قراءة في ترجمة : تعبت من الموت يا جثتي - بقلم إدوارد فرنسيس
أتناول هنا هذا العمل المترجم للأستاذ : محمد الهاني ، و هناك ترجمة للفرنسية للسيد: منير الرقي، مع بعض التعديلات للسيدة : سلوى الكنزالي ،
ثم ترجمة للإنجليزية للسيد : محمود عباس
أحاول هنا أن أقرأ هذا العمل، لتوضيح بعض الدلالات الهامة، التي يمكن للقارئ المتميز إستنتاجها من خلال طيات النص المُقَدَمْ.
و إذا قرأنا العنوان: - تعبت من الموت يا جثتي - فهناك تعب و جثة و موت ، أي هناك جثة كانت جسداً أرهقه التعب فمات ليصير جثة .
– هذا هو المعنى الظاهر –
لكن المعنى الباطن يقول أن الراوى يتساءل و يحاور و يخاطب نفسه في حياته منذ بدايتها و حتى نهايتها – في أول السطر، ثم في آخر السطر -
و أن هذا التعب لم يكن من الموت بل - التعب - من الحياة ، و أن الجثة ما هي إلا هذا الجسد المنهك المُتعب من المُعاناة البشرية.
أما الفوانيس ما هي إلا الطاقة المتبددة من الضغوط الخارجية ، و التي يخبو ضؤها تدريجياً، وأن هذا التشبيه جيد لعين الناظر: الحياة / الفوانيس – ثم اللهاث الذي يأتي من الخيول القوية الجامحة و التي نسمع صهيلها في المقطع الثاني. ( الطاقة البشرية المتبددة )
ثم يحاول الراوي بعد ذلك توضيح مظاهر تعبه الخاص ثم العناء البشري و الإنساني عامة، فهو يزرع في صحراء ( كل المحطات جدب ) يعمل و يجد
و يجتهد و لا يجد نتيجة أو محصولاً وقت الحصاد ، لكنه يعيد الكرة مرة أخرى ( الإجتهاد ) و نجد هذا في – ( و أنت إخضرار الحقول )
و نصل هنا إلى الأشخاص في العمل، هناك الراوي المهموم ، هناك الراوي أيضاً في صورة المُخاطب ( يا جثتي) يا نفسي أو يا جسدي، ويخاطبها أيضاً إنهضي من دمائك، و هناك الصدر الحنون الأم (الوطن ) .
هل تواصلت الترجمات المُقدمة مع العمل ؟ هل أعطته الصورة المشرقة ، هل الترجمات عكست ما في النص من معنى ، هل لو قرأ أجنبي الأعمال المترجمة
( يصل إلى مفهومه، مقصد صاحب العمل ، أم تصله الصورة ناقصة ) ؟
هذه كلها أسئلة تطرح نفسها ، نحاول الإجابة عنها أو بعضها .
الأعمال المترجمة : في هذا الرابط :
http://www.wata.cc/forums/showthread.php?t=68001
محاولة في ترجمة "الفوانيس تلهث" لمحمد علي الهاني
تعبت من الموت يا جثتي
الفوَانِيسُ تَلْهَثُ
في أَوَّلِ السَّطْرِ
آهٍ... تعبت مِنَ الْحُلْمِ
هَذَا دمي
يَتَدَثَّرُ بِالأُقْحُوَانِ القَتِيلِ
***
الفوَانِيسُ تَلْهَثُ
في آخِرِ السَّطْرِ
آهٍ... تَعِبْتُ مِنَ الموتِ يا جُثَّتِي!
فانْهَضِي مِنْ دِمائِكِ
مُفْعَمَةً بِالصِّهِيلِ
***
الفوَانِيسُ تَلْهَثُ
يا أُمُّ ، ضُمِّي رُفَاتِي
فَكُلَّ الْمحطَّاتِ جَدْبٌ
وأنْتِ اخْضِرَارُ الْحُقُولِ.
La mort me fait souffrir
منير الرقي
Ronflent les lanternes
Au début de la phrase
Et mon rêve m’épuise
!Voilà donc mon sang
Se coconnant de lilas
Mortes il ya longtemps
***
Ronflent les flambeaux
A toute fin de phrase
!Oh mon corps martyr
La mort me fait souffrir
Déchaine-toi de tes maux
A la folie de murmures
***
Ronflent les bougies
!Oh ma mère chérie
Embrasse mon cadavre
Mes rives sont désertes
!Et toi donneuse de vie
Tu rends les plaines vertes
شكرا لك اخي منير على هذه المحاولة لترجمة نص الاستاذ علي الهاني
لكني اقترح عليك بعض التعديلات التي تتماشى مع التركيبة اللغوية للجملة الفرنسية
اذ علي ان أنبّه في هذا الاطار إلى أنّه لا يوجد جمل فعلية إلاّ في حالات استثنائية في اللغة الفرنسية
ولذلك اقترح هذا التعديل
سلوى الكنزالي
Ô cadavre! La mort me fait souffrir
les lanternes ,ronflant
Au début de la phrase
Mon rêve m’épuise!
Voilà donc mon sang
Se coconnant de lilas
Mortes jadis, longtemps
***
les flambeaux ,ronflant
A toute fin de phrase,
Oh mon corps martyr
La mort me fait souffrir
Déchaine-toi de tes maux
A la folie des murmures
***
les bougies,ronflant
Oh ma mère chérie!
Embrasse mon cadavre
Mes rives sont désertes
!Et toi donneuse de vie
Tu rends les plaines vertes
تحية طيبة
أعجبتني هذه الخواطر للأستاذ الشاعر محمد علي الهاني
فأحببت أن أترجمها إلى الإنكليزية أيضاً
مع أطيب تمنياتي لكم أيها الأصدقاء
والسلام عليكم
محمود عباس مسعود
I am tired of death, O my corpse
The lanterns are gasping and flickering
At the beginning of the line
O.. I am weary of the dream
Here is my blood
Wrapped in murdered daisies
***
The lanterns are gasping and flickering
At the end of the line
O.. I am weary of the dream, O my corpse
Arise from your blood
Charged with whinnying
***
The lanterns are gasping and flickering
O mother, do embrace my mortal remains
Close to your bosom
For all spots are barren
And you are the greenness in the fields
و إذا أخذنا الترجمة الحرفية ، فهناك فوانيس يخبو ضوؤها ولا تلهث / و حتى إذا أخذنا تلهث ترجمة حرفية، فالترجمتين للفرنسية تأتي بالفعل Ronfler وهذا خطأ لأن معناه يشخر أى يحدث ضوضاء من الأنف و الأقرب للصحة essouffler .
أما في الإنجليزية فتم إستعمال gasping and flickering لتوضيح معنى اللهاث أو إختفاء الضوء ، و أقترح إستعمال الفعل Dim to .
لماذا لا أبحث عن كلمة مؤثرة لتفيد معنى ( التعب ) و تكون أقوى من s’épuiser ؟ مثل fatiguer se أو peiner .
لماذا Voilà donc ؟ و هي بمعنى ( إذاً هاك هو دمي – أو بناءاً عليه هاك هو دمي ) فهي بسيطة ، Ici mon sang أو Ce Ci mon sang .
هذا الفعل se coconner أو se coconer ليس له و جود في اللغة الفرنسية ، و الفعل se draper هو أقرب إلى معنى يتدثر .
و بالنسبة للإقحوان ( النبات العشبي ) ليس lilas و إنما Anthémis أو camomille أو Chrysanthèmeو في الإنجليزية، feverfew أو Chrysanthemum ، لكن كلمة daisy تشير إلي معنى الإقحوان في شرحها .
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A3%...88%D8%A7%D9%86
http://en.wikipedia.org/wiki/Feverfew
http://fr.wikipedia.org/wiki/Grande_camomille
كلمة ( القتيل ) في السطر الأخير من المقطع الأول ( الإقحوان القتيل ) تم ترجمتها في الفرنسية Mortes و في الإنجليزية murdered ، و الحقيقة أنهما تعنيان القتل ، لكن الإقحوان كنبات لا يُقتل بالمعنى العادي للقتل لكنه يُخلع من جذوره و عليه تكون الترجمة على التوالي : arracher و uprooted .
لا داعي أبداً من إستخدام ظرفي الزمان jadis و longtemps .
و إذا واصلنا الترجمة و كأنها ترجمة حَرفية، فما الداعي ( في الترجمة الفرنسية ) لتغيير معاني كلمة الفوانيس في كل مقطع مرة les lanternes و مرة les flambeaux و أخرى les bougies .
بالنسبة لحرف الجر في الفرنسية à يكتب Alt+133 ، و é يكتب Alt+130 ، و è يكتب Alt+138 و ê يكتب Alt+136 .
كلمة martyr زائدة ، و ليست لها أية علاقة بالنص.
أن فعل se déchainer فيه ثورة و إنطلاق ، و إندفاع أو تحرر من القيود و الأفضل إستعمال se lever فيفيد النهوض من حالة الخمول، وكلمة maux لا تتناسب مع كلمة الدماء أو الجروح .
السطر الأخير في المقطع الثاني (مفعمة بالصهيل ) أين ترجمته ؟ فهي ليست بالطبع A la folie des murmures .
و بالنسبة – للترجمة الإنجليزية - السطر الثالث في المقطع الثاني : آه ... تعبت من الموت يا جثتي – سهواً تم تكرار السطر الثالث من المقطع الأول .
و السطر الأخير ( مفعمة بالصهيل ) أفضل إستعمال neighing بدلا من whinnying ، حيث الفعل neigh to يحدد الصفة الخاصة بصوت الحصان ( الصهيل) أما الفعل whine to يشير إلى أنواع كثيرة من الأصوات المنخفضة .
نرجو مراجعة Oxford ، و كذلك King Lear, by Shakespeare الفصل الثاني، المشهد الثاني .
Kent: One whom I will beat into clamorous whining.
في المقطع الأخير : أربعة سطور حوارية فقط ، الراوي ، الأم ، الرفات ، المحطات ، الحقول .
الجسد صار رفات لأن كل المواضع أو الأماكن المتاحة لإرتيادها صارت جدباً ، لكنك ستظلين يا أمي معطاءة و وارفة و خضراء .
كلمة chérie! زائدة ، و الأفضل إستخدام mes restes بدلاً من mon cadavre .
بالنسبة لكلمة rives تعني جوانب أو ضفاف ، و الأفضل إستخدام lieu أو place .
و بالنسبة للســطر الأخير ( و أنت إخضرار الحقول ) الذي ترجمته !Et toi donneuse de vie Tu rends les plaines vertes ،
فالأفضل ترجمته هكذا verdoiement des champs .
أما في الترجمة الإنجليزية : فكلمة remains بمفردها كافية ، و الأفضل إستخدام places بدلاً من spots .
أتمنى أن نكون أعطينا هذا العمل المكَثَف حقه من الدرس ، فهي رحلة بين كلمات و عالم خاص، مملوء بالنضال المُـجَسَــد أدبيـاً.
المفضلات