السلام عليكم
هذه هي اول مشاركة لي في المنتدى السويدي ، وهي عبارة عن ترجمة قمت بها لمقال نشر في المجلة السويدية Foskning & framsteg (البحث والتقدم) ، العدد الثالث لسنة 2004.
----------------------------------
الأحرف الرونية* قد تكون لها جذور عربية
معظم الحروف في الابجدية الرونية لها مشابهات لاتينية, ولكن بعضها ربما تنحدر اصوله من الشرق الاوسط . وتشير كثير من الدلائل على ان فرق مساعدة للجيش الروماني من الشرق الاوسط ربما تكون هي التي ادخلت الأحرف الرونية الى اسكندنافيا.
يمكن ارجاع كثير من الرونات الجرمانية الى جذور رومانية , ولكن الحروف النبطية , والتي هي احدى اشكال الابجدية السامية , تبدوا اكثر قدرة على تفسير شكل وصوت خمسة من االأحرف الرونية على الاقل.
ووفقا للباحث اللغوي جون تروينج فان هنالك الكثير مما يدل على ان قوات مساعدة للجيش الروماني ، من اصول شرق اوسطية ، ربما تكون هي من ادخل الرونات الى اسكندنافيا.
كانت المملكة النبطية تشمل اراضي هي اليوم جزءا من سيناء والاردن وجنوب اسرائيل (فلسطين). المنطقة احتلت من قبل الرومان قبل عام 100 للميلاد مباشرتا، واصبحت مقاطعة تابعة للامبراطورية الرومانية وسميت ب " العربية".
لقد أجبر الرومان القوات النبطية ان تعمل كقوات مساعدة للجيوش الرومانية . في عام 125 م كان يخدم حوالي الف من النشابة النبطيين عند الحدود الشمالية للامبراطورية الرومانية ، متمركزين قرب مدينة ستروبينج على نهر الدانوب ( عند مقاطعة بايرن اليوم). كشفت الحفريات في هذه الاماكن عن كتابات ولقى تحمل حروف مشابهة للأبجدية الرونية ، والموقع نفسه على نهر الدانوب كان طريقا قديما للتجارة باتجاه الدول الاسكندنافيا.
يبدوا ان القوات المساعدة المذكورة كانت قد غادرت المنطقة في حوالي سنة 200 م ، بسبب المجاعة والطاعون. وتذكر الاخبار عن وصول قوات في الخدمة الرومانية الى شبه الجزيرة الدنماركية في هذا الوقت بالذات. هذه القوات كانت قد نجحت في الاقامة في المنطقة الجديدة ورسخت مواقعها فيها واصبحت بمرور الزمن الطبقة الحاكمة، واستطاعت ان تقيم علاقات تجارية منتظمة مع الامبراطورية الرومانية، وربما كانت هي التي ادخلت الى هناك حرفة بناء السفن وتصنيع المعادن الثمينة.
ان اول ظهور للكتابات الرونية كان في هذه الفترة ، حيث وجدت بشكل نقوش على الاسلحة ، من بين اشياء آخرى. ان الاقواس الطويلة والسهام المثلثة الرأس، التي عثر عليها في الدنمارك ، تعود الى الجنود الرومان من ذلك العهد. هنالك مؤشرات كثيرة تدل على ان هذه الاسلحة كانت من اصول شرق اوسطية ، وذلك لأن الجنود الجرمانيين والرومان لم يكونوا يستعملوا الاقواس الطويلة في ذلك الحين.
ان فرضية الباحث جون تروينج ، التي تقول بأن القوات المساعدة للجيش الروماني هي التي ادخلت الابجدية الرونية الى اسكندنافيا ، هذه الفرضية يمكن ان تؤدي الى تجديد النقاش العلمي حول اصول الرونات.
هنريك هوير
---------------------------
ملاحظة المترجم:
*الرونات: تعتبر الرونات من اقدم اثار البلدان الاسكندنافية المكتوبة، وهي عبارة عن رسومات وكتابات محفورة غالبا على الحجر، يعود كثير منها الى مرحلة الالف الميلادي . عثر على الرونات في اماكن عديدة من البلدان الاسكندنافيا والجزر البريطانية بأشكال وصيغ مختلفة حسب اختلاف المناطق التي كتبت فيها والفترات الزمنية لكتابتها. الحروف التي حفرت بها الرونات يصطلح على تسميتها ب ال "فوتهارك" او الحروف الرونية ، و هي كانت منذ مدة طويلة ، ولاتزال ، محل دراسة وتحليل لمعانيها من اجل فك شفرتها.
البحث اللذي يتناوله هذا المقال يسلط الضوء من جديد على موضوع اصل الرونات ، ولكن هذه المرة من منظار ربما غير متوقع بالنسبة للكثير من شعوب البلدان الاسكندنافية ، التي تعتبر الرونات جزء اساسيا من هويتها الثقافية والتاريخية. اثار البحث نقاشا حادا في صفوف العنصريين والمدافعين عن نظرية النقاء الاري لشعوب دول الشمال، وخلق جدل واسعا بين المعنيين في مجال اللغة والتاريخ ، اللذين لا يمكن ان يفوتهم بأن اول وصف تاريخي معتمد على الاطلاق لعادات وتقاليد الشعوب الاسكندنافية قام بتدوينه رحالة مسلم ، تقريبا في تفس الفترة التي كتبت فيها اغلب الرونات . اذ قام العالم المسلم احمد ابن فضلان برحلة ابتدأها من بغداد سنة 921 م ، بصفته سفير للخليفة العباسي المقتدر إلى ملك الصقالبة ، ووصل بها بعد عام من ذلك الى شواطئ نهر الفولغا ، حيث التقى الفايكنغ ، اجداد الاسكندنافيين المحاربين ، وكتب عنهم ووثق عاداتهم . كذلك تمثل هذه الفترة التاريخية المرحلة الاغنى بالنسبة للتبادل التجاري البحري بين العرب المسلمين ، اللذين كان لهم الباع الاقوى في البحر المتوسط وبحر المانش ، والفايكنغ اللذين كانوا اصحاب السيادة في بحر الشمال نزولا الى الشواطئ الفرنسية والانكليزية . وعثر في السويد لوحدها لحد الان على مئات الالاف من القطع النقدية الفضية والذهبية ، ذات الاصول العربية الاسلامية ، والتي تعود الى تلك الحقبة.
رابط المقال (سويدي):
http://www.fof.se/tidning/2004/3/run...otter#comments
رابط البحث اللذي يتناوله المقال مع الخلاصة (انكليزي):
http://fornvannen.se/pdf/2000talet/2003_289.pdf