آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: مسرحية - يحيى يعيش - للفاضل الجعايبي : كيف تمكر السلطة بصاحبها

  1. #1
    عـضــو الصورة الرمزية آمنة أورباي
    تاريخ التسجيل
    05/01/2010
    المشاركات
    168
    معدل تقييم المستوى
    15

    افتراضي مسرحية - يحيى يعيش - للفاضل الجعايبي : كيف تمكر السلطة بصاحبها

    "يحيى يعيش" للفاضل الجعايبي :
    "كاتارسيس" "بريشتي" من غواية السلطة ومكرها
    ا
    لخميس 29 نيسان (أبريل) 2010
    بقلم: كمال الشيحاوي
    بعد تفرّق عناصر المسرح الجديد، أضحى لأعمال "الجعايبي" المسرحية الأخيرة التي أنتجت في إطار مجموعة "فاميليا"، حضورٌ عالميّ في كبرى المسارح الأوروبية، مثل مسرح "الأوديون" بباريس الذي احتضن العرض الأوّل لمسرحية "خمسون" سنة 2006 (العمل العربيّ الوحيد الذي قدّم بهذا المسرح العريق)، إضافة إلى عروضها باليابان وبعض بلدان أمريكا اللاتينية. وبفضل هذه التجارب المنتجة خلال هذه السنوات، والأعمال السابقة ساهم "الجعايبي" بقوّة، وما زال، في بناء حداثة المسرح التونسي ورياديته عربيا.
    والمتابع لتجربة هذا المسرحيّ التونسيّ يعرف أنّ تيمة السلطة من أكثر الإشكاليات مركزية في رؤيته المسرحية. وتقديري أنّ نظرته، وجيله ممّن عايشوا أحداث ماي 1968 بفرنسا، للسلطة جعلته يكشف من منظور جدليّ حضورها وسطوتها في مجالات وقطاعات مختلفة من الحياة الجماعية والفردية للإنسان التونسي (مدار انشغاله الدّائم)، مثل إخضاع الإعلام (في مسرحية "غسّالة النوادر") والمتاجرة بالقضايا العربية (في مسرحيتيْ "عرب" و"البحث عن عائدة") ومثل كلّ التشوّهات والانحرافات الاجتماعية والنفسية التي تدفع إلى الجريمة والجنون والإرهاب الديني (في مسرحيات "التحقيق"، "كوميديا"، "العوّادة"، "سهرة خاصّة"، "فاميليا"، "عشّاق المقهى المهجور"، "جنون"، "خمسون")، (وهي أعمال بعضها أنجز صحبة مجموعة المسرح الجديد، وبعضها الآخر أنجز في إطار مجموعة "فاميليا"). ويؤكّد "الجعايبي" في حوار أجريناه معه ونشر على موقع الأوان بتاريخ 20 ديسمبر 2009 بنبرة واثقة، أنّه ما زال وفيّا للمبادئ والثوابت الأولى التي انطلق منها، من أجل مسرح سياسيّ ملتزم "نخبوي للجميع"،(….) "مسرح أردناه من البداية سيفا قاطعا ضدّ الأفكار السلفية البالية واللّغة الخشبية والكليشيهات". ويقول "الجعايبي" في ذات الحوار: "السياسة موجودة في كلّ ما نعيشه ونقوله و"نمسرحه"، هذا هو جوهر ما ينسب إلينا من مسرح ملتزم، مسرح سياسيّ. والسياسة ليست الاشتغال على افتكاك الحكم، أو على مقاسمته، أو الانتماء للمعارضة. السياسة عندي هي استقلالية كاملة، قد نصل إليها شيئا فشيئا لكي نكون محايدين، مواطنين واعين بحقوقنا وواجباتنا ومسؤولياتنا، نطرحها في كلّ عمل بشكل متميّز".
    وإن كانت السلطة بآلياتها وأجهزتها الإيديولوجية المختلفة حاضرة في عدد من أعماله، بتأثير سياستها غير المباشر في مسار الشخصيات، أو من خلال حضور عدد من الأعوان الممثّلين لأجهزة الأمن والتحقيق فيها، كما برز ذلك خاصّة في مسرحيتي "التحقيق" (المنتجة في إطار المسرح الجديد و"خمسون" المقدّمة في إطار مجموعة "فاميليا") إلا أنّها المرة الأولى التي يعالج فيها الجعايبي رأس السلطة، إذا جازت العبارة، من خلال شخصية معبّرة عن هرمها الأعلى الذي بيده الأمر والقرارات التي لها أثر مباشر في الشأن العامّ. وقد تمّ له ذلك صحبة رفيقة دربه "جليلة بكار" من خلال حكاية "يحيى يعيش" وهو اسم الشخصية الرئيسية المتخيّلة وعنوان العمل الجديد لموسم 2010.
    "يحيى يعيش" دهاء الحاكي ومكر الحكاية:
    "يحيى يعيش" مسؤول سياسيّ كبير، يشكّل إبعاده المباغت حدثا مدوّيا أشبه بالانقلاب العسكريّ، وهو ما دلّت عليه أصوات الطلقات النارية الصاخبة التي أثارت الفزع والرعب بين الجمهور والممثلين، معلنة بداية العرض/ بداية عهد جديد. إيمانه بحسن سيرته وبراءته من أيّة تهمة وحسّ الوطنية المسؤولة لديه، يجعله يعزم على السفر خارج البلد حتّى تهدأ الخواطر والأوضاع، لكنّه يفاجأ بمنعه وزوجته من قبل أعوان الأمن، وبحجّة الحفاظ على سلامته يحجز جواز سفره، كما يبلغه خبر إيقاف ابنته متّهمة باستهلاك المخدّرات والمتاجرة فيها. ويجد نفسه أخيرا في مستشفى عموميّ للمداواة من حروق جلدية، قيل له إنّها من آثار الحريق الذي شبّ بمكتبته، وأتى على جميع ما يمتلك من وثائق وأوراق وكتب.
    يجد "يحيى يعيش" (قام بالدور "رمزي عزيز") نفسه محاصرا بأعوان البوليس السياسيّ في غرفة معزولة أشبه بالزنزانة، متّهما بحرق مكتبته. يصعب عليه التمييز بين أعوان الأمن السياسي والأطباء الحقيقيين، ويلتبس مع ذلك كلّ الشيء في حياته. تعكّر صحّة زوجته المريضة، ، ثمّ تنكّر طبيبه الخاص الذي نال مقابل تقرير مزيّف عن صحّته وزارة الصحة بعد الانقلاب، وعجز محاميه عن فعل أيّ شيء رغم أفضاله الكبيرة، إذ كان وليّ أمره مذ كان طفلا، كلّ ذلك ضاعف في اكتئابه وعزلته، وحوّله إلى رجل مقعد، بل جثّة متهالكة على كرسيّ تتقاذفه الأيدي. وزيادة في تعذيبه النفسيّ يتواطأ أعوان الأمن مع العاملات بالمستشفى اللّواتي يتعرّضن له، مشهّرين بمسؤوليته المباشرة عن أوضاعهم المهنية المتردّية. وتتمكّن صحفية قامت بالدور"جليلة بكار" من مباغتته في المطار، ثمّ في المستشفى، ثمّ على الحدود التي اختارها للسفر خلسة، (ولعلّ ذلك تمّ أيضا بتواطؤ من أجهزة الأمن التي تركته يعبر الحدود بعلمها) لتردّد بإلحاح ماكر وبضحكة هادرة وساخرة رغبتها في إجراء حوار طويل معه، علّه يكشف عمّا تمّ إخفاؤه في عهده من حقائق وأخبار عن الفساد والسرقة وغير ذلك. النبرة الطاغية على لسان الصحفية تلمّح بخبث لنصيبه من المسؤولية فيما حدث، كما لا تخلو من روح التشفّي العابث.
    كلّ ذلك يدفع "يحيى يعيش" إلى حافة الانهيار العصبيّ والجنون أو الموت (وهو ما يتمناه له خصومه السياسيون ويسعون إليه في حالة اختياره البقاء)، ولكنّ الرجل يظهر بالمقابل شجاعة وقدرة على مقاومة كلّ ذلك. فيذكّر دائما بوفائه بصفته جنديا في الحزب والدّولة، يرفض أن يتمّ استعمال قضيته من قبل المعارضين، كما أكّد ذلك لمحاميه، ويؤكّد للصحفية أنّه مناضل خدم بلده بشرف وصدق. ورجل مؤمن بقضاء اللّه وقدره. يبرّئ نفسه دائما من تهمة حرق مكتبته أمام المحقّقين، مستذكرا علاقته الحميمة بالمعرفة وببعض الكتب التي كان يطالعها ومن بينها "الثابت والمتحوّل" لأدونيس. ويقوم باستذكار فقرة منه عن ضرورة تخليص العقل العربي من بنية التفكير السلفيّ. كما يؤكّد في إحدى الندوات التي حضرها أمام الصحفيين أنّه مازال وفيّا للنظام رغم كلّ شيء، و"أنّه يؤمن بالديمقراطية في صلب الحزب الواحد" بحسب عبارته.
    للخروج من ثنائية التعاطف والإدانة:
    شخصية "يحيى يعيش" الرئيسية في هذا العمل كما صاغها "الجعايبي" تجعل الجمهور يتعاطف معها من الناحية الإنسانية، بسبب ما قاسته من آلام نفسية وجسدية، وما تعرّضت له من مكائد ومؤامرات وخيانات ممّن ظنّت أنّها خدمتهم بإخلاص في الحكم، أو كان لها عليهم فضل على الصعيد العائلي. كما تدفعه (أي الجمهور) أيضا إلى تفهّم مسار الشخصية الفكريّ والسياسيّ، ونزعتها الصادقة إلى الإصلاح والحكم الرشيد، ممّا يغذّي صورة السياسيّ الضحية الذي يدفع ضريبة سذاجته وضعف مقامه في آلة السلطة الجهنمية التي تمحو من بداخلها. ولكن إضافة شخصية الصحفية (قامت بالدور "جليلة بكار") للعمل كانت حاسمة في مسار الحكاية وخطابها، فقد سعت في لقاءاتها مع "يحيى يعيش"، وهي تدعوه لإجراء حوار صحفيّ إلى أشكال من المحاسبة النقدية لعهده السابق في السلطة، حيث كان شريكا رئيسيا في المسؤولية السياسية التي أدّت إلى تردّي أوضاع الصحافة والإعلام، وسوء الأحوال الاجتماعية والصحية والثقافية والحضارية وانسداد الآفاق عامّة. وقد ساهم وجود الصحفية بقوّة في الحدّ من انجراف الجمهور إلى التعاطف مع شخصية "يحيى يعيش" وأيقظ ذهنه، واستفزّ وعيه للنظر إلى وجه "الجلاّد" الذي يختفي تحت وجه الضحية. ويمكن القول في هذا المستوى من التحليل إنّ شخصية الصحفية ساهمت بقوّة في بلورة النزعة "التغريبية" في العمل، (وهي نزعة ساهمت عناصر مسرحية أخرى في تغذيتها، كما سنبين ذلك لاحقا).
    نعود إلى شخصية "يحيى يعيش" لنقول إنّ العمل لا يقاربه عبر ثنائية الجلاد والضحية. فهذه الثنائية التي تغذّي البعد التراجيديّ في الشخصية تلمّع صورة الضحية لدى الجمهور، وترجّحها في تفكيره، (وهي وظيفة تقوم بها بعض الندوات والبرامج التلفزيونية التي تتيح لسياسيين سابقين تلميع صورتهم، وتبرئة ساحتهم عبر ما يقدّمون من شهادات شخصية).
    في المسرح السياسي الملتزم الذي تنخرط فيه هذه المسرحية، فإنّ "يحيى يعيش" شخص يتحمّل بالكامل مسؤوليته عن كلّ الأوضاع السيّئة التي يتمّ التشهير بها في عهده. ولا يقلّل صمته، أو جهله، أو عجزه، أو قلّة معرفته بشؤون الاقتصاد كما يقول عن نفسه، شيئا من مسؤوليته، بل يضاعفها. ومن المفارقات الدّالة على فداحة وسخرية ما قام به هذا الشخص أنّ الأغلال التي قيّدت أيدي الإعلاميين والمحامين والمناضلين الحقوقيين في عهده، هي التي ما زالت تمنع اليوم هؤلاء من قول ما يمكن أن ينصفه وعائلته. وهنا ينقلب سحر السلطة على الساحر، وتنقلب الآلة الأمنية التي كانت موجودة في عهده، تحرم من تعتبرهم خصوم السلطة من حقوقهم، لتحرمه بنفس العنف من جواز سفره، وحقوقه في تحقيقٍ ومحاكمة عادلين.
    تتجاوز مسرحية "يحيى يعيش" في رؤيتها العامّة محاسبة "مسؤول سياسي" ما، في سياق تاريخي ما، لتخترق من الدّاخل وبجرأة كبيرة آليات السلطة والهيمنة والنظام في العالم العربي والعالم الثالث عموما، حيث يصبح الجميع أسرى الآلة السياسية الصمّاء، بمن في ذلك السياسيون أنفسهم الذي يعملون بداخلها. والأمر يتجاوز المسؤول السياسي رغم أهمية قراراته وتأثيرها، لتشمل كلّ من له مسؤولية وتأثير في تغيير الأوضاع، من الصحافة والإعلام الذي لا يتحمّل المسؤولية الأخلاقية لمهنة الإعلام، إلى المحامي والمثقّف والكاتب ومن ورائهما كلّ مكوّنات المجتمع المدني.
    جماليات التعبير الجمالي في المسرح السياسي :
    تنتمي "يحيى يعيش" بموضوعها وأحداثها وخطابها الفنّي إلى المسرح السياسي، وهو مسرح تكون الأولوية فيه للوظيفة الإيديولوجية في إيصال الخطاب السياسي. ولكنّ ذلك لا يعني بالضرورة أن يضحّي بجماليات التعبير المسرحي فيه كما هو الحال في نماذجه الهزيلة في المسرح العربي عموما، بل هو متميّز بقدرته على خلق جمالية تعبيرية عضوية في خطابه المسرحي، تعضد عملية إيصال الخطاب السياسي، وترقى به من التلقينية المباشرة إلى مستويات متعدّدة من التغريب كما هو الحال في مسرح "بريشت" الذي لا ينكر الجعايبي أنّه من ورثته المجدّدين.
    في الرؤية الإخراجية العامّة للعمل اختار الجعايبي كتابة ركحية تتغذّى من جماليات المسرح السياسي البريشتي. فالممثّلون يخرجون من بين الجمهور، وليس من وراء الستار كما هو الحال في المسرح الكلاسيكي. والخطاب واضح ومباشر على ألسنة الممثّلين، يلحّ على إيصال رسالة إيديولوجية بنزعة "تغريبية" تحريضية، هجائية، ساخرة، تسعى إلى إيقاظ ذهن المتفرّج واستفزازه باعتماد وسائل مختلفة، منها الحوار والجدل والتحقيق والمسائلة التي تتمّ بين الشخصيات. يعضد ذلك كلّه توظيف لمكوّنات الركح ومتمّماته السينغرافية التي تتضافر للتعبير عن الدلالة العامّة للعمل، من ذلك الركح الفارغ الذي تتصارع فيه الكراسي في دلالة واضحة على حالة التكالب العامّ على السلطة والنفوذ التي تنخر جسد السلطة والمجتمع، والإضاءة شبه التامّة للقاعة بما فيها من جمهور وممثلين بما هي كشف فاضح عن الواقع الذي صار عاريا من فرط فجاجته واختناقه، وثنائية السواد والبياض في اللّباس، والنور والظلمة، والنوم والاستيقاظ، بما هي علامات دالّة على انسداد واقع اجتماعيّ دائريّ مغلق في منعطف سياسي حاسم. لم يعد يتحمّل من فرط تأزّمه تدرّجا في الألوان والإضاءة واختلافا في اللّباس/الشخصيات، وتنوّعا في الآراء والآفاق.
    المسرح منبر من لا منبر له:
    لقد أكّد المسرحي التونسي "الفاضل الجعايبي" في عمله المسرحي الجديد "يحيى يعيش" أنّ المسرح ليس فقط أب الفنون جميعا، (في قدرته التقنية على توظيفها لصالحه)، بل هو (ولنقل تجنّبا لاتهام ما بالنزعة الأبوية البطريكية، وبنفس المعنى المجازي) الأمّ الحاضنة والمرضعة في كرم وحنان وتسامح للاختلاف. إنّه الرّكح الدّيمقراطي الذي يتسع لاحتضان كلّ الخطابات، دون تمييز أو إقصاء، منبر من لا منبر له. فبعد أن كان منبرا وركحا للخطاب الفصامي للمجنون ومن ورائه لكلّ التشوّهات والانحرافات التي أصابت جسم المجتمع التونسي في مسرحية "جنون" ، ثمّ للخطاب الأصوليّ السلفيّ ومن معه من الخطابات المقصية لليسار والمثقفين في مسرحية "خمسون" (أنتجت سنة 2006 )، ها هو يتقدّم إلى أبعد من ذلك ليجعل الركح منبرا لمن منعوا أو حرموا من الكلام، من الساسة والمسؤولين السياسيين في تونس وفي عالمنا العربي عموما الذين يتمّ إبعادهم من دوائر القرار والمسؤولية بطريقة قاسية وعنيفة.
    لقد أثبت الجعايبي أن رؤية الفنان أرحب من رؤية السياسيّ، وأنّه لا يبادل الإقصاء بالإقصاء والمنع بالمنع. وها أنّ السياسي المحروم من الكلام، المحروم من إنسانيته، من حقّه في الخطأ ومن الضعف، المحروم من نعمة الدّيمقراطية، يتمتّع بها في رحاب فنّ ديمقراطيّ بامتياز هو المسرح، الذي أعاد له إنسانيته، ومنحه فرصة "محاكمة" فنّية عادلة ومنصفة إلى حدّ كبير. وهو ما يؤكّده في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية حيث قال إنّ عمله الجديد "هو عملية فحص دقيقة للجهاز السياسي في أعلى مستواه للوقوف عند علاقة رجل السياسة بالسلطة والمادة والآخر"، وأنّ "تعرية الحقيقة أمر ضروريّ لأنّ الهوّة أصبحت شاسعة بين المسؤول السياسي وما يجرى في الخفاء". وشرح في نفس التصريح : "أسئلة كثيرة اشتغلنا عليها… لا سيما الأسباب التي تقف وراء تغيّر السياسي حين يمسك بزمام السلطة وتنازله عن أطروحاته وأبعاد قرار استبعاده خارج اللعبة بعد انتهاء فترة الصلاحية."
    هامش من أجل خاتمة محتملة:
    تصلنا دائما أخبار وفضائح وإنجازات وتفاصيل مثيرة عن حياة السياسيين في أكثر التجارب ديمقراطية في العالم. إنّهم بشر، يخطئون، ويضعفون ككلّ الناس أمام المرأة والمال والإفراط في السلطة، لديهم إنجازات وعثرات، أحلام وعقد وجراحات عاطفية، طفولة وشباب وكهولة وشيخوخة. ولأنّهم يذكّرون دائما بطبيعتهم البشرية فإنّهم يشكّلون مثل غيرهم من الأنماط البشرية مادّة درامية خصبة لمختلف الأعمال الفنية في الغرب، منذ تراجيديات شكسبير إلى آخر ما صدر من مذكّرات وسير وروايات كبار الساسة في الغرب. هذا التعامل لا يقلّل من قيمتهم وهيبتهم، إذ لطالما ساهمت برامج إعلامية ساخرة في شعبية سياسيين مثل "لي قينيول" كما اعترف بذلك رئيس الوزراء الفرنسي السابق "جاك شيراك". ونلاحظ في مجتمعاتنا العربية بالمقابل أنّه ما إن يدخل شخص ما عالم السلطة وخصوصا دوائر النفوذ الأساسية فيها حتّى يسدل عليه حجاب، ينقله من مصافّ البشر الذين يخطئون ويصيبون إلى عالم أنصاف الآلهة الذين يتنازلون طوعا وطمعا عن كلّ ما يشدّهم لعالم البشر، عن كلّ ما يذكّر بطبيعتهم البشرية، ليتماثلوا دفعة واحدة في زيّ السلطة الموحّد. ولذلك يؤكّد "الجعايبي" في عمله المسرحيّ الجديد "يحيى يعيش" أنّ كلّ أشكال المنع والإقصاء والغطرسة التي يمارسها السياسي يمكن أن ترتدّ عليه عكسيا، ليصير ضحيّة لها بعد أن ظنّ أنّه المستفيد الوحيد والدائم منها. بل إنّ آليات السيطرة المطلقة التي تنحرف لها السلطة، وتمارسها تستحيل شيئا فشيئا إلى آلة رحي مرعبة قد تأتي على من صنعها، أو وحش فظيع مثل "فرانكشتاين" لا يتردّد في ابتلاع خالقه كما جاء في فيلم "سكورسايز" الشهير.

    Benim için dünyada en büyük mevki ve mükâfat, milletin bir ferdi olarak yaşamaktır. Eğer Cenab-ı Hak beni bunda muvaffak etmiş ise, şükrederim. Bugün olduğu gibi omrümün nihayetine kadar milletin hizmetinde olmakla iftihar edeceğim
    أن أعيش كفرد من أفراد الأمّة هو أكبر منصب وأعظم مكافأة في الدنيا بالنسبة لي. وإذا كان قد وفقني اللّه تعالى لذلك, فأنا من الشاكرين. وأنا أفتخر أن أكون في خدمة هذه الأمّة, كما هو الحال الآن و حتى نهاية عمري.
    Mustafa Kemal Atatürk

  2. #2
    شاعر
    نائب المدير العام
    الصورة الرمزية عبدالله بن بريك
    تاريخ التسجيل
    18/07/2010
    العمر
    62
    المشاركات
    3,040
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي رد: مسرحية - يحيى يعيش - للفاضل الجعايبي : كيف تمكر السلطة بصاحبها

    الأخت فاطمة أورباي :

    لك مني أجمل تحية على مجهودك الكبير ,و انتصارك

    لفن مهمل في كتاباتنا رغم أهميته البالغة و إذ المسرح

    أداة وعي و تنوير ..

    سأعود لمناقشة بعض الجزئيات التي وردت في موضوعك.

    إلى ذلك الحين تقبلي فائق تقديري أختي الفاضلة.

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •