آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 17 من 17

الموضوع: كتاب عالم جورج بوش السري / تأليف - اريك لوران

  1. #1
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    05/11/2010
    المشاركات
    810
    معدل تقييم المستوى
    14

    Exll كتاب عالم جورج بوش السري / تأليف - اريك لوران

    كتاب عالم جورج بوش السري
    / تأليف - اريك لوران / ترجمة - مليكة بوشامة
    دخل جورج دبليو بوش البيت الأبيض بعد انتخابات أثير حولها الكثير من اللغط، ومع ذلك لم يسبق أن حاز رئيس قبله كل هذه السلطة، وأظهر كل هذه الغطرسة. غير أن مساره يعج بالخفايا والأسرار، و«تشوبه» تحالفات مشبوهة و تلاعبات مالية مشينة، على حد تعبير مؤلف كتاب «عالم بوش السري» الذي حاول دخول دهاليز الحكم في أميركا، ورصد دور رجال المال، وصناع الفكر والأصوليين الدينيين في كواليس البيت الأبيض، وتوقع لقارئه أن يصاب بالهلع والقلق لما يجري في مطبخ النظام العالمي الجديد، نظام القطب الواحد الأوحد.

    وقد عمدنا في عملية الترجمة والإعداد إلى الأسلوب الانتقائي في اختيار المادة المترجمة بهدف تقديم صورة متكاملة للقارئ عن هوية حكام عالم اليوم، منذ مرحلة التشكل الهلامي، فمرحلة الكمون وصولا إلى مرحلة العمل المنظم والعلني في سبيل الغاية الأعظم أي «إعادة تشكيل المشهد الجيو سياسي بحيث تكون واشنطن فيه سيد اللعبة».

    تأليف: اريك لوران
    يعد من أبرز المراسلين في فرنسا، متخصص في شؤون السياسة الخارجية، له عدة مؤلفات رائجة بينها: «حرب الخليج، الملف السري» شاركه في التأليف بيار سالينجر، و«عاصفة الصحراء» وصدر له أخيرا كتاب «حرب آل بوش».

    ترجمة وإعداد: مليكة بوشامة

    علاقة محرمة» بين صانعي السياسة الدفاعية وشركات الأسلحة في أميركا

    بعد ثمانية أشهر من تولي جورج دبليو بوش مهام الرئاسة في نوفمبر 2000، نشرت مجلة نيوزويك في عددها الذي صادف هجمات 11 سبتمبر مقتطفات من كتاب كان قيد الطبع يحمل عنوان: «رئيس بالصدفة؟» وكان السؤال ليبدو استفزازيا لكنه في الواقع سؤال مغلوط تماما. فبوش يمكن وصفه بأي شيء إلا أنه وصل إلى الحكم بمحض الصدفة. واعتبر قسم كبير من الرأي العام الأميركي حصيلة حكمه آنذاك مخيبة للآمال فيما استطاعت قلة فقط من المراقبين تقييم حجم التغيير العميق والانقلاب المقلق اللذين حدثا.

    فهناك كثير من الرؤساء في التاريخ الأميركي الذين شددوا على جذورهم الدينية، وطعموا خطبهم بمقاطع من الإنجيل، ولكن لم يحدث أبدا قبل وصول جورج دبليو بوش أن اكتسب الدين وزنا كبيرا كما في عهده.

    وخلال حملته الانتخابية أكد بوش أن المسيح هو المفكر المفضل لديه لأنه «أنقذ قلبي» وحالما تسلم السلطة أعلن يوم 20 يناير 2001 يوما وطنيا للصلاة رغم وجود مثيل له في شهر مايو.

    ويقول المؤرخ آلان ليشتمان من الجامعة الأميركية في واشنطن: «إن إقحام الدين بهذا الشكل لم يسبق له مثيل».

    وفي إحدى خطبه الأولى قال على وقع التصفيقات الحارة: «ينبغي أن ينتهي زمن التمييز ضد المؤسسات الدينية لا لشيء إلا لأنها دينية». وبعيد ذلك، انبرى يدافع باستماتة عن المطالب الأساسية للمنظمات المسيحية المحافظة جدا وضمنها منظمات أصولية تطالب بتوسيع نطاق استفادتها من الأموال العامة لتمويل برامجها للمساعدات الاجتماعية. وهو ما يمثل مصدر إثراء لا يستهان به بالنسبة لهذه الحركات وقادتها بمن فيهم رجال الدين ورؤساء الشركات ومعظمهم يملك ثروات شخصية طائلة.

    ويذكر أن جورج دبليو بوش أكد خلال حملته الانتخابية انه يجسد «نموذجا جديدا للمرشح الجمهوري». لكن الواقع كشف عكس ذلك.

    «فالتحالف الجديد» الذي كان يدعمه تنكر تماما للقيم والقناعات التقليدية للحزب الجمهوري أو على الأقل تلك التي دافع عنها اثنان من الحزب وهما أبراهام لينكولن ودوايت ايزنهاور. إذ اعتبر الأول الحرب الأهلية اختبارا حقيقيا. وظلت الحرب طيلة 140 عاما تقريبا محور الأهداف بالنسبة لهؤلاء المسيحيين الأصوليين الذين يتسمون في الغالب بالعنصرية ومعاداة السامية والمرتبطين ارتباطا وثيقا ببعض المحافظين الجدد اليهود المقربين جدا من حزب الليكود اليميني الحاكم في تل أبيب. اعتبر هؤلاء أن المواجهة اللازمة ينبغي أن تتم على صعيدين اثنين فعلى الصعيد الداخلي، ينبغي التوصل إلى تفكيك نظام الرعاية الاجتماعية ودعم الأقليات الذي وضع قبل عدة عقود إلى جانب فرض القيم الدينية الأكثر محافظة على المجتمع الأميركي برمته.

    وكانت مؤسسة «هيريتيج»، معقل هذه الإستراتيجية، تتحدث عن ثورة أميركية ثانية لـ«الاستقلال الثقافي» ترمي إلى نسف المجتمع متعدد الثقافات السائد في الولايات المتحدة وتقويضه.

    .. لا منافس لأميركا

    يتبع باقي الموضوع


  2. #2
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    05/11/2010
    المشاركات
    810
    معدل تقييم المستوى
    14

    افتراضي رد: كتاب عالم جورج بوش السري / تأليف - اريك لوران

    أما على الصعيد الخارجي فكان الهدف يرمي إلى تسخير الجبروت الأميركي، وخاصة القوة العسكرية لإعادة تركيب المشهد الجيوسياسي. وقد قالها الصقور المتحلقون اليوم حول جورج دبليو بوش صراحة «ينبغي ألا نألو جهدا في منع أي بلد آو مجموعة إقليمية من التمكن يوما ما من منافسة أميركا».

    وفي خطاب ألقاه ايزنهاور قبيل مغادرته السلطة في يناير 1961 وترك صداه إلى اليوم، تحدث الرئيس عن وجود تحالف عسكري صناعي يمثل خطرا جسيما على الديمقراطية الأميركية وكانت تلك القوة العظيمة المتمثلة في البنتاغون من جهة وشركات الأسلحة من جهة أخرى تشغل بال القائد العسكري السابق.

    وظل نفوذ هذا اللوبي وما يمثله من خطر موضوعا يتردد على الألسن طيلة العقود التي تلت. ونستعير كلام لينين، الذي قال قبل وفاته بقليل عام 1924 إن «الشركات متعددة الجنسيات بسطت هيمنتها على الأرض» لنقول أن التحالف العسكري الصناعي قد بلغ أوجه حين هيمن على إدارة بوش. فواضعوا السياسة الدفاعية ومنفذوها الذين يرسمون أيضا الملامح الجديدة للسياسة الخارجية الأميركية، يقيمون علاقات «محرمة» حسب تعبير أحد المراقبين، ولكنها مثمرة مع شركات الأسلحة، والشركات الكبرى.

    سيكولوجية

    التقى الصحافي بوب وودوارد الرئيس الأميركي في أغسطس 2002 بمزرعته في كراوفورد. وقد كتب يقول: «خلال المقابلة، جاء الرئيس الأميركي على ذكر فطرته أو «ردود فعله الغريزية» حوالي 12 مرة إلى أن قال: «أنا لست من النوع الذي يعمل بما جاء في الكتب بل بما تمليه علي غريزتي».. ومن الواضح أن غريزته هي بمثابة دينه الثاني.

    صحيح أن بوش لا يقرأ. وقد ظلت السيرة الذاتية لسام هيوستن، أحد مؤسسي تكساس الذي يحلو له أن يتماهى معه، هو الكتاب الذي يتصفحه قبل الخلود إلى النوم طيلة شهور عديدة، غير أن ثمة كتابا وحيدا حرص على قراءته سطرا سطرا، وبتركيز شديد، وأحدث فيه تغييرات جذرية على مستوى الشخصية والنظرة إلى العالم، انه كتاب الإنجيل الذي قرأه وهو يشارف على الأربعين من العمر.

    تزوج بوش عام 1977 وانضم إلى الكنيسة البروتستانتية الإصلاحية التي كانت زوجته عضوا فيها. وعرف عنه إدمانه الكحول حتى ضاقت به زوجته لورا ذرعا وفي عام 1985 أصيب بوش وهو في عمر 39 عاما بحالة إحباط شديد مع توالي النكبات و الإخفاقات على الصعيد المهني.

    ويروي هاوارد فينمان في تحقيق نشرته نيوزويك تحت عنوان: «بوش والرب» كيف تعافى الرئيس الحالي من هذه الحالة بفضل أحد أعز أصدقائه بوب ايفانز، الذي يشغل منصب وزير التجارة حاليا. كان ايفانز يمر بدوره بفترة عصيبة على الصعيد المهني والشخصي وكان قد التحق بحلقة دراسية للإنجيل وهي عبارة عن برنامج لدراسة احد كتب العهد الجديد دراسة معمقة على مدى عام كامل.
    واقنع ايفانز جورج دبليو بوش بالانضمام إليه في الحلقة الدراسية. فتعمق الاثنان في إنجيل لوقا طيلة عامين، ودرسا نسخة القديس بول حول طريق دمشق و إنشاء الكنيسة المسيحية «وقد كان هذا البرنامج بمثابة انعطافة حقيقية في حياة رئيس المستقبل على صعد عدة، إذ أصبح لديه محور اهتمام فكري للمرة الأولى». ويعتبر بوش بهذا المعنى نتاج «حزام الإنجيل» وهو المصطلح الذي يطلق على الولايات المحافظة والمتدينة في جنوب الولايات المتحدة حيث يكن المؤمنون احتراماً شديداً لنصوص الإنجيل.
    وجد بوش الذي يحب ممارسة المشي والماراثون في دراسة الإنجيل بديلا فكريا وتربية روحية كان في أمس الحاجة إليهما لمواجهة التحدي الأساسي في حياته آنذاك، أي ترك تعاطي الكحول.
    وقد توقف بوش عن ذلك في صيف 1986 بعدما احتفل هو وصديقه ايفانز ببلوغهما الأربعين.

    ويذكر انه قال في إحدى المناسبات بعد انتخابه ببضعه شهور: «لقد كان الإيمان خير سند لي في أوقات النجاح و الإخفاق. ولولاه لكنت شخصا مختلفا ولولاه لما كنت هنا اليوم، ربما».

    وبعد «مولده الجديد» (إشارة إلى التجربة الروحية لإعادة اكتشاف الله التي يزعم كثير من الأميركيين «1 من 4» أنهم عاشوها) في عام 1986، اهتدى بوش بعد عام من ذلك إلى السبيل الذي يكفل له المزج بشكل فعال بين القناعات الدينية والطموحات السياسية. ففي عام 1987، ذهب إلى واشنطن والتحق بالفريق الذي كان يحضر الانتخابات الرئاسية لصالح والده. وتم تكليفه بتنسيق العلاقات مع مجموع الحركات والمنظمات التابعة لليمين المتدين وهو ما لم يكن وليد الصدفة.
    ويقول أحد مساعديه، وهو دوغلاس ويد متذكرا: «أما أبوه فلم يكن يشعر بالارتياح فعليا لهؤلاء الناس في حين كان الابن يعرف تماما كيف تنبغي مخاطبتهم والتعامل معهم». وتكررت مبادرات جورج دبليو بوش، طيلة الحملة لمحاولة إقحام أكبر عدد من النصوص الإنجيلية على سبيل الاستشهاد في الخطب الانتخابية التي ألقاها والده.
    وحين قرر في عام 1993 ترشيح نفسه لمنصب حاكم تكساس أثار ارتياب والدته التي كانت ترى شقيقة الأصغر جيب مؤهلا للمنصب في فلوريدا أكثر منه. وكان جورج دبليو بوش الذي هزم أبوه أمام بيل كلينتون قبل عام من ذلك، قد انكب على تحليل الأسباب الانتخابية الكامنة وراء هذه الهزيمة بمساعدة «ملهمه السياسي» كارل روف الذي يعمل ضمن فريقه في البيت الأبيض.
    يتبع باقي الموضوع


  3. #3
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    05/11/2010
    المشاركات
    810
    معدل تقييم المستوى
    14

    افتراضي رد: كتاب عالم جورج بوش السري / تأليف - اريك لوران

    واتضح أن أسباب هزيمة بوش كان مردها في جزء كبير منها إلى نقص أصوات المحافظين المتدينين الذين يشكلون حسب تعبير «روف» «قوة لا غنى عنها لأنها تمثل حوالي 18 مليون ناخب. وهؤلاء الناس لا يمكن التحايل عليهم فهم يريدون أن تكون مثلهم».
    ثم أن بوش ارتكب في نظر المسيحيين المتطرفين خطأ.
    لا يغتفر حين مارس ضغوطات على إسرائيل وأجبر رئيس الوزراء آنذاك اسحق شامير على الجلوس إلى طاولة المفاوضات أثناء مؤتمر مدريد، ويذكر أن هؤلاء الناشطين المسيحيين كانوا يتبنون المواقف الأكثر تشددا لدى اليمين الإسرائيلي، وهو تحالف غاية في الغرابة والغموض.

    من يدخل الجنة
    في عام 1993 وخلال الفترة التي كان جورج دبليو بوش يتهيأ فيها لدخول السباق الانتخابي لتبوء منصب حاكم أدلى بمقابلة صحيفة لصحافي يهودي وكان من ضمن ما قاله فيها: «وحدهم المؤمنون بالمسيح سيدخلون الجنة».
    وهي جملة أثارت حفيظة عدة كتاب أعمدة في الصحافة المحلية والإقليمية في حين ابتهج لها كارل روف لان هذا الكلام الطائش الصادر عن مرشحه يعتبر الوسيلة الأضمن لاستمالة قلوب وأصوات الناخبين المسيحيين المحافظين وخاصة في المناطق القروية من ولاية تكساس.
    وقد استخدم بوش طيلة حملته الانتخابية القساوسة كوسطاء أو مفاتيح انتخابية، وفور إعلان فوزه صرح قائلا: «لم أكن لأصبح حاكما لو لم أكن مؤمناً بمخطط الهي كبديل لكل المخططات الإنسانية».

    ويتحدث الصحافيان لودوبوز ومولي ايفنس اللذان تقصيا كثيرا حول الرئيس الحالي عن «إيمان قدري وغريب للغاية» ويمكن الجزم أن بوش موقن انه مكلف بمهمة إلهية.

    رئيس
    بدأت فكرة الترشح للانتخابات الرئاسية تراود جورج دبليو بوش مع مطلع عام 1999، ففاتح والدته في الأمر أولاً، وبعد ذلك بفترة قصيرة ذهبا معا إلى الكنيسة لحضور القداس، وكان موضوع العظة في ذلك اليوم يتلخص في شكوك موسى في مؤهلاته كزعيم، فأسرت بربارة لابنها بالقول: «إنك تشبه شخصية موسى» وفور عودتهما إلى البيت استشارا القس بيل غراهام باعتباره صديقاً شخصياً لبوش الأب، كما يعد أشهر مبشر ديني في الولايات المتحدة وكان المستشار الروحي للعديد من الرؤساء الأميركيين وكاتم أسرارهم.

    وطمأن غراهام بوش جونيور بشأن مؤهلاته، وما هي إلا بضعة أسابيع حتى جمع حاكم تكساس في مقر سكنه أبرز القساوسة والقادة في تيار اليمين المسيحي.

    أجواء غريبة
    محرر خطابات بوش ديفيد فروم: «جاء بوش يتحدث عن ثقافة مختلفة تماما عن ثقافة رونالد ريغان الفرداني النزعة. ولفهم إدارة بوش لابد من فهم مدى سيادة هذه العقيدة». ويروي أن الرئيس الأميركي بادره بالقول ذات صباح فور وصوله للعمل إلى جانبه: «لم أرك في جلسة قراءة الإنجيل». إن ثمة أجواء غريبة تسود البيت الأبيض الأميركي فزوجة الأمين العام للرئاسة، اندروكارد مبشرة بالعقيدة الميثودية methodiste ووالد كونداليسا رايس يعمل مبشرا في الاباما، ومايكل جيرسون المسؤول عن الفريق الذي يتولى كتابة الخطب الرئاسية خريج كلية «ويتون في ايلنوا» التي تلقب بهارفارد الإنجيلية»، وهو يؤمن بنبؤات اليمين المسيحي المتطرف الذي يتحدث عن أرماجدون وشيكة، وعودة المسيح الدجال وظهور مخلص جديد من بعده.
    ويشارك كل موظفي البيت الأبيض في مجموعات لدراسة الإنجيل بشكل يومي، ويبدو مقر الرئاسة اليوم أشبه بقاعة صلاة واسعة يقوم العاملون فيها بإدارة شؤون أميركا والعالم بعد جلسة قراءة جماعية لـ «العهد القديم» أو «الجديد».

    السفير
    في عام 1973، كان جورج بوش سفيراً في الأمم المتحدة في عهد ريتشارد نيكسون ولم يكن أحد ليتنبأ له بمستقبل سياسي واعد. وكان يدافع عن السياسة الأميركية في فيتنام أمام أعضاء مجلس الأمن فيما كان ابنه البكر جورج دبليو ينهي خدمته العسكرية في صفوف الحرس الوطني في تكساس كأضمن طريقة لتفادي إرساله إلى الأوحال وحقول الأرز في فيتنام. ولا شك انه كان يجهل بل لعله لم يكن يعلم أبداً أن ذلك العام كان بداية هجمة غلاة المحافظين الذين سيبلغ انتصارهم المطلق أوجه بانتخابه هو بعد ثلاثة عقود من ذلك التاريخ.
    هيريتيج ضمت «جند الصدام في الثورة المحافظة»
    ممول اليمين الأميركي الأول ملياردير معقد وخجول حتى المرض

    بدأ كل شيء في عام 1971 حين كان التنديد بحرب فيتنام يتفاقم دون هوادة، وبدأ ريتشارد نيكسون وكأنه في مواجهة مباشرة مع قطاع كامل من الشعب الأميركي.
    وحدثت آخر صدمة عام 1971 تحديدا مع نشر «ملفات تخص البنتاغون» تكشف مجموعة من الأسرار حول خفايا الحرب الدائرة في جنوب شرق آسيا. وكان مسؤول رفيع في البنتاغون يدعى دانيال إيلسبيرغ قد سرقها ونشرتها صحيفة نيويورك تايمز رغم الضغوط الشديدة التي مارسها عليها البيت الأبيض. وكان وقعها شديدا. ووقع الرئيس الأميركي في حيص بيص، حين علم أن نسخة من الملف الضخم قد وصلت إلى سفارة الاتحاد السوفيتي في واشنطن.
    وفي العام نفسه قامت الغرفة الوطنية للتجارة بنشر مذكرة موجهة للزعماء في عالم الأعمال كتبها لويس باول الذي أصبح فيما بعد قاضيا في المحكمة العليا، وترك هذا النص أبلغ الأثر في العقول والنفوس، وورد فيه أن النظام الاقتصادي الحر يتعرض لهجمات عنيفة من قبل الشيوعيين واليساريين وغيرهم من الثوريين الذين يهدفون إلى تدميره تماما اقتصاديا وسياسيا، وذهب باول إلى أن من يشنون هذه الهجمات يؤيدهم «الطلاب في الأحياء الجامعية وأساتذة الجامعات، وعالم الإعلام، والمثقفون والصحف الأدبية والفنانون، والعلماء ومحترفو السياسية».
    يتبع باقي الموضوع


  4. #4
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    05/11/2010
    المشاركات
    810
    معدل تقييم المستوى
    14

    افتراضي رد: كتاب عالم جورج بوش السري / تأليف - اريك لوران

    إعلان الحرب

    ولم يقف تأثير مذكرة باول عند هذا الحد، بل أنها أبهرت المسؤولين المحافظين كونها ترسم خطوط الإستراتيجية الواجب تبنيها ليس فقط لاستعادة ما فقد من سلطة ونفوذ بل أيضاً لبسط هيمنة دائمة على السياسة والمجتمع الأميركي، إذ تدعو إلى تصدي عالم الأعمال لمحاربة هذا الخطر من اليسار واليسار المتطرف وحله عبر تسخير كل حنكة لإنشاء منظمات يتم التخطيط لأهدافها وعملية تطبيقها بعناية، على أن يمتد عملها المترابط لفترة لا متناهية من السنوات تحظى بوسائل تمويل ضخمة تحشد لها جهود متضافرة «فالتأثير في السلطة السياسية يقتضي حسب باول مبادرات موحدة ومنسقة ومنظمات حاضرة على الصعيد الوطني» كما اقترح أن تستعين هذه المنظمات بباحثين، وان تصدر صحفا، وتؤلف كتبا ومقالات ورسائل نقدية وتنخرط في جهود طويلة المدى لتصحيح الخلل النابع من الأحياء الجامعية وتحقيق التوازن، و أوصى في نهاية المطاف «بممارسة رقابة دائمة على برامج التلفزيون والكتب المنشورة» معتبراً أنه لابد من توخي الحذر نفسه إزاء جهاز القضاء. ويمثل كلام لويس باول إعلان حرب حقيقية ضد الثقافة المضادة التي كانت تتصدر الساحة العامة و الإعلامية، وتتزعم كل الأفكار والتيارات الفكرية المعتدلة.

    وقد افتتن رجال فاحشوا الثراء من أقصى التيار المحافظ بهذا الكلام، وكانوا وهم المتشربون «بثقافة حربية» حقيقية على استعداد للدخول في صراع ضد هذه الاميركا التي يبغضونها، إذ «نخرها» في نظرهم «الانحطاط و الأفكار المنحطة» ولا تزال الذهنية نفسها تسيطر على أقصى اليمين الأميركي في عهد الرئيس جورج دبليو بوش رغم مرور 30 عاما.

    أميركا تغيرت

    وربما كان هؤلاء غلاة المحافظين يحلمون في مطلع السبعينات بنزاع مسلح قادر على إحياء أميركا من جديد لو لم تكن رحى الحرب دائرة في فيتنام. وقد أغرق هذا الإخفاق السياسي والعسكري البلاد في واحدة من أخطر الأزمات الأخلاقية في تاريخها، فقرروا نقل المواجهة إلى الداخل وتحقيق النصر عبر ممارسة تأثيرهم على العقليات و إعادة تشكيلها. فتصرفوا بحزم ومنهجية ودأب. وقد قال رئيس معهد «أميركان انتربرايز»، وهو من أبرز المؤسسات التابعة للمحافظين، كريستوفر دي موث: «إن الأمور تستغرق وقتا، وعلينا أن ننتظر مرور عشر سنوات على الأقل قبل أن تخرج الأفكار الراديكالية الجديدة إلى النور». غير أن هذه «المسيرة الطويلة» استغرقت في الواقع 30 عاما. ففي عام 2001 فقط تسنى لأقصى اليمين تذوق طعم النصر الكبير. وقد كتب ويل هاتون في صحيفة الابزورفر يقول: «ما زال البريطانيون وغيرهم من الأوروبيين لا يفهمون، فالولايات المتحدة تغيرت. إذ تحول مركز الثقل السياسي فيها من جانبيها الليبراليين (الشرق والغرب) إلى جهتي الجنوب والغرب المحافظتين اللتين لا ترغبان في أية علاقة مع العالم الخارجي [...]. ويذكر أن المحافظين الأميركيين شنوا منذ الستينات حرباً ضد التيار الليبرالي بحماس شبه لينيني وها هم يسيطرون اليوم على الدولة الأميركية، ويرغبون في الاستفادة من هذا النصر».

    الأب المالي

    في عام 1973، دخل ريتشارد سكيف ميلون الى الحلبة. ومع توالي السنين لقب هذا الرجل الأشقر ذي العينين الزرقاوين والمعروف بتحفظه الشديد «بالأب المالي لليمين الأميركي»، وكان آنذاك في العقد الثالث من عمره.
    وهو ابن سارة ميلون، وريثة المصرفي الملياردير اندرو ميلون الذي كان يعتبر في حياته أغنى رجل في الولايات المتحدة إلى جانب جون دي روكفيلر. وحين توفيت والدة ريتشارد سكيف ميلون عام 1965 تركت له ثروة قدرت قيمتها بأكثر من مليار دولار إلى ثلاث مؤسسات كبرى.
    كان ريتشارد سكيف شخصية معقدة ومتكتمة يعيش في عزلة. وكانت لديه أملاك في مختلف أنحاء الولايات المتحدة. وكان يرفض المقابلات الصحفية وكل علاقة مع الصحافة. وهناك عدد كبير ممن استفادوا من عطاياه لم يلتقوه أبداً. وكان خجولاً لحد المرض مشغولاً بالنفوذ أكثر من الشهرة وقد قام بسحب إسمه من كتاب .whoصs who ويحكي رئيس التحرير السابق لمجلة بيتسبيرغر التي كان يمولها سكيف أنه سأله أثناء اجتماع عمل قائلا: «هل سلطتك نابعة من سلطة المال؟»، فصمت سكيف لثلاث أو أربع ثوان وهو يحدق فيه بنظرة قاسية قبل أن يجيبه: «أنا لا أضيع وقتي في التفكير في هذا الأمر لكنني كلما تقدم بي العمر زاد تأثيري وبالتالي زادت مكاسبي». وقد ظل العمل الخيري المعفى من الضرائب إحدى ركائز عالم الاقتصاد والمال الأميركي وقدرته على التأثير في السلطة السياسية زمناً طويلاً. (...) وقد عرف ريتشارد سكيف ميلون دائماً باهتمامه بالسياسة وقضايا غلاة المحافظين. ففي عام 1963، قام بدعم باري غولدووتر التي كانت تمثل الجناح اليميني في الحزب الجمهوري للرئاسة. ومول حملتها ووضع طائرة خاصة في خدمتها لكنها منيت بفشل ذريع أمام ليندون جونسون وهو ما راعه. وقد نأى بنفسه عن السياسة الاحترافية بعد ذلك وإن تبرع بمليون دولار لحملة ريتشارد نيكسون الانتخابية في عام 1972، على شكل 344 شيكا تفاديا للضرائب.
    و إعجاباً من سكيف ميلون بمذكرة لويس باول قام «بتعميد» مؤسسة «هيرتيج» في عام 1973 حيث انشئت لتصبح السلاح الكفيل في نظره بتحقيق «النصر في معركة الأفكار» وقدم لها 900 ألف دولار. وبعد مرور ثلاث سنوات قدم لها 420 ألف دولار أي ما يعادل 42 في المائة من الميزانية الإجمالية للمؤسسة التي كانت تقدر آنذاك بمليون دولار. وقد علق رئيسها الحالي ايدوين ج. فولنر على ذلك بالقول: «كان المبلغ دعماً أساسياً جاء في وقت حرج من حياة المؤسسة».

    يتبع باقي الموضوع


  5. #5
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    05/11/2010
    المشاركات
    810
    معدل تقييم المستوى
    14

    افتراضي رد: كتاب عالم جورج بوش السري / تأليف - اريك لوران

    وكان ميلون يشرف بشكل مباشر على ثلاث مؤسسات هي مؤسسة سارة (قدرت موجوداتها في عام 1997 بـ 302 مليون دولار ومؤسسة آليغاني (39 مليون دولار) ومؤسسة قرطاج (24 مليون دولار) وكان والداه ديفيد وكيري يترأسان مؤسسة رابعة هي مؤسسة عائلة سكيف Scaife Family Foundation التي بلغت موجوداتها 170 مليون دولار، وتتقيد بالأهداف التي رسمها والدهما. وقد بلغ مجموع ما أنفقه ميلون في ظرف 30 عاما، بين عامي 1967 و1997 في تأسيس ودعم عدة معاهد ومنظمات ذات نهج محافظ متطرف حوالي 600 مليون دولار. ومن بينها معهد هوفر بجامعة ستانفورد الذي كانت كونداليسا رايس مسؤولة عنه، ومعهد اميركان انتربرايز، ومن أعمدته ريتشارد بيرل ولين تشيني، زوجة نائب الرئيس الأميركي، ومعهد كاتو بالإضافة إلى مجموعة من المؤسسات الناشطة في المجالات الاجتماعية والقضائية وكذا في المجال الاستخباراتي.

    عبقرية هيريتيج

    ظلت مؤسسة هييرتيج على مر السنين درة أعمال سكيف إذ تضم حسب تعبير أحد نواب الرئيس بورتون يال بينز «جند الصدام في الثورة المحافظة» وهم رجال يملكون رؤية أيديولوجية للمجتمع الأميركي. فكل خطوة تقدمية أصبحت تعتبر في نظرهم منذ «الصفقة الجديدة» في عهد فرانكلين روزفلت بمثابة «هجمة ضد المبادئ التأسيسية لأميركا كما وضعت في القرن 18».

    وقد رصد نصف ميزانية «هيريتيج» على مر السنين لترويج الأفكار. فانبرى المتعاونون معها لتحرير المقالات وإعداد الدراسات في كل حقول السياسة الأميركية وتحدثوا عن الحظر الشيوعي. وتقليص البرامج الاجتماعية وتعزيز الميزانية العسكرية، ومكانة الدين ومكافحة النقابات وكان أي عضو في الكونغرس، يجد على مكتبه عشية جلسة نقاش أو تصويت على قانون هام تقريرا من المؤسسة يتناول المشروع المرتقب بالتحليل ويقترح الحلول. وكانت هيرتيج تقدم هذه الدراسات إلى مجلس الشيوخ والنواب ووسائل الإعلام وعامة الناس.

    صناعة متنامية

    يرى نائب رئيس وكالة اسوشيتد برس، و«الترمايرز» أن حركة المحافظين كانت تتحول آنذاك إلى صناعة متنامية. ونظراً لتواجدها في المكان والوقت المناسبين أحدثت تغييراً في الحياة السياسية والنقاشات داخل مبنى الكابيتول.
    أما مدير صحيفة ديترويت نيوز فيقول: «تتمثل أهم جوانب نجاحاتهم الباهرة في تمكينك من الاطلاع على وجهة نظرهم في صباح اليوم التالي في بريدك الخاص. كان المرء يجد كل يوم نشرة صادرة عن المؤسسة، وكانت قراءتها كفيلة بجعله ينظر إلى الأمور من زاوية كان غافلاً عنها».

    كان ميلون يعيش هاجساً مصحوباً بيقين أن الجمهورية الأميركية في خطر قاتل، وأن ثمة مؤامرات تحاك لتقويضها. وقد أسر لأحد الأشخاص أنه يعتبر جون ادغار هوفر، مدير اف. بي. اي بطلاً ضمن أبطال آخرين. ويذكر أن ميلون لا يقرأ إلا لماما، وهو أمر غريب على رجل يؤمن بقوة الأفكار. لكن ثمة كتاب واحد أثر في نفسه كثيراً، وهو كتاب The Spike لمؤلفه الصحفي ارتو دي بورشغريف الذي أصبح فيما بعد صديقاً له ومديراً لصحيفة واشنطن تايمز التي تحظى بتمويل طائفة المون. ويحكي الكتاب قصة صحافي شاب يكتشف أنه يستخدم كبيدق في مؤامرة كبيرة دبرها الاتحاد السوفيتي للسيطرة على العالم.

    هيريتيج وأخواتها

    لم يكن وريث ميلون الممول الوحيد الذي قام بدعم ولادة مؤسسة هيرتيج. فهناك ويليام كورز، قطب البيرة الذي تبرع بـ 250 ألف دولار. وترتبط مؤسسة كورز التي تأسست عام 1877 على يد ادولف كورز بعلاقات وثيقة مع منظمات تابعة للتيار المحافظ المتطرف وبقادة اليمين المسيحي على نحو خاص.

    كما استفادت مؤسسة الكونغرس الحر Free Congress Foundation من عطايا كورز. وهناك أيضاً مؤسسة اولين Olin Foundation وهي مؤسسة تعتمد في عائداتها على شركة عائلية أثرت في صناعة الذخيرة والمواد الكيماوية، لم تبخل بالدعم المالي على مؤسسة هيريتيج فضلاً عن اميركان انتربرايز ومعهد هوفر. كما مولت جامعيين محافظين مثل آلان بلوم الذي تلقى 6.3 ملايين دولار لإدارة مركز جون م. أولين بجامعة شيكاغو لدراسة نظرية الديمقراطية وتطبيقها.
    وبلوم هذا كان الأستاذ والمعلم الفكري «لبول وولفويتز» نائب وزير الدفاع الحالي، والمنظر الحقيقي للصقور في البيت الأبيض.
    أما ايرفين كريستول الذي كان أحد الرواد الكبار في تيار اليمين المحافظ في عهد ريغان، فقد تلقى أكثر من 380 ألف دولار بين عامي 1992 و1994 بصفته باحثاً في معهد اميركان انتربرايز. ويعتبر ابنه ويليام كريستول اليوم من أهم المفكرين المؤثرين في الإدارة الأميركية الحالية، ويتولى أيضاً إدارة مجلة المحافظين الجدد وويكلي ستاندرد التي يمولها قطب الصحافة روبرت مردوخ المقرب من عائلة بوش. وتنتهي قائمة الشركات الداعمة لتيار المحافظين المتطرف بمؤسسة ليند وهاري برادلي Lynde & Harry Bradley Foundation التي تتجاوز قيمة موجوداتها 420 مليون دولار. وقد أصبح هاري بفعل مواقفه اليمينية المتطرفة عضواً ناشطاً وممولاً لمنظمة Jhon Birch Society. وهي منظمة يمينية متطرفة معادية للشيوعية تدافع عن الطروحات القائلة بتفوق الرجل الأبيض. كما تمول موسسة برادلي على نحو خاص قناة NET National Empowerment Television التي تعتبر أخطر سلاح إعلامي يملكه اليمين المتطرف إذ تنشر إيديولوجيا مسيحية متطرفة بين المشتركين الذين يقدر عددهم بالملايين.

    يتبع باقي الموضوع


  6. #6
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    05/11/2010
    المشاركات
    810
    معدل تقييم المستوى
    14

    افتراضي رد: كتاب عالم جورج بوش السري / تأليف - اريك لوران

    اطلعنا في الحلقتين الأولى والثانية على مدى تمكن النزعة الدينية من نفس الرئيس جورج دبليو بوش، وميله إلى التودد للمؤسسات الدينية، وما يدين به من فضل للدين باعتباره كان عامل تغيير أساسي في حياته. ثم تعرفنا إلى الإرهاصات الأولى التي مهدت لظهور فكر المحافظين الجدد، وأصحاب الثروات الطائلة الذين سخروا ملايين الدولارات لتغذية هذا الفكر ونشره عبر أشخاص ومؤسسات أنشئت لهذا الغرض.



    البرنامج السياسي لريغان جسد «ثورة المحافظين» وتحول إلى إنجيل لكل من يصل إلى السلطة

    انكمش مفكرو اليسار فاكتسح فوكوياما وهانتينغتون وأمثالهما

    كان وصول رونالد ريغان إلى السلطة في عام 1980 بمنزلة أول انتصار ساحق تحققه حركة المحافظين المتطرفين ومؤسسة هيرتيج التي قدمت للإدارة الجديدة الرجال و الأفكار، بل إنها وضعت في العام نفسه الذي شهد الانتخابات الرئاسية «مذكرة للقيادة» تقع في 3 آلاف صفحة موزعة على 20 جزءا تتضمن تفاصيل البرنامج السياسي لريغان الذي وصف لاحقا «بثورة المحافظين».
    ويقول احد المشاركين في وضع هذا النص متذكرا أنها أصبحت «مرجعاً حقيقياً وبمنزلة إنجيل لكل شخص يصل إلى السلطة».
    في عام 2000، كان اليسار الأميركي قد خسر تماما معركة الأفكار «فابتعد عدد كبير من الكفاءات الفكرية اليسارية الواعدة في صفوف اليساريين عن العالم الواقعي، ليعيش في عزلة داخل الأروقة الجامعية الضيقة، في حين حقق اليمين النجاح تلو الآخر في المكتبات إذ ألف كتّاب مثل الان بلون، وجود وانيسكي، وتشارلز موراي، ومارفن اوفالسكي ودينش دسوزا، وفرانسيس فوكوياما، وصاموئيل هانتينغتون كتبا خلال العقدين الأخيرين غيرت من الخطاب السياسي والثقافي حول مواضيع مركزية بالنسبة لكل ما يتعلق «برؤيتنا» لتنظيم المجتمع، غير أن أهم ما في الأمر أن هؤلاء ألفوا كتباً موجهة لجمهور واسع ويتلقون دعماً مالياً من المنظمات المحافظة التي أدركت الأهمية الكبرى لمعركة الأفكار» حسب ما كتبه إيريك الترمان في صحيفة the Nation. وقد عدت مؤسسة برادلي في نهاية عام 1999 أكثر من 400 كتاب قامت بتمويلها في غضون 14 عاماً، ويقول مدير المؤسسة مايكل جويس مؤكدا «لدينا قناعة بأن عدداً لا بأس به من وسائل الإعلام الأخرى، تتأثر بالكتب، فإذا كنت تريد التأثير على عالم الأفكار، فإن الكتب تمثل أحد القطاعات التي يتعين عليك أن تستثمر أموالك فيها».


    معين جورج بوش

    أصبح معهد اميركان انتربرايز «المعين» الذي ينهل منه جورج دبليو بوش لتشكيل إدارته، ومن أعمدته ريتشارد بيرل، أحد رواد الصقور وايرفينغ كريستول، مفكر المحافظين الجدد الأساسي ووالد ويليام كريستول، مدير مجلة المحافظين ويكلي ستاندرد، وليسن تشيني، زوجة نائب الرئيس، كما يعد داينش دسوزا أحد «نجوم» معهد اميركان انتربرايز».
    وتعد كتب تشارلز موراي وداينش دسوزامن بين الكتب المفضلة لدى جورج دبليو بوش غير أنه أعجب أكثر بطروحات مارفن اوفالسكي، صاحب كتاب «مأساة الرأفة الأميركية» الذي يدعو فيه إلى تفكيك نظام الرعاية الاجتماعية الأميركي وقد أصبح مستشاره خلال حملته الانتخابية وابتكر مفهوم «الرأفة المحافظة» الذي استخدمه الرئيس. وقام اوفالسكي بتأسيس كنيسة في مدينة اوستين في تكساس، تعلم من بين أشياء أخرى أن المرأة ليس لها مكان ولا دور تضطلع به في مركز الزعامة.

    الإعلام من بعد النشر للاكتساح

    في عام 1981، عزمت إدارة ريغان - بوش التي كانت تدير شؤون الحكم في واشنطن على إنشاء صحيفة يومية محافظة في العاصمة الفدرالية، تستطيع ترجمة رؤاها وسياستها وتنافس في الوقت ذاته صحيفة واشنطن بوست، ذات الحضور الطاغي، وكانت هذه القلعة الليبرالية التي يتسم خطابها غالبا بالصرامة والتشدد الصحفي، بمثابة شوكة في حلق اليمين الأميركي.
    وطرح مشروع الصحيفة على عدة شخصيات أدبية وفنية ورفضوه بمن فيهم ريتشارد سكييف ميلون الذي تردد كثيراً قبل أن يعلن رفضه، وكان يتعين على المجنون الذي يقبل بهكذا تحد أن يستعد لتكبد خسائر جسيمة لفترة طويلة. ومع ذلك فإن الرجل الذي أطلق صحيفة الواشنطن تايمز 1982 لم يكن يعرف عنه لا الجنون، ولا التجرد. إنه الأب سان ميونغ مون، مؤسس كنيسة التوحيد في الستينات التي يعتبر أتباعها طائفة خطيرة. ومن خلال تصريحاته العديدة نعلم أنه هو «المخلص الجديد» بما أن المسيح قصر في مهمته فأخذ هو على عاتقه توحيد الكرة الأرضية عبر ضم كل القوى الدينية تحت لوائه.
    وفي السبعينات، خضع مون وكنيسته للتحقيق حول ممارساته على يد لجنة من الكونغرس على رأسها النائب الديمقراطي دونالد فريزر.
    كان مون قد أصبح مقيماً بصفة دائمة في الولايات المتحدة ابتداء من عام 1973 حسب ما تشير إليه تقارير وزارة العدل، فيما أكد المتعاون الرئيسي مع الوزارة، وهو ضابط سابق في جهاز سي.آي.ايه الكوري يدعى بوهاي بارك، أنه كان يحمل «البطاقة الخضراء».
    وكان غطاء كثيف من السرية يلف طريقة تنظيم إمبراطوريته، التي تضم عدة شركات يقدر عددها داخل الولايات المتحدة فقط بـ 12 شركة، وكذا مصادر وقنوات تمويله.
    يتبع باقي الموضوع


  7. #7
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    05/11/2010
    المشاركات
    810
    معدل تقييم المستوى
    14

    افتراضي رد: كتاب عالم جورج بوش السري / تأليف - اريك لوران

    غير أن جهاز السي.آي.ايه كان على علم بكل شيء. وفي الوقت الذي كان مون يخضع فيه للتحقيق من طرف الكونغرس الأميركي كان جورج بوش مديراً لوكالة الاستخبارات. ويذكر أن جهاز سي.آي.ايه تولى تدريب الأجهزة السرية في كوريا الجنوبية التي حملت اسم ك.سي.آي.ايه وعرفت بشدة بأسها تجاه المعارضين الكوريين في الخارج، إذ قامت باختطاف وتصفية كثير منهم.
    وكان بوش ومساعدوه الأقرب داخل الجهاز الاستخباراتي يعتبرون كوريا الجنوبية كبلد على «درجة عالية من الحساسية بالنسبة للأمن القومي الأميركي، ومون كمحور للعمليات السرية التي ينفذها جهاز سي.آي.ايه الأميركي بالشراكة مع نظيره الكوري. وقد تدخل رئيس المستقبل شخصيا لدى أعضاء الكونغرس لحضهم على عدم التعمق كثيرا في تحقيقاتهم. وكان له ذلك فأصبح مون ممتنا لجورج بوش طيلة السنوات الأربع والعشرين اللاحقة. وعمل باستمرار على تعبئة إمكاناته الهائلة لخدمة الطموحات السياسية لعائلة بوش و أغدق كثيرا على بوش الأب ثم الابن لاحقاً، ولم يكن ذلك بدافع الشعور بالامتنان تجاه الرجل فقط. فقد استطاع مون بفضل صحيفة واشنطن تايمز أن ينفذ إلى قلب السلطة السياسية الأميركية. وكان قد انفق أكثر من 100 مليون دولار لإطلاق صحيفة ستصبح لاحقاً مفضلة لدى المؤسسة المحافظة في واشنطن لكنها لم تتمكن من منافسة غريمتها الواشنطن بوست أبداً.

    وقد اضطره هذا الفشل التجاري إلى ضخ عشرات ملايين الدولارات سنويا لضمان استمرارها وهي سياسة دأب عليها منذ مطلع السبعينات وفي عام 1978 قامت لجنة تحقيق من الكونغرس بالتحقيق في فضيحة «كوريا غيت» وكان ذلك بمثابة إستراتيجية من قبل جهاز سي اي ايه الكوري لشراء النفوذ لدى الحكومة والمسؤولين الأميركيين. وورد اسم مون مرات عدة باعتباره متورطاً في العملية وهي تهمة نفاها عن نفسه.
    غير أن مون قال لبعض المقربين بشكل واضح لا يحتمل اللبس: «ينبغي أن يكون جزء من إستراتيجيتنا في الولايات المتحدة اكتساب صداقات داخل جهازي الاف بي اي و سي. آي. ايه وقوات الشرطة، بالإضافة إلى الأوساط العسكرية والتجارية». وهذا ما حدث بالفعل، فقد كان جهاز سي. آي. ايه يزود الواشنطن تايمز بانتظام بمعلومات غير منشورة، مقابل قيام الصحيفة بشن هجمات مضادة عنيفة، كلما كشفت معلومات محرجة حول موضوع حساس. فحين دخل جورج بوش حلبة السباق للفوز بالرئاسة وقف مون وواشنطن تايمز في صفه بكل حزم، وزعم المرشح الجمهوري أنه لا يعلم شيئا عن القضايا والفضائح التي أثيرت في عهد ريغان مع أنه شغل منصب نائب الرئيس طيلة ثماني سنوات، وكان المدعي الخاص لورنس وولش الذي كان يتولى التحقيق في قضية إيران غيت، على وشك النيل من جورج بوش، فهاجمته الصحيفة بشدة، بل إن الهجوم طاول الخصم الديمقراطي لبوش لاحقاً، مايكل دوكاكيس، حاكم ولاية ماساشوسيتس سابقاً، إذ روجت الصحيفة إشاعات زائفة حول صحته العقلية ساهمت في نزع المصداقية عن دوكاكيس لدى الرأي العام، وخلخلة حملته الانتخابية.
    وعندما خاض الرئيس الأميركي معركته الانتخابية للمرة الثانية عام 1992، دأبت الواشنطن تايمز على ترديد الإشاعات التي تتهم خصمه الديمقراطي بيل كلينتون باحتمال تجنيده من قبل جهاز الكي. جي. بي لدى زيارته إلى موسكو كطالب حاصل على منحة رودس الدراسية.
    وكانت معاداة الشيوعية تبدو في الظاهر كلحمة تجمع بين مون و الإدارات الجمهورية، لكن الحقيقة كانت أكثر تعقيداً من ذلك، فمون الذي يلقبه أتباعه بـ«أبونا» كان يمول بسخاء الطاقم السياسي في كوريا الجنوبية، خاصة كيم جونغ بيل، الذي سيتولى لاحقا منصب رئيس الوزراء عامي 1998 و1999، وكيم داي جونغ الذي انتخب رئيساً عام 1998 وعرف بتأييده للتفاوض مع النظام الشيوعي في كوريا الشمالية.

    حصاد الشيطان

    ومع حلول عام 1991، وفي الوقت الذي كانت بيويانغ لا تزال تخضع فيه للحصار التجاري المفروض عليها من قبل أميركا، وكان بوش الأب يشغل المكتب البيضاوي، قام مون بإرسال عدة ملايين من الدولارات إلى دكتاتور كوريا الشمالية كيم ايل سونغ كهدية عيد ميلاده، والتقى الرجلان عدة مرات وحصلت الواشنطن تايمز الأكثر معاداة للشيوعية على شرف إجراء أول مقابلة صحفية مع آخر زعيم ستاليني فوق الكرة الأرضية، وتشير المعلومات التي حصل عليها الصحافي ريتشارد بييري، ومصدرها تقارير أعدها جهاز دي. آي. ايه (الأجهزة السرية العسكرية الأميركية) إلى أن عدة لقاءات جرت بين زعيم الطائفة والزعيم الشيوعي في الفترة الممتدة بين 30 نوفمبر و8 ديسمبر 1991، ومهدت لإرساء تعاون تجاري، ونص الاتفاق على قيام مون بتشييد مجمع فندقي في بيونغ يانغ، وتنمية السياحة في منطقة كيم كانغ سان والاستثمار في منطقة كومان غانغ ريفر، وبناء محطة لتوليد الكهرباء في وونسان، وبلغت قيمة الاستثمارات حسب جهاز دي. آي. ايه 5.3 مليارات دولار.
    وتضمن الاتفاق الاقتصادي المبرم مع كوريا الشمالية بنداً سرياً يقضي بحصول زعيم كنيسة التوحيد على حق استثمار أرض تقع في تشونغ تشو مسقط رأسه لمدة 99 عاما، تعبيراً عن امتنان كيم ايل سونغ له على مساعدته، ورصدت المنطقة لتصبح «أرضا مقدسة» ومحجا يقصده أتباع مون من كل أنحاء العالم.
    ووضعت هذه المساعدة المقدمة لنظام كوريا الشمالية إدارة بوش في موقف محرج، فالحصار الأميركي المفروض على بيونغ يانغ يعود إلى زمن الحرب بين الكوريتين في مطلع الخمسينات ويحظر عقد أي اتفاقات تجارية أو مالية «بين كوريا الشمالية وأي مواطن أميركي أو مقيم بصفة دائمة». وهذا ينطبق تماماً على مون المقيم رسمياً في «تاري تاون» قرب مدينة نيويورك، وما فعله بالتالي لا يعتبر في نظر كثير من المسؤولين الأميركيين خرقاً للقوانين فقط بل دعماً لدكتاتور مفلس بالعملة الصعبة التي كان في أمس الحاجة إليها، وفي وقت كان يسعى فيه لتمويل برامج تسلح طموحة.

    يتبع باقي الموضوع


  8. #8
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    05/11/2010
    المشاركات
    810
    معدل تقييم المستوى
    14

    افتراضي رد: كتاب عالم جورج بوش السري / تأليف - اريك لوران

    وهكذا حظيت كوريا الشمالية التي صنفها جورج دبليو بوش ضمن «محور الشر»، بدعم والده قبل 12 عاما في الخفاء، تماما كما حدث مع العراق، وقد تعززت العلاقات أكثر فأكثر بين مون الذي أمن العقوبة وبوش حتى بعد خروجه من البيت الأبيض في عام 1992.
    وشارك جورج وباربرة بوش في عدة ندوات في مختلف مناطق الولايات المتحدة وآسيا لمصلحة منظمات يمولها مون. وفي زيارة رافق فيها الرئيس السابق صديقه مون إلى الأرجنتين، ألقى محاضرة تقاضى عنها مائة ألف دولار، فيما بلغ مجموع ما تلقاه بوش من مون ومنظمته مقابل محاضراته العديدة 10 ملايين دولار.
    ولكن حدث ما عكر صفو العلاقة وضايق الرئيس الأميركي الـ41 من صديقه. ونعني بذلك نبرة معاداة أميركا اللاذعة التي طبعت خطب مون. فقد قال مرة: «سيكشف التاريخ بوضوح مكانة مون وموقع أعدائه وسينحني الشعب الأميركي وحكومته أمامه». وفي الأول من مايو عام 1997، أكد قائلاً على أسماع جمهور من أتباعه: «إن البلد الذي يمثل حصاد الشيطان هو أميركا».
    وقد كتب أحدهم في مجلة أميركية بارزة معلقا: «من الواضح أن مون يكن عداء صريحا لأميركا و للديمقراطية، ويملك أجندة لتقويض الديمقراطية الأميركية والنزعة الفردانية».
    عمل مون بلا كلل طيلة سنوات عدة على تسخير ثروته الطائلة وألاعيبه لنيل الحظوة لدى القادة الأميركيين المحافظين في مجالي السياسة والدين، أي لدى ممثلي بلد يكن له في أعماقه كل البغض. والى جانب تعاونه مع بوش أقام تحالفا مع كل زعامات اليمين المتطرف المسيحي والمدافعين المتشددين عن أميركا وقيمها. وحولهم إلى شركاء مثل المبشر الأصولي جيري فالويل، زعيم الأغلبية الأخلاقية الذي كان يمر بأزمة مالية حادة في نهاية عام 1993 فطار يوم 5 يناير إلى سيئول حيث اجتمع طويلا بمسؤولي كنيسة التوحيد. وحصل في وقت لاحق على 5.2 مليون من مون.
    ولم يكن فالويل الذي أيد حملات التشهير ضد بيل كلينتون الوحيد ضمن «الشبكة» التي أقامها مون، فهناك المبشر تيم لاهاي، مؤلف الكتب الدينية الأكثر مبيعاً، الذي تلقى 500 ألف دولار من بوهاي بارك، الساعد الأيمن لمون، والضابط السابق في جهاز سي.اي.ايه الكوري. وهنالك أيضاً، رالف ريد مسؤول هيرتيج وغاري بايور، المدير التنفيذي للتحالف المسيحي، بالإضافة إلى روبرت شولر، القس والمبشر الديني الشهير على قنوات التلفزيون.

    رؤية عالمية إنجيلية

    كانت المجموعة الأكثر تطرفاً في أقصى اليمين المسيحي تقف في صف سيونغ مون. ويقف أفرادها على رأس قوة كبيرة تتراوح نسبة الناخبين فيها بين 15 و18 في المائة، تؤازرهم شخصيات نافذة في عالم السياسة. ولم يكن بإمكان أي مرشح جمهوري للانتخابات الرئاسية تجاهلهم أو ازدراءهم وكان مون يمثل جسراً حقيقياً بين قطاعي السياسة والدين، وهنا تكمن قوته. ويذكر أن «مجلس السياسة الوطنية» الذي تأسس على يد القس والكاتب الديني المتطرف تيم لاهاي استفاد من تبرعاته. وتضم هذه المنظمة التي يحاط نشاطها بسرية تامة، كل رموز التيار المحافظ المتطرف الديني من أمثال جيري فالويل، وبات روبر ستون، وبول ويريش، الناشط السياسي الذي يرى أن مكان المرأة في البيت، وجيمس دوبسون، مرشد جورج دبليو بوش وناصحه، والمبشر الديني المفضل لدى الرئيس الأميركي جيمس روبنسون، وبوب جونز المعروف بمعاداته للكاثوليكية الذي يصف البابا بـ«المسيح الدجال»، وقد حظيت مؤسسته بزيارة جورج دبليو بوش أثناء حملته الانتخابية عام 2000، وكان ذلك حدثاً أثار الكثير من الجدل.
    ومن بين السياسيين الأعضاء في هذا المجلس، نجد شخصيات نافذة مثل السيناتور جس هيلمز والنواب ديك آرمي، وهوارد فيليبس، وتوم دي لاي، مرشح تكساس الذي كان سيصبح في نوفمبر 2002، الرجل الأقوى في الكونغرس الأميركي بعد انتصار الجمهوريين في مجلس النواب. ويذكر أنه قال في كلمة ألقاها أمام شخصيات دينية: «وحدها المسيحية ترسم الطريق للعيش عبر تقديم إجابات لكل ما نواجهه في هذا العالم». كما أسرّ أنه مكلف بمهمة ربانية تتلخص في بث «رؤية عالمية إنجيلية في السياسات التي تعتمدها الولايات المتحدة».
    ويعمل المجلس المذكور، حسب رأي جو كوناسون، وجين لايونز «كلجنة مركزية لجبهة شعبية ثيوقراطية». إنه تحالف أفراد وجماعات تخفي خلافاتها لمحاربة عدو مشترك، ويتمثل هذا الأخير بصورة مجردة في الفصل الذي ينص عليه الدستور الأميركي بين الكنيسة والدولة.

    ومن أبرز المستهدفين من قبل هذا التحالف، الليبراليون وكثير من الديمقراطيين و«أتباع الفلسفة الإنسانية» (العلمانيون) بمختلف مشاربهم، بل وحتى الجمهوريون المعتدلون.
    ويعتنق معظم أعضاء التحالف مذهباً يؤكد أن الدستور الأميركي يستمد شرعيته الأساسية من الإنجيل طبقا لتأويل البروتستانتيين الأصوليين.
    وفي مطلع 1999، وفي الوقت الذي لاحت في الأفق ملامح الانتخابات الرئاسية المقبلة، كانت هذه الجماعات الدينية عازمة على الوصول إلى الحكم عبر مرشح يشاركهم في رؤيتهم بعد أن راودهم الشعور بان قادة الحزب الجمهوري عاملوهم بوقاحة. ويقول أحد المراقبين: «كانت سلطتهم آنذاك لا تتعدى العمل على إلحاق الهزيمة بالمرشح الرسمي. وهو ما حدث في عام 1992 مع بوش الأب، ثم مع السيناتور بوب دول في عام 1996 وتحدثت كثير من مراسلاتهم عن ضرورة السيطرة على الحزب في المستقبل».
    في الحلقة الثالثة رصدنا أول انتصار كاسح يحققه غلاة المحافظين مع وصول رونالد ريغان إلى السلطة. واندحار اليسار الأميركي في معركة الأفكار لصالح مفكري الفريق الأول، من أمثال صاموئيل هانتبنغتون وفرانسيس فوكاوياها، ودينيس دسوزا وغيرهم. ورأينا كيف ظهرت صحيفة «الواشنطن تايمز» تكريسا لهذا الحضور الفكري الطاغي، وتكشّف لنا ما بين هذا الإعلام والمؤسسات الاستخباراتية في أميركا من تواطؤ، وعلاقات مشبوهة جمعت بينه وبين رموز حركة المحافظين الجدد.

    يتبع باقي الموضوع


  9. #9
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    05/11/2010
    المشاركات
    810
    معدل تقييم المستوى
    14

    افتراضي رد: كتاب عالم جورج بوش السري / تأليف - اريك لوران

    اشكروفت لا يتقن تلاوة الإنجيل ويشوه نصوصه

    المسيحيون يدعمون اليهود اليوم من أجل إلغائهم غداً

    في عام 1999، بدا أحد المرشحين هو المفضل لديهم ولكنه لم يكن جورج دبليو بوش بل جون اشكروفت الآتي من الجنوب. وقال عنه جيف جاكوبي في الواشنطن تايمز: «اشكروفت ولد ونشأ في أحضان اليمين المسيحي». وكان ينتمي إلى جماعات الرب التي تستقطب 3.2 مليون عضو في الولايات المتحدة و أكثر من 30 مليونا من الأتباع في مختلف أنحاء العالم.
    (...) غير أن اشكروفت يتحدث في خطاباته بشكل اختزالي ومقلق عن تاريخ أميركا والإنجيل، بل إنه ـ حسب ما أشار إليه الصحافي روبرت باري ـ غير قادر على تلاوة نصوص الإنجيل دون تشويهها. وقد تلقى لإطلاق حملته الانتخابية. تبرعات بقيمة 10 ألاف دولار من زعيم التحالف المسيحي بات روبرستون وزوجته. وأسرَّ روبرستون منذ 1992 لصحيفة دنفر بوست قائلاً: «إن هدفي هو بسط السيطرة على الحزب الجمهوري». لكن اشكروفت لم يكن قادرا على فرض نفسه على الصعيد الوطني وتحقيق هذا الهدف، أما مون الذي ظل روبرستون على علاقة وثيقة معه فقد كان يفضل جورج دبليو بوش.

    وكان حاكم تكساس، الابن البكر للرئيس السابق يملك في نظر روبرستون ميزتين أساسيتين: الإمكانات المالية الضخمة، والعلاقات الوثيقة التي يحرص على تنميتها مع الجماعات الأصولية المسيحية.
    وحض روبرستون اليمين المسيحي على دعم جورج دبليو بوش و إقصاء خصمه الأخطر، السيناتور جون ماكاين، وكان المقابل الذي طلب من بوش دفعه لقاء هذا الدعم تعيين جون اشكروفت في منصب وزير العدل، بينما كان ينوي تعيينه قاضياً في المحكمة العليا، فانهالت عليه وعلى نائبه ديك تشيني الاتصالات من كل مسؤولي اليمين الديني يطالبون بوزارة العدل لأشكروفت، وكان لهم ذلك، مما أثار حفيظة المدافعين عن الحقوق المدنية، وحماية البيئة والفصل الدستوري بين الكنيسة والدولة. والى جانب السلطة القضائية بسط اشكروفت سيطرته على جهاز الإف. بي. آي. ومكتب الكحول والتبغ و الأسلحة النارية، وكلها أجهزة تتمتع بسلطات زجرية مهمة.
    وبذلك أصبح بالإمكان بالنسبة إلى بات روبرستون وحلفه، الذي جعل من الحرب ضد العلمانية سلاح المعركة الأساسي، بدء «المواجهة الروحية» وقد صرح قائلاً «سيكون هناك قوى شيطانية يجب علينا محاربتها، وينبغي أن تكون الإستراتيجية الواجب تبنيها ضد اليسار الراديكالي الأميركي مشابهة لتلك التي اعتمدها الجنرال ماكارثور ضد اليابانيين إبان حرب المحيط الهادي».
    «إن الشعب اليهودي في إسرائيل والعالم لا يملك صديقا أعز من جيري فالويل»، إذ لم يفوت هذا المبشر ورجل الأعمال الفرصة يوما للتأكيد على الاهتمام الكبير الذي يخص به الأصوليون المسيحيون الدولة العبرية والجاليات اليهودية.
    ويعد فالويل أحد الزعماء المنتمين إلى تيار «المسيحيين الصهاينة» وكذا أحد العناصر الفاعلة في هذا اللوبي، الذي يتسم بالتنظيم المحكم والجرأة ولا يستطيع أي زعيم سياسي أميركي تفاديه، أو الالتفاف عليه.
    ويذكر أنه منذ منتصف القرن 20 أصبح مصطلح «أصولي» يعني نمطا عنيفاً ومتشدداً للغاية من البروتستانتية، ويؤكد على مكافحة الانحطاط الثقافي والفكر الليبرالي، وتؤمن معظم هذه الحركات بنبوءات جون داربي، وهو قس انكليزي تحدث في القرن 19 عن سلسلة من الأحداث باعتبارها نذيراً بقرب نهاية العالم، ومن بينها الحرب، وظهور نظام سياسي واقتصادي عالمي جديد، وعودة اليهود إلى الأرض المقدسة التي وعد بها إبراهيم.
    وعمل القس المحافظ المتطرف، وصديق مون، تيم لاهاي على ترويج أفكار داربي في كتبه الدينية وهي نبوءات تعد بعودة المسيح الذي سيقيم مملكة الرب بعد معركة ارمجيدون، لكنه يرهن هذه النهاية السعيدة بتخلي اليهود عن دينهم وهو ما لن يحدث إلا إذا استعادوا كل الأراضي التي منحهم إياها الله. ويقول ماثيو انجيل في صحيفة الغارديان معلقا: «يدعم هؤلاء المسيحيون اليهود بغرض إلغائهم» ويتبنى جيري فالويل، وبات روبرستون، ودي إل مودي مؤسس معهد Bible moody هذا الاعتقاد، وكذلك مايكل جيرسون، محرر خطابات جورج دبليو بوش.
    وفي مجلة بيزنس ويك كتب ستان كروك يقول: «منذ زمن صلاح الدين حتى عهد صدام حسين، ينظر المسيحيون الأصوليون إلى القادة المسلمين كمسيح دجال محتمل أو على الأقل كنذير بظهوره» ثم يضيف محللاً نظريات جون داربي «بعد سبع سنوات من هذه الهيمنة الشيطانية يعود المسيح وقديسوه المتمثلون، على الأرجح، في جورج دبليو بوش ومعاونيه» لينتصروا على الشر في معركة ارمجيدون، وهي ساحة معركة قديمة تقع بالقرب من حيفا شمال إسرائيل. وسيستقر المقام بالمسيح في القدس ومنها سيحكم العالم لمدة ألف عام، وهي «الألفية» التي طالما انتظرها المؤمنون بهذا الاعتقاد.
    ويجد هذا التفسير للإنجيل صدى لدى بعض السياسيين مثل جون اشكروفت، وتوم دي لاي، ممثل تكساس الذي أصبح الرجل الأقوى في الكونغرس الأميركي. ويذكر أنه خلال الانتفاضة الثانية حذر بوش، رغم الصداقة التي تجمعهما، كما حذر إدارته من مغبة القيام بأي محاولة للضغط على أرييل شارون لحمله على سحب القوات الإسرائيلية من الضفة الغربية.
    وتجدر الإشارة إلى أن الانتصار الخاطف الذي حققته إسرائيل في حرب الستة أيام عام 1967، واحتلال مدينة القدس، أشاعا نشوة عظيمة بين معتنقي أفكار داربي. وقد كتب نيلسون بيل، صاحب صحيفة كريستيانيتي توداي Ghristianuty Today، وهو المبشر الديني الشهير بيلي غراهام، يقول: «ها هي عودة القدس إلى اليهود للمرة الأولى منذ أكثر من ألفي عام تثير في دارس الإنجيل قشعريرة، وتؤكد من جديد صحة الإنجيل وصدقه».

    يتبع باقي الموضوع


  10. #10
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    05/11/2010
    المشاركات
    810
    معدل تقييم المستوى
    14

    افتراضي رد: كتاب عالم جورج بوش السري / تأليف - اريك لوران

    تحالف غامض
    انعقد هذا التحالف الغامض بين إسرائيل والمسيحيين المحافظين في عام 1977، حين وصل مناحيم بيغن والليكود إلى الحكم للمرة الأولى. وكان بيغن يريد التصدي بأي ثمن لمبادرات الرئيس جيمي كارتر الرامية إلى إطلاق مفاوضات من أجل الاعتراف بحق الفلسطينيين في إقامة وطن. وسعى الليكود جاهداً إلى استمالة العناصر الأصولية داخل تيار المحافظين المسيحيين المتطرفين المؤيدين للتعنت الإسرائيلي. وهكذا خسر كارتر قاعدة انتخابية مهمة.
    وقد اشترى هؤلاء صفحات كاملة في أهم الصحف الأميركية ليكتبوا فيها: «آن الأوان بالنسبة إلى المسيحيين الإنجيليين ليؤكدوا اعتقادهم بنبوءة الكتاب المقدس، وحق إسرائيل الإلهي في أرضها. و أننا لنؤكد كإنجيليين إيماننا بالأرض التي وعد بها الشعب اليهودي.. وكنا ننظر بكثير من القلق إلى كل الجهود الرامية إلى اقتطاع جزء من الوطن اليهودي لأمة أخرى أو كيان سياسي آخر.

    شارون نجم الروك

    كان التفاف المسيحيين الصهيونيين المكثف حول رونالد ريغان في عام 1980 أحد أسباب الهزيمة التي مني بها جيمي كارتر. وفي يونيو 1981 اتصل مناحيم بيغن هاتفياً بجيري فالويل، حتى قبل الاتصال بالرئيس الأميركي، وذلك مباشرة بعد قيامه بتدمير محطة اوزيراك النووية في العراق. وحين قررت حكومة بيغن عام 1982 اجتياح لبنان، ذهب صانع هذه المبادرة الرئيسي، ارييل شارون، وكان وزيراً للدفاع آنذاك، إلى الولايات المتحدة للتأكد من مدى دعم المسيحيين المحافظين لها.
    وحظي شارون لدى مثوله أمام المسيحيين الصهاينة بتصفيقات وهتافات «يخص بها عادة حسب أحد الشهود نجوم موسيقى الروك». ويذكر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يتبوأ مكانة خاصة، إذ يعتبر في نظر بعض المتطرفين، الرجل الذي اختاره الله لانجاز نبوءات آخر الزمان. وهو يعرف في زعمهم من مساره حيث ملك السلطة ثم اهتزت صورته لدوره المفترض في مذابح صبرا وشاتيلا. كما يستندون إلى نص ورد في الإنجيل يقول «يسقط الرجل العادل سبع مرات ثم يقوم منها».
    ويستند دعم إسرائيل لأسباب دينية إلى تفسير حرفي للتوراة. إذ يؤكد المسيحيون الصهاينة أنهم بدعمهم برنامج إسرائيل الكبرى الذي دافع عنه بيغن وحزب الليكود، لا يفعلون سوى تلبية نداء الرب، مثلما ورد في العهد القديم.
    (...) وقد صرح زعيم التحالف المسيحي السابق رالف ريد بالقول: «ليس هناك دليل أكبر على بسط الرب سلطانه على العالم اليوم من بقاء اليهود، ووجود إسرائيل، وهذه الحقيقة تفسر في جزء منها سر تشبث المسيحيين وغيرهم من المحافظين المؤمنين بدعم إسرائيل».

    أزمة الشرق الأوسط في الإنجيل

    وعن هذا التحالف الغامض، كتب كل من كين سيلفر ستين ومايكل شيرر في ماذر جونز mother jones: «يعمل المسيحيون على دعم إسرائيل فقط لإيمانهم أن ذلك يؤدي إلى انتصار المسيحية في نهاية المطاف، و أزمة الشرق الأوسط بالنسبة إليهم تنبأ بها كتاب الإنجيل».
    (...) ويؤكد الحليف الأكبر لليكود والقادة الإسرائيليين أن المسيح الدجال قد ظهر وأنه «يهودي وذكر» ويعتبر القس تشاك ماسلر معتقل او شويتز النازي «مجرد تمهيد لارمجيدون المقبلة» لكن التحالف بين إدارة بوش والحكومة الحالية في إسرائيل لا يستطيع أن يخفي الجانب المقلق في طروحات داربي التي يرددها المسيحيون المتطرفون، ومفادها أنه في نهاية هذه المعركة النهائية بين الخير والشر سيتحول كثير من اليهود إلى الدين المسيحي، أما الكافرون من بقية اليهود والمسلمين فسيكون مصيرهم الهلاك والموت، وسيقود المسيح الصالحين بعد ذلك إلى الجنة.

    إغاثة روحية

    كانت صحيفة لوموند قد ذكرت في إحدى مقالاتها أن المبشرين الدينيين الأمريكان كانوا يرابطون خلال الحرب عند أبواب العراق «استعدادا لتقديم الإغاثة» المادية والروحية إلى السكان بعد تحريرهم من صدام حسين، وكانت «هناك فرق تابعة لكل من المؤتمر المعمداني لمنطقة الجنوب وجمعية سامارتيان بورس الانسانية (يرأسها فرانكلين غراهام ابن المبشر الانجيلي الشهير بيلي غراهام) ترابط على الحدود الأردنية»، ويذكر أن فرانكلين غراهام هذا هو الذي كان له شرف «مباركة» حفل تنصيب جورج دبليو بوش في يناير 2001، ويتلقى دائما دعوات لزيارة البيت الأبيض ونقل عنه كلام لاذع عن الإسلام إذ قال: «إن إله المسلمين ليس هو نفسه إله المسيحيين، إنه إله مختلف واعتقد أن ديانتهم ديانة عدائية وشريرة جداً».
    ليست قوى اليمين المسيحي الأميركي المتطرف وحدها فاعلة في إدارة بوش فثمة عناصر في الفريق الرئاسي كانت من أشد المتحمسين لعملية «الحرية العراقية» وتتبنى طروحات مشابهة لطروحات الأصوليين، لكنها تختلف معهم في الأفكار والرؤية، وهي عناصر يهودية مقربة من حزب الليكود الإسرائيلي ومؤيدة لأتباع «اسلوب صارم» في التعامل مع المسألة الفلسطينية.
    وقد أصبح هؤلاء، منذ وصول جورج دبليو بوش إلى السلطة، وتحديدا منذ تاريخ 11 سبتمبر، مقربين جداً من القائد العام لأهم جيش في العالم، وباتت توصياتهم وطروحاتهم تلقى آذاناً صاغية لديه، وهم الذين يقفون وراء السياسة الخارجية الجديدة لواشنطن.
    لكن العلاقات التي تربطهم بإسرائيل، وبفئة من الطبقة السياسية الأميركية تطرح تساؤلات كبيرة حول مدى أخلاقيات نشاطاتهم وشرعيتها.
    ويعتبر دوغلاس فيث، وكيل وزارة الدفاع خير مثال لهذه العلاقة الوثيقة بين الإدارة الحالية واليمين الإسرائيلي.
    فهو مقرب جداً من المنظمة الصهيونية الأميركية، حيث يلقي محاضرات عدة.

    يتبع باقي الموضوع


  11. #11
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    05/11/2010
    المشاركات
    810
    معدل تقييم المستوى
    14

    افتراضي رد: كتاب عالم جورج بوش السري / تأليف - اريك لوران

    وكان فيث قبل عمله في إدارة بوش يدير مكتب محاماة يملك فروعاً خارجية في إسرائيل دون غيرها، وكان يمثل «صاحب شركة لصنع الأسلحة إسرائيلياً».
    ويتمتع فيث بخصوصية تميزه عن البقية من أمثاله وتتمثل في كونه المسؤول الأميركي الوحيد الذي يملك سندات خزينة إسرائيلية، وهو استثمار لا يستحق الذكر إلى جانب ثروته التي تتجاوز 27 مليون دولار لكن وكيل وزارة الدفاع ليس الوحيد بين الصقور الذي عمل مع أصحاب شركات الأسلحة الإسرائيليين، فريتشارد بيرل الذي يصنف اليوم ضمن المحافظين الجدد، سبق أن عمل لمصلحة شركة soltam التي تصنع قطع المدفعية وقذائف الهاون، ويعد بيرل الأكثر نفوذاً بين «الصقور» إلى جانب بول وولفويتز، وكان يدير مجلس سياسة الدفاع التابع للبنتاغون قبل أن يقدم استقالته على أثر اتهامه بالتورط في فضائح مالية، لكنه احتفظ بعضويته في المجلس.
    وفيما يفضل بيرل العمل في الظل والابتعاد عن الأضواء حتى لقب في عهد ريغان، بـ «أمير الظلمات»، يحب بول وولفويتز الظهور واحتلال موقع الصدارة في وزارة الدفاع الأميركية، لكن الدروب التي سلكاها تقاطعت أكثر من مرة منذ ثلاثين عاماً، وخاصة في المعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي، وهو مركز أبحاث ودعم لإسرائيل في الظاهر، ومجموعة ضغط في الواقع ذات هدف مزدوج يتمثل في منع بيع الأسلحة المتطورة إلى العالم العربي، والحرص على استمرار تدفق المساعدات العسكرية الأميركية في اتجاه الدولة العبرية.

    والى جانب بول وولفويتز، ودوغلاس فيث، وريتشارد بيرل، يرد اسم اليوت ابرامز، الذي عين في ديسمبر 2002 مديرا لشؤون الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي بناء على أوامر كونداليسا رايس، وهو بصفته هذه يتولى تحرير التقارير المتعلقة بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني وتزكيتها أو وقفها قبل أن ترفع إلى كونداليسا رايس وجورج بوش.
    كان جون اشكروفت يمثل في البداية المرشح المثالي للرئاسة بالنسبة لليمين المسيحي، لولا أن ابن تكساس تفوق عليه بالجمع بين الثروة الطائلة، والعلاقات الوثيقة مع الجماعات الأصولية المتطرفة. وهو ما رجح كفة الرئاسة لصالحه بدعم من اللوبي المسيحي اليميني الذي يتمتع بنفوذ لا يفل ويحمل مشروعاً لمكافحة الانحطاط الثقافي بحسب مفهومه الخاص والفكر الليبرالي بشكل عام.
    وأبرز ما يسم حركات اليمين المسيحي المتطرف هو ذلك التحالف الوثيق الذي يجمعها بإسرائيل، والنابع من إيمانها الراسخ بحق هذه الأخيرة في أرض الميعاد.

    العالم الإسلامي خصم جديد بعد الاتحاد السوفيتي في عرف الصقور

    الصقور يتراجعون في خطة تقسيم العراق لإضرارها بالزعامة الأميركية في العالم
    لا يمثل المحافظون الجدد كل اليهود والإسرائيليين بل هم مجرد مجموعة صغيرة من الأشخاص يسعون لتحقيق أهداف رسموها لأنفسهم عبر وسائل ما فتئوا يبسطون سيطرتهم عليها أكثر فأكثر مع تزايد حجم نفوذهم داخل الإدارة الحالية.

    ويبدو أن سطوتهم المتنامية لم تعد تجد من يقاومها داخل الإدارة، فأسلوب الاعتدال الذي يمثله كولن باول باعتباره خصمهم المبين آخذ في التلاشي تماماً، وقد «تطهر البنتاغون في نهاية 2001 من آخر حمامة» ونعني بذلك بروس ريدل الذي كان يدعو إلى الحرص على توافر تحالف كبير في الحرب على الإرهاب ومراعاة الحساسيات العربية التي قد يفرزها هجوم محتمل ضد العراق.
    و إمعاناً في عزل كولن باول، نجح كل من وولفويتز ورامسفيلد في فرض شخصية أخرى موالية تماماً للصقور عليه، وهكذا تم تعيين جون بولتون، في منصب وكيل وزارة لشؤون الأمن القومي، و مسؤول عن الأسلحة رغم تحفظات وزير الخارجية.. وبدوره اتخذ بولتون لنفسه مستشاراً خاصاً يدعى ديفيد وارمسر، وهو صديق ريتشارد بيرل سبق له التعاون أيضاً مع بنيامين نتانياهو حين كان رئيسا للوزراء، وزوجته ميراف شاركت في تأسيس معهد الأبحاث الإعلامية لشؤون الشرق الأوسط إلى جانب الكولونيل ييغال كارمون، المسؤول السابق عن جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلي، ويحرص المعهد على ترجمة ما ينشر في الصحافة العربية من مقالات لاذعة، و إبراز نزعة معاداة السامية التي تهز هذه المنطقة إلى جانب ترجمة المقالات المؤيدة للسياسة الأميركية في الشرق الأوسط، ففي يوم 24 ابريل 2003، وبعد أيام قليلة من ورود ذكر سوريا في خطابات رامسفيلد، نشر المعهد على الصفحة الأولى من موقعه ترجمة لمقال من صحيفة كويتية يعتبر نظام بشار الأسد «أسوأ من نظام صدام». ومن الواضح أن هذه الترجمة لم تأت اعتباطاً لأنها تعكس وجهة نظر عربية مؤيدة لسياسة واشنطن. وهو ما يجافي الحقيقة إذ ما من مسؤول سياسي في الشرق الأوسط ـ فما بالك بالمواطن العادي ـ يؤيد تدخلاً عسكرياً في سوريا مجهول العواقب.
    شارك ديفيد وارمسر الذي سبق ذكره، إلى جانب ريتشارد بيرل، ودوغلاس فيث في إعداد تقرير سري للغاية يحمل عنوان «قطيعة شاملة» ورفع إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي نتانياهو عام 1996. وتمحور التقرير حول هدفين أساسيين اثنين رسما من أجل مصلحة إسرائيل وهما: تفكيك العراق، وتصفية النظام السوري.
    وجاء في التقرير ما يلي:
    «جاءت دعوة الأردن إلى إعادة النظام الهاشمي لحكم العراق بمثابة الثقل الموازن للطموحات الإقليمية السورية. وبما أن مستقبل العراق سيؤثر في التوازن الاستراتيجي في الشرق الأوسط تأثيراً عميقاً. فإن تأييد إسرائيل لعودة الملكية في العراق سيكون له ما يبرره. وبإمكان حكومة نتانياهو أن تقوم بأولى زياراتها الرسمية إلى الأردن قبل الذهاب إلى واشنطن، وتقدم الدعم للملك حسين لمساعدته (في مجال الأمن والاستخبارات) في مكافحة التخريب السوري وتشجيع الاستثمارات الأجنبية في الأردن عبر نفوذ إسرائيل في أوساط رجال الأعمال الأميركيين، لتخليصها من تبعيتها (الحالية) تجاه العراق، وإلهاء السوريين باستخدام عناصر معارضة لبنانية لخلخلة قبضة سوريا على لبنان.
    يتبع باقي الموضوع


  12. #12
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    05/11/2010
    المشاركات
    810
    معدل تقييم المستوى
    14

    افتراضي رد: كتاب عالم جورج بوش السري / تأليف - اريك لوران

    ... ويمكن لإسرائيل أن تشكل محيطها الاستراتيجي بالتعاون مع تركيا و الأردن عبر إضعاف سوريا. وقد يتحقق ذلك بعزل صدام حسين في العراق مما يسمح بالتالي بإجهاض طموحات دمشق. كيف؟ بعقد تحالفات مع العشائر العربية التي تقطن على جانبي الحدود العراقية ـ السورية والمعادية للنظام السوري..».
    وفضلاً عن هذه النصائح ذات الطابع الجيوستراتيجي التي تبدو كإرشادات للحرب الحالية، ذهب بيرل وزملاؤه أبعد من ذلك إذ جاء على لسانهم «نظراً إلى طبيعة نظام دمشق، فإنه من الطبيعي و الأخلاقي أن تتراجع إسرائيل عن محاولاتها الانفتاحية (السلام الشامل) وتتمسك بكبح نمو هذا البلد عبر لفت الأنظار إلى برامجه لامتلاك أسلحة الدمار الشامل، ورفض اتفاقات السلام مقابل الأرض الخاصة بمرتفعات الجولان».
    بل تضمنت هذه الوثيقة «نصائح» في مجال الاتصال لكسب تعاطف واهتمام الأميركيين خلال زيارات بنيامين نتانياهو للولايات المتحدة. وأوصى أصحابها رئيس الوزراء الجديد بالحديث عن أهدافه السياسية بلغة مألوفة لدى الأميركيين.
    هكذا نستخلص إذن أن الحرب في العراق لم تكن قراراً جديداً بالنسبة إلى الصقور في هذه الإدارة. وهي ليست نتيجة «عملية التفتيش» التي لم تقنع أحداً بل تمثل تجسيداً لاستراتيجيات أقدم في الزمن تهدف إلى إعادة تشكيل ميزان القوى السائد اليوم في الشرق الأوسط.
    ولكن يبقى السؤال مطروحاً بعد قراءة هذا التقرير حول الهدف الحقيقي من وراء هذه العملية. هل هو السعي وراء المصالح الأميركية أو تعزيز وضع إسرائيل في المنطقة؟

    ومهما كانت القضية الأساسية التي يدافع عنها الصقور، فإن التفكير في تفكيك أمة ذات تركيبة معقدة جداً كما هي الحال في العراق، وإلصاقها بمملكة تفتقر إلى الاستقرار مثل الأردن يكشف مدى ثقة هؤلاء بأفكارهم ومشاريعهم ولا واقعيتهم. وبعد أربع سنوات من رفع تلك الوثيقة إلى نتانياهو، تم تقديم نسخة أخرى منها مخصصة للأميركيين وتحديداً لجورج دبليو بوش لكنها اختلفت عن النسخة الأصلية في شيئين اثنين، فاستخدمت فيها مصطلحات مألوفة لدى الأميركيين. وتم إغفال الحديث عن أي تفكيك للعراق. وان عادت هذه الفكرة لتتردد على لسان بول وولفويتز. وتم تحرير هذا التقرير تحت إشراف مركز دراسات آخر في واشنطن يحمل اسم المشروع من أجل القرن الأميركي الجديد PNAC، ويعمل من أجل تشجيع «الزعامة الأميركية للعالم» ويضم المركز الصقور الموالين لإسرائيل المتعاطفين مع الليكود و أعضاء من اليمين المسيحي المتطرف الأميركي.

    مناورة تشيني

    كان الصقور قد حاولوا مرارا الترويج لوجهة نظرهم على أعلى مستوى في السلطة التنفيذية، فبعد مرور فترة قصيرة على سقوط جدار برلين في عهد ولاية بوش الأولى، دار حديث حاسم بين ديك تشيني وبول وولفويتز كان بمثابة الانتصار الأول للمحافظين الجدد، إذ شكل تشيني، وكان وزيرا للدفاع آنذاك، لجنة تضم إلى جانب آخرين بول وولفويتز ولويس ليبي (مناصراً آخر للحرب الحالية). وكان الهدف الذي رسمه هؤلاء كبيرا ويتمثل في وضع الخطوط العريضة لسياسة خارجية أميركية جديدة في عالم ما بعد الحرب الباردة، ثم طلب من كولن باول، الذي كان يتولى رئاسة الأركان، إعداد تقرير منافس يقدم رؤية للعالم وللعلاقات الدولية تتسم بالاعتدال قياسا إلى رؤية الصقور. وحدد تشيني تاريخ 21 مايو 1990 لعرض التوصيات، وتم تخصيص ساعة لكل من وولفويتز وفريقه، وباول وفريقه، وفي الموعد المحدد أعطيت الكلمة لوولفويتز أولاً فتجاوز المدة المخصصة له كثيراً دون أن يقاطعه تشيني. واضطر باول للمغادرة دون عرض تقريره بعد أن حدد له وزير الدفاع موعداً بعد أسبوعين من باب المجاملة.. وهكذا كان الموجز الذي نقله هذا الأخير لجورج بوش الأب تلخيصاً وافياً لأفكار وولفويتز وخرج باول خاسراً، وكان من المتوقع أن يلغي الرئيس الأميركي خطاباً تاريخياً لكونه كان يمثل انعطافة حقيقية في تاريخ هذه الأمة المعروفة بانطوائها على نفسها ونفورها من الاهتمام بما يجري في الخارج ومن التدخل في مشاكل العالم. إلا أن الخطاب الذي كان مرتقبا في الوقت نفسه، الذي كانت الدبابات العراقية تتدافع فيه نحو الكويت، ألغي.
    وطيلة التسعينات، بدأت ملامح رؤية الصقور تتضح شيئاً فشيئاً، وحدد مبدؤهم الخاص بالسياسة الخارجية العالمية الذي يقوم على استباق التهديدات وتصفية القوى المنافسة، بغض النظر عن موقعها وعن الظروف، هدفاً واضحاً تمثل في الشرق الأوسط باعتباره مصدراً للقلاقل الدائمة، وتولد لدى الصقور يقين مطلق بتشابك المصالح الأميركية بالمصالح الإسرائيلية بفعل الروابط القوية أحياناً التي تربطهم بإسرائيل (شقيقة وولفويتز تقيم في إسرائيل) وتماثل الرؤى بينهم وبين زعماء الليكود، إذ يدعو هؤلاء إلى ضرورة تكاتف هاتين الديمقراطيتين، مهما كان الثمن، من أجل التصدي للعالم العربي الذي حل محل الاتحاد السوفيتي في دور الخصم. وهو خصم يجب تحريره بالقوة إذا اقتضى الأمر ذلك. ويبدو واضحاً هنا مدى التأثير الكبير لطروحات المستشرق الشهير المقرب من المحافظين الجدد برنارد لويس، الذي قال عنه بول وولفويتز «كان بارعاً في وضع العلاقات مع الشرق الأوسط وقضاياه في سياق أوسع عبر فكر موضوعي وفذ ومستقل، فلويس علّمنا كيف نفهم تاريخ الشرق الأوسط المعقد والمهم، وكيف نستخدمه لنهتدي به، من أجل إقامة عالم أفضل للأجيال القادمة».. يذكر أن برنارد لويس هو خبير معروف عالمياً خدم إبان الحرب العالمية الثانية في أجهزة الاستخبارات البريطانية، وهو الذي ابتكر مفهوم «صدام الحضارات» الذي ردده صاموئيل هانتنغتون في طروحاته لاحقاً.

    يتبع باقي الموضوع


  13. #13
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    05/11/2010
    المشاركات
    810
    معدل تقييم المستوى
    14

    افتراضي رد: كتاب عالم جورج بوش السري / تأليف - اريك لوران

    الصقور تحفزوا لبغداد منذ 1998

    أصبحت بغداد هدفاً مفضلاً لدى الصقور منذ عهد كلينتون، ففي عام 1998 نشر مركز «مشروع القرن الأميركي الجديد» رسالة مفتوحة إلى الرئيس يطالبه فيها بالقيام بعمل عسكري من طرف واحد، دون المرور عبر مجلس الأمن، وهي الرسالة التي وقعها كل من ريتشارد بيرل وبول وولفويتز ودونالد رامسفيلد وبعد ذلك ببضعة أشهر طلب مركز أبحاث آخر يحمل اسم «لجنة السلام و الأمن في الخليج» من بيل كلينتون الاعتراف بحكومة عراقية مؤقتة يقودها أعضاء المجلس الوطني العراقي، على اعتبار أن هذا الاعتراف من شأنه أن يشكل الخطوة الأولى باتجاه «إستراتيجية سياسية وعسكرية ترمي إلى إسقاط صدام حسين ونظامه». وكان من بين الموقعين على هذه الرسالة الثانية إلى جانب ريتشارد بيرل، بوصفه أحد رئيسي المركز، كل من رامسفيلد ووولفويتز، وفيث، وأبرامز، وبولتون. ولا تخفى إستراتيجية تحريك اللجان والهيئات ومراكز الأبحاث بسرعة متدرجة على أحد في واشنطن.
    ويقول أحد موظفي وزارة الخارجية شارحاً: «يستخدم بيرل وبقية الصقور هذه الطريقة منذ زمن طويل. وهي تولد انطباعاً لدى الرأي العام، وكذا بعض أعضاء الكونغرس بأن موجة المحافظين الجدد بصدد التحول إلى مدّ كاسح. إذ يعمد مركز بعينه إلى حشد التأييد في إطار لوبي لضرب العراق، ثم يحذو مركز آخر حذوه في اليوم التالي.
    وفي الأسبوع الموالي تنشر صحيفتك المفضلة في صفحتها الأولى رسالة وصلت من «معهد أبحاث» آخر. وهكذا يجري الحديث بصوت واحد عن الموضوع، وهو ما يكون له أكبر الأثر إذ يعتقد الناس خطأ أن الأغلبية تتبنى آراء هؤلاء».
    وقد صرح سياسي إسرائيلي سابق مقرب من اسحق رابين ومعارض لسياسة الصقور فقال: «إنهم يأملون في إعادة المجد الأميركي. ومن شأن هذه القوة المتنامية أن تخدم في الوقت نفسه من وجهة نظرهم المصالح الإسرائيلية. ولأنهم منظرون فان ميزان القوى في المنطقة يمكن تحديده بالأرقام وعلى الخرائط. فالأمر بالنسبة إليهم مجرد عملية حسابية. أي أن إسقاط صدام وإضعاف سوريا كفيلان بتركيع الفلسطينيين». ويضيف قائلا: «... الصقور في واشنطن لا يشعرون بشيء من آثار النزاع الذي لا يعيشونه بصورة مباشرة. ومع ذلك، فإنهم هم من يقرر مصيرنا اليوم».

    العراق بين خياري التقسيم والإلغاء

    الإطاحة بنظام صدام وقعت، والآن ماذا ينتظر العراق أو بالأحرى كيف يمكن لإسرائيل أن تستفيد من هذا الوضع الجديد؟ في عام 1996 كان أفراد الفريق العامل في البنتاغون اليوم يفكرون في ضم العراق إلى الأردن. لكن «مجموعة التحليل والتوقعات الإستراتيجية» STRAFOR كشفت أن ديك تشيني يفكر في خيارين اثنين بخصوص العراق، فإما ضمه إلى الأردن (كما جاء في تقرير «قطيعة شاملة») أو تفكيكه إلى ثلاث ولايات، تمنح واحدة حكماً ذاتياً، وتلحق الثانية بالأردن، فيما تدمج الثالثة، والمتمثلة في المنطقة الشيعية في الكويت. إنه من الصعب فهم المنطق الأميركي. فمن ذا الذي يمكنه أن يستفيد من ضم العراق إلى البلد الوحيد «الصديق» للدولة العبرية في المنطقة إذا استثنينا إسرائيل؟
    ومن المعروف أن الشيعة في العراق يمثلون أغلبية تبلغ نسبتها 60 في المائة من مجموع السكان. والعلاقات بين الشيعة والسنّة لا تتسم بالمودة إلا في ما ندر. فكيف يعقل أن نتوقع النجاح لعملية الزرع هذه، إذا علمنا أن المذهب السني هو السائد في كل من الأردن والكويت؟

    ثم أن الأميركيين تدخلوا في الخليج عام 1991 بعد غزو صدام للكويت بحجة أنها كانت جزءاً من العراق فيما سبق، وها هي واشنطن تريد اليوم ضم العراق إلى بلدين مجاورين، وهي خطوة تفتقر إلى الشرعية.
    وقد أسرَّ أحد الخبراء بالقول: «يتردد الحديث عن هذه الخطط كثيراً في واشنطن، ولكن هناك شعوراً عاماً بأن مشروع تفكيك العراق سيكون بمنزلة القشة التي تقصم ظهر البعير، وقلة فقط ترى أن الصقور يمكن أن يقدموا على ذلك..».
    واشنطن لا تحسن اختيار الهدف

    قال مسؤول بريطاني في حديث لمجلة نيوزويك نشر في أغسطس 2002: «الجميع يريد التوجه إلى بغداد، لكن الرجال، الحقيقيين يريدون الذهاب إلى طهران»، ومن جهتها، ذكرت صحيفة هآرتس في فبراير 2003 أن جون بولتون أسرّ لمسؤول إسرائيلي أن الولايات المتحدة ستهتم بأمر إيران وسوريا وكوريا الشمالية بعد أن تفرغ من العراق.
    لكن الأمور ستتعقد على نحو خطير بالنسبة إلى الدولة العبرية في حال التفت الأميركيون صوب دمشق، لان تبرير الهجوم على سوريا سيكون أصعب بكثير.
    لقد وضع اسم سوريا على القائمة السوداء في أميركا لأن الصقور قرروا ذلك. ولنا أن نتساءل هنا عن سبب التغاضي عن كثير من البلدان التي تؤوي عناصر القاعدة مثل الصومال التي تعتبر ملاذا آمنا لهذا التنظيم. وهذه حقيقة لا يجرؤ أي جهاز مخابرات في العالم على دحضها.

    (...) حين يتعلق الأمر بالفوائد المرجوة في أوساط اليمين الإسرائيلي من هذه النزاعات، يحرص الصقور على السرية والتكتم. وقد تحدثت نيويورك تايمز في نهاية العام الماضي (2002) عن وجود وثيقة لا تخلو من دلالة، وتنصح الإسرائيليين واليهود الأمريكان باجتناب الخوض في موضوع الحملة العراقية. ويقول نص الوثيقة: «إذا كان هدفكم تغيير النظام (في العراق) فعليكم أن تنتبهوا أكثر لما تتلفظون به تحاشياً للعواقب المحتملة، حتى لا يعتقد الأميركيون أن حرب العراق شنت لحماية إسرائيل وليس أميركا (...) اتركوا السياسيين الأميركيين يدافعون عن الحرب في العراق في الكونغرس وفي وسائل الإعلام. واتركوا المجموعة الدولية تتشاجر في منظمة الأمم المتحدة. فصمتكم سيصرف أنظار العالم إلى العراق وليس إلى إسرائيل».
    في نهاية عام 2001، «تطهر» البنتاغون من «آخر حمامة» مع خروج بروس ريدل المعروف باعتداله، وعَزْل كولن باول بفرض جون بولتون الموالي للصقور عليه في وزارة الخارجية. وحين بدأ يستتب الأمر للصقور جرى إعداد تقرير سري للغاية رفع إلى رئيس الوزراء الاسرائيلي آنذاك بنيامين نتانياهو عام 1996. ويتمحور التقرير حول هدفين أساسيين يصبان في مصلحة إسرائيل وهما تفكيك العراق، وتصفية النظام السوري. وهذا ما يؤكد أن قرار الحرب في العراق كان تجسيدا لاستراتيجيات ترمي إلى إعادة تشكيل ميزان القوى السائد اليوم في الشرق الأوسط.

    يتبع باقي الموضوع


  14. #14
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    05/11/2010
    المشاركات
    810
    معدل تقييم المستوى
    14

    افتراضي رد: كتاب عالم جورج بوش السري / تأليف - اريك لوران

    التقت مصالح الصقور وعمالقة النفط فوجب التغيير
    تتعدى علامات الاستفهام حول ولاء بعض «الصقور» نطاق التعاطف مع إسرائيل. ففي مارس 2003 كشف الصحافي الاميركي في النيويوركر، سيمور هيرش، المتخصص في التحقيقات الصحفية أن «ريتشارد بيرل كان أحد الشركاء في شركة Trireme التي تستثمر في قطاع التكنولوجيا والخدمات وتولي اهتماماً خاصاً بقطاع الدفاع و الأمن الداخلي».
    وبعد مرور عام، جمعت الشركة 45 مليون دولار، 20 مليوناً منها قدمتها شركة بوينغ. لكن بيرل وشركاه ظلوا في سعي دائم لاستقطاب مزيد من المستثمرين فلجئوا إلى الشخص الأكثر إثارة للجدل في العالم طلبا للمساعدة. ونعني بذلك عدنان خاشقجي، السعودي (67 عاما) الذي جمع ثروة طائلة من وراء دور الوساطة الذي لعبه في عقود الأسلحة المبرمة بين العائلة المالكة والشركات الأوروبية و الأميركية. وكان يمثل بفضل علاقاته الواسعة وقدرته على التفاوض خير ضمان لنجاح شركة استثمارية تبحث عن استثمارات جديدة.
    وقد التقى المسؤول عن الإدارة المباشرة في الشركة Trireme بمقرها في نيويورك، جيرالد هيلمان، خاشقجي لأول مرة في باريس وكان برفقته الصناعي السعودي البارز، والمستثمر المحتمل، الذي ولد بالعراق.

    وبدأ كل شيء بسوء تفاهم تعمد الأميركيون تعميقه. فالرجل، ويدعى حرب زهير، كان يرى في هذه الصفقة فرصة سانحة للاتصال بصانعي القرار الأميركي من أجل طرح وجهة نظره عليهم، بل و أكثر من ذلك، نقل ما يلتقطه من معلومات خلال أسفاره العديدة للعراق إليهم.
    كان زهير يملك علاقات على مستوى القمة في النظام العراقي، وربما كان على صلة مع صدام حسين نفسه. وكان مؤمناً بإمكان التوصل إلى حل للمسألة العراقية عن طريق التفاوض. حدث هذا في ديسمبر، ولم يكن هم شركة Trireme والمساهمين فيها سوى الحصول على استثمارات حتى لو كان مصدرها المملكة العربية السعودية. أما الفائدة من التفاوض السياسي مع زهير فلم يشغل بالهم لحظة، وان كان جيرالد هيلمان عضواً في مجلس السياسة الدفاعية، وهي هيئة ذات نفوذ كبير في البنتاغون يرأسها بيرل.
    غير أن هؤلاء كانوا يعلمون أنه لا بد من تطييب خاطر زهير، وأن أي رفض قاطع لاقتراحه من شأنه أن يفوت عليهم فرصة الحصول على المائة مليون دولار التي وعد باستثمارها في شركته، فكان لا بد من أن يلعبوا اللعبة، وهو ما حدث فعلاً.
    وهكذا قام هيلمان في الأيام التي تلت لقاء باريس، بتحرير مذكرة من 12 نقطة مؤرخة في 26 ديسمبر 2002 و تنص على نحو خاص، على ضرورة أن يقر صدام حسين «بتطويره لأسلحة الدمار الشامل وامتلاكه لها»، وهي الشروط التي رددتها إدارة بوش بعد ذلك بشهرين، وخلصت المذكرة إلى القول: «اعتقد أن الولايات المتحدة ستتراجع عن فكرة ضرب العراق في حال تمت الموافقة على الشروط الاثني عشر المنصوص عليها، وسيسمح لصدام حسين بمغادرة البلاد مع ولديه وبعض وزرائه».
    ولم يكن لهذه المذكرة أدنى شرعية رسمية، كما لم تنتج عن أي نقاش داخل الإدارة. وهيلمان لم يكن يتوقع من ورائها شيئاً على الصعيد الدبلوماسي، وكل ما كان يقصده هو خداع الصناعي العراقي - السعودي على أمل الحصول على استثمارات منه.
    وبعد مرور أسبوع واحد، بعث هيلمان بمذكرة ثانية جاء فيها: «عطفاً على المحادثات التي أجريناها مؤخراً، فكرنا في القيام باختبار فوري يسمح بالتأكد من مدى صدق النظام العراقي»، وشملت المذكرة خمسة شروط جديدة، وجدها زهير مستحيلة، فيما اعتبرها خاشقجي طريفة وشبه سخيفة.
    بدأ مضمون المذكرة كنص كُتب بقلم أحد الهواة وهو أمر يسهل تفسيره إذا علمنا أن ابنة هيلمان، وهي طالبة في المرحلة الثانوية، هي من ساعده في كتابة هاتين «المذكرتين» اللتين أقل ما يمكن أن يقال فيهما أنهما تتعلقان بمستقبل العالم وحرب تشنها أكبر قوة وحيدة في العالم في منطقة الشرق الأوسط، وقد اعترف هو نفسه بذلك وزاد أن بيرل لم يكن على علم بالرسالتين لدى توجيههما إلى السعوديين، لكنه اطلع على الموضوع ولم يعلق عليه.
    وغداة إرسال المذكرة الثانية، تم تنظيم مأدبة غداء في مارسيليا جمعت خاشقجي، وزهير وبيرل وهيلمان، وكان بيرل بمثابة «الطعم» حسب تعبير خاشقجي الذي اطلع الصحافي سيمور هيرش على ما دار في اللقاء، وكان زهير يريد التحدث عن رفع قيمة الاستثمار المزمع لمصلحة شركة trireme مع الحرص على موضوع مستقبل العراق بشكل خاص، واستهل بيرل الحديث بلهجة مثيرة للدهشة قائلاً إنه يتسامى على المال وإن اهتمامه ينصب أكثر على السياسة وان «الصفقات تبرم عبر الشركة بالأحرى وليس عبر شخصي».
    وبينما يقر بيرل أنه لم يعلم أبداً بموضوع المذكرتين المرسلتين إلى زهير، وأنه لم يأبه كثيراً بالحلول التي اقترحها هذا الأخير، تبدو الأسباب التي كانت وراء لقاء مارسيليا غامضة، ويقول الأمير بندر بن سلطان، سفير المملكة العربية السعودية الدائم لدى الولايات المتحدة و ابن وزير الدفاع خالد بن سلطان معلقاً: «كان بحاجة إلى فرصة لنفي القضية برمتها، وكان بحاجة إلى تغطية للتمويه فتحجج بمبادرة السلام في العراق لكن (...) سبب اللقاء كان فعلا التفاوض بشأن صفقة تجارية».
    ولا شك أن زهيراً أدرك ذلك مما يفسر إلغاء مشروع الاستثمار.
    لكن القضية اكتست لاحقاً أبعاداً لم تكن متوقعة أبداً إذ ترددت أصداء مذكرتي الطالبة الشابة بعد شهر من اللقاء الشهير بين بيرل وزهير، في صحيفة الحياة في مقالة حملت عنوان لا يخلو من دلالة: «واشنطن تعرض التراجع عن شن الحرب مقابل اتفاق دولي حول نفي صدام حسين» وذكرت «الحياة» في موقع آخر أن بيرل ومسؤولين آخرين قد قاموا باتصالات سرية من أجل تفادي الحرب.
    وبعد مرور بضعة أيام، قامت «السفير» اللبنانية من جهتها بترجمة مذكرتي الآنسة هيلمان و أبيها ونسبتهما إلى ريتشارد بيرل مباشرة.
    يتبع باقي الموضوع


  15. #15
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    05/11/2010
    المشاركات
    810
    معدل تقييم المستوى
    14

    افتراضي رد: كتاب عالم جورج بوش السري / تأليف - اريك لوران

    و إن دلت هذه القضية على شيء، فإنما تدل على ما يمكن أن يسفر عنه تداخل التجارة بالسياسة من نتائج مفاجئة تخرج عن نطاق السيطرة، حين تتداخل المصالح المالية بالسلطة فتنسج صلات شاذة، فبيرل الذي يكيل الانتقادات للسعودية من موقعه في الإدارة الأميركية لا يتردد في التودد عبر الشركات التي يملك فيها حصة إلى مستثمرين من هذا البلد، ويبدو التضارب في المصالح جليا في القضية، وإن لم تنطوِ على أي خرق للقوانين. ولعل خير دليل على ذلك يتجسد في هيلمان، أحد الشركاء في شركة Trireme وعضو في مجلس السياسة الدفاعية الذي استغل دوره كمستشار في البنتاغون لخداع مستثمرين محتملين، فراح يعدد «الشروط» المزعومة التي يتعين على صدام حسين تلبيتها، لتفادي الحرب.
    وقد جاء رد فعل ريتشارد بيرل على القضية التي كشفها الصحافي سيمور هيرش مثيراً للدهشة وذا دلالة، إذ وصف هيرش أثناء مقابلة أجراها معه المذيع وولف بليترز من قناة سي.إن.إن بـ«الإرهابي» وحين طلب منه هذا الأخير توضيح كلامه استرسل قائلا: «إنه لا يملك ذرة حس من المسؤولية (..) فهو فعل ذلك بغية الإيذاء ويسعى له بأي طريقة وعبر أي تحريف ممكن..» ويبدو أن بيرل قد لجأ إلى إستراتيجية تجعل إخضاعه لأي تحقيق والتشكيك في مدى شرعية أفعاله بمثابة مس بالأمن العام.
    متبنياً بذلك مقولة رئيسه «من ليس معنا فهو ضدنا» واستغلها لمصلحته. فحالة الحرب تعتبر من وجهة نظره مبرراً كافياً لإسكات كل المنتقدين، حتى عندما يكشفون النقاب عن وجود تضارب فاضح في المصالح، وحالات التضارب هذه أكثر من أن تعد في نشاط ريتشارد بيرل. ففي فبراير 2000 عُيِّن هذا الأخير مديراً لشركة Automnomy، وهي شركة بريطانية تعمل في قطاع التكنولوجيا المتطورة، وتحديدا في مجال اعتراض ما يدور على شبكة الانترنت من أحاديث.
    و في إطار مكافحة الإرهاب، حصلت الشركة أخيراً على عقد مجزٍ مع وزارة الأمن القومي الأميركية، كما تعمل الشركة مع الجيش الأميركي وقوات البحرية بالإضافة إلى القوات الجوية الملكية الاسترالية، وكعادته لم يخترق بيرل القانون بما أن مجلس السياسة الدفاعية الذي ظل يرأسه حتى عام 2003 (وما زال عضوا فيه) هو مجرد هيئة استشارية داخل البنتاغون. ومن موقعه هذا على هامش الإدارة الأميركية لا يخضع بيرل للقيود نفسها المفروضة على الأعضاء المباشرين في الإدارة، غير أن نفوذه الذي يمتد خارج إطار صلاحياته الرسمية دفع هيئة المراقبة المستقلة أي الجمعية الوطنية لصناديق التقاعد إلى التساؤل عن وضع ريتشارد بيرل داخل الشركة، و أعلنت هذه الهيئة عن نيتها في تقديم توصية بامتناع المساهمين في هذه الشركة إذا استمر «الصقر»، الذي تحول إلى رجل أعمال، في منصبه بشركة Autonomy البريطانية بعد انتهاء فترة رئاسته الحالية.


    عقد بـ750 ألف دولار

    بالإضافة إلى ما تقدم حصل بيرل على عقد للعمل «كمستشار» لدى الشركة الأميركية غلوبال غروسينغ المفلسة، بهدف تسهيل عملية إعادة شرائها من قبل شركة Hutchinson Whampoa، وذلك لسبب بسيط يتلخص في كونها تتوافر على شبكة هائلة من الألياف الضوئية التي تستخدمها على نحو خاص وزارة الدفاع الأميركية ومختلف الوكالات التابعة لها. والشركة مملوكة لأغنى رجل في «هونغ كونغ» وهو لي كاشينغ الذي تربطه علاقات قديمة مع النظام الشيوعي في بكين.
    ولذلك لا يريد البيت الأبيض أن تقع أنظمة الاتصال الحساسة هذه في يد نظام طالما اعتبر معادياً. وهنا دخل ريتشارد بيرل في اللعبة بعقد قيمته 750 ألف دولار كانت 600 ألف منها تعتمد على موافقة السلطات الأميركية على عملية البيع. وجاء في مذكرة مؤرخة في 7 مارس، أن موقع بيرل كرئيس لمجلس السياسة الدفاعية يخوله «تكوين وجهة نظر فريدة» و«معرفة عميقة» بالقضايا الأمنية والدفاعية التي قد تثيرها لجنة الاستثمارات الخارجية المخولة منع بيع شركة هاتشينسون وامبوا.
    وقال بيرل لصحيفة نيويورك تايمز أن الوثيقة حررها محامون وأنه لم يتنبه لهذه الجملة. ثم تدارك في وقت لاحق، زاعما أنها وردت في نسخة سابقة، وأنه قام بشطبها لكن شخصاً ما تعمد إدراجها في الوثيقة النهائية دون أن يتنبه لذلك.
    ومهما يكن من أمر هذه الجملة الشهيرة، فمن الواضح أن منصبه كمستشار للبنتاغون وموقعه شبه الرسمي كمنظر المحافظين الجدد، قد لعبا دوراً حاسماً في اختيار بيرل لترؤس الفريق المفاوض.
    وفي مطلع عام 1989 كانت صحيفة وول ستريت جورنال قد كشفت وجود شركة تمثل الحكومة التركية وتحمل اسم آي. ايه. آي International Advisors Inc وتهدف إلى تشجيع «المعونة الأميركية وبيع العتاد العسكري الأميركي لتركيا». وغني عن التذكير هنا بأن هذه الأخيرة تعتبر الحليف العسكري الأضمن لإسرائيل في المنطقة.
    ومرة أخرى كذَّب بيرل وجود أي علاقة تربطه بهذه الشركة على نحو مباشر، زاعماً أنه «مستشار» لها. وهذا صحيح ما دامت الشركة مسجلة باسم «صقر» آخر هو دوغلاس فيث، المستشار الخاص السابق لبيرل. وقد جنى من ورائها مئات الآلاف من الدولارات مثلما جناها من مكتب المحاماة الذي كان يملكه Feith & Zell واكتسب مكانة كبيرة بين زبائنه مثل شركة نورثروب غرونمان مصنعة القاذفات B2 والمقاتلات F18، والطائرات من دون طيار وكلها تستخدم بكثافة في العراق.
    إذ كانت زوجة نائب الرئيس الأميركي لين تشيني، عضوا في مجلس إدارة هذه الشركة حتى فبراير 2001. ويمثل ديك تشيني مثالاً صارخاً على هذا التقارب بل الحميمية التي تجمع السلطات السياسية بقطاع الصناعة الحربية. غير أن هذا الأخير يختلف عن ريتشارد بيرل وبول وولفويتز، ودوغلاس فيث وايليوت أبرامز بعدم ارتباطه بإسرائيل بأي علاقة خاصة، لكن مسيرته طبعتها صبغة التطرف الصريح وخصوصاً فيما يتعلق بالسياسة الداخلية الأميركية وماضيه يزخر بمواقف وقرارات محرجة إذ رفض المصادقة على البرامج الغذائية التي وضعت لمصلحة الأطفال المعدمين في أميركا (1986)، والموافقة على جمع المعلومات حول تنامي الجرائم العنصرية، ومنح مساعدة غذائية للأشخاص المسنين (1987).
    يتبع باقي الموضوع


  16. #16
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    05/11/2010
    المشاركات
    810
    معدل تقييم المستوى
    14

    افتراضي رد: كتاب عالم جورج بوش السري / تأليف - اريك لوران

    والقول نفسه ينطبق على موقفه من البيئة إذ صوت ضد قوانين عدة وضعت لحماية المياه والهواء، وأنواع الحيوانات المهددة بالانقراض. وموقفه هذا لم يكن نابعاً من قناعاته السياسية بالضرورة بقدر ما هو نابع من مجال اختصاصه «كرجل نفط».
    والواقع أن التصريحات القوية التي أدلى بها خلال عام 2000 عن تشدده إزاء العراق لم تكن سوى تمويه انتخابي بالنسبة إلى رجل «تزوج» النفط. وقد كشف تقرير سري أعدته منظمة الأمم المتحدة ونشرت صحيفة واشنطن بوست أسماء مختلف الشركات التي تعاملت مع نظام بغداد وتفاصيل الصفقات المبرمة. فاضطر تشيني إلى الاعتراف بالحقيقة متذرعاً بأنه لم يكن على علم بعلاقة الشركتين الفرعيتين مع العراق لدى شرائهما.
    غير أن رئيس Ingersoll - Rand جيمس أ. بيريلا أكد لواشنطن بوست أن تشيني كان على علم بالصفقة.
    والواقع أن شركات مثل هاليبرتون ساهمت عبر مجموعة فروع ووسطاء في تكدس الثروات التي اكتشفها الجنود الأميركيون في القصور الرئاسية. فقيمة الصادرات العراقية من النفط قفزت من 4 مليارات دولار في عام 1997 إلى 10 مليارات بعد ذلك بثلاث سنوات. وما كان هذا الارتفاع ليتحقق لولا الحصول على التكنولوجيا الأجنبية وقطع الغيار وغير ذلك من اللوازم غير المتاحة داخل العراق.
    غادر ديك تشيني هاليبرتون حاملا معه 45 مليون دولار، ومطوقا بامتنان على إيصالها إلى أرفع مقام في أوساط السلطة في الداخل والخارج (وخاصة في العالم العربي). ولكن ماذا عن ولائه؟ هل هو لعالم الأعمال أم لعالم السياسة؟ إن من يراقب الحرب الدائرة والمجازفة العظيمة، التي أقدمت عليها واشنطن بمصداقيتها، يفترض أن دوافع تشيني كانت سياسية فعلاً، لكن الأمور تكتسي بعداً مغايراً حين يتأمل ما بعد الحرب.

    فقد حصلت شركة هاليبرتون على أهم العقود وأجزاها في مجال إعادة أعمار العراق. وذلك حتى قبل أن يهدأ هدير الآلة الحربية، وفي ظروف غير مألوفة البتة. فأميركا تعد من أكثر البلدان شفافية، وخاصة في مجال المناقصات ومع ذلك فلم تواجه هاليبرتون أي منافس على السوق العراقية المغرية.

    وفي الوقت الذي كان جورج دبليو بوش يصرح بان «نفط العراق ملك للعراقيين»، تبين في يوم 12 مايو أن عقداً ابرم مع الجيش من دون إعلان مناقصة مرّة أخرى يقضي بمنح أحد فروعه، الذي يعرف اختصارا بـKBR، امتيازا في جزء من النفط العراقي، وهي شركة تحمل اسم Kellog Brown & Root تعمل في مجال الإمدادات اللوجستية وتربطها شبكة علاقات وثيقة مع الجيش الأميركي يعود تاريخها إلى زمن حرب فيتنام. وهي بمنزلة شقيق سيامي (مدني) للمؤسسة العسكرية. وقد استفادت كثيراً من علاقات ديك تشيني خلال السنوات التي قضاها على رأس هاليبرتون، وحتى قبل أن يخوض غمار الأعمال.

    وأي مشروع في مجال الصيانة أو سلاح الهندسة سواء في الداخل أو الخارج يُعهد به إلى هذه الشركة التي تولت في جملة مشاريع أخرى، بناء معتقل غوانتانامو بالإضافة إلى عدة قواعد ومعسكرات أميركية في مختلف أنحاء العالم. ومنذ بدء الحرب على الإرهاب، ازدهر وضع الشركة، ويبدو أن مستقبلاً مشرقاً ينتظرها بفضل الجيش الأميركي من جهة وعملية إعادة أعمار العراق من جهة أخرى. ومن الصعب أن نتصور ألا يكون لديك تشيني أيضاً يد في ذلك. فهو طيلة فترة رئاسته لهاليبرتون كان يدير شؤون فرعها هذا بشكل مباشر تقريباً. حتى أن المجموعة كانت تعتبره بمنزلة قيمة ثمينة بفضل علاقاته الواسعة مع مختلف الحكومات في العالم. ويقول الرئيس السابق لهاليبرتون: «كانت كل الأبواب تفتح في وجهه بينما قال رئيسها الحالي: «لو ذهبت إلى مصر أو الكويت أو عمان وحدي فان الشخص الذي يمكنني لقاؤه هو وزير النفط. أما مع تشيني فقد كنا نذهب لرؤية السلطان في عمان و الأمير في الكويت دون أن تكتسي الزيارة طابع الرسمية إذ نذهب لتناول الشاي وتبادل أطراف الحديث..».

    وكلما نمت علاقات ديك تشيني مع القادة العرب وغيرهم زادت معها أرباح الشركة (...)، ويبدو أن هذا الأخير قد نفخ روحاً جديدة في هذه الشركة التكساسية الهرمة المعروفة بتعاطفها مع التيار المحافظ المتطرف والتي كانت لا تزال تفتقر إلى الصيت الدولي، حسب تعبير المحلل النفطي فرد موتاليبوف، وهو ما حققه لها رئيسها الجديد وعزز حضورها في أسواق مختلف الحكومات.

    وفي مطلع عام 2002 أعلنت شركة هاربيسون والكر للتأمين المتعاقدة مع هاليبرتون إفلاسها فبدأت أوساط وول ستريت تتساءل عن مدى صمود العملاق النفطي في وجه هذه الأزمة. ومنذ ذلك الحين، أثار خروج تشيني من هاليبرتون للمشاركة في الحملة الانتخابية لجورج بوش عام 2000 كثيراً من الجدل، إذ اعتبره منتقدوه وكثير من الأميركيين الذين هزتهم الأزمة المالية، كفرصة سمحت لنائب الرئيس المقبل ببيع أسهمه وهو يعلم بما ينتظر أسعار أسهم الشركة من انهيار. و جنى تشيني من ذلك 30 مليون دولار، محتذياً حذو جورج دبليو بوش حين قام في نهاية الثمانينات ببيع أسهمه في شركة هاركن النفطية في ظروف مثيرة للجدل. وقد باع تشيني أسهمه بحوالي 52 دولاراً للسهم الواحد وبعد عامين من ذلك انهار السعر إلى 13 دولارا فقط.

    يتبع باقي الموضوع


  17. #17
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    05/11/2010
    المشاركات
    810
    معدل تقييم المستوى
    14

    افتراضي رد: كتاب عالم جورج بوش السري / تأليف - اريك لوران

    علاقات تشيني بالخليج


    أقام تشيني خلال تسلمه مختلف المناصب علاقات صداقة شخصية متينة في كل بلدان الخليج، وخاصة في الدول الصغيرة العزيزة على قلبه والتي تستقبله بمودة كبيرة.

    جاءت أحداث 11 سبتمبر والحرب على الإرهاب ليمثلا معاً بالنسبة إلى الصقور الموالين لإسرائيل «فرصة حقيقية» لتنفيذ السياسات التي طالما دعوا إليها بدون أدنى تعديل. وليست الحرب في العراق سوى خطوة أولى في سياسة المحافظين الجدد في الشرق الأوسط التي تنبع من إرادتهم الصلبة في المساهمة في ضمان أمن إسرائيل الإقليمي عبر إضعاف أعدائها بالتدريج مثل العراق وسوريا لمصلحة حلفاء مثل الأردن.

    ولئن كانت أهداف تشيني تختلف تماماً عن أهداف هؤلاء إلا أنها تندرج بدورها في إطار مشروع إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط الذي يجري تنفيذه اليوم. فإسرائيل لا تشغل بال نائب الرئيس الأميركي أو على الأقل ليست بحماسة بيرل ووولفويتز وفيث وابرامز نفسها، بينما تستهويه فكرة توطن الشركات النفطية الأميركية بشكل دائم وحصري في بلد قد يتحول إلى ثاني منتج نفطي في المنطقة.

    وخلاصة القول أن أياً من الفريقين لا يتسم بالنزاهة، فالصقور يمثلون مصالح أولئك الذين يعتقدون أن إسرائيل لن يتحقق لها النصر إلا بالقوة، وتشيني يمثل عمالقة النفط بالإضافة إلى اليمين المتطرف الأميركي هو وزوجته. وأبرز ما يطبع الفترة الراهنة التي تمثل انعطافة مهمة في تاريخ العالم، هو ذلك التواطؤ بين مدرستين فكريتين فرق بينهما كل شيء ووحدتهما أخيراً ساحة المعركة في العراق.

    مهما يكن من أمر النظرة السائدة إلى النظام الأميركي فإن المسؤولين السياسيين في هذا البلد يخضعون لضغوط، لا وجود لها في أي بلد آخر، تفرض شفافية تامة في مجال الأنشطة التجارية الخاصة للشخصيات البارزة في السلطة، إذ تتولى الصحافة والهيئات المعنية بالرقابة التنقيب في أدق تفاصيل حياتهم، وماضيهم ومختلف نشاطاتهم. ولاشك أن ثمة شيئاً قد تغير اليوم، فإدارة بوش غيرت أموراً كثيرة في الخارج، كما في واشنطن، في أسلوب إدارة الشؤون السياسية للبلاد. فظاهرة اللاعقاب التي يبدو أنها تسود اليوم تخفي وراءها تغيراً عميقاً حيث الولاء لقائد بعينه يكتسي أهمية متنامية تتراجع معها القيم و الأخلاق إلى المرتبة الثانية.

    فبوش في حالة حرب، والحرب نادراً ما تكون نظيفة، و الأولوية على ساحة المعركة ليست لحسن التصرف ولا للتهذيب ولا للمبادئ بل لما يدين به كل من يعملون في خدمتك من ولاء. فما يريده بوش هو معاونون مخلصون. وما عدا ذلك لا يهم كثيراً.

    ويبدو أن جل أفراد الفريق الحالي في البيت الأبيض يعيشون في عالم مغلق وفوق النقد. وحماية بوش لفريقه من الانتقادات والعقاب لا يمنحهم القوة بل يضعفهم ويجردهم من المصداقية في نظر المجتمع الدولي. ومهما بلغت الخصومات بين أعضاء الإدارة يتجنب كل مسؤول فيها كشف الأخر خشية أن يأتي عليه الدور في يوم من الأيام ويمثل قانون الصمت هذا أبرز سمة في الفترة الحالية.

    هاليبرتون

    حين غادر تشيني البنتاغون في يناير 1993 بأمر من الرئيس بوش الأب، ذهب ليترأس الشركة النفطية العملاقة هاليبرتون. وهي شركة متعددة النشاطات وتملك تاريخا زاخراً بالاضطرابات والدسائس. ولفهم مسيرة تشيني لا بد من فهم ماهية هاليبرتون، لأن الأمر لا يتعلق بشركة واحدة بل بشركات عدة تعمل في ميادين مختلفة بينها مد أنابيب النفط، وبناء السجون العسكرية وتزويد القواعد الأميركية في أفغانستان، على سبيل المثال لا الحصر، بالإمدادات اللوجستية، وتتولى التفاوض، عبر فروعها، مع حكومات الدول التي تصفها إدارة بوش بالإرهاب، وكذلك أبرز الدكتاتوريات في العالم.

    هاليبرتون إذا هي أفعوان ليس برأسين فقط بل بخمسة أو عشرة رؤوس. وتلقي كثير من فروعها الضوء على البون الشاسع بين ما يقال في الخطابات الرسمية وما يجري على أرض الواقع في مجال الأعمال.

    عُيِّن تشيني عام 1995 على رأس هاليبرتون التي يتصدر قائمة نشاطاتها التنقيب عن النفط ونقله. وكان العراق يمثل زبوناً محتملاً رغم الحظر المفروض عليه، غير أن تشيني كان حاسماً في تصريحه لقناة ايي.بي.سي عام 2000 إذ قال: «أنا اعتمد سياسة حازمة تجاه العراق تنص على عدم التعامل بتاتاً مع هذا البلد، ولو عبر ترتيبات قد تبدو قانونية». وفي عام 1998، كان تشيني رئيسا للشركة حين عمدت إلى شراء شركة Dresser Industries التي كانت قد شرعت في بيع معدات نفطية لبغداد عبر شبكة معقدة من الفروع إلى جانب شركة Inger soll-Rand co لكنه رغم «حزمه» لم يمنع هذه التجارة. وهكذا باعت Dresser Industries و Inger soll-Rand، بصفتهما فرعين لهاليبرتون مضخات معالجة، وقطع غيار خاصة بمعدات نفطية، وتجهيزات أنابيب نفطية للعراق عبر أفرع فرنسية بين عامي 1997 و2000 و يجدر التذكير هنا بأن فرنسا اتهمت من قبل الأميركيين بالوقوف ضد حرب الديمقراطية التي دعا إليها تشيني فقط من أجل مصالحها في العراق. ولعل قمة الوقاحة تتمثل في محاولة Inger soll Dresser Pump توقيع عقد (أوقفته الإدارة الأميركية آنذاك) لإصلاح منصة نفطية دمرتها القوات الأميركية خلال حرب الخليج الأولى بقيادة ديك تشيني نفسه الذي كان آنذاك وزيرا للدفاع.

    انتهى عرض الكتاب بحمد الله و توفيقه


+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •