هل قرأ الأستاذ أبو جرة سلطاني أدب وطار 4؟وهل هو يدعو إلى فكر القرامطة؟
الدكتور حسين فيلالي
يختتم الأستاذ سلطاني مقاله:(فهل ينهض المثقف الجزائري بواجب سد هاتين الثغرتين ويساهم بذلك في إبراد جلد "الولي الطاهر" أم أن أتباع "الحلاج" من المثقفين والأدباء والشعراء.. صاروا جميعا كحواريي عيسى (عليهم السلام) ينظرون إلى شبيه نبيهم يُصلب، ثم يكتفون بترديد قوله تعالى: »وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم«؟).
وما جعلني أشك في أن يكون الأستاذ سلطاني قد قرأ كل ما كتبه وطار قوله:(...أم أن إتباع الحلاج من المثقفين والأدباء والشعراء ...صاروا جميعا كحواري عيسى عليه السلام ....).
يصف الأستاذ سلطاني الأدباء، والشعراء، والمثقفين الذي يخالفون الراحل الطاهر وطار الرؤيا الفكرية بأتباع الحلاج وهو وصف ينم عن جهل،أو تجاهل لأفكار الطاهر وطار المبثوثة في كتاباته الروائية.لقد كان الراحل الطاهر وطار -على غرار العديد من الماركسيين- يعتبر الحلاج شهيد الفكر الحر، ويعتبر القرامطة حركة ثورية. والتاريخ يخبرنا بما فعله القرامطة بالكعبة المشرفة والحجر الأسود.
تابع دراسة العدوانية وهاجس المقدس في عرس بغل.(4).
(...أما تشكلت عندكم حركة قرمطية؟ تقول:أنتم نحن، ونحن أنتم وليس هناك سوى الجبة؟).
لا أدري إن كان الأستاذ سلطاني قد قرأ هذا المقطع الحواري من الرواية علما أن أحد وظائف الحوار في السرد هو تمرير أفكار الكاتب من خلال تخفيه وراء أبطال الرواية.
وهكذا تصبح الجنة التي تبشر بها الرسل والأنبياء مجرد خرافة في رؤية الطاهر وطار وأن الجنة الحقيقية هي التي يقيمها القرامطة الجدد أي الشيوعيون الذين تتقاطع عقيدتهم مع القرامطة في أكثر من نقطة وتسلك أكثر من سبيل لمحاربة الأديان أو على الأقل تحريفها عن جهل أو قصد.
ولنتأمل هذا المقطع من الرواية( مت يا حمدان قرمط قرير العين السادة اختفوا من السواد،الألفة لن يرجع عن دعوتك إلى آخر الدهر،مصير الإنسانية جمعاء القرمطة ، لا الصلاة،ولا زكاة، ولا وعظ ولا إرشاد يؤثر في قلوب الجياع دينهم العدل لقد فعلنا معهم ما لم يفعله الأنبياء).
وقد ذهب الدكتور وسيني لعرج إلى أن( القرمطة ههنا مطروحة بكل أبعادها التاريخية الإيجابية والتي –في النهاية –ليست شيئا آخر سوى الاشتراكية العلمية). د.واسيني لعرج-تجربة الكتابة الواقعية عند وطار ص:99
والطاهر وطار في كتاباته الروائية يتعدى العبث بالمقدسات الإسلامية إلى الافتراء على الرسول صلى الله عليه وسلم إذ يقول على لسان أحد أبطال روايته( في الجنة يقضي المسلم يومه الطويل ، الكبير في افتضاض الأبكار روي عنه صلى الله عليه وسلم ،يعوض الله تعالى عباده الصابرين ما حرموا منه في الحياة الدنيا،أنا أريد أن يمنحني الأطفال كل بكر أفتضها تلد في الحين توأمين وما ذلك على الله بعزيز).
ماذا يقول الأستاذ سلطاني في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كذب علي فليتبوأ مقعده من النار).
ويبلغ العبث ذروته، وتفتضح نوايا الكاتب، وتسقط آخر الأقنعة وهو يناقش مسألة وجود الله سبحانه وتعالى متقمصا قناع أحد أبطال روايته(تأملوا عمق ما اهتدى إليه الأشعري،كل ما يخطر ببالك فالله ليس كذالك ،جبل ،لا،نور،لا،سحاب،لا...
- من خطر بباله شيء يبديه
- .سيدي الشيخ
- لا يا حصان
- ...يا سيدي
- قلت لا
- .....
- لا يا رأس البطيخ
- عرفته سيدي الشيخ، عرفته.
- ما هو كيف تتمكن من معرفته و أبو الحسن الأشعري يعلن استحالة ذلك؟
- لا شيء،لا شيء إطلاقا،حاشاه جل وعلا أن يكون شيئا،يكون عندما ينتفي كل تصور له.
- أحسنت،أحسنت...لا يكون ويكون الإيمان به كما ليس هو.
- إنه غير موجودا إطلاقا حينئذ). ص:24
ولم تكن هذه النتيجة التي تسعى لنفي وجود الله سبحانه وتعالى مفاجئة لنا لأن الكاتب يقر بتشبعه بالفكر الماركسي.
انتهى.
في الحلقة القادمة: الطاهر وطار الأب الفني للسرد الجزائري.