم أسباب الحملات الصليبية على العالم الإسلامي هو الوصول إلى مصادر الفكر والثقافة عند شعوب العالم الإسلامي
ولذلك كانت من أهم أولوياتهم هي نهب الكتب والمخطوطات والتراث الذي حمل إلى دول أوروبا وتوزع في مكتباتهم ومتاحفهم وجامعاتهم ومراكزهم العلمية، فكان هذا التراث الضخم هو المعين الذي استقى منه علمائهم مادة البحث العلمي والمنهج التجريبي، وكان لا بد لهم من أن ينسبوا لأنفسهم ولعلمائهم كثيراً من الحقائق العلمية التي اكتشفها العرب والمسلمون وأجروا عليها تجاربهم وأبحاثهم حتى صيغت كقواعد وقوانين علمية قابلة للتطبيق في كل مجالات الحياة، قبل أن يعرفها الغرب بمآت السنين
ومن المؤسف حقاً هو أنه بينما نجد الغرب قد اهتم بعلمائه وأكرمهم، وكمثال أقيم لاسحاق نيوتن تمثال ضخم في قلب لندن وهو يقف على الكرة الأرضية ويتكيء على التفاحة التي ألهمت عبقريته، وطبعت صورته على العملة الورقية وتسلم أثناء حياته أعلى المناصب الوظيفية، في نفس الوقت الذي نجد فيه علماءنا الأفذاذ قد أهملوا وأدرجوا طي النسيان، إلا ما كان من بعض الإشارات هنا وهناك لبعض إسهاماتهم في العلوم والحضارة الإنسانية.
قوانين الميكانيكا... للعرب لا لنيوتن
تنسب قوانين الميكانيكا إلى العالم البريطاني "إسحاق نيوتن" الذي عاش خلال الفترة 1642- 1727م, على الرغم أن عددا من علماء العرب قد اكتشفوها من قبل نيوتن بمئات السنين.
ومن ضمن هذه القوانين قانون القصور الذاتي المسمى قانون نيوتن الأول، وهو نفس القانون الذي توصل إليه أخوان الصفا في رسالتهم الرابعة والعشرين (وهم علماء وفلاسفة من القرن العاشر الميلادي) فيقول أخوان الصفا: "أن الأجسام كل واحد له موضع مخصوص ويكون واقفا فيه لا يخرج إلا بقسر قاسر"، وهذا يعني أن الجسم الساكن يبقى مكانه حتى تجبره قوة على تغيير مكانه.
ويقول الشيخ الرئيس ابن سينا الذي عاش خلال الفترة من 980م- 1037م : " إنك لتعلم أن الجسم إذا خلى وطباعه ولم يعرض له من الخارج تأثير غريب ,لم يكن له بد من موضع معين وشكل معين" كما يقول : "وليست المعاوقة للجسم بما هو جسم بل بمعنى فيه يطلب البقاء على حاله"، وهذا يشير لنفس المعنى.
ويقول ابن سينا: "ليس شئ من الأشياء الموجودة يتحرك أو يسكن بنفسه أو يتشكل أو يفعل شيئا غير ذلك"، وهو ما يعني أن الجسم الساكن يبقى ساكنا والجسم المتحرك يبقى متحركا ما لم تؤثر عليه قوة.
ويقول الفخر الرازي الذي عاش في الفترة 1150-1210م في كتابه علم الإلهيات والطبيعيات: "وقد بينا أن تجدد مراتب السرعة والبطيء بحسب تجدد مراتب المعاوقات الخارجية والداخلية"
وتشير هذه النظريات التي توصل إليها العلماء العرب أنه لولا المعوقات مثل الاحتكاك لأحتفظ الجسم بسرعة ثابتة إذ أن تغير السرعة مرتبط بتغير هذه المعوقات علما أن ابن سينا هو أو من وضع هذا القانون ولهذا يجب أن يسمى هذا القانون قانون ابن سينا بدل قانون نيوتن الأول.
أما بخصوص قانون الحركة المعروف بـ "قانون نيوتن الثاني" فيقول هبة الله بن ملكا البغدادي في كتابه المعتبر في الحكمة عاش في الفترة 1087-1165م: " لو تحركت الأجسام في الخلاء لتساوت حركة الثقيل والخفيف, والكبير والصغير, والمخروط المتحرك على رأسه الحاد , والمخروط المتحرك على قاعدته الواسعة , في السرعة والبطيء" ويقول أيضا : " ..ويستدل على ذلك الحجر المرمي من عال من غير أن يكون عائدا عن صعود بحركة قسرية , ولا فيه ميل قسر , فإنك ترى مبدأ الغاية كلما كان ابعد كان آخر حركته أسرع" ويقول: "لأن الحركة الطبيعية تزداد سرعة كلما أمعنت".
ويقول ابن سينا : "وأما ما يعتري الأجسام الصغيرة مثل الخردلة مثل التبنة ومثل نحاتة الخشب ,مع أنها لا تنفذ عند الرمي في الهواء نفوذ الثقيل, فليس السبب أن الأثقل اقبل للرمي والجر, بل لأن بعض هذه لصغرها …….لا تبلغ شدتها أنها تقدر بها أن تخرق الهواء"، ويقول أيضا: "وبعضها يكون متخلخلا لا يقدر على خرق الهواء …" ، "مقاومة المنفوذ فيه –أي الهواء- هو المبطل للقوة المحركة"
ويقول الفخر الرازي : "وأما أن كان الجسم معارضا بما يدفعه مثل الحجر الهاوي فإن الهواء يقاومه وبقدر تلك المقاومة يحصل الفتور".
وهذه النصوص تؤكد أن العرب توصلوا لفهم القانون الثاني للحركة المسمى قانون نيوتن الثاني قبل نيوتن بمئات السنين وعرفوا أن الأجسام تتسارع عندما تسقط سقوطا حرا وأن جميع الأجسام تسقط بتسارع واحد ولكن مقاومة الهواء هي التي تعيق الأجسام الخفيفة.
وكذلك الحال بالنسبة لقانون نيوتن الثالث، فيقول أبو البركات هبة الله بن ملكا البغدادي: "إن الحلقة المتجاذبة بين المصارعين لكل واحد من المتجاذبين في جذبها قوة مقاومة لقوة الآخر , وليس إذا غلب أحدهما فجذبها نحوه تكون قد خلت من قوة جذب الآخر , بل تلك القوة موجودة مقهورة , ولولاها لما احتاج الأخر إلى كل ذلك الجذب" ويقول الفخر الرازي: "فالحبل الذي يجذبه جاذبان متساويا القوة إلى جهتين مختلفتين….."
والعالم هبة الله البغدادي هو أول من كتب في هذا العلم ولهذا يجب أن يسمى هذا القانون قانون (هبة الله البغدادي)
قانون الجذب العام ينسب لنيوتن وينص على أن أي كتلتين يوجد بينهما تجاذب يتناسب طردا مع كتلتهما وعكسيا مع مربع المسافة, وقد قرأنا عن قصة التفاحة التي سقطت وألهمت عبقرية نيوتن هذا القانون، والحقيقة أن العرب عرف أن بين الأجسام قوة تجاذب وذلك قبل اسحق نيوتن بمئات السنين ويقول الإمام فخر الدين الرازي في كتابه (المباحث المشرقية في علم الإلهيات والطبيعيات): "انجذاب الجسم إلى مجاوره الأقرب أولى من انجذابه إلى مجاوره الأبعد"
يقول ثابت بن قرة الحراني المدرة إنما تعود إلى الأسفل لأن بينها وبين كلية الأرض مشابهة في كل الأعراض أعني البرودة واليبوسة والكثافة والشيء ينجذب إلى أمثله والأصغر ينجذب إلى أعظم.
أما القوة الطبيعية أو (قوة التثاقل) فقد فهم العرب تماما أن لكل جسم قوة (طبيعية) فيه هي القوة التي نسميها اليوم قوة التثاقل وهي القوة الناشئة عن جاذبية الأرض، ويقول الشيخ الرئيس ابن سينا في كتابه الشفاء: إن الأجسام الموجودة ذوات الميل كالثقيلة والخفيفة أما الثقيلة فمما يميل إلى أسفل وأما الخفيفة فمما يميل إلى فوق فأنها كلما ازدادت ميلا كان قبولها للتحريك القسري أبطأ فإن نقل الحجر العظيم الشديد الثقل أو جره ليس كنقل الحجر الصغير القليل الثقل أو جره، فالميل هنا بمعنى قوة الجاالجسم كلما ازدادت مقاومته للتحريك بمعنى أن القوة اللازمة للتغلب على قوة الاحتكاك تزيد بزيادة وزن الجسم هذا هو المعنى الذي ورد في كلام ابن سينا وقد ضرب له مثلا تحريك الحجر شديد ذبية ونحن نعلم أن الجسم كلما زاد وزنه كلما زادت قوة احتكاكه بالسطح الذي عليه يرتكز إذ أن قوة الاحتكاك تتناسب تناسبا طردياً مباشرا مع وزن الجسم وبالتالي فكلما زاد وزن الثقل..
أذكر أن بعض العلماء المحدثين لهم أبحاث وتحقيقات رائعة في هذا المجال حيث تتبعوا الكتب والمخطوطات العربية والإسلامية واستخرجوا منها الكثير من القواعد والأبحاث والنظريات والقوانين العلمية ونسبوها لأصحابها الحقيقيين بعد أن كانت تنسب زوراً وبهتاناً لعلماء غربيين
وأذكر منهم الدكتور العبقري علي بن عبد الله الدفاع والذي له مؤلفات ودراسات كثيرة في هذا الشأن منها على سبيل المثال:
ألّف ما يربو على 36 كتابا في التاريخ والرياضيات والعلوم، 32 باللغه العربيه و4 بالانكليزيه وأكثر من 250 من المقالات في المجلات الدوليه والسعوديه منها:
عبد الله الدفاع التميمي: الموجز في التراث العلمي العربي الإسلامي، جون وايلي وأولاده، نيويورك، 1979.
عبد الله الدفاع التميمي: العلوم البحتة في الحضارة العربية الإسلامية، ط.1، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1981.
عبد الله الدفاع التميمي: إسهام علماء العرب والمسلمين في علم الحيوان، ط.1، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1986.
د. علي عبد الله الدفاع التميمي: إسهام علماء العرب والمسلمين في الصيدلة، ص(183- 238)، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1985.
د. علي عبد الله الدفاع، د.جلال شوقي: أعلام الفيزياء في الإسلام، مؤسسة الرسالة، بيروت، 1985.
د. علي عبد الله الدفاع التميمي : إسهام علماء العرب والمسلمين في علم النبات، مؤسسة الرسالة، بيروت.
إسهام علماء العرب والمسلمين في علم النبات
إسهام علماء العرب والمسلمين في علم الصيدلة
العلوم البحتة في الحضارة العربية
رواد علم الطب في الحضارة الإسلامية
تقبل تحباتي واحترامي أخي الدكتور مسلم المياح
المفضلات