آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: كلمات عن الإعلام والغريزة الجنسية والأخلاق .

  1. #1
    عـضــو الصورة الرمزية فؤاد عزام
    تاريخ التسجيل
    15/08/2009
    المشاركات
    167
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي كلمات عن الإعلام والغريزة الجنسية والأخلاق .

    بسم الله الرحمن الرحيم
    من الذكريات الجميلة التي يصبو إليها اليومَ الإنسانُ الخَلُوق , ذلك العهد الذي انقضى منذ عدة عقود , حيث كانت البيئةُ الإعلامية المحيطةُ بالإنسان في بلده العربي مُجلَّلةً بالحياء , مُزدَانةً بالفضيلة , حيث لا تلفاز يقوم على بث مادته مضلٌّ مُبِير – يديره على غير وازع من حياء , أو قَيِّم من ضمير , وحيثُ كان المنكَر من حكايات العشق والغرام منزويا في مجاهل مظلمة على استحياء من أعين الرقباء مُهتبلا غفلةَ الضمير , ولجلجة وازع التقوى , فربما بدا في رواية يقرأها قارئها بنجْوة من الناس , وربما كان في نجوى مكشوفةٍ بين رفيقَي سوء خَلَصَا نجِيَّا , وربما كان في تَسَوُّلِ عين أثيمةٍ تلاحق ما بدا من عورة امرأة مارَّةٍ من هنا أو هناك .
    وكان دون جسدِ المرأة حجابٌ مضروبٌ يجعل من الأعزب طفلا لا يظهر على عورة المرأة حتى يدخلَ بزوجه , وعورةُ الرجل كانت من الفتاة كذلك أيضا لا تطلع عليها حتى تتزوج وربما بعد الزواج أيضا !!
    ثم .. دخل التلفاز في حياتنا دخولا منكرا منذ عهدِ الناسِ به , فهو منذ بدأ بثَّه يعرض النساء كاشفات عوراتهن دون حياء يتحركن ويتمايلن في الحركة ويخضعن بالقول , ويرقصن شبه عاريات , يُؤَازرُ هذا العبثَ ثقافةٌ منحطَّةٌ تربط التقدمَ والتحضرَ بهذه العروض الدنيئة , وتقدِّمُ هؤلاء الفَعَلةَ من مؤلفينَ وكتَّابٍ ومُشَخِّصينَ ومُخْرجينَ – تقدِّمهم على أنهم " نجومُ" المجتمع العربي ومشاعلُه التقدمية , وقوادمُه الحضارية , وفي الحق أن هذا الصنف من الناس معدودون بل هم على قوائم الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد.
    ولا يخفى أن هذه الثقافةَ ثقافةٌ زنيمة في المجتمع العربي المسلم , فهي لم تَنْسلِح قطعا من رحم الثقافة الإسلامية , ولو قُدِّر للثقافة العربية الإسلامية أن تبدأ هي .. من داخلها .. بثَّها الإعلامي , ولو تُرك لها استعمالُ الإعلام المرئي وَفْقا لرؤاها في الحياة الأدبية , ووَفقا لاختيار شعوبِها , لما بدأت هذه البداية الشنيعة القبيحة , التي فُرضت فرضا على العربي .. المسلم والمسيحي على سواء , ومن يستطيع أن ينكر أن هذا كان – وما يزال -غزوا ثقافيا موجَّها لتغيير عادات البلاد وتقاليدها ودينها لتصير بذلك إلى الانحلال والخلاعة ؟.
    ولا يخفى أيضا أن هذا الغزو الثقافي قد أحدث نُدَبَاً في جسد الأخلاق الإسلامية بدا بعضُ آثارها في التبرُّج السافرِ تقليدا لـ ( الفنانات ) , وأوشك حجاب المرأة المسلمة أن يختفي في بعض الفترات , واجترأ كثيرٌ من الشباب على الاقتراب الآثم من الفتيات تقليدا لـ ( الفنانين ) , ومن فضل الله ورحمته أن قامت ( الصحوة الإسلامية) التي وقفت شامخة ببنيانها المرصوص من شباب الدعوة الإسلامية وخطبائها المصاقيع ومُنَظِّريها العقلاء الأتقياء , فاستطاعوا أن يعزلوا العقل المسلم عزلا أدبيا معنويا عن هذا الغثاء الذي يُقَدَّم له , وصوَّروا هذا ( المنكر الإعلامي ) – بحق -على أنه من عمل إبليسَ – لعنه الله -وأتباعِه , وأن من تبعهم فهو منهم , ومن سايرهم حُشر معهم , فكان من هذه الجهود المباركة جيل من الشباب الواعِد العائد إلى دينه , الناشئ في طاعة ربه , يتزيَّا بأخلاقه الأصيلة , وعاد (الخِمار ) تاجا على رأس المختمرة الفاضلة , ثم تلاه ( النقاب ) على وجه المنتقبة , وعادت مظاهر الحياة الإسلامية هي الغالبة فضلا من الله ومنَّة .
    ثم كان ما هو كائن اليوم ... فمع تطوير الغرب الأوروبي والأمريكي لآلته الإعلامية , دخلت إلى العالم العربي شبكة المعلومات الدولية , وهي (في الجانب السلبي منها ) لا تختلف عن أسلحة الدمار الشامل , فهذه الأخيرة غايتها محو الإنسان , والأولى وهي ( الإعلامية في جانبها السلبي ) غايتها مسخ الإنسان , وفي هذه , وتلك الإنسان غير الإنسان !!.
    فعن طريق شبكة المعلومات ( الإنترنت ) كشفت المواقع الإباحية المرأة للرجل والرجل للمرأة كشفا مفضوحا , فلم يعد كعهده الأول في القنوات التلفازية , بل تعدى كلَّ حد , وهدَّم أسوار الحياء بل نسفها نسفا , فأصبح الجسدانِ وما يكون بينهما كلأً مباحا لكل باغ مهما كان عمره , ومهما كان نوعه , وانجرف كثير من الشباب العربي المسلم إلى هذه المواقع الإباحية ربما من باب حب الاستطلاع .. ربما .. ثم ينتهي به الأمر إلى (الإدمان ) , ومن ثم يميل إلى ( العزلة ) ويستريح في ( الغرف المغلقة ) وتظهر عليه سيما ( إدمان مشاهدة الفاحشة ) .. نعم .. فلها علامات وآثار كما لـ ( إدمان المخدرات) علامات وآثار .. منها ما ذُكر من الميل إلى ( العزلة ) وكثرةِ استعمال ( مغاليق الأبواب ) .. ومنها ظلمةُ الوجهِ وسوادُه ؛ من آثار تعذيب الضمير , ومدافعةِ الفطرة , وظلمةِ القلب , ومنها خطف ( الصلاة ) – إن كان هذا ممن يصلي - خطفا كحَسْو الطائرِ الفزِع , ومنها الإصابة بمرض يعرف بـ ( خيانة العين ) والعينُ المصابةُ بهذا الداء تعيثُ فسادا على مدى رؤيتِها فحيثما نظرت أطلقت سهامها مسترسلة متمادية .
    ومنها انتشار ظاهرة ما يعرف بـ ( الزواج العرفي ) خاصة بين الطلاب والطالبات في المدارس , والجامعات , وهو ليس إلا ( زنا عرفيا ) و عبثا صبيانيا مآله أحزان وحسرات لا ينجلين .
    ومنها آثار في غاية الشناعة على العلاقة بين ( المحارم) من ذكر وأنثى , بل من ذكر ومثيله , وأنثى ومثيلتها .
    هذا ... فضلا عن ( شلل الوظائف العقلية ) وضعف القدرة على التحصيل العلمي والدراسي , ومنها تكوين تصور جسدي معين عن ( المرأة ) في مخيلة المشاهِد , وآخرَ معين عن ( الرجل ) في ذهن الُمشاهِدة , فالأنموذج الأمثل ما شاهداه , وإلا فلا , وإن كانا من الأزواج - طُلب ( تعديله ) , أو (الإضافة إليه ) أو ( تغييره ) , وربما خربت بيوت مستقرة في ذلك المجون, وشُرِّد أطفال بُرآء في هذا العبث العابث , ولك أن تسمع بعض ( استفتاءات ) السائلين للعلماء والفقهاء في القنوات الدينية لترى أثر ( مشاهدة الفاحشة الجنسية ) على (الثقافة والمجتمع ) فهذه الأسئلة صدى هذه ( المشاهدة ) الأثيمة , وهي بلا ريب أسئلة غريبة على مجتمعنا غريبة على ثقافتنا .. لم تكن من قبل .. ثم كانت ..
    ولأنها كذلك فإن الفقيه يحار في الإجابة عليها , ومن العجب أن يحسب نفسه قاضيا عماده النصوص والأسانيد في تقرير هذه الأحكام , فإذا لم يجد نصا صريحا , وتكاسل في البحث وآثر الراحة جعل الأمر على الإباحة فيفتي بأن الشرع لا يمنع – مثلا .. [وليغفر لي القارئ الكريم].... شربَ المنيِّ .. ولا مص العضو التناسلي , بل يوصي السائلة المتضررة بأن تجيب هذه المطالب [ القبيحة ] ضاغطة على أعصابها , محاربة لفطرتها , إرضاء لهذا الزوج [ المُخْتَرق أخلاقيا من مشاهدة الفاحشة ] وحفاظا على أسرتها من الضياع !!
    وأتساءل .. أليس لـ (لفطر ة التي فطر الله الناس عليها) أحكام وأقضية ؟ ألا تجعل الفطرة لكل جزء من جسد الإنسان وظيفةً لا يصلح لها غيره ؟ هل تصلح الأنف للأكل ؟ هل تصلح الأذن للكلام ؟ هل تصلح القدم للسلام ؟ هل يصلح الدبر للجماع ؟ ألا تحكم هذه (الفطر ةُ التي فطر الله الناس عليها) بشذوذ هذه الأفاعيل القذرة عن سواء الفطرة؟ أليس استعمالُ الشيء في غير ما هُيِّئ له عدوانا على طبائع الأشياء وتغييرا لـ(الفطر ة التي فطر الله الناس عليها) ؟ هل يصلح الفم الذي جعل للطعام والكلام وذكر الله تقدس وتعالى وقراءةِ القرآنِ والتسبيحِ والتحميدِ والتهليلِ – هل يصلح هذا لمباشرة النجاسة المتولدة من فروج الرجال والنساء ؟
    ومما زاد الطين بلَّة أَنْ كانت مادةُ هذه الأسئلة , وأَنْ كانت إجابتُها مَغْنما لأعداء الإسلام ومبغضيه والحَقَدةِ عليه , فاقتطعوا هذه المقاطعَ -وهي كثيرة – وبعضها لعلماءَ أجلاءَ – وعلَّقوها على مشباك ( الإنترنت ) يتهكَّمُون بذلك على الإسلام وعلمائه والمسلمين – ولدي شك – أنهم أعني هؤلاء الحقدةَ شاركوا في إلقاء هذه الأسئلة , وإلا فكيف اصطادوها صيدا من هذه الفضائيات الدينية في أوقاتها بدقة مع أنهم لا صَغْوَ لهم إلى مشاهدة مثل هذه القنوات أصلا ؟.
    ومهما يكن .. فإن ( مشاهدة الفاحشة الجنسية ) و التمتع برؤية ( الزانية والزاني ) إذ يزنيان مجترئَيْن على غضب الله مُواقِعَيْنِ حماه -وحمى الله محارمُه - قد أحدث هذا – بلا شك – آثارا ضارة في بناء المجتمع وفي ثقافته لا يمكن إنكاره .
    غير أن الصورة ليست بهذا السوء , ولا هي على هذه الدمامة في كل ملامحها , فمن سنن الله الكونية أن الزبد يذهب جفاء وأن ما ينفع الناس يمكث في الأرض , وهذا ( الغزو الإعلامي والإلكتروني ) ليس إلا زبَدا يتبدَّد على صخرة الفطرة الإنسانية النقية , فهي لا تزال تتقزَّزُ مما لا يلائمها , وتنفِّر صاحبها منه حتى يمل َّ , وسرعان ما يستجيب لداعي الحق , ويُقبلُ على ربه متهدِّيا في نور الحق وضيائه .
    فرغم كل الجهود والنفقات التي ينفقها بغاة ( الغزو الإلكتروني ) ليصدوا الشبيبة المسلمة عن سبيل الله , ويضربوا دولَنا ومجتمعاتِنا في فتوتها الشابة – رغم كل هذا فإن هؤلاء الشباب لم تجتذبهم هذه المواد الماجنة , بل طوَّعوا هذه الشبكات في التواصل والتآصر وخرجوا ثائرين ينددون بفساد الحكومات المستبدة , ويركعون ويسجدون على أسفلت الميادين مؤكدين على هويتهم الدينية وانتمائِهم العربي الإسلامي حتى تم لهم ما أرادوا.
    وليس معنى هذا أن نُسْلِمَ القضيةَ لدفاع الفطرة ووخْز الضمير , ولكن من واجبنا أن نعينهما بالقيام بواجبنا في التأكيد على ثقافتنا الأصيلة , وقيمنا الفاضلة , وصبغتنا الدينية للحياة , وتدريب الناشئة على القيام بواجبات العبادة من صلاةٍ , وصيامٍ , ومراقبةٍ لله تعالى , وحفظٍ لكتاب الله واستظهارِ له , وإجراءِ المسابقات الدينية في حفظ القرآن وتجويده , والحديثِ النبوي وشروحِه , وتشجيع ِومشاركةِ الأهل في مشاهدة كلِّ ما هو نافع مما تبثه وسائل الإعلام ووسائط الاتصال , وكذلك إزالة (الأمية الإعلامية ) فيما يخص شبكات المعلومات عند الكثرة الكثيرة من الآباء والأمهات الطيبين ممن لم ينشأوا على مشاهدتها ولا يعرفون حتى كيف يفتحون أجهزة الحاسوب التي يستعملها أبناؤهم بمهارة وحذق, فتكون هذه الفجوة بين الجيلين عاملا قويا يُمَكِّن لسوء الاستعمال , وضعفِ الرقابة ِوالتربية في هذا الجانب.
    وبعد .. فإن الأمر يحتاج تركيز الجهود جهودِ كل من لهم صلة بالثقافة والتربية – ويحتاج إلى تكامل هذه الجهود , وتكثيفها , وتعدد مجالاتها , ويحتاج إلى نشر ثقافةٍ عامة في ( أخلاق استعمال وسائل الاتصالات والمعلومات) , وكيفية هذا الاستعمال , وآدابه , ومحاذيره , حتى يتضح الأمر ويستعلن بالمقولة الناصحة , وبالمقالة المكتوبة , وبالكتاب النافع , وبالكُتَيِّب الهادف , وبالبرنامج المفيد ؛ لئلا تكون للناس على الله حجة بعد هذه النُّذُر .
    ثم يأتي دور الحكومات المسئولة عن التربية في حماية مواطنيها من شرور البث الإعلامي الخبيث مهما كان نوعه , ومهما كانت وسيلته , وإن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن , وكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته .
    والله الموفق .

    التعديل الأخير تم بواسطة فؤاد عزام ; 24/02/2012 الساعة 11:10 PM

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •