بسم الله الرحمن الرحيم



الأخ المكرم الفاضل الشريف


مولاي اسماعيل


حفظك الله ورعاك وأثابك



شكرا لك على هذا التوثيق الدقيق لورود هذه الظاهرة في اللغة العربية التي وإن دلت على شئ فإنما تدل على :

1) أن لغة يعرب بن قحطان بخصوصيتها المشهود لها بحمل معاني القرآن الكريم إنما هي لغة فريد وحيدة في محمولاتها الدلالية ؛ تتجلى فرادتها في وجود ظواهر عدة ليست ظاهرة الاشتراك اللفظي سوى أبرز ظواهرها الشاهدة على ذلك .

2) أن رصد هذه الظاهرة - وغيرها - في اللغة هو عامل حياة هذه اللغة .

3) أن القدماء قد أخلصوا لهذه اللغة فكان منهم ماكان من اختلاف بناء خدمة للغة الضاد ول ...

4) المثال الذي أورده الأخ علي فرحان بخصوص لفظة (( عين )) باعتبارها تتشارك في معنيين فقط أي كما قال (( عين 1 ( عين الانسان ) و عين 2 ( عين الماء) )) .. اسمح لي أخي أن أضع أمامه ماورد عنها في معجم (( مقاييس اللغة )) ليرى سيولة معاني هذا اللفظ الذي جمع معانيه بعضهم في كتب معلومة تجاوز بها العشرات . ومما جاء في معجم (( مقاييس اللغة )) بالحرف :


العين والياء والنون أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على عُضوٍ به يُبْصَر ويُنظَر، ثم يشتقُّ منه، والأصلُ في جميعه ما ذكرنا.قال الخليل: العين النّاظرة لكلِّ ذي بَصَر.
والعين تجمع على أعيُن وعُيون وأعيان. قال الشاعر:
فقد أرُوعُ قلوبَ الغانياتِ به حَتّى يَمِلْنَ بأجيادٍ وأعيانِ

وقال:وربّما جمعوا أعيُنا على أعيناتٍ. قال:وعَيْنُ القَلْب مثَل على معنى التشبيه.
ومن أمثال العرب في العين، قولهم: "ولا أفعَلُه ما حَمَلتْ عيني الماء"، أي لا أفعله أبداً.
ويقولون: "عَينٌ بها كلُّ داء" للكثير العيوب.
ويقال: رجلٌ شديد جَفْنِ العين، إذا كان صبوراً على السَّهَر.
ويقال: عِنْتُ الرّجلَ، إذا أصبتَه بعينك، فأنا أعينُه عَيْنا، وهو مَعْيون. قال:
قد كان قومُك يحسبونك [سيّداً وإخال أنّكَ] سيِّدٌ مَعيونُ

ورجل عَيُونٌ ومِعيانٌ : خبيث العين.
والعائن الذي يَعِين، ورأيتالشَّيء عِياناً، أي معايَنة.
ويقولون: لقيتُه عَيْنَ عُنَّة، أي عِياناً.
وصنعت ذاك عَمْدَ عَيْنٍ، إذا تعمّدتَه.
والأصل فيه العين الناظرة، أي إنّه صنع ذلك بعينِ كلِّ مَن رآه.
وهو عَبْدُ عينٍ، أي يَخدُم ما دام مولاه يراه.
ويقال للأمر يَضِحُ: "بيَّنَ الصُّبحُ لذي عَينَين. الباب العين: الذي تبعثُه يتجسَّس الخبرَ، كأنَّه شيءٌ تَرَى به ما يَغِيب عنك.
ويقال: رأيتُهم أدنى عائنةٍ، أي قَبْلَ كلِّ أحدٍ، يريد -والله أعلم- قبل كلِّ نَفْسٍ ناظرة.
ويقال: اذهَبْ فاعتَنْ لنا، أي انظُرْ.
ويقال: ما بها عَيَنٌ، متحركة الياء، تريد أحداً له عين، فحرّكت الياء فرقاً. قال:فأمَّا قولهم: اعتَانَ لنا منزلاً، أي ارتادَه، فإِنَّهم لم يفسِّروه.
والمعنى أنّه نظر إلى المنازل بعينه ثم اختار.ومن الباب العين الجاريةُ النّابعة من عيون الماء، وإنّما سمِّيت عيناً تشبيهاً لها بالعين النّاظرةِ لصفائها ومائها.
ويقال: قد عانَت الصّخرةُ، وذلك إذا كانَ بها صَدعٌ يخرج منه الماء.
ويقال: حَفَر فأعْيَن وأعان.ومن الباب العين: السَّحاب ما جاءَ من ناحية القبلة، وهذا مشبَّه بمشبَّه، لأنَّه شُبِّه بعين الماء التي شبِّهت بعين الإنسان. يقولون: إذا نشأ السَّحاب من قِبَل العين فلا يَكاد يُخلف.قال ابن الأعرابيّ: يقال هذا مطَر العين، ولا يقال مُطِرنا بالعَين.
وعَين الشَّمس مشبه بعين الإنسان. قال الخليل: عين الشَّمس: صَيْخَدُها المستدير .ومن الباب ماءٌ عائن، أي سائل.
ومن الباب عَيْنُ السِّقاء. قال الخليل: يقال للسِّقاء إذا بَلِي ورقَّ موضعٌ منه: قد تعيَّن.
وهذا أيضاً من العَين، لأنه إذا رقّ قرُب من التخرُّق فصار السِّقاء كأنّه يُنظر به.
وأنشد ثعلب:
بذات لَوثٍ عينُها في جيدها

أراد قربةً قد تعيَّنت في جِيدها.
ويقال سِقاء عَيَّنٌ، إذا كانت فيه كالعُيون، وهو الذي قد ذكرناه.
وأنشد:وقالوا في قول الطرِمَّاح:
فأَخْضَلَ منها كلَّ بالٍ وعَيِّنٍ وجَفَّ الرَّوايا بالمَلاَ المتباطنِ

إنّ العيِّن الجَديد بلغة طيٍّ.
وهذا عندنا مما لا معنَى له، إنّما العيِّن الذي به عُيون، وهي التي ذكرناها من عيون السِّقاء.
وإنّما غَلِط القومُ لأنّهم رأوا بَالِياً وعيّناً، فذهبوا إلى أنّ الشاعر أراد كلَّ جديدٍ وبال.
وهذا خطأ، لأنّ البالي الذي بليَ، والعيِّن: الذي يكون به عُيون.
وقد تكون القربةُ الجديدُ *ذاتَ عُيونٍ لعيبٍ في الجلد.
والدَّليل على ما قلناه قولُ القطاميّ:
ولكنّ الأديم إذا تفرَّى بِِلىً وتعيُّناً غلَبَ الصَّنَاعا

ومن باقي كلامهم في العَين العِينُ: البَقَر، وتوصف البقرة بسَعَة العين فيقال: بقرة عيناء.
والرّجُل أعين. قال الخليل: ولا يقال ثورٌ أعْين.
وقال غيره: يقال ثورٌ أعين. قال ذو الرّمَّة:
رفيقُ أعْيَنَ ذَيَّالٍ تشبِّهه فَحلَ الهِجانِ تنحَّى غيرَ مخلوجِ

قال الخليل: الأعيَن: اسمُ الثور، [ويقال] مُعَيَّنٌ أيضاً. قال:
ومعيَّناً يحوِي الصِّوَار كأنّه متخمِّط قَطِمٌ إِذا ما بَرْبَرا

ويقال قوافٍ عِينٌ.
وسئل الأصمعيُّ عن تفسيرها فقال: لا أعرِفُه.
وهذا من الوَرع الذي كان يستعمله في تركه تفسيرَ القرآن، فكأنّه لم يفسِّر العِينَ كما لم يفسِّر الحُور لأنَّهما لفظتان في القرآن. قال الله تعالى: وَحُورٌٍ عِينٌٍ . كأَمْثَال اللُّؤْلُؤِ المَكْنُون [الواقعة 22- 23]، إِنِّما المعنى في القوافي العِينِ أنّها نافذةٌ كالشَّيء النافذ البصر. قال الهُذليّ :
بكلامِ خَصْمٍ أو جدالِ مُجادلٍ غَلِقٍ يُعالِجُ أو قوافٍ عينِ

ومن الباب قولهم: أعيان القَوم، أي أشرافهم، وهمْ قياسُ ما ذكرناه،كأنَّهم عيونُهم التي بها ينظرون ، وكذلك الإخوة، قال الخليل: تقول لكلِّ إخوةٍ يكونون لأبٍ وأُمٍّ ولهم إخوةٌ من أمّهات شتّى: هؤلاء أعيانُ إخوتهم.
وهذا أيضاً مقيسٌ على ما ذكرناه.
وعِينَةُ كلِّ شيء: خيارُه، يستوي فيه الذكر والأنثى، كما يقال عَيْنُ الشيء وعِينَتُه، أي أجودُه؛ لأن أصفَى ما في وجه الإنسان عينُه.ومن الباب: ابنا عِيَانٍ: خطَّانِ يخُطُّهما الزاجر ويقول: ابنَيْ عِيان، أسرِعا البيان! كأنّه بهما ينظر إلى ما يريد أنْ يعلمَه.
وقال الرّاعي يصف قِدْحاً:ويقال: نَظَرَت البلادُ بعينٍ أو بعينَين، إذا طَلَعَ النّبتُ.
وكلُّ هذا محمولٌ واستعارةٌ وتشبيه. قال الشاعر:
رميناهُمْ بكلِّ أقَبَّ نَهْدٍ وفتيانِ العَشِيَّة والصّباحِ

ومن الباب: العَين، وهو المال العَتِيد الحاضر؛ يقال هو عَينٌ غير دَين، أي هومال حاضرٌ تراه العيونُ.
وعينُ الشَّيء: نفسُه. تقول: خذ دِرْهمَك بعينه،فأمّا قولهم للمَيْل في الميزان عين فهو من هذا أيضاً؛ لأنَّ العَيْن كالزِّيادة في الميزان .وقال الخليل: العِينَة : السَّلَف، يقال تعيَّنَ فلانٌ من فلانٍ عِينةً، وعيَّنَهُ تعييناً. قال الخليل: واشتقّت من عين الميزان، وهي زيادتُه.
وهذا الذي ذكره الخليلُ [صحيحٌ]؛ لأن العِينة لابدّ أن تجرّ زيادة .ويقال من العِينة: اعتَانَ.
وأنشد:
أنَدَّانُ أم نعتانُ أمْ ينبري لنا فتىً مثل نَصْل السَّيف أبرزَه الغِمْدُ

ومن الباب عَين الرَّكِيَّة، وهما عينانِ كأنهما نُقرتانِ في مقدَّمها.فهذا باب العين والياء وما معهما في الثلاثي. فأمَّا العين والألف فقد مضى ذِكرُ ذلك، لأنَّ الألف فيه لابدّ [أن] تكون منقلبةً عن ياء أو واو، وقد ذكر ذلك والله أعلم.



***



.