اختلف المحللون في تحليلاتهم بالنظر إلى اطلاق الصواريخ من شبه جزيرة سيناء مستهدفة ام الرشراش "ايلات" فمنهم من قال ان تلك الصواريخ هي من فعل اجهزة امنية صهيونية لاستغلال الظرف والتصعيد




الاسرائيلي بغرض ضرب عملية ما يسمى "السلام" او مواجهة جديده تسترد فيها اسرائيل كرامتها بعد هزيمتها في الجنوب اللبناني وصمود غزة في اخر اجتياح لها،ومنهم من قال ان هناك مجموعات متشددة اسلامية تبحث عن منفذ لضرب اهداف اسرائيلية وخاصة اذا رجعنا الى تصريحات القاعدة خلال العامين الماضيين بأن لديهم استراتيجية تدريجية للوصول الى فلسطين.



وقبل أن ابدأ في التحليل لما يحدث في سيناء،سيناء تبلغ مساحتها 61 الف كيلو متر مربع وتعداد سكانها نصف مليون نسمه،تنحدر قبائلها من الجزيرة العربية ونسبة الحضر فيها تمثل 40% من التعداد العام بعد ان وضعت الحكومة المصرية خطة لتغدية سيناء ببعض الحضر بعد معارك اكتوبر 1973.



بعد هزيمة يونيو 1967 انشئت منظمة سينا العربية وهي مجموعات كانت تهتم بعمليات الاستطلاع وتنفيذ بعض المهام المحدوده وعملية الرصد وكانت تتبع القوات المسلحة المصرية وخاصة جهاز الاستخبارات العسكرية،قامت منظمة سيناء بأداء مهام جيدة اثناء حرب الاستنزاف،عملياتها المركزة طالت مواقع على البحر الاحمر وفي اجزاء مهمة في سيناء.



نتذكر هذا الحدث ولأن اهل سيناء ادرى بشعابها وهم الذين يفهمون لغة الارض الصحراوية القاسية.



العادات والتقاليد لسكان سيناء تميل الى لغة المشرق العربي والقبائل العربية المرتبطة فيها وهي لغة انتماء لا يمكن تجاهلها لا سياسياً ولا امنيا ً ولا اقتصاديا ً.



لعدة مرات متكررة تطلق صواريخ غراد روسية الصنع على اهداف اسرائيلية وتضل طريقها لتسقط في العقبة.



لم يقصد الفاعلين بالتأكيد توجيه رؤوس تلك الصواريخ الى ميناء عربي كميناء العقبة الاردني ولكن هذا يدل ان مستخدمي تلك الصواريخ غير قادرين على السيطرة والتحكم في توجيه النيران وهي خبرات عسكرية تدخل فيها الطبوغرافيا العسكرية ومراكز الملاحظة والبحث عن الهدف وهذا ما تفتقر اليه تلك المجموعات المسلحة.

نستدل من الخبر والفعل ان تلك الصواريخ ضلت طريقها نتيجة فقر الخبرات ونستدل ايضاً من أن مطلقي هذه الصواريخ هي مجموعات حديثة التكوين وليس لها امتداد رسمي او دولي او اقليمي.



بالقطع خسرت الثورة الفلسطينية اطول خط مواجهة مع اسرائيل في الجبهة الشرقية لفلسطين وخسرت ايضا ً نتيجة قرارات متقهقرة لقيادة حركة فتح خط المواجهة في الجنوب اللبناني ودخول قيادة منظمة التحرير في قفص وضعته السياسة الامريكية والدول الاوروبية الى ان آلت حركة فتح الى حركة مسخرة لخدمة سلطة شكلها الاحتلال بمعرفته وبخططه الأمنية،وفي الواقع انتهت حركة فتح كحركة تحرر وطني والمطلوب منها الآن ان تجهظ أي عمل مسلح في خدمة برنامجها الحزبي المهادن لاسرائيل والمنقلب على المقاومة.



في المربعات الخالية لابد من ان لا تترك خالية لتتم حركة فتح برنامجها في تصفية القضية الفلسطينية وبالتالي ظهرت عدة فصائل مقاومة من حركة حماس وحركة الجهاد وهناك من بعض فصائل اليسار كفصيل القيادة العامة حاولوا بقدر الامكان ان يحتفظوا بخندق المقاومة رغم التعقيدات الامنية والدولية.



واذا ما لاحظنا خريطة الواقع الفلسطيني المجزء بين الضفة وغزة،الضفة الغربية وهي محتلة بشكل كامل ومن خلال تنصيب سلطة ادارية تقوم بوظائف الاحتلال للقضاء على المقاومة والمقاومين والذهاب الى الامام في الحفاظ على مصالحها ومصالحها فقط.



واقع غزة وهو واقع مقاوم تلقى ضربات عديدة وحصار مازال قائماً في جميع الجهات واصبحت المقاومة والقوة الرئيسية فيها حماس تخضع بشكل كبير للمتغيرات الاقليمية وحساباتها مما يؤخر برنامج المقاومة الا ان حماس وفصائل المقاومة وضعت برنامج دفاعي للحفاظ على الذات في قطاع غزة.



الجبهة الحيوية الاخرى وهي الساحة اللبنانية والمخيمات الفلسطينية التي تخضع الآن لصراع في السيطرة عليها،فحكومة رام الله وخلال ما يسمى اطر حركة فتح تحاول السيطرة على الشارع الفلسطيني فيها من خلال ضخ الاموال المستلمة من الرباعية لادلجتها واحتوائها لأي حل قادم،وهذا لا ننفي ان هناك قوى حية فتحاوية ووطنية واسلامية مازالت تجابه هذا الخط التسووي في المخيمات الفلسطينية في جنوب لبنان،الا ان المقاومة الفلسطينية وبعد ان كانت رائدة في قرارها في الجنوب اللبناني الا انها اصبحت مرتبطة ارتباطا ً كاملا ً بنظرة حزب الله للصراع ومتى تكون المواجهة من عدمها ولم يسمح للمقاومة الفلسطينية بمزاولة نشاطاتها من الجنوب اللبناني تجاه شمال فلسطين لحسابات اقليمية ولعدم احراج الدولة اللبنانية.



بكل المفاهيم المقاومة الفلسطينية محاصرة سواء في الضفة الغربية ومحاصرة في داخل حيز قطاع غزة المحاصر.



اذا ً لابد من منفذ جديد ومخرج جديد للمقاومة،لقد خسرت المقاومة في السابق عمقها العربي وليس غريبا ً ان تعود الى عمقها العربي من خلال دمج وحدة المقاومة العربية لتحرير فلسطين بالستعانة بكل القوى الرافضة للخط التسووي في المنطقة.



سيناء تمثل منفذا ً جيدا ً للعمل العسكري ضد العدو الصهيوني بمساحتها الشاسعة وجغرافيتها ايضاً وخبرة قبائلها وصلابتها وشعور تلك القبائل بالتهميش والظلم والاستبعاد.



كثير من العمليات العسكرية قامت بها القبائل في سيناء مقابل تشويه صورتها الاعلام العربي،في الايام السابقة قامت مجموعات بالاعتداء على قوافل ومواجهات مع رجال الامن المصري.



جميع امدادات قطاع غزة من الاسلحة تتم عبر البحر الاحمر من خلال اراضي سيناء.



لماذا العمل العسكري من سيناء؟



لقد تنبهت الحكومة المصرية لما سمي الامن القومي والاقليمي المصري فقامت بانشاء الجذار الفولاذي،ليس محاربة لتهريب الدقيق والرز والمعلبات بل لحصار المقاومة ومنع الامدادات عنها ووضع هوة شاسعة بين المقاومة في غزة وقواعد مناصرة لها في سيناء وفكرت اسرائيل ايضاً بوضع جدار فاصل على حدودها مع سيناء ولكن هل هذا بالمنظور الاستراتيجي يمكن ان يعيق عمل المقاومة القادم والمتصاعد بناء على الحسابات الجديده اشك في ذلك ،فاطلاق الصواريخ كالكاتيوشا والغراد على منصات متحركة صغيرة لا يحتاج كثيراً من المجهود في نفس الوقت لن تكون ان الاجهزة الامنية في سيناء لها القدرة على مراقبة ومتابعة تلك الانشطة بنجاح،وبرغم ان سيناء وبناء على اتفاقيات كامب ديفيد فإن السيطرة المصرية عليها لا تمثل اكثر من 20% وتعداد رجال الامن والقوات لا يتجاوز بناء على النصوص 2000 رجل طالبت مصر بزيادتها مؤخراً .



بناء على المتغيرات التي يمكن ان تحدث ومن خلال التعاون بين الحكومة المصرية والحكومة الصهيونية لابد من اعادة النظر الى نصوص كامب ديفيد وخاصة المتعلق بسيناء ورجال الامن والقوات المسلحة وهذا ما ترفضه اسرائيل حتى الآن.



بكل المقاييس ان المقاومة العربية والفلسطينية لن تصمت على واقع الاستسلام المذل للامة العربية،فكما اخترعت الطيران الشراعي من ابو العباس واحمد جبريل لاختراق حدود فلسطين وكما فعل ابو جهاد ودلال المغربي لاختراق حدود فلسطين من البحر من خلال عملية دلال المغربي واكثر من علمية اخرى فإن المقاومة الفلسطينية والعربية لن تعجز عن فتح منافذ اخرى لايقاف عجلة التدهور المذلة للأمة من خلال التعاون والتطبيع مع العدو الصهيوني،وهل سنشهد معسكرين قادمين معسكر اسرائيل وما يسمى بالانظمة العقلانية في المنطقة ومعسكر اخر هو معسكر المقاومة المكون من القبائل العربية وفصائل فلسطينية تعتبر سيناء خط اختراق مناسب للظرف السياسي والامني والجغرافي .



بقلم / سميح خلف