مظلمة عقلة الأصبع



لا أملكُ أنْ أنسلخ من الكفِّ

لا أملكُ أن أُلقى نفسى

منتحراً فوق السيف

لا أملك ..

أن اتفَّيأ قْيظ الأمن

ولا أتقيَّل فى بستان الخوف

لكنى مهضومُ الحق

لا أعرف أرضاً بكراً

ينبت فيها شجر الصدق

للبحر صقورٌ تملك شم نواصيهْ

للبر سباع

تحكمُهُ ..

وتعربد فيهْ

حتى البحر ..!

له حيتانٌ

تختال به صلفاً .. وتتيه

فلمنْ أشكو مظلمتى .. ؟

قال فقيهُ المظلومين

الرجلُ البنصرْ

ظالمك ...

وها ضمُ حقِّك ..

رجلُ سبَّابهْ

فاذهب للرجل الوُسْطى

ميزان العدل بأرجاء الغابهْ

فذهبت إليه

سميناً .. وقصيراً ..

وله فى الناس مهابهْ

مفتولاً .. وطويلاً..

متكئاً فوق الكرسىِّ الفارهْ

بين حوارييهْ

يفصل فى الغُسلْ الشرعىِّ

طهوراً .. وجنابهْ

فشكوتُ له مافعل الرجل السبَّابهْ

القاتلُ ..

والسارقُ ..

والزانى ..

فليلقَ عقابهْ

قال تمهَّلْ يا ولدى

فلكل مقامِ قولٌ ..

ليس من السهل إجابهْ

قلت له :

القاتلُ .. والسارقُ .. والزانى

بشهودٍ عدلٍ .. ودلائلْ

أئقيم الحدَّ عليه ..؟

أم نترُكهُ ..؟

قالْ:

الأول يمكنُ .. والثانى جائز

اختلفتُ فى ذلك أقوال أئمتنا

ضيقاً .. ورحابْه

قلتُ له:

لا فُضَّتْ أفواه أئمتنا العظماءِ ..

ولا شُلّت ألسنةٌ ..

جُبِلَتْ مدحاً .. وخطابهْ

فرجعتُ إلى صحراء التيهْ

كيهودىِّ منبوذٍ من كل الناس

أقاربه .. أخوته

زوجته .. بنيه

فتغرَّبَ فى الأرض زماناً ومكاناً

من ينصفنى

أو يسمع مظلمتى

قالوا

مجنونٌ فى الأرض ..

سفيهْ

فسقطتُ ..

فقال وقد أمسك بيديَّ فقيهٌ:

يا ولدى ..

إذهب للرجل الخنصر

فهو قصيرٌ..

ومكيرٌ..!

يقرى الأضيافْ

ويدلُّك .. أين وكيفَ

بغير عناءٍ

تأكل لحم الأكتافْ

فذهبت أقدم مظلمتى للرجل الخنصرْ

قال اكتبها نثراً

وانظمها شعراً

وامهلنا شهراً

نُدْخِلَك على الحَبْر الأعظمْ

مولانا الملك الإبهام

فنثرتُ النثر

ونظمتُ الشعر

وبلوتُ الشهر

وقبعت ثلاثة أيامٍ عند القصر

اتطلع نحو الشرفاتِ العليا

انتظر الإنعامْ

بمثولى بين يدىْ مولانا الإبهامْ

فدخلتَ أهرولْ

وركعتُ أولولْ

فتكرم مولاىَ وقال

تجلَّدْ

أَفصحْ عن شكواك

وأفصل

لا تتركْ حادثةً كبرى

أو صغرى

لا تلغزْ أو تجملْ

اذكرْ ما شئتَ

ومن شئتَ

فلا تخشَ ..

ولا تخجلْ

قلتُ:

أعز اللهَ السلطانْ

من أيام كان معىِ – مولاىِ-

مهرتىَ الشهباءُ

وزوجتى الرعناءْ

وفتاى

وعصاى ..

أهش بها الأغنامْ

فأغاَر علينا رجلٌ سبابهْ

وتلَّمظ فى جلد ذِؤبتهِ

واستأْسد فى صَلَفِ الغابهْ

كسر عصاىَ

ولاط فتاىَ

وضاجع زوجتى البلهاء

فلماَّ دافعت المنكوبةُ عن عفتها

دسَّ الخنجرَ

بين المنحر والأثداء

سرق المَهرة والشاهْ

فهو القاتل والسارق والزانى

أنقيمُ الحدَّ عليه أمام الناس

أم نتركه يامولاى

بغير قصاص ..؟

وأخيراً وخلال قراءة مظلمتى

كان الملك الإبهامْ

قد أسْبَل جفنيه الملكييِّن

ونامْ ..!

وسلامْ ..!

******