يقولون في علم النفس .. من عهد ﺳﻴﻘﻤﻮﻧﺪ ﻓﺮوﻳﺪ Sigmund Freud إلى بيار داكو Pierre Daco .. إلى غيرهما من الذين تفحصوا النفس البشرية .. أن للرجال ذكورة في النساء .. وللنساء أنوثة في الرجال .. وبقدر الأنوثة في الرجال .. يوجد ما يوافقها في النساء .. والعكس صحيح .. ومن ذلك تتنوع العلاقات بين النساء والرجال .. وما فيها من تجاذب وتنافر .. ( الجنس’ العشق , الصداقة , الجوار ..)

إن الكتابة في قصص فاديا عيسى قراجة .. يظهر فيها تقمص الكاتبة لشخصية ذكورية .. تشرح بها عالم الرجال .. ( وليس تهجما وإنما تعرية للواقع )

يكاد القارئ وهو يتجول بين سراديب القصة .. أن يشعر بأن الكاتب رجل يعرض أحداث قصته .. التي في غالبها تحليلية .. يتحكم في شخصياتها .. ويضعها في متناوله ..

تدخل معظم قصص فاديا قراجة .. في زمرة قصص الحوادث .. لأنها مثل ذلك المخرج الذي يحرك عدسة الكاميرا في جميع أنحاء بيئة الشخصية ..حتى يشرحها عبر الحوادث .. بوتيرة بطيئة .. ومفاجئة .. ( التشويق والدهشة )..

هي تركز في معظم قصصها على الحوادث .. التي تدور في فلكها شخصيات القصة .. وأثناء ذلك تقدم أشكالا مختلفة من الرجال .. ومن النساء تختار نوعا يمَكـّنها من استعراض نوع من الرجال ..عبر حوادث محبكة النسيج ..

هي موفقة إلى حد بعيد .. في عرض مختلف الأمزجة .. التي يتأرجح بينها طبع الشرقي .. والعربي عموما ..

قد تفاجئك أحيانا وهي تحرك عدستها في عالم الرجال.. وكأنك المقصود حين تبهرك أضواؤها على الخشبة لتكون أحد شخصيات قصتها ..

لها ملكتها في ذلك .. واستعداداتها المستمرة .. في وضع بيئة معينة .. توافق اختيار حوادث من شأنها تشرح نوعا من الرجال كل مرة .. تـُسخر له فئة من النساء.. لا تكاد تظهر الأولى (شخصية أنثوية) .. حتى تلقي الضوء على الأولى (شخصية ذكورية ) ..

الكاتبة فاديا عيسى قراجة .. متأكدة بأنها تملك قوة خارقة .. في وسيلة تعبير يمكن اعتبارها موهبة .. تحتوي بها قصصها .. موشاة بوشاح التقنية .. والحبكة القصصية المعتادة ..

لكن يبقى المسار الذي ينتهجه كاتب دون آخر .. في تعرية الواقع وتصويره في لوحة طبيعية .. أمر صعب المنال ..ويظهر بعد رسم اللوحة .. كم كان الكاتب موفقا في تزاوج الألوان .. واحترام الأبعاد وتقنية الضوء .. وهكذا .. لأن الكاتب أيضا رسام .. يستعمل بدل الألوان الكلمات ..

يمكننا الآن الرجوع إلى فاديا قراجة .. وكيف تتعامل مع لوحتها .. العنوان الغالب الظاهر .. هو دفاعها عن الأنوثة .. le féminisme .. قد تطرح الكاتبة سؤالا وتقول :
- أليس إجحافا أن تبقى المرأة مجرد ظل للرجل؟ ..
- ما جدوى ما قيل في المرأة ؟ : وراء كل رجل عظيم امرأة ؟
- أيمكن تجاهل ما قاله نابليون بونابرت يوما في جوز يفين ؟..
“Joséphine j’ai aussi été comblé qu’un homme a pu l’être sur cette terre, mais tu étais la seule personne sur laquelle je puisse compter .
وهو بوح بمقدار ما وصل إليه من المجد لكن ذلك لم يكن يعني شيئا دون جوز يفين..

العدل أساس الملك .. آسيا بنت مزاحم زوجة فرعون.. مريم العذراء عانت ما عانت في المعبد ببيت المقدس .. لماذا ؟.. فقط لكونها امرأة .. وفي نهاية الأمر هي أم المسيح عيسى بن مريم عليه السلام ..
السيدة عائشة زوجة الرسول عليه الصلاة والسلام .. رابعة العدوية .. جان دارك وتاريخها الحافل في أمجاد فرنسا ..لالا فاطمة نسومر.. ماما تريزا .. وجميلة بوحيرد التي لا زالت حتى اليوم على قيد الحياة .. وتاريخها المعروف في الثورة الجزائرية ..
لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يستقل الرجل بذكورته .. دون وجود امرأة تعترف له بها .. والعكس صحيح .. التكامل واضح ولازم .. والتوازن النفسي لا يكون لأحدها وهو في غنى عن الآخر .. والاحتواء فكرة أنانية ..

نرجع إلى فاديا قراجة .. التي عبر حوادث قصصها .. تتعرض لشرح هذا التوازن اللازم والضروري .. والذي لا يدع للرجل حرية إقصاء المرأة .. واعتبارها عضوا ثانويا .. في حركية الفعل الثقافي .. ومجالات الحياة السياسية والاقتصادية ..