زواج الشاعر / محمود أبو الوفا
محمود أبو الوفا هو الشاعر المصرى ، وحيد الساق الذى وصفه أمير الشعراء / أحمد شوقى ، بأنه البلبل الغرد الذى هز الربا و شجا الأغصان ، بلا ساق ... فكيف إذا أسترد الساقا ؟ ! ( 1900 -1979 ) ، وهو صاحب أغنية محمد عبد الوهاب المشهورة " عندما يأتى المساء " , وهو أحد مؤسسى جماعة أبو لو الشعرية ، و عد دواوين أشهرها : أنفاس محترقة ، أناشيد دينية ، أناشيد وطنية ، شعرى ، أشواق ، أعشاب . و لقد أصدرت له الهيئة العامة للكتاب المصرية عاد 2009 ، الطبعة الثانية من مجموعة أعماله مع دراسات بأقلام معاصرية ، تحت عنوان ( محمود أبو الوفا : دواوين شعره و دراسات بأقلام معاصريه ) ، و الشاعر كان موضع إهتمام الدولة فى كل العصور ، فلقد كرمه صدقى باشا ( رئيس وزراء مصر فى 1932 ) بالسفر إلى فرنسا لتركيب ساق صناعية ، و منحه الرئيس الراحل / جمال عبد الناصر وسام العلوم و الفنون من الدرجة الأولى عام 1967 ، و منحه الرئيس الراحل / محمد أنور السادات الفنون و الآداب جائزة الجدارة فى الفنون عام 1977 ... هذا الشاعر .... ما رأيه فى فكرة الزواج ، و ما دوافع الرجل من الزواج ، و ما دوافع المرأة ، فلنقرأ تجرب الشاعر فى زواجه ، و لنستمع إلى أراء الأدباء الشباب فى ذلك ؟؟
كان أبو الوفا فى بداية حياته ، رافضا لفكرة الزواج ، لأسباب تتعلق بعدم إكتمال مظهره الجسدى ، فهو وحيد الساق بسبب عملية بتر فى ساقه ، فى منطقة فوق الركبة اليسرى ، عدم إستقرار حياته المعيشية ، فهو مرة يشارك فى قهوة ، ثانية يقيم الحفلات و ثالثة يبيع الشعر ، أو يفتح مطعما أو يكون سمسارا للعقارات .. ، كما كان لديه وهم نفسى ، بأنه لن يعيش طويلا ، لديه إحساس بأن أنفاسه تحترق خلال حياته اليومية .
إلا أنه كان يفتقر الرعاية الأسرية ، فلقد رفضت أسرته الهجرة معه من الدقهلية إلى القاهرة ، و لقد تعرض مسكنه للسرقة أكثر من مرة ، و تعرض هو للإغراء الأنثوى عدة مرات ، و كان يهرب من ذلك من مسكن إلى آخر . إلى أن سكن فى حى " الشيخ صالح " و تعرف هناك على الست / أم عبده ، و هى إمرأة مطلقة تكبره بعشر سنوات ، لها أربعة أولاد ، يبلغ سن أكبرهم عشرون عاما . و يجد فى خدمتها الإخلاص و الأمانة ، و تجد هى فيه حسن المعاملة و الحنان و الشفقة .و ينتقل أبو الوفا من حى الشيخ صالح إلى سكن بحى روض الفرج ،و تنقطع عن خدمته أم عبده ، و تطول فترة الإنقطاع إلا أن تعود بعد فترة فتخبره أنها إرتاحت من قسوة زوجها بالطلاق ، و ستأتى لخدمته من حين لآخر ، فيترك لها أمر تنظيم حياته ، و يتفرغ هو للشعر و بيع السجائر و إقامة الحفلات ، إلا أن جارات المسكن الجديد لسن كما فى المسكن القديم ، و تشتكى السيدة للشاعر من سوء خلق الجارات و تغامزهن عليها بسوء نية ، و تغيب فترة لتعد مرة أخرى و تشتكى مرة أخرى من الجارات فلقد حاولت إحداهن منعها من الصعود للشاب العازب و هى أمرأة شابه ، وهو بلا أسرة ، و يسألها الشاعر عما يريحها ، و لا يجعلها تغيب ؟ فتجيب الزواج ، فالزواج يقطع الألسن و يصون كرامتها و يحميها من مخاطر أصحاب السوء ، و طمانا لإستمرار خدمتها بلا متاعب ... و يجلس الشاعر ليفكر ، و خلال ساعة يوافق و يتم زواجهما .
يقول أبو الوفا : لم يكن بينى و بين زوجتى أى عاطفة حب ، فقد كانت ترى فى تاجا و عزة و حماية تصون كرامتها . فماذا يُضرنى او ألبستها هذا التاج ...؟ و رغم ذلك فلقد أصررت منذ الليلة الأولى لزواجنا أن تأخذ حقها كزوجة ، تقاسمنى فراشى ، فنامت بجوارى ، كأخت لى ، بملابسها السوداء . وفى الصباح ، أشتريت لها ملابس جديدة ، بعدما أشترطت عليها عدم الإنجاب ، و قلت لها أننى : لا أملك سوى قلمى ، فإذا حملتى سأتركك و أرحل . و لن تعرفى مكانى ، و لن ينالنى قانون . و حافظت أم عبده على هذا الشرط طيلة عمرها حتى توفاها الله عام 1964 ، و عاش الشاعر بعدها ثلاثة عشرة عاما ولم يتزوج . رحم الله الشاعر و زوجته .