شماعة الشرف


بقلم: جعفر عبد الله الوردي



عندما نسمع أن رجلا ذبح ابنته لأنها لوثت سمعت العائلة، أو نرى شابا أقدم على نحر شقيقته الذي وضعت جبينه في الأرض، أو ترى وتسمع ما شئت سماعه من هذا السيناريو الذي بات شماعة لكل سفيه أو مجرم أو غيره.
ليس نحن بصدد تأييد هذه الفكرة أو محاربتها، بل ما قبل هذه الحادثة وما قبل هذه الفِعلة التي أقدمت عليها البنت، إذا نظرنا إلى العائلة نجد أنها عائلة متفككة، الأب مدمن خمر، والابن مدمن سهرات ليلية، والأم في الأعراف تتسلى مع خليلاتها، وهكذا..
عندما تنظر إلى العائلة تجدها أبعد الناس عن الأخلاقيات، وأبعد العائلات عن المحافظة ...!
فأي شرف ستدنسه إن أخطأت ... وأي جبين تنزله إن أذنبت ... !
بالطبع ستجد رجلا سل سيفه، وجاءته نخوة عنترة الجاهلية، وأوحى إليه شيطان فكره أن يذبح ليشتهر بين الناس أنه ذو شرف وعفة وما إلى هنالك.
عذرا أيها الشريف ... لم نجد قط أي بنت من عائلة تربَّت على الأخلاق أنها أخطأت، لم نجد أي بنت نشئت التنشئة المستقيمة وقعت في أوحال التفلُّت، لم نجد أية بنت كانت متابَعة من قِبل أهلها في دخولها وخروجها، وفي لبسها وسلوكها، وفي صديقاتها ومكالماتها – لم نجدها أبدا وقعت في براثن الطغاة... !
إن قيل لي من تحاكم ؟ سأقول بأن المدان الأول هو العائلة وليس البنت، وعلى رأسهم الأب والأم.
هم من يجب أن يحاكم وأن يقام عليه حد الشرف؛ لأن للمتسبب ذنب كذنب الفاعل، أو ربما يكون أكبر؛ لأنه هو من فتح الأبواب، وسهل السبل للوقع في هذه الخطيئة.
نعجب جدا عندما نرى رجلا قتل ابنته إذا وقعت في خطيئة الزنا وهو رجل مدمن على المخدرات، وهو رجل يسكر حتى يمل الخمر سكرَه، ويلعب بأعراض الناس ويتعرض للبنات في كل زقاق أو حي، وفي آخر المطاف تجده انتقم لعرضه !
أي عرض هذا ! ... وأي شرف هذا ...! وأية غيرة هذه ..!
موازين مقلوبة .. ومقاييس شيطانية شهوانية .. وغيرة وحشية ..
الأخطاء تراها دائما تصدر من بنات هؤلاء أو من يشابههم في الفكر والفعل والمجون ..
لو ثقَّفت العائلة هذه البنت واختارت لها الخليلات الشريفات، وتابعت هاتفها المحمول، وتابعت مشاويرها في كل وقت، وطريقة لبسها وحديثها، وأي تغير طارئ عليها، لما وصلوا إلى هذه النتيجة البشعة، وهذه الأفعال الهمجية.
فلنعد النظر في الموازين، ولنعد ترتيب الأمور، ولنضع الأرقام بمكانها لتظهر لنا النتيجة الصحيحة.