سيطرة الانا على الاحداث اليومية!!

بقلم :عماد موسى.
صدرت للكاتبة منيرة صالح مجموعة قصصية بعنوان (الظل الغائب) عن وزارة الثقافة الأردنية ، وهي تعكس تجربة قصصية لشابة في اندفاعة العمر تجاه الحياة حيث تبرز النزعة الأنثوية والوجدان الطفلي بجلاء لأنها بتجرد تمثل ذلك المنعكس عن الوجدان الذي لم تشوهه الحياة لأنها قد دخلت للتو معترك الحياة.
السارد(كامل المعرفة)
تطل شخصية السارد كامل المعرفة في (المنذورة) بشكل جلي حيث تتحدث الكاتبة عن مرحلة عمرية (لحظة الميلاد)متقمصة السارد الإله الذي بمقدوره أن يسرد تفاصيل هذه اللحظة التي لايمكن لتداعيات الحداثة ان تستدعيها مهما بلغت ذروة الأزمة.
فالكاتبة تحدثك عن نفسها، وعن علاقاتها بالواقع بلغة مدركة محسوسة، ولكنها لا تعدو مجرد إسقاطات لغوية وحديثة على ذات السارد في مرحلة لا يعلم شيئا عنها .في محاولة منها لتوظيف النظرة الذكورية الموروثة لميلاد الأنثى.
من هنا استعادت مشاهد ناجزة في التراث الفلسطيني التي لا تزال الى الان مائلة ومحايثة للواقع المعاش ،وهو مشهد الجنود ،ومشهد النورية وما رسمته المخيلة الشعبية حولها من اجل تعريض الطفلة لخطر الموت ،لكن جميع المحاولات باءت بالفشل الذي يعني افشال ما يضمره الاب تجاه ابنته وهي تكرار لثقافة المجتمع المنزعج من ميلاد الانثى والحكم عليها بالموت المعنوي لعدم الموت الجسدي لأنه غير مبرر.
من الواضح أن لدى الكاتبة ميلا واضحا في صورتي البطل والإنسان ما جعلها الشخصية المركزية والمحورية في مجموعتها القصصية، إذ لم تتمكن من مغادرة شرنفتها الأنثوية إلى فضاءات أوسع لتوظف الطاقات اللغوية المهملة لتخلق شخصيات غير شخصيتها المهيمنة على المساحات الصغيرة لقصصها.
من هنا غابت الشخصيات الثانوية فلم تترك الكاتبة فسحة لاحد إلا القليل النادر بما يخدم أنوثتها المطلقة.

الحوار
يكاد الحوار يغيب كليا عن القصص كان لديها مشكلة مع تكنيك الحوار على الرغم من اهميته في اخراج مكنونات النفس والافكار الى الوجود ويساعد في بلورة هوية الصراع ويكشف عن تطور الحدث كلما احتاج الأمر لذلك .وهذا انعكاس طبيعي للغة السردية للسارد المهيمن على مجمل المواقف والأحداث .فكيف يمكن أن تجري الكاتبة حوار في ظل غياب الشخصيات

غلبة الأنثوي الإنساني
يشيع في أجواء القصص البعد الأنثوي الإنساني ،خصوصا تلك العاطفة الأنثوية تجاه الذكورة هذد العاطفة الخاضعة لسيطرة الثقافة السائدة في المجتمع التي لا تمتلك القدرة على تجاوز أسواره القائمة فهي تحاول أن تتحسس شيئا مفقودا في لجة الظلام القادم من الواقع، وبهذا تعاود رسم هموم الفتاة الشرقية الحالمة بفارس الأحلام ضمن قواعد اللعبة الإجتماعية ،أو بعلاقة عاطفية جامحة مخبوءة ومستورة، قد تفضي إلى الزواج ،أو إلى حب مثالي نقي يعيش في عالم أفلاطوني او روائي لا تنتمي إلى ذاك المنتمى للواقع .لذلك،تأتي شخصية الذكورة مائعة وباهتة وغير واضحة على الرغم من كل محاولات الاتصال بالأانوثة في ظل العلاقات والقيم والمجتمعية والتابوية القائمة.
إخضاع اللغة وتطويعها لخدمة السارد
توظف الكاتبة اللغة في مستوى أحادي النسق من أجل اخضاعها واحكام السيطرة عليها بهدف تطويعها لخدمة شخصية السارد ،فهي لغة أنثوية متدرجة في تطورها من الطفولة إلى المراهقة والنضج،فالمفردات المستعملة في اللغة السردية جئ بها من القاموس اللغوي الأنثوي الشرقي المحافظ الذي يخضع للرقيب التابوي ،لذلك راعت اللغة قواعد الأدب و السلوك الإجتماعي، ولم تخرج عن المساق التربوي والأخلاقي بما يتلاءم مع دور الأنثى في المجتمع ،ويهدد بالخروج عن النسق اللغوي الذي اختطته الكاتبة لنفسها لعرض تجربتها القصصية.
فاللغة جاءت منسجمة مع طبيعة الحالة الشعورية والنفسية والاجتماعية والثقافية في المجتمع وقد لعبت شخصية السارد على تنميط اللغة ،بالإضافة إلى بساطة الفكرة والحدث،وحداثة التجربة عند الكاتبة التي لم تتجاوز بعد الثلاثين ربيعا .
وهذا يتجلى في قصة(لماذا بكى الرجل المجنون؟)على سبيل المثال لا الحصر حيث تمارس الكاتبة مفردات اللغة الطفلية وجملها، وفقا للمواقف والحدث،أما في قصة الرجل النائم في سريره فتستعمل لغة الحياء والخوف الأنثوي انسجاما مع المواقف فاللغة ليست ثائرة، ولا مجلجلة ولا متحدية ولا هي لغة متمردة على الواقع، بل العكس خاضعة تماما لقوانينه.
في حين أن اللغة الأنثوية المستعملة في قصة (العيب) جاءت متطابقة مع قواعد الحياء الأنثوي التي تضمر الشوق المشحون بالحزن لولا قيام الدموع بفضح ما لم تفضحه اللغة.
التقنيات المستعملة
استعملت منيرة صالح تكنيك الحلم لاستكشاف احدى محطات التابو في قصة (في نصف الساعة المتبقية)واستعملته ايضا في قصة (الاعور الدجال)لأظهار ما يدور في المخيلة الطفلية ووظفت تيار الوعي في قصة( بائع الاسفنج) لتصوير حالة الاستغراق التي يعيشها الطفل بائع الاسفنج.