السلام عليكم ورحمة الله وبركاته... كنت منذ أشهر أقرأ في كتاب النظرات للمنفلوطي-رحمه الله- ولله دره ما أجود كتابته، وأفصح بيانه...

وكنت وأنا أقرأ أشير إلى أعذب العبارات التي جمعت بين الأدب والحكمة.. وما أكثرها....

وكان هذا هو موضوعي العرض فقط.. لكن ثار موضوع آخر إذ لما عمدت إلى نقل ما راق لي.. من نسخة مصورة بانت بعض الاختلافات في جمل كاملة.. وفسأنقل العبارات كما هي في الكتاب المصور... وأضع الاختلاف-إن وجد- من خلال الكتاب الذي كان بين يدي...((استعارة))نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
ماكان باللون الأحمر فهو الكتاب الأصلي الذي بين يدي وهو الاختلاف الذي لا أدري ماسببه... فبربكم ماسببه...؟؟؟


نسخة مكتبة نزار مصطفى الباز.

شرح وتقديم: إسماعيل اليوسف. ج2.



ولكن أرى أن حب الحق يجب أن يكون في مرتبة الغلو حتى تهب عاطفته هبوب العاصفة فتذهب بالأقذاء والأقذار.

وفي الأصل على الشرور والآثام فتذهب بها..



إن الرجل العظيم لا يظهر في المجتمع وحيدا إلا قليلا، وكلما كثر العظماء حوله ارتفع شأنه وعلا ذكره، فهو كالشجرة تكون في نظر الناظر أطول في الغابة الشجراء منها في التربة الجرداء؛ لأنها تكون في منبتها ومستقرها،
كالشجرة الباسقة تكون في الغابة الشجراء أطول منها في التربة الجرداء..

لأنها تكون بين لداتها وأترابها. 43ج 2



الدعاة الصادقون لا يبالون أن يسميهم الناس خونة أو جهلة أو زنادقة أو ملحدين أو ضالين أو كافرين؛ لأن ذلك ما لا بد أن يكون.
الدعاة الصادقون يعلمون أن محمدا -صلى الله عليه وسلم- عاش بين أعدائه ساحرا كذابا فلما مات مات سيد المرسلين، وأن الغزالي عاش متهما بالكفر والإلحاد ومات حجة الإسلام، وأن ابن رشد عاش ذليلا مهانا حتى كان الناس يبصقون عليه إذا رأوه ومات فيلسوف الشرق، فهم يحبون أن يكونوا أمثال هؤلاء العظماء أحياء وأمواتا.
سيقول كثير من الناس: وما يغني الداعي دعاؤه في أمة لا تحسن به ظنا، ولا تسمع له قولا، إنه يضر نفسه من حيث لا ينفع أمته فيكون أجهل الناس وأحمق الناس.
هذا ما يوسوس به الشيطان للعاجزين الجاهلين، وهذا هو الداء الذي ألم بنفوس كثير من العلماء فأسكت ألسنتهم عن قول الحق وحبس نفوسهم عن الانطلاق في سبيل الهداية والإرشاد، فأصبحوا لا عمل لهم إلا أن يكرروا للناس ما يعلمون، ويعيدوا عليهم ما يحفظون، فجمدت الأذهان وسكنت المدارك وأصبحت

المجلد الأول
346 | 351
(533/1)
________________________________________
النظرات
الدعوة
العقول في سجن مظلم لا تطلع عليه الشمس ولا ينفذ إليه الهواء.
الجهل غشاء سميك يغشي العقل، والعلم نار متأججه تلامس ذلك الغشاء فتحرقه رويدا رويدا، فلا يزال العقل يتألم لحرارتها ما دام الغشاء بينه وبينها، حتى إذا أتت عليه انكشف له الغطاء فرأى النار نورا، والألم لذة وسرورا.





الجهلاء مرضى والعلماء أطباء، ولا يجمل بالطبيب أن يحجم عن العمل الجراحي فرارا من إزعاج المريض أو خوفا من صياحه وعويله أو اتقاء لسبه وشتمه، فإنه سيكون غدا أصدق أصدقائه وأحب الناس إليه.







فإنك ستجد في نفسك من لذة المروءة والإحسان، والعطف والحنان، ما يحسدك عليه الناعمون بالحور الحسان، في مقاصير الجنان.

المروءة والاحسان والجود والايثار..



فاعلم أنه ما من لذة يلذ بها الإنسان في حياته إلا ويشوبها الكدر أو يعقبها الألم، إلا لذة الإحسان.

فاعلم أنه مامن لذة يتمتع بها الإنسان في حياته..




وأنشب كل منهم ظفره في صدر أخيه كأنما يفتش عن قلبه, فينتزعه من مكانه فيلوكه في فمه ثم يلفظه، ذلك القلب الذي لو شق عن سويدائه لوجد لنفسه فيه مكانا عليا لولا جور السياسة وضلالها.

عن قلبه لينتزعه من مكانه.
وظلالها.




أن الحياة الذليلة أحقر من أن يضن صاحبها بروحه في سبيل الله حرصا عليها،


أحقر من أن يضن بها صاحبها.ا هـ.




إن الله وعدكم النصر ووعدتموه الصبر, فأنجزوا وعدكم ينجز لكم وعده.




إنكم لا تحاربون رجالا أشداء, بل أشباحا تتراءى في ظلال الأساطيل




فالقبر الذي يحفر بالسيف لا يكون حفرة من حفر النار.
لا تطلبوا المنزلة بين المنزلتين، ولا الواسطة بين الطرفين، ولا العيش الذي هو بالموت أشبه منه بالحياة, بل اطلبوا إما الحياة أبدا وإما الموت أبدا.



موتوا اليوم أعزاء.. قبل أن تموتوا غداء أذلاء.




واهتكوا بأسيافكم حجاب الموت القائم بينكم وبينهم, وقولوا لهم: إنا بكم لاحقون، وإنا على آثاركم لمهتدون.




ولعلموا أن الشرف في كمال الأدب لا في رنين الذهب، وفي جلائل الأعمال لا في أحمال المال.





إن الإنسان لا يعجز عن احتمال الشقاء الدائم, ولكنه يعجز عن احتمال السعادة المسلوبة.


السعادة المتقطعة.







فكان يسكن إلى ذلك سكون الجرح الذرب تحت ميزاب الماء البارد ثم يعود إلى هواجسه ووساوسه، حتى مر في بعض روحاته إلى منزله في ليلة من الليالي المقمرة بمقبرة المدينة, فبدا له أن يدخلها ليروح عن نفسه هموم الموت بوقفة بين قبور الموتى، وكثيرا ما يتداوى شارب الخمر بالخمر ويدفع الخوف الخائف إلى مبعث خوفه, ويلذ للجبان وهو يرتعد فرقا الإصغاء إلى حديث الأفاعي

الجرح الذرب تحت الماء البارد.
ويلذ للجبان-وهو يرتعد فرقاً- الاصغاء لحديث المردة والجان.



وذو الشوق القديم وإن تعزى ====مشوق حين يلقى العاشقين




وليست هذه الغبطة التي نراها تعلق بنفوسهم عندما يتلقون أحاديث الخاصة من أجل أنهم علموا ما لم يكونوا يعلمون، أو أدركوا ما لا عهد لهم به من قبل؛ بل لأنهم عثروا على من يترجم عن أفكارهم، ويجمع لهم شمل المعاني المبعثرة في أنحاء أدمغتهم؛ ولأنهم وجدوا في أنفسهم لذة الأنس بأفكار تشابه أفكارهم، وآراء تشاكل آراءهم.



أما في موضوع ( على سرير الموت) بأكمله.. فتتجلى فيها نزاهة المنفلوطي حتى في احلامه.


لله دره..