آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: عقد البيعة للخليفة دائم لا يؤقت

  1. #1
    عـضــو الصورة الرمزية أحمد ماهر محمود النخالة
    تاريخ التسجيل
    21/11/2010
    المشاركات
    407
    معدل تقييم المستوى
    14

    افتراضي عقد البيعة للخليفة دائم لا يؤقت

    بســم الله الـرحمــن الرحيــم



    عقد البيعة للخليفة دائم لا يؤقت


    في ظل هذه الثورات التى تشهدها البلاد الاسلامية ، بدأ المفكرون في البحث عن الضمانات العملية التى تحول دون ظلم الحاكم واستبداده ، فبدأت فكرة (الحكم المؤقت ) تبحث كإحدى الضمانات . وسايرهم بعض العلماء بالقول بجواز تحديد مدة زمنية لمن يتولى زمام السلطة ، فالاسلام جعل السلطان للامة والخليفة وكيل عنها فلها ان تشترط في عقد البيعة ذلك خصوصا وانه لم يرد في الشرع مايمنع ذلك !!!
    ان القول بتحديد مدة زمنية للرئاسة في نظام الحكم الاسلامي ، قول لم يأت نتيجة استقراء لواقع النصوص الشرعية المتعلقة بعقد البيعة وطبيعة نظام الحكم الاسلامى ؛ بل جاء هذا القول متأثرا بواقع التجربة الآوربية التاريخية في ثورتها على حكم الملوك وسلطتهم المطلقة التى لم تكن تستند الى قواعد شرعية ثابته ، وذلك على اعتبار انهم وكلاء عن الله في الارض، فهم اصحاب السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والذى انتهى حكمهم بمايسمى نظام الحكم الديمقراطى ، فكان فصل الدين عن الحياة وتجريد السلطة من صلاحياتها وجعلها بيد الشعب الذى هو مصدر السلطات ، هى الرؤية والمعالجة التى قدمتها الديمقراطية كضمانه لعدم استبداد الحاكم .

    وليس طرح بعض المفكرين لفكرة تحديد مدة زمنية (للخليفة ) في نظام الحكم الاسلامى الا تقليدا وتأثرا لما وصلت اليه الديمقراطية من حل لانهاء الحكم المطلق . وهذا واضح في جعلهم عقد البيعة للخليفة وكالة ، بناء على رؤية الديمقراطية للسلطة ؛ كما يقول: روسو صاحب نظرية العقد الاجتماعى (1)( ان السلطة وكيل عن الشعب لتنفيذ رغبات الارادة العامة ) ، فإعطائهم عقد البيعة صفة الوكالة ماهو الا محاولة لتأصيل شرعى خاطىء لفكرة الشعب مصدر السلطات التى تقول بها الديمقراطية ، والذى كانت نتيجته القول بتحديد مدة زمنية لمنصب الخلافة ، وفسخ العقد معه متى شاءت الامة ذلك . لأن (الوكيل ) كما جاء في المغنى لابن قدامة (IMG:style_emoticons/default/sad.gif) 2)( لايملك من التصرف إلا مايقتضيه إذن موكله ، من جهة النطق او جهة العرف ، لان تصرفه بالإذن ) . مما يعنى ان الامام حسب تصورهم لايتصرف الا وفق اذن موكله ( أي : الامة ) .

    لكن المتتبع لنصوص البيعة للامام يجد بأن عقد البيعة ينص على خلاف مايقتضيه عقد الوكالة ، فالبيعة : تكسب الامام التصرف العام والاستقلال التام بالنظر في رعاية شؤون الامة ، وتلزم المبايع بالسمع والطاعة والتسليم لرأى الامام مالم يأمر بمعصية ، قال ابن خلدون في مقدمته في بيان اثر البيعة : (3)( ان المبايع يعاهد أميره على أن يسلم له النظر في أمر نفسه وأمور المسلمين لاينازعه في شيء من ذلك ...)، ولما رواه ابو هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (IMG:style_emoticons/default/sad.gif) 4)( عليك بالسمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك ) ، لذلك لايمكن أن يقال أن عقد البيعة للامام هو وكالة ، لاختلاف مضمون العقد والآثار المترتبة عليه ، ومما يؤكد هذا الاختلاف أن (5)(الوكالة :عقد غير لازم ، فانه يجوز لأي من الطرفين إنهاءه ، فللموكل أن يعزل الوكيل وينهاه عن التصرف الذى أمره به ، كما أن للوكيل أن يعزل نفسه منها ايضا ، وهذا باتفاق الفقهاء) . بينما عقد الخلافة عقد لازم لا خيار في حله من جهة المبايع دون سبب يقتضيه ، وهذا ايضا باتفاق الفقهاء . قال الجوينى : (6)( إن عقد الخلافة :عقد لازم لاخيار في حله من غير سبب يقتضيه ، فإن الامام اذا لم يخل عن صفات الأئمة فرام العاقدون له عقد الامامه أن يخلعوه لم يجدوا الى ذلك سبيلا بإتفاق الفقهاء ). ومما يدل على ان البيعة عقد لازم مارواه ؛ ابْنِ عُمَرَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ يَقُولُ: (7) (مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا حُجَّةَ لَهُ , وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مَيْتَةً جَاهِلِيَّةً ) فكون الشرع جعل السلطان للأمة لايعنى أن لها فسخ عقد البيعة متى شاءت الامة ذلك ، كما في عقد الوكالة ، لذلك قال الباقلانى (8): ( فإن قال قائل فهل تملك الأمه فسخ العقد على الامام من غير حدث يوجب خلعه كما انها تملك العقد له ، قيل له : لا ) ، فقد روى الامام احمد في مسنده عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما(IMG:style_emoticons/default/sad.gif) 9) أن أعرابياً بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام فأصابه وعك فقال : (أقلني بيعتي فأبى ثم جاءه فقال :أقلني بيعتي فأبى فخرج فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : المدينة كالكير تنفي خبثها وينصع طيبها )

    اما قولهم بجواز تحديد مدة زمنية للامام ، فهو تفريع بني على أصل خاطىء لمفهوم واقع البيعة ،بأنها وكاله ،فنصوص البيعة جاءت بألفاظ صريحه تفيد بأن العقد مطلق ، لم يقيد بزمن بل قيد بعمل وهو( الحكم بما انزل الله )، لانه مضمون عقد البيعة ،فمتى اخل الامام بذلك فحكم بغيره عزل ولو بعد يوم من تنصيبه إماما ولاعبرة للوقت في ذلك ، لما رواه عبادة بن الصامت قال :(10)( دعانا رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فبايعناه ‏ ‏فكان فيما أخذ علينا أن ‏ ‏بايعنا ‏ ‏على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا ‏ ‏وأثرة ‏ ‏علينا وأن لا ننازع الأمر أهله قال إلا أن تروا كفرا ‏‏ بواحا ‏ ‏عندكم من الله فيه ‏ ‏برهان ‏( .فعقد البيعة ليس من العقود المؤقتة حتى يعتبر فيها الوقت ، لان الوقت ليس ركنا فيه ، قال السيوطى في الاشباه والنظائر: (11)( كل عقد كانت المدة فيه ركنا لايكون الا مؤقتا وكل عقد لايكون كذلك لايكون الا مطلقا ). فالنبي صلى الله عليه وسلم، أمر بالسمع والطاعة (أي الوفاء بالبيعة ) للامام مادام يحكم بكتاب الله ، ولم يجعل الوقت سببا لانهاء عقد البيعة ، فقد روى الامام احمد في مسنده : ان النبي صلى الله عليه وسلم قال : (12)( يا ايها الناس اتقوا الله واسمعوا واطيعوا وإن أمر عليكم عبد حبشي، ما أقام فيكم كتاب الله ) وفي رواية : (13)(ما قادكم بكتاب الله )، وفي رواية الترمذى :(14)(ما اقام لكم كتاب الله ) . و(ما ) الوارده بقوله صلى الله عليه وسلم (ما اقام – ماقادكم ) مصدرية ظرفية ،تفيد الاستمرار والمعني: مادام يحكم بكتاب الله فاسمعوا واطيعوا ، فلو وضع شرط الوقت في عقد البيعة يعتبر شرط فاسد لايعمل به لان النص قام بتعطيله في قوله(IMG:style_emoticons/default/sad.gif) ما اقام فيكم كتاب الله )وقوله (IMG:style_emoticons/default/sad.gif) الا أن تروا كفرا بواحا ). فدل على عدم اعتبار الوقت في عقد البيعة . لذلك قال الماورى في احكامه السلطانية :(15) (أن بيعة الامام دائمة لاتنقطع الا اذا مات او طرأ عليه سبب يوجب العزل من نقص في الدين أو نقص مؤثر في البدن ).وهذا ما اجمع عليه الخلفاء الراشدين رضى الله عنهم من ان الخليفة دائم لاتنتهى مدة حكمه مادام يحكم بكتاب الله ولم يخل بصفات الامامة .


    بقلم العبد الفقير الى الله تعالى : هانى بن محسن الشمرى
    (يسأل الله تعالى ان يغفر له ولوالديه وسائر المسلمين )


    1- راجع اندريه هوريو ص318
    2- المغنى لابن قدامة ج5 صفحة 251
    3-مقدمة ابن خلدون ص229
    4-رواه مسلم كتاب الامارة
    5- الموسوعه الفقهية ج45ص102
    6-الغياثى ص 128
    7-روا مسلم ج 12ص240
    8-كتاب الخلافة وشروط الزعامة ص60
    9-العسقلانى فتح البارى ج13ص200
    10- رواه الشيخان
    11- الاشباه والنظائر للسيوطى
    12-رواه الامام أحمد في مسنده ( ج4 ـ ص70)باسناد صحيح
    13-رواه احمد في مسنده (ج6ـ ص403)بإسناد صحيح ، وهو في مسلم برقم (1706)
    14-رواه الترمذي ، حديث برقم ( 1706) وقال عنه حسن صحيح
    15-الاحكام السلطانية للماوردى ص17-20


  2. #2
    مـشـرفة منتدى التطوير الذاتي والإنماء المهني الصورة الرمزية سميرة رعبوب
    تاريخ التسجيل
    13/05/2011
    المشاركات
    7,487
    معدل تقييم المستوى
    20

    افتراضي رد: عقد البيعة للخليفة دائم لا يؤقت

    طيب لم يكن هناك كفرا بواحا ، ولكن ظلما بواحا
    فهل يحل عقد البيعة ؟

    شكرا لك دكتور أحمد ماهر النخالة

    رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •